قضاء عسكري

العدل أساس الملك سرعة المحاكمة جزء من العدل
إعداد: جان دارك أبي ياغي

العدل أساس الملك, تلك مسلّمة عامة، لكن في القضاء العسكري فإن الإنطلاق من هذه المسلمة يقترن أيضًا بضوابط أخرى من بينها توخي السرعة وعدم تراكم الملفات. في هذا الإطار تعتمد المحكمة برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم استراتيجية الفصل بين الجنح والجنايات بما يتيح معالجة القضايا على نحو أسرع.
في ما يلي إضاءة على عمل المحكمة التي أنجزت خلال العامين 2012 و2013 عشرات الملفات الإرهابية، بالإضافة إلى إضاءة على قسمين: الإنضباط والقضاء العسكري، والشؤون القانونية في قيادة الجيش.


المحكمة العسكرية: 138 محكومًا في  قضايا إرهابية  خلال 2012 و2013

 

تحديد المسؤوليات
في بداية لقائنا معه حدّد رئيس المحكمة العسكرية موقعها في القضاء بالقول:
أعطى المشترع المحاكم العادية صلاحية النظر في جميع الدعاوى الجزائية بموجب نص عام، إن لم يكن ثمة قانون خاص يمنع عنها تلك الصلاحية، فيُدخل القضايا المحالة عليها في اختصاص محاكم استثنائية أو خاصة. ولا يحق لهذه الأخيرة غير النظر بقضايا معينة حدَّدتها التشريعات الخاصة على وجه الحصر، أي أنها لا تنظر إلا في فئة محددة من الجرائم وفق أصول خاصة، فاختصاصها هو الإستثناء. ومن المحاكم الإستثنائية في لبنان: محكمة الأحداث، محكمة المطبوعات، المجلس العدلي والمحكمة العسكرية. بناء عليه، ينتمي قانون القضاء العسكري إلى فئة القضاء الاستثنائي، فهو القانون الذي يُعنى بتحديد المحاكم العسكرية وتنظيمها، بما في ذلك الصلاحيات والأصول الواجب اتباعها أمامه، وهو الذي يحدِّد الجرائم العسكرية والعقوبات المناسبة لها.
لذا، فالعلاقة وثيقة بين قانون القضاء العسكري من جهة، وقانونَي العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية من جهة أخرى. فالأول هو قانون خاص يقتضي تطبيقه في حال صراحة نصوصه، أما الآخران فهما قانونان عامان ويقتضى تطبيقهما في حال خلو القانون الخاص من نص ينطبق على أي حالة قانونية معروضة أمام القاضي. وهذا ما جاء ذكره صراحة في المادتين 33 و99 من قانون القضاء العسكري.
من هنا، يحتل قانون القضاء العسكري حيِّزًا مهمًا في بنية الجسم القضائي اللبناني، نظرًا إلى سعة اختصاصه وتنوّع الأشخاص المحالين عليه إن بسبب صفتهم الوظيفية أو بالنسبة إلى نوعية الأفعال المنسوبة إليهم.

 

• ممَّ تتألف هيكلية المحكمة العسكرية الدائمة؟

وما هي مهماتها؟
- تتوزّع المحاكم العسكرية على الشكل الآتي:

 

- النيابة العامة العسكرية: تشمل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ومعاونيه، وتقوم بجميع مهمات النيابة العامة الإستئنافية العادية في كل ما يتعلق باختصاصها (المادة 34 ق ع). كما تشمل مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية الذي يقوم بمهمات النائب العام لدى محكمة التمييز في ما يتعلق باختصاصه.

 

- قضاة التحقيق العسكريون: يمارسون مهمات قضاة التحقيق نفسها المحدَّدة في القضاء العدلي العادي في كل ما يتعلق باختصاصهم.

 

- المحاكم العسكرية المنفردة: موزّعة في المحافظات الإدارية الخمس، تشمل صلاحياتهم النظر ضمن نطاق المحافظة في الجنح والمخالفات المحالة عليهم من النيابة العامة العسكرية، والتي لا تتجاوز عقوباتها القصوى الغرامة أو السنة حبسًا أو هاتين العقوبتين معًا. يرأسها قاضٍ عسكري منفرد.

