تحقيق عسكري

الشرطة العسكرية النظام والمناقبية يرسمان هيبة المؤسسة
إعداد: باسكال معوض بو مارون


«الجوكر» الذي يسهّل عمل القطع والشريان الذي يضخّ روحية الانضباط فيها
لعل الصورة الأبرز لعنصر الشرطة العسكرية في أذهان العسكريين والمدنيين، هي تلك التي تمثّل الانضباط وقمع المخالفات، وقد يكون مرور دوريّة الشرطة كابوسًا يعانيه بعض المخالفين. لكن في الواقع هذه الصورة لا تعكس إلا جزءًا من المهمات الحيوية والواسعة التي تضطلع بها الشرطة العسكريّة، والتي نتعرّف إليها عن كثب في تحقيق يبدأ من قيادتها ويشمل قطعها المركزيّة في قيادات المناطق العسكريّة الخمس.

 

قيادة الشرطة العسكريّة
يعتبر العميد الركن غابي الحمصي قائد الشرطة العسكريّة قطعته شريانًا حيويًا في مؤسسة الجيش، فهي قطعة لا بديل منها ولا غنى عنها أبدًا، ومهماتها لا تعدّ ولا تحصى لكن يمكن حصرها بأربعة عناوين كبيرة بحسب العميد الركن الحمصي: أول هذه العناوين، تقديم خدمات مساندة قتال وتتضمّن حماية وإرشاد تنقلات الجيش بقوافل كالألوية والأفواج حيث تؤمن الشرطة العسكرية أمن هذه القوافل على الطرقات ومراقبة آلياتها العسكرية.
وتندرج ضمن العنوان نفسه مهمة مراقبة العسكريين في الخطوط الخلفية في أثناء المعارك والحرص على عدم فرارهم، كما حماية مراكز ومنشآت تحددها القيادة، وتسلّم أسرى الحرب والاهتمام بمعسكراتهم وإدارتها وحراستها، مع تأمين إخراج المدنيين من مناطق القتال، كما حدث خلال معركة نهر البارد.
وعنوان المهمة الثانية، يضيف العميد الركن الحمصي، هو ضبط المخالفات، فالتزام القوانين والتعليمات يقع في صلب مهماتنا وبالتالي علينا السهر على تقيّد العسكريين بالقانون بشكل دقيق وضبط مخالفاتهم على اختلاف أنواعها، والإفادة عنها وفق الأصول.
أما المهمتان الأخيرتان فهما تأمين ضابطة عدلية عسكرية، من محققين ومخافر للجرائم التي تمسّ مصلحة الجيش والجرائم المرتكبة ضدّ العسكريين في الجيش على اختلاف رتبهم، وإصلاح العسكريين الخارجين عن الانضباط العام بواسطة سرية التأديب.
إن تفصيل المهمات على النحو المذكور هو على سبيل المثال لا الحصر، ويمكن لقيادة الجيش تكليف الشرطة العسكرية بمهمات طارئة، كما يمكن للنيابة العامة العسكرية تكليفها التحقيق في بعض القضايا التي هي من صلاحياتها، وفق ما يوضح العميد الركن الحمصي.

 

علاقة قيادة الشرطة بشرطة المناطق
في سياق متّصل يشرح العميد الركن الحمصي عند سؤالنا له عن علاقة قيادة الشرطة بشرطة المناطق: «في كل منطقة، هناك شرطة عسكرية، لديها مهمات خاصة، وهي تتدخّل عند حصول جناية أو جرم ويقبض على المخالفين الذين يودعون في نظارة المنطقــة تمهيــدًا لنقلهــم إلى الســجن الرئيــس في مركـز قيـادة الشــرطة العسكرية.
تتبع الشرطة العسكرية في المناطق لوجستيًا قيادة المنطقة التي تتمركز فيها، إلا أنها ترتبط بالتحقيقات والملفات وبعملها اليومي بقيادة الشرطة؛ لذا فإن عملنا معها يومي بسبب دقة الملفات وحساسيتها ما يتطلّب تواصلًا وتنسيقًا دائمين.
أما بالنسبة الى عمل الشرطة كضابطة عدلية والذي يعتبر أساس عمل شرطة المناطق فهو يقضي بالقبض على المخالفين من العسكريين عند تبلّغهم الأمر وتعميم أسمائهم على الحواجز، فيما يصدر القضاء العسكري- أركان الجيــش للعديـد، القرارات الفاصلة في القضايــا المرفوعــة بحق العســكريين.

 

