ملف العدد

الظاهرة تتفاقم في لبنان و«عدوى» اللوتو تصيب أكثرية المواطنين
إعداد: العقيد أنطوان نجيم - تيريز منصور

الفقر والإحباط وثقافة الاستهلاك والربح السريع عوامل تعزز الأمل ب «ضربة حظ»

 

إزدحام كبير، عجقة ناس، تذكرك بعجقة الأفران في زمن الحرب. شو القصة؟ يجيب أحدهم: صارت الجائزة 7 مليارات!! وسمت بطاقتك، لا بل بطاقاتك؟ عبارة رددها معظم الحاضرين، وكأنهم حفظوها وردّدوها مئات، لا بل آلاف المرات حتى في أثناء نومهم!
هذا واقع المجتمع اللبناني اليوم، لا بل واقع معظم المجتمعات. بالمبدأ، الناس تحلم بالتغيير، تحلم بضربة حظ، تنشلها من واقعها، تغيّر مجرى الحياة، في زمن ضاعت فيه الآمال والأحلام بالتغيير وبتحسين الأحوال واصطدمت بجدار، اين منه أسوار العالم كلها من الصين الى برلين الى فلسطين المحتلّة.
ظاهرة الإقبال الكثيف على ألعاب الحظ لا سيما «اللوتو» منها في مجتمعنا، باتت ملفتة وتسترعي الإنتباه على أكثر من صعيد، فما من شهر يمضي إلا و«يبصر النور» مليونير (وحتى ميلياردير) جديد. وكلما ازدادت قيمة الجائزة الكبرى، تزايدت آمال الربح، وتكاثر أضعافاً مضاعفة عدد البطاقات الموسومة عبر آلات الوسم في المحال التجارية أو عبر الإنترنت (من أقطار العالم كافة)، لتبلغ اكثر من أربعة ملايين شبكة.
منذ إنشائه العام 1943 في عهد الرئيس بشارة الخوري، لعب اليانصيب الدور البارز في الحقول الإجتماعية والإنسانية، وأدى الخدمات الجلى للدولة وللشعب. أما اليوم فبعد تنامي هذه الظاهرة وتنوّع ألعاب الحظ، لم يعد اليانصيب يقوم بالدور الاجتماعي الذي انشئ من أجله، فهو أصبح يدعم الخزينة التي تقع تحت وزر مديونية كبيرة تفوق ال 38 مليار دولار.
ما هو دور اليانصيب الوطني اللبناني؟ من يشرف على عمل هذه المديرية في لبنان؟ ما هي حصة الخزينة من هذه الألعاب؟ وما هو تأثيرها على المجتمع وإبداعه وإنتاجه؟ أسئلة عديدة هامة بأهمية قيمة الجوائز، حاولت مجلة «الجيش» الإجابة عنها من خلال هذا الملف.

 

