العالم في عين جائحة كورونا تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد اللبناني

العالم في عين جائحة كورونا تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد اللبناني
إعداد: د.منال سويد
أستاذة في الجامعة اللبنانية

المقدمة

يشهد لبنان أزمة اقتصادية قد تكون الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، وهي بالواقع وليدة عدة اضطرابات سياسية واجتماعية خطيرة، وانعكاس للأزمات الإقليمية وتأثيرها في الوضع الداخلي. بدأت مع أزمة الحرب المتنقلة في المنطقة العربية وبالأخص تداعيات الحرب السورية، وأزمة اللجوء غير المنظّم وما تكبّده الاقتصاد اللبناني من خسائر ضخمة جراء ذلك، إلى جانب انخفاض أسعار النفط عالميًا، والانكماش الاقتصادي في الدول المجاورة والإحجام عن التوجه إلى الاستثمار المحلي والأجنبي في لبنان لا سيما في قطاعَي السياحة والعقارات، وهي التي كانت تعتمد على التحويلات والاستثمارات المالیة من الدول النفطية المجاورة، ومن تحاويل الاغتراب اللبناني بشكلٍ رئيس.

كما شكلت الإخفاقات السياسية المتعاقبة، وتغلغل الفساد في مؤسسات الدولة، وانعدام الشفافية وغياب التخطيط الاستراتيجي الفعّال لا سيما في مجال السياسة المالية والاقتصادية، وعدم تطبيق الحوكمة الرشيدة والاستفادة من الموارد البشرية، وعدم القدرة على الحد من الإنفاق الحكومي المفرط وغیر المسؤول ...، وغيرها من العوامل التي أدّت مجتمعة إلى جعل لبنان من أكثر البلدان مدیونیة في العالم ليحتل المرتبة الثالثة عالميًا لسنة 2018، حین بلغ الدین العام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي 1٥3٪ بحسب بیانات صندوق النقد الدولي، وانخفضت قیمة اللیرة اللبنانية بنسبة 90٪ تقریبًا بسبب نقص الأوراق النقدیة المتداولة بالدولار الأميركي[1]، متزامنة مع اشتداد التحركات والاحتجاجات الشعبية نتيجة إقفال المؤسسات والشركات وإفلاس البعض منها، وتسريح آلاف الموظفين وارتفاع نسبة البطالة، معظمها من اليد العاملة المتعلمة والشابة والكفوءة.

جاءت جائحة كوفيد-19 وأغلقت المعابر الحدودية برًا وجوًا وبحرًا في معظم دول العالم، هذا الأمر أرخى بتداعياته الخطيرة على الدول كافة، ولكن بشكلٍ أخطر على البلدان الأقل نموًا LDCs ومنها لبنان، وصولًا إلى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية المدمرة للاقتصاد اللبناني، حيث يعد هذا المرفق الحيوي بمثابة البوابة الأساسية لحركة التجارة الخارجية ولاستيراد السلع (فقد كان يستقبل حوالى 85% من قيمة المواد الغذائية المستوردة إلى لبنان) سواء للداخل أو للدول المجاورة، الأمر الذي فجّر معه إشكالية تأمين الاكتفاء الذاتي الغذائي العادل والسليم للشريحة الأكبر من اللبنانيين، فضلًا عن الدمار الهائل الذي لحق بإهراءات القمح في المرفأ، ناهيك عن وجود أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري في لبنان، ما يحمّل البلاد العبء الأكبر مع زيادة الطلب على المواد الغذائية وبالتالي زيادة الأسعار والاحتكار. وبذلك، دخل لبنان في نفق مجهول عنوانه الفقر والجوع والعوز والانهيار الكامل لمقوّمات الدولة.

 

أمام هذا الواقع المرير، شهد لبنان والعالم على زمن الوباء الأخطر لهذا القرن مع جائحة كورونا، التي لم تستثنِ أي دولة إلا وضربت نظامها الصحي والاجتماعي والاقتصادي بشكلٍ خطير، وأربكت الدول المتطورة تكنولوجيًا وعلميًا. فكيف هو حال تأثيرها في البلدان الفقيرة المتهالكة كالوضع اللبناني، الذي كما سبق وأشرنا يمر بمرحلة انهيار شامل غير قادر على الصمود أو مواجهة تداعيات مثل هذا الوباء.

لأزمة كوفيد-19 تبعات اقتصادية على مختلف القطاعات السلعية والخدمية، ولكن كانت أكثرها تضررًا خلال النصف الأول من العام 2020 القطاعات الخدمية مثل قطاعَي السياحة والنقل لا سيما الطيران، والتي شهدت عجزًا كبيرًا من جراء هذه الأزمة والآثار الناجمة عن الإغلاق القسري، فكانت كارثة حقيقية على الدول التي تعتمد على القطاع السياحي مثل إيطاليا وفرنسا وتركيا (أوروبيًا)، لبنان ومصر وتونس (عربيًا) والسياحة الدينية مثل السعودية، نظرًا لتوقف النقل الجوي وإقفال المطارات. كذلك هلاك قطاع الرعاية الصحية بأدواته وطاقمه الطبي الذي استنفد كامل طاقته، وطالبت معظم الدول مساعدة الدول المجاورة لفتح المستشفيات للمرضى كما حصل مع إيطاليا وإسبانيا. كذلك كانت الآثار صادمة على الدول المنتجة والمصدرة للنفط، نظرًا لانخفاض أسعار النفط عالميًا بسبب إقفال المعامل والمصانع وانخفاض الطلب على المواد الأولية كافة لقطاع التصنيع.

وقد اختلفت سبل احتواء هذه الأزمة بحسب السياسات الاقتصادية المتبعة سواء تقليدية أو غير تقليدية، وخطة الطوارئ الصحية والمالية المعتمدة، والتي تباينت بين دولة وأخرى بحسب قدراتها المالية وأدوات الاستجابة لنظام إدارة الكوارث الطارئة. وفي جميع الحالات، فإنه من المؤكد أن دول العالم المتقدمة أو التي هي في طور النمو، وضعت كامل إمكانياتها واحتياطاتها لمكافحة تداعيات الأزمة، لكنها أخفقت جميعها في لجم هذه الجائحة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية الخانقة على المستويات كافة.

سوف نبحث في الفصل الأول من هذه الدراسة خصائص أزمة كورونا لتسليط الضوء على ما أسهمت به في الكشف عن هشاشة الاقتصاد العالمي، ثم شرح ميزتها الشمولية، كما تبيان حساسية هذه الأزمة من ناحية الوقت، إلى جانب إبراز الوجهَين السلبي والإيجابي لجائحة كورونا على أهم قطاعات الإنتاج والسلع والخدمات. ثم نتطرق في الفصل الثاني إلى تداعيات أزمة كورونا على الوضع العام في لبنان من ناحية تأثيرها على القطاع الاقتصادي ثم الاجتماعي.