الإنضباط في الظروف الصعبة
هناك مقولة شهيرة تقول أن «الإنضباط هو عصب الجيش»، لكن هل هذه المقولة صحيحة في الظروف كاّها؟ وهل يشمل ذلك الانضباط بكل مظاهره ومكوناته؟
يقول قائد الشرطة العسكريّة: «الإنضباط خلال المعارك أهم بكثير منه أيام السلم، ففي هذه الأوقات بالذات ينبغي أن يلتزم العسكري القوانين، لأنّه مسلّح باسم الشرعية وسلاحه يجب أن يوجّه إلى المكان الصحيح أي إلى الأعداء». وأوضح قائلًا: «يظن البعض أن الإنضباط هو الهندام العسكري فقط، إنما الصحيح أنه جملة من القوانين التي تتعلّق بالتراتبية والسلاح والأوامر والتصرّف الصحيح في أوقات الحرب كما في أوقات السلم.
إنّ أهمية الإنضباط في وقت الحرب تنبع من ضرورة تنفيذ المهمات بطريقة صحيحة والتزام الأوامر التي تكون حيوية ومصيرية؛ لكن يمكن في أحيان كثيرة التساهل بالهندام وفق الضرورات التي تكون على الأرض. فللمعارك هندامها الخاص الذي يسهّل حركة العسكري ويساعده على التحرّك في ساحة الحرب، تمامًا كما حصل في معركة نهر البارد، إذ اضطر العناصر خلالها إلى خلع بزّاتهم العسكريّة لارتداء جعب خاصة وسترات واقية من الرصاص. في ما خلا ذلك يخضع الهندام للموجبات المحددة قانونًا، ولا ينبغي التهاون به بأي شكل من الأشكال خصوصًا وأنّه صورتنا الرسمية أمام المجتمع المدني الذي يتغنّى بانضباط عناصر الجيش ومناقبيتهم».

 

المخالفات الأكثر تكرارًا
عن المخالفات التي تتكرر أكثر ويتم التشدّد في قمعها، قال العميد الركن الحمصي: «إنّ إهمال الهندام والتجوّل على الدراجات الناريّة من دون وضع الخوذة لحفظ سلامة الراكب هي من المخالفات الأكثر تكرارًا، ويجري التعامل معها بحزم، فالأولى تمسّ صورة الجيش والثانية تقع في إطار التهاون بالسلامة العامة. كما تأخذ حوادث سير العسكريين على الآليات العسكريّة أو المدنية حيزًا كبيرًا من عمل محققي الشرطة العسكرية، وهي أهم التحقيقات الأساسية لشرطة المناطق. ونتدخّل كقيادة للشرطة إذا كان الحادث كبيرًا ونتجت عنه أضرار جسيمة، فتشكّل عندها لجنة رسمية للتحقيق بالحادث لاتخاذ الإجراءات المناسبة».
وأشار إلى أنّه يتم تعميم مذكرات بشكل دائم على العسكريين لتوعيتهم على سلامتهم وحثّهم على تطبيق القوانين التي تحميهم وتُبقي صورتهم مشرّفة «قلبًا وقالبًا» أمام المجتمع المدني».
تقوم الشرطة العسكرية المركزية أو شرطة المناطق بحسب قائد الشرطة بالتوقيفات اللازمة في حال وقوع جريمة أو جنحة بالجرم المشهود. أما المضبوطات التي يجمعها عناصر الشرطة من مسارح الجرائم كأدلة جرمية فهي تحال على الضابطة العسكرية إذا لم تكن خطرة، وتسلّم إلى فوج الهندسة إذا كانت كذلك حيث يتم التعامل معها بالشكل المناسب.

 

كيف تحلّ النزاعات مع المدنيين؟
أحيانًا تحصل مشاكل بين مدنيين وعسكريين تتطوّر إلى نزاع يتضرّر منه أحد الطرفين أو كلاهما، فكيف يستطيع المدني أن يبلغ حقّه إذا تعرّض للاعتداء من قبل عسكري، وما هو دور الشرطة العسكرية هنا؟
حول هذه النقطة يقول قائد الشرطة العسكرية، نعتبر أننا أمام جرم مشهود عند حصول ضرر جسدي، وفي حال لم يمر على الاعتداء 24 ساعة، يأتي المدني للشكوى في مخفر الشرطة العسكرية، فنتدخّل فورًا لحل النزاع أو اتخاذ الإجراءات المناسبة؛ أما بعد مرور المهلة القانونية فيجب تقديم الشكوى في النيابة العامة العسكرية ليتم التحقيق بالموضوع.
ولفت إلى مهمة الشرطة الدائمة المتعلّقة بتأمين دوريات مواكبة لوفود أجنبية ولقوات الطوارئ؛ فوفق البروتوكول الموقّع مع هذه الأخيرة تتولّى الشرطة العسكرية مواكبة «اليونيفيل» في تنقلاتها بين بيروت والجنوب، ومواكبة البعثات الدولية والملحقين العسكريين الأجانب الذين يزورون القوات التابعة لبلادهم في لبنان. وقد تمركزت سرية خاصة للشرطة العسكرية في مدينة صور تهتم بموضوع الإنتقالات وتؤمّن التغطية الأمنية للشخصيات الأجنبية المتمركزة أو الزائرة في كل تحركاتها ونشاطاتها على الأراضي اللبنانية.

 

