وداع

العلامة فضل الله فقيد لبنان والإنسانية

رجل الفقه والإجتهاد والإنفتاح يلاقي ربّه راضياً مرضياً


احتشد عشرات الألوف من اللبنانيين في وداع العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، رجل الفكر والفقه والإجتهاد.  وفي مشهد نادر ومهيب، صلّى اللبنانيون في تشييع العلامة الكبير الذي كان رجل الجرأة والإنفتاح والعقل النيّر والنضال والتقوى.
الراحل الكبير شيّع في السادس من تموز وسط حداد رسمي وشعبي وحزن عام تخطّى حدود لبنان، تماماً كما تخطّت أفكار العلامة واجتهاداته وفتاويه حدود الوطن الى أنحاء المعمورة.

 

النعي
رئيس الجمهورية الذي اعتبر غياب السيد فضل الله خسارة وطنية، قال إنه تميّز بالعقل المتنوّر والمنفتح وكان مرجعية علمية وفقهية يقتدى بها. وإذ نعى لبنان الرسمي والشعبي العلامة الذي يفتقده لبنان والعرب والمسلمون، نعته المرجعيات الشيعية والإسلامية، وجاء في بيان النعي الذي أصدره مكتبه:
... في زمن أحوج ما نكون فيه اليه، رحل هذا الكبير زارعاً في قلوب المحبين أحزاناً جمعت كل أحزان التاريخ. رحل الأب القائد الفقيه المرجع المجدد المرشد والإنسان. رحل والصلاة بين شفتيه وذكر الله على لسانه وهموم الأمة في قلبه.
وأخيراً توقف نبض هذا القلب على خمسة وسبعين من الأعوام أمضاها جهاداً واجتهاداً وتجديداً وانفتاحاً والتزاماً بقضايا الأمة ومواجهةً لكل قوى الإستكبار والطغيان.
وأضاف البيان الذي تلاه أحد كبار العلماء: لقد كانت وصيته الأساسية حفظ الإسلام وحفظ الأمة ووحدتها، فآمن بأن الإستكبار لن تنكسر شوكته إلا بوحدة المسلمين وتكاتفهم. وبعقله النيّر وروحه المشرقة، كان أباً ومرجعاً ومرشداً وناصحاً لكل الحركات الإسلامية الواعية في العالم العربي والإسلامي التي استهدت في حركتها خطه وفكره ومنهج عمله.
وانطلاقاً من أصالته الإسلامية، شكّل مدرسة في الحوار مع الآخر على قاعدة أن الحقيقة بنت الحوار فانفتح على الإنسان كله، وجسّد الحوار بحركته وسيرته وفكره بعيداً من الشعارات الخالية من أي مضمون واقعي...  على الدوام كانت قضايا العرب والمسلمين الكبرى من أولويات اهتماماته، وشكّلت فلسطين الهمّ الأكبر لحركته منذ ريعان شبابه وحتى الرمق الأخير قائلاً: «لن أرتاح إلا عندما يسقط الكيان الصهيوني».

 

وجاء في البيان ايضاً:
امتاز بتواضعه وإنسانيته وخلقه الرسالي الرفيع، وقد اتسع قلبه للمحبين وغير المحبين مخاطباً الجميع: «أحبوا بعضكم بعضاً، إن المحبة هي التي تبدع وتؤصل وتنتج. تعالوا الى المحبة بعيداً من الشخصانية والمناطقية والحزبية والطائفية. تعالوا كي نلتقي على الله بدلاً من أن نختلف بإسم الله...
لقد كانت دارك أيها السيد وستبقى مقصداً لكل رواد الفكر وطالبي الحاجات، فلطالما لهج لسانك بحب الناس...
وختم البيان بالقول: رحل السيد الجسد، وسيبقى السيد الروح والفكر والخط. وستكمل الأمة التي أحبها وأتعب نفسه لأجلها، مسيرة الوعي التي خطّها مشروعاً بعرق سني حياته...

 

التشييع
ضاقت شوارع الضاحية الجنوبية بمشيعي الفقيد الكبير، وفي مأتم مهيب مضى العلامة فضل الله الى مثواه الأخير، حيث دفن في صحن مسجد الإمامين الحسنين الذي كان يؤمه للصلاة وملاقاة الناس.
بصعوبة وصل النعش الى المسجد مرفوعاً على أكف المشيعين بعد انطلاقه من أمام منزل السيد فضل الله في حارة حريك.
بحر من الناس احتشد في الرحلة الأخيرة لمرجع ارتبط بهموم شعبه وواكب عصره، لبنان كان حاضراً في وداعه كما العالم العربي والإسلامي، مشى الجميع خلف مرجـع إستثنـائي وعـلامة فارقة.
العلامة السـيد محمد حسين فضل الله يفتقــده اللبنانيــون والعــرب والمسلـمون وتفتقده الإنسانيـة واحداً من رجالاتها الكبار.