 

الفصل الأول: خصائص أزمة كورونا

تتصف أزمة كورونا بميزاتٍ فريدة من نوعها قد لا نشهد مثيلًا لها لعقودٍ من الزمن، فهي تكتسب هذه الخصائص انطلاقًا من طبيعتها كجائحةٍ ضربت غالبية سكان الكرة الأرضية، هي خطيرة وقاتلة، أربكت أقوى النظم الطبية والاقتصادية وكشفت الستار عن هشاشة منظومة الاقتصاد العالمي، وضربت قانون العرض والطلب والتدفق التجاري والاستثمار الأجنبي والاتفاقيات التجارية العالمية والإقليمية وغيرها من المسلّمات الاقتصادية بعرض الحائط. كما فرضت أزمة كورونا على الدول الوقوف على معادلة معقدة للخيار بين دعم القطاع الصحي وتعافيه واعتباره من الأولويات، وفرض الإغلاق الكامل والشامل للحدود البرية والبحرية والجوية، ومدّ هذا القطاع وكوادره والمستشفيات بكامل الموارد المالية للحد من انتشار الفيروس والقضاء عليه. أو خيار تحريك العجلة الاقتصادية وفتح الأسواق والمعابر الحدودية والمؤسسات والمصانع، انطلاقًا من قاعدة إنعاش الاقتصاد لتأمين الموارد المالية وتغطية النفقات الصحية الكارثية لهذه الجائحة. ومن هنا ارتباط تداعيات أزمة كورونا بشكلٍ وثيق بالاقتصاد العالمي بكل مفاصله.

من أولى خصائص أزمة كورونا هي كشفها لهشاشة النظام الاقتصادي العالمي، ثم إنها أزمة تتصف بالشمولية من ناحية تأثيرها في قانون العرض والطلب، وهي أزمة حساسة من ناحية الوقت، كما أنها أزمة ذات حدَين من وجهتَي نظر سلبية وإيجابية من حيث تأثيرها في القطاعات الاقتصادية.

 

الفقرة الأولى: أزمة كشفت عن هشاشة الاقتصاد العالمي

لا نستطيع الحديث عن تأثير الجائحة في كل مفاصل الحياة، إلا وربطها لمجموعةٍ من الأزمات المالية والاقتصادية والتجارية والسياسية والاجتماعية التي يتخبط بها العالم بشكلٍ عام، وقد جردتها الجائحة من غطائها المستور. إضافة إلى نقاط ضعف الاقتصاد العالمي المتمثل في الديون الاستهلاكية في معظم الدول، ونقص عام في الطلب العالمي[2]، وانكماش حاد في أسواق الأوراق المالية العالمية، والسياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الدول الكبرى والتي ركزت على الصناعات المتطورة والإلكترونية المكلفة لميزانها التجاري، ومشروع «طريق الحرير» الجديد الذي أوقع الصين في مديونية عالية، وخلافاتها السياسية والتكنولوجية المستمرة مع الولايات المتحدة، وانسحاب الأخيرة من الاتفاقيات التجارية لا سيما من منظمة التجارة العالمية واتفاقيات تجارية مع الصين وغيرها؛ هي عوامل أدت إلى ركود اقتصادي عالمي خطير لا مهرب منه، كشفت أزمة كورونا الستار عن هشاشته. وقد أعلن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، في الاجتماع رفيع المستوى عن تمويل التنمية في عصر فيروس كورونا المستجد وما بعده، أن العالم قد يواجه ركودًا عالميًا يمكن أن يقضي على عقود من التنمية إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة الآن[3].

 

الفقرة الثانية: أزمة تتصف بالشمولية

أرخت أزمة كورونا بتأثيرها على قانون العرض والطلب وقطاعَي الإنتاج والاستهلاك وما بينها في الوقت نفسه، وأحدثت صدمة على نظام العرض والطلب العالمي. فاتخاذ تدابير إغلاق المؤسسات والمتاجر والمعامل والحجر في المنازل ومنع التجوال، أدى إلى تفشّي حالة من الذعر بين المستهلكين، ما دفعهم إلى التهافت على شراء المواد الغذائية والاستهلاكية بطريقةٍ جنونية، ما خلق أنماطًا استهلاكية شاذة أو غير طبيعية، قابلها ركود تام في مجال التصنيع الذي تلقّى الضربة الأقسى من جراء هذه الأزمة، نظرًا إلى انخفاض الإنتاج وإغلاق المصانع وتوقّف العمّال عن العمل المعتاد، واتخاذهم لفترات إجازة بالتناوب لمنع اكتظاظ أماكن العمل، أو أخذهم إجازاتهم لرعاية الأطفال بعد إغلاق المدارس ودور الحضانة. ما أدّى إلى حدوث خلل كبير بين نظامَي العرض والطلب، ساهم بها أيضًا ضعف الاستثمار العالمي، وتضرّر قطاع الخدمات بشكلٍ مباشر، لا سيما قطاع النقل مع إغلاق المطارات والحدود البرية للدول، وبالتالي حدوث تقطّع لمسار سلاسل التوريد العالمية في معظم السلع المصنّعة ما أدّى إلى إقفال معظم الشركات العالمية خلال الجائحة وإفلاسها.

وقد حذّرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، من أن أزمة فيروس كورونا ستحوّل النمو الاقتصادي العالمي إلى «سلبي بشكلٍ حاد»، وأن الأسواق الناشئة SMEs والدول النامية LDCs ستكون الأكثر تضررًا، ما يتطلب مساعدة خارجية تقدّر بمئات المليارات من الدولارات. استندت إلى دراسة للأمم المتحدة تظهر أن 81 في المئة من القوى العاملة في العالم، التي تقدّر بنحو 3.3 مليار شخص، قد أُغلقت أماكن عملهم، بشكلٍ كامل أو جزئي، بسبب تفشّي المرض[4]. ولتفادي انهيار الأمن الاجتماعي العالمي، بدأت المنظمات الحكومية وغير الحكومية الوطنية والدولية بتفعيل شبكة الأمان الاجتماعي لمواجهة هذه الجائحة، التي أتت خلال مرحلة الكساد الاقتصادي العالمي ما زاد الأمر سوءًا، ما تطلب سياسات اقتصادية مبتكرة ومنسقة لاستعادة قانون العرض والطلب على السلع والخدمات، إلى جانب الدعم المالي الخارجي لاستعادة النمو على المدى الطويل.

 

الفقرة الثالثة: أزمة حساسة من ناحية الوقت

إن الإطار الزمني لهذه الجائحة غير محدد وغير معروف، وآفاق التعافي لا يزال يلفّها الغموض. وكلّما طال المدى الزمني لهذه الأزمة، كلما تعمّق الأثر على القطاعات الاقتصادية كافة في دول العالم وزاد تأثيرها في التجارة العالمية. والسبيل الوحيد للتعافي من آثارها الاقتصادية هو تحديد توقيت انتهاء الأزمة، والتي ستكون باتخاذ قرار جماعي باعتماد سياسة مناعة القطيع، وتحديد الإطار الزمني لتقييم آثار هذه السياسة مع مرور الوقت، والتي كما يتبيّن لم تعد تُجدي نفعًا بسبب المتحورات المتلاحقة والمبتكرة لهذا الوباء. لذا، الاتجاه اليوم هو باستخدام قوة السلاح التكنولوجي والعلمي والتسابق على ابتكار العلاج الحاسم، أو المضاد الوقائي/اللقاح الفعّال، وحصول جميع دول العالم عليه بشكلٍ متساوٍ في الوقت المناسب والثمن المقبول.

في جميع الأحوال، نحن نتحدث عن سنوات قادمة للتعايش مع هذا الوباء أو مكافحته، وبخاصةٍ أن التخوّف اليوم من موجات متتالية قد تجتاح العالم تجعل من الوقت السيف القاطع لأوصال الاقتصاد العالمي. فقد لفت صندوق النقد الدولي إلى أن التفشّي الجديد للفيروس في العام 2021 قد قلّص النمو إلى ما لا يزيد على 0.5% [5]، واصفًا الركود الحالي بأنه الأسوأ منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، عندما انكمش الناتج العالمي 10%. وحذّر الصندوق من أن استمرار الغموض "بدرجةٍ أكبر من المعتاد" يحيط بالتوقعات، حيث سيعتمد الإنتاج الاقتصادي على معدلات العدوى وإجراءات الإغلاق وأحوال الأسواق المالية وحجم التدابير المتخذة وطبيعتها.