الشرطة في مواجهة الإرهاب والإجرام
تمرّ البلاد منذ فترة بمرحلة دقيقة نتيجة انعكاسات النزاعات المحيطة بنا، فأين هي الشرطة العسكرية من التطورات الأمنية، وما كان دورها في هذا المجال؟
يشير العميد الركن الحمصي إلى أن الشرطة العسكرية كانت على قدر المسؤولية حيث أثبت قسم الأدلّة الجنائية، الذي ساهم ولا يزال في كشف الكثير خلال التحقيقات في الجرائم الإرهابية التي حصلت في الآونة الأخيرة، حيويته وكفاءة عناصره في كشف المجرمين ومكافحة الإرهاب بحرفية ومهنية عالية وباعتماد وسائل متطورة جدًا.
ولقد اهتمت قيادة الشرطة العسكرية بتطوير هذا القسم نظرًا الى ضرورته في هذا الوقت الحرج، حيث تمّ إخضاع عناصره لدورات اختصاص متتالية.
أخيرًا يشير العميد الركن الحمصي إلى أنّه في إطار تطوير عمل الشرطة استحدث ممر خاص يعبره من يتم جلبهم من المتّهمين أو المستدعين للتحقيق وحتى المجرمين، وذلك لحفظ كرامات الناس والحفاظ على سريّة الأشخاص وعدم التشهير بهم من قبل أي كان أو استغلال أي معلومة تضرّ بهم.
وفي مبنى القيادة، يضيف قائد الشرطة، أقيم نصب تذكاري لشهدائنا في ساحة الموقع، كما افتتحت قاعة محاضرات متعددة الأهداف ومجهّزة بوسائل سمعية وبصرية متطوّرة مصنّفة من الدرجة الأولى. كما جُهّز الموقع بكاميرات مراقبة داخلية وخارجية لضرورات أمنية؛ ومن الناحية الخدماتية أقيم مركز طبّي خاص داخل مركز الشرطة العسكريّة يضمّ أطباء من مختلف الإختصاصات، يداومون على مدار الأسبوع لتأمين معاينات للعسكريين وعائلاتهم، من دون أن يضطر هؤلاء للذهاب إلى المستشفى العسكري المركزي.

 

بيروت:الأوضاع استثنائية والجهود كذلك
التطوّرات الأمنية والتفجيرات التي شهدتها العاصمة وبعض ضواحيها، حتّمت الاستنفار والجهوزية وفق ما يفيدنا قائد شرطة منطقة بيروت العميد عبد البديع عيسى، وفي موازاة ذلك ظلّ الاهتمام منصبًّا على تنفيذ سائر المهمات بجدية وفعالية.
تتمركز قيادة شرطة منطقة بيروت في ثكنة الأمير بشير في الأونيسكو بعدما انتقلت من ثكنة الياس أبي راشد (خلف المحكمة العسكرية- المتحف). ويعتبر المبنى الجديد نموذجًا لقيادة شرطة منطقة إذ تتوافر فيه كل مستلزمات العمل، وهو يتألّف من ثلاثة طوابق، السفلي منها يضم: مكاتب التحقيق، وأمانة سرها، والسجون، والمخازن. أمّا الأرضي ففيه مكاتب قيادة الشرطة والضباط، أمانة السر، والأدلّة الجنائية، بينما تقع في الطابق الأول غرف منامة العسكريين، الى قاعتي تعليم، وغرفة الطعام.
إلى قائدها العميد عبد البديع عيسى ومساعده، تضم شرطة بيروت:
• مفرزة تحقيق وتدقيق مهمتها ضبط التحقيقات وفرز الملفات ليتم تنفيذ المطلوب بعد المراجعة.
• مفرزة أدلّة جنائية (غير موجودة حاليًا) مهمتها الإنتقال إلى مسرح الجريمة وضبطه وعزله بانتظار وصول المحققين لبدء العمل.
•  مفرزة تأديب مهمتها حراسة السجون الموجودة في المبنى.
•  فصيلة شرطة عسكرية تتولى تنفيذ كل المهمات المطلوبة لمصلحة قيادة الجيش (حراسة، سَوْق موقوفين، تبليغات...).

 

المهمات وآلية تنفيذها
تشمل المهمات التي تقوم بها قيادة شرطة منطقة بيروت نطاق منطقة بيروت العسكرية (بيروت الإدارية والضاحية الجنوبية) حيث تقوم بمهمة الضابطة العدلية العسكرية وتجري جميع التحقيقات الطارئة المحالة إليها من قبل المراجع المختصة (نيابة عامة عسكرية– قيادة الحيش– أركان الجيش للعديد- قيادة الشرطة العسكرية- قيادة منطقة بيروت).
وفي إطار مهمّاتها تتولى الشرطة: تأمين التمركز والحراسة (ثكنة الأمير بشير)، وحماية مدخل قيادة منطقة بيروت (ثكنة الياس أبي راشد)، ومدخل تعاونية الاقتصاد (بدارو)، ويضاف الى ذلك تأمين الانضباط في مستوصف هنري شهاب (قرب السفارة الكويتية)، وفي المسابح (ضمن منطقة بيروت)، ومواقف النقل المشترك (مستديرة الطيونة)، وتأمين الانضباط العام من خلال تسيير دوريات لضبط مخالفات العسكريين. ويضاف إلى ما سبق ذكره تأمين الحماية والمواكبة الأمنية للقوافل العسكرية في أثناء نقلها ذخيرة، وآليات، وأسلحة من المرفأ إلى اللواء اللوجستي، ودهم أماكن مطلوبين لمصلحة النيابة العامة العسكرية وقيادات شرطة المناطق، ونقل موقوفين إلى مخافر قوى الأمن الداخلي، وإجراء التبليغات العدلية، وتأمين حراسة موقوفين في المستشفيات المدنية...
يتم تنفيذ جميع المهمات بناء على أوامر من قيادة الجيش وفق التوجيهات والتعليمات، حيث تنتقل مفارز الشرطة من مكان تمركزها وفق ما تقتضيه الحالة والمهمة من حجم قوى، إلى مكان الحدث بناء على اتصال من قيادة الجيش - أركان الجيش للعديد - قسم القضاء والانضباط. وفي حال عدم توافر المعطيات الأولية للحادث يتم مراجعة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الذي يعطي إشارته بالإنتقال فورًا إلى مسرح الجريمة.
هنا يعدّد العميد عبد البديع عيسى الخطوات الأولية المتّبعة فيقول: يتم أولًا عزل المكان من قبل الشرطة والقوى الأمنية الموجودة في بقعة العمل، ومن ثمّ استدعاء كل من الأدلّة الجنائية (أحيانًا يستعان بالشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي)، الخبير الهندسي العسكري لمعاينة الانفجار، وطبيب شرعي خصوصًا عند تواجد أكثر من جثة (فحص DNA). تبدأ بعد ذلك التحقيقات الميدانية مع الشهود والموقوفين أو المشتبه بهم بعد عزلهم عن المكان. والخطوة الأخيرة تكون تحديد هوية المصابين والشهداء بعد نقلهم إلى المستشفيات، وذلك بالتعاون ما بين الأدلة الجنائية والطبيب الشرعي (خلال 24 و48 ساعة).
بئر العبد، الرويس، حارة حريك، السفارة الإيرانية، الشياح، والروشة... شهدت جميعها تفجيرات إرهابية، وبحكم وقوع هذه التفجيرات ضمن نطاق منطقة بيروت العسكرية، كان على شرطة المنطقة أن تضطلع بالمهمّات التي يقتضيها الوضع. وهكذا كان على العسكريين أن يتعاملوا مع واقع مأسوي إنسانيًا وصعب مهنيًا. تفجير السفارة الإيرانية كان الأقوى وما زالت التحقيقات فيه قائمة حتى اليوم فيما تبقى جثة أحد الإنتحاريين في حوزتنا يقول قائد شرطة بيروت. أمّا تفجير الروشة فمهم وحساس من حيث توقيف أحد المتورطين الذي أدّى التحقيق معه إلى الوصول إلى شبكات خطرة. وبفضل عمل الأجهزة الأمنية المضني وسهرها استطاعت أن تحد من خطر الإرهاب من خلال الوصول إلى «المشغّل»، ما أدّى إلى ضعضعة عناصر المجموعة المنفّذة.

