الصهيونية المقنّعة بالمسيحية في خدمة "مشاريع إسرائيل"

الصهيونية المقنّعة بالمسيحية في خدمة "مشاريع إسرائيل"
إعداد: الأب ميشال سبع
باحث واستاذ جامعي

مقدمة
انهت الولايات المتحدة الاميركية حرباً على العراق في خمسة عشر يوماً ودعت الشركات الاميركية وغير الاميركية الى استثمارات سريعة في حقول النفط من ناحية, والى مشاريع تعمير الطرق من جديد بعدما هدمتها من ناحية اخرى والثمن المدفوع هو من نفط العراق وحتى من آثاراته  بوش الإبن, الرئيس الاميركي ˜المؤمنŒ طلب من الجنود الاميركيين المحاربين في العراق ان يرفعوا الصلاة من اجله,لأنه يفعل ما يستطيع من أجل تحقيق ثلاثة اهداف كبرى واساسية له ولأميركا.
أولها, إن ضرب العراق وانهاء حكم صدام حسين وإبقاء القوات الأميركية فيه تعني وضع اليد على البترول العراقي, وكتحصيل حاصل البترول الخليجي بأكمله أي نصف احتياط ثروة العالم النفطية.
ثانيها, إنهاء حالة قيام اي نظام عربي او اسلامي يعادي اميركا وحليفتها بطبيعة الحال اسرائيل وينهي وبشكل تدريجي كل المنظمات المعادية والتي صنّفتها الولايات المتحدة على انها إرهابية, كما تعيد النظر في التركيبة السياسية الحاكمة خصوصاً في ما يختص بالانظمة الدينية محاولة حصر المرجعيات السنية والشيعية تحت هيمنتها ˜السنة في السعودية والشيعة في العراقŒ.
ثالثها, الوصول الى تحقيق القدر الاكبر من النبؤات التي يؤمن بها بوش ومجموعة كبيرة من الشعب الاميركي واليهودي حول العودة الثانية للمسيح والسيطرة على العالم لمدة الف عام, وذلك بتهيئة الارضية الصالحة لذلك, ومن اجل هذا تم تجييش آلاف المبشرين من القدريين والألفيين واصحاب الولادة الجديدة كي يكونوا جيش الخلاص الأول والأساسي لهذا الامر.
إن هذا الهدف الثالث والاخير انشأ ما سمّي إعادة إحياء الصهيونية المسيحية الجديدة, او بالحري تحريك ديناميتها بدفع سياسي وعسكري.
ونشرت جريدة ˜النهارŒ اللبنانية نصاً مترجماً عن ˜الكورييه إنترناسيونالŒ الإسبانية للكاتب أندريا ريكاردي جاء فيه أن الصراع في الغرب بات يكمن اليوم بين نوعين من المسيحية: مسيحية أميركية تؤمن ˜بالولادة الجديدةŒ ـ أو الولادة الثانية, باعتبار أن الأولى هي ولادة الجسد والثانية هي ولادة الروح ـ ويؤمن أتباعها بما يسمّونه مهمة بلادهم المقدّسة, والمسيحية الكاثوليكية التقليدية المتفقة مع الكنائس الأورثوذكسية والبروتستانتية حول مسألة السلام في العالم. وهذا يعني وجود تصوّرين إثنين للحرب والسلام في العالم المسيحي: الأول تقليدي يدعو الى المفاوضات والحوار لحلّ المشاكل بناءً على الرسالة البابوية ˜السلام على الأرضŒ, والآخر مسيحي ˜جديدŒ, أميركي خصوصاً, يعطي الأميركيين دوراً إلهياً كي ˜يفبركواŒ العالم كما يرون. ويرى الكاتب أن هذه ˜الصحوة الدينيةŒ في أميركا تقوم بالدعوة الى نوع من الإهتداء الشخصي من خلال مفهوم ˜الولادة الجديدةŒ حسب تعبير أحد أشهر المبشّرين التلفزيونيين ˜بيلي غراهامŒ. وهذا الصراع الدائر في المجتمع المسيحي العالمي حسب وجهة نظر الكاتب, يضع المسيحية التقليدية في وضعية المواجهة مع حالة دينية ناشئة في أميركا تتقنّع بالمسيحية ولها جذور وخلفية صهيونية.
والسؤال هو: على ماذا يعتمد هؤلاء ومن أين أتوا بجذور فكرهم؟


النبوءات
اعتمدت العناصر المهوّدة من المسيحيين على كمٍّ كبير من نبؤات العهدين القديم والجديد, من القديم اعتمدت كثيراً على أشعيا ومن الجديد اعتمدت على رؤيا يوحنا. وفي رؤيا يوحنا حديث عن ثلاث مرات ألف عام الاولى تقول:
˜ورأيت ملاكاً هابطاً من السماء بيده مفتاح الهاوية وسلسلة كبيرة فأمسك التنين الحية القديمة وهي ابليس والشيطان فأوثقه لألف سنة وألقاه في الهاوية ثم أقفل عليه وختم لئلا تضل الامم حتى تنقضي الف سنة...Œ. رؤيا 20/1­- 3Œ.
هذه الفترة هي حكماً الفترة التي سبقت ظهور المسيح وبالتالي فهي تضم التاريخ اليهودي حتى مجيء المسيح الناصري.


والتاريخ اليهودي كُتب فيه الكثير, ولكن المهم أنه لم يكتب قبل موسى وانما بعده, أي بعد الخروج من مصر, ورغم التشكيك الكبير بموسى وخروجه أصلاً من مصر فإن المتابعة للاحداث المكتوبة توضح النقاط التالية:
1 ­- ان مجريات العهد العتيق تكاد تكون أساطير ووقائع متداخلة ومتقاطعة بين أساطير مصر الفرعونية وبلاد آشور وبابل وبلاد الشام لدرجة يتساءل المرء فيها الى أيّ مدى تصبح أسطورة كلكامش نسخة عن سيرة نوح او العكس, وأخذ حمورابي وصاياه من الهه كنسخة عن موسى وبالعكس, وخروج ابراهيم من أور أم خروج موسى من مصر وبالعكس الخ... وتميل الكنيسة المسيحية على الأقل في كل اتجاهاتها الى اعتبار الكتاب المقدس بعهده العتيق كتاب تعليم لا كتاب تاريخ.


2 ­- ان العلاقة بين الإله اليهودي والشعب اليهودي هي علاقة مباشرة وهو في عهده معه قد وضع اسساً لعلاقة تبادلية مفادها ان الشعب اليهودي ارتضى ان يكون هذا الإله إلهاً واحداً لا شريك له, وارتضى ان يعمل كل ما يرضي هذا الإله ان كان في تقديم الأضاحي له او ترتيب البيت الذي يسكنه او التصرفات التي لا تغضبه, من ناحية أخرى, فإن هذا الإله قبِل أن يكون الشعب اليهودي شعبه المختار والخاص ولا يقدم احداً عليه, ويحارب عنه عند الاقتضاء ولسوف يجعله سيد العالم.


3 ­- ان كل ما يصيب الشعب اليهودي من مآسي وويلات واضطهادات إنما هو قصاص له لأنه لم يتبع وصايا إلهه, لكنه حتماً سينتصر في النهاية, ومن اجل تحقيق هذا النصر هناك علامات نبوية قال بها أشعيا خصوصاً ومن أهمها:
˜لا تخف فإني معك, وسآتي بنسلك من المشرق وأجمعك من المغرب وأقول للشمال هات وللجنوب لا تمنع /أشعيا 43/5- ­6Œ. لقد عانى اليهود من انقسام مملكة الشمال ومملكة الجنوب وسبوا الى بابل وذاقوا معنى الذل, لذا فإنهم يفهمون جيداً ما معنى ان يتوحدوا وما معنى قيمة هذه الوحدة لهم.
كما يقول في مكان آخر ˜فحينئذٍ تتنعم بالرب وأنا أركّبك على مشارف الارض ­ أشعيا 58/24Œ. هناك إذاً أمل حقيقي لليهود في أن يحكموا العالم ذات يوم.
مجيء المسيح الذي أتى في زمن الإحتلال الروماني لبلاد الشام, ووقوع فلسطين تحت هذا الاحتلال, جعل اليهود ينتظرون المخلص الموعود. ومن صفات هذا المخلص أنه سيرد الملك الى اسرائيل ويحقق حلمهم في السيطرة على العالم, لكن المشكلة تكمن في ان المسيح هذا تضارب كثيراً مع الانتظار اليهودي لدرجة استحالة التلاقي. فهو قد هاجم بقوة كل المسؤولين الدينيين عند اليهود, وفي هجومه على الفريسيين قال: ˜ايها الفريسيون انتم الآن تطهرون ظاهر الكأس والصحفة وباطنكم ممتلىء نهباً وخبثاً, أيها الأغبياء أليس الذي صنع الظاهر قد صنع الباطن ايضاً... الويل لكم ايها الفريسيون فإنكم تؤدون عُشر النعنع وسائر البقول وتهملون العدل ومحبة الله... الويل لكم ايها الفريسيون, فإنكم تحبون صدر المجلس في المجامع وتلقي التحيات في الساحات, الويل لكم, أنتم أشبه بالقبور التي لا علامة عليها, يمشي الناس عليها وهم لا يعلمون ˜لوقا 11/4144Œ.
كذلك هاجم علماء الشريعة اذ قال لهم: ˜الويل لكم انتم ايضاً يا علماء الشريعة فإنكم تحملون الناس احمالاً ثقيلة وأنتم لا تمسّون هذه الاحمال باحدى أصابعكم. الويل لكم فإنكم تبنون قبور الأنبياء وآباؤكم هم الذين قتلوهم...
الويل لكم يا علماء الشريعة قد استوليتم على مفتاح المعرفة فلم تدخلوا انتم, والذين أرادوا الدخول منعتوهم. ˜لوقا 11/45­- 51Œ.