السيد حيدر: دواليب الحظ سوف تعيد إحياء تراث اليانصيب الوطني اللبناني

مدير اليانصيب الوطني السيد عامر حيدر تحدث لمجلة «الجيش» عن إدارة اليانصيب ومهامها في دعم خزينة الدولة فقال: مديرية اليانصيب الوطني هي إدارة عامة موازنتها ملحقة بالموازنة العامة، وهي على علاقة مباشرة بوزير المال. ومن مهامها إدارة ألعاب الحظ في لبنان واستثمارها، والتي تتوزع بين اليانصيب الوطني، واليانصيب الفوري (بينغو، دشش، ملايين، طرة نقشة...) واللوتو اللبناني.
تدير المديرية هذه الألعاب وتشرف عليها عن طريق تلزيمها الى شركات خاصة، تقوم بتوزيع البيع مقابل دفتر شروط خاص.
اليانصيب الوطني اللبناني، ملزَم الى الشركة التقليدية ش.م.م. بنسبة 92 في المئة من عدد أوراق الإصدار.
وتتقاضى الشركة عمولة على البيع بنسبة 17 في المئة، موزعة بين البائعين 10 في المئة و4 في المئة للمتعهدين و3 في المئة أرباح الشركة مع التكاليف، وثمة 47 في المئة من قيمة ثمن الإصدار جوائز الجمهور.
أما مهمة المديرية هنا فتقتصر على الدعاية والإعلان بقيمة 650 مليون ليرة بالسنة. وبإختصار فإن الربح المقدّر الصافي العائد لمديرية اليانصيب هو 20 في المئة، ولكن هذه النسبة قد تدنّت تقريباً خلال السنوات الثلاث الماضية بحدود 50 في المئة، وذلك بسبب تدني نسبة بيع أوراق اليانصيب، جراء تهافت اللاعبين على ألعاب حظ جديدة مثل اللوتو، وألعاب اليانصيب الفوري. وتثبت الدراسات أن زبائن اليانصيب هم من المتقدمين في العمر، وهم على تناقص. وإزاء هذا الواقع، ارتأت إدارة اليانصيب إعادة دولاب الحظ، الذي يعتبر من التراث من أجل إجراء السحوبات في المستقبل. ولا بد من الإشارة أيضاً الى أن أسباب التدني الحاصل في نسب بيع اوراق اليانصيب عائد الى الاحتكار الحاصل في إدارة هذه الألعاب، من قبل شركة واحدة تدير اللوتو، واليانصيب الوطني اللبناني، واليانصيب الفوري، الأمر الذي سيتم تداركه في التلزيم القادم لليانصيب الوطني اللبناني (في 7/1/2007). ولقد نصّ دفتر الشروط الجديد بأنه ممنوع على الشركات (الشركة الواحدة) التي تدير ألعاب الحظ الحالية التقدم للمشاركة في المزايدة.
وأوضح السيد عامر حيدر «أن حصيلة بيع أوراق اليانصيب للعام 2005 قدرتها مديرية اليانصيب الوطني اللبناني، ب 45 مليار ليرة، بيد أن النتيجة جاءت مغايرة تماماً واستقرّ المبلغ على 23 مليار، مما يظهر أن التدني في عملية البيع وصل لغاية 49 في المئة».
وعن عناصر الأمان بالنسبة الى ورقة اليانصيب قال انها مصنوعة من عجينة ورق خاصة، نص عليها دفتر الشروط، وتتضمن هذه العجينة 6 عناصر أمان متقنة بالطريقة نفسها الخاصة بالعملة اللبنانية.
وأضاف السيد حيدر: يجري سحب اليانصيب الوطني اللبناني كل خميس الساعة 5.30 بإشراف اللجنة العليا لليانصيب المؤلفة من مدراء عامين، ونأمل مع التلزيم الجديد العام 2007، أن ترتفع نسب المبيعات.

 