الفقرة الرابعة: أزمة ذات حدَين/ وجهَين سلبي وإيجابي

على الرغم من النظرة التشاؤمية لآثار كوفيد-19 على القطاعات الاقتصادية بشكلٍ عام، يرى البعض أن لهذه الأزمة وجهًا آخر إيجابيًا لبعض القطاعات التي شهدت انتعاشًا وإقبالًا عليها بشكلٍ كبير منذ بداية الأزمة. لذلك سوف نحاول الاستفاضة في هذه الخاصية لتسليط الضوء على تأثيرها في بعض القطاعات الإنتاجية والخدماتية ما إذا كان تأثيرها إيجابيًا أم سلبيًا فيها، لا سيما قطاع السلع والإنتاج وقطاع الخدمات وتأثيرها في وضع اليد العاملة العالمية.

 

أولًا: بالنسبة لقطاع السلع والإنتاج

أظهرت كورونا نمطًا استهلاكيًا جديدًا كان بمثابة استجابة للأزمة الواقعة، وما تبعها من ركود اقتصادي عالمي تحدثنا عنه في الخاصية الأولى، ما دفع بالمستهلك إلى اتباع نظام ما يسمى «ترشيد الاستهلاك» بمعنى التهافت للحصول على المواد الأساسية من مواد غذائية كافية لفترات الحجر. وفي المقابل، الإحجام عن المواد الاستهلاكية الكمالية أو المستوردة التي ارتفعت أسعارها بشكلٍ كبير. والمثال الأبرز في هذا المجال أزمة لبنان الاقتصادية والمالية مترافقة مع أزمة كورونا، وتأثره بالتأخير الحاصل في سلاسل التوريد العالمية، لا سيما أن معظم وارداته تأتي من الصين أو الاتحاد الأوروبي، وهما منطقتان تضررتا بشدةٍ من تفشّي فيروس كورونا، الأمر الذي دفع بالقطاعَين العام والخاص إلى العمل على محاولة تعزيز الزراعة والصناعة المحلية وتطويرهما. فتبدّل نظام الاستهلاك اللبناني بشكلٍ جذري، واعتبرت هذه المرحلة فرصة إيجابية للحد من الاستيراد من الخارج في ظل أزمة تأمين العملة الصعبة، والتوجه نحو تشجيع الصناعات الوطنية وحماية الإنتاج الوطني الصناعي والزراعي، من خلال دعم المواد الأولية الأساسية من قبل مصرف لبنان، لتعويض النقص الحاصل في المواد في السوق اللبناني[6]. فبحسب إحصاءات الجمارك اللبنانية لحركة الاستيراد والتصدير الشهرية مقارنة بين شهر شباط لغاية شهر تموز 2019، فقد كانت نسبة الاستيراد 12.353 مليار دولار بينما انخفضت خلال الفترة نفسها لعام 2020 إلى 5.452 مليار دولار، أي انخفض حجم الاستيراد في لبنان نتيجة أزمته المالية وخلال الأشهر الأولى من السنة مع إغلاق البلاد بسبب أزمة كورونا إلى أكثر من النصف[7].

في المقابل، شهد قطاع إنتاج الأدوات والمستلزمات الطبية ومواد التعقيم والتنظيف وغيرها...[8]، طلبًا غير مسبوق نتيجة الحاجة الملحة لها، وتهافت المستهلكين عليها. لذلك بدأت المصانع اللبنانية تتزاحم على إنتاج هذه المواد والأدوات لتلبية حاجات السوق المحلي، ومراعاة الشروط التنافسية للجودة والنوعية والأسعار.

أضف إلى ذلك، الإقبال الجنوني على شراء الأجهزة الإلكترونية من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وتوابعها.... هذا القطاع الخدماتي التكنولوجي الذي انتعش واستقطب ملايين الأشخاص لاقتناء السلع الإلكترونية نتيجة الحجر المنزلي، والحاجة إلى استخدامها كوسيلة اتصال رئيسة لتلبية المتطلبات الحياتية اليومية من خلال عمليات الشراء والبيع الإلكتروني، بعد أن فرضت علينا جائحة كورونا نظامًا معيشيًا جديدًا.

 

ثانيًا: بالنسبة لقطاع الخدمات

يشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات وخدمات الإنترنت – أو ما يعرف بطريقة الإمداد رقم (1) «إمداد عبر الحدود» في الاتفاقية العامة لقطاع الخدمات GATS في إطار منظمة التجارة العالمية[9]- استخدامًا جنونيًا مع أزمة كورونا. فقد أصبح التعليم وعقد المؤتمرات عبر الإنترنت، والتطبيب عن بُعد، والعمل عن بُعد، ما زاد من الطلب على برامج الكمبيوتر وما يتعلق بها من خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلى جانب زيادة عدد المتسوقين والمستهلكين عبر الإنترنت لأكثر من الضعف. لذلك يمكن القول إن أهم القطاعات التي تطورت مع أزمة كورونا هي التالية: Online marketing services, Promotion digitalization of ...enterprises, Digital healthcare Platform services, Logistics services التحكم بالحاويات عن بُعد واستخدام طيارات من دون طيار...[10]

ناهيك عن انتعاش قطاع التوصيل Delivery sector، لتأمين المتطلبات الأساسية كافة في أثناء الحجر المنزلي، والذي اعتبر بمثابة الحل الوحيد لمنع التنقل، ليتبين فيما بعد أهمية هذه الخدمة في ظل أزمة تأمين المحروقات واستهلاك الوقود التي يواجهها لبنان منذ مطلع العام 2021، وليجد المستهلك أن قطاع التوصيل خدمة أساسية لتلبية حاجاته اليومية في زمن كورونا، وبكلفةٍ أقل من دون إهدار الوقت والمال في زحمة السير.

من جهتها، ترى منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» أن الأزمة العالمية الناجمة عن وباء فيروس كورونا دفعت إيجابًا نحو مزيد من النمو باتجاه الاقتصاد/أو العالم الرقمي، وهذا التحول الكبير باتجاه التجارة الإلكترونية يعود بالنفع في المقام الأول لمصلحة الشركات الصغيرة والمتوسطة/الناشئة SMEs حيث النسبة الأكبر منها تعمل في هذا المجال، إلى جانب النفع الذي يعود على الشركات الكبيرة والرائدة على حد سواء[11].

