اقتصاد ومال

الصيرفة الاسلامية
إعداد: تريز منصور
تصوير: الجندي بلال عرب

مفهومها وتطورها في أسواق المال العالمية
د. سفر: ظاهرة انطلقت الى أسواق أوروبا واميركا بسرعة صاروخية
الجهود قائمة لجعلها جزءاً من المنظومة المصرفية العالمية
إستطاعت مفاهيم العمل المصرفي الإسلامي وأدواته، الوصول الى بناء قاعدة مؤسسية متينة البنيان، حيث باتت الصناعة المصرفية الإسلامية تحظى بأهمية كبيرة من قبل الجهات المصرفية الفاعلة على المستوى الإقليمي والدولي.
وفي السنوات الأخيرة بدأ الصعود السريع للمؤسسات المصرفية الإسلامية، كواحدة من السمات البارزة في الحياة المصرفية. فثمة اليوم نحو 300 مؤسسة مصرفية إسلامية تربو أصولها الإجمالية على 120 مليارات دولار أميركي، الى جانب عملها بقاعدة رأسمالية تقارب 15 مليار دولار أميركي.
لبنان، وإدراكاً منه لأهمية العمل المصرفي الإسلامي على الساحتين العربية والدولية ودور الصناعة المصرفية الإسلامية في عملية التنمية الإقتصادية والاجتماعية، وتعزيزاً لمكانته المالية والإقتصادية على مستوى المنطقة، قام بإصدار قانون إنشاء المصارف الإسلامية في الحادي عشر من شباط العام 2004. وقد أصدر مصرف لبنان القرارات المنظمة لعمل هذه المصارف، وذلك لناحية أسس عملها وشروط تأسيسها.
الى ذلك أنشأ بعض المصارف الإسلامية العريقة فروعاً لها في لبنان منذ نحو الخمس سنوات، كما حازت مصارف لبنانية رخصة إنشاء من مصرف لبنان فتحت بمقتضاها فروعاً اسلامية، بينما ثمة طلبات لمصارف اخرى قيد الدرس.
ما هي مفاهيم عمل المصارف الإسلامية، وأطرها القانونية؟ ما مدى تطبيقها المعايير الدولية، وأهمية إزدهار أعمالها في لبنان...؟ أسئلة عديدة حملتها مجلة «الجيش» الى القاضي السابق الدكتور أحمد سفر، أستاذ محاضر في كلية الحقوق وإدارة الأعمال - الجامعة اللبنانية، وخبير إقتصادي وصاحب مؤلفات مصرفية عديدة، وهنا نص الحوار.

 

المفاهيم الأساسية

* ما هي المفاهيم الأساسية للعمل المصرفي الإسلامي؟
- ثمة اختلاف في طبيعة الصيرفة الإسلامية، يميّزها عن الصيرفة التقليدية، فالأولى تتبع أحكام الشريعة الإسلامية، التي تحظّر إستيفاء الفائدة أخذاً أو عطاءً. وبالتالي لا يمكن أن تقدم خدمات تتعارض وأحكام الشريعة.
إن العمل المصرفي الإسلامي قائم أصلاً على مبدأ المشاركة في الأعمال بين البنك من جهة والمودع من جهة أخرى، وهذا ما يستتبع تقاسم الأرباح والخسائر. ويلاحظ كظاهرة، أن المصارف الإسلامية استقطبت منذ بداية نشاطها، في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، صغار الحرفيين والمودعين، واستطاعت خلال ثلاثين سنة، أن تحوز هذه المدخرات البسيطة. فالمصارف الاسلامية تعتمد في أساس فلسفتها البعد الإجتماعي، وليس البعد الاقتصادي أو المصرفي الذي يقتصر على الربح وحسب. وهي تعنى بتقديم مساعدات وإعانات لشرائح محتاجة، كدور الأيتام والمستشفيات، والمدارس... وهذا البعد الإجتماعي ميّزها الى حدّ بعيد عن المصارف التقليدية، التي تسارع اليوم الى اعطاء ابعاد اجتماعية لأعمالها لكي تتمكن من منافسة البنوك الإسلامية، في استقطاب صغار المدخرين والمودعين.
ونتيجة للنجاح السريع الذي حققته المصارف الإسلامية في التعامل مع هذه الفئات والطبقات الإجتماعية، سارعت البنوك التقليدية الكبيرة إما إلى إنشاء نوافذ إسلامية، الى جانب عملها التقليدي، أو إلى انشاء فروع مستقلة قائمة بذاتها تتعاطى أعمال الصيرفة الإسلامية.
* عملياً كيف تتم طريقة التعامل بين المصارف الإسلامية والمودعين؟
- المصرف الإسلامي لا يقرض. فالمتعامل الذي يرغب بإيداع أمواله في بنك اسلامي، يختار صيغة معينة من الصيغ المتعددة في نظام المصارف الإسلامية، كالمشاركة، والمرابحة، والمضاربة، والمقاولة، والإيجارة، والاستصناع.
وفقاً لذلك، يتم درس صيغة مشروع ما، من قبل المودع ومن قبل البنك على حدٍ سواء. وبناءً على الدراسات التي يقوم بها خبراء ومختصون، توقع عقود تحدد كيفية توزيع الأرباح والخسائر.
وكما ذكرنا، فهذا الأمر يؤكد فسلفة العمل المصرفي الإسلامي التي تتطلع الى خدمة المشاريع التي تخدم بدورها المجتمع، وتسهم في تنمية مختلف مرافقه وقطاعاته، وبالتالي يكون المودع شريكاً وليس مقترضاً.
وتلجأ أحياناً المصارف الاسلامية الى تمليك الشريك المشروع، حيث تقوم بعرض حصتها من المشروع الناجح على الشريك سنة بعد سنة لكي يشتري، ثم نلجأ الى مشروع آخر، حتى تنمّي مختلف قطاعات المجتمع ومرافقه.

