حوار مع متقاعد

العريف المتقاعد شفيق صعيبي
إعداد: باسكال معوض

عريف متقاعد خلفه ذكريات غنية من خدمته في الجيش, منذ كانت وحداته في عهدة الفرنسيين والى أن أصبح في عهدة الدولة اللبنانية.
شفيق صعيبي أب لعشرة أولاد, قدّم نصفهم لخدمة الوطن من خلال السلك العسكري, يروي في هذه الصفحة محطات من حياته.

تطوّع صعيبي في العام 1943, ويومها كانت الوحدات العسكرية اللبنانية ما تزال في عهدة الإنتداب. كان عمره يومها 17 عاماً, غير أن شهادة المختار سمحت له بتجاوز عقبة صغر سنه.
محطته الأولى كانت ثكنة خان أنطون بك في المرفأ حيث تطوّع وأصبح جندياً في الكتيبة الثانية من الدفاع الساحلي. التدريبات في مراحلها الأولى كانت قاسية جداً كما يتذكر, وهو كان مشاكساً... ففيما كانت مجموعة من الجنود العرب تتدرب, مر عريف فرنسي متعجرف, وراح يضرب المتدربين على أرجلهم بعصاه. لم يستطع صعيبي احتمال الأمر فضرب العريف ضرباً شديداً, وكانت نتيجة تصرفه السجن له ولرفاقه... غير أنه أشعل فرشات القش الموجودة في السجن ناشراً الذعر والفوضى...
تنقل صعيبي في مراكز عدة قبل أن تنتقل وحدات الجيش اللبناني الى عهدة الدولة اللبنانية. وفي العام 1947 كان قد أصبح في ثكنة القبة في طرابلس, ومن ثم انتقل الى ثكنة إميل الحلو حيث خدم في عداد سرية النقل.
في أواسط الخمسينات شارك صعيبي في أعمال الإغاثة والإعانة التي نفذتها وحدات الجيش في القرى والبلدات التي ضربها الزلزال, أما آخر محطات خدمته فكانت في الفياضية وفي عداد فوج القناصة الرابع الذي خدم فيه الى أن سرّح عام 1966.
يعتبر العريف المتقاعد صعيبي أن خدمته في الجيش كانت أحلى سنوات عمره, ويتذكر بشكل خاص خدمته مع اللواء فؤاد شهاب.
لم يكن صعيبي خريج المدارس الكبرى لكنه كان يتمتع بذكاء وقّاد وذاكرة حية؛ وعندما كان عليه أن يتقدم بامتحان الترقية لرتبة عريف, طلب أن يتقدم بالامتحان شفوياً, واستطاع بمواهبه الذاتية أن ينجح في الامتحان, ويأتي بالدرجة الثانية بعد الممتحنين حيث نال علامة 17.5 من عشرين بفارق نصف علامة فقط عن الذي حلّ بالدرجة الأولى.
يحـمل صعيبي أوسمـة عدة استحـقها خلال خدمته, وهو ينـظر الى الحياة من منظـار الجندية, لذلك ثمة خمسة من أولاده (من بيـنهم فتاة) يخدمون في الجيـش والدرك والأمن العام. وهو لا ينسى تلك الأيام التي كان أباً فيها لخمس بنات ولم يكن قد أنجب بعد أياً من أولاده الصبيـان, إذ كان يقف على سياج المدرسة الحربية يتأمل التلامذة الضباط واعداً نفسه بأن يكون له ابن بينهم. وأنجب أربعة صبيان, كان لأحدهم وهو أصغرهم شرف الانخراط في المدرسة الحربية بصفة تلميذ ضابط محققاً حلم والده.