من يدير اللوتو؟

إدارة اليانصيب الوطني اللبناني تشرف على اللوتو اللبناني وتديره، وتمارس رقابتها الكاملة على أعمال وعمليات وقيود حسابات وسجلات ومستندات الملتزم المتعلقة حصراً بالتلزيم، وبصورة عامة كل ما له علاقة بتنفيذ التلزيم، والتي ينص عليها دفتر الشروط الخاص، بما فيها المراجعات والشكاوى. كما يمكن لوزير المالية عند الإقتضاء ان يكلف مدققي حسابات قانونيين لمراقبة الأعمال كافة وتدقيقها. تجري هذه الرقابة لجنة تتألف من أربعة موظفين من مديرية المالية العامة ومديرية اليانصيب الوطني.
وأوضح السيد حيدر أن «اللوتو اللبناني تمّ تلزيمه بموجب مزايدة عامة كما اليانصيب الى الشركة اللبنانية لألعاب الحظ، بموجب دفتر شروط خاص. وان حصة مديرية اليانصيب من عائدات اللوتو (المبيع) وفق محضر التلزيم 37 في المئة للسنة الأولى، وتزداد 1 في المئة سنوياً حتى تصل الى 40 في المئة، وتستمر هذه النسبة حتى نهاية مدة التلزيم التي تبلغ سبع سنوات، أي أنها تنتهي العام 2009. ومن ناحية أخرى، يجب ألاّ تقل الحصة السنوية للإدارة خلال السنة الأولى من التلزيم من إيرادات «اللوتو اللبناني» عن مبلغ العشرة مليارات ليرة لبنانية. كما أن الحصة السنوية للإدارة من الإيرادات يجب ان تزداد بنسبة 10 في المئة سنوياً بدءاً من العام الثاني للتلزيم كحد أدنى».
وعن مداخيل اللوتو قال: «لقد قدّرت المديرية في موازنة العام 2005 حصة الإدارة من مبيعات اللوتو اللبناني ب 30 مليار ليرة لبنانية، ولكن النتائج الفعلية فاقت الأرقام المقدّرة وبلغت أكثر من 42 مليار ليرة، أي بزيادة نحو 35 في المئة عن تقديرات موازنة مديرية اليانصيب».
وعزا حيدر هذه الزيادة الى الأسباب الآتية:
* إن المغامرة وحب الربح والمقامرة وألعاب الحظ، هي من طبيعة البشر، ولذلك انشأت الدولة اللبنانية «كازينو لبنان».
* اتجاه الشباب الى ألعاب الحظ الحديثة وابتعادهم ما أمكن عن الألعاب التي يعتبرونها من التراث (اليانصيب الوطني).
* كلفة ورقة اللوتو 1500 ل.ل. بينما سعر ورقة اليانصيب 5000 ل.ل. وبالتالي فإن 1500 ل.ل. يمكن أن تغيّر حياة الملايين من البشر، إضافة الى أن حجم الجائزة من اليانصيب محدد وهو 150 مليون ليرة لبنانية، فيما جائزة اللوتو قد تصل الى 7 مليارات وربما أكثر اذا تراكمت من أسبوع الى آخر، علماً أن فرص الربح في اليانصيب أكبر وأوسع.
* إجراء السحب مرتين في الأسبوع ما شجع الناس أكثر، ومنحهم الأمل الجديد بالربح وبتغيير الحياة.

 

اليانصيب الفوري

اليانصيب الفوري لزّم أيضاً العام 2005 للشركة اللبنانية لألعاب الحظ. والحدّ الأدنى لحصة المديرية هو 32 في المئة، ويزيد كل سنة 1 في المئة، على ألاّ تقل حصة الإدارة للسنة الأولى عن 3 مليارات. ولقد بلغت حصة الإدارة في العام 2005، 3 مليارات ليرة لبنانية. وتجدر الإشارة الى أن حصة خزينة الإدارة المقدرة للعام 2005 كانت 50 مليار، ولكن النتيجة جاءت 47 مليار ليرة لبنانية.
وعن خطط المستقبل اوضح السيد عامر حيدر: «إن ألعاب الحظ مراقبة بشكل دقيق وفعّال ولا مجال للغش والتزوير أبداً. وبالنسبة الى اليانصيب الوطني فالإدارة تضع نصب أعينها الإبقاء عليه، وتحسين شروطه ونوعيته، بما يرضي الجمهور ويحقق منفعة كبيرة للإدارة. وقد يتم إنشاء ألعاب حظ جديدة من خلال شركات اخرى جديدة».
وعن المنفعة العامة من عائدات اليانصيب قال السيد عامر حيدر: «قسم من عائدات اليانصيب ووفق القانون يعود الى مصلحة الإنعاش الاجتماعي التي اقفلت حالياً والى جمعيات خيرية، تزايدت بشكل كبير، لذا باتت هذه الأموال تذهب كواردات الى خزينة الدولة».
واعتبر أخيراً أن «تهافت الناس على ألعاب الحظ في هذه الفترة نابع ربما عن البطالة وعن الوضع الاقتصادي المتردي، وبالتالي بات أمل الناس محصوراً بالله الخالق و... بورقة يانصيب».

