باختصار

الشفافية
إعداد: العميد الركن حسن أيوب
مدير التوجيه

آخر ما تلقّته القيادة، في الفترة الأخيرة، مبادرة تقدير من قبل منظّمة الشّفافية الدّوليّة - فرع بريطانيا والجمعيّة اللبنانيّة لتعزيز الشّفافية، باعتبارهما الجيش اللّبناني متقدّمًا على الجميع، بين جيوش الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، من حيث مكافحة الفساد والتزام الشّفافيّة، وتطبيق معايير العمل المؤسّساتي.
هذا بكلّ وضوح وسام يمنح للقيادة، ويتوزّع بالتّالي على العسكريّين جميعًا، من كلّ رتبة، وفي كلّ موقع. أوليست المؤسّسة العسكريّة مبنيّة على هيكلة شاملة، تتوحّد فيها الأهداف وتجتمع السّواعد، وتتضافر الجهود وتختفي الأنانيّات، فإن أخطأ فرد انعكس الأمر على الجميع، وإن أحسنت قطعة عمّ النجّاح المؤسسة كلّها؟ ثمّ، ألا تتحمّل القيادة النتّائج كائنة ما كانت، فلا تحيل الأسباب إلى هذه أو تلك من الوحدات، وإلى هذا أو ذاك من العناصر؟
من هنا، فإنّ هذا الإطراء، لا بل هذا التشجيع وهذا التوصيف وهذه التهنئة وهذه الشّهادة... تنسحب على الجميع، من قمّة الهرم، مرورًا بالأركان والمديريّات والوحدات، والقادة الميدانيين والمدرّبين والمحاضرين والمشرفين على إدارة الأموال وشؤون الصحّة وصيانة المعدات، وصولًا إلى الخفراء المنتشرين في الأحياء والشّوارع، وعند التخوم الحدوديّة في الليل والنهار.
لقد رأت كلّ من المنظّمة الدّوليّة والجمعيّة اللّبنانية المذكورتين، أنّ الشّفافيّة تنعكس إيجابًا على أداء الجيش أولًا، وبالتّالي على مصالح الشّعب والوطن، وتلمّست بعد ذلك أنّ الجيش يتمايز في الحياة الوطنية، وينجح في إعطاء نموذج رائد أمام فئات المجتمع كافّة، وهو يحمل للمنطقة بأسرها تجربته، والتّجربة الحضاريّة لبلاده، في فترة زمنية حافلة بالتّحدّيات والأخطار، ومحوطة بالمفاجآت والخبايا والأعباء المتلاحقة، بالإضافة إلى أوضاع ماليّة ضاغطة وآفاق اقتصاديّة ضيقة. ورأت المنظّمتان أن هذا الجيش يواجه ذلك كلّه بإصرار على الإنتاجية القصوى، واقتناع بتنفيذ المهمّات بواسطة المتوافر من الأعتدة، والأسلحة، ومرافقة ذلك بالحرص على المناقبية والانضباط، واحترام مبدأ الرّقابة الداخلية الصّارمة الّتي تترافق دائمًا مع الثّواب والعقاب، والنّصح والإرشاد والتّوجيه.
ولعلّ ما زاد من تلك الشفافيّة، وعزّز رسوخها، ابتعاد المؤسّسة العسكريّة عن التّجاذبات السّياسيّة، وتجنّبها للمصالح الفئويّة الضيّقة، وهذا ما هيّأها لكي تتبوّأ صدارة النّماذج الجديرة بأن تكون شواهد وأمثلة ودلائل، على طريق النّهوض بمؤسّسات الوطن الواحدة تلو الأخرى.
في الختام، يبدو أنّ محافظة الجيش اللبناني على الصّمت، لم تنجح هذه المرّة، على الرّغم من تلك الصّفة التاريخيّة التي رافقته في المسيرة الطويلة: «الصامت الأكبر»، فهناك من يراقب الزّرع والحصاد، وهناك من يرفع الصّوت قائلًا: كافحوا الفساد واحرصوا على الشّفافية وواصلوا البذل والعطاء، تمامًا كما يفعل هذا الجيش.