كذلك خالف عدة مرات راحة السبت, وراحة السبت مقدّسة عند اليهود لا يقومون خلالها بأي عمل, فشفى المرضى وأكل سنابل القمح. وهذا النوع من الأكل يعني الفرك باليد, وهو عمل مخالف للسبت. واعتبر ان اعداء اليهود أفضل منهم ما داموا يعملون فعل الرحمة كما هو الامر في مثل السامري الرحيم الذي قام به إنسان مع عدوّه فساعده على النهوض من محنته, بعكس أقرباء له في الملّة والدين, لم يلتفتوا إليه. وهذا السامري هو عدو لليهود في حين أن الأقرباء هم من اليهود. كما أنه أعلن ان ملكوت الله سيُنزع من اليهود ويُعطى للآخرين لأنهم شغفوا في أمور الحياة عن أمور الروح كما في مثل الدعوة للعشار حيث قبل المسيح أن يتعشى عند عشار وهو متعامل مع العدو وسارق للشعب. ˜لوقا 24/15­22Œ. كذلك كان يلتقي مع الخطأة مما يعني أنه لا يقوم بفعل الإصطفاء اليهودي. ˜لوقا 15/1- ­6Œ, لا بل لقد فضّل الخاطىء على الغريب كما في مثل الفريسي والعشار, حيث اعتبر الفريسي أي الكاهن اليهودي, نفسه قريباً لله في حين اعتبر العشار الخاطئ أنه محتاج الى ˜غفران الله لخطاياه. ˜لوقا 18/1­- 15Œ. لذلك قرر الإكليروس اليهودي قتل هذا المسيح لأنه يُفسد الناس بأمرين: الأول لأنه يجعلهم يصدقون بأنه المسيح المنتظر فيخرّب كل الانتظار اليهودي. والأمر الثاني أنه يؤلب الناس عليهم ويجعلهم يثورون على التعاليم الناموسية. لذا ˜عقد عظماء الكهنة والفريسيون مجلساً وقالوا: ماذا نعمل؟ فإن هذا الرجل يأتي بآيات كثيرة فإذا تركناه وشأنه آمنوا به جميعاً فيأتي الرومانيون فيدمرون حرمنا وأمتنا... فعزموا منذ ذلك اليوم على قتله. ˜يوحنا
 11/47- ­ 54Œ.
بقتل المسيح اعتبر اليهود ان الانتظار استمر وان المسيح الحقيقي لم يأتِ بعد. لذا عندما ضرب طيطس هيكلهم عام 70م. اعتبروا ان إلههم يهوَه يقاصصهم كما تعوّد ان يفعل عبر تاريخهم الطويل.
الرومان لم يعتبروا ان المسيحية مختلفة عن اليهودية بل اعتبروها احدى فرقها المنشقة, وقد ظل الأمر هكذا حتى قيام مرسوم ميلانو مع قسطنطين الملك في بداية القرن الرابع الميلادي حيث انتهى الإضطهاد الروماني للمسيحيين.
بعد الانفراج المسيحي وحرية ممارسة المعتقد بدأت الامور تتوضح اكثر في إظهار هوية المسيحيين واعتبارهم مميزين عن اليهود, لا بل صــــار همّ المسيحيين هو تبشير اليهود بالمسيح واقناعهم بأنه هو الذي كانوا ينتظرونه, وقد كان انجيل متى مكتوباً تحديداً لهذه الغاية.
كما تنبّه المسيحيون اكثر الى ان رؤيا يوحنا, وهي كتاب فيه تصوّرات للإنجيلي يوحنا عن رموز للكنيسة الأولى وما يمكن أن يكون بعدها, انما كانت رموزاً للغة الإيحاء ولأن التصريح لم يكن ممكناً في ظل الاضطهادات, وقد تميزوا بوضوح مقولة عن نيرون الإمبراطور الروماني الذي أحرق روما واتهمهم بها فكان عنواناً لتقديمهم طعاماً للحيوانات ومهرجاناً للقتل, وقد جاء في رؤيا يوحنا ˜ان صورة الوحش تكلمت وجعلت جميع الذين لا يسجدون لصورة الوحش يُقتلون... هذه ساعة الحذاقة فمن كان ذكياً فليحسب اسم الوحش, انه عدد اسم انسان وعدده 666 -­ رؤيا يوحنا 13/15­- 18Œ وعندما قام المسيحيون بفك رموز العدد اتضح لهم أنه يعني نيرون قيصر.
هذا المفتاح الرؤيوي كان له تأثير كبير اذ صارت كل رؤيا يوحنا مجالاً كبيراً للتأويل خصوصاً عندما صار الكتاب المقدس مطبوعاً وبين ايدي كافة المؤمنين.
إعتبر المسيحيون أنهم سوف يعيشون ألف سنة مع المسيح هم وموتاهم تحقيقاً لنبوءة يوحنا التي تقول: ˜ورأيت نفوس الذين ضربت اعناقهم من أجل شهادة يسوع وكلمة الله والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته ولم يتلقوا السمة على جباههم ولا على ايديهم قد عادوا الى الحياة وملكوا مع المسيح الف سنة ­ رؤيا 20/4Œ.
لذا عندما بدأت السنوات تتسارع في القرن التاسع ودخولها القرن العاشر بدأ العد العكسي للنبوءة الثالثة والتي تقول: ˜اما سائر الأموات فلم يعودوا الى الحياة قبل انقضاء ألف سنة, هذه هي القيامة الأولى, سعيد وقديس من كان له نصيب في القيامة الاولى فعلى هؤلاء ليس للموت الثاني من سلطان بل يكونون كهنة الله والمسيح ويملكون معه ألف سنة. ˜رؤيا 20/5­6Œ.
المفهوم من القيامة الاولى هذه أنها لسائر الأموات الذين ماتوا طبيعياً من دون اضطهاد ولا ماتوا قسراً, وهؤلاء لن يموتوا من بعد أو بالحري فإنهم سيعيشون على الأقل ألف سنة, لذا فإن الموت قبل الألفية الاولى كان يعني بعثاً لألف سنة اخرى, ولكن الواقع التاريخي لكنيسة المسيحيين كان محزناً ولم يكن على ما بدا في التاريخ أنه حقاً مستعد للملك مع المسيح بحسب رؤيا يوحنا.

الإنتظار الألفي واقع
تسلطت على الكرسي الباباوي امرأة تدعى تيودورة مع ابنتيها تيودورة الصغرى وماروزي, مدة ثلاثين عاماً, وقد اطلق الكاردينال بارونيوس لقب العهد الإباحي على هذه الفترة.
الباباوات الذين خضعوا لهذا التأثير هم: سرجيوس الثالث (904 - ­900), انستاسيوس الثالث
 (900 -­ 913), لاندون (913 - ­914), يوحنا العاشر (914- ­928), لاون السادس (928), اسطفان السابع (928- ­931), يوحنا الحادي عشر (931- ­935), وهو ابن البابا سرجيوس الثالث غير الشرعي من ماروزي, والذي قضى على أمه.
ورغم أن الكنيسة حققت بعض الانتصارات التبشيرية حيث بشرت روسيا وهنغاريا, الا ان الناس كانوا يتندّرون بالمواقف المخزية التي كان يعيشها المجتمع الإكليركي.
لذلك كان في اللاوعي عند المؤمنين ان نهاية العالم اقتربت باعتبار ان الشر صار مطبقاً, لذا كان لا بد من خلاص, واعتبروه آتٍ مع المسيح, خصوصاً وان المدّ الإسلامي صار يخيفهم لأنه صوّر لهم بأنه سوف يسحق كنيسة المسيح ليقيم مكانها مملكة الإسلام, فآمنوا أن مسيحهم لا بد وأن يأتي للإنقاذ.
لقد مضى العام 1000 كغيره ولم تكن الايام اللاحقة بأفضل بالنسبة للكرسي الباباوي إذ تفاقم الوضع السياسي وصراع الدول والتدخل في الكنيسة التي صارت سياسية بامتياز وهذا ما جعل البابوات يفكرون بإيقاف المدّ الجهادي الإسلامي ووضع اليد على الاراضي المقدسة إضافة الى ان الصراعات بين الامراء في أوروبا كانت تقضي على خيرة شبانها, لذا كانت فكرة الحروب الصليبية.
ولقد بدأت اولاً مع البابا أوربانوس الثاني عام 1096, لكنها لم تصل الى مرادها, فأتبعها البابا أوجانيوس الثالث بحملة ثانية عام 1147, لكن تصاعد القوة الاسلامية لم يجعلها تشعر كثيراً بالنجاح. وما لبث ان قام صلاح الدين باستعادة بيت المقدس عام 1186 مما جعل البابا إكليمنضوس الثالث يرسل حملة صليبية ثالثة كانت نتيجتها غرق فريدريك بربروس.
عام 1202 جهّز البابا إينوشيوس الثالث حملة صليبية رابعة, لكنها عوضاً عن ان تسير نحو القدس, سارت نحو القسطنطينية وعملت فيها نهباً وتدميراً واعتبرتها ˜الخاطئة كثيراًŒ وحكمتها لمدة اربعين عاماً. وقد كان لهذا تأثير كبير في ما بعد على القطيعة بين الكنيسة الأورثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية.
وحاول البعض الإيحاء ان يسوع الطفل يريد أطفالاً لبيته فسارت حملة من الاطفال للذهاب الى القدس عام 1212, لكن ربابنة السفن باعوهم كعبيد في الجزر. وعام 1217 ارسل البابا اينوشيوس حملة صليبية خامسة اتجهت صوب مصر وحاولت البقاء على شواطئها, لكنها عادت فاشلة بعد أربع سنوات.
الحملة الصليبية السادسة كانت عام 1226 في عهد ولاية البابا هونوريوس الثالث الذي مات بعد سنة من ذلك وتسلم مكانه البابا غريغوريوس التاسع الذي نظّم محاكم التفتيش وعهد بها الى الرهابنة الدومينيكان.
بعد فشل الحملة السادسة التي استمرت ثلاث سنوات كادت الباباوية ان تنسى أمر الحروب الصليبية, لكن فراغ الكرسي الرسولي من الباباوية لمدة ثلاث سنوات لعدم الاتفاق على انتخاب بابا, جعل الكرادلة يغطون فشلهم في تجهيز حملة صليبية سابعة عام 1270, ففشلت فشلاً ذريعاً وانتهت معها أحلام القوة العسكرية لاستعادة الاراضي المقدسة. وقد انتظر الكرسي الرسولي حوالي مئتي عاماً ليرسل البابا كاليتوس الثالث حملة صغيرة لم يجد من يتبرع له بتكاليفها فغذّاها من أملاك الكرسي الرسولي ومن ماله الخاص ولم تكن أفضل من كل سابقاتها.
والواقع أن الأوضاع المتردية والصراعات بين الأمراء الأوروبيين وتصاعد القوة الاسلامية جعل البعض يفكر في التحالف مع المسلمين ضد الباباوية, والبعض الآخر يفكّر بالثورة على تلك الأوضاع برمّتها, وقد أتى القرن السادس عشر ليؤزم الأمور الى أقصاها.
فعندما تسلّم البابا لاون العاشر السدة الباباوية عام 1513 (واسمه المدني جان دي مديتشي) كان عمره 37 عاماً وكان قد ارتسم كاردينالاً بعمر 13 عاماً, وكان واضحاً أنه من الباباوات البعيدين عن خدمة المسيح, خصوصاً وأنه من طبقة الاغنياء الذين يعيشون في ترف شراء المراكز وكل ما يريدون. وكان قبل وصوله الى سدة البابوية خاض حرباً ضد الجيش الفرنسي عام 1512 فوقع اسيراً, لكن سرعان ما عاد بقوة بعد خسارة فرنسا وفاوض لويس الثاني عشر الذي اعترف بمجمع لاتران الذي اعترضت فيه أوروبا سلطة البابا. بعد ذلك راح يعين أقرباءه في مناصب سياسية ودينية, فعيّن ابن عمه جيليو رئيساً لأساقفة فلورنسا بعدما أعطاه رتبة الكاردينالية, كما جعل ابن عم ثان له هو ليوجي دياروسي كاردينالاً وابن عمه الثالث اينوشيوس سيبو كاردينالاً ايضاً.