 

- المحكمة العسكرية الدائمة: تختص بالنظر في كل الجرائم المحالة عليها والتي تفوق عقوباتها القصوى السنة حبسًا، كما تعتبر المرجع القضائي الإستئنافي للأحكام الصادرة عن القضاة العسكريين المنفردين. رئيسها قاضٍ عسكري ويعاونه قاضٍ من ملاك القضاء العدلي مستشارًا إضافة إلى ثلاثة قضاة عسكريين مستشارين.

 

- محكمة التمييز العسكرية (أو محكمة النقض): تختص بالنظر في طلبات نقض الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية الدائمة، وطلبات نقض قرارات إخلاء السبيل أو ردّها الصادرة عن قضاة التحقيق العسكريين أو عن المحكمة العسكرية الدائمة، وطلبات إعادة الإعتبار في الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية. كما تعتبر المحكمة المختصَّة في تعيين المرجع الصالح إذا وقع خلاف بين مرجعين قضائيين عسكريين (المادة 26 ق ع). يرأسها في القضايا الجنائية قاضٍ من ملاك القضاء العدلي مع أربعة قضاة عسكريين مستشارين، أما في القضايا الجنحية فقاضٍ من ملاك القضاء العدلي رئيسًا مع قاضيين عسكريين مستشارين.

 

• ما هو الفرق بين المحاكم المدنية ومحاكمات المحكمة العسكرية؟
- يختلف تحريك الدعوى العامة في القضاء العدلي عنه في القضاء العسكري، ففي حين يستطيع المتضرِّر في الحالة الأولى أن يتقدَّم بدعوى جزائية (استنادًا إلى المادة 7 من ق أ ج) أمام إحدى السلطات القضائية الآتية: النيابة العامة الإستئنافية، أو قاضي التحقيق، أو القاضي المنفرد الجزائي. يقتصر حق المتضرِّر أو المدعي أمام القضاء العسكري على إقامة الدعوى العامة أمام النيابة العامة العسكرية وحسب من دون غيرها، كما أنه لا يجوز الإستماع إلى الشاكي إلا على سبيل المعلومات (المادة 25 ق ع فقرة 4) فلا يمثل المتضرِّر أو الشاكي أمام المحكمة العسكرية كمدَّعٍ أو كطرف، بل كشاهدٍ في القضية. وهكذا يكون أطراف النزاع أمام المحكمة العسكرية إثنان فقط: النيابة العامة العسكرية طرفًا أول، والمدَّعى عليهم في الدعوى طرفًا ثانيًا.

 

• ما هي القضايا التي تعالجها المحكمة العسكرية؟ وهل من تمييز بين قضايا الحق العام وقضايا الحق الشخصي؟
- تنحصر صلاحية المحكمة العسكرية من أي درجة كانت بدعوى الحق العام من دون الحق الشخصي التي يمكن أن تقام أمام المحكمة المدنية الصالحة، حيث يتوقَّف صدور الحكم بها حتى الفصل في دعوى الحق العام نهائيًا (المادة 25 ق ع فقرة 1 و5). ولا يمكن بالتالي للمحكمة العسكرية أن تحكم بالتعويضات الشخصية أو المدنية بصرف النظر عن نوع الجرم ودرجة المحاكمة.
 أما عندما تتوقَّف إقامة الدعوى العامة على اتخاذ الشاكي صفة الإدعاء الشخصي، فيحق لمفوض الحكومة أن يجري الملاحقة بناء على شكوى المتضرِّر (المادة 35 ق ع) الذي إذا كان ينتمي إلى السلك العسكري (جيش، أمن داخلي، أمن عام، أمن دولة، جمارك) فيعود لقيادته أن تطلب الملاحقة حتى لو لم يتقدَّم المتضرِّر شخصيًا بشكوى أو إخبار وحتى لو رجع عن دعواه.
 في حالة الجرم المشهود تتمتَّع النيابة العامة العسكرية بحرية أكبر في وضع يدها على الدعوى مباشرة (المادتان 36 و37 ق ع) أًيًا كان الفاعلون أو المعتدى عليهم من دون ضرورة الإستحصال على أي إذن مسبق أو لاحق بالملاحقة باسثناء الحالات الآتية:
• الجرائم الواقعة من أحد أفراد السلك العسكري على أحد رجاله.
• الجرائم المتعلِّقة بأحد أفراد السلك العسكري من دون أن يكون لأحد المدنيين علاقة بها.
• الجرائم العسكرية المتعلِّقة بأحد أفراد الجيش والمنصوص عنها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون القضاء العسكري.
• الجرائم المتعلِّقة بأحد أفراد الجيش والتي اقترفها خلال العمليات العسكرية أو خلال الخدمة أو بسببها، وكان لأحد المدنيين علاقة بها.