 

بين العسكريين والمدنيين
لا يقتصر عمل الشرطة في المنطقة على التحقيقات ذات الطابع الأمني، إنما يشمل أيضًا التحقيق مع العسكريين والمدنيين في الشكاوى المقامة من أحد الطرفين على الآخر. في حال كانت الشكوى من العسكري على المدني يحال الملف من قيادة الجيش - أركان الجيش للعديد إلى قيادة شرطة المنطقة صاحبة الصلاحية (القطاع) حيث يتم استدعاء العسكري للتحقيق معه بموضوع الإحالة الصادرة عن القيادة، من ثم تتم مراجعة قسم القضاء العسكري والانضباط فيعطي قراره بمراجعة النيابة العامة العسكرية بشخص المفوض الحكومي لدى المحكمة العسكرية، وبعد شرح الحالة يعطي القاضي إشارته باستدعاء المدني أو صرف النظر وإحالة الملف إما إليه أو إلى قوى الأمن الداخلي.
أما إذا كانت الشكوى من المدني على العسكري، فعليه خلال 24 ساعة فقط أن يتقدّم بها إلى قيادة شرطة المنطقة للتحقيق بها وإلا أحيلت إلى النيابة العامة الإستئنافية. إذا أخذنا مثلًا الخلافات المالية (شيكات وغيرها...) التي تتطلّب وقتًا للبت بها، فإنّ الشكوى بخصوصها ترفع إلى مفوض الحكومة الذي بدوره يحيلها إلى قيادة الجيش، فتكلّف بها قيادة الشرطة والأخيرة تحوّل الملف إلى شرطة بيروت للتحقيق بالشكوى المقدمة من المدني على العسكري، كون الخلاف في نطاق صلاحيتها. هنا يوضح العميد عبد البديع عيسى أنه لا يحق للشرطة استدعاء المدني والاستماع إلى إفادته إلا بعد مراجعة النيابة العامة العسكرية. وإذا تبيّن أنّ هناك تناقضًا في الإفادات، تتم المواجهة بين المدّعي والمدعى عليه بناء على طلب القاضي بإشراف المحقق.
بعض الخلافات تأخذ وجهة أخرى إذ أنّه ليس من صلاحية الشرطة البت بها. فالخلافات الزوجية وما يقع في إطارها من عنف وشتم وضرب تحال إلى المحاكم الروحية. أمّا إذا كان الخلاف حول عقارات أو مواقف سيارات فيحال إلى قوى الأمن الداخلي...
أخيرًا يعتبر العميد عيسى أنّ الإنضباط هو من أسرار نجاح المهمات العسكرية في كل الأوقات والظروف. لذلك فهو يأخذ حيّزًا واسعًا في العمل اليومي للشرطة من حيث ضبط المخالفات المتعلقة بالهندام، والتدخين في الطرقات، ووضع القبعة على الرأس... فإذا كان عنصر الشرطة مولجًا بضبط المخالفات، فكيف يخالف هو؟
 

جبل لبنان: تركيز على الاختصاص والكفاءة
يوضح قائد شرطة جبل لبنان العميد الركن كلمون سعد أنّ قطاع قطعته يمتدّ على طول محافظة جبل لبنان الإدارية، باستثناء الضاحية الجنوبية (تابعة لشرطة بيروت)، ومهماتها لا تختلف عن المهمات التي تضطلع بها الشرطة في باقي المناطق العسكرية.
فقد أوكلت لها مهمات أساسية في مجال تقديم خدمات مساندة قتال، والتي تشمل مراقبة السير وتنقّل القوافل والسيارات والآليات، وتأمين حركة مرورها ومراقبة تقيّدها بأوامر السير، إضافة إلى مراقبة العسكريين في الخطوط الخلفية وإرشاد المتخلّفين إلى مراكز وحداتهم والقبض على الفارين منهم.
كذلك تتولى شرطة جبل لبنان حماية مراكز وإنشاءات محدّدة من قبل القيادة ومراقبة المشبوهين والمخالفين وتوقيفهم وتسليمهم إلى السلطات المختصة، بالإضافة إلى ضبط المخالفات والإفادة عنها والسهر على تقيّد العسكريين بالقوانين والأنظمة والقرارات والتعليمات العسكرية... حفاظًا على صورة الجيش وهيبته من جهة، وعلى فعالية أدائه من جهة أخرى.
وكسواها من شرطة المناطق تتولّى شرطة جبل لبنان، تأمين ضابطة عدلية عسكرية، مهمّتها التحقيق في الجرائم التي تمسّ بمصلحة الجيش أو التي لها علاقة بأحد أفراده. كما تقوم بمهمات بسيطة متعلقة بطلبات الزواج والخدمات الاجتماعية وفقدان الأوراق العسكرية...
إن فعالية دور الشرطة رهن بكفاءة عناصرها. لذلك يتمّ التركيز على متابعة دورات سنوية في الخارج في اختصاص علم النفس الإجرامي، إضافة إلى دورات لها علاقة بالتحقيق والانضباط.
خلال الفترة الماضية، نفّذت شرطة جبل لبنان مهمّات غير اعتيادية فرضتها الظروف التي تشهدها البلاد ومنها، التحقيق بقضية تفجير باص للركاب في منطقة كفرشيما، والكشف عن مكان إطلاق الصواريخ من بلونة باتجاه منطقة اللويزة ومن تلال عرمون باتجاه القصر الجمهوري في بعبدا، وذلك ضمن سلسلة تحقيقات تمّت بالتعاون مع عدة جهات مختصّة.
في ما خصّ التنسيق بين شرطة جبل لبنان ومثيلاتها في المناطق يوضح العميد الركن سعد أنه يتمّ بإشراف قيادة الجيش - أركان الجيش للعديد والنيابة العامة العسكرية، أو بطريقة غير مباشرة بواسطة الشرطة العسكرية.
وبما أن لكل منطقة نطاقًا جغرافيًا تمارس مهماتها ضمنه، يتمّ تحويل أي ملف إلى شرطة المنطقة المختصة بواسطة الشرطة العسكرية، وترسل شرطة المناطق المعلومات أحيانًا من دون طلب مسبق في حال وجدت أن هذه المعلومات قد تفيد تحقيقًا جاريًا حول قضية معينة في منطقة أخرى، علمًا أن جميع التحقيقات تتمّ بإشراف النيابة العامة العسكرية وقيادة الجيش - أركان الجيش للعديد.

 

صلاحية النيابة العامة العسكرية
أوضح العميد الركن سعد أن قانون القضاء العسكري حددّ صلاحية النيابة العامة العسكرية وفق الآتي: الجرائم المرتكبة في المعسكرات والمؤسسات والثكنات العسكرية، جرائم الخيانة والتجسّس والصلات غير المشروعة بالعدو، الجرائم المتعلّقة بالأسلحة والذخائر الحربية، الجرائم الواقعة على شخص أحد رجال الأمن الداخلي والأمن العام، الجرائم الواقعة على الموظفين المدنيين في وزارة الدفاع الوطني والمحاكم العسكرية أو لدى الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام والمرتبطة بالعمل الوظيفي فقط، إضافة إلى جميع الجرائم الواقعة على شخص أحد رجال الجيوش الأجنبية ومخالفات قانون خدمة العلم.
وعن أهمية الانضباط في الأوقات الصعبة، قال العميد الركن سعد إن شرطة جبل لبنان تنفّذ مهمات متعلقة بالانضباط في جميع الظروف بحيث يتمّ تسيير دوريات مكثّفة لضبط مخالفات العسكريين، وذلك وفق جداول مرفوعة مسبقًا إلى قيادة الجيش، وأكّد أنّ ثمّة تشديدًا على ضبط مخالفات السير (السرعة وعدم التقيّد بالأنظمة والقوانين)، وأن الإجراءات التأديبية بحق المخالفين تراوح بين 5 و10 أيام سجن.
وأضاف قائلًا إنّ شرطة جبل لبنان أوقفت خلال الأشهر الماضية عددًا كبيرًا من المطلوبين بجرائم متنوّعة، وضبطت كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمخدرات في عدة مناطق.
وفي ختام لقائنا به أكد العميد الركن سعد أنه «على الرغم من ضغط المهمات في الظروف الصعبة، فإنّ القيادة تلبّي جميع احتياجاتنا، وفي هذا الإطار، وبناء على حاجة ملحّة تمّ إنشاء شرطة موقع بيت الدين، وشرطة موقع حمانا، إلى جانب شرطة موقع صربا».

 

من يوميات البقاع: كوكايين في شعر طفل
خرجت امرأتان، تحمل إحداهنّ طفلًا، في سيارة غير قانونية من منزلٍ في منطقة البقاع يشتبه أنّه يتمّ تعاطي المخدرات فيه. فوج التدخل الثاني أوقف الإمرأتين وسلّمهما إلى الشرطة العسكرية في المنطقة. هناك، فتّشتهما العسكريات تفتيشًا نسائيًا دقيقًا ولم يَجدن أيّ دليل أو أيّ جسم مشبوه لاحتجازهما... إلى أن لاحظت إحدى المفتشات أنّ التي تحمل طفلًا تتمسك به بطريقة غريبة، وعندما طلب منها تسليمه للتفتيش، رفضت رفضًا قاطعًا، مما زاد الشك في ما قد تخفيه هذه المرأة بواسطة ابنها... وبالفعل اكتشف بعدها أنّ في شعر الطفل من الخلف 30 غرامًا من الكوكايين... إنها واحدة من مئات الحوادث التي تصادفها يوميًا الشرطة العسكرية في البقاع وتعمل على التحقيق فيها وإجراء اللازم بخصوص كلّ منها.
قائد الشرطة العسكرية في منطقة البقاع العقيد محبوب عون يعرّف الشرطة العسكرية على أنها الكرسي القضائية الأولى في منطقة البقاع... وهي تتمركز في ثكنة أبو سليمان – أبلح، (كانت منذ سنتين ونصف تقريبًا «سرية شرطة البقاع») ويمتد قطاعها من كنيسة الشنبوق في خراج بلدة القبيات (الفاصل بينها وبين شرطة منطقة الشمال)، إلى الهرمل، القاع، عرسال، جرود بعلبك الشرقية، جرود بريتال، السلسلة الشرقية (الحدود اللبنانية السورية)، جبل الشيخ، البقاع الغربي، ضهر البيدر، فترشيش، وصولًا إلى القرنة السوداء شرقًا.
وتضمّ قيادة الشرطة التي تتألّف من عناصر الانضباط والمهمات، محققين، عناصر إداريين وعناصر الأدلة الجنائية، بالإضافة إلى مخفري شرطة القاع والمصنع (بتصرّف فرع مخابرات المنطقة)، وفصيلة شرطة موقع راشيا التي تتولى فقط الأمور الإدارية.
بالإضافة إلى المهمات العادية التي تتولاها أسوة بباقي قطع الشرطة في المناطق، يفرض الواقع على الأرض في البقاع مهمات أخرى تضطلع خلالها الشرطة بدور المؤازرة والمساندة: ظروف الطقس وانقطاع الطرقات في أثناء تساقط الثلوج، تلف الحشيشة، مكافحة زراعة الممنوعات، وملاحقة متورطين بقضايا المخدرات وسواها من ممنوعات... كذلك، التطورات الأمنية والعمليات الإرهابية أضافت بدورها إلى مهمات الشرطة في منطقة البقاع المزيد من الأعباء والمسؤوليات، وهذا مما لا يخفى على أحد.

 

حدود استعمال السلاح
حفظ الأمن في ظل ظروف صعبة وأجواء مضطربة قد يجبر العسكريين على استعمال السلاح، فما هي حدود استعمال السلاح في إطار مهمات حفظ الأمن، خصوصًا في منطقة البقاع؟
يجيب العقيد عون عن السؤال من خلال التعليمات العامة لحفظ الأمن الصادرة عن قيادة الجيش، والتي توضح القواعد العامة لاستعمال القوة والسلاح من قبل القوى المكلفة بأيّ مهمة، لدى حصول أعمال شغب أو تعديات. هذه القواعد تقضي باتخاذ التدابير الكفيلة بوضع حد للتعديات، مع المحافظة التامة على هدوء الأعصاب ورباطة الجأش واستعمال وسائل الإقناع والتحذير قبل اللجوء إلى القوة والسلاح.
خلال تفريق معتصمين يمارسون الشغب مثلًا، تبدأ عملية الإقناع والتحذير بالمخاطبة المباشرة واستعمال المذياع وتصل إلى حدّ اللجوء إلى استخدام الرمانات المسيلة للدموع وخراطيم المياه...
بعد استنفاذ هذه الوسائل، يمكن للوحدات استعمال السلاح الخفيف والمتوسط وفق أمر صادر عن قيادة الجيش – أركان الجيش للعمليات، أو نتيجة تعرّض العسكريين للخطر المباشر الذي يراوح بين إشهار سلاح من قبل المشاغبين، وبين استخدام هؤلاء وسائل عنف خطرة، بحيث يتعذر تنفيذ المهمة. كذلك يمكن للعسكريين استخدام السلاح عند تعرّضهم لاعتداء مباشر من مجموعة مشاغبين تفوقهم عددًا أو مجهزة بوسائل اعتداء، وذلك فور مباشرتها التسبب بالأذى الجسدي لهم أو محاولة السيطرة على مراكزهم أو على عتادهم. ويمكن للوحدات استعمال السلاح للاحتفاظ بالأشخاص الموقوفين بعهدتها أو لتأمين سلامتهم، ولتوقيف الأشخاص المشتبه بارتكابهم جناية، والذين يحاولون الفرار ولا ينصاعون للإنذار بالوقوف، وأيضًا لتوقيف المركبات التي تتخطى الحواجز (إجتياز الحاجز باتجاه العسكريين) على الرغم من الإنذارات.
أما استعمال الوحدات سلاحها الثقيل (مدافع ميدان، مدافع دبابات/ مصفحات، صواريخ...) بأمر من قيادة الجيش – أركان الجيش للعمليات، فيتمّ في حالات حصرية، كحصول عصيان مسلح أو فتنة داخلية يهددان أمن الدولة واستعملت فيهما الأسلحة المتوسطة والثقيلة، أو في حال حصول هجوم عام مسلح واحتدام المعركة بصورة تعرّض سلامة القوى للخطر الداهم والمباشر، وكذلك في حال لم يوصل استعمال الأسلحة الخفيفة والمتوسطة من قبل وحدات الجيش إلى النتيجة المتوخاة.
يتدرج استعمال السلاح تصاعديًا، بعد استنفاذ وسائل الدفاع السلبي، بدايةً بالأسلحة غير القاتلة (ذخيرة مطاطية...)، فأعقاب البنادق، فالحراب، فالأسلحة الخفيفة، فالأسلحة المتوسطة، إلى الأسلحة الثقيلة.
في حال اللجوء إلى فتح النار بالأسلحة الخفيفة أو المتوسطة، ينفّذ الرمي بناءً على أمر من آمر القوة، يبدأ بالرمي التحذيري في الهواء عند عدم التجاوب مع وسائل الإقناع وبعد إنذار المشاغبين بأن الوحدة ستستعمل السلاح ضدهم، ثمّ يصار إلى الرمي الصائب من قبل رماة مهرة / قناصة معينين سلفًا، على أهداف محددة (حامل سلاح، محرض،...) وعلى مكان في الجسم غير قاتل. هنا، يتوجب على آمر القوة تحديد عدد الطلقات الواجب رميها عند إعطاء أمر فتح النار للتثبت من الوصول إلى النتيجة المتوخاة، ويجب تكرار مضمون الإنذار والرمي التحذيري قبل اللجوء إلى فتح النار على الأهداف المحددة، كلما كان ذلك ممكنًا.
أخيرًا، كانت للعقيد عون كلمة حول مهمة فرض الانضباط، إذ أكّد أنه على الرغم من البعد الجغرافي عن القيادة العسكرية، فالتهاون ممنوع بأي شكل من الأشكال خصوصًا وأنّ انضباط العسكري يعكس صورته الرسمية أمام المجتمع المدني الذي يعتز بجيشــه ويفاخر به.