 

الإطار القانوني

* ما هو الإطار القانوني لعمل هذه المصارف في العالم، وما هو عددها تقريباً؟
- ليس هناك حتى اليوم من إطار قانوني موحّد على المستوى الدولي، يرعى نشاط الأعمال المصرفية الإسلامية وفعاليتها، لأن هذه المؤسسات المالية والمصرفية تعتبر حديثة العهد، بحيث لا يعود تاريخ انشائها الى أكثر من أربعة عقود.
ونظراً الى التجربة التي نتجت عن هذه الظاهرة المصرفية المستجدة، فإن العديد من الدول على المستوى العربي أو الإسلامي أو حتى الدولي، أصدر في السنوات القليلة الأخيرة، قوانين وتشريعات وتنظيمات خاصة بالعمل المصرفي الإسلامي. ولكن ليس هناك من قواسم مشتركة يمكن البناء عليها للقول، أن هناك معايير موحّدة على المستوى القانوني للعمل المصرفي الإسلامي. فكل دولة راعت ظروفها ومصالحها واعتباراتها عندما وضعت التشريع الخاص بعمل هذه المصارف لديها. مثلاً بعض الدول إعتمد النظام المصرفي الإسلامي في مجمل قطاعاته المصرفية، في حين أن دولاً أخرى، وفّقت بين العمل المصرفي الإسلامي والعمل المصرفي التقليدي. فالتشريعات والقوانين إستمدت أحكامها من الظروف الإقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحيط بهذه الدولة أو تلك. لذلك، يمكن القول أن غياب الإطار القانوني على المستوى الدولي، هو سمة بارزة للعمل المصرفي الإسلامي اليوم.
أما عدد المؤسسات المصرفية الإسلامية اليوم فيقدر بحوالى ثلاثمئة مؤسسة مصرفية تدير أموالاً مقدارها 500 مليار دولار على الأقل،  فضلاً عن أن هناك مصارف كبيرة دولية مثل ال «سيتي غروب» (city group)، «أتش.أس.بي.سي» (HSBC) و«يو.بي.اس» (U.B.S) وغيرها... قد أنشأت منذ منتصف التسعينيات نوافذ للصيرفة الإسلامية الى جانب الصيرفة التقليدية التي تقوم بها منذ عشرات بل مئات السنين.

