... مجده أرزه

العماد عون مفتتحًا غابة أرز شهداء الجيش: شجرة الأرز والجندي وجهان للبنان
إعداد: جان دارك أبي ياغي

برعاية قائد الجيش العماد جوزاف عون وفي حضوره، تمّ افتتاح غابة أرز الجيش في سفح جبل المكمل، التي تضم غابة شهداء الجيش. العماد عون زرع أرزة وأزاح الستار عن اللوحة التذكارية، كما زرع كل من قادة الوحدات العسكرية أرزة باسم وحدته.

 

حضر الاحتفال إلى جانب قادة الوحدات، رئيس بلدية بشري فريدي كيروز، رئيس هيئة الحفاظ على البيئة في بشري الدكتور يوسف طوق، رئيس لجنة أصدقاء غابة الأرز الأستاذ أنطوان طوق، وممثل شركة حميد كيروز للتعهدات.
بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، ثم عزفت موسيقى الجيش لحن التعظيم، وقف بعدها الجميع دقيقة صمت حدادًا على أرواح شهداء الجيش.
وأعقب ذلك انتقال الجميع إلى نادي ضباط الأرز، حيث كانت للعماد عون كلمة شدّد فيها على دور الجيش في إكمال مسيرة رجالات الاستقلال للمحافظة على الوطن، وقال: «منذ بزوغ فجر الاستقلال، جنودنا صامدون وثابتون في أرضهم، لم ينل من عزيمتهم احتلال، ولم تنجح بكسرهم رياح الفتن. لن نسمح لأي طامع بتحقيق مآربه، وسنبقى الحصن المنيع للبنان وسنفديه بدمائنا».
واعتبر العماد عون أنّ شجرة الأرز والجندي هما وجهان للبنان، ويتشاركان الشموخ والصلابة والقوّة والعنفوان. وأضاف: «إلى جانب مسؤولياتنا العسكرية، ومهماتنا الأمنية، علينا واجب بيئي وتراثي واجتماعي وإنساني. ولا يخفى على أحد أنّ ثروتنا الحرجية ومن بينها غابات الأرز تواجه خطرًا يهدّد وجودها، لذا وجدنا كمؤسسةٍ عسكرية حاجة ضرورية للمشاركة في المحافظة على ما تبقّى منها. وتأتي مبادرتنا اليوم لتتويج مشروع أطلقته هيئة الحفاظ على البيئة بالتعاون مع الجيش منذ العام 2002 لزراعة 10452 شجرة أرز، فكلنا شركاء في هذه المسؤولية».
وأكّد رئيس نادي الضباط - الأرز العميد الركن إيلي جعجع في كلمته أنّ هذه المناسبة هