مسيرة العطاء

العماد جوزاف عون قائدًا للجيش

مسيرة العطاء والشرف تحرسها همّة الشجعان الأوفياء


في ظلّ راية الوطن، يستمرّ الولاء راسخًا، وتتواصل مسيرة العطاء محروسة بهمّة الرجال الشجعان، الأوفياء، الشرفاء.
العماد جوزاف عون تسلّم راية الجيش من العماد قهوجي معلنًا: «الجيش بقيادتي». عبارة تختصر بكلمتين، انتقال الأمانة ورسوخ العهد، وتؤكّد صلابة العزم في مواجهة جبال من التحديات والمسؤوليات.

 

التعيين واحتفال التسليم والتسلّم
عيّن مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت في القصر الجمهوري في 8 /3 /2017 العميد الركن جوزاف عون قائدًا للجيش اللبناني، وتمّت ترقيته إلى رتبة عماد. وفي الحادي عشر من قبل ظهر اليوم التالي (9 /3 /2017) أقيم احتفال تسليم وتسلّم قيادة الجيش في اليرزة، بين العماد جان قهوجي والعماد جوزاف عون، في حضور رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملّاك وأعضاء المجلس العسكري، وأركان القيادة ورؤساء الأجهزة التابعة لوزارة الدفاع الوطني، وقادة الوحدات الكبرى في الجيش.
بدأ الاحتفال بوصول علم الجيش ومن ثمّ وصول العماد قهوجي والعماد عون ورئيس الأركان، وسط مراسم التكريم.
ومع إعلان قائد العرض: «تسليم وتسلّم قيادة الجيش»، سلّم العماد قهوجي علم الجيش إلى العماد عون الذي أعلن بدوره: «الجيش بقيادتي». ثم جرى عرض التحية من قبل الوحدات المشاركة بالاحتفال، وانتقل بعدها الجميع إلى مقصف القيادة حيث كانت كلمة للعماد قهوجي هنّأ فيها العماد عون وأودعه الأمانة، وبدوره ألقى العماد عون كلمة أكّد فيها أنّه سيسعى بكل ما أوتي من جهد وخبرة ومعرفة لتبقى مؤسسة الجيش الضمانة الأكيدة لحماية لبنان.

 

كلمة العماد قهوجي
استهلّ العماد قهوجي كلمته متوجهًا إلى العماد عون وإلى الضباط، وقال: «كان أحبّ إلى قلبي لو أتاحت لي الظروف أن أسلّم سدّة قيادة الجيش إلى سواي قبل سنوات، أمّا وقد شاءت تلك الظروف أن أبقى في موقع المسؤولية في مرحلة شديدة الخطورة والتعقيد، وأنْ ننجح معًا في القيام بالواجبات المنوطة بنا، فذلك يشعرني بملء الرضى والثقة، الرضى لأنني وبتواضع أقول، استطعت وبالتعاون مع أركان القيادة وبفضل تضحيات الشهداء وجهود كلّ ضابط وجندي، أن نحافظ على تماسك الجيش، وأن يقوم بدوره الإنقاذي في حماية البلاد وصون وحدتها وسيادتها واستقرارها، سواء من خطر الموجات الإرهابية على الحدود الشرقية والشمالية أو خطر العدو الإسرائيلي جنوبًا، أو من مخاطر تدحرج كرة النار الإقليمية إلى داخل الوطن.
أمّا الثقة التي تتملّكني، فهي أنّ أمانة قيادة الجيش ومنذ هذه اللحظة، ستكون في عهدتكم أيّها العزيز العماد جوزاف عون، وستكون حكمًا في يدٍ أمينة، لما عرفت فيكم من تبصّر وشجاعة وإقدام، وعلم وخبرة وثقافة عالية، وقبل كلّ شيء من التزام ومناقبية وتفانٍ في أداء المسؤولية والواجب.
أستودعكم اليوم هذه العائلة العسكرية الكبرى، التي أمضيت في كنفها أكثر من أربعة عقود بحلوها ومرِّها، فأيقنت بحكم التجربة على أرض الواقع، أنّها قلعة وطنية عصيّة على الرياح، وأنّها مدرسة وطنية وأخلاقية لا تخترق.
أستودعكم المؤسسة بإنجازاتها وإرث شهدائها وجرحاها، وتضحيات بعض عسكرييها الذين لا يزالون قيد الاختطاف. فتحية إكبارٍ وإجلال إلى هؤلاء الرجال الأبطال.
أستودعكم إيّاها لمواصلة العمل الدؤوب على تعزيز قدراتها العسكرية بالتعاون مع كلّ شقيق وصديق، وبالحفاظ على كرامات ضباطها وجنودها وحياتهم الاجتماعية والمعيشية اللائقة.
أدرك أنّه لا يزال هناك الكثير من العمل لتطوير المؤسسة، وأنّه لا يزال الكثير من المهمّات الدفاعية والأمنية الدقيقة التي تنتظرها في مقبل الأيام، لكنّي على ثقة تامّة بقدرة المؤسسة على مواجهة الأخطار والتحديات، وبقدرتكم شخصيًا على قيادتها بكفاءة عالية في ظل عهد جديد على رأسه فخامة الرئيس العماد ميشال عون، الذي يدرك تمامًا وطنية هذه المؤسسة، وسيستمرّ في رعايتها الى أبعد الحدود، لتبقى دائمًا على قدر آمال الدولة والمواطنين.
ختامًا، إنّ إخلاصي لهذه المؤسسة التي أغادرها اليوم حضورًا لا عقلًا وفكرًا، سيبقى نابضًا في قلبي ووجداني، فلا تبخلوا بطلب أي نصيحة أو مشورة، وثقوا بأنّي سأكون إلى جانبكم في كلّ ما تحتاجون إليه.
وفّقكم الله في تحمّل هذه المسؤولية النبيلة، لتبقى راية الجيش شامخة عزيزة، في كنف وطنٍ سيّد حرّ مستقل.

عشتم، عاش الجيش، عاش لبنان».

 

كلمة العماد عون
في ردّه على كلمة العماد قهوجي، قال العماد عون مخاطبًا سلفه وأركان القيادة والضباط:
«أنْ أتولّى سدّة قيادة الجيش وفي هذه المرحلة بالتحديد، فهذا عنوان ثقة من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن مقام مجلس الوزراء، وهذا ما يضاعف من مسؤوليتي في مرحلة لا تزال مثقلةً بالأخطار والتحديات.
وأنْ أتولّى هذه المسؤولية خلفًا لكم حضرة العماد جان قهوجي، فهذا ما يشعرني بالمزيد من الاطمئنان ويسهّل عليّ القيام بواجباتي تجاه الجيش والوطن، فالثوابت راسخة والنهج واضح مستقيم، والبنيان العسكري متماسك وقائم على الصخر. ذلك كلّه لم يكن ليتحقّق لولا محبتكم هذه المؤسسة وتفانيكم في خدمتها، ولولا صواب رؤيتكم ووسع بصيرتكم، وصبركم اللامحدود على مواجهة المصاعب. فألف شكر لكم حضرة العماد ولأركان القيادة ولجميع الضباط والعسكريين الذين كانوا إلى جانبكم طوال المرحلة السابقة».
وأضاف قائلًا: «إنّ العطاء والتجدّد في الحياة العسكرية، هما عملية مستمرّة لا يمكن أن تتوقّف في أيّ حالٍ من الأحوال، فجيل يسلّم الشعلة إلى جيل، وقائد يسلّم الأمانة إلى قائد، والأهمّ من ذلك كلّه، أن يُراكم الخلف على ما بناه السلف من إنجازات، وأن يسعى دائمًا إلى التطوير والتحديث في إطار الحفاظ على الثوابت والمبادئ والقيم العسكرية التي تعتبر بمنزلة البوصلة التي توجّه الجيش نحو تحقيق أهدافه المنشودة.
من هنا، ومن هذه اللحظة التي تجدّد فيها المؤسسة العسكرية ديناميتها، أعدكم وأعد أبناء المؤسسة والوطن بالآتي:
أنْ أعمل كلّ ما بوسعي لتبقى هذه المؤسسة الضمانة الأكيدة لحماية وحدة لبنان والحفاظ على سيادته واستقلاله وكرامة شعبه.
أنْ أسعى بكلّ ما أوتيت من جهدٍ وخبرةٍ ومعرفة لاستكمال ما بدأتم على صعيد تطوير قدراتها، عديدًا وعتادًا وسلاحًا وتدريبًا، لتكون جاهزة في أيّ ظرفٍ من الظروف للدفاع عن لبنان في مواجهة أعداء الوطن، وفي مقدّمهم العدوّ الإسرائيلي على الحدود الجنوبية والإرهاب وخلاياه على الحدود الشرقية وفي أيّ منطقة من مناطق الوطن.
أنْ أحافظ على مكانتها المؤسساتية، كنموذج رائد للعمل المؤسساتي في الدولة، لجهة تطبيق معايير الكفاءة والنزاهة والاستقامة والشفافية، في التطويع والترقيات والتشكيلات وإدارة المال العام وتحصين أفرادها على المستويين المهني والأخلاقي، في مقابل السهر على تأمين الحماية الاجتماعية لهم ولأفراد عائلاتهم، وحياةٍ معيشية كريمة تليق بجهودهم وتضحياتهم.
أنْ أحافظ على ثقة المواطنين بالجيش، جميع المواطنين، على اختلاف انتماءاتهم وأطيافهم ومناطقهم.
أنْ تستمر مؤسسة الجيش وفيّة لتضحيات الشهداء والمصابين وعائلاتهم، وأن تبذل أقصى الجهود وبكلّ الوسائل الممكنة لتحرير العسكريين المخطوفين لدى التنظيمات الإرهابية.
أنْ أسهر على بقاء المؤسسة، محصّنة من سموم الغرائز الطائفية والمذهبية والمناطقية».

وختم بالقول: «حضرة العماد
إنّ إنجازاتكم الكبيرة على الصعيدين الوطني والعسكري، في مرحلة عانى لبنان فيها ما عاناه، من انقسامات وتجاذبات، وهجمات شرسة من قبل التنظيمات الإرهابية على الحدود الشرقية، وشبكاتها وخلاياها في الداخل، هذه الإنجازات ستبقى محفورة في ذاكرة الجيش، وستبقى دليلًا لنا لمتابعة المسيرة بخطىً واثقة، عنوانها الإيمان بلبنان، وإرادة الصمود والإصرار على النجاح في خضمّ المحن والتجارب القاسية.
فكلّ التقدير لما أنجزتم، وأخلص التمنيات لكم بالتوفيق في حياتكم العامة، وكونوا على ثقة بأنّ المؤسسة ستبقى بيتكم الثاني الذي ترتاحون إليه، بيت الكرامة الوطنية، بيت الشرف والتضحية والوفاء.
عشتم، عاش الجيش، عاش لبنان».
 

الوفاء عنوان للمسيرة
عقب انتهاء احتفال التسليم والتسلّم، توجّه العماد عون إلى نصب شهداء الجيش في وزارة الدفاع الوطني ووضع عليه إكليلًا من الزهر، في تحية إلى من صانوا الوطن بدمائهم الطاهرة.