 

المصارف الاسلامية في لبنان

* بعد إصدار قانون عمل المصارف الإسلامية في شباط من العام 2004، تم إنشاء مصرفين إسلاميين، فما هي أهمية اقرار مثل هذا القانون لإنشاء هذه المصارف في لبنان؟
- هناك مؤسستان مصرفيتان عربيتان أنشأتا فروعاً لهما في لبنان منذ سنوات عديدة. الأولى مؤسسة «البركة»، وهي مؤسسة مصرفية إسلامية رائدة، لها فروع في مختلف بلدان العالم، انطلاقاً من الخليج وحتى ماليزيا وأوروبا وأميركا.
وقد فتحت فرعاً لها في لبنان هو «بنك البركة». أما المؤسسة الثانية فهي «بيت التمويل العربي»، الذي افتتح منذ قرابة السنتين، ولكن المؤسستين تعتمدان في ممارسة نشاطاتهما على قانون العقود الائتمانية.
كان هذا قبل صدور قانون المصارف الإسلامية في شباط العام 2004، الذي وضع إطاراً وشروطاً، وكيفية انشاء البنوك الإسلامية. تبع ذلك إصدار مصرف لبنان تعميمين حددا تفاصيل القيام بالعمليات المصرفية الإسلامية ووقائعه.
بموجب هذا القانون أتيح للمصارف القائمة أن تنشئ فروعاً أو نوافذ إسلامية. وفي هذا الإطار نال بنك «الاعتماد اللبناني»، الرخصة رقم واحد في العمل المصرفي الإسلامي تحت إسم «البنك الإسلامي اللبناني»، وكذلك بنك لبنان والمهجر تحت إسم «بنك لبنان والمهجر للتنمية». وهناك نحو عشرة طلبات لبنوك لبنانية يدرسها مصرف لبنان حالياً.
فقد اشترط قانون المصارف في لبنان، على أي مصرف يريد ممارسة العمل المصرفي الإسلامي، أن يكون رأسماله مئة مليون دولار، امّا اذا كان المصرف قائماً ويؤدي عمله ويريد أن ينشئ فرعاً للمصرف الإسلامي، فيشترط أن يكون الرأسمال بحدود ال20 مليون دولار فقط، على أساس أن الضمانة متوافرة في رأسمال هذا البنك القائم.
راعى المشترع اللبناني ظروف القطاع المصرفي اللبناني واعتباراته. ولقد حذا لبنان حذو الدول التي أرادت التوفيق بين النظامين المصرفيين التقليدي والاسلامي. فالعمل المصرفي مزدهر في لبنان منذ عشرات السنين، والقطاع المصرفي اللبناني قطاع رائد في المنطقة، ومع استحداث نظام مصرفي إسلامي، يكون لبنان من الدول التي تطبق النظامين في آن معاً علماً أن لكل منهما خصوصياته وظروفه وأعماله واعتباراته.
 

* هل ترى أن شروط القانون المصرفي الإسلامي اللبناني تتناسب والمستثمرين العرب؟
- من المفترض تأمين التسهيلات المصرفية اللازمة أمام المتمولين أو المستثمرين، لكي تكون أكثر إغراء لهم، ليقدموا على إنشاء مثل هذه البنوك. علماً انه بإمكانهم إنشاء فروع لمؤسساتهم ومصارفهم خارج لبنان، بعد موافقة السلطات المعنية في لبنان.
وأضاف قائلاً: «إن رواج الصيرفة الإسلامية في أي بلد، يتوقف على مدى تعاون الجمهور مع هذه المصارف، ورغبته بإيداعها أمواله والمشاركة في أعمالها ونشاطاتها.
وبالنسبة الى لبنان يعتبر العمل المصرفي الإسلامي عملاً مستجداً على العقلية اللبنانية التقليدية. ويمكن القول أن هناك جهلاً كبيراً لطبيعة العمل المصرفي الإسلامي.
هذا الجهل يشكل عائقاً أمام التعاون، والإقبال على عمليات الصيرفة الإسلامية، فتقاضي الفائدة يشكل أحد الأفكار المستقرة في ذهن المتعاملين مع المصارف. والقضية تحتاج الى ثقافة مصرفية جديدة.

 