 

جريصاتي: قريباً وسم بطاقة اللوتو عبر الخلوي

رئيس مجلس إدارة «اللوتو» الشركة اللبنانية لألعاب الحظ السيد رينييه جريصاتي تحدث بدوره عن إنشاء اللوتو في لبنان فقال: «وضعت مديرية اليانصيب الوطني اللبناني قانوناً يهدف الى إنشاء يانصيب جديد يخضع لنظام اللوتو العالمي واليانصيب الفوري. أقرّ القانون العام 1985، وتقدمت عدة شركات للحصول على عقد تلزيم المشروع، ورست المزايدة على الشركة اللبنانية للإستثمار الوطني. ومن ثم أصدرت الدولة دفتر شروط جديداً، طوّرت فيه القوانين الخاصة بألعاب الحظ فرسى التلزيم الجديد في 12/9/2002 على الشركة اللبنانية لألعاب الحظ، وشمل التلزيم اللوتو اللبناني واليانصيب الفوري.
وبناء على دفتر الشروط، أنشئت لجنة رقابة، أعضاؤها من مديرية اليانصيب الوطني ووزارة المالية، مهمتها الأساسية مراقبة عمل الشركة في ما يتعلق بمجريات البيع، والسحب، ودفع الجوائز.
أما الدعاية والإعلان والماكينات فهي من اختصاص الشركة ولقد حدّد القانون حصة الدولة من مبيع أوراق اللوتو بنسبة 40 في المئة الى 10 في المئة هي قيمة ضريبة الدخل على الجوائز».
وعن ظاهرة تهافت اللاعبين على وسم شبكاتهم بالملايين في هذه الفترة، اعتبر السيد جريصاتي أن «اللوتو لعبة حظ، والناس تحبه أكثر من اليانصيب، لأنهم يتفاعلون مع اللعبة بامتياز، من خلال اختيار الأرقام الستة من أصل 42.
والتهافت الكثيف اليوم، نابع عن حملة التسويق والدعاية التي تواكب هذه اللعبة، كما وأن ماكينات الوسم الجديدة والمتطورة كما في دول العالم، ونوعية الورقة وشكلها الأنيق وطبعاً حجم الجائزة الذي بلغ في آخر مرة 7 مليارات ليرة، كلها عوامل منحت الثقة للمواطنين وحثتهم على وسم شبكاتهم مرتين في الأسبوع».
وأضاف: «إزدياد عدد الشبكات عائد الى إمكان الوسم عبر الإنترنت من مختلف دول العالم، لا سيما من قبل المغتربين المنتشرين في العالم. وقد ساعد في ذلك النظام الذي تعمل عليه آلات الوسم، بحيث تتم العملية بصورة تلقائية. ولا بد من الإشارة الى أن الوسم عبر الإنترنت لم يسجل سوى 1 في المئة من نسبة وسم الشبكات لغاية الآن. وهذه العملية تتمّ من خلال بطاقة وسم مدفوعة سلفاً، أو من خلال بطاقات الإعتماد (credit card).
وفي هذا الإطار، أكد السيد جريصاتي «أن اللوتو سوف تطلق خدمة جديدة خلال شهرين، هي بطاقة مدفوعة سلفاً، تساعد حاملها على الوسم من خلال الهاتف الخلوي، وتسمح لكل حامل هاتف خلوي، أن يكون له حساب في الشركة اللبنانية لألعاب الحظ، يخوله الوسم من خلال الهاتف، وفي حال تمّ الربح فبإمكانه تقاضي الجائزة مباشرة من إدارة اللوتو، أو إضافتها على رصيده».
وتحدث جريصاتي عن فرص إضافية للربح شجّعت المواطنين على وسم شبكات بأرقام قياسية، والمقصود الشبكات التي يزيد عدد أرقامها عن الستة، لتكون 7 - 8 - 9 - 10 أرقام.
عن قيمة الجوائز قال: قيمة الجوائز تقريباً هي نفسها، ولكن فرص الربح زادت، وعدد المشتركين ارتفع. وحسب الإحصاءات لدينا، هناك مليونير جديد كل شهر تقريباً، وهذا الأمر بالنسبة الى عدد سكان لبنان، يجعل اللوتو اللبناني على مستوى اللوتو في فرنسا والمانيا...
وعن اليانصيب الفوري، قال جريصاتي إن نسبة مبيع هذه البطاقات قد تحسنت مع الألعاب الجديدة التي استحدثت (طرة نقشة، دشش، ملايين، الأبراج). وهذه الألعاب هي عبارة عن بطاقات يانصيب فوري، لا تحتاج الى عملية سحب، ليكون الربح ممكناً وفورياً. أما قيمة الجائزة الكبرى في هذه الألعاب فتبلغ 20 مليون ليرة لبنانية؛ حصة الدولة من مبيعات البطاقات 40 في المئة وهناك 10 في المئة ضريبة على الجائزة. ولفت الى أن مجموع عدد الجوائز في المراتب الخمس بلغ منذ العام 2002 ولغاية تاريخه 141 مليار و568 مليون و273 ألف و491 ليرة لبنانية.

 

د. خوري: ألعاب الحظ تحاكي الحلم المستحيل

الدكتورة ماري خوري (أستاذة في الجامعة اللبنانية، ومعالجة نفسية) تحدثت عن ظاهرة الانتشار الكثيف لألعاب الحظ، ولجوء الناس إليها، قالت: «في هذه الأيام، ثمة إنتشار كثيف ومتنوع لألعاب الحظ واليانصيب، وهذه ظاهرة غير صحية بل هي مقلقة، لا سيما أن عدد اللاعبين يرتفع بوتيرة مذهلة أحياناً، بحيث يصل عددهم الى نحو الثلاثة ملايين لاعب. فهذه الألعاب لا تفترض أي بذل للجهد، ولا تحتاج الى المعلومات ولا الى المعرفة أو الذكاء، بل إنها تحاكي الحلم، وتحاكي المستحيل، بالربح السريع والضخم، ولكنها تغرق المرء في الأوهام وفي خيبات الأمل في آن معاً».

 

* من هو اللاعب بحسب علم النفس؟
-  ثمة نوعان من اللاعبين:
1- اللاعب «الظرفي» وهو يلعب في مناسبات محددة (رأس السنة - الميلاد...) وقد يحالفه الحظ في هذه المناسبة، ويحقق شيئاً ما كان يتعذر عليه تحقيقه.
2- اللاعب «المدمن» وهو شديد التعلق بهذه اللعبة، ويفرط في ممارستها، ويعتبر أن اللعب هو المصدر الوحيد لإبقاء شعلة الأمل بغد أفضل. وهذا اللاعب يشعر في معظم الأحيان بأنه غير قادر على السيطرة على نفسه والتحكم بإرادته، فيتحول اللعب بالنسبة اليه نزوة تمتلكه. وعند الخسارة يتعرض لخيبات أمل كبيرة يعبّر عنها، بغضب وبانهيار وبتوترات عصبية، لا سيما إنه يلعب بشعور أكيد بالربح وبحتميته.

 

* لماذا يكثر عدد اللاعبين، ونتيجة أية ظروف؟
- هناك عوامل عديدة تدفع المرء الى اللجوء الى ألعاب الحظ ومنها:
* فقدان الثقة بالذات: فكلما فقد الإنسان الثقة بقدراته وبمهاراته وبجدوى محاولاته للوصول الى تحقيق أهدافه وإنجاز مشاريعه، زاد ميله الى اللجوء الى اللعب.
* فقدان الثقة بالمؤسسات: فكلما غاب عن المؤسسات مبدأ الثواب والعقاب، وحلّ محله مبدأ المحسوبية والاستزلام، برز الميل الى العاب الحظ.
* فقدان الثقة بالآخر: فعندما يفقد الإنسان الثقة بالآخر (فرد أو جماعة) ويفتقد المساندة والتعاطف والتضامن، يبحث عن البديل في اللعب.
* فقدان مرجعية القانون والحق: كلما غاب الشعور بالحقوق مرجيعة للأفراد وأحقية لهم يحتكمون اليها، زاد الشعور بالعجز وعدم القدرة على السيطرة على الأمور والتحكم بها، ما يؤدي الى تزايد الإتكال على الألعاب، علّ الحظ يكون أكثر إنصافاً.
*  فقدان القدرة على المواجهة: كلما زاد الشعور بالارتهان للقدر، للمكتوب، للمجهول، للنكرة، للأشباح، للقوى العظمى، لسلطة الوصاية، لقوى خرجية... ساد الشعور بالعجز، وسلّم المرء أمره واستسلم لهذه الألعاب.
* اهتزاز مبدأ بذل الجهد (بعرق جبينك تأكل خبزك) والرغبة بالربح السريع: كلما شاعت في المجتمع رغبة الربح السريع من دون بذل الجهد أو التضحية، أو استمرار العمل، لجأ أفراد هذا المجتمع الى الألعاب لتحقيق رغباتهم.
* فقدان الشعور بالأمان: بقدر ما يفتقد الإنسان مؤسسات الضمان الصحي والمدرسي والوظيفي والقضائي، يفتقد الشعور بالأمان، فيلجأ الى ألعاب الحظ، ليواجه بها هشاشة وضعه.
* إنتشار حالة البؤس والفقر: بقدر ما ينتشر الفقر وحالة البؤس وتغيب آليات الخروج من المأزق، تصبح ألعاب الحظ واليانصيب هي الحلّ الوحيد.
* إنتشار المنطق الاستهلاكي للمدى القصير: بقدر ما يعمّ المنطق الاستهلاكي، الذي يخلق الحاجات ويزيد تنوّعها، ويزيد إحتمالات الشعور بالحرمان لعدم القدرة على الإشباع، يلجأ الفرد الى الألعاب بحثاً عن وسيلة للإشباعات غير المحدودة.
* تعظيم المساوئ والتقليل من الايجابيات والتزام الموقف التشاؤمي: كلما تعاظم الميل الى التشكي والتباكي والمبالغة بوصف الواقع المزري واستحالة تصحيحه، وترافق ذلك مع طمس الحقائق الايجابية والتنكر للبطولات والبادرات الخيرة، كالعمل التضامني والتطوعي، انعدمت الرؤية المستقبلية ليسود الشعور بالأفق المسدود، ويزداد إحتمال لجوء الفرد الى الألعاب، وكأنها الحلّ السحري الوحيد.
* الاتكال على الحظ، والتنجيم، والسحر، والأرواح، الذي تروّج له المؤسسات الإعلامية، وتقدم النموذج بل تفرضه كمثال وطريقة فضلى للعيش ومجابهة الصعاب (بدك تغتني ما إلك إلا...). وهكذا تحدّ هذه الوسائل من الطموح وتكرّس مبدأ اللعب كوسيلة وحيدة للخروج من المشاكل.

 

كيف نعالج الإدمان على الألعاب؟

* ما هي مخاطر اللجوء الى الألعاب إنسانياً وإجتماعياً؟
- المخاطر عديدة ومتنوعة ومنها:
* تثبيت العجز وتأكيده، وفقدان الإيمان بالقدرة الشخصية على التغيير والتطوير والتحسين.
* إزدياد نسبة الإضطرابات النفسية: كآبة قلق، توترات، يأس...
* الحلّ السحري الذي تقدمه ألعاب الحظ يخدّر الإنسان وينقله الى عالم آخر، عالم الأوهام، فيزداد الواقع ألماً وتعقيداً، كلما تنكّرنا له وتجنّبناه، ويضعف الأمل بإمكان المواجهة الفعلية.
* تقتل هذه الألعاب روح مقاومة الفساد، فيستمر الواقع، لا بل يتفاقم ويصبح أكثر ألماً وتعقيداً، وتسحق الكرامات.