 

ثالثًا: بالنسبة لليد العاملة

يشهد سوق العمل العالمي تحولًا كبيرًا سواء في الشكل أو في المضمون، بمعنى أن هناك بعض القطاعات الاقتصادية التي قد تضمحل مع انتهاء كوفيد-19، بسبب التغيير في النمط الحياتي واعتياد الأفراد على تلبية احتياجاتهم بأنفسهم أو إلكترونيًا من دون حاجة إلى وسيط أي متجر أو بائع مباشر... وفي هذا الاتجاه سوف تغلق الآلاف من المؤسسات التجارية والصناعية أبوابها لا سيما الصغيرة والمتوسطة منها التي لن تتمكن من الصمود، وسوف يتم تسريح الآلاف من العمال من عملهم. وبحسب الدراسات فإن معدلات البطالة زادت حتى نهاية 20-21 بشكلٍ مخيف عالميًا وبخاصةٍ بعد أن أغلقت حوالى 70% من SMEs حول العالم مراكزها، لا سيما في قطاعَي السياحة وتجارة التجزئة retail trade/business، وهو من القطاعات التي تستوعب العدد الأكبر من اليد العاملة على المستويات كافة وبخاصةٍ عمالة المرأة . فضلًا عن المعايير والإجراءات الصحية للانتقال من دولة إلى أخرى، والتي سوف تؤثر سلبًا وبشدةٍ في انتقال العمال عبر الحدود، وهذا يحتاج إلى إجراءات تجارية ومفاوضات دولية جديدة تحاكي الواقع القائم.

وبحسب إحصاءات ILO فإن البطالة في لبنان سجلت 40% نهاية العام 2020 والعدد الأكبر منها هي من الفئات الشابة المتعلمة[12]. وأكدت «الدولية للمعلومات» في تقريرها أن «أعداد العمال العرب (من دون السوريين والفلسطينيين) والعمال الأجانب في لبنان تراجعت بنحو 92 ألفًا في العام 2020 مقارنة بالعام 2019، بنسبة 37,3%، كما أنه هناك نحو 100 ألف إلى 150 ألف عامل يعملون بطريقةٍ غير شرعية، غادر نحو نصف هذا العدد لبنان خلال العام 2020 نتيجة الأزمة الاقتصادية، وبالتالي فقد انخفض عدد العمالة الأجنبية من نحو 400 ألف إلى نحو 230 ألف عامل[13].

من هنا، وللنظر إلى تأثير الجائحة في اليد العاملة اللبنانية نظرة تفاؤلية، يمكننا تنظيم القطاعات التشغيلية والحرفية والزراعية في المنازل، والأفران ومحطات الوقود وإنتاج الحبوب والنبيذ وتطويرها ودعمها... التي سوف تؤمّن فرص عمل بنسبةٍ كبيرة، كما أنها تعد في الوقت نفسه من السلع القادرة على منافسة المنتجات الخارجية وقابلة للتصدير. لذلك نحن بحاجةٍ إلى دعم هذه القطاعات غير التخصصية والتي تشكل فرصة لليد العاملة اللبنانية الفقيرة[14]، وبخاصةٍ مع عودة الأجانب العاملين في هذه القطاعات إلى بلادهم بسبب التضخم الحاصل. فتنظيم هذه القطاعات في ظل غياب التدريب المهني لها، وإعطاء الحماية القانونية والاجتماعية من ضمانات وتأمينات للعاملين فيها، إلى جانب منح أجور تشجيعية لليد العاملة اللبنانية، لا سيما الفئات المهمشة (المرأة - الأشخاص ذوي الإعاقة) سوف تشكّل انطلاقة ثابتة للتشجيع على العمل في هذه القطاعات الإنتاجية التي استمرت منتعشة في ظل أزمة كورونا وبخاصةٍ مع ازدياد نسبة الهجرة لليد العاملة اللبنانية منذ مطلع 2020 بسبب الظروف السياسية والاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، والتي وصلت في نهاية العام 2019 إلى نحو 66 ألفًا، أي بزيادة الضعف عن 2018. ومع بداية 2020، لم تتضح أرقام الهجرة، نتيجة تقليص الطيران وإغلاق المطارات بسبب تفشّي فيروس كورونا[15].

كذلك يجب التركيز على رؤية التوجه إلى القطاعات التي لا تتأثر كثيرًا بالظروف التي تعصف بلبنان بين الحين والآخر، وليس جائحة كورونا فقط، فمثلًا قطاع السياحة والبناء والعقارات غير ملائم للواقع الاقتصادي والسياسي، ويتعرض لصدماتٍ كبيرة بين الحين والآخر، وهو قطاع مشغل لليد العاملة على المدى القصير. في حين أن هناك قطاعات قد تتأثر بشكلٍ أقل بالوضع القائم مثل خدمات التصنيع والخدمات التصديرية، والخدمات الاستشارية والإلكترونية، والتي يتوجب التركيز على دعمها وتنظيمها لأنها جاذبة لليد العاملة [16].

من هنا، نرى أن الصعوبات هي فرصة يجب اغتنامها لتقديم أفضل ما لدينا من حلول وابتكارات لمواجهة هذا التحدي العالمي الذي يطال البشرية جمعاء، وتشجيع القطاعات الإنتاجية والسلعية والخدماتية واليد العاملة وتطوير المواهب العلمية والتقنية، لا سيما في الاقتصاد الرقمي وقطاع الصناعة وتكنولوجيا المعلومات والخدمات الطبية والعلمية، والحد من الاستيراد من الخارج بالعملة الصعبة والتي تقدر قيمتها سنويًا بـ 20 مليون دولار سواء سلع أساسية أو كمالية، والعمل على تشجيع الصناعة والزراعة اللبنانية التي أُهملت لسنواتٍ بشكلٍ كبير، نتيجة اعتماد سياسة الاقتصاد الريعي الذي أثبت فشله وبخاصةٍ أمام جائحة كورونا.

 

الفصل الثاني: تأثير أزمة كورونا على الوضع في لبنان

لقد أربكت أزمة كورونا اقتصادات الدول الكبرى، إذ أنفقت مليارات الدولارات لتغطية التداعيات الخطيرة التي خلفتها الأزمة، بسبب إقفال المصانع والمؤسسات الكبيرة والصغيرة، وإعاقة حركة التجارة الدولية وتوقّف سلاسل التوريد العالمية، ما ساهم في تدهور الأوضاع الاجتماعية والمعيشية، وافتقدت الفئات الضعيفة والمهمشة أدنى مقومات الحياة الكريمة، وزادت نسبة الفقر والجوع والمرض لا سيما في الدول الفقيرة المثقلة بمشاكلها المعقدة حتى من قبل أزمة كورونا. ناهيك عن عجز القطاع الطبي في كل الدول حتى المتطورة على استيعاب مضاعفات هذا الوباء ومتحوراته. فقد وضعت كبرى الشركات الطبية كامل طاقتها العلمية والمادية والتكنولوجية لمواجهة الوباء وخلق اللقاح الفعّال، إلا أن أيًا من هذه الدول لم تفلح لغاية اليوم في تحقيق هذا الابتكار التاريخي.

من هنا، نتساءل كيف لدولةٍ مثل لبنان منهكة عاجزة عن مواجهة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الأسوأ في تاريخها التصدي لتداعيات كوفيد-19 في الوقت نفسه؟ نجيب عن هذا التساؤل من خلال دراسة تأثير أزمة كورونا في الوضع الاقتصادي اللبناني من جهة، والوضع الاجتماعي من جهة أخرى، كما محاولة إلقاء الضوء على بعض التدابير والإجراءات المتواضعة التي اتخذت، كمحاولةٍ لمواجهة تداعيات الوباء والتخفيف من آثاره على ما تبقى من المقومات الاقتصادية والاجتماعية للدولة.

