الأول من آب

السيوف لـ 222 ضابطًا والعهد للبنان أن يبقى مصانًا عزيزًا

الجيش في ذكرى تأسيسه

 

في الأول من آب، احتفل الجيش بالذكرى الثامنة والستين لتأسيسه مسلّمًا سيوف الشرف والواجب لشباب اقسموا على أن يكون الدفاع عن الوطن عنوان مسيرتهم في الحياة.
تلامذة الضباط ودّعوا الحياة في الكلية التي تعهّدتهم بالرعاية والتدريب ثلاث سنوات ليخرجوا منها الى ميادين الخدمة معاهدين لبنان على التزام مثلث، شرف، تضحية، وفاء، ليبقى الوطن مصانًا عزيزًا.

 

الحضور
ضباط دورة النقيب الشهيد حسام بو عرم تسلّموا سيوفهم في احتفال دعا اليه قائد الجيش العماد جان قهوجي وحضره رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس الحكومة المكلّف تمام سلام، ووزراء ونواب وسفراء وممثلو البعثات الدبلوماسية والدولية في لبنان.
كما حضر الملحقون العسكريون وقائد قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان، ورئيس فريق مراقبة الهدنة، وممثلو المرجعيات الدينية، بالإضافة الى كبار ضباط الجيش والقوى الأمنية وأهالي الضباط المتخرجين.

 

الوصول
الاحتفال الذي اقيم في ثكنة شكري غانم - الفياضية بدأ مع وصول علم الجيش، فرئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان، فقائد الجيش العماد جان قهوجي، ومن ثم وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن، وسط مراسم الاستقبال المحددة لكل منهم. بعد ذلك وصل تباعًا كل من، الرئيس سلام، الرئيس ميقاتي، الرئيس بري، وأديت لهم المراسم المناسبة.

عند التاسعة، وصل رئيس الجمهورية فعزفت الموسيقى عزفة التأهب، وبعد تقديم السلاح عزف لحن التعظيم، ثم النشيد الوطني، ثم وضع الرئيس سليمان إكليلًا من الزهر على النصب التذكاري لشهداء ضباط الجيش داخل حرم المدرسة الحربية يحيط به وزير الدفاع وقائد الجيش ورئيس الأركان وقائد الكلية الحربية.
وعزفت الموسيقى عزفة الموتى ولازمة النشيد الوطني، ولازمة الشهداء، فيما ردد تلامذة الضباط عبارة «لن ننساهم أبدًا» ثلاث مرات على إيقاع الطبول.
ثم توجّه الرئيس سليمان الى الملعب الأخضر، وعرض القوى يرافقه وزير الدفاع وقائد الجيش، وعند وصوله الى المنصة الرسمية تم عرض فيلم وثائقي عن الكلية الحربية ونشاطاتها.


دورة النقيب الشهيد بو عرم
تشكيلات جوية من الطوافات والطائرات وطائرة من نوع Cessna-Caravan حلّقت في سماء العرض، وحملت بعض الطوافات الأعلام اللبنانية وأعلام الجيش، ثم جرى تسليم بيرق الكلية الحربية من الدورة المتخرجة الى طليع السنة الثانية. بعد ذلك تقدم طليع الدورة السابقة من رئيس الجمهورية، وطلب تسمية الدورة المتخرّجة قائلًا: «باسم هؤلاء الفتيان اطلب تسمية دورتهم دورة: «النقيب الشهيد حسام بو عرم». وردّ الرئيس سليمان: «فلتسمّ دورتكم دورة النقيب الشهيد حسام بو عرم».


قراءة المراسيم وتسليم السيوف
بعد ذلك تلا وزير الدفاع الوطني مرسوم ترقية تلامذة ضباط قوى الجيش، وتلا وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد مروان شربل مرسوم ترقية تلامذة ضباط المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لأمن الدولة، ثم تلا وزير الاقتصاد نقولا نحّاس وكالةً عن وزير المالية محمد الصفدي مرسوم ترقية ضباط مديرية الجمارك العامة.
وقام الرئيس سليمان بتسليم الضباط المتخرجين السيوف، تقدم بعدها علم الجيش امام رئيس الجمهورية، ثم تقدم طليع الدورة المتخرجة وأقسم اليمين الآتية: «أقسم بالله العظيم أن أقوم بواجبي كاملًا حفاظًا على علم بلادي وذودًاعن وطني لبنان». وردد الضباط المتخرجون «والله العظيم».

 

كلمة رئيس الجمهورية
ألقى الرئيس سليمان كلمة في الاحتفال استهلها بالقول:
«أيها الضباط المتخرجون، كما الأرزة في كنف العلم، كذلك الجيش ولبنان: شيء من التلازم بين الخيار والقدر، وشيء من استحالة الفصل بين قوة المؤسسة واستمرارها وسيادة الوطن واستقراره.
قبل ثلاثة وأربعين عامًا، وقفت مثلكم أتسلم سيفًا وأمانة، ثم واكبت على رأس القيادة تخريج تسع دورات من رفاقكم الذين سبقوكم إلى ميادين البذل والتضحية. وها أنا اليوم، وقد أديت القسمين: قسم الجيش وقسم الجمهورية، أشعر للمرة السادسة بفرح ترؤس حفل تقليدكم سيوف الشرف والتضحية والوفاء.
لقد تبدلت عهود واندلعت حروب وثورات، وحصلت انقلابات وتحولات في الشرق الأوسط والمحيط العربي وتغيرت انظمة وصيغت دساتير جديدة، وبقي نظامنا الديموقراطي وجوهر الميثاق صامدًا على خط الزلازل وحد الخطر، يحميه الجيش اللبناني ضامنًا لبقاء لبنان الواحد المستقل معززًا الإيمان بأن التنوع هو سر كيانه وجوهر ديمومته. فإذا كان قدر الجيش هو الحفاظ على القسم والعلم، فإن خيار اللبنانيين الثابت، وبعد التجارب المرة مع الاحتلال وسلبيات الدويلات والميليشيات والوصاية والحماية، هو الدولة التي يحميها الجيش، الدولة الملاذ التي وحدها تحفظ الحقوق والكرامات، وتحمي التنوع وتديره، بعيدًا من صراع الهويات والعقائد والمذاهب والمحاور».
وأضاف: «أيها الضباط المتخرجون، تتقلدون السيوف، فيما يستمر نشر القلق والتوتر والتشكيك والتشهير، في محاولة لاستعادة التاريخ المظلم وإعادة زمن لم يمر عليه الزمن. كأن اللبنانيين لم ينسوا ما حل بهم من ممارسات الأمن الذاتي والأمن المستعار وأمن الذل والاحتلال، عندما شلت الحرب مؤسسة الجيش وعطلتها. فلماذا تكرار التجارب السابقة فيما الإجماع قائم على حدود الوطن وجغرافيته وصيغته والميثاق وكل الثوابت التي أعاد تكريسها اتفاق الطائف، والذي لم تعلن أي فئة أو جهة أو مجموعة التنكر له؟ اطمئنوا أن ما حصل في الفترة الأخيرة وما يخشى حصوله من حوادث واختراقات، ليس سوى محطات عابرة لا يمكن أن توقف حركة التاريخ وإرادة اللبنانيين المندفعة بسرعة نحو مستقبل واعد، يرفض سلبيات الماضي وإشكالياته».
 وأكّد أن «ليس بالأمن وحده يحيا الوطن، لكن لا وطن من دون أمن، ولا أمن وسيادة وكرامة من دون الجيش. وكما للمواطن حقوق على الدولة والجيش في الأمن والأمان والحماية، فإن للجيش حقوقًا على الشعب والدولة. فهو إلى جانب التجهيز والتسليح والدعم المادي والمعنوي، يحتاج إلى بيئة وطنية نقية ودولة حاضنة راعية. فالجيش ليس جسمًا مجردًا منفصلا يعمل مستقلا عن الدولة والشعب، بل هو منهما ولهما، ينشد الغطاء السياسي الرسمي بالقرار، والشعبي بالتأييد والمؤازرة. ولكنه في الوقت نفسه ليس في حاجة الى رعاية تبلغ حد الارتهان، ولا الى احتضان يبلغ حد الاستئثار والتقييد...».
وتابع قائلًا: «لا يجوز نقل الجيش من موقع الدفاع عن المواطن إلى موقع الدفاع عن نفسه، وخصوصًا في حالات الاعتداء عليه والغدر بضباطه وجنوده. كذلك لا يجوز تحميل الجيش خطايا غيره الجسيمة ثم محاسبته على أخطائه القليلة المتلازمة في غالبية الاحيان مع دقة الاوضاع وحساسيتها وتداخل المكونات والعوامل المشكلة لها...».
وسأل: «كيف يمكن تأدية الجيش مهامه، إذا حصل تردد او تأخير في تحديد القيادة والأمرة ومحضها الثقة اللازمة، أو إذا استمر الفراغ الحكومي بعرقلة التأليف، والفراغ التشريعي بالمقاطعة والتعطيل؟ لذلك عمدنا الى تأمين استمرارية القيادة وفق المادة 55 من قانون الدفاع في انتظار قيام المجلس النيابي ومجلس الوزراء بدورهما».
وتطرّق إلى ضرورة إجراء الإنتخابات فقال: «تتم معالجة العنف الكامن في المجتمعات، من خلال الآليات السلمية الديموقراطية وتوسيع قاعدة الحكم والمداورة في السلطة، وهذا الأمر يتم حصرًا عبر انتخابات نيابية ضرورية في أقرب وقت متاح، ليس لتجديد الطبقة السياسية وإعادة تحديد أحجام القوى وأوزانها واتجاهاتها فحسب، بل للاستفتاء حول الخيارات الكبرى التي تحتاج إلى مراجعة بفعل التحولات العاصفة في المنطقة. وأضاف: من أجل حماية المؤسسات من التحلل والتلاشي، ومنع النظام الديموقراطي من التآكل والتقهقر، وتحصينًا للجيش والأمن والاقتصاد، لن نقبع في دوامة الانتظار طويلا قبل الشروع في تشكيل حكومة الوزن الوطني والمصلحة الوطنية لا حكومة الحصص والتوازنات السياسية...».
واعتبر «إنه لأمر استثنائي ولافت أن يذهب مجلس الأمن الدولي، بجميع أعضائه، في بيان صادر بتاريخ 10 تموز الفائت، إلى حد دعوة المجتمع الدولي والقادة اللبنانيين، بمختلف أطيافهم وجميع الطوائف اللبنانية، إلى تقديم كل دعم ممكن إلى الجيش اللبناني باعتباره مؤسسة وطنية ومحايدة وركنًا أساسيًا من أركان استقرار البلد».
وتابع الرئيس سليمان:
«أيها الضباط المتخرجون، لقد ولى الزمن الذي كان الجيش فيه ممنوعًا من الدفاع عن لبنان، والدولة التي كانت ممنوعة من الدفاع عن الجيش.
فليس الجيش ولن يكون أبدًا قوة فصل بين جيوش لبنانية صغيرة أو ميليشيات أو جماعات مسلحة بحجة الدفاع عن قضية فئوية أو طائفية أو حي أو منطقة... إنه الممثل الشرعي للوطنية اللبنانية والمجسد الدائم لوحدة لبنان واللبنانيين... لقد كان الجيش وسيبقى رمزًا لكل انتقال من الحاضر الذي يقيد بالقلق والخوف، إلى المستقبل الذي يحرر بالعزم والأمل...».
وفي ختام كلمته حيّا «شهداء الوطن والجيش الذين تنافسوا في بذل دمائهم على كامل مساحة الوطن وكل ساحات الدفاع عن لبنان في وجه العدوان وموجات التطرف والإرهاب، كما فعل بالأمس الجندي شربل حاتم، واعتز أهلهم بشهادتهم ورفاقهم بتسمية دوراتهم على إسمهم أيقونات للتضحية...».

 

عرض التحية
بعد انتهاء كلمة رئيس الجمهورية، أمر قائد العرض القوى المشاركة ببدء عرض التحية الذي شارك فيه تباعًا:
موسيقى الجيش، الأعلام والبيارق، الضباط المتخرجون، الكلية الحربية، معهد التعليم (مدرسة الرتباء)، القوات البحرية والجوية،

الشرطة العسكرية، لواء الحرس الجمهوري، لواء الدعم، اللواء اللوجستي، المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، المديرية العامة للأمن العام، المديرية العامة لأمن الدولة، مديرية الجمارك العامة، فوج المغاوير، فرع مكافحة الإرهاب والتجسس، الفوج المجوقل، وفوج مغاوير البحر.

 

الصورة التذكارية
بعد انتهاء العرض توجّه الرئيس سليمان وكبار المسؤولين الى ساحة الشرف حيث صافحوا ضباط الكلية الحربية وأخذت الصورة التذكارية. ثم دخل الجميع الى ردهة الشرف ورفع قائد الجيش الكأس لشرب نخب رئيس الجمهورية، وقدم قائد الكلية العميد الركن شربل الفغالي السيف الهدية الى الرئيس سليمان. ثم سلّم رئيس الجمهورية سيفين الى طليعي الدورتين المتخرجتين.
 
السجل الذهبي
وقّع رئيس الجمهورية السجل الذهبي للكلية الحربية حيث دون الكلمة الآتية:
«اليوم يضخ ضباط دورة «النقيب الشهيد حسام بو عرم» دمًا جديدًا في مدرسة الشرف، واجبه مسؤولية ومسؤوليته اطمئنان أبناء الوطن لغدهم وأحلامهم. تقدّموا للذود عن الشعب والأرض والمؤسسات بأيد متشابكة، رافعين سيوف العز والعدل والأمن والأمل، عنوانًا لبقاء لبنان.
وللجيش الأبي، في عيده، كل الدعم، ومن العائلة اللبنانية ثبات الإخلاص.
وتحية إلى شهداء الجيش وجرحاه الأبرار، فكل نقطة دم منهم شعلة وطنية وعنوان بطولة».

 

القائد في القصر الجمهوري
فور عودته الى قصر بعبدا، استقبل الرئيس سليمان قائد الجيش العماد جان قهوجي على رأس وفد موسع من ضباط القيادة لتهنئته بعيد الجيش.
والقى العماد قهوجي الكلمة الآتية:
«فخامة الرئيس، جئناكم اليوم، ننقل إليكم تحياتنا وتحيات ضباط الجيش ورتبائه وأفراده، كما تهانينا الحارة بالعيد الثامن والستين للمؤسسة العسكرية، هذه المؤسسة التي لها مكانة خاصة في قلبكم ووجدانكم، بعدما كرستم في خدمتها أغلى سنوات العمر وبذلتم في سبيلها النصيب الأوفر من السهر والجهود والتضحيات.
فخامة الرئيس، إن عيد الجيش هذا العام، يأتي وسط ظروف استثنائية تمر بها البلاد، ومصاعب كثيرة تتعرض لها المؤسسات الدستورية، بفعل الانقسام الداخلي على العديد من القضايا الوطنية وعلى الموقف من الأزمات الإقليمية المتفاقمة، وهذا ما انعكس بشكل واضح على انتظام عمل إدارات الدولة وحياة المواطنين على جميع الصعد. لكننا في مقابل ذلك كله، نرى بشائر الأمل في مواقفكم الوطنية المشرفة وحكمتكم في معالجة مختلف القضايا الشائكة وصلابتكم في مواجهة التحديات، انطلاقًا من حرصكم الثابت على المصلحة الوطنية العليا، وقراءتكم الأحداث والتطورات، من منظور وطني صرف، يأخذ بعين الاعتبار خصوصية لبنان ودوره الرسالي والحضاري.
كذلك نتلمس بشائر الأمل، في دعمكم اللامحدود للجيش، سواء من خلال إقرار الخطة الخمسية لتسليحه، والسعي مع الدول الصديقة إلى تطوير مساعداتها وهباتها له، أو من خلال المواقف الداعية إلى النأي به عن التجاذبات السياسية والفئوية، وتحصين دوره الوطني، وتوفير الغطاء اللازم له لمتابعة مهماته الوطنية في وأد الفتنة وحماية مسيرة الأمن والاستقرار.
في هذه الذكرى المجيدة، نؤكد لفخامتكم أن المؤسسة العسكرية تعمل ليل نهار على ترسيخ جهوزها وتعزيز قدراتها وكفاءاتها لمواجهة أي طارئ. لقد قدمنا خلال هذا العام، قافلة من الشهداء والجرحى دفاعًا عن لبنان، ونعاهدكم الآن أننا لن ندخر جهدا أو تضحية في المستقبل، لدرء الأخطار المحدقة بالوطن، ونعاهدكم أيضًا أننا لن ننحني أمام الصعاب، وسنمضي قدمًا إلى جانبكم في مسيرة إنقاذ لبنان، متسلحين بحقنا ورسالتنا وقسمنا العسكري، وبتوجيهاتكم الحكيمة ورؤيتكم السديدة.
أكرر تهنئتي لكم لمناسبة عيد الجيش. أعاده الله عليكم وعلى المؤسسة والوطن، بموفور الخير والاستقرار».