احتفال الاستقلال

العرض العسكري في ساحة الشهداء لمناسبة عيد الإستقلال

جذوة الإيمان بالوطن متوهجة أياً كانت الصعاب والأخطار

تحرس التقاليد الذاكرة وتمتد جسراً بين الماضي والحاضر. جسر يُبقي في الوجدان حياً الإرث المشترك لشعب ما, والذي راكمته التجارب والخبرات والأحداث. والإحتفال بالأعياد والمناسبات الوطنية هو من التقاليد التي درجنا عليها والتي تسهم في ترسيخ ذاكرتنا كأبناء شعب واحد, عاش ما عاشه في هذا الوطن.

فقد عرف لبنان في تاريخه القديم والحديث فترات كثيرة من الإزدهار والعز, وعرف أيضاً فترات عصيبة كادت أحياناً أن تقوّض كيانه.
لكن التجارب تفيد بشكل أكيد أن الوطن الذي استطاع من قبل أن ينهض متحدياً أصعب الظروف وأقساها, هو قادر أيضاً اليوم وفي الغد, على النهوض والإنتصار على الأخطار. وقدرته هذه تنبع من إيمان أبنائه به وعطاءاتهم في سبيله.
هذا الإيمان المقرون بالعطاء كان في جوهر النضال الوطني الذي خاضه أجدادنا في سبيل الإستقلال من قبل, فكانت إرادتهم صلبة في المطالبة به وتضحياتهم كبيرة من أجله.
وهذا الإيمان المقرون بالعطاء, هو جوهر رسالة الجندية التي اعتنقها جيشنا وجسدها سلوكاً حياً منذ ولادته حتى اليوم: فهذا الجيش كان في الأساس تجسيداً لنضال اللبنانيين في سبيل استقلالهم, منذ كان مجموعات من المتطوعين انخرطت في "فرقة الشرق" لمحاربة الإستعمار العثماني, وتحقيق استقلال لبنان وسيادته.
وهذا الجيش الذي عرف ما عرفه الوطن, ظل على إيمانه بلبنان وعلى وفائه لقسمه ولرسالته في أحلك الظروف وأصعبها.
واليوم, وإذ نشـاهد جيشـنا في عرضـه الرمزي الذي أقامه بمناسبة الذكرى الستـين للإستقلال, في ساحة الشهداء, نتأكد من جديد أن جذوة الإيمان بالوطن ما تزال متوهجة, وأن التصميم على التضحية والعطـاء يستمر هادراً في صدور رجاله...

 

وقائع الإحتفال

أحيا الجيش العيد الستـين للإستقلال مقيماً للمناسبة احتفـالات عدة كـان أهمها العرض العسكـري الذي أقيـم في ساحة الشهـداء بحضور فخامة رئيس الجمهوريـة ورئيس مجلس النـواب وكبار الشخصيات الذين لبّوا دعوة العماد قائـد الجيش لحضور الإحتفال.
وكما في كل عام نقلت محطات التلفزة وقائع الإحتفال, وتحلق المواطنون في بيوتهم حول الشاشة الصغيرة لمشاهدة الإستعراض الذي يشكل حدثاً ينتظرونه كلّما أطلّ 22 تشرين الثاني.

 

وصول المشاركين

شاركت في العرض مجموعات من مختلف أسلحة الجيش والقوى العسكرية التي سارت وفق ترتيب محدد على وقع الأناشيد التي عزفتها موسيقى الجيش.
في الساعة الثامنة من صباح 22 تشرين الثاني الماضي كان تمركز القوى المشاركة في الاحتفال قد انتهى, فإذا بالرجال يحتشدون في ساحة الشهداء صفوفاً تنشرح لرؤيتها النفوس, صفوف عنوانها النظام والترتيب الذي يجسد في ما يجسده روح المناقبية والجدية والحزم في تحمل المسؤولية..
الساحة التي ضاقت برجالها انتظرت وصول علم الجيش على وقع عزف الألحان والأناشيد الوطنية, ومع وصول العلم أديت المراسم المعتمدة.
الثامنة وخمس وثلاثون دقيقة موعد وصول رئيس الأركان اللواء الركن رمزي أبو حمزة, حيث كان بانتظاره نوابه, ومع وصوله عزفت الموسيقى وقدّم السلاح, وبعد أن حيا رئيس الأركان الأعلام والبيارق إنتظر مع نوابه وصول العماد قائد الجيش.
بعد دقائق, وصل قائد الجيش العماد ميشال سليمان فأمر قائد العرض بالتأهب وقدّم السلاح وعزفت الموسيقى معزوفة القائد. بدوره حيّا القائد الأعلام والبيارق وانتظر وصول رئيس الجمهورية.
في الثامنة والدقيقة الخامسة والأربعين وصل وزير الدفاع الوطني محمود حمود, وبعد التأهب وتقديم السلاح عزفت الموسيقى معزوفة التكريم, وحيا الوزير الأعلام والبيارق.
مع وصول دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري, أديت له مراسم التكريم وعزفت الموسيقى مقطوعة استعراض القوى بينما كان في طريقه الى المنصة.
في التاسعة تمامـاً وصـل فخامـة رئيـس الجمهورية العماد إميل لحود فأطلقـت المدفعية 21 طلقـة, كما أطلقت أبواق المراكب, وقد ترجل الرئيس ومع وصوله الى مقابل علم الجيش وأديت له مراسم التكريم وعزفت الموسيقى لحن التعظيم. وبعد أن حيا علم الجيش توجه الرئيس لحود بسيارة مكشوفة مستعرضاً القـوى قبل أن يعود باتجاه النصب التذكاري للشهداء, وقد رافقـه وزير الدفاع الوطنـي, وتبعـه في سيارة ثانية قائد الجيش ورئيس الأركان.
بعد أن وضع رئيـس الجمهورية يرافقه وزير الدفاع وقائد الجيش ورئيس الأركان, الإكليل على النصب التذكاري, عزفت الموسيقى معزوفـة تكريم الموتى, ثم لازمة النشيد الوطني ولازمة نشيـد الشهداء, وعاد الرئيس الى المنصـة الرئيسية بينما توجه مرافقوه الى أماكنهم. وفي تلك الأثناء كانت تشكيلات جوية تحوم فوق ساحة العرض في عروض جميلة.