 

الفقرة الأولى: تأثير أزمة كورونا في الوضع الاقتصادي اللبناني

لقد وضعت مجلدات ودراسات وخطط اقتصادية ومالية لا تحصى، لمساعدة الاقتصاد اللبناني على الخروج من الانهيار الكبير الذي يواجهه، بسبب الأزمات الحكومية المتعاقبة وانعدام الثقة الدولية بها، وأزمة الدين العام والتضخم المالي، وارتفاع سعر الدولار والركود الاقتصادي، وانفجار مرفأ بيروت وانعدام الاستثمار الداخلي والخارجي .... جميعها عوامل ساهمت في ضرب القطاعات الاقتصادية والمالية منذ بداية العام 2021. ومع انتشار وباء كورونا داخليًا وعالميًا، واللجوء إلى الإغلاق القسري للمؤسسات الصناعية والتجارية والسياحية، لم تنجح الدولة بتطبيق خطة استجابة سريعة للكوارث الطارئة، ومواجهة تداعيات الوباء والحد من الانهيار الاقتصادي، وأصبحت مسألة تأمين المواد الغذائية الأساسية هي الأولوية بعد انخفاض نسبة الاستيراد بسبب أزمة الدولار وتأثير كورونا على سلاسل الإنتاج والتجارة العالمية، وتدهور المستوى المعيشي وقيمة الدخل السنوي، ما أدّى إلى تضاعف نسبة الفقر إلى ما يزيد عن 70% بنهاية 2021. فقد أشار تقرير Mercer أنّ مدينة بيروت تأتي في المرتبة الثالثة كأغلى مدينة في العالم نتيجة الانهيار الاقتصادي وأزمة كورونا[17].

فما هي الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمواجهة أزماتها بالتزامن مع تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد اللبناني؟

رسم مؤتمر سيدر وخطة ماكينزي «الخطة الاقتصادية للنهوض مع  قطاعات أساسية» (في تموز 2018) خارطة الطريق للإصلاحات المطلوبة، تلتها ورقة بعبدا الاقتصادية الإصلاحية (أيلول 2019) لتؤكد على بناء اقتصاد منتج تنافسي مستدام. وعندما أعلنت الحكومة اللبنانية عن التوقف عن سداد ديون الدولة، كلّفت شركة لازارد المالية (2020) لوضع خطة اقتصادية ومالية إنقاذية مدتها خمس سنوات، إلا أنها اعتمدت بشكلٍ رئيس لتطبيق هذه الخطة على تنفيذ مؤتمر سيدر والحصول على الدعم المالي الخارجي. ليستفاد من ذلك أنه لن تنطلق عجلة أي خطة اقتصادية في لبنان ما لم تتوافر الهبات والقروض العربية والدولية. فمتى تنطلق خطة التعافي الاقتصادي بمساندة صندوق النقد الدولي؟

في ظل الصراعات الأيديولوجية والسياسية والأمنية في المنطقة، وما تلاها من عقوبات وتضييق الخناق على النظام الاقتصادي والمصرفي اللبناني، أضف إليها الأزمات الاقتصادية والتجارية العالمية بسبب جائحة كورونا، وكنا قد استفضنا بشرحها أعلاه، جعلت من تنفيذ أي مساعدة دولية للبنان في الوقت الراهن صعب المنال، وخارج نطاق أولويات هذه الدول التي أصبح بعضها بحاجةٍ إلى دعم مالي وطبي بسبب تداعيات جائحة كورونا عليها. كما أن القطاع المصرفي في طور الهيكلة والتنظيم بعد انعدام الثقة به من قبل المودعين، بسبب حجبه لأموالهم بحجة الشح بالعملات الأجنبية. ما أثّر كذلك على إنشاء المشاريع الاقتصادية، حيث لم تستطع الشركات الصغيرة والمتوسطة خلق أي مبادرات أو مشاريع أو جذب للاستثمارات لتأمين فرص عمل والحد من البطالة وتأمين ما يسمى access to finance وقروض الاستثمار، بسبب إصرار البنوك على الإقراض بالدولار والتقسيط بالدولار وشح الدولار وعدم قدرة SMEs على الصمود. وبالتالي، انهار هذا القطاع وهو المبادر الأساسي لخلق فرص عمل حديثة ومبتكرة تتناسب مع متطلبات سوق العمل في ظل أزمة كورونا، كلها عوامل ساهمت في انخفاض الإنتاج والاستهلاك وحركة التجارة الخارجية. فقد سجل الاستيراد من شهر شباط 2020 إلى 31 أيار 2020 حوالى 3.1 مليار دولار بانخفاضٍ حوالى 56% عن العام 2019 كما أن لبنان صدّر بقيمة مليار دولار من شباط إلى أواخر أيار بانخفاضٍ مقداره 17% عن العام 2019 [18].

 

كما لجائحة كورونا تأثيرها في الاستثمارات الوطنية الأجنبية، وهي المحفّز الرئيس والأساسي لخلق فرص عمل جديدة، فاتّجهت المؤشرات نحو انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بشكلٍ حاد بسبب أزمة فيروس كورونا بنسبة ٣٠٪ على الأقل في العام 2020 ومن المرجح أن تكون منطقة MENA الأكثر تأثرًا بسبب انخفاض أسعار النفط عالميًا[19].

ليس أمام لبنان، المكبّل بالحصار الاقتصادي والوبائي، إلا العمل على سياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة لزيادة رأس المال وإنشاء حوافز في القطاعات ذات الأولوية لا سيما الطبية منها، وهي السبيل الأخير لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام والشامل. إلى جانب تحديث القواعد القانونية وإصدار التشريعات العصرية التي من شأنها جذب الاستثمارات الأجنبية، وتلبية مطالب المنظمات الدولية الداعمة للبنان بالنسبة للإصلاحات المشروطة لتقديم الدعم المالي واللوجيستي، أهمها تلك المتعلقة بقواعد المنافسة والشفافية ومكافحة الفساد والاقتصاد الرقمي...

وأمام غياب المعالجة الجذرية على المدى الطويل، اعتمد تطبيق ما يسمى بسياسات الاستجابة المؤقتة، الأولى مالية fiscal والثانية نقدية/مالية كلية Monetary and macro – financial، ومنها تمديد جميع المهل المتعلقة بدفع الضرائب والرسوم، وإنشاء صندوق وطني للتضامن يقبل التبرعات العينية والنقدية. وتعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية، وغيرها. ومن جهته، أطلق مصرف لبنان بالتعاون مع مبادرة LIFE برنامج "أوكسيجين" بقيمة ٧٥٠ مليون دولار، لتوفير تسهيلات لمستوردي المواد الأولية الضرورية لمكافحة كورونا ولحاجات الصناعة، وآلية لدعم الصناعيين بقيمة 450 مليار ليرة لبنانية[20]. كما اعتمدت الدولة اللبنانية على المساعدات العينية الصحية والغذائية التي وصلت إلى لبنان بعد انفجار الرابع من آب 2020 للحد من الفقر والجوع وتأمين حياة كريمة لا سيما للمتضررين من انفجار مرفأ بيروت، ونفّذت الحكومة مشروع السلة الغذائية بدعمٍ من مصرف لبنان لتأمين استيراد المواد الغذائية المدعومة والأدوية والمعدات الطبية وتوزيعها بشكلٍ عادل بين جميع اللبنانيين إلا أنها تبقى معالجات بسيطة لم تستفد منها الطبقات المهمشة والأسر الأكثر فقرًا، بل أهدرت معها المال والوقت، وأصبحنا اليوم مكتوفي الأيدي ننتظر على مفترق طريق صفارة الدول - وليس الدولة - للإعلان عن بدء الإصلاحات ورفع الحصار، وتقديم المساعدات لبناء المجتمع المستدام وتنميته ولتعويض الإنسان ما سلب منه من حقوق وحريات.

 

الفقرة الثانية: تأثير أزمة كورونا في الوضع الاجتماعي اللبناني

تسجّل البلدان العربية الأقل نموًا ومنها لبنان أضعف أداء في مواجهة تحديات أزمة كورونا حسب جميع مؤشرات أهداف التنمية المستدامة. حيث النُظُم الصحية والأدوات الطبية واللقاحات والتأمينات الصحية منهَكة في الأصل قبل تفشّي الجائحة. ومن المتوقع أن يتدهور الحق في الصحة السليمة والرفاه بسبب عدم اتخاذ تدابير الوقاية الصحية من كورونا، والبحث عن لقمة العيش في ظل وقوع مزيد من الأُسر في شباك الفقر وانعدام الأمن الغذائي وتباطؤ النمو الاقتصادي[21].

مما لا شك فيه أن النظام الاجتماعي اللبناني، ونقصد به النظام الصحي السليم والتعليم الجيد والعمل اللائق وتأمين أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء ودواء... يعاني من موت سريري أدى إلى انهيار المنظومة متكاملة، وإلى حرمان المواطن من أبسط احتياجاته اليومية وحقوقه الأساسية. فالمواطن اللبناني مثلًا يفتقد إلى حقه في التعليم الجيد والعادل، إذ لا تستطيع الدولة التوفيق بين التعليم عن بُعد بسبب غياب الكهرباء بشكلٍ كامل وخدمة الإنترنت الجيدة، وبين فتح المؤسسات التعليمية واتخاذ التدابير الصحية للوقاية من تفشّي كورونا، ناهيك عن أزمة المحروقات والتنقل وغيرها.

كما تشير تقديرات منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل اللبنانية إلى أن معدلات البطالة ارتفعت من 11.3% في العام 2018 إلى 18.5% في العام 2019، ثم قفزت إلى 36.9% في العام 2020، وبلغت 41.4% في العام [22]2021. والأكيد أن الوضع سوف يتفاقم مع الانهيار الكبير للنظام الاقتصادي والمالي ليكون لبنان غير قادر على الصمود في مواجهة موجة وباء جديدة لمتحور كورونا.

من الناحية الصحية، لم تعد الدولة قادرة على تعزيز النظام الصحي ودعم الطاقم الطبي الذي أنهكته مواجهة كورونا بما تيسّر من خدمات، واختياره الهجرة على البقاء والمواجهة. كذلك أثّرت كورونا وانهيار العملة الوطنية في سلاسل توريد المعدات واللوازم الطبية التي يستوردها لبنان بنسبة ١٠٠٪ تقريبًا واستيرادها[23]، لتدقّ الدولة ناقوس الخطر في كل مرة ترتفع بها أعداد المصابين، لأنها على دراية من عدم قدرتها على تأمين الخدمات الصحية اللازمة لمصابي كورونا. وعلى الرغم من محاولة تلقيح عدد كبير من المواطنين للحد من انتشار الوباء[24]، إلا أن نسبة المصابين لا تزال مرتفعة بسبب الموجات المتلاحقة لمتحورات كورونا من جهة، ولعدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية من قبل المواطنين من جهة أخرى، فهم يفضلون الإصابة بوباء كورونا بدلًا من المعاناة من مرض الجوع والعوز، في دولة لا تستطيع تقديم أدنى مقومات الحقوق الاجتماعية والصحية وخير دليل على ذلك البطاقة التمويلية أو التموينية المنتظرة.

 

الخاتمة

لم تستثنِ تداعيات جائحة كورونا أي نظام اجتماعي، اقتصادي، صحي وبيئي حول العالم، حتى أنها أربكت الدول المتطورة تكنولوجيًا وعلميًا في عملية التسابق لابتكار اللقاح الفعّال، والحد من انتشار الوباء مع الإبقاء على فتح الأسواق وتحريك العجلة الاقتصادية، لتأمين الموارد المالية اللازمة ولتغطية النفقات الصحية الكارثية لهذه الجائحة. فكان هذا التلازم بين تداعيات أزمة كورونا وارتفاع عدّاد المصابين عالميًا، وبين مسار عجلة الاقتصاد العالمي وعدّاد نسبة الإنتاج والاستهلاك والبطالة والعرض والطلب...

إن التحديات هي فرصة ثمينة لا بد من استغلالها لابتكار الحلول، ولتغيير النمط السلوكي والاستهلاكي الذي أثبت فشله خلال أزمة كورونا. لقد توقّف بنا الزمن مع هذه الأزمة، وأدركنا مع انكفاء الدول على نفسها لمواجهة تداعياتها، أنه لا بدّ لنا من الاعتماد على الاكتفاء الذاتي في القطاعات الإنتاجية والسلعية والخدمية كافة، وتطوير القدرات العلمية والتقنية، والإبداع والابتكار في مجال الخدمات الطبية والرقمية لمواجهة حرب الفيروسات والتصدي لها. وعلينا بمشاركة جهود الدول العالمية والإقليمية وضع التخطيط الاستراتيجي الفعّال لإدارة الكوارث الصحية، وللاستجابة للأزمات الطارئة بأقل الأضرار، ولتأمين المستقبل الذي يُمنح فيه كل إنسان كامل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية، وتتحقق فيه التنمية البشرية المستدامة في المجالات كافة.

 

لائحة المراجع

1. The online Workshop on "Generating Productive and Inclusive Employment for Lebanon”, held by the United Nations Economic and Social Commission for Western Asia in cooperation with the Lebanese Ministry of Labor, on 7 and 8 October 2020.

2. UNCTAD, Trade and development, Report 2020, from globe pandemic to prosperity for all: avoiding another lost decade.

3. UN Secretary-General António Guterres, “Initiative on Financing for Development in the Era of COVID-19 and Beyond”, the virtual event aimed to advance concrete solutions to the development emergency caused by the COVID-19 pandemic, 28 May 2020.

 https://www.un.org/en/coronavirus/financing-development

4-  تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي(IMF)، "استجابة اقتصادات الأسواق الصاعدة لجائحة كوفيد-19"، السياسات التقليدية وغيرها ، تاريخ 7/9/2020.

https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/08/06/blog-covid-19-response-in-emerging-market-economies-conventional-policies-and-beyond

5. David Lawder (@davelawder), @Reuters global economy, trade, IMF correspondent, June 24, 2020, https://www.reuters.com/article/imf-economy-coronavirus-ab5-idARAKBN23V22B

6. Dr. Wassim Manssouri, First-Vice Governor, Financial situation in Lebanon: key challenges and potential exit strategies of the Central Bank, webinar on the Effects of Public Debt and Consequent International Financial Obligations on Human Rights in Lebanon; organized by the Regional Office of the High Commissioner for Human Rights for the Middle East and North Africa, Tuesday 20 October.

7. Monthly Import and Export Report, Prepared by Lebanese Customs Computer Center from Year 2015 until 31/07/2020, LITE per month\Import & Export web: http://www.customs.gov.lb.

8. Medical Device Supply Chain Notifications during the COVID-19 Pandemic, The United States Food and Drug Administration (FDA or USFDA), https://www.fda.gov/medical-devices/coronavirus-covid-19-and-medical-devices/medical-device-supply-chain-notifications-during-covid-19-pandemic.

9. The General Agreement on Trade in Services (GATS), Services Trade and Modes of Supply,” Mode 1: Cross-border Users in A receive services from abroad through the telecommunications or postal network. Such supplies may include consultancy or market research reports, tele-medical advice, distance training, or architectural drawings”.

   https://www.wto.org/english/tratop_e/serv_e/serv_e.htm

10.  UNCTAD, Multi-year Expert meeting on Trade, Services and Development, 23-24 September 2020, eighth session, ONLINE/ VIRTUAL meeting, leveraging services, including infrastructure services, to achieve the Sustainable Development Goals.  

https://unctad.org/en/pages/MeetingDetails.aspx?meetingid=2359

11. UNITED NATIONS CONFERENCE ON TRADE AND DEVELOPMENT (UNCTAD), The COVID-19 Crisis:  Accentuating the Need to Bridge Digital Divides, digital economy update, (UNCTAD/DTL/INF/2020/1), 06 Apr 2020, https://unctad.org/webflyer/covid-19-crisis .

12- International Labor Organization (ILO),

https://www.ilo.org/Search5/search.do?searchWhat=statistics&navigators=datestrnavigator%1Dyearstr%1D2020%1D^2020%24&sortby=default&lastDay=0&collection=&offset=

13-  الدولية للمعلومات بناء على الأرقام الصادرة عن وزارة العمل ،

 https://www.annahar.com/arabic/section/111-

14   Study prepared by ILO, The working poor or how a job is no guarantee of decent living conditions. A study based on ILO’s global estimates of employment by economic class, visit the website: https://ilo.org/wcmsp5/groups/public/---dgreports/---stat/documents/publication/wcms_696387.pdf

15-  Information International , https://monthlymagazine.com/ar-page_208_

16-  الهدف 3، الصحة الجيدة والرفاه، ضمان تمتُّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، إسراع العمل نحو خطة 2030 ما بعد كوفيد، المنتدى العربي للتنمية المستدامة، 29 – 31 آذار 2021.

 https://www.unescwa.org/ar/event/arab-forum-sustainable-development-2021

17-  Annual report by asset manager Mercer, Published 22nd June 2021.   https://edition.cnn.com/travel/article/worlds-most-expensive-cities-expats-2021/index.htm. l 

18-  Investment in the MENA region in the time of COVID-19 ,Tackling coronavirus (COVID 19), OECD Contributing to a global effort, report issued by OECD, May 19, 2020, 

 https://www.oecd.org/mena/competitiveness/Investment-MENA-COVID-19

19-  لمياء المبيّض بساط، رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، قراءة في تداعيات فيروس كورونا على لبنان، 4/6/2020،

http://www.institutdesfinances.gov.lb

20-  The Central Administration of Statistics (CAS) with ILO, https://www.ilo.org/global/statistics-and-databases/publications.

21-  https://arabic.rt.com/middle_east/1298291-


[1]-     The online Workshop on “Generating Productive and Inclusive Employment for Lebanon”, held by the United Nations Economic and Social Commission for Western Asia in cooperation with the Lebanese Ministry of Labor, on 7 and 8 October 2020

[2]-     The combination of weakening global growth (2.5 per cent in 2019 after averaging 3.0 per cent growth over the preceding 3 years) and persistent trade and technology tensions between the United States and China had already resulted in a negative trend in the volume of goods traded across the globe in 2019. This weakening comes on top of a prolonged slowdown in world trade ever since 2009 due to a generalized shortfall in global demand. Any hopes for a revival of these flows as a result of a supposed pickup in global growth and an easing of trade tensions in 2020 were quickly dashed. The onset and spread of Covid-19 brought about a dramatic fall in international trade flows. UNCTAD, Trade and development, report 2020, from globe .pandemic to prosperity for all: avoiding another lost decade, p: 19

[3]-     UN Secretary-General António Guterres, “Initiative on Financing for Development in the Era of COVID-19 and Beyond”, the virtual event aimed to advance concrete solutions to the development emergency caused by the COVID-19 pandemic, 28 May 2020

https://www.un.org/en/coronavirus/financing-development

[4]-   «استجابة اقتصادات الأسواق الصاعدة لجائحة كوفيد-19»، السياسات التقليدية وغيرها، تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي(IMF) تاريخ 7/9/2020

https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/08/06/blog-covid-19-response-in-emerging-market-economies-conventional-policies-and-beyond

[5]-     «استجابة اقتصادات الأسواق الصاعدة لجائحة كوفيد-19»، السياسات التقليدية وغيرها، تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي(IMF) تاريخ 7/9/2020

https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/08/06/blog-covid-19-response-in-emerging-market-economies-conventional-policies-and-beyond

[6]-     Dr. Wassim Manssouri, First-Vice Governor, Financial situation in Lebanon: key challenges and potential exit strategies of the Central Bank, webinar on the Effects of Public Debt and Consequent International Financial Obligations on Human Rights in Lebanon; organized by the Regional Office of the High Commissioner for Human Rights for the Middle East and North Africa, Tuesday 20 October.

يرصد مصرف لبنان 750 مليون دولار لدعم الصناعات المحلية وقيمة المواد الأولية بالعملة الأجنبية لدعم المواد الأولية المستوردة للصناعة.   

[7]-     Monthly Import and Export Report, Prepared by Lebanese Customs Computer Center from Year 2015 until .31/07/2020, LITE per month\Import & Export web: http://www.customs.gov.lb

[8]-     The COVID-19 pandemic triggered unprecedented increased demand for some medical devices such as Gloves, Gowns, N95 Respirators, Surgical Masks, and Face Masks and Other Personal Protective Equipment , as well as significant disruptions to global medical device manufacturing and supply chain operations. The FDA is monitoring the medical product supply chain and working closely with manufacturers and other stakeholders to evaluate the risk of disruptions and to prevent or reduce their impact on patients, health care providers, and the health of the public at large.  Medical Device Supply Chain Notifications During the COVID-19 Pandemic (The United States Food and Drug Administration (FDA or USFDA https://www.fda.gov/medical-devices/coronavirus-covid-19-and-medical-devices/medical-device-supply-chain-notifications-during-covid-19-pandemic.

[9]-       The General Agreement on Trade in Services (GATS), Services Trade and Modes of Supply,” Mode 1: Cross-border Users in A receive services from abroad through the telecommunications or postal network. Such supplies may include consultancy or market research reports, tele-medical advice, distance training, or architectural drawings”.  https://www.wto.org/english/tratop_e/serv_e/serv_e.htm

[10]-    UNCTAD, Multi-year Expert meeting on Trade, Services and Development, 23-24 September 2020, eighth session, ONLINE/ VIRTUAL meeting,  leveraging services, including infrastructure services, to achieve the Sustainable Development Goals, https://unctad.org/en/pages/MeetingDetails.aspx?meetingid=2359 

[11]-    UNITED NATIONS CONFERENCE ON TRADE AND DEVELOPMENT (UNCTAD), The COVID-19 Crisis:  Accentuating the Need to Bridge Digital Divides, digital economy update, (UNCTAD/DTL/.INF/2020/1), 06 Apr 2020, https://unctad.org/webflyer/covid-19-crisis

“Crisis outbreak in a new digital landscape

Some comparisons with the situation at the time of the 2008 financial crisis help to illustrate how fast the digital landscape has changed While the iPhone was introduced in 2007 and the first Android versions in 2008, there are now more than 3.2 billion

.smartphone users .The number of Internet users has surged from 1.6 billion to 4.1 billion, and Internet user penetration from 23% to 54% The number of Facebook users has grown from 100 million to 2.4 billion The number of online shoppers has more than doubled and the value of business-to-consumer (B2C) e-commerce