بعد ذلك عمل على تقريب فرنسا من انكلترا فدفع لويس الثاني عشر الى الزواج من ماري تيدور أخت هنري الثامن.
عام 1517 حاول احد الكرادلة دس السم للبابا مشتركاً مع كرادلة آخرين, فقام البابا بإعدام الأول ومسامحة الآخرين, لكنه في الوقت نفسه اكتشف ان الكرادلة الاربعة وعشرين ليسوا محل ثقة, لذا قام بتعيين 31 كاردينالاً آخرين بعضهم من اقاربه وبعضهم الآخر من أصحاب المال والنفوذ السياسي.
ولقد انتصر في مجمع لاتران حيث استطاع ان يجعل المجمع يقرّ بأن البابا أحقّ من المجمع وأنه يتقدم عليه كما استطاع ان يجعل ملك فرنسا يقرّ بأن البابا هو رأس الملكية الجامعة, في حين يقرّ البابا للملك الفرنسي بأنه ممثل شرعي للكنيسة الفرنسية.
وبما ان حياة هذا البابا لا تمت بصلة الى المسيح يسوع فقد كان له (638) خادماً, ابتداءً من الأساقفة المرشدين الى حراس الفيلة الى الموسيقيين الى المهرجين. وهذا ما كان يكلف بحدود المليون فرنك في ذلك الوقت. لذا عمل على بيع الوظائف (2200 وظيفة) كما راح يبيع صكوك الغفران. والجدير بالذكر أنه كان مغرماً بالصيد والموسيقى, وقد شجع المسرح الهجائي الذي كان يضحكه, ودفع مبلغاً كبيراً الى ميكافيلي لقاء تقريره عن إصلاح فلورنسا كما دفع اكثر للرسام الشهير رفائيل ليخلّده في رسوماته0
في عهد هذا البابا قام لوثير بانشقاقه عن الكنيسة فراح البابا يؤلب عليه ملوك اوروبا بعدما حماه بعض الامراء الالمان, لذا فقد أعطى البابا الملك هنري الثامن لقب المدافع عن الايمان لأنه وضع كتاباً ضد لوثير.
بعد موته اخذ مكانه ادريانوس السادس (1522- ­1523) وهو امين سر الملك هنري الثامن ملك انكلترا وهولندي الأصل, وقد عمل على نفي لوثير من كل اوروبا لكنه سرعان ما مات بعد سنة واحدة واخذ مكانه اكليمنضوس السابع (1523- ­1534) بعد مخاض عسير وخلافات حادة بين الكرادلة استمرت لمدة خمسين يوماً. وهذا البابا هو ابن عم لاون العاشر المعيَّن على فلورنسا والذي هو اساساً ابن غير شرعي, وقد راح منذ بدء ولايته يعمل على محاربة لوثير.
وفي عهده طلب الملك هنري الثامن (1491- ­1547) حامل لقب المدافع عن الإيمان, الطلاق من زوجته التي هي زوجة أخيه المتوفي وتدعى كاترين أراغون وكانت انجبت له بنتاً واحدة هي ماري بينما كان يرغب بذكر يرثه, لكن البابا رفض طلبه مما جعله ينشق عن الكنيسة الكاثوليكية مؤسساً الكنيسة الانغليكانية والتي يرى البعض فيها ايضاً بعداً اقتصادياً لأن الضريبة التي كانت تدفع لروما صارت تدفع له.
بعد وفاته استلم الحبرية يوسف الثالث (1534- ­1549) المعروف بأن له اولادآً غير شرعيين, ورسم احفاده كرادلة في اعمار 16,15,14 عاماً كما عيّن ابنه بياترو قائداً للحرس الباباوي وهذا ما ولّد اتفاقاً ضمنياً بين حكام المانيا اللوثريين وهنري الثامن فراح ينكّل بالكرادلة وأعدم والدة احدهم رغم أنها كانت في الثمانين من عمرها. في هذا الوقت نشأت الرهبانية اليسوعية بشخص احد المحاربين الصليبيين القدامى وهو اغناطيوس دي لوايّولا عام 1538. ولمّا وضع نفسه ورفاقه في خدمة البابا ثبتهم البابا تحت اسم جمعية يسوع او الآباء اليسوعيين عام 1540 0
دور آخر قام به هذا البابا هو تكليف ميكال انج بتشييد كنيسة وساحة القديس بطرس.
ومما جعله يموت مرتاحاً ان عدواه لوثير مات قبله (1546) وهنري الثامن لحق به (1547) أما هو فلم يرحل قبل عام 1549.
والواضح أن المهم في هذه الحقبة هو تسليط الضوء على لوثير.