 

• كيف تجري جلسات المحاكمة وآلية العمل فيها؟
- من مميِّزات أصول المحاكمات في المحاكم العسكرية أن هذه غير ملزمة بالتعليل كما هو الأمر لدى المحاكم العادية، حيث إلزامية شمول الحكم على ملخّص وافٍ للوقائع الواردة في قرار الظن أو الاتهام ومحضر جلسة المحاكمة العلنية، ومطالب الفرقاء والأسباب الموجبة للتجريم أو البراءة أو عدم المسؤولية إضافةً إلى المواد القانونية المنطبق عليها الفعل في حال التجريم، وتحديد العقوبة ومقدار التعويض. وكون المحاكم العسكرية تطبّق القوانين الجزائية والنصوص المنصوص عنها في القانون العادي أو في القوانين الخاصة في جميع الأحوال التي لا تتعارض مع أحكام قانون القضاء العسكري، فقد خصَّ المشترع المحاكم العسكرية بطريقة فريدة من نوعها في المذاكرة وإصدار الحكم.
فقد  نصت المواد من 63 حتى 70 من قانون القضاء العسكري على جملة اعتبارات يقتضى مراعاتها، خصوصًا في ما يتعلَّق بانتهاء مرحلة المحاكمة وكيفية صوغ الحكم وفق آلية مقررة، إن لجهة أسلوب المذاكرة وطرح الأسئلة أم لناحية المعاملات الجوهرية التي تقع تحت طائلة البطلان في حال تجاوزها.

 

• كيف يتم الدفاع عن المدعى عليهم في حال كان الموقوف غير قادر على تأمين محام؟
- إن وجود المحامي للدفاع عن المدَّعى عليهم إلزامي أمام جميع المحاكم العسكرية باستثناء القضاة العسكريين المنفردين. يُعهد بالدفاع عن المحالين على المحكمة العسكرية الذين ليسوا ممثلين بمحامين إلى أحد المحامين أو الضباط المجازين في الحقوق المعيَّنين بقرار من وزير الدفاع الوطني (المادة 21 ق ع).
كما يمكن توكيل محام شفهيًا خلال الجلسات من دون لزوم تسجيل الوكالة إذا كانت خطية (المادة57 ق ع). وعلى رئيس المحكمة العسكرية تعيين محامٍ للدفاع عن المدعى عليه في حال لم يعيِّن هو محاميًا، أو إذا تعذَّر على محاميه الدفاع عنه.
هنا أشير إلى أن قانون القضاء العسكري أعطى لرئيس المحكمة العسكرية صلاحية استثنائية تتمثّل بمنع المحامي من دخول المحكمة العسكرية لمدة أقصاها 3 أشهر إذا ارتكب خطأً مسلكيًا جسيمًا قبل المحاكمة أو خلال الجلسات، فيبلّغ قراره إلى نقيب المحامين بواسطة مفوَّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية خلال 48 ساعة، وللمحامي أن يطعن بالقرار المذكور أمام محكمة التمييز العسكرية خلال مهلة 3 أيام من تلاوة القرار إذا كان حاضرًا الجلسة أو من تاريخ تبلغه له (المادة 59 ق ع).

 

• من هم الأشخاص الذين يحاكمون أمام المحكمة العسكرية؟
- يحاكم أمام المحكمة العسكرية الأشخاص أيًا كانت جنسيتهم وأيًا كان نوع الجريمة المسندة إليهم وهم:
- العسكريون.
- الموظَّفون المدنيون لدى وزارة الدفاع الوطني ولدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أو الأمن العام أو أمن الدولة اذا كانت الجرائم المرتكبة من قبلهم أو الواقعة عليهم ناشئة عن الوظيفة.
- المجندون باستثناء الجرائم الواقعة عليهم أو تلك المرتكبة من قبلهم ولا تتعلق بالوظيفة.
- رجال قوى الأمن الداخلي أو الأمن العام أو أمن الدولة في الجرائم المتعلقة بالخدمة.
- أسرى الحرب.
- رجال قوى الجيوش الأجنبية والموظفون المدنيون فيها ما لم يكن هناك اتفاق مخالف.
- كل فاعل أو شريك أو متدخِّل أو محرِّض في جريمة محال بها على القضاء العسكري.

 

• ما هي الحالات التي تعاد فيها المحاكمة؟
- تعاد المحاكمة في حال الاعتراض على حكم غيابي بمنزلة الوجاهي. لقد أعطت المادة 62 ق.ع الحق بالإعتراض للمحكوم عليه غيابيًا بمنزلة الوجاهي إذا ثبت أن هناك قوة قاهرة حالت دون حضوره، وذلك خلافًا للأصول الجزائية العادية التي لا تقبل الإعتراض في هذه الحالة.
أما إمكان الاعتراض على حكم التمييز، فإن الحكم الصادر عن محكمة التمييز العسكرية قابل للإعتراض (المادتان 71 و80 من قانون القضاء العسكري) بمهلة 15 يومًا من تاريخ صدوره، بينما  تعتبر الأصول الجزائية العادية أن كل حكم صادر عن محكمة التمييز يكون مبرمًا وغير خاضع لأي طريق من طرق الطعن باستثناء إعادة المحاكمة (المادة 326 أ.م.ج).

 

• ما هو عدد الموقوفين الإرهابيين الذين نظرت المحكمة في قضاياهم خلال السنوات الأخيرة؟
- إن عدد دعاوى الإرهاب لدى المحكمة العسكرية خلال العامين 2012 و2013 هو على الشكل الآتي:
عدد الملفات: قيد المحاكمة 41 ملفًا، المحكوم بها 46.
عدد الأشخاص المحكومين: وجاهيًا، 72، غيابيًا، 66، المجموع، 138.
أما عدد دعاوى التعامل مع العدو لدى المحكمة وخلال الفترة ذاتها فقد بلغ 68 دعوى حكم بها، و50 ما تزال قيد المحاكمة، فيما حكم 104 أشخاص في هذه الدعاوى (63 وجاهيًا و41 غيابيًا).

 

• هل هناك عوامل تؤثر على قرارات المحكمة، وكيف تتعاملون معها؟
- لا يخلو الأمر من بعض التدخلات السياسية والأمنية، ولكنها لا تؤثر على الخطوط الحمراء التي وضعتها لنفسي وفي مطلعها هيبة المؤسسة العسكرية ومعنويات أفرادها، وقضيتي العمالة والعمليات الإرهابية. فأنا من المؤتمنين على حماية الأمن القومي وأحرص على إصدار الأحكام وفق الجرم المرتكب. عندما أجلس على قوس المحكمة تطغى الموضوعية والتجرّد على أي تدخّل خارجي. من هنا، فإن مجمل الأحكام (حوالى 8000 حكم) صدرت بالإجماع (أي كل الهيئة مجمعة على الحكم) وليس هناك حكم واحد بالأكثرية. في خلاصة القول، يهمني أن أؤكد أن المحكمة العسكرية ليست طرفًا في الدعوى إنما تلعب دور الحَكَم ما بين النيابة العامة والمتهم.
وفي ختام اللقاء، شكر رئيس المحكمة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم قائد الجيش العماد جان قهوجي على كل الدعم الذي يقدمه لحسن سير عمل المحكمة، إذ وافق على نقل المحكمة المنفردة وطاقمها إلى ثكنة فخر الدين. كما شكر كل الذين وظفوا إمكاناتهم في سبيل إعادة تأهيل قاعة المحاكمة وتجهيزها بأحدث التقنيات الصوتية حتى باتت تحتل المرتبة الأولى بين مثيلاتها في لبنان.  

 

درجات المحاكمة أمام القضاء العسكري
• محكمة الدرجة الاولى (الابتدائية).
- القضاة/او الحكام العسكريون المنفردون في المناطق.

 

• محكمة الدرجة الثانية (الاستئنافية).
- المحكمة العسكرية الدائمة.

 

• محكمة الدرجة الثالثة (النقض).
- محكمة التمييز العسكرية.

 

القضايا التي تعالجها المحكمة العسكرية
- الصلاحية الاقليمية (وفق مكان ارتكاب الجرم)
تشمل صلاحية المحاكم العسكرية الدائمة على جميع الأراضي اللبنانية والأراضي الأجنبية التي يحتلها الجيش اللبناني.