.has surged from less than $1 trillion to more than $3.8 trillion .Global Internet Protocol traffic (a proxy for data flows) has surged from 4,000 GB per second to 100,000 GB per second The combined market value of Amazon, Apple, Facebook, Google and Microsoft, which was about $500 billion in .2008, peaked before the COVID-19 crisis erupted at more than $7.5 trillion

[13]-    إعداد الدولية للمعلومات بناء على الأرقام الصادرة عن وزارة العمل،

 https://www.annahar.com/arabic/section/111-

[14]-    For more information on working poverty, Review the study prepared by ILO, The working poor or how a job is no guarantee of decent living conditions. A study based on ILO’s global estimates of employment by economic class, visit the website

 https://ilo.org/wcmsp5/groups/public/---dgreports/---stat/documents/publication/wcms_696387.pdf

[15]-     Information International , https://monthlymagazine.com/ar-page_208_ 

[16]-    The online Workshop on “Generating Productive and Inclusive Employment for Lebanon” , held by the United Nations Economic and Social Commission for Western Asia in cooperation with the Lebanese Ministry of .Labor, on 7 and 8 October 2020

[17]-    According to an annual report by asset manager Mercer, “World’s most expensive cities for expats in 2021 revealed”. The Turkmenistan capital, which was number two on last year’s list, is something of an outlier in the top 10, which mostly features business hubs like Hong Kong (last year’s priciest city and this year’s second priciest), Tokyo (number four for 2021), Zurich (number five for 2021) and Singapore (number seven for 2021). Perhaps the biggest change from last year’s Mercer survey sees Beirut rising from the 45th most expensive city for international workers in 2020 to the third priciest for 2021.Mercer puts this development down to Lebanon’s economic depression, which was exacerbated by the Covid-19 pandemic and the Port of

.Beirut explosion in August last year. Published 22nd June 2021

 .https://edition.cnn.com/travel/article/worlds-most-expensive-cities-expats-2021/index.html  

[18]-    Monthly Import and Export Report, Prepared by Lebanese Customs Computer Center from Year 2015 until 31/07/2020, LITE per month\Import & Export web: http://www.customs.gov.lb

 [19]-    Investment in the MENA region in the time of COVID-19 ,Tackling coronavirus (COVID 19), OECD ,Contributing to a global effort, report issued by OECD, May 19, 2020

https://www.oecd.org/mena.competitiveness/Investment-MENA-COVID-19

[20]-    لمياء المبيّض بساط، رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، قراءة في تداعيات فيروس كورونا على لبنان، 4/6/2020،

http://www.institutdesfinances.gov.lb

[21]-    الهدف 3، الصحة الجيدة والرفاه، ضمان تمتُّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، إسراع العمل نحو خطة 2030 ما بعد كوفيد، المنتدى العربي للتنمية المستدامة، 29 – 31 آذار 2021.

 https://www.unescwa.org/ar/event/arab-forum-sustainable-development-2021

للاطلاع على تحليل وافٍ للتوصيات والمؤشرات، أنظر الإسكوا، التقرير العربي للتنمية المستدامة، 2020،

  http://afsd-2021.unescwa.org/index-ar.html

[22]-    The Central Administration of Statistics (CAS) with ILO, https://www.ilo.org/global/statistics-and-databases publications

[23]-    -Human Rights Watch, Lebanon: Hospital crisis threatens health, the government should pay the dues and address the dollar shortage, November 12, 2019,

 https://www.hrw.org/ar/news/2019/12/10/336503

[24]-    صرح رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا د.عبد الرحمن البزري، إن "نسبة التلقيح العالمية بلغت 42% من سكان الكرة الأرضية فقط"، وكشف أن "نسبة التلقيح في لبنان بلغت حوالى 35% وهي نسبة متدنية بعد سنتَين على الفيروس وبعد سنة على بدء التلقيح".

 https://arabic.rt.com/middle_east/1298291-

The world in the midst of Pandemic

How COVID-19 affected the Lebanese Economy

 

Corona pandemic represented the most dangerous epidemic of this century in all over the world, not excluding any of the countries, the pandemic seriously affected the world's health and economic system. It also confused the developed countries that tried hard to find effective vaccine and medicine, yet failed.

Corona crisis imposed an equation which is either to choice complete closure of industrial and touristic institutions, land, sea and air borders to limit the spread of the epidemic, and as a result protect the health sector, or mobilization of the economic process through opening markets, borders, institutions and factories based on the need to revive economy which secures financial resources that cover the expenses of the catastrophic health consequences of the pandemic. sHence, the repercussions of the Corona crisis and the global economy are correlated. 

This study will shed the light as what this crisis has contributed to reveal the weakness of the global economy and highlight its positive and negative sides. In addition, this study aimed at showing how COVID-19 affected Lebanon’s economic and social situations. All this will be done through examining the characteristics of COVID-19 crisis.

 

Due to the forced closure of institutions and the cessation of global trade movement because of corona crisis, we have realized the necessity of the self-sufficiency. self-sufficiency is achieved by encouraging the local production, labor sectors  And the development of scientific and technical talents, especially in the digital economy, industrial sector, information technology, medical and scientific services, the reduction of import from abroad, and work to encourage the Lebanese industry and agriculture, which has been largely neglected for years as a result of adopting the rentier economy policy, which has clearly proven its failure in the face of the Corona pandemic.

In conclusion, we can say that the difficulties and challenges are a real opportunity to find the best solutions and innovations to face the crisis.

Le monde au milieu de la pandémie

Comment le COVID-19 a affecté l'économie libanaise

 

La pandémie de Corona a représenté l'épidémie la plus dangereuse de ce siècle dans le monde entier, qui n'a exclu aucun pays mais a gravement affecté son système sanitaire, social et économique, et a confondu les pays développés afin de rechercher un vaccin et un médicament efficaces, mais la mission a échoué.

La crise du Corona a imposé une équation de choix entre protéger le secteur de la santé ou la fermeture complète des institutions industrielles, touristiques, des frontières terrestres, maritimes et aériennes pour limiter la propagation de l'épidémie, ou déplacer le processus économique et ouvrir les marchés, les frontières, les institutions et les usines en fonction de la nécessité de relancer l'économie pour sécuriser les ressources financières afin de couvrir les dépenses Les conséquences sanitaires catastrophiques de cette pandémie. Par conséquent, les répercussions de la crise de Corona sont étroitement liées à l'économie mondiale.

Dans cette étude, nous examinerons les caractéristiques de la crise du COVID-19 pour projeter la lumière sur ce que cette crise a contribué à révéler la faiblesse de l'économie mondiale, et mettre en évidence ses côtés négatifs et positifs. Ensuite pour voir la situation économique et sociale au Liban affectée par COVID-19.

 

En raison de la fermeture forcée des institutions et de l'arrêt du mouvement commercial mondial à cause de la crise corona, nous avons réalisé à quel point l'autosuffisance est nécessaire en encourageant la production locale, les secteurs du travail et le développement des talents scientifiques et techniques, en particulier dans l'économie numérique, le secteur industriel, les technologies de l'information, les services médicaux et scientifiques, la réduction des importations en provenance de l'étranger, et le travail pour encourager l'industrie et l'agriculture libanaise, qui a été largement négligée pendant des années en raison de l'adoption de la politique d'économie de rente, qui a clairement prouvé son échec face à la pandémie de Corona.

Pour conclure en disant que les difficultés et défis représentent une réelle opportunité de trouver nos meilleures solutions et innovations pour faire face à cette crise.