وجوه

الشيف أنطوان الحاج مملكة الأطايب مشرّعة للمشاهدين
إعداد: ندين البلعة

للنجاح في مجال ما أسرار عديدة، لكن الأكيد أن الشغف هو واحد من هذه الأسرار، وهو تحديداً سر نجاح «الشيف أنطوان».
شغفه بالمطبخ بدأ باكراً، الروائح والنكهات احتلت حيّزاً مهماً من عالمه، وحرّضته على اكتشاف أسرارها.
عندما أصبح يافعاً بدأ يراوده حلم امتلاك أسرار صناعة الحلويات وبلوغ عالم الشهرة من خلالها. غير أن نصيحة أحدهم جعلت أنطوان الحاج يدخل عالم المطبخ الواسع بحلوه ومالحه ليقيم فيه مملكة من الأطايب يتلذّذ بها الملايين.
اتصالات المشاهدين تجعل منه جاراً لسكان حمانا وعشقوت والبوشرية والدكوانة... يبتسم حين تسأله عن الأمر، ويقول: أنا من قرنايل، لي بيت في عشقوت ومعمل في البوشرية ومقر عملي في الدكوانة، أما أصدقائي ففي كل مكان.

 

خبرة وتمرّس
بداية الطريق كانت في المدرسة الفندقية حيث تابع أنطوان الحاج سنوات الدراسة ليكتسب بعد ذلك مزيداً من الخبرة والتمرّس في مطبخ الجامعة الأميركية في بيروت، قبل أن ينتقل الى سويسرا، وهناك تابع عدة دورات في إدارة المطابخ.
أسس المدرسة الفندقية في العراق وعمل هناك محققاً شهرة واسعة، غير أن الظروف الأمنية دفعته الى العودة الى لبنان.
التحق بالمدرسة الفندقية التي تخرّج منها. فأنشأ الدورات السريعة معلماً فنون الطهي وقواعد التغذية الى تكنولوجيا المواد الغذائية وعلم الخمور...
عيّن رئيساً لمصنع المطبخ ومن ثم رئيساَ للدروس التطبيقية في المعهد الفني الفندقي الذي يتابع فيه طلاب المدرسة الفندقية الدروس العليا. منذ خمس سنوات بات يشغل منصب القيّم على الاستثمار الفندقي وبالتالي مدير الأعمال التطبيقية في المدرسة والمعهد.
حكايته مع التلفزيون بدأت منذ أواسط التسعينيات، يومها أراد المخرج شربل خليل تحقيق برنامج طبخ مباشر على تلفزيون Antenne Plus. قبِل الشيف أنطوان الفكرة التي رفضها أساتذة المعهد الفندقي جميعهم.
«قبلت الفكرة وكان في ذلك الكثير من التحدي» يقول، ويضيف: «أعظم شيف في العالم قد يعجز عن الإجابة عن أسئلة المشاهدين مباشرة على الهواء من دون أن يخطئ أو ينسى... كثيرون يؤجلون الإجابة الى حلقة قادمة. كنت واثقاً من معلوماتي وخبرتي من دون أن أفقد إصراري على التقدّم والتطور... وهذا ما حصل فعلاً فحين اكتشفت أنني بحاجة الى تعلّم المزيد في مجال صناعة الحلويات العربية، استعنت بمعلم ماهر من منطقة الشمال، وتفرّغت للأمر الى أن أتقنته. الطبخ فن يتطلّب حسّاً مميّزاً كما يتطلّب معرفة وإصراراً على التقدّم».