 

حضروا الإحتفال

إضافة الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب, حضر الإحتفال: الرئيسان حسين الحسيني ورشيد الصلح ونائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس, وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين, ووفد سوري عسكري ضم نائب رئيس الأركان العمـاد عبد الرحمـن الصياد وقائـد القوات السورية العاملة في لـبنان اللـواء أحمد علي والمسؤول عن جهاز الأمن والإستطـلاع في بيروت العمـيد الركن محمـد مخلوف, والعميد الركن وجيه عبدالله.
كما حضر قادة القوى العسكرية وممثـلون للقـادة الروحيين وحشد من السفراء وممثلي البعثات الديـبلوماسية والقنصلية الى الملحقـين العسكريين في السفـارات وعدد من كبار الشخصيات في مختلف الحقول.

 

 وقائع العرض

مع أخذ الرئيس مكانه على المنصة وبعد أمر تأهب بات بدء العرض وشيكاً, وانطلق سرب من الحمام على اثر استئذان قائد العرض العميد الركن جورج كرم من رئيس الجمهورية للبدء, وهكذا بدأت القوى تتحرك وفقاً للترتيب الآتي: الأعلام, البيارق الخفيفة, المدرسة الحربية, سرية من القوات البحرية, سرية من القـوات الجويـة, معهد التعلـيم, سرية لواء الحـرس الجمـهوري, سرية الشرطة العسكرية, سرية معسـكر خدمـة العلم الثاني, سرايا من الألويـة: 1, 2, 3, 5, 6, 7, 8, 9, 10, 11, 12, واللوجستي, فصيلة نقّابي ألغام ومفرزة كلاب, موسيقى قوى الأمن الداخلي, سريتان من الأمن الداخلي, سرية من الأمن العام, سرية من أمن الدولة, سرية جمارك, المركـز العالي للرياضـة العسكريـة, فصيـلة مدرسة التزلج, رابطـة قدامـى الـقوى المسلحـة اللبنانية, اللجنة الأولمبية, موسيقى الجيش, اتحاد كشاف لبنان, الإتحاد اللبناني للمرشدات والدليلات, سريـة من فوج المغـاوير, سريـة من المكافحـة, سرية من فهـود قـوى الأمن, سرايا من أفواج التدخل الخمسة, سرية من الفوج المجوقل, سريـة من مغاوير البحـر, وسريـة من معسكـر خدمـة العلـم الأول نفذت عروضاً خاصة مميزة.

 

انتهى العرض بمثل ما بدأ به من نظام ودقة وترتيب, وبعد مغادرة فخامة الرئيس لحود ودولة الرئيس بري مكان الإحتفال, توجه الضباط بالتهاني الى العماد قائد الجيش.


عود على بدء أناشيد "الأخوين فليفل" في عزف جديد

لأول مرة في تاريخ العرض العسكري منذ أن نال لبنان استقلاله في العام 1943, تعزف موسيقى الجيش اللبناني أناشيد الأخوين فليفل, بعدما كانت تعزف الأناشيد الوطنية والعسكرية المألوفة (Marche Militaire)

, التي عرفها اللبنانيون, أول ما عرفوها, من خلال موسيقى "الأخوين فليفل". والعيد الستون للإستقلال, تميّز هذه السنة, بمعزوفات لأباطرة الموسيقى في لبنان؛ فمن ألحان الأخوين فليفل وتوزيع المقدم جورج حرّو, عزفت موسيقى الجيش أناشيد لشعراء طبعوا عالم الشعر بنفحة
وطنية تميزوا بها, أمثال: إبراهيم طوقان,
بشارة الخوري, عبد الحليم الحجار, نسيم نصر, خليل تقي الدين, جورج غريب, سلام فاخوري, محمد جواد ومحمد يوسف حمود, في قصائد: موطني, نحن الشباب, الفخر في بلادنا, لبنان حرم الأرز, نحن الجنود, إن لبنان لنا, هوى وطني, نشيد تشرين, نشيد الجيش, نشيد الحربية, ونشيد المدفعية, وذلك تقديراً لهذا الصرح الفني العريق الذي ساهم في
زرع روح المواطنية وتنميتها في
النفوس من خلال الشعر والموسيقى.