 

الشمال: الشرطة هي «الجوكر» في الجيش
دقة المرحلة في عاصمة الشمال تطلبت من شرطة المنطقة تكثيف الجهود، والتشدد أكثـر في فـرض الانضباط، وفق ما يفيدنا قائدها العقيد الركن سليمان سمعان الذي التقيناه في ثكنة بهجت غانم. المكتب كان أشبه بخلية نحل أو غرفة عمليات، فطرابلس منطقة حساسة ويجب إنهاء كل المسائل بسرعة قبل أن تتفاقم وتسبب مزيدًا من التشنج والتوتر.
توجّهنا إلى العقيد الركن سمعان بالقول: من الواضح أن لشرطة منطقة الشمال عملًا لا ينتهي، ما هو تعليقكم على كثافة العمل الذي رأيناه؟
قال: «ثمة الكثير من عمليات التحقيق المستمرة، خصوصًا أننا في طرابلس لا نزال في قلب الأحداث الأمنية، والمهمات الموكلة إلينا تتطلب متابعة دقيقة لجميع المستجدات الصغيرة والكبيرة.
إنّ الأحداث الأخيرة وخصوصًا التفجيرات، والتوتر في المدينة تطلبت الاستنفار ووضع جميع عناصرنا بجهوزية كاملة. فكثافة عدد الموقوفين والتحقيق معهم ووجود مخيمين للاجئين الفلسطينين في المدينة، يزيد حجم الأعباء الأمنية، لكن الجدية في العمل والتنسيق المستمر أثمرا نتائج إيجابية».
وحول صلاحيات الشرطة قال العقيد الركن سمعان:
«نحن كشرطة وجدنا لمعالجة كل ما من شأنه أن يسيء الى سمعة الجيش والمؤسسة العسكرية». وأشار إلى أنه هناك ملفات تتطلب حلًا مزدوجًا ومراجعة بعض المحاكم، مثلًا مراجعة المحاكم الشرعية والروحية في بعض الحالات (الخلافات الزوجية، الخلافات العقارية والمالية)، حيث تحال القضايا إلى النيابة العامة الاستئنافية.
كما أوضح «أن شرطة المنطقة تعنى أيضًا بشؤون العسكريين المتقاعدين وتقدم لهم الخدمات في حال تعرضوا لأي حوادث أو مشاكل طارئة».
الأقسام وهيكليتها
ترتبط قيادة شرطة منطقة الشمال عضويًا بقيادة المنطقة وترتبط بقيادة الجيش - أركان الجيش للعديد والنيابة العامة العسكرية في ما يتعلق بعمل الضابطة العدلية، وتحال التحقيقات إلى الشرطة العسكرية - قسم التحقيق والتدقيق، باستثناء تلك التي يأتي التكليف بها من قائد المنطقة في ما خص المواضيع التي تتعلق بوحدته كقائد وحدة كبرى.
لشرطة منطقة الشمال عدة نقاط تقوم بالمهمات، فثمة فصيلة في ثكنة عندقت مرتبطة بشرطة المنطقة وذلك من أجل تسريع العمل وتفادي البعد الجغرافي عن قيادة المنطقة ولحل الأمور المستعجلة. وهناك فصيلة أخرى في مدرسة التزلج _ الأرز، ولديها مهمات متعددة، مثل تأمين حراسة وتسلّم الموقوفين والمستدعين للتحقيق، تسيير الدوريات على الطرقات لضبط مخالفات الأشخاص والآليات العسكرية...
وتتألف الهيكلية العامة لشرطة منطقة الشمال من:
قائد شرطة منطقة الشمال ومساعده، مفرزة التحقيق والتدقيق، مفرزة التأديب، فصيلة تدخل (عدد 2)، مخفر (عدد2) على الحدود، عناصر أمن ومراقبة على المسابح العسكرية، ومفرزة الأدلة الجنائية.
رتيب هذه المفرزة المؤهل جوزيف موسى أوضح أن مهماتها هي بالدرجة الأولى الكشف على جميع الحوادث التي تختص بالعسكريين مثل، القتل، السرقة، حوادث السير الناتج عنها (حالات وفاة)، رفع البصمات من مسرح الجريمة، والتفجيرات وإجراء التحقيقات ورفع الأدلة.
وعن الصعوبات التي يواجهونها في العمل قال: «نحن نعمل بظروف صعبة جدًا وبإمكانات محدودة، لكن على الرغم من ذلك نحن نقوم بالواجب على أكمل وجه وبسرية وموضوعية».
في ختام جولتنا، استودعنا قائد شرطة منطقة الشمال الذي شكر مجلة «الجيش» على هذه اللفتة الكريمة، وتوجّه إلى عناصر شرطة المنطقة مثنيًا على صبرهم وثباتهم في العمل وتحمّلهم الضغوط في منطقة حساسة أمنيًا، طالبًا منهم متابعة العمل بمناقبية وإنضباط.
وقال: «بالتأكيد نحن لسنا قطعة عملانية على الأرض أو قتالية، ولكن نحن «الجوكر» الذي يسهل عمل جميع الوحدات، فتأمين الإنضباط على الأرض وتحقيق العدالة يرسم أفق النجاح في عملنا الأمني.
 