 

على الهواء مباشرة
لمع إسم «الشيف أنطوان» من خلال هذا البرنامج، وكانت ميزته أنه يجيب عن كل الأسئلة بثقة وبأسلوب بسيط. إذا أردنا فعلاً نقل معرفتنا الى الناس، فيجب أن نعتمد البساطة، ونتيح لهم إعداد طعام جيد وصحي من خلال استعمال مكوّنات وأدوات هي بمتناول الجميع.
مهرجان دبي للتسوق استعان بخبرات «الشيف أنطوان» لثلاث سنوات متتالية تولى خلالها تقديم برنامج مباشر طوال شهر. كما صوّر مع إحدى شركات الإنتاج حلقات حول كيفية تحضير أصناف منوّعة من المأكولات، اشترت الـMBC حقّ بثّ هذه الحلقات التي ما لبثت أن انتشرت في العديد من الدول العربية نظراً لجودتها ونجاحها.
منذ عشر سنوات بدأ أنطوان الحاج تقديم برنامجه «مأكول الهنا» على شاشة تلفزيون لبنان. البرنامج يبث يومياً (ما عدا الأحد) يستقطب المشاهدين من لبنان والدول العربية كما أن له جمهوراً بين اللبنانيين والعرب في بلاد الاغتراب.
«الشيف» يلبي كل الطلبات ويجيب عن كل الأسئلة. لا يحرجه طلب ولا يغيب عن باله تفصيل صغير قد يكون فيه سرّ نجاح الطبق أو عدمه.
ثمة أسرار صغيرة تصنع الفارق، وهو سخي في كشف ما علمته إياه خبرته الطويلة. جمهوره يبدي الكثير من الود والإمتنان وهذا يشعره بالفرح والرضى ويحثّه على الإستمرار.
أحياناً يكتشف أن المتصل «إبن كار» يريد تطوير معرفته. لكنه لا يتردد في إعطاء النصيحة برحابة صدر، وبرحابة الصدر إياها يلبي طلبات ربات بيوت حديثات العهد بالمطبخ وشؤونه، أو أخريات يردن منه أن يعيد ما شرحه للتو لأنهن وصلن الى البيت متأخرات... لكل مشكلة في عالم المطبخ حل لدى «الشيف» حتى طبخة المربيات الفاشلة يمكن إصلاحها، وكذلك الخل الذي لم يختمر...

 

المال ليس كل شيء
مهنته ترضيه وإن كان فيها قدر من الإزعاج فالاتصالات تلاحقه في أي وقت للإستفسار أو لطلب نصيحة. وحين تسأله إحدى المشاهدات: «لماذا يا شيف لا تقوم المحطة بإعداد جنريك جديد للبرنامج...» يبتسم ويقول «ماشي الحال...»، أما اللواتي يستفسرن عن موعد صدور كتابه فجوابه لهن: قريباً، قريباً إنشاء الله.
أكثر من محطة تلفزيونية عرضت عليه مبالغ مغرية جداً لكنه يقول: المال ليس كل شيء في هذه الحياة. ما يربطني بتلفزيون لبنان أقوى من مغريات كثيرة. بالنسبة اليه هذه المؤسسة الرسمية التي تحتل حيّزاً كبيراً من ذاكرة اللبنانيين، تستحق أن نكون الى جانبها.
من المحطات المهمة في مسيرة أنطوان الحاج المهنية تعاونه مع الجيش، وهو يشعر بالفخر لأنه استطاع أن يقدّم خدمة لهذه المؤسسة التي تخدم الوطن. فقد تولى تدريب طهاة عسكريين من خلال دورات سريعة في المدرسة الفندقية.
تابع هذه الدورات أكثر من 200 عسكري، وكانت نتائجها باهرة على صعيد مطابخ الجيش كما يقول، علماً أنه مستعد للمزيد من التعاون.
حالياً يعمل الشيف أنطوان على إعداد برنامج جديد خاص بالحمية، مصرّاً على أنه يمكن تحضير أفضل أنواع المأكولات الصحية بأسهل الطرق وبأقل كلفة ممكنة. وفي الوقت عينه يحاول إنهاء الكتاب الذي طال انتظار الجمهور له. أما نصيحته لكل من يتعاطون إعداد الطعام فمفادها أن النظافة هي قاعدة القواعد.