 

- الصلاحية النوعية (وفق نوع الجرم المرتكب):
• جرائم الإرهاب على اختلاف أنواعها.
• الجرائم العسكرية المحدَّدة في الكتاب الثالث من قانون القضاء العسكري.
• جرائم الخيانة، التجسس، والتعامل مع العدو.
• الجرائم المتعلقة بالأسلحة والذخائر غير المتصلة بجرائم أخرى.
• الجرائم المرتكبة في الثكنات والمعسكرات والمؤسسات العسكرية.
• الجرائم المرتكبة من/أو الواقعة على شخص أحد العسكريين.
• الجرائم المرتكبة من/أو الواقعة على شخص أحد رجال قوى الامن الداخلي أو الامن العام أو أمن الدولة إذا كان لها علاقة بالوظيفة.
• الجرائم التي تمس مصلحة الجيش أو قوى الأمن الداخلي أو الأمن العام أو أمن الدولة.
• الجرائم الواقعة على شخص أحد رجال الجيوش الأجنبية الموجودة في لبنان أو التي تمس بمصلحتها.

 

ملاحظات
• القضايا المحالة على قضاة التحقيق العسكريين تتناول الجنايات كلها بالإضافة إلى الجنح التي تتطلَّب تحقيقات إضافية عن تلك المجراة أمام الضابطة العدلية.
• تنحصر صلاحية المحكمة العسكرية من أي درجة كانت، بدعوى الحق العام من دون الحق الشخصي، ولا يجوز الاستماع إلى الشاكي إلا على سبيل المعلومات.
• تتخذ قرارات المحكمة العسكرية الدائمة ومحكمة التمييز العسكرية بالإجماع أو بالأكثرية.
• إذا لوحق شخص في آن واحد بجرم من صلاحية المحكمة العسكرية وبجرم من صلاحية المحاكم العادية فإنه يحاكم بكل جرم على حدة من قبل القضاء الصالح.
• إذا كان الجرم جناية من صلاحية المحكمة العسكرية فانها تنظر وفق الجناية بسائر الجرائم المتلازمة معها.
• إذا كان الجرم من صلاحية القضاء العادي وكان ثمة جرم سلاح حربي متلازمًا معه فإن القضاء العادي ينظر بالجرمين معًا.

 

قسم الإنضباط والقضاء العسكري: نحن مع العسكري ما دام ملتزمًا القانون ومع العدل في كل الأحوال
يرتبط قسم الإنضباط والقضاء العسكري بالمكتب الإداري للعديد الذي بدوره يتبع لقيادة الجيش-أركان الجيش للعديد. في البداية، كان يقتصر على فرعين هما: فرع الإنضباط وفرع القضاء العسكري وفق تسميته كما يخبرنا رئيس القسم العقيد مجدي الحجار. ومع نمو الجيش وتطوّر عديده استحدثت فروع جديدة تجاوز عددها العشرة، ثم أعيد دمج بعضها لتصبح ستة هي: فرع الدراسات، فرع الحوادث، فرع التحقيقات، فرع القضاء، فرع الإنضباط والفرار وفرع التدقيق. وتخضع جميعها لسلطة رئيس القسم. كما يضم القسم أمانة سرّ وأمانة سرّ ربائدية. ويعاون رئيس القسم في عمله عدد من الضباط والرتباء والأفراد من أصحاب الإختصاص في عدة مجالات أهمها القانون. يبقى أن أشير إلى أننا نعمل على مشروع حالي لاستحداث المزيد من الفروع داخل القسم.

 

• ما هي المهمات التي يقوم بها القسم؟
- إنّ مهمة القسم متشعّبة ويصعب حصرها بصفحات. ولكن أبرز مهمة يقوم بها القسم هي معالجة ملفات التحقيق التي ينجزها ويرفعها إليه محقِّقو الشرطة العسكرية أو الضباط العدليون في قطع الجيش ووحداته، إضافة إلى معالجة المواضيع الآتية: الإجراءات التأديبية المتخذة بحق العسكريين (من مختلف الرتب)، ملفات الإحالة على المحكمة العسكرية للعسكريين والموظفين المدنيين في الجيش الناتجة عن قيامهم بوظيفتهم، ملفات إحالة الضباط على المجلس التأديبي والرتباء والأفراد على لجنة التحقيق، هذا إلى معالجة التسويات مع المدنيين الناتجة عن حوادث السير وغيرها... يضاف إليها طلبات الإعفاء من الرسوم والأموال والمصاريف الطبية (في حال الحوادث)، القرارات الصادرة عن النيابات العامة العسكرية وقضاة التحقيق العسكريين، إحالة الشكاوى والإخبار على الشرطة العسكرية لإجراء التحقيقات اللازمة، معالجة رخص الأسلحة للضباط، وطلبات الهجرة للعسكريين، طلبات الترخيص لتغيير الإسم والشهرة والمذهب، معالجة أوضاع المفقودين وتقديم الآراء القانونية لمختلف أجهزة قيادة الجيش.

 

• كيف تحدد علاقة القسم بكل من: النيابة العامة العسكرية، قضاة التحقيق العسكريين، المحاكم العسكرية، الشرطة العسكرية، شرطة المناطق والمحققين العدليين في الجيش؟
-  أفضل أن أبدأ إجابتي بالحديث عن العلاقة مع المحققين العدليين ومحققي الشرطة العسكرية. فأولى مهمات ضباط القسم الإشراف على عمل المحققين العدليين كافة في الجيش سواء كانوا من عداد الشرطة العسكرية أو من عداد قطع الجيش الأخرى ووحداته، وهم يعملون على مدار الساعة في توجيه عمل المحققين للوصول بالتحقيقات إلى النهاية المطلوبة وإعطاء القرارات اللازمة بشأنها قبل ختم محاضرها.
 أما العلاقة مع الشرطة العسكرية فتعتمد على نوعين من التحقيقات:
1- التحقيقات التي يشرف عليها ضباط القسم ويصدرون القرارات المناسبة في المواضيع التي تعود صلاحية البت فيها إلى قيادة الجيش.
2- التحقيقات التي تعود صلاحية البت بها إلى النيابة العامة العسكرية حيث يقوم ضباط القسم بتلقي المراجعات من محققي الشرطة وإعطائهم القرار بمراجعة النيابة العامة العسكرية والعمل بإشارتها. وينطبق هذا النوع بشكل عام على الأشخاص المدنيين. وقد نصَّت تعليمات الشرطة العسكرية على واجبات محققيها وسائر المحققين العدليين في الجيش ومهماتهم وعلاقتهم بقسم الإنضباط والقضاء العسكري والتزامهم التام قرارات هذا القسم في ما يتعلق بالتحقيقات التي يجرونها.
أما العلاقة مع النيابة العامة العسكرية فتتم عبر قيادة الجيش، إضافة إلى التنسيق المباشر عند الضرورة من أجل معالجة الأوراق والدعاوى والشكاوى والقرارات القضائية الصادرة عن النيابات العامة العسكرية وقضاة التحقيق. وتحكم هذه العلاقة مجموعة من القوانين أبرزها قانون القضاء العسكري.
في ما يتعلق بالمحكمة العسكرية، فالعلاقة محدَّدة في قانوني القضاء العسكري والدفاع حيث يقوم القسم بمعالجة ملفات الإحالة على المحكمة العسكرية تمهيدًا لاستصدار القرارات المناسبة من قيادة الجيش ووزير الدفاع الوطني وفق الصلاحيات.
يبقى أن أشير إلى أن القسم هو من يقترح أسماء الضباط أعضاء الهيئات القضائية في المحاكم العسكرية على اختلاف درجاتها، ويحضِّر القرارات المناسبة في هذا الشأن قبل صدورها عن وزير الدفاع الوطني.

 

