الطبيعة القانونية لحيز الترددات الراديوية وطرق إدارته

الطبيعة القانونية لحيز الترددات الراديوية وطرق إدارته
إعداد: وائل زين
إختصاصي في القانون

المقدمة

يمكن تعريف الترددات الراديوية (Fréquences radioélectriques) بأنها موجات إلكترو-مغناطيسية تتمدد في الفضاء بشكل طبيعي دون أي تأثير إصطناعي ناتج عن عامل خارجي. يتم تمدد هذه الترددات في الفضاء عبر إشعاعات من الطاقة تتخذ شكل موجات إلكترو مغناطيسية في الفضاء (الهواء). تتمدد هذه الموجات بالطريقة نفسها التي تتمدد فيها الموجات الناتجة عن رمي حجرة في المياه الساكنة أي باتخاذ شكل دوائر، فهي تنتشر في الفضاء عبر خلق دوائر حولها. هذه الموجات الناجمة عن تمدد الترددات تتميز بخاصتين:

- طول الموجة، الذي هو المسافة ما بين موجتين متتاليتين.

- تردد الموجه، الذي هو عدد الموجات التي تمر في نقطة معينة في الثانية.

مع لفت النظر إلى أن هاتين الخاصتين هما متعاكستان، بمعنى أنه كلما كانت الموجة أطول، كلما كان ترددها أقصر والعكس صحيح. أما حيّز الترددات اللاسلكية الراديوية فهو تلك المجموعة من الترددات الراديوية المقسّمة على عدة نطاقات (bande) وقد اصطُلح علميًّا إطلاق تلك التسمية (حيز الترددات) فقط على نطاق الترددات اللاسلكية الراديوية التي يتراوح طولها ما بين 9KHZ و300GHZ. وكل الترددات الخارجة عن هذين النطاقين الأعلى والأقصى لا يعتبر عمليًّا ضمن حيز الترددات اللاسلكية الراديوية وذلك لصعوبة استعمالها.

يشمل حيز الترددات اللاسلكية تلك الترددات التي يتراوح طولها ما بين 9KHZ و300GHZ وبالتالي فإن عدد الترددات التي يمكن استعماله ضمن هذا الحيز هو محدود بطبيعته مهما كثر. وهو على أي حال أقل بكثير من الطلب الذي يشهد تزايدًا مع تنامي ثورة الاتصالات والمعلومات.

تتميّز هذه الترددات بأنها قادرة على نقل الصوت، المعلومات (data)، وبرامج التلفزيون. وقد تم البدء باستعمالها لأول مرة في التاريخ في منتصف القرن التاسع عشر مع التلغراف اللاسلكي (radiotélégraphie) ثم تم استعمالها في إطار البث الإذاعي (الراديو) وذلك بدءًا من العشرينات من القرن العشرين، وفيما بعد تم استعمالها في إطار الهاتف الراديوي اللاسلكي بمختلف أجياله.

لقد شكّل حيز الترددات الراديوية اللاسلكية منذ البدء مسألة دولتية سيادية بامتياز، وكان إدارته يتم بشكل سرّي[1]، وذلك طيلة المرحلة الأولى من استعماله الذي كان مخصصًا بالدرجة الأولى لمهام سيادية بامتياز (دفاع وطني، أمن، ملاحة جوية وبحرية).

بدأ استعمال الحيز في مرحلة لاحقة في مجالات أخرى (البث الراديوي، المرئي والمسموع) ولكن رغم هذه الاستعمالات ظلّ استعمال هذا الحيز يشكل مسألة سيادية من اختصاص الدولة وحدها.

 

مع تنامي وتيرة ثورة الاتصالات بدءًا من بداية الثمانينات، دخل استعمال حيز الترددات مرحلة جديدة. فحتى هذا التاريخ (بداية الثمانينات)، كان توزيع الترددات لا يطرح في الدول الكبرى أي مشكلة علمية نظرًا لندرته. ففي فرنسا – على سبيل المثال - كان الطلب عليه حتى تلك المرحلة محدودًا ومقتصرًا على عدد من الهيئات العامة (جيش، إعلام، أمن). ومنذ تلك المرحلة بدأ الطلب على ترددات الحيز حول العالم يتكاثر بشكل كبير، وذلك يعود لثلاثة أسباب رئيسة:

أولًا: إزدياد عدد مشغلي الاتصالات اللاسلكية، الذين لم يعودوا يقتصرون على القطاع العام وذلك نتيجة كسر احتكار القطاع العام للاتصالات اللاسلكية.

ثانيًا: إزدياد عدد وسائل الإعلام وظهور الفضائيات.

ثالثًا: السير نحو مرحلة تقارب التكنولوجيا والتي تزيد من الطلب على حيز الترددات بفعل وجود إستعمالات جديدة تمكّن من التواصل مع الشخص أينما تواجد وكيفما تنقّل مثل تقارب الخلوي والإنترنت مثلًا.

 

في هذه المرحلة، اكتسب استعمال حيز الترددات في مختلف دول العالم بعدًا إقتصاديًّا أساسيًّا، وتزامن ذلك مع قناعة لدى أصحاب القرار في مختلف دول العالم بضرورة الإفساح في المجال للاستعمالات غير العسكرية للحيز، والتي تتيحها ثورة الاتصالات والمعلومات وبخاصة مع انتهاء فترة الحرب الباردة وانخفاض مشاريع التسلّح والدفاع.

سنتناول في هذا البحث:

-الطبيعة القانونية لحيز الترددات اللاسلكية.

-النظام القانوني الذي يرعاه.

-كيفية إدارته وتوزيع الترددات.

 

القسم الأول: الطبيعة القانونية لحيز الترددات اللاسلكية ونظامه القانوني.

يشكل حيز الترددات اللاسلكية مسألة سيادية يعود إلى الدولة وحدها الحق باستعمالها أو الترخيص للغير عند الحاجة وفق أنظمة محددة لشروط منح رخص الاستعمال. لقد تُرجم هذا الأمر في السابق قبل صدور قانون الاتصالات لعام 2002 بنص المادة 232 من المرسوم الإشتراعي رقم 126 تاريخ 12 حزيران 1959 (تنظيم الأصول الإدارية والمالية في المديرية العامة للبريد والبرق) الذي ينص على ما يلي:

«يحظّر في داخل الأراضي اللبنانية وفي مياهها الإقليمية وعلى وسائل النقل البرية والبحرية والجوية إقامة أو استعمال أي محطة للمواصلات اللاسلكية البرقية واللاسلكية الهاتفية أو للإذاعة إلا من قبل وزارة البريد والبرق والهاتف أو بترخيص منها». فيكون هذا النص قد حصر بشكل غير مباشر مسألة استعمال الحيز وإدارته بوزارة البريد والبرق والهاتف (حاليًّا وزارة البريد والاتصالات) على اعتبار أن استعمال المحطات اللاسلكية البرقية والهاتفية والإذاعية يتضمن حكمًا استعمالًا لحيز الترددات اللاسلكية. وتمنح رخص استثمار المحطات (وبالتالي رخص استعمال حيز الترددات) وفقًا لما يلي:

- بعد موافقة وزارة الدفاع الوطني (قيادة الجيش) ووزارة الداخلية (المديرية العامة للأمن العام) في كل الحالات.

- بعد استطلاع رأي وزارة الأشغال العامة والنقل (وتحديدًا مديرية الطيران المدني) فيما يخص المحطات الخصوصية المقامة على متن الطائرات.

- وزارة الأشغال والنقل (مصالح الشؤون البحرية) فيما يخص المحطات الخصوصية المقامة على متن البواخر واليخوت ووسائل النقل البحري (مادة 3 من المرسوم 377 تاريخ 15 أيلول 1989).

يشار هنا إلى أن وزارة الدفاع وسائر الأجهزة الأمنية مستثناة من أحكام هذه المادة (232) لجهة المحطات التي تؤسسها وتستعملها (مادة 190) من المرسوم الإشتراعي رقم (127).

ساهم هذا الواقع – في الماضي- في إلقاء الكثير من الغموض على الطبيعة القانونية لهذا الحيز، خصوصًا وأنه لم يوجد أي نص في هذا الشأن. لذلك كان لا بد من البحث في مسألة الطبيعة القانونية له (لهذا الحيز) كي نستطيع بالتالي تحديد النظام القانوني الذي يخضع له. فقبل الشروع في تحديد الطبيعة القانونية لحيز الترددات اللاسلكية، لا بد من استعراض التطور التاريخي لهذه المسألة في فرنسا والتي منها إستلهم المشرّع اللبناني طريقة تنظيمه وإدارته لحيز الترددات اللاسلكية.

لم يكن هاجس الاجتهاد الإداري الفرنسي القديم معرفة الطبيعة القانونية لحيز الترددات بقدر ما كان جهده منصبًّا على إعطاء السلطات الحق الواسع بإجراء الرقابة على الرخص المعطاة للشركات والمتعلقة باستعمال حيز الترددات. ولقد بدأت تُطرح مسألة ماهية الطبيعة القانونية للحيز, في غياب النص, في فرنسا بدءًا من أواخر العشرينات عند بدء الإذاعات الخاصة بالانتشار وتطوّر استعمال الاتصال اللاسلكي داخل الجيوش وفي النقل الجوي والبحري وغيرها من المجالات.

ظل مجلس الدولة الفرنسي حتى تلك المرحلة وفيًّا للفكرة التي ذكرنا وهي أنه تحاشى الفصل بشكل واضح وصريح في مسألة الطبيعة القانونية للحيز مكتفيًا بالإحالة إلى مفهوم المرفق العام والتي، لوحدها، كانت كافية لتبرير مراقبة الدولة للشركات والأفراد الحاصلين على رخص استعمال الحيز[2]. لكن وفي قرار صادر عن مجلس الدولة الفرنسي عام 1930 تغيّر الأمر قليلًا إذ اعتبر المجلس أن الحيز يشكل جزءًا من الفضاء (espace aérien) وبالتالي وبصورة تبعية جزءًا من الممتلكات العامة[3].

لكن فكرة اعتبار الحيـز، وبصورة أصلية وليس تبعية، جزءًا من الممتلكات العامة تطورت في السنوات التي تلت وكان أن أطلقها مفوض الحكومة لدى مجلس الدولة الفرنسي السيد «Chenot» وذلك في خلاصاته بشأن قرار - société radio atlantique [4]. وظل هذا الرأي معمولًا به لفترة طويلة فقهًا واجتهادًا ولكن دون أن يكرّس في أي نص قانوني مما ترك بعض المجال للاجتهاد مخالفًا.

عام 1982 ومع إصدار قانون حرية الإعلام المرئي والمسموع في فرنسا، أعيد طرح موضوع الطبيعة القانونية للحيز وذلك انطلاقًا من تزايد أهميته مع بدء ثورة الاتصالات والمعلوماتية، فبرز رأي فقهي ينادي باعتبار حيز الترددات اللاسلكية ممتلكات شائعة (وليست عامة) يعود للجميع حق استعمالها كمياه البحر والهواء وذلك حسب المادة 714 من القانون المدني الفرنسي. في تلك المرحلة نشأ جدل قانوني في فرنسا حول هذه المسألة فهناك من تمسك بالرأي التقليدي الذي يعتبر أن الحيز يشكل جزءًا من الممتلكات العامة وفي المقابل برز رأي أكثر ليبرالية نادى وانطلاقًا من أهمية حيز الترددات في ثورة الاتصالات باعتبار الحيز ممتلكات شائعة لا مالك لها لكن يعود لجميع المعنيين (مؤسسات وإدارات) الحق باستعمالها وفق أنظمة توضع حسب نص المادة 714 من القانون المدني الفرنسي.

 

وقد قدم أصحاب هذا الرأي الحجج اﻵتية:

- لا تملك الدولة حيز الترددات اللاسلكية بل هي تديره تحت إشراف مكتب الاتصالات اللاسلكية التابع لمنظمة الاتصالات العالمية.

- لا تتفق نظرية الممتلكات العامة مع فكرة تحرير قطاع الاتصالات وإعلان حرية البث المرئي والمسموع.

- لا يمكن تطبيق نظرية الممتلكات العامة على الأشياء غير المادية كحيز الترددات، فهذه النظرية تطبّق على الأشياء المادية والعقارية بصورة أخص. فعندما تطبق هذه النظرية على الأشياء غير المادية فإن الأخيرة (النظرية) تفقد كثيرًا من معناها وجدواها.

- يجب معاملة حيز الترددات كما يعامل الفضاء الخارجي لكوكب الأرض والفضاء الجوي العالي ومناطق أعالي البحار وبالتالي اعتبارها ممتلكات مشتركة للتراث الإنساني[5].

لقد ظل النقاش حول هذا الموضوع محتدمًا في فرنسا لأكثر من عقد من الزمن إلى أن حسم المجلس الدستوري الفرنسي النقاش واعتبر الحيز جزءًا من الممتلكات العامة[6]. كما أصدر مجلس الدولة الفرنسي قرارًا بهذا الشأن عام [7]2003 وقد حسم المشرّع الفرنسي النقاش بشكل تام حول هذا الموضوع عام 2006 عندما أصدر قانون ملكية الأشخاص العموميين وذلك من خلال نص المادة 2111 الفقرة 17 التي نصت على أن «حيز الترددات اللاسلكية هي ممتلكات عامة تعود للدولة».

أما بالنسبة إلى لبنان فلم تصدر اجتهادات بخصوص الطبيعة القانونية لحيز الترددات رغم غياب النص في القوانين القديمة التي تعنى بالاتصالات اللاسلكية. فظلت مسألة الطبيعة القانونية للحيز غامضة و تثير اللغط. ولكن الأمر تغيّر مع صدور قانون الاتصالات الجديد. فقد كرّس المشرع اللبناني ما توصل إليه الاجتهاد الفرنسي في متن قانون الاتصالات الصادر عام 2002 فيكون بذلك قد حسم، للمرة الأولى، الطبيعة القانونية لحيز الترددات بأن اعتبرها ممتلكات عامة (مادة 15 من القانون 431 لعام 2002). وبالتالي فإن حيز الترددات اللاسلكية يعتبر ملكًا عامًّا وبما لا يقبل الجدل. وهذا الواقع يدفعنا إلى التساؤل عن نظامه القانوني.

 

القسم الثالث: النظام القانوني لحيز الترددات اللاسلكية:

أ - مبادئ عامة

يرتبط النظام القانوني الذي يخضع له حيز الترددات اللاسلكية بمسألة طبيعته القانونية. فإذا تم اعتبار هذا الحيز ممتلكات عامة شائعة ليست ملكًا لأحد، فإنه لا بد من ممارسة الرقابة الإدارية (police administrative) بشأنها، وبالتالي تنظيم طريقة استعماله عبر إعطاء رخص بهذا الصدد لقاء بدلات رمزية لإدارة طلب الترخيص. أما إذا اعتُبر ممتلكات عامة فإنه تُعطى لأشغاله واستعماله رخص اشغال الأملاك العامة وذلك لقاء بدل مالي مع إمكانية منح رخص الإشعال هذه بطريقة تنافسية عبر أسلوب المزايدة العامة بحيث تعطى رخصة اشغال حيز الترددات للعارض الذي قدم العرض الأعلى في المزايدة.

إن اعتبار حيز الترددات الأسلكية جزءًا من الممتلكات العامة يرتب النتائج اﻵتية:

أولًا: لا يمكن استعمال الترددات ضمن الحيز المذكور إلا بعد الحصول على رخصة إشغال مسبقة من الجهة الإدارية المختصة كما سنبين في ما يلي وذلك تحت طائلة إعتبار المستعمل شاغلًا لأملاك عامة دون مسوغ قانوني.

ثانيًا: لا يمكن الحصول على رخصة إشغال الحيز إلا لقاء بدل يحدد من قبل السلطة الإدارية المختصة التي تدير الحيز وهي في لبنان الهيئة المنظمة للاتصالات منذ عام 2007. وتحدد قيمة البدل عادة على ضوء الغاية من استعمال الترددات بحيث تختلف قيمة البدل المستوفى باختلاف الغاية من الاستعمال (إستعمال لغايات تجارية أو لغايات الإعلام المرئي والمسموع أو لغايات خاصة أو لدواعي المصلحة العامة وتسيير المرفق العام أو لتقديم خدمات الجيل الثالث من الخلوي وعادة ما تفرض بدلات عالية لإشغال الحيز في هذه الحالة الأخيرة).

ثالثًا: إن استعمال الحيز يخضع لمبادئ إدارة الأملاك العامة تحت إشراف هيئة عامة. وأهم هذه المبادئ:

- عدم التنازل عنه للغير.

- عدم قابليته للتقادم.

- عدم قابلية الحجز عليه.

وهذا ما أكد عليه قانون الاتصالات اللبناني بشكل واضح في المادة 15 منه فاعتبر أن الترددات اللاسلكية هي ممتلكات عامة لا يجوز بيعها (الترددات اللاسلكية).

 

ب- النظام الذي تخضع له رخص إشغال الحيز وتطوّر الاجتهاد.

بالنسبة إلى رخَص إشغال واستعمال الحيز في فرنسا فإن الاجتهاد الإداري هناك يعتبر أن الرخص في هذا الصدد هي رخص شخصية، مؤقتة، قابلة في أي لحظة للإلغاء وذلك عند مخالفة الشروط الواردة في الرخصة أوفي القانون، كما أنها لا تخوّل صاحب الرخصة أي امتياز.

فصاحب الرخصة ليس له سوى حق إستعمال فقط [8] لكن مع السير بتحرير قطاع الاتصالات وفتح قطاعي المرئي والمسموع أمام القطاع الخاص، اضطر الاجتهاد الفرنسي لتليين موقفه. في العام 2000 صدر عن المجلس الدستوري الفرنسي قرار إعتبر بموجبه أن رخصة إشغال الحيز لخمس عشرة سنة تعطي صاحبها الحق برسملة الرخصة بمعنى أن حقه بالرخصة أصبح حقًّا ماليًّا (وهو ما يتعارض مع مبدأ عدم قابلية التصرف) يمكنه إدخاله في موجوداته (أي موجودات صاحب الرخصة).

يمنع هذا التطور بالتالي السلطة العامة من إلغاء الرخصة دون تعويض حيث أنه كان الاجتهاد الإداري الفرنسي حتى تلك الفترة لا يقر لصاحب الرخصة بالتعويض إلا إذا ألغيت تلك الرخصة لأسباب محددة جدًا[9].

وتأكيدا لتوجه رسملة رخص إشغال الحيز وتطبيقًا لتوجهات أوروبية، صدر في فرنسا قانون في العام 2004 سمح بالتفرغ عن رخص إشغال الحيز المستعملة في قطاع الاتصالات في حالات محددة وذلك بالتنسيق بين الوزير المكلف بشؤون الاتصالات و الهيئة المنظمة للقطاع.

أما في لبنان، فإذا أردنا أن نعرّف النظام الذي تخضع له رخص إشغال الحيز، يقتضي التفريق بين مرحلتين: مرحلة ما قبل صدور قانون الاتصالات الجديد رقم 431 لعام 2002: في تلك المرحلة كان لا بد من العودة إلى المرسوم الإشتراعي رقم 126 تاريخ 12/6/1959 (تنظيم الأصول الإدارية والمالية في المديرية العامة للبريد والبرق) وتحديدًا للمواد 233 إلى 250 منه، وأيضًا العودة إلى المرسوم 15583 تاريخ 19-2-1964 (تحديد شروط منح إجازات استثمار المحطات اللاسلكية الخصوصية)، وإذا لا بد من وزارة البريد والهاتف الحصول على رخصة استثمار المحطات اللاسلكية الخصوصية (وبالتالي رخصة استعمال حيز الترددات).

مرحلة ثانية وهي مرحلة ما بعد صدور قانون الاتصالات لعام 2002 فإن الهيئة المنظمة هي المخولة منح التراخيص في هذا الصدد (مادة 15 من قانون الاتصالات). فيقدم طلب الترخيص باستخدام الترددات إلى الهيئة ويجب أن يتضمن الطلب معلومات تتعلق بالمؤهلات المالية والقانونية التي تحدّدها الهيئة. تنشر الهيئة طلب الترخيص باستخدام الترددات على نفقة صاحب العلاقة في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين محليتين. في حال ورود اعتراض عليه تمنح الهيئة مقدم الطلب مهلة شهر للجواب عليه. تصدر الهيئة بعد درس الطلب قرارًا بالقبول أو الرفض تبين فيه الوقائع المادية والأسباب القانونية الموجبة للقرار. وإذا لم تستخدم الترددات اللاسلكية المرخص بها لمدة ستة أشهر خلال سنة واحدة، فإن للهيئة الحق بإلغاء الترخيص. كما يمكن للهيئة في أثناء مدة الترخيص تبديل الترددات وذلك مع احترام الشرطين الآتيين:

- إشعار صاحب الرخصة بمهلة لا تقل عن ثلاثة أشهر.

- أن لا يؤثّر هذا التبديل على نوعية وفعالية الخدمة.

إضافة إلى ذلك، فإن الترخيص يخضع للمبادئ التالية والواردة في المرسوم الإشتراعي رقم 126 تاريخ 12/6/1959 (تنظيم الأصول الإدارية والمالية في المديرية العامة للبريد والبرق) و التي تظل مطبقة لغياب النص عليها في قانون الاتصالات.

فالرخصة لا تخول صاحبها أي امتياز وهي لا تحول دون إعطاء الغير رخصة مماثلة (مادة 241)، كما أنه لا يجوز التنازل عن الرخصة إلا بعد موافقة المديرية العامة للبريد والبرق (مادة 242)، ويجب أن يتم التنازل لشخص تتوفر فيه الشروط المفروضة للحصول على الترخيص وأيضًا بعد موافقة وزارتي الدفاع والداخلية.

 

تكون الرخصة على عاتق صاحبها فهو الذي يتحمل مسؤولية الاستثمار ولا يمكن تحميل الدولة أي مسؤولية من جرّاء ذلك (مادة 240). تكون الرخصة قابلة للإلغاء وذلك في أي وقت وبدون أي تعويض (تماشيًا مع الاجتهاد الإداري الفرنسي القديم) وخاصة في الأحوال الآتية:

• إذا لم يتقيد صاحب الرخصة بالشروط الخاصة التي فرضت عليه إقامة المحطة واستعمالها.

• إذا ارتكب مخالفة للأنظمة الداخلية أو الدولية المقررة لتأمين استثمار المحطات اللاسلكية.

• إذا استعمل المحطة لغير الغاية المسموح له بها في مرسوم الترخيص وخاصة إذا التقط بغير حق مراسلات لم يسمح له بالتقاطها أو إذا أفشى سر المراسلات التي يلتقطها صدفة.

•  إذا شوش أو عرقل أعمال المصالح العامة في اتصالاتها المختلفة (مادة 242).

ففي مثل هذه الحالات الواردة على سبيل المثال يمكن للإدارة سحب رخصة استثمار المحطة، وبالتالي منع الجهة المرخص لها من استعمال حيز الترددات اللاسلكية. كما أعطت المواد 245 وما يليها المديرية العامة للبريد والبرق الحق بالرقابة على المحطات. وتُمنح الرخص إما لمدة محدودة أو غير محدودة، وفي هذه الحالة يتوجب تجديدها سنة فسنة لقاء دفع العائدات المترتبة عليها في مطلع كل سنة (مادة 31 من المرسوم رقم 15583).

يلاحظ هنا أن قانون الاتصالات لم يحدد سوى وسيلة واحدة للحصول على الرخص من قبل الهيئة المنظمة للاتصالات وهي الطريقة الإدارية التقليدية عبر تقديم طلب في هذا الصدد ودراسته من قبل الهيئة المذكورة. بينما نجد أن هذه الطريقة لم تعد هي الوحيدة المعتمدة في العديد من الدول وبخاصة فيما يتعلق بقطاع الاتصالات. تبلورت مع تحرير قطاع الاتصالات طرقًا جديدة لمنح هذه الرخص التي تعتمد أكثر على المنافسة و أقل على الاستنسابية في منحها. وتعتبر المزايدة بمختلف أشكالها إحداها بحيث تعطى رخصة للمرشح الذي قدم أعلى سعر بشأن الحق باستعمال الحيز.

إنه من الضروري التفكير مع السير بتحرير قطاع الاتصالات اللبناني في اختيار الوسيلة المناسبة لاصطفاء أفضل المتقدمين للحصول على رخص إشغال حيز الترددات, بغية تقديم خدمات الاتصالات الاسلكية و بخاصة الجيل الثالث من الخلوي بصورة مرضية. تعتمد فعالية تقديم خدمات الجيل الثالث بالدرجة الأولى على حسن اختيار الوسيلة المناسبة لمنح رخص استعمال الحيز ولذلك بحث أخر.

 

القسم الرابع: إدارة حيز الترددات اللاسلكية.

ترتدي مسألة إدارة حيز الترددات أهمية خاصة كون الترددات تشكل موردًا نادرًا يقتضي إدارته بشكل مناسب وفعال وتصبح مسألة الإدارة أكثر أهمية إذا عرفنا أن ليس كل الترددات المتوافرة ضمن الحيز قابلة للاستغلال وذلك لصعوبات تقنية.

تعتبر إدارة حيز الترددات مسألة معقدة تتداخل فيها ثلاثة مبادئ يقتضي احترامها: فمن جهة أولى هناك مصلحة الدولة العليا من أمن ودفاع، ومن جهة ثانية لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار تطوير الخدمات في قطاعي الاتصالات والإعلام المرئي والمسموع. وأخيرًا لا بد من احترام المقررات الدولية الصادرة عن المنظمة الدولية للاتصالات في هذا الصدد إذ أن المنظمة تتولى تنسيق إدارة الحيز على المستوى الدولي.

إن مسألة استعمال حيز الترددات -من حيث المبدأ- هي مسألة سيادية يعود لكل دولة وحدها الحق بتحديد كيفية استعمالها لكن مع احترامها لتعهداتها الدولية ضمن منظمة الاتصالات الدولية. تهدف هذه التعهدات ضمان أفضل استعمال ممكن لهذا المورد النادر.

في السابق وقبل انطلاق ثورة الاتصالات والمعلوماتية، كانت مسألة إدارة حيز الترددات موزعة بين عدة هيئات أو وزارات. ففي فرنسا –على سبيل المثال- وحتى العام 1997 كانت إدارة حيز الترددات تتوزع بين:

- الدائرة الوطنية للاتصالات اللاسلكية في وزارة الاتصالات وهي تتولى إدارة حيز الترددات المتعلق بقطاع الاتصالات.

- المجلس الأعلى للإعلام بشأن حيز الترددات المرتبط بقطاع الإعلام المرئي والمسموع.

- دوائر مختلفة ضمن وزارات متعددة (الدفاع، الداخلية والنقل) كل فيما يتعلق بقطاعه.

وكان الوزير الأول في فرنسا وبموجب المادة 21 من قانون 30/9/1986 يتولى تحديد الإطار العام ووضعه لتوزيع حيز الترددات ما بين تلك الجهات.

لم يكن الأمر مختلفًا كثيرًا في لبنان، فحتى العام 2007 كانت إدارة الترددات وتوزيعها بشكل أساسي على غرار فرنسا من صلاحية وزارتي البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية (البريد والاتصالات الآن) و الإعلام, وذلك بعد موافقة وزارتي الدفاع الوطني (قيادة الجيش)، وزارة الداخلية (المديرية العامة للأمن العام) وأيضًا بالتنسيق مع وزارة الأشغال والنقل (مديرية الطيران المدني فيما يخص المحطات الخصوصية المقامة على متن الطائرات) و(مصالح الشؤون البحرية فيما يخص المحطات الخصوصية المقامة على متن البواخر واليخوت ووسائل النقل البحري). (راجع المادة 3 من المرسوم رقم 377 تاريخ 15 أيلول 1989).

تم، مع إنشاء المجلس الوطني للإعلام في منتصف التسعينات، البدء باستطلاع رأيه في شأن الترددات المتعلقة بقطاع المرئي والمسموع.

 

ساهم هذا التشتت على مستوى إدارة حيز الترددات في تأخير تطوير الاتصالات، وبالتالي أثّر سلبًا على الاقتصاد الوطني للعديد من الدول[10] مما دفع إلى إعادة التفكير باعتماد طرق أخرى لإدارة حيز الترددات اللاسلكية. تمت بلورة ثلاثة نماذج عالمية لإدارة هذا المورد النادر، بحيث تُحصر إدارة الحيز بهيئات محددة، وعلى الدول اختيار أحد النماذج الثلاثة لإدارة الحيز، وينبغي أن يكون الأكثر انطباقًا على واقعها، وهذه النماذج هي:

1. إما إنشاء مجلس وطني للترددات يتمثل فيه كل المعنيين بحيز الترددات من قطاعات (الاتصالات المرئي والمسموع، الدفاع الوطني، الأمن الداخلي، الطيران المدني، النقل البحري، المرصد الجوي..)، فتكون مهمة هذا المجلس الوطني إدارة حيز الترددات عبر وضع مخطط وطني يحدد أسس توزيع الترددات. كما يكلف هذا المجلس بوضع الخطط اللازمة لكيفية إدارة الحيز على المستوى الطويل مع تزايد الطلب على الترددات بحيث يمكنه التوفيق بين مختلف الطلبات. وأخيرًا يكون من مهام هذا المجلس مراقبة حسن استخدام الحيز من قبل مستخدميه الحاصلين على رخص في هذا الصدد. وهذا النموذج من الإدارة اعتمدته بريطانيا أولًا ثم فرنسا بدءًا من العام 1997.

2. أما النموذج الثاني، فيتضمن تكليف وزارة الاتصالات مهمة إدارة الحيز وتحديد وتوزيع الحصص، وهذا النموذج اعتمده كل من إيطاليا، إسبانيا وهولندا[11].

3. النموذج الثالث يقضي بتكليف الهيئة المنظمة لقطاع الاتصالات مهمة إدارة الحيز وتوزيعه، وهذا الحل اعتمده كل من ألمانيا، سويسرا وبلجيكا، وهذا ما اتبعه أيضًا لبنان من خلال نص المادة 15 من قانون الاتصالات رقم 431-2002 (فقرة أولى) التي نصت «الترددات اللاسلكية ممتلكات عامة لا يجوز بيعها ويخضع تأجيرها أو الترخيص باستخدامها لأحكام هذا القانون وتتمتع الهيئة بسلطة حصرية لإدارة هذه الترددات وتوزيعها ومراقبة استخدامها».

والهيئة بموجب الفقرة الثانية من المادة ذاتها مدعوة لأن تضع سنويًّا مخطّطًا لتوزيع الترددات على المعنيين من مقدمي خدمات الاتصالات إلى مؤسسات البث الإذاعي والتلفزيوني إلى الاتصالات اللاسلكية العائدة للإدارات والمؤسسات العامة.

يشار هنا إلى أنه وبموجب المادة 15 فقرة أولى فإن للهيئة صلاحية حصرية في إدارة حيز الترددات وتوزيعها ومراقبتها ولكن هذه الحصرية لا تمنع من استشارة الهيئات المعنية الأخرى في عملية منح الرخص استخدام حيز الترددات كل ضمن اختصاصه، وذلك كما أكدت عليه الفقرة 3 من المادة 15 من قانون الاتصالات التي أحالت على أحكام القوانين والأنظمة في هذا الصدد والتي سبق وذكرناها وبالتالي لا بد من:

- الاستشارة المسبقة لوزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية (المديرية العامة للأمن العام) في كل ما يتعلق باستخدام حيز الترددات بجميع استخداماته.

- استشارة وزارة الإعلام (المجلس الوطني للإعلام) في كل ما تعلق حصرًا باستخدام الترددات اللاسلكية المتعلقة بالبث التلفزيوني والإذاعي.

- استشارة وزارة الأشغال العامة (مديرية الطيران المدني) فيما خص الملاحة الجوية.

- استشارة وزارة الأشغال العامة (مصالح الشؤون البحرية) فيما خص الملاحة البحرية من سفن ويخوت.

يتوجب، في حال نشب خلاف بين الهيئة المنظمة وإحدى هذه الإدارات حول كيفية التوزيع أو الاستعمال للحيز، عرض هذا الخلاف على مقام مجلس الوزراء للفصل فيه (مادة 15 فترة 2).

لا بد في النهاية من التأكيد على أنه إن كان للهيئة صلاحية حصرية في إدارة حيز الترددات اللاسلكية وتوزيعها ومراقبتها، فإن صلاحية الهيئة محددة في هذا الإطار بحدين. فبموجب قانون الاتصالات رقم 431 مادة 16 فترة 3، يكون لمجلس الوزراء صلاحية وضع السياسة العامة والقواعد العامة المتعلقة بإدارة حيز الترددات وتوزيعها وعلى الهيئة العمل تحت سقف المبادئ التي يضعها المجلس. كما أنه على الهيئة احترام توصيات الاتحاد الدولي للاتصالات فيما يتعلق بإدارة حيز الترددات اللاسلكية.

من المهم التذكير أخيرًا بأن المرسوم رقم (15583) تاريخ 19 شباط 1964 وتعديلاته (المتعلق بتحديد شروط منح إجازات استثمار المحطات اللاسلكية الخصوصية) تضمن أحكامًا متعلقة بتوزيع حيز الترددات يقتضي على الهيئة احترامها وذلك وفق المادة 16 فقرة 3 من قانون الاتصالات الجديد. (تراجَع المواد 8 إلى المواد 11 من المرسوم المذكور).

لقد أتى قانون الاتصالات لعام 2002 بجديد يتعلق بتحديد الجهة المسؤولة عن إدارة الحيز ومراقبته وحصرها بالهيئة المنظمة للاتصالات مع مراجعة الهيئات الأخرى عند الاقتضاء.

يعتبر هذا الحصر خطوة متقدمة على طريق تحديد المسؤولية وإنهاء تشابك الصلاحيات السابق الذي ساهم في تردي إدارة الحيز وحصول مخالفات وتجاوزات عليه.

لكن من المشروع طرح سؤال: هل الهيئة المنظمة للاتصالات على ضوء الواقع اللبناني الحالي هي الجهة المخولة ممارسة هذه المهمات الأساسية تجاه حيز الترددات الذي يمثل في الوقت نفسه قيمة إستراتيجية واقتصادية؟

بمعنى أخر هل وصلنا إلى درجة عالية من التقدم المؤسساتي يخوّلنا إعطاء هيئة إدارية مستقلة صلاحية إدارة ملك عام له أبعاد استراتيجية واقتصادية هامة كحيز الترددات اللاسلكية؟

ألم يكن من الأفضل إعطاء هذه الصلاحية لهيئة مسؤولة سياسيًا أمام المجلس النيابي كوزارة الاتصالات مثلا أو إنشاء مجلس وطني للترددات تتمثل فيه كل القطاعات المعنية بالحيز كما ذكرنا سابقًا على أن يرتبط هذا المجلس الوطني بجهة مسؤولة سياسيا كمثل رئاسة الحكومة أو حتى وزارة الدفاع الوطني. أعتقد أن هذين الخيارين الأخيرين هما الأنسب لواقعنا لأنهما يسمحان في الوقت ذاته بالأخذ بعين الاعتبار الأبعاد المتناقضة لحيز الترددات السابق ذكرها.

 

الخاتمة:

يشكل حيز الترددات اللاسلكية جزءا من الممتلكات العامة. وتستدعي مسألة إدارة حيز الترددات التوفيق بين مبدأين أساسين:

الأول الأمن والدفاع الوطنيين اللذان يستدعيان تفعيل الرقابة على الحيز.

و الثاني تفعيل القطاعات التي تعتمد على الحيز (إتصالات, إعلام مرئي, إعلام مسموع...). و الذي يستدعي بدوره أفضل إدارة ممكنة له.

من هنا ضرورة التفكير من جهة أولى بوضع آليات تحدّد نظام الحيز والحقوق المتاحة عليه ومن جهة ثانية بوضع قواعد تحدد وتنظم الجهة التي ستتولى إدارته ومراقبته.

في السنوات الأخيرة، إكتسب حيز الترددات اللاسلكية أبعادًا إقتصادية لم تكن قائمة سابقًا. وتزايد الطلب على الحصول على الترددات من هنا فإنه من المهم إتباع قواعد مثلى في إدارة هذا الحيز ومراقبته لما فيه أمن البلاد وازدهارها الاقتصادي على حد سواء. واستطاع الاجتهاد الفرنسي أن يوائم ما بين هذين المبدأين وأن يحسم مسألة الطبيعة القانونية لحيز الترددات كما تمكّن الاجتهاد المذكور أن يلين قواعد النظام القانوني لحيز الترددات ويطبق على رخصه المبادئ التجارية إلى حد معين.

في لبنان كرس المشٌرع ما توصل إليه الاجتهاد في فرنسا بشأن طبيعة الحيز. أصبحت صلاحية إدارة الترددات، توزيعها ومراقبتها منذ عام 2007 من اختصاص الهيئة المنظمة للاتصالات وفق ما ذُكر في معرض البحث وهذه الهيئة تمنح رخصًا مستقلة متميزة عن رخص استثمار المحطات اللاسلكية وتسمى «رخصة استخدام الترددات اللاسلكية».

وفي النهاية على ضوء الدراسة لا بد من اقتراح ما يلي بالنسبة للوضع اللبناني.

أولا: إصدار قانون يحدد بشكل مفصل الحقوق التي توليها رخصة استعمال حيز الترددات ويعاقب بشكل رادع المتعدين عليه. ولمزيد من حماية الحيز لا بد من تحديد أسس استيراد أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكية واستعمالها.

ثانيا: تفعيل الرقابة على حيز الترددات اللاسلكية وذلك:

من جهة أولى، عبر تحديد أسس استيراد أجهزة التشفير والتشويش واستعمالها وأجهزة فك التشفير ومن جهة ثانية عبر حصر سلطة الرقابة والإدارة على الحيز بسلطة مركزية مسؤولة سياسيًا كرئيس الحكومة أو وزير الاتصالات على أن يرتبط بهذه الجهة المركزية لهذه الغاية مجلس وطني للترددات تتمثل فيه كل القطاعات المعنية بالحيز. وبهدف تحقيق أفضل إدارة ورقابة ممكنة لهذا الحيّز، من المفضل إعطاء سلطة الرقابة هذه التفويضات والوسائل اللازمة كلها لتحقيق أهدافها.

ثالثًا: صيانة حقوق الدولة المالية على الحيز عبر نقل صلاحية تحديد بدلات إستعمال الحيز من يد الهيئة المنظمة للاتصالات إلى وزير الاتصالات الذي عليه العمل على إصدار مرسوم عادي يحدد بالتفصيل قيمة البدلات وكيفية إحتسابها وتحصيلها وأيضًا حالات الإعفاء من دفعها.

رابعًا: إطلاق نقاش بشأن كيفية إختيار الوسيلة المناسبة لإعطاء رخص إشغال حيز الترددات الاسلكية (مزايدة أم الوسائل الإدارية التقليدية) وذلك بهدف إطلاق خدمات الجيل الثالث من الخلوي.

 

[1]-     Lucien Rapp, «Les ondes entre droit et commerce», Revue commerciale de la jurisprudence, n. 34, Mai - Juin 2004, p 165.

 

[2]-    

 

[3]-     CE, 7 Mars 1930, Recueil Lebon 1930, p 375.

 

[4]-     CE, 6/2/1948, Recueil Lebon 1948 p 191,.

 

[5]-     Bertrand Delcros et Didier Truchet, «Les ondes appartiennent–elles au domaine public» article 10 de la loi du 17 Janvier 1989, RFDA, Mars –Avril 1989, p 257.

 

[6]-     Conseil constitutionnel du 28/12/2000 no. 2000-442, Recueil conseil constitutionnel 2000 p 211.

 

[7]-     CE 11 Mai 2003 no 247353, 24833, télévision française TF1, JCP édition générale 2003, II, no. 10147

 

[8]-     Christophe Mondou, «Nature et caducité des autorisations d’émettre sur une fréquence radioélectrique», LPA 30- 8-1996. no. 105, p7.

 

[9]-     André Chammande, «La soumission du spectre des fréquences radioélectriques aux règles de la domanialité publique», Semaine juridique, édition générale, n 49, no. 49, 3/12/2003, II, 1089

 

[10]-    Pierre Huet, «Allocation et gestion des ressources rares», AJDA, 20 mars 1997, p 251.

 

[11]-    Christane Guillot, Bernard Théry, «L'agence nationale des fréquences», juris PTT N. 50, 3 trimestre 1997, p3.

 

The legal nature of the radio electric frequencies’ sphere and the means of management
Radio electric frequencies can be defined as electromagnetic waves naturally spreading in space without any artificial effect resulting from an external factor. These frequencies spread in space through energy radiations taking the form of electromagnetic waves in space (air).

With the increasingly fast pattern of the telecoms revolution the use of radio electric frequencies entered a new phase. Until the beginning of the eighties, the distribution of frequencies did not pose any scientific problem in the superpowers due to the rarity of this issue. In France, for instance, the demand for these frequencies remained limited and restricted to a number of public institutions (army, media, security). Since that stage, demand for  radio electric frequencies started to increase rapidly throughout the world for three main reasons:

First: the increasing number of wireless telecommunications operators who are no longer limited to the public sector as a result of breaking the monopoly of the public sector which used to control this technology.

Second: the increasing number of media corporations and the emergence of Cable networks.

Third: moving towards the stage of technological convergence which increases demand for radio electric frequencies on account of the existence of new usages which enables a person to contact any individual wherever he may be using the internet or the cellular phone for example.

In this stage, the use of radio electric frequencies in the different world countries gained a major economic dimension and this coincided with a certainty among decision makers throughout the world that an opportunity should be given to use these communications in nonmilitary fields. This opportunity came as a result of the information and telecommunication revolution especially with the end of the Cold War and the decrease in defense and armament projects.

The researcher addresses the following points in his study:

  • The legal nature of the wireless frequencies’ scope
  • The Legal system regulating this scope
  • The means to manage and distribute frequencies

La nature juridique de la sphère des fréquences radioélectriques et les moyens de les gérer

Les fréquences radioélectriques peuvent être définie comme la propagation des ondes électromagnétiques dans l'espace naturel, sans aucun effet artificiel résultant d'un facteur externe. Ces fréquences réparties dans l'espace grâce à l'énergie des radiations prenant la forme d'ondes électromagnétiques dans l'espace (l'air).
Avec l’évolution rapide  de la révolution des télécommunications, l'utilisation des fréquences radioélectriques est entré dans une nouvelle phase. Jusqu'au début des années quatre-vingt, la distribution des fréquences ne pose aucun problème scientifique dans les superpuissances en raison de la rareté de cette question. En France, par exemple, la demande pour ces fréquences est restée limitée et restreinte à un certain nombre d'institutions publiques (armée,  médias et  sécurité). A ce stade, la demande de fréquences radioélectriques a commencé à augmenter rapidement dans le monde pour trois raisons principales:
Premièrement: le nombre croissant d'opérateurs de télécommunications sans fil qui ne sont plus limitées au secteur public pour briser le monopole du secteur public, qui permet de contrôler cette technologie.
Deuxièmement: le nombre croissant de sociétés de médias et de l'émergence des réseaux câblés.
Troisièmement: le déplacement vers le stade de la convergence technologique qui augmente la demande pour les fréquences radioélectriques en raison de la présence  de nouveaux usages qui permet à une personne de contacter tout individu où qu'il soit en utilisant l'internet ou le téléphone cellulaire par exemple.
Dans cette étape, l'utilisation des fréquences radioélectriques dans les différents pays du monde acquiert une dimension économique importante et cela a coïncidé avec une certitude chez les décideurs à travers le monde que l'occasion devrait être donnée à l'utilisation de ces communications dans les domaines non militaires. Cette occasion s'est présentée comme un résultat de l'information et de révolution des télécommunications en particulier avec la fin de la guerre froide et la diminution des projets de défense et d'armement.

Le chercheur aborde dans son étude les points suivants:
- La nature juridique de la portée des fréquences sans fil »
- Le système juridique réglementant cette envergure
- Les moyens de gérer et de distribuer les fréquences