المصلحون والتطهيريون
ولد لوثير في المانيا (1483­1546) من عائلة عمالية فقيرة وكانت أمه قديسة ذات شخصية قوية مميزة تعرف ان تقول لا عند الضرورة. درس في المدرسة اللاتينية وحصل على رتبة استاذ في الفلسفة عام 1505 من جامعة Erefurt وخالف رأي والده الذي كان يريده رجل قانون, فانخرط مع كهنة الجامعة ليرشح كاهناً عام 1507, ثم حصل على الدكتوراه في اللاهوت عام 1510. وعندما اخذ البابا لاون العاشر صكوك الغفران عام 1514 رفضها لوثر واعتبرها مسيئة لمبدأ الغفران, ومن ثم راح في جدل مع الاساقفة وعلق على باب الكنيسة في دنبرغ ما اراد قوله, فحرمه البابا عام 1520.
أصدر لوثير مؤلفاته الثلاثة التي يعلن فيها انشاء كنيسته واختلف فيها مع التعليم الكاثوليكي في ما يختص بالعماد والافخارستية واعتبر ان الانسان المسيحي هو سيد حر في كل الاشياء وليس مستعبداً لأحد من الناس وأنه جدير بإيمانه ان ينال النعمة ويفهم الكتاب, ولقد قام بترجمة الكتاب المقدس الى الالمانية بعدما كان حكراً على اللاتينية.
وقد ترجم الإنجيل في أول الامر ثم أتبعه بالعهد القديم عام 1534 وبعدها بدأ بتأسيس كنيسته وراح يضم اليها خصوصاً الفلاحين الذين ساعدهم في ثورتهم عام 1525 وتزوج اثناءها من راهبة بعدما تركت الدير وهي كاترين دي بورا.
احد تلامذة لوثير وهو القس ˜توماس مونزرŒ انخرط مع الفلاحين الثائرين وكتب لهم دستور ثورتهم وفيه أن حريتهم تبدأ من معموديتهم, إذ أنه في المفهوم المسيحي تعمل المعمودية على تحرير الإنسان من الخطيئة الأولى. لذا اعتبر ان معمودية الأطفال لا تكفل هذه الحرية ودعا الى المعمودية الراشدة او الى معمودية ثانية او (تجديد المعمودية) اضافة الى رفض البورجوازية والإقطاعية في الكنيسة وهذا ما دعا ˜انجلزŒ في ما بعد الى ان يقول عنه إنه نبي الثورة, لان ملكوت الله لم يكن في نظره الا مجتمعاً لا فوارق طبقية فيه.
هذه التحررية واكبتها حرية القراءة في الكتاب المقدس خصوصاً بعد ترجمته للالمانية, وكون الفلاحين ذوي ثقافة محدودة فقد راحوا يهتمون بالشخصيات والقصص التي فيه ويرون فيها ابطالاً قوميين.
وهذا ما حدث ايضاً في انكلترا حيث أن ترجمة الكتاب المقدس بأمر من هنري الثامن عام 1538 جعلت الشعب الانكليزي يقرأ التاريخ اليهودي, وصار يعتبره جزءاً أساسياً من ثقافته المدرسية, حيث اعتبر الانكليز أن البلاد التي تحدّث عنها الكتاب المقدّس تعنيهم لأنهم دولة استعمارية وكلّ بلد آخر مباح لهم.
لقد لعبت الترجمة دوراً أساسياً في تغيير الخريطة اليهودية في أوروبا. فاليهود الذين كانوا مكروهين من أمراء أوروبا, خصوصاً في عهد الحروب الصليبية, حيث تأججت الاحقاد ضدهم باعتبارهم قتلة المسيح من ناحية, ولأنهم أصحاب الأموال التي يجنونها من الحرب او السرقة لأصحاب الحاجة كما اطلق عليهم من جهة. وراحت الدول الاوروبية تطردهم, فطردوا من انكلترا في القرن الثالث عشر, ومن فرنسا في القرن الرابع عشر, ومن اسبانيا في القرن الخامس عشر. وهذا الطرد لم يكن يخلو من عمليات قتل وسرقة أموالهم. لكن هذا كله تغيّر وصار الشعب في انكلترا والمانيا يرى ان اليهود هم شعب الله المختار وان فلسطين هي أرضهم, وهذا ما دعاهم الى إعادة النظر في عودة اليهود الى ديارهم. وعندما عادوا, وجدت انكلترا انها تستطيع ان تستفيد من إدارتهم للاموال ومهارتهم في التجارة, وهذا ما جعل اليهود يعملون بسرعة لجعل اللغة العبرية لغة أساسية في التعامل, عاملين على خطين: الأول انهم تجار يمررون لغتهم العبرية الى جانب اللغات الاوروبية, والثانية انها لغة العهد القديم وضرورة فهم هذا العهد يجب ان يتم بفهم لغته.
ولقد أدى نشر اللغة العبرية الى اعتمادها كلغة ثقافية وبالتالي صار الجامعيون يخلطون بين كلمة اسرائيل التوراتية وبين يهود العالم وصاروا يعتبرون أن تفسير التلمود يعني استعادة فلسطين, وان نهاية العالم وعودة المسيح الثانية لا يمكن ان تتم إلا بعودة اليهود الى أرضهم الموعودة فلسطين.
ولقد تأثر بهذه المقولات عدد من الفلاسفة أمثال باسكالPascal وكانت Kant وعلماء امثال إسحق نيوتن (الذي توقع تدخل قوة ارضية نيابة عن اليهود للتأثير على عودتهم الى فلسطين) وأدباء أمثال روسو الذي اشار الى دولة اليهود الحرة في فلسطين. هذا التأثير في الاجــواء الفرنسية انعكس علـــى الدولة الفرنسية ذاتها فطرحــــت لأول مــرة خطة لإقامـــــة كومنولث يهودي في فلسطين مقابل القروض اليهودية للحكومة الفرنسية وتمويل حملة بونابرت لاحتلال المشرق. وحتى أن نابليون الذي قال للمسلمين في مصر أنه مسلم من أجل استمالتهم, هو ايضاً وعد اليهود باستعادة دولتهم في فلسطين اذا احتلها بجيوشه. لكن كما هو معروف فقد تراجع عن ابواب عكا وعجز عن احتلال فلسطين.
اما انكلترا فقد شهدت حماساً كبيراً لهذا الموضوع. فاللورد بالمرستون Palmarston الذي كان وزيراً للخارجية البريطانية ورئيساً لوزرائها في ما بعد, اعتقد ان بعث الأمة اليهودية يمكن ان تنتج عنه فائدة لبريطانيا. وقد كتب الى سفيره في الآستانة يقول: ˜انني اطلب منكم بقوة ان تقنعوا الحكومة العثمانية بتقديم كل التشجيع اللازم ليهود أوروبا للعودة الى فلسطينŒ.

اما اللورد آشلي Ashly فقد اعتبر ان التنقيب عن آثار فلسطين دلالة على صدق وصحة الكتاب المقدس. وبلغ التعاطف أشده مع بعض الكهنة الانغليكان. فالقس كرايباك Crybbac كان رئيساً للبرلمان الانكليزي وقد طلب ان تؤمن انكلترا لليهود ˜كل فلسطين من الفرات الى النيل ومن البحر الأبيض المتوسط الى الصحراءŒ.
هذه كلها تزامنت مع الحديث عن العودة الثانية للمسيح بحسب رؤيا يوحنا التي فسرها البعض بأنها لن تحدث قبل اعادة الملك الى اسرائيل في فلسطين, ومن هؤلاء القس هشلرHishler الذي أوفدته الحكومة الانكليزية عام 1882 لإقناع السلطان عبد الحميد بمسألة توطين اليهود. وكان مقتنعاً ان اعادة اليهود الى فلسطين وفقاً للنبوءات هي ضرورة, لأن المسيح لا يمكن ان يأتي ثانية ليحكم كملك الملوك لمدة ألف عام ˜إلا بقيام دولة اسرائيلŒ. وأدى هذا الاعتقاد الى قيام حركة سمّيت بحركة الألفيينMillenanian ربطت قيام الكيان الصهيوني بعودة المسيح والقيامة السعيدة, أي أنها ربطت المسيحية العقائدية بمشروع إسرائيل السياسي.
ولقد نجح هذا المشروع اذ استطاعت هذه الحركة التأثير على اللورد بلفورBalfoor الذي قدم لهم الوعد في2/11/1917.
وبحسب مؤرخة حياة اللورد وهي السيدة دوغاديل Doggadil فقد تأثر اللورد منذ صغره بالتوراة وبضرورة قيام دولة اليهود تهيئة للألفية المسيحية المنتظرة. وقد بلغ التأثير فيه حداً وجد فيه نفسه أنه صهيوني ما دام يريد تحقيق التنبؤات.
ولعل وجود لويد جورج على رأس الحكومة البريطانية وهو يتشابه مع بلفور في ميوله ساعد على اخراج إرادة اليهود فعلاً تاريخياً.