 

* كيف يواجه الإنسان هذه الآفة ومخاطرها؟
- للمواجهة والتصدي لآفة اللجوء الى ألعاب الحظ أساليب معينة أهمها:
* استراتيجية فضح العجز المكتسب، وتثبيت الايمان بالمقدرة على التغيير، والفعل الإيجابي في التطوير وتحسين الأمور من حولنا، «بيطلع بإيدنا»، وتسهيل الأمور أمام المواطنين لإنجاز المشاريع وتحقيق الذات.
* لكل مسؤوليته، وخبرته، واختصاصه... ومعاً نتعاون، نتشارك، ونعمل، لكي نتمكن من تسريع الإنجازات وتحقيق الذات مع الآخر.
* التعرّف على الواقع وعلى الخلل بجرأة، بفضحه ومعالجته وتصحيحه، والتعرّف على البطولات والإنجازات وابرازها كنماذج، وتشجيعها ومكافأتها.
* معالجة أجهزة التقييم والتقدير داخل المؤسسات، والتشديد على مبدأ المراقبة والتقييم، وإعادة النظر، والخلق والإبداع تماشياً مع سرعة تحرك العلم وأهمية النقد الذاتي، والتعلّم المستمر لتحريك التطوير نحو رؤى مستقبلية.
اذا كنّا مسؤولين عن أسباب البؤس في مجتمعنا فكل منّا مسؤول وقادر أن يزرع الفرح في قلبه ومن حوله. وعلينا أن نفكر في ذلك ونعمل له.

 

* هل للإيمان بالله علاقة بألعاب الحظ؟
- إن الايمان الخاطئ بالله من حيث أنه قادر على التخطيط والبرمجة وإلغاء حرية الفرد، يدفع بالمرء الى اللجوء الى ألعاب الحظ، في حين أن الإيمان بالله المحبة والقادر على شفاء النفس والجسد لا يدفعنا الى الارتهان لهذه الألعاب.

 

الجنسية والجائزة في يوم واحد

كان يوم الثالث والعشرين من شهر أيلول يوماً مشهوداً في حياة موسيس بيتوك، الذي ابتسم له الحظ دفعة واحدة، حيث حصل على الجنسية الأميركية وحصد جائزة يانصيب بقيمة 1.89 مليون دولار!
ففي ذلك اليوم، أقدم موسيس، وهو كيني المولد ويعمل ضابط تصحيح سلوكيات في سجن ايوا النسائي، على أداء مراسم القسم ليغدو مواطناً أميركياً؛ وكان موسيس قد خرج للتسوق مع أفراد عائلته وتوقف في محطة للوقود، للاطلاع على نتائج اليانصيب (هوت لوتو) فاكتشف أن الورقة التي يحملها حصدت الجائزة الكبرى.

 

إيرلندية تفوز بـ 115 مليون يورو في «لوتو اليورو مليون» وتلجأ الى الشرطة

حطّمت ايرلندية الرقم القياسي للفوز في لوتو اليورو مليون، بعدما نجحت وحدها في اختيار الأرقام الخمسة الصحيحة والنجمتين الصحيحتين في ورقتها، الأمر الذي سمح لها بالفوز ب 115436126 مليون يورو، بحسب ما أعلن اللوتو الوطني الايرلندي.
وفور إعلان النتائج توجّهت دولوريس الى الشرطة الايرلندية لتطلب منها الاحتفاظ ببطاقتها الرابحة في مكان آمن، ولكن الشرطة امتنعت عن تحمّل المسؤولية. واتصلت بمدير المصرف الذي تتعامل معه، فسارع الى مركز الشرطة ورافق زبونته الى المصرف لتودع الورقة الرابحة خزنته.

 

لوتو أوروبي

أطلقت فرنسا واسبانيا وبريطانيا اليورو مليون، اول سحب لوتو أوروبي، في 13 شباط 2004، وانضمت اليها في الثامن من تشرين الأول لوكسمبورغ وبلجيكا وسويسرا والبرتغال وايرلندا والنمسا.

 

تصوير: الرقيب اسكندر البيطار - شربل طوبيا - فادي البيطار