من المستوى العربي الى العالم
* أين تكمن أهمية إنشاء مصارف إسلامية في لبنان؟

- لجأت السلطات اللبنانية المعنية الى إستصدار قانون خاص بالصيرفة الإسلامية جراء انتشار هذه الظاهرة الإسلامية، وتعاظمها على مستوى الخليج العربي وعلى مستوى الدول العربية والإسلامية مثل تركيا وايران والبحرين وباكستان ومصر والسودان. ولأن لبنان يشكل مركزاً مصرفياً رائداً في المنطقة، لا سيما بتحرير خدماته وبالسرية المصرفية، فقد أراد مواكبة هذه التطورات، خصوصاً أن دولاً عربية أخرى كمصر والكويت والإمارات والسعودية، زاوجت بين العمل التقليدي والعمل المصرفي الإسلامي. وبما أن هناك أموالاً عربية كثيرة تبحث عن الاستثمار في لبنان، وخصوصاً في القطاع المصرفي، أصدر هذا القانون الذي يفتح باباً أمام الذين يريدون التعامل بالصيرفة الإسلامية في لبنان، فأفسح لهم المجال لذلك سواءً كانوا لبنانيين أو غير لبنانيين. فالعمل المصرفي الإسلامي القائم على المشاركة، لا يقتصر التعامل فيه على المسلمين وحسب. وهو بات منتشراً على المستوى الدولي في أوروبا وأميركا. والإحصاءات تفيد أن المتعاملين من المسيحيين وغير المسلمين، هم أكثر من المسلمين، نتيجة الفوائد العائدة لهؤلاء من التعامل بأعمال الصيرفة الإسلامية.
إن المصارف الإسلامية في طبيعتها وخصوصيتها وجوهرها مصارف تنموية تعنى أصلاً وأساساً بحاجات المجتمع وبالأبعاد التنموية لتوظيف المال. فتوظيف المال في المفهوم الإنساني يجب أن يكون لصالح المجتمع. ونشير هنا الى ان متوسط عائد المصارف الإسلامية للمودعين سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين، هو بحدود 12-20 في المئة. بينما عائدات المودع بالدولار لا تتجاوز 3-4 في المئة.

 

* كيف يمكن للمصارف الإسلامية التوفيق بين تطبيق الإتفاقيات الدولية بازل I وبازل II والأنظمة والمفاهيم المستندة إلى الشرع؟
- إننا نعيش اليوم عصر عولمة قطاع المال والمصارف، وبالتالي فإن معايير بازل I وبازل II  هي الوجه الآخر للعولمة المصرفية، بحيث أن هناك معايير دولية، ينبغي على القطاعات المصرفية في العالم إلتزامها في ممارستها لنشاطاتها. فهذه المعايير يراد منها أصلاً الحفاظ على متانة الأوضاع المصرفية وسلامتها، جراء الإنهيارات المصرفية التي يمكن أن تطاول شظاياها مختلف القطاعات المصرفية في العالم.
لقد ركّزت بازل I على كفاية رأس المال بمعنى أنه ينبغي للمصارف أن ترفع رساميلها، حتى توحي بالثقة على مستوى الأداء والتشغيل. أما بازل II  فقوامها كيفية مواجهة المخاطر التي يمكن أن تترتب على اتساع الأعمال المصرفية، التي لم تعد اليوم مقتصرة على تقديم الخدمات المصرفية التقليدية فقط، بل توسّعت لتطاول خدمات لم تكن أصلاً من خصوصيات الأعمال المصرفية. لقد وضعت هذه المقررات أصلاً للمصارف التقليدية، ولكنها معايير دولية والصيرفة الإسلامية تسعى الى أن تكون جزءاً من المنظومة المصرفية العالمية.
للوهلة الأولى يمكن القول أن مقررات بازل I وII تشكل تحديات جدية للصيرفة الإسلامية. وذلك أن ليس هناك حتى اليوم من فتاوى شرعية موحدة تضبط العمل المصرفي الإسلامي على المستوى العربي أو الإسلامي أو حتى الدولي. والمطلوب اليوم توحيد هذه المعايير من خلال التنسيق بين قيادات العمل المصرفي الإسلامي، وبين هيئاته الشرعية التي تصدر الفتاوى التي تجيز هذه الأعمال المصرفية أو تلك، حتى نستطيع أن نبني معايير موحّدة للعمل المصرفي الإسلامي على المستوى الدولي.
وأضاف قائلاً: تشكل مقررات بازل II  التي ستدخل حيز التنفيذ بداية العام 2007، تحديات للمصارف الإسلامية لأنها تنضوي على شروط ومتطلبات، لا تستطيع المصارف الإسلامية بأحجامها الحالية الوفاء بها.
لذلك نعيش عصر المحادثات والتفاهمات بين العمل المصرفي الإسلامي والعمل المصرفي التقليدي على مستوى القيادات، لمحاولة إيجاد نوع من التفاهم، حول كيفية تطبيق معايير بازل II  على المصارف الإسلامية. فبموجب هذه المعايير يسمح لأي مصرف تقليدي، في حال الصعوبات، أو الائتمانات المتعثرة، أن تلجأ إلى الإقتراض من مؤسسات التمويل الدولية، لتعويم أوضاعه، في حين إن المصارف الإسلامية، اذا لم تطبق هذه المعايير، لن تكون الطريق سالكة بينها ومؤسسات التمويل الدولية، كصندوق النقد الدولي وغيره...