• كيف يتصرَّف القضاء العسكري تجاه العسكريين في حال نشوب نزاع مع مدنيين من خارج المؤسسة العسكرية؟
- من المعروف أن الإنضباط عصب الجيوش، وأن العدل هو أساس الملك. وقسم الإنضباط والقضاء العسكري في هذه الحالة، وانسجامًا مع تسميته والصلاحيات المنوطة به، هو بحق أحد موازين العدالة الأساسية في الجيش. لذلك، نحن نتعاطى تجاه مخالفات العسكريين، من مختلف الرتب، وفق ما نصّت عليه القوانين والتعليمات. فلا يمكن التغاضي عن المخالفات أو الجرائم التي يرتكبها بعض العسكريين كونها تسيء إلى سمعة المؤسسة العسكرية وتخالف الأنظمة والقوانين التي ترعى عملها. أما المنازعات القانونية والقضائية بين عسكريين ومدنيين فهي نوعان: الأول، لا علاقة له بالوظيفة ولا يكون في معرض الخدمة العسكرية ويتم التعاطي معه على قاعدة إعطاء كل ذي حق حقه حيث يتحمّل المخطىء أو المرتكب نتيجة أعماله سواء كان مدنيًا أو عسكريًا. ويتمّ التعاطي مع هذا الموضوع بتجرّد تام ومن دون أي انحياز للعسكري. ولكن ذلك لا يمنع الوقوف إلى جانبه ومؤازرته بالقانون ومساندته في دفاعه عن حقه أمام الجهات القضائية المختصة إذا ما تعرّض إلى اعتداء من قبل أشخاص مدنيين ولأمور لا علاقة لها بالوظيفة، ما يحفظ معنوياته وحقوقه ويحقق غاية العدالة.
أما النوع الثاني من المنازعات، فهو الذي ينشأ بين المدنيين والعسكريين في معرض قيام هؤلاء بوظيفتهم في أثناء الخدمة. في هذه الحالة يتم الإحتكام إلى قانون القضاء العسكري لحفظ معنويات العسكريين وحمايتهم من أي افتراء خلال قيامهم بمهماتهم (عمليات حربية أو عمليات حفظ أمن أو أي مهمات أخرى). مع ذلك، فإن العسكري كفرد وليس كحاجز أو دورية أو مؤسسة قد يخطىء ويحاسب على خطئه، ولكن ضمن الأصول حيث تعود صلاحية الملاحقة القضائية أو عدمها في هذه الحالة لقيادة الجيش من دون سواها. وفي كثير من الحالات قد تحصل أخطاء من بعض العسكريين ولا تؤدي إلى منازعات قضائية مع أحد وتتم محاسبة مَنْ يرتكب هذه الأخطاء.
باختصار، نحن مع العسكري خلال تنفيذ مهماته ما دام ملتزمًا تطبيق التعليمات والأوامر والتوجيهات.

 

قسم الشؤون القانونية: إبداء المشورة والدفاع عن العسكريين
استحدث قسم الشؤون القانونية منذ أربع سنوات فقط ويفيدنا رئيسه العقيد غبريال خليفة بأنه تابع للمكتب الإداري في أركان الجيش للعديد برئاسة العميد غازي خوري والذي يضم إضافة إلى القضاء العسكري، قسم المعنويات وقسم الشؤون القانونية. ويضم عديد مكتبه أمينين للسر مع مستكتب وخمسة محامين يؤمنون دوامًا يوميًا لإبداء المشورة القانونية والدفاع عن العسكريين في المحكمة العسكرية الدائمة، ومكتبة قانونية تضم اجتهادات وتشريعات.
 ومع ذلك يقوم القسم بالمهمات الآتية:
الإطلاع الدائم على سير الدعاوى المقدمة من قبل الجيش أو المقامة ضده لدى دائرة الشؤون القانونية والقضاء العسكري في الغرفة العسكرية (مثلًا معالجة الشكاوى التي ترد من مجلس شورى الدولة والتي تتعلّق بمشاكل العسكريين الذين يلجأون إلى مجلس شورى الدولة للإعتراض على غبن لحق بهم بعد تركهم الجيش)، معالجة المراسلات التي ترد من وزارة الدفاع الوطني – الغرفة العسكرية حول مشاريع الإتفاقيات أو المعاهدات مع أطراف مختلفين أكانوا دولاً أو منظمات أو هيئات، وبالأخص إذا كانت تشمل تعاونًا عسكريًا أو أمنيًا أو تبادل معلومات أو غيرها يكون لقيادة الجيش علاقة مباشرة أو غير مباشرة به. القيام بعملية تبليغ العسكريين عند استدعائهم إلى المحاكم المدنية والروحية والشرعية، مراجعة القضاء العدلي والمدني والإداري في الحالات التي تتطلّب ذلك، إعطاء الرأي القانوني حول الإتفاقيات والدعاوى والمراسلات القانونية أو ذات الصفة القانونية، التي توجه إلى خارج قيادة الجيش.

 

• ما هي آلية العمل المستقبلية لتفعيل دور القسم وتطويره؟
- بغية تحسين المعالجات القانونية والقضائية المتصلة بالجيش وتطويرها، نسعى إلى تفعيل قسم الشؤون القانونية وإيجاد آلية موحدة لجميع أجهزة القيادة، بالإضافة إلى دراسة مشاريع التسوية القضائية المقدمة إلى القسم من أجهزة قيادة الجيش.

 

تصوير: طلال عامر و الجندي إسبر شدياق