مقابلة

العماد جان قهوجي في حديث إلى «برنامج الجندي» بمناسبة عيد الجيش: رجالنا ثابتون كصخر الجبال ولن نفرّط بثقة اللبنانيين الغالية

من أجل الأرض اللبنانية، ومن أجل مستقبل أبنائنا. من أجل كرامة الحياة. من أجل دموع أمهات الشهداء. من أجل كلّ الوطن، من الناقورة إلى عكار، ومن البحر إلى عرسال. يبقى الجيش اللبناني صامدًا في وجه خطر الإرهاب على حدودنا الشرقية، وفي وجه دولة الإرهاب – إسرائيل على حدودنا الجنوبية. في بزّة الشرف والعنفوان التي يرتديها جنودنا، نرى طبيعة لبنان ونتنشقّ رائحته. وإلى هؤلاء الجنود، ومن جميع اللبنانيين توجّه قائد الجيش العماد جان قهوجي عبر «برنامج الجندي», بتحية من القلب. في ما يلي نصّ الحديث الذي خصّ به العماد قهوجي «برنامج الجندي» بمناسبة العيد السبعين للجيش اللبناني.

 

تحية من القلب
• حضـرة العماد جـان قهـوجي، أهلًا وسهلًا بك.
- شكرًا لكم، وتحية من القلب إلى كل جنود الجيش اللبناني وأبناء شعبنا الحبيب.

 

• للسنة الثانية على التوالي، يغيب احتفال تقليد السيوف للضباط المتخرجين من الكلية الحربية بسبب الفراغ الرئاسي، كيف سيتسلّم المتخرجون أمانة الحفاظ على الوطن؟
- اليوم نحتفل بالعيد السبعين لتأسيس الجيش، هذه المؤسسة هي أكبر منّا جميعًا، ونبض الحياة فيها لا يتوقف أبدًا. ضباطنا سيتخرّجون، وسيتوجّهون إلى الميدان ويتسلّمون مهمّاتهم.
إنّ احتفال تقليد السيوف مهمّ بالتأكيد، لكن في حال عدم حصوله، لن يتغيّر شيء في التزام الضباط المتخرّجين وشعورهم بالمسؤولية، لأنّ أمانة الحفاظ على الوطن هي واجب مقدّس. هؤلاء الضباط الفتيان هم الدم الجديد الذي سيُضخّ في عروق الجيش ويكسبه المزيد من القوة والزخم.

 

ترسيخ الإيمان بلبنان
• العسكريون ينتظرون بلهفة سماع صوتك في عيد الجيش من خلال «برنامج الجندي»، وينتظرون تهنئتك وتوجيهاتك الجديدة، ماذا تقول لهم؟
- كلّما ألتقي بهم خلال جولاتي في الوحدات والقطع، أرى في وجوههم علامات التعب والتضحية، لكنني في المقابل، أرى في عيونهم الإصرار والتحدّي والثقة بالمستقبل. أنا أعرف تمامًا ما يبذلون من جهود جبّارة للقيام بواجباتهم على أكمل وجه، خصوصًا الموجودون منهم في المراكز الأمامية على الحدود الشرقية والجنوبية. قيادة الجيش تقف دائمًا إلى جانبهم، وأنا شخصيًا أسهر على أوضاعهم وأتواصل دائمًا معهم. توجيهاتي إليهم أن يرسّخوا إيمانهم بلبنان، ويحافظوا عليه وطنًا واحدًا لجميع أبنائه، وأن يترفّعوا عن السياسة ويلتزموا نهج المؤسسة ورسالة الشرف والتضحية والوفاء.

 

حماية الوطن أولوية
• في الحرب على الإرهاب، لمسنا تطورًا كبيرًا ونوعيًا في أداء الجيش من خلال إمساكه بزمام المبادرة، وهناك اختلاف بين ما كان عليه الوضع الأمني قبل عام وما هو حاليًا، كيف تقيّم حضرة العماد جهود المؤسسة في مواجهة الإرهاب، والحفاظ على مسيرة الأمن والاستقرار؟

- بالتأكيد، هناك فارق كبير لمصلحتنا بين الوضع الحالي والوضع قبل عام، لكن هذه الحقيقة لا تعني زوال الخطر بشكلٍ نهائي، فالمنطقة العربية بأسرها لا تزال تحت وقع الزلزال، ولبنان هو جزء من هذه المنطقة، يتأثّر بها ويتفاعل مع أزماتها. ما يهمّنا بالدرجة الأولى هو حماية هذا الوطن من امتداد الحرائق الإقليمية إلى داخله، ومن أجل ذلك، عمدنا إلى إقامة خطّ دفاعيٍّ متين على الحدود الشرقية، كما قمنا بتعزيز الإجراءات الميدانية وتثبيت المزيد من المراكز الأمامية. لقد استرجعنا المبادرة في العمليات الهجومية، فحرّرنا العديد من التلال الاستراتيجية في منطقتي عرسال ورأس بعلبك، وأحبطنا جميع محاولات التسلّل التي قامت بها التنظيمات الإرهابية، واستطعنا القضاء على معظم عناصرها. عملنا مدروس ودقيق ومراقبتنا مستمرّة للحدود من الأرض والجو، وردّات فعلنا سريعة وقوية جدًا. أمّا في الداخل فقد تحسّن الوضع الأمني كثيرًا بعد تمكّن الجيش من تفكيك عددٍ كبير من الخلايا الإرهابية في إطار الأمن الوقائي الذي نوليه أهميةً قصوى، ونحن على تنسيق مستمرّ مع أجهزة الدول الصديقة. كلّ ذلك هو حصيلة وعي أجهزة قيادة الجيش، وشجاعة ضباطنا وجنودنا.

