من هنا وهناك

الضرب غير الموجع وبدائله التربوية
إعداد: ريما سليم ضومط

هل يجوز استخدام الضرب غير المؤذي لمعاقبة الطفل على خطأ ارتكبه؟ سؤال طالما طرحه الأهل على أنفسهم وقلّما وجدوا له الجواب الشافي. ولكن لا عجب في ذلك طالما أن المسألة التي تبدو كمعضلة بالنسبة الى عدد كبير من الأهالي, تصعب الإجابة عليها بدقة من قبل الخبراء أيضاً. فالإختصاصيون في مجال التربية ينقسمون بين مؤيد للفكرة ومعارض لها, ولكل من الطرفين حججه وأساليبه في الإقناع.
بالنسبة للجهة المؤيدة, يعتبر الضرب غير الموجع أسلوباً عملياً وفعّالاً في عقاب الأطفال وردعهم عن معاودة الخطأ شرط استخدامه بطريقة صحيحة. ويشرح هؤلاء وجهة نظرهم بالتأكيد على أن التأنيب يجب أن يتم بعد ورود الخطأ مباشرة بغية تعليم الطفل الدرس المطلوب, ويشترطون ألاّ يكون الضرب مؤذياً, والأهم أن تكون أجواء المنزل مفعمة بالمحبة والرعاية بصورة دائمة. ويضيفون, أن النقد الكلامي المستمر أكثر ضرراً للطفل من صفعة بسيطة على مؤخرته, لأنه يخلق لديه شعوراً بعدم الثقة كما ينمي إحساسه بالعدائية تجاه الآخرين.
هذا ما يقوله مؤيدو الضرب غير المؤذي, أما معارضو الفكرة, فيؤكدون أن الضرب بجميع أشكاله يولّد التعاسة والعدائية لدى الطفل. ويطرح هؤلاء السؤال التالي: أليس الهدف من العقاب تعليم الطفل أصول التصرف في المجتمع, فهل يمكن أن يتعلّم ذلك عبر الضرب؟ ويجيبون بالقول أن الضرب قد يعلّم الطفل ما لا يجب أن يفعله, ولكنه لا يعلمه بالمقابل ما عليه فعله. ويؤكدون أن الأطفال يستنتجون من الضرب أن القوة الجسدية هي التي تحدد مفهوم الصح والخطأ في المجتمع, وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق.
يبقى السؤال, إذا كان العقاب عبر الضرب غير مقبول تربوياً, فما هو البديل؟ وهنا يطرح الخبراء عدداً من الأساليب التي تجدي نفعاً في عقاب الأطفال, نذكر منها ما يلي:
­ عدم حماية الطفل من “النتائج الطبيعية السلبية” لخطأ ارتكبه, شرط أن تكون هذه النتائج غير مؤذية. مثلاً إذا وضع يده على طبق ساخن بعض الشيء يجب عدم ردعه, لأنه سيشعر بسخونة غير كافية لإحراق أصابعه ولكنها كافية لإفزاعه ودفعه الى عدم تكرار المحاولة.
­ حرمان الطفل من أمر يرغب في الحصول عليه إذا ما لجأ الى أساليب خاطئة لتحقيق غايته. مثلاً إذا قام الطفل برمي قطعة الحلوى الخاصة به لأنه يرغب بالقطعة الأكبر التي أعطيت لأخيه أو لأخته, يجب عدم الإذعان لمطالبه. ويجب أيضاً عدم استبدال قطعته بأخرى, بغية إفهامه أنه خسر الحلوى المخصصة له ولن يحصل على سواها طوال اليوم.
­ العقاب عن طريق تجاهل الطفل من قبل جميع أفراد أسرته لحين اعترافه بذنبه, كأن يطلب إليه اللعب بمفرده في غرفته وعدم مشاركة العائلة في النشاط الذي تقوم به مجتمعة. ويؤكدالخبراء أن هذه الخطوة ستجعله يندم سريعاً على غلطته ويسرع للإعتراف بها.
­ إدراج أسلوب “المكافأة في موازاة العقاب”, كأن يثني الوالدان على عمل جيد قام به الطفل ويخبرون به الجيران والأصدقاء على مسمع منه.