الولادة الثانية في أميركا الجديدة
 بسبب غياب تعاليم دينية مركزية وخصوصاً في شرح الكتاب المقدس للعهد القديم, انتشرت مجموعات صغيرة تفسّر هذا الكتاب بحسب مقتضيات الثقافة لديها وتأثير بعض الافراد ذوي النفوذ الثقافي او المالي او السياسي, ومن هذه المجموعات مجموعة التطهيرية Puritanisme وهي مجموعة ثورية دعت الى حرية الأشخاص في البحث الكتابي ودعت الى عدم طاعة الأسقف ولا حتى الملك, واعتبرت ان العيش الحر في العهد القديم الذي أتى العهد الجديد ليثبته هو كافٍ لحياة مؤمنة. وكان اتباعها صارمين في تقاليد الكتاب ومنها ضرورة تطهير الأوعية وتطهير الأيدي والجسم قبل الصلاة والأكل, والابتعاد عمّا هو نجس بموجب تعاليم الكتاب, ولقد وقفوا ضد الملك جاك الأول ويمكن اعتبار عام 1564 عام ظهورهم بشكل علني.
انتشر التطهيريون في هولندا وإيرلندا وكانوا من الاوائل الذين ذهبوا الى استيطان العالم الجديد معتبرين ان هذه هي الارض الموعودة, لذا اطلقوا عليها اسم كنعان الجديدة وراحوا يسمون المستوطنات بأسماء كتابية مثل حيرون وسالم ˜شالومŒ كما فرضوا تعليم العبرية منذ اول وصولهم بغية خلق اجواء تتناسب مع الارض والوعد, كذلك ترجموا أول كتاب استعمل ككتاب يومي للمهاجرين وهو المزامير.
وعندما تأسست جامعة هارفارد عام 1636 كانت العبرية من الموضوعات الإلزامية فيها وكانت أول أطروحة دكتوراه صدرت منها تحمل عنوان ˜العبرية هي اللسان الأمŒ, وبلغت الحالة العاطفية عند المهاجرين الأُول ذروتها عندما اعتبروا انفسهم اولاد اسرائيل الباحثين عن طريق الارض الموعودة كما اتخذوا يوم السبت كيوم راحة.
ان حياة المهاجرين الجدد كانت موحشة وهم في صراع مستمر مع اصحاب الارض الأصليين الذين اطلقوا عليهم اسم ˜الهنود الحمرŒ, اما الطقس فقد كان بمجمله حاراً ويخالف تماماً ما هو في انكلترا, والشمس على الدوام مشرقة محرقه, والرمال والصخور في كل مكان, لذا وجدوا انفسهم وكأنهم الشعب المختار فـــي أرض غربة ينتظر الوصول لأرض تفيض لبناً وعسلاً, ومن اجل هذا صارت المزامير الكتابية كتعبير عن حالهم يترنمون بها ويحفظونها غيباً.
ففي مزمور 18: ˜الرب صخرتي وحصني ومنقذي, إلهي الصخر به أعتصم, ترسي وقوة خلاصي وملجأي, أدعو الرب سبحانه فأنجو من اعدائيŒ. أوليس هذا الكلام صالح تماماً لمهاجر في الارض الأميركية الغريبة القاحلة؟
وجاء في مكان آخر من المزمور عينه: ˜يجعل كالأيل رجليّ وعلى المشارف يقيمني, يعلّم يدي القتال وذراعي شدّ قوس النحاس. ترس خلاصك تعطيني, وعينك تعضدني وعلى الدوام تستجيب لي, توسع خطواتي تحتي ولم تتزعزع قدماي, أطارد اعدائي فأدركهم ولا أعود حتى أفنيهم, أضربهم فلا يستطيعون النهوض وتحت قدمي يسقطون, يصرخون ولا منقذ لهم, يصرخون الى الرب ولا يستجيب لهم, كالغبار في مهب الريح أسحقهم, من مخاصمات الشعب تنجيني ورأساً على الامم تقيمني, شعب لم اعرفه يخدمني. بنو الغرباء يتملقون لي, حالما يسمعونني يطيعونني, بنو الغرباء يخورون, ومن حصونهم مرتعدين يخرجونŒ.
لقد اعطاهم الكتاب تبريرات لما يفعلون, وراحة ضمير في اجتياحهم الارض وقتلهم اهلها ما داموا يصنعون ملكوت الله برأيهم.
لقد صار المستوطنون التطهيريون النموذج الروحي للعهد القديم العبري وآمن بعضهم بأن الهنود الحمر في أميركا هم القبائل الاسرائيلية العشر المفقودة, وبذلوا جهداً ووقتاً كبيرين في نشر هذه الاسطورة, وقاموا بمحاولات فاشلة لتذكير الهنود الحمر بماضيهم التليد, وصار ذلك يعني لهم الانتظار الملكوتي. لذلك اندفع بعضهم الى زيارة حج للأراضي المقدسة في فلسطين كي يعززوا مخيلاتهم بأرض التاريخ, خصوصاً وان طوائف منهم شعرت بأنها نسخة عن الشعب اليهودي التائه في الصحراء عندما تاهت هي في صحراء اميركا, ولما استقرت في ولاية ˜يوتاŒ غيّرت اسم نهر كولورادو لتدعوه نهر باشان المذكور في العهد القديم.
هذا التهوّد المسيحي صار يقارب تحقيق رغبات اليهود انفسهم, وقام القس وليام بلاكستون Blackston بزيارة فلسطين مع ابنته عام 1888. وكان نشر قبل ذلك بعشر سنوات كتاباً يحمل عنوان عيسى قادم Jesus is coming ترجم الى 48 لغة وبيع منه مليون نسخة. وقد رسخت الزيارة مقولاته حول عودة المسيح المنتظر الذي لا بد ان تسبق عودته قيام اسرائيل الموعودة. لذا عاد ليطالب بهجرة اليهود الى فلسطين لحل المسألة اليهودية الروسية, لأن فلسطين هي ˜أرض بلا شعب لشعب بلا أرضŒ, ومن ثم نظّم عريضة مع كبار السياسيين والأغنياء لتطبيق مطلبه. ووصل بعض دعاة هذه النظرة الى سدة الحكم في اميركا وأولهم الرئيس ولسون (وهو ابن قس), وقد أيّد في خطابه عام 1918 قيام الدولة اليهودية.
امام هذا المدّ الأصولي المسيحي كانت الكاثوليكية تنتشر ايضاً في البلاد الاميركية ولكنها ظلت الأضعف حتى القرن الثامن عشر حيث صارت تهدد السيطرة الانجيلية, لذا قررت الاكثرية إدخال مبدأ فصل الدين عن الدولة في نهاية القرن الثامن عشر. لكن هذا الفصل لم يكن واقعياً بل نظرياً اذ ان فصل الدين عن الدولة لم يعنِ فصل الدين عن السياسة, ولعبت المؤسسات الدينية دوراً سياسياً مهماً من خلال ان حياة المهاجرين الجدد كانت موحشة وهم في صراع مستمر مع اصحاب الارض الأصليين الذين اطلقوا عليهم اسم ˜الهنود الحمرŒ, اما الطقس فقد كان بمجمله حاراً ويخالف تماماً ما هو في انكلترا, والشمس على الدوام مشرقة محرقه, والرمال والصخور في كل مكان, لذا وجدوا انفسهم وكأنهم الشعب المختار فـــي أرض غربة ينتظر الوصول لأرض تفيض لبناً وعسلاً, ومن اجل هذا صارت المزامير الكتابية كتعبير عن حالهم يترنمون بها ويحفظونها غيباً.


ففي مزمور 18: ˜الرب صخرتي وحصني ومنقذي, إلهي الصخر به أعتصم, ترسي وقوة خلاصي وملجأي, أدعو الرب سبحانه فأنجو من اعدائيŒ. أوليس هذا الكلام صالح تماماً لمهاجر في الارض الأميركية الغريبة القاحلة؟
وجاء في مكان آخر من المزمور عينه: ˜يجعل كالأيل رجليّ وعلى المشارف يقيمني, يعلّم يدي القتال وذراعي شدّ قوس النحاس. ترس خلاصك تعطيني, وعينك تعضدني وعلى الدوام تستجيب لي, توسع خطواتي تحتي ولم تتزعزع قدماي, أطارد اعدائي فأدركهم ولا أعود حتى أفنيهم, أضربهم فلا يستطيعون النهوض وتحت قدمي يسقطون, يصرخون ولا منقذ لهم, يصرخون الى الرب ولا يستجيب لهم, كالغبار في مهب الريح أسحقهم, من مخاصمات الشعب تنجيني ورأساً على الامم تقيمني, شعب لم اعرفه يخدمني. بنو الغرباء يتملقون لي, حالما يسمعونني يطيعونني, بنو الغرباء يخورون, ومن حصونهم مرتعدين يخرجونŒ.
لقد اعطاهم الكتاب تبريرات لما يفعلون, وراحة ضمير في اجتياحهم الارض وقتلهم اهلها ما داموا يصنعون ملكوت الله برأيهم.
لقد صار المستوطنون التطهيريون النموذج الروحي للعهد القديم العبري وآمن بعضهم بأن الهنود الحمر في أميركا هم القبائل الاسرائيلية العشر المفقودة, وبذلوا جهداً ووقتاً كبيرين في نشر هذه الاسطورة, وقاموا بمحاولات فاشلة لتذكير الهنود الحمر بماضيهم التليد, وصار ذلك يعني لهم الانتظار الملكوتي. لذلك اندفع بعضهم الى زيارة حج للأراضي المقدسة في فلسطين كي يعززوا مخيلاتهم بأرض التاريخ, خصوصاً وان طوائف منهم شعرت بأنها نسخة عن الشعب اليهودي التائه في الصحراء عندما تاهت هي في صحراء اميركا, ولما استقرت في ولاية ˜يوتاŒ غيّرت اسم نهر كولورادو لتدعوه نهر باشان المذكور في العهد القديم.
هذا التهوّد المسيحي صار يقارب تحقيق رغبات اليهود انفسهم, وقام القس وليام بلاكستون Blackston بزيارة فلسطين مع ابنته عام 1888. وكان نشر قبل ذلك بعشر سنوات كتاباً يحمل عنوان عيسى قادم Jesus is coming ترجم الى 48 لغة وبيع منه مليون نسخة. وقد رسخت الزيارة مقولاته حول عودة المسيح المنتظر الذي لا بد ان تسبق عودته قيام اسرائيل الموعودة. لذا عاد ليطالب بهجرة اليهود الى فلسطين لحل المسألة اليهودية الروسية, لأن فلسطين هي ˜أرض بلا شعب لشعب بلا أرضŒ, ومن ثم نظّم عريضة مع كبار السياسيين والأغنياء لتطبيق مطلبه. ووصل بعض دعاة هذه النظرة الى سدة الحكم في اميركا وأولهم الرئيس ولسون (وهو ابن قس), وقد أيّد في خطابه عام 1918 قيام الدولة اليهودية.
امام هذا المدّ الأصولي المسيحي كانت الكاثوليكية تنتشر ايضاً في البلاد الاميركية ولكنها ظلت الأضعف حتى القرن الثامن عشر حيث صارت تهدد السيطرة الانجيلية, لذا قررت الاكثرية إدخال مبدأ فصل الدين عن الدولة في نهاية القرن الثامن عشر. لكن هذا الفصل لم يكن واقعياً بل نظرياً اذ ان فصل الدين عن الدولة لم يعنِ فصل الدين عن السياسة, ولعبت المؤسسات الدينية دوراً سياسياً مهماً من خلال الشخصيات السياسية والمالية وأثرت على الحياة السياسية من خلال القوة الإعلامية الضخمة التي تملكها, والتي جعلت الناس يتجاوبون معها مشاهدة او اعلاناً او تبرعاً. وقد رصد البعض حوالي 140 مليون مؤمن وممارس ومتابع للنشاط الديني في أميركا, ومجموع ما قدموه لمؤسساته تجاوز 60 مليار دولار.
في نهاية عام 1982 سمح هدوء الأحوال بقيام أكثر من 18 الف مدرسة لتعليم أكثر من مليون تلميذ, وحوالي الفي معهد جامعي.
ان هذه الأرضية ساهمت بإيصال رؤساء أميركيين أصوليين من أهمهم الرئيس كارتر الذي اعلن عام 1976 عن إيمانه بالولادة الثانية, كما اعلن الشعار نفسه الرئيس ريغان عام 1984. وكان طبيعياً لهؤلاء السياسيين ان يستعملوا الدين عن قناعة او تكتيك خصوصاً وأن اكثر من 47 من السكان في الولايات المتحدة الأميركية يتابعون البرامج الدينية من خلال ألف محطة تلفزيونية واذاعية. لذا لم يعد خافياً ان للفكر الديني تأثير كبير ناشئ على صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة الأميركية. وهذا ما كان له تأثير كبير على الموقف من الشرق.
الفيلم الأميركي
بقدر ما يحلم الشباب الأوروبي خصوصاً بالذهاب الى اميركا حيث الذهب والنفط, كذلك يحلم الأميركيون بالشرق وخصوصاً المتدينون منهم, وبالمجيء الى الاراضي التي رسمتها في مخيلتهم حوادث الكتاب فاعتبروا انهم اصحاب فعل الدينونة الأخيرة.
وكان المشهد الأكثر دراماتيكية لهؤلاء معركة هرمجدون التي ينتصر فيها الخير على الشر. ولكي ينتصر الخير لا بد ان تكون النبوءات قد تحققت وأولها انتصار الشعب اليهودي وتحقيق سيطرته على شعوب الأرض.
وقد لعبت هذه المعركة دوراً في الاحداث المتتالية على ساحة الشرق الأوسط.
سُمّيت معركة هرمجدون نسبة الى سهل مجدّو الذي يقع بين الجليل والضفة الغربية, ويتصوّر الأميركيون المتهودون أنه في هذه المعركة­المجزرة سوف تستعمل أسلحة كيماوية ونووية مدمرة, وسيقتل فيها مئات الآلاف من المهاجمين ومن اليهود معاً. بعد ذلك يظهر المسيح فوق أرض المعركة ليخلص بالجسد المؤمنين فيرفعهم اليه فوق سحب المعركة حيث يشاهدون بأم العين جثث القتلى والدمار والخراب على الأرض, قبل ان ينزل المسيح الى الارض ويحكم العالم ألف سنةŒ.
ويعلق الدكتور السماك على ذلك فيقول: ˜ان الايمان بهرمجدون يتطلّب انتاج الأسلحة المدمرة, وقد أنتجت, ويتطلب خلق الظروف المؤاتية لاستعمال هذه الاسلحة في المكان الذي تحدده النبوءات للظهور الثاني للمسيح, وهذا المكان هو الشرق الأوسطŒ.
ويظهر ان الرئيس ريغان كان متأثراً بهذه المعركة الفصل, وقد تابعها الدكتور السماك في كتابه عن الصهيونية المسيحية فقال ان الرئيس ريغان ناقش معركة هرمجدون عام 1976 في مقابلة مسجلة مع جورج أوتيس, واعلن الرئيس السابق في المقابلة انه مولود مرة ثانية وأنه يشعر بذلك ويؤمن به. وفي حديث للإنجيلي جيم بيكر في مقابلة تلفزيونية قال ريغان: اننا قد نكون الجيل الذي سيشهد هرمجدون. وكرّر الأمر نفسه في حفل عشاء في منزله بكاليفورنيا, وصرّح أمام جماعة من قادة اليهود فقال: ان اسرائيل هي الديمقراطية الثابتة الوحيدة التي يمكن ان نعتمد عليها كموقع لحدوث هرمجدون, كما نقل الصحافي فولويل عن ريغان قوله: جيري, إنني احياناً أؤمن بأننا نتوجه بسرعة كبيرة الآن نحو هرمجدون.
وجاءت معركة هرمجدون في الرؤيا على الشكل التالي:
˜وصبّ السادس ˜ملاكŒ كوبه في النهر الكبير نهر الفرات فجف ماؤه ليعدّ الطريق لملوك المشرق, ورأيت ثلاثة أرواح خبيثة مثل الضفادع خارجة من فم التنين ومن فم الوحش ومن فم النبي الكذاب, فهي أرواح شيطانية تأتي بالخوارق وتذهب الى ملوك المعمور كله تجمعهم للحرب, وفي ذلك اليوم العظيم يوم الله القدير (هاأنذا آتٍ كالسارق فطوبى للذي يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يسير عرياناً فتُرى عورته) فجمعتهم في المكان الذي يقال له بالعبرية هرمجدونŒ ˜رؤيا 16/12- ­11Œ.
كما أتى ذكر سهل مجدون في سفر زكريا حيث يتحدث عن عودة أورشليم منتصرة ويقول ان اعداء أورشليم سيندمون ˜كندم هودرمون في سهل مجدون ˜زكريا 12/11Œ. وجاء ذكره في سفر الملوك الثاني إذ كان فرعون المدعو نكد قتل يوشيا ملك آشور في مجدو ˜ملوك 29/23. ولكن شرّاح الكتاب المقدس يرون ان هرمجدون تعني جبل مجدو,ومجدو مدينة من مدن يزرعيل في سفح الكرمل, في حين يراها الدكتور شاهين تقع شمال القدس.