الجنوب: عزم وإرادة في مواجهة ظروف استثنائية
يشير قائد الشرطة العسكرية في منطقة الجنوب العميد علي الحاج إلى حساسية البقعة الجغرافية التي تمارس فيها قطعته مهمّاتها، خصوصًا مع وجود مخيّم اللاجئين الفلسطينيين، وبعد أحداث منطقة عبرا حيث تعرّضت المؤسســة العســكرية لتعديات مباشرة...
ويذكّر العميد الحاج أنّ عمل هذه القطعة العضوية يقوم على تقديم الدعم والمساندة للقطع العسكريّة، فضلًا عن ضبطها المخالفات وتحديد سبل التعامل مع المخالفين من عسكريين ومدنيين خرجوا عن الانضباط العام... بالإضافة إلى تأمين عمل الضابطة العدليّة العسكرية وتأمين دوريات مواكبة لوفود أجنبية خلال زيارتها القوات التابعة لبلادها في لبنان، ولقوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان تنفيذًا للبروتوكول الموقع بين الدولة اللبنانية وبينها، خلال تنقلات هذه القوات بين الجنوب والمناطق الأخرى، إلى سائر المهمات التي تقوم بها الشرطة في المناطق.

 

حسّ قضائي وحماسة عالية
في المقابـل وفي إشـارة إلى المهمّات الناتجة عن الأوضاع الإستثنائية في الجنوب، يوضح العميد علي الحاج أنّه وعلى الرغم من كثرة المهمات الملقاة على عاتق الشرطة، فإن العسكريين يقومون بعملهم بحسّ قضائي وحماسة عالية تنفيذًا للتعليمات الصادرة عن القيادة. وهو أمر واضح يعكسه أداؤهم الواعي والدقيق لمهماتهم.
وخير نموذج لهذا الأداء، جسدته حادثة الأوّلي - مجدليون أواخر العام المنصرم، فلولا فطنة عناصر حاجز مجدليون ومبادرتهم إلى إطلاق النار على المسلّحَين اللذين كانا في السيارة التي ترجّل منها إرهابي ثالث فجّر نفسه على حاجز الأوّلي، وقتلهما، لكانا فرّا وأقدما في ما بعد على تنفيذ أعمال إرهابية مماثلة (أدّت تلك العملية إلى استشهاد الرقيب سامر رزق وجرح عسكري آخر).
كذلك يعرض العميد الحاج جردة بالمهمات التي كلّفت الشرطة العسكرية في منطقة الجنوب بتنفيذها في الفترة الممتدة بين مطلع العام الحالي وبين منتصفه. بحيث بلغ مجموع ملفات التحقيق المنجزة 1700، من بينها: 452 طلب خدمات، 905 ملفات لموقوفين مدنيين سلّموا إلى قوى الأمن، 42 حادث سير لسيارات مدنيّة، و21 حادث آليات عسكرية...
وفي ختام حديثه يؤكد العميد الحاج أنّ قساوة الظروف لا يمكن أن تبرّر أي تقاعس في العمل. وهذا ما يدركه عسكريونا ويعملون إنطلاقًا منه في كل المهمّات، كبيرة كانت أم صغيـرة.