 

سرّ النجاح
• لا شكّ في أن للوضع السياسي والفراغ الرئاسي تأثيرًا على عمل الجيش، لكنّ الجيش أثبت حتى الآن قدرته على تخطّي الصعوبات، فإلى متى ستبقى هذه القدرة؟

- بالتأكيد، لو كان الوضع السياسي أفضــل والمؤسســات الدستــوريــة تعمل بشكلٍ طبيعيٍّ، لانعكس ذلك إيجابًا على عمل المؤسسات الأمنية والعسكرية، لكنّي أطمئن اللبنانيين بأنّ الجيش سيمضي بكلّ حزم وقوّة في أداء واجباته مهما حصل، وسيصون الوحدة الوطنية والعيش المشترك، ولن يتراجع إطلاقًا أمام الصعوبات. الجيش هو من كلّ لبنان ويمثّل جميع مكوّناته، وهو على مسافة واحدة من الجميع، وليس لديه أي تمييز بين طائفة أو أخرى أو مذهب وآخر، وهنا يكمن سرّ نجاحه. إنّ قرار الجيش واضح وحازم بمنع انفلات الأمور، وعدم المسّ بالاستقرار مهما كلّف ذلك من تضحيات.

 

حرب ضدّ الإرهاب
• لمسنا في الفترة الأخيرة تطوّرًا نوعيًّا وكبيرًا على صعيد قدرة الجيش القتالية، أين أصبحت جهوزيته اليوم؟

- لا أحد يستثمر في مشروع خاسر، فالدول التي أقدمت على مساعدة الجيش ولا تزال، إنّما تثق بدوره الوطني وبكفاءته العسكرية، والأهمّ من ذلك، إدراكها بأنّ الحرب التي يخوضها الجيش ضدّ الإرهاب ليست دفاعًا عن لبنان فحسب، بل أيضًا دفاعًا عن الأمن الإقليمي والدولي، من هنا نشهد تدفّق المساعدات العسكرية للجيش  من الدول الصديقة، وقد وصلت منذ فترة دفعة من السلاح الفرنسي في إطار الهبة السعودية، وستستكمل لاحقًا وفق الاتفاقيات الموقّعة، الأمر الذي سيسمح للجيش مستقبلًا ببناء قدرات قتالية عالية. إنّ ما حققناه ونترقب تحقيقه في المراحل المقبلة هو ثمرة ثقة المجتمع الدولي بالجيش وجهود السلطة السياسية اللبنانية، وثقة الشعب اللبناني بهذه المؤسسة والتفافه حولها، فهذه الثقة تشكّل القاعدة الصلبة لدينا التي ننطلق منها لتنفيذ المهمّات وبذل التضحيات بكلّ رضى وقناعة.


• هل يعني ذلك أن مستقبل الجيش سيكون واعدًا؟
- ثقتنا بقدرة الجيش لا تتزعزع هذه الثقة كانت موجودة في الماضي وهي تستمر في الحاضر، فالمسيرة هي امتداد واستمرارية، لا تتوقف عند أيّ محطّة، ولا ينقص هذه المؤسسة أي شيء للتطوّر والتقدّم. الوضع في منطقة جنوب الليطاني على أفضل ما يرام، والتنسيق قائم مع اليونيفيل على مختلف المستويات، كما أن الاستقرار الداخلي أكثر من مقبول، قياسًا على ما يجري في بلدان المنطقة.

 

إرادتنا أكبر من التحديات
•  شهداء الجيش، عائلاتهم، والعسكريون المخطوفون، كيف تعيّدهم حضرة العماد جان قهوجي؟

- أنبل وأشرف ما يبذله العسكري هو الاستشهاد في سبيل الوطن، وأكبر تضحية تقدّمها عائلته هو هذه الشهادة،  فالشهداء مضوا إلى عالم المجد والخلود يلفّهم علم لبنان، ووصيّتهم لنا أن نحفظ الأمانة ونكمل الطريق.
هم شمس الحقيقة التي ستشرق أبدًا فوق أرض لبنان، فلأرواحهم الطاهرة ألف تحية إكبار وإجلال، ولعائلاتهم الأبيّة أقول: أنتم أصحاب العيد المتوّج بالعزّة والفخار، ولجنودنا المخطوفين، أقول: أنتم في القلب وأنا أتابع قضيتكم باستمرار، وإن شاء الله قريبًا تكونون بين أهلكم ورفاقكم.

 

• كلمة أخيرة للعسكريين واللبنانيين بالمناسبة؟
- أحيّيكم جميعًا من مختلف الرتب وفي أيّ موقع كنتم تدافعون عن الوطن، إن شاء الله يعود عليكم العيد بالصحة والعافية، وكلمتي لكم في هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا: الصعوبات والتحديات أمامنا كبيرة لكنّ إرادتنا أكبر، لا تبخلوا في بذل أي تضحية من أجل لبنان، فأنتم أمل الناس وضمانة بقاء هذا الوطن. أما اللبنانيون فأقول لهم: لا تخشوا على مصير لبنان ومستقبل أبنائكم، فالجيش هو منكم ولكم ورجاله ثابتون كصخر الجبال، يزدادون قوّة بدعمكم ومحبتكم. ثقتكم غالية ولن نفرّط بها.
كلّ عام والجميع بألف خير».