في عام 1977 كتب ˜كريبŒ الرئيس السابق للقساوسة الإنجيليين الأصوليين: ˜في هرمجدون ستكون المعركة النهائية, وسوف يسحق المسيح كلياً ملايين العسكريين المتألقين الذي يقودهم الدكتاتور المعادي للمسيحŒ.
اما سيناريو هذه المعركة فقد رسمه ˜لندِسيŒ بهذه الخطوات: قيام اسرائيل, عودة يهود الشتات الى أرض الميعاد, إعادة بناء هيكل سليمان بعد هدم المسجد الأقصى, تعرض اسرائيل لهجوم كبير من (الكفار) المسلمين, قيام دكتاتور يتزعم هذه القوات المهاجمة, خضوع معظم العالم لسيطرة هذا الدكتاتور, تحول 144 ألف يهودي الى المسيحية بحيث يصبح كل واحد منهم مثل ˜بيل غراهامŒ, وقوع حرب نووية ­ معركة هرمجدون ­, رفع المسيح للمؤمنين بالولادة الثانية فوق السحب ونجاتهم من الكارثة, وهذا يحدث بسرعة, ثم يعود المسيح بعد سبعة أيام ليحكم الأرض مع المؤمنين لمدة ألف عامŒ. والرقم 144 ألف هو الذي يعني 12 الفاً من كل من الأسباط الإسرائيلية الإثنتي عشرة. وقد ورد في الرؤيا 70/­4­8.
اذاً, التركيز يتم على ثلاث نقاط هي قيام الدولة الاسرائيلية القوية, قيام الدكتاتور القوي المعادي, المعركة على أرض فلسطين في هرمجدون وهي معركة نووية, وطبعاً الانتصار هو للأصوليين المسيحيين المتصهينين الألفيين الذين يعني انتصارهم انتصار اورشليم الجديدة.
بالنسبة للنقطة الأولى فقد تحققت وعملت الأصولية المسيحية على مساعدة اليهود على تحقيقها وفقاً للنبؤات التالية:
تطلّعي يا أورشليم من حولك نحو المشرق وانظري الابتهاج الوافد عليكِ من عند الله, ها إن ابناءك الذين ودعتهم قادمون يأتون من المشرق الى المغرب مجتمعين بكلمة القدوس ومبتهجين بمجد الله. باروك 4/37.
وهكذا قال السيد الرب: اني حين أجمع بيت إسرائيل من بين الشعوب التي شتتوا فيها أتقدس فيهم أمام عيون الأمم ويسكنون في ارضهم التي أعطيتها لعبدي يعقوب ويسكنون فيها آمنين, ويبنون بيوتاً ويغرسون كروماً ويسكنون آمنين حين أجري أحكاماً على جميع المحتقرين لهم من حولهم فيعلمون اني انا الرب إلههم. حزقيال 28/26.
وقال الرب: ها انذا آخذ بني اسرائيل من بين الامم التي ذهبوا اليها واجمعهم من كل جهة وآتي بهم الى أرضهم وأجعلهم أمة واحدة في هذه الارض في جبال اسرائيل وملك واحد يكون ملكاً لجميعهم حزقيال 37/21.
ان الرب أسس صهيون وبها يعتصم بائسو شعبه /أشعيا 14/32.
في ذلك الزمان تقدم هدايا لرب القوات من الشعب الممشوق الأسمر الشعب المرهوب هنا وفي البعيد, الأمة القوية الشديدة الوطء التي تقطع الأنهار أرضها الى مقر اسم رب القوات جبل صهيون. اشعيا 18/­7.
في ذلك اليوم يعود السيد فيمد يده ثانية ليفتدي بقية شعبه من بقي منهم في أشور ومصر وفتروس وكوش وعيلام وشنعار وحماة وجزر البحر وينصب راية للأمم ويجمع المنفيين من اسرائيل ويضم المشتتين من يهوذا من أربعة أطراف الأرض /اشعيا 11/12.
ان بوش الإبن وهو من الذين يؤمنون كثيراً بأن المسيح مخلص شخصي له وبالتالي فهو من أصحاب الولادة الثانية, فإنه قد أخذ على عاتقه تحقيق النقطة الثانية منطلقاً من اعتبار ان بغداد هي وريثة بابل, وأنها هي التي تملك الاسلحة التي يمكن ان تهدد اسرائيل, والإصرار على انها تملك هذه الاسلحة ليست حجة سياسية فحسب بل ضرورة كي تتحقق النبؤة. لذا فهي تملك هذه الاسلحة حقاً أو وهماً, فهذا ليس مهماً. وتدميرها سريعاً ضرورة أيضاً لأنه جاء في النبوءة ذلك. اما تدميرها واستباحتها وسرقتها فهذا أيضاً مشهد نبوي يجب ان يحدث. ويفرح بوش جداً عندما يسمع ان شركات تجارية أفلست لأنها لم تعد تستطيع الاستمرار بسبب عدم امكانية إرسال بضائعها الى بغداد, فهذا تحقيق للنبوءة ايضاً.
˜يا ويلتاه, يا ويلتاه, أيتها المدينة العظيمة بابل, المدينة القوية, لأنه في ساعة واحدة أتى الحكم عليك وتجار الارض يبكون ويحزنون عليها لأن بضاعتهم لن يشتريها احد ­ رؤيا 18/­10­11.
وفي نبؤة اشعيا يقول: ˜فأقوم عليهم يقول رب القوات واستأصل من بابل الاسم والبقية والذرية والعقب يقول الرب, وأجعلها ميراثا للقنافذ وأكنسها بمكنسة الإبادة يقول رب القوات ­ اشعيا 14/22 ­ 23Œ.
وفي مكان آخر: ˜فبابل زينة الممالك وبهاء فخر الكلدانيين تصير كسدوم وعمورة اللتين قلبهما الله فلا تسكن ابداً ولا تعمر الى جيل فجيل ولا يضرب إعرابي فيها خيمة ولا يربض هناك رعاةŒ. أشعيا 13/ 19- ­20.
أما بالنسبة للنقطة الثانية, فقد قرّ الرأي بأن الدكتاتور المقصود كان حاكم مملكة بابل, وهذا يعني في الصيغة المعاصرة اليوم حاكم العراق أي صدام حسين وذلك وفقاً للنبوءات القديمة التي كانت تنبّأت بخراب بابل.
˜رأيت بعد ذلك ملاكاً آخر هابطاً من السماء له سلطان عظيم, فاستنارت الارض من بهائه, فصاح بصوت شديد: سقطت, سقطت بابل العظيمة وصارت مسكناً للشياطين ­ رؤيا 18/1Œ.
لكن صدام حسين جعل آمال بوش تخيب بعدم قيامه بأي معركة ما, أفسد سيناريو الدكتاتور وأفسد متعة قتله.
ان بوش يريد ان يصل الى معركة هرمجدون وهو لا يريد ان يكون مثل ريغان مجرد حالم بها, إنه يريد ان يشهدها ويصنعها لذا فهو يبحث الآن عن دكتاتور آخر مكان ما ذهب اليه الدكتاتور صدام. ومن اجل تهيئة معركة هرمجدون لا بد ان يجتذب المسلمين ويضعهم تحت رعايته لأنهم الفئة المهيأة للمعركة, لذا فيجب ان تكون مرجعياتهم الدينية تحت سلطته, من هنا فالضرورة تقضي بتثبيت مرجعية الشيعة في العراق وتقويتها وتثبيت مرجعية السنة في السعودية وتقويتها, وهو يضع في هاتين الدولتين جنوده واستخباراته كي يسهر علـــى رعايتهم فإما ان يقوّيهم للقيام بالمعركة التي ينهيهم فيها بالأسلحة النووية, واما ان يمسخهم ويجعلهم يدخلون في المعمودية الأولى تمهيداً لإدخالهم في الولادة الثانية, ومن اجل هذا فإن الماية والاربع واربعين الفاً من المبشرين جاهزين للانطلاق الى العالم الاسلامي وبوش يمهد الطريق لهم بأن يفرض الديمقراطية التي تمنع التعرض لأي شخص يريد تغيير دينه من ناحية, ومن ناحية أخرى, يقدم لهم كل التقنيات والمساعدات الممكنة لتحقيق غرضهم.
ان بوش مقتنع بأن معركة هرمجدون يمكن ان ينتصر فيها المسيح بواسطته, وأورشليم الجديدة سوف تحكم بامتياز ويكون بذلك قد حقّق النبوءات التي تحكي عن ذلك.