 

الأسواق المالية والمؤشرات

* أطلقت «داوجونز» و«سيتي غروب» للصكوك، مؤشراً يرمي الى قياس أداء السندات العالمية التي تتطابق وأحكام الشريعة الإسلامية، فما هي قراءتكم لهكذا خطوة في عالم الأسواق المالية؟
- حتى تستكمل الصناعة المصرفية الإسلامية مقوماتها، لا بد من أن تتوافر لها سوق مالية إسلامية، على غرار السوق المالية للمصارف التقليدية، لأنه من المعروف اليوم أن السوق المحلية تؤدي دوراً هاماً بالنسبة الى المصارف، إذ أن المصارف تستطيع أن تبيع السندات وتجعلها قابلة للتداول في الأسواق المالية وفي البورصات... وعند الضرورة يمكن أن تقترض من الأسواق المالية أية رساميل يمكن أن تحتاج إليها في ظروف معينة، وبالتالي فهناك مؤشرات لهذه الأسواق المالية تبعاً لمؤشرات «تكنولوجيا ناسداك» أو «داوجونز»، الى ما هنالك من مؤشرات يمكن أن تعتمدها السوق المالية في التعامل مع هذا المصرف أو ذاك. وبالمناسبة، هناك في لبنان بضعة مصارف لبنانية - لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة - أصبحت أسهمها قابلة للتداول في بورصة بيروت، والتي يسعى المعنيون جميعهم الى إطلاق عملها وتنشيطه وتفعيله. وهناك اليوم مشروع قانون للأسواق المالية، أقرّه مجلس الوزراء منذ نحو شهر وسوف يعرض على مجلس النواب. والهدف من ذلك مواكبة نشاط أسواق المال في المناطق المحيطة بنا، لا سيما الخليج العربي، حيث تحققت فوائض عالية كبيرة جراء إرتفاع أسعار النفط.
لذلك نرى أن هناك موجة كبيرة للتعامل في الأسواق المالية، ولبنان يسعى من جهته الى تفعيل سوقه المالية، لتستوعب الرساميل.
من جهته يسعى العمل المصرفي الإسلامي، على غرار العمل المصرفي التقليدي الى التعامل مع الأسواق المالية والاستعانة بها لأنها تشكل عناصر لمنظومته المتكاملة.
وأضاف الدكتور سفر: ليس هناك من تعارض بين هذين السوقين، ولكن لغاية اليوم، لا توجد سوق مالية إسلامية بكل ما للكلمة من معنى. في المقابل ثمة سعي لكي يكون العمل المصرفي الإسلامي من منظومة العمل المصرفي العالمي يتكامل معها. والمصارف الإسلامية تعمل على جعل نشاطاتها وفعاليتها متلائمة مع مؤشرات الأسواق المالية الدولية والعالمية. وبالتالي فهي تسعى أن تكون لها معايير ومؤشرات معترف بها دولياً، حتى تشكل مناطق مصرفية آمنة، يستطيع لكل من يتعامل بالأسواق المالية التعامل معها، وفق ما ذكرنا من معايير دولية (بازل I وبازل II). فالمصارف الإسلامية المنتشرة بسرعة صاروخية في مختلف دول العالم اليوم، لا بد أن تكون لها معايير دولية سواء تعلّق الأمر بتركيبتها أو مخاطرها ومؤشراتها.
وختم أخيراً بالقول:
إن ظاهرة المصارف الإسلامية التي انطلقت من العالم العربي والإسلامي، توجهت بسرعة صاروخية الى الأسواق العالمية، لكي تشكل ظاهرة إقتصادية جذبت اليها العديد من المتعاملين على مستوى الأفراد والمؤسسات. وقد استطاعت نتيجة خصوصية أعمالها أن تستقطب أيضاً مؤسسات مصرفية تقليدية عريقة في أميركا وأوروبا وسواهما، بحيث أن هذه المؤسسات المصرفية العريقة والعملاقة، أرادت أن تنخرط بدورها، بهذا القدر أو ذاك في الأعمال المصرفية الإسلامية، فأنشأت لمصارفها فروعاً مستقلة، أو نوافذ، إستطاعت من خلالها أن تجذب عدداً كبيراً من الجاليات الإسلامية وغير الإسلامية في بلدان أوروبا وأميركا.