الشأن الإداري

الشأن الإداري
إعداد: العميد الركن حسن أيوب
مدير التوجيه

نظرًا لأهمية الشأن الإداري في مسيرة أي وطن من الأوطان، فإنه "ينسحب" على الدولة بأسرها، وبجميع سلطاتها، من هنا ما يقال باختصار ووضوح: الإدارة الفلانية فعلت كذا، والإدارة الفلانية قررت كذا...
وتقوم قائمة الشأن الإداري هذا، على تطبيق القوانين المرعية والمعروفة، باعتماد الصدق والاستقامة والعدالة، مع ما يتبع ذلك من اعتماد للكفاءة واحترام للنوعية والشفافية والمساءلة والمراقبة، واهتمام بالتدريب المستمر، وإيجاد الفرص، وتقديم الحوافز المادية والمعنوية، وكل ما من شأنه دفع الموظف تلقائيًا، وعن اقتناع ودراية، إلى القيام بواجبه في الاستجابة لحاجات المواطن. كما تقوم تلك القائمة من ناحية ثانية، على تعديل القوانين وتطويرها، وإجراء تغييرات تنظيمية من حين إلى آخر، وتنفيذ حالة تأهيل وإصلاح، وتنمية الثقافة الإدارية والسلوك العام في العمل، وترسيخ المبادئ الخلقية والمعرفية. والسعي إلى بناء     الجديد لا يلغي أبدًا ما كان إيجابيًا في السابق ولا يبقي بالتالي على ما كان يثير الشكوك في التفكير والممارسة.
ما بين الاتجاهين، تطبيق القوانين المرعية كما هي، والميل إلى القوانين المعدّلة، لا بدّ من ملاحظة شيء من الصراع: أصحاب الموقف المحافظ يصرّون على إيمانهم بالأمور كما هي، وأصحاب الأفكار الجديدة والوسائل المتطورة، والداعين إلى الاستفادة من التجارب الرائجة، يرون أنه في غياب ذلك لن تقوم قائمة للإدارة، ولن يكون للبلاد، أي بلاد، خلاص من الأزمات.
يعير الكثيرون هذه المقارنة اهتمامًا وملاحقات مستمرة، مع أن الفعالية تكمن في التطبيق والممارسة في كلا الاتجاهين. إن الإخلاص في العمل هو الأساس، خصوصًا وأن القوانين موجودة، والحاجة إلى تعديلها لا تعني خلقها من جديد، بل إن كل ما في الأمر هو التطوير الذي لا ينكره أحد. يضاف إلى ذلك، أن السلطات المسؤولة التي لم تستطع منع الإهمال والتقصير والرشوة والتدخل والتوسط والاستخفاف بشكاوى الناس... في الحالة السابقة، لن تتمكن من منعها أيضًا في الحالة الجديدة، وهو ما يعرف بالفساد والضعف والتخلّف، تلك الآفات التي ينتج منها انعدام النجاح الفعلي في العمل الإداري، وفي كل مظاهر بناء الوطن، وتدنّي مستوى الخدمات، وانحسار نسبة إنجاز المعاملات، وبالتالي عدم تأمين حقوق المستفيدين، وهي الحالات الكفيلة بإضعاف علاقة المواطن بمؤسسات بلاده، وفقدان ثقته بها، وشعوره بأن الهجرة قد تكون الحل المناسب، مع أن الأسلوب المفيد يجب أن يكون السعي إلى الإصلاح، ومواجهة التجاوزات، وإحياء الهمم، وتجديد النشاط وإرفاقه بالتطوير المادي والبشري وكل المقتضيات.
هنا لا بد من المقارنة بين ما يجري في القطاع الخاص، وما يجري في القطاع العام، خصوصًا في لبنان حيث تمتلك المبادرة الفردية فسحة كافية للعمل، فهي تؤمّن حصة كبيرة من حاجات المستفيدين، وتعود في الوقت نفسه على أصحابها بالكثير من الأرباح والفوائد والتوسع والانتشار. ولا ينبغي القول أن ذلك يؤثر سلبًا على القطاع العام في وطن يقوم على الحرية والديمقراطية، وإتاحة الفرص أمام الجميع أفرادًا وجماعات، وهذا ما عرف وانتشر في الإدارة والثقافة والإعلام وشؤون الاتصالات والاقتصاد والصحة وما إليها...
في كل ذلك، وفي الشأن العام قبل غيره، يقتضي وضع حد للتقصير والإهمال، ومكافحة الفساد بكل وسيلة، لأن الفائدة ستكون اكتساب الوطن، وربحه، والمحافظة عليه. ومثل هذا الكلام يصدر عن كل إنسان، عسكريًا كان أو مدنيًا، والمؤسسة العسكرية بأي حال، ليست بعيدة عن غيرها من مؤسسات البلاد، والكل مكوّن للدولة والإدارة، كما أنها قريبة قرب غيرها من المواطنين، وكم من المرات أضافت إلى مهماتها الدفاعية والأمنية مهمات إنمائية وعمرانية لوجه الله والوطن، وقد بلغت بذلك الكثير من الأهداف والنتائج العامة، على الرغم من ضيق ذات اليد وضآلة الإمكانيات، كما يعرف الجميع.