ان أموراً كثيرة ذات خلفية في النبوءات يعمل اليهود والمتجددون في الولادة الثانية على تحقيقها, وفي بعضها يظهر لبنان كأحد المستهدفين منها حيث يظهر كشهوة لليهود يتمنون أن يتشبهوا به, لذا فهم يحسدونه ويحقدون عليه لأنه المشتهى. جاء في نبؤة هوشع:
˜أكون لإسرائيل كالندى يزهر كالسوسن ويغرز جذوره كلبنان, وتنتشر فروعه ويكون بهاؤه كالزيتون ورائحته كلبنان, فيرجعون ليجلسوا في ظلي ويحيون الحنطة ويزهرون كالكرمة فيكون ذكره كخمر لبنان. هوشع 14/6­- 8Œ.
لذا لا غرابة أنهم عندما قرروا ان يجتاحوه اطلقوا على عمليتهم ˜عناقيد الغضبŒ اذ ان تسميته ˜عناقيد الغضبŒ هي من الرؤيا حيث يقول: اسقطي علينا وغطينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الحمل فقد جاء اليوم العظيم يوم غضبها فمن يقوى على الثبات. ˜رؤيا 6/16Œ.
في قراءة اخرى لهذه النبؤات وللذين يؤمنون بها وهم ليسوا في صف بوش واليهود فانهم يرون ان بوش هو الدكتاتور الذي يقف أمام مجيء أورشليم الجديدة, وأورشليم الجديدة كما يقول المسيحيون الكاثوليك والأرثوذكس والإنجيليون المعتدلون انما هي كنيسة المسيح الجامعة, وهي جماعة المؤمنين بالسلام والأخوّة, وإن جيوش المبشرين مـن أتباع الولادة الثانية المنقادين الى جيوش العسكر الاميركي ­ الانكليزي انمـــا هـــم جيوش القوى الظلامية, ولا غرابة ان يخشى بابا روما على المسيحيين في حرب بوش على العراق لأنه في الواقع لم يخشَ على مسيحيي الشرق من المسلمين بل خشي عليهم من جيوش المبشرين المتصهينين.
وبخلاصة الأمر أن اليهودية نظرت الى المسيحية على أنها متمرّدة عليها, فأوحى كبارها الى الرومان باضطهاد المسيحيين كفرقة يهودية منحازة ضدهم. وظلّ الأمر هكذا أربعة قرون لتقوم بعدها المسيحية بمشروع سياسي مع الملك قسطنطين الذي جعله خليفة المسيح ملكاً على روما. عندها بدأت المسيحية بتجميل نفسها ووضع قوانينها وأعادت النظر بالماضي, فاعتبرت أن اليهود هم المسؤولون عن قتل المسيح وإنهم هم المتمرّدون الذين رفضوا العهد الجديد والمسيح المنتظر, لذا قاموا باضطهادهم ونبذهم وطردهم تباعاً من كل الدول الإستعمارية الكبرى بدءاً بإسبانيا والبرتغال حتى بريطانيا وفرنسا نفسها. وعندما قام الإصلاح اللوثري المتمرّد على الكاثوليكية, لم يتعاطف مع اليهود لكنه أعطى زخماً لقراءة العهد القديم الذي تأثر به المتمرّدون على تعاليم الكنيسة الكاثوليكية ووجدوا أن الشعب اليهودي لديه وعد إلهي وبالتالي فاليهود مظلومون. وراح الأوروبيون يدعون الى إنصاف اليهود وإعطائهم أرض الميعاد. وعندما فتح العالم الجديد وراح البريطانيون المتمزقون بين فجر الإنتاج الصناعي والإستهلاك السلعي الجديد, ينزحون الى هذا العالم, وجدوا أن مشاعرهم ونفسياتهم متأثرة بالغربة, وأن وجودهم في المكان الجديد يحتاج الى تمظهر إلهي, فاعتبروا أن الأرض الجديدة هي أرض الميعاد المنتظرة لهم, فراحوا يبحثون في كتاب اليهود عن كل ما يفرّج كربتهم ويساعدهم في غربتهم. هكذا بدأ اليهود يأخذون مواقعهم داخل الذهنية الأميركية. وبما أن المسيحيين لا يتمكنون من الإرتداد عن دينهم الى السابق له, لذا راحوا يحاولون إحداث تمازج بين المسيحية واليهودية من خلال التعتيم على الإنجيل والإضاءة على جوانب العهد العتيق في الكتاب المقدّس. وقد ساعدهم في ذلك فسحة الحرية المتاحة في الكنائس الإصلاحية في مجالات التعليم والتفسير, كون المؤسسة لا تلغي حرية الفرد. ووصل الأمر الى مجموعات مسيحية متهودة بالجوهر ومحافظة على انتمائها المسيحي بالمظهر, وكان من هؤلاء التطهيريون والألفيون وذوو المعمودية الثانية (الجديدة).
ويصبح واضحاً اكثر لماذا يصرّ بوش على اعلان الحرب على الأصوليين المسلمين, بدءاً من بن لادن (الذي اخترعه) وصولاً الى صدام الذي قوّاه وشجعه. إنه يريد ذريعة لأصوليته, وهو المعبر عن الاصولية الصهيونية نفسها التي تريد عالماً أكثر إسلاماً كي تكون اسرائيل عالماً اكثر تهوّداً.
وتقتضي الضرورة قيام حكومات عربية وأنظمة مشرقية ذات رؤية قومية وإنسانية عوضاً عن الرؤيا النبوية الكتابية, وذات انفتاح عالمي عوضاً عن الأصولية العولمية, كي تتمكن من إسقاط هذه الاستراتيجية الصهيونية الجديدة ذات القناع المسيحي الذي يقول بأن المسيح يخلّصه شخصياً وفي الواقع فإن شخص المسيح لديه ليس اكثر من اسقاط لهلوساته الشخصية الداخلية الكاوبوية.
لقد اظهر الواقع ان التبجح العلماني واعلان فصل الدين عن الدولة في الدستور الأميركي لم يحل دون انتشار الأصولية في صفوف النخبة الحاكمة, ولم يمنع اللوبي اليهودي من ممارسة ضغوطاته على مراكز القرار, لذا, فليست الديمقراطية التي يبشّر بها بوش هي نفسها الديمقراطية التي تحمي الانسان المعتدل. المطلوب هو انبثاق افكار من تجربة الشرق والعرب والاسلام خلال معاناتهم التاريخية, وتألقهم ذات يوم, وهذه تحتاج الى أسس تقف سداً أمام الأصولية في مختلف وجوهها, ولعل من اهمها:
­ إعتبار الإيمان الروحي شأناً حياتياً فردياً يغذي انتماء الانسان للجماعة ويعطيه أخلاقية التعاطي مع الآخر بمحبة وتعاون كون الآخر صورة لوجه الله العادل والمحب.
­ إعتبار السياسة شأناً استراتيجياً أرضياً زمنياً لا ارتباط له الا في الشأن الاقتصادي والأمني الاجتماعي والأمني العسكري, وفكّ أي ارتباط بينه وبين أية خلفية دينية.
­ القيام بحملة منظمة لنبش المفاهيم الماورائية التي قدمتها حضارتا الفرات والنيل وتبيان أهميتها الاساسية في نشوء الديانات التوحيدية, واعتماد تعليم الميتولوجيا كمادة أساس في المراحل التعليمية الثانوية وعدم الاقتصار عليها في الجامعات.
ان هذه النقطة مهمة جداً وأساسية لإسقاط كل مقولات اليهود الذين يعتبرون كتابهم أساس المسيحية والإسلام, بل يجب ان يعرف كـــل الشرق ان اساس دياناتهم انما هو التأملات والممارسات التي قام بها اجدادهم عبر أحقاب الزمن الطويل, وان العكس هو الصحيح, فكتاب العهد التلمودي اليهودي ليس سوى نتاج مسروق من الحضارة الفرعونية والحضارة البابلية الآشورية.
­ اعتماد لغة التواصل والتخاطب الديني في الحوار الديني القائمة على الاختبار الحياتي وليس ابداً على الكتاب, لأن اية عودة الى الكتاب تعني الأصولية الحرفية المتزمتة. ومهما حاول بعض المنفتحين ان يبرهنوا العكس فإن الحجة قائمة بيد الأصوليين الدينيين, ألا وهي العودة عند الخلاف الى المحتوى الحرفي للنص.
اما الإعتماد على التعليم الرسمي للمؤسسات الدينية فلم يصحّ لأن هذا التعليم لم يكن بالقوة المطلوبة, فقد تحصّن المؤمنون في الطوائف الرسمية بتعليم مرجعياتهم الدينية. لكن يكفي ان تخرج جماعة ما عن المرجعية حتى تُخلق أصولية جديدة, وهذا عملياً ما حصل, إن كان في الكنائس المتجددة أو في الفرق الاسلامية المتعددة. وكذلك الحال بين اليهود أنفسهم.

العمل جدياً وبقوة على أحلاف قارّية, إذ من الطبيعي والمنطقي ان تكون دول آسيا متحالفة في ما بينها,وكذلك دول افريقيا, أمام الهجمة الأميركية. لقد كال الكثيرون المديح لأوروبا إذ وقفت ضد الهيمنة الاميركية, معتقدين ان أوروبا الديمقراطية لا تسمح بخرق القرارات الدولية, متناسين ان المشكلة ليست هكذا ابداً, بل لأن اوروبا لا تريد ترك أميركا تستولي على كل شيء, وانما تريد حصتها من الغنيمة لا أكثر, وان التاريخ القريب يحكي قصة سايكس­بيكو والاستعمار الفرنســي والتعصّــب الشوفيني الألمـــــاني وكـذلك الإيطالي والإسباني والبرتغالي وحتى التركي لبلاد آسيا وافريقيا. هذا طبعاً عدا التعصّب الإنكليزي المتحالف دوماً مع ˜أبنائهŒ الأميركان.
ان التاريخ لم يسجل طمعاً صينياً أو يابانياً أو هندياً ببلادنا بل سجّل باستمرار التعاون بين القوافل والاحترام بين الحكمة والكلمة, وهذا تراث كبير يمكن احياءه.


­ وضع استراتيجية نزع استعمارية (عن بلادنا) من خلال المدارس ذات التبعية الثقافية الغربية. ان وضع افكار في رؤوس التلامذة العرب عن عظمة أميركا وديمقراطيتها وعن روعة أوروبا وسحرها يجعلهم يشعرون ان الحياة هناك تستحق أن تعاش, وان لم يتمكنوا من مجاراتها كنّوا لها العداوة والبغضاء. لكن الحكمة تقضي عدم الانشداق بذلك وعدم بغضه أيضاً بل التعامل معه كواقع قائم من دون عقد. والضرورة تقضي بتشجيع مدارس تدرّس لغات حيّة أخرى كالصينية والهندية وبقية اللغات الآسيوية والسلافيه وغيرها.
واذا كانت هذه افكار بعيدة المدى او صعبة التحقيق فإن افكاراً اخرى ضرورية أيضاً لمجابهة المبشرين الآتين حكماً وقريباً جداً محميين بالقوة الأميركية.
انهم يأتون ومعهم الكتاب المقدس العتيق والجديد, وهم آتون ولديهم البراهين على تحقق النبؤات التي في الكتاب. وهم عاملون حكماً بالتبشير في أوساط المسيحيين الشرقيين كما فعلوا في القرن التاسع عشر, والفارق ان الدولة العثمانية آنذاك رفضت ان تسمح لمسلم بتغيير دينه. أما اليوم فلا دولة مستعدة الدخول في نزاع مع الولايات المتحدة من اجل ذلك. لذا فالتزامن سيكون قائماً, وستكون حجة الاميركان ان كل البيوت والمدارس مفتوحة للتبشير, ومن منع ذلك فهو أصولي ضد الديمقراطية وبالتالي ضد مصالح الولايات المتحدة الاميركية وكيلة التطبيق الديمقراطي, لأن هذا التطبيق وحده يعني تطبيق حقوق الانسان, وحقوق الانسان لا توجد إلا بمفاهيم القوة الاميركية.
ان مجابهة هؤلاء المبشرين لن تكون سهلة, فلديهم قوة إقناعية ومقدرة على تحقيق سيطرة نفسانية تعلموها وإمكانات مالية وتكنولوجية لخدمتهم, وقوة اعلامية كبيرة من رجال دين من المسيحيين والمسلمين في خدمتهم لتسهيل مهمتهم امام الناس المؤمنين.
لذا, فمن أجل مجابهتهم ينبغي تأسيس سريع لمركز معلوماتي, وإقامة دورات سريعة للمعلمين والمثقفين والإعلاميين حول طرق هؤلاء المبشرين وعن الوسائل الناجعة في مقاومتهم من دون الدخول في القادمين معهم لئلا تنعكس توتراً سياسياً وعسكرياً مع حماتهم.
كذلك يجب وضع الإمكانات المالية اللازمة لنشر الكراسات والمجلات الدورية عن أسس وأصل رموز العهد القديم في الحضارة الفرعونية والأشورية, واعتبار ان الكتاب ليس اكثر من جسر عبور بين ماضينا القديم وحاضرنا, إذ لا احد ينكر دوره في حفظ الماضي, لكنه ليس الأصل ولا الجوهر.
ان المعركة التي يترقبها أصحاب الصهيونية المقنّعة بالمسيحية في سهل مجدو هي معركة بين الخير والشر, واذا كنا نؤمن ان حضارة الخير انطلقت من بلادنا عبر التاريخ فلا يمكن لنا ان نخسر ما انتجنا. المهم ان نتعرف على انفسنا قبل ان يأتوا هم ليعرّفوننا على انفسنا بصورة ما يودون ان نعرفه. إنهم بكل بساطة لا يريدون الإكتفاء بسرقة مواردنا بل يريدون سرقة أرواحنا لأن شعارهم هو سرقة الارض والشعب, لأن سرقة الارض دون الشعب تعني الثورة الدائمة, وهذه تجاربهم في فيتنام وفي كوريا وفي فلسطين قائمة.
وسرقة الشعب دون الارض لا تغنيهم, هذا ما تعلموه من سرقة أبناء أفريقيا. لذا الأمثل والأفضل لهم سرقة الارض والشعب, وهذا لا يتمّ إلا من خلال غسل دماغ وتبعية روحية, وهذا ما يودون فعله. فهل نقوم نحن بما يجب علينا فعله؟ الجواب لا يحتاج الى تأمل وتفكير بل يحتاج الى عمل وتدبير. فلنقم به.

المراجع
1­ شاهين , د. جيروم, المسيحيون العرب بين الفيتين, دار مختارات ,طبعة 1 بيروت 2001
2­ السماك , د. محمد, الصهيونية المسيحية دار النفائس طبعة 3 , بيروت 2000
3 ­ ابي خليل, شحادة ميلاد تاريخ الباباوات (مترجم) منشورات صوت المحبة طبعة 1 كسروان 1988
4­ الحسن, د. يوسف , البعد الديني في السياسة الاميركية ,مركز الدراسات العربية طبعة 1 بيروت 1990
5­ زينة, حسين, ما هي الصهيونية المسيحية الاصولية. نشرة صادرة عن مجلس كنائس الشرق الاوسط­ النسخة العربية 1991
6­ سواح, فراس, الحدث التوراتي والشرق الادنى القديم , دار علاء الدين , طبعة 3 دمشق 1997
7­ بابا دوبولوس, خريستوس, تاريخ انطاكية, تعريف الاسقف استفانس حداد, منشورات النور,1984
8- Encyclopédique Grand Larousse
9­ الكتاب المقدس بعهديه العتيق والجديد
10­ معجم اللاهوت الكتاب (مترجم) دار المشرق بيروت 1986
11­ معجم اللاهوت الكاثوليكي كارل واهنر , ترجمة المطران عبدو خليفة, دار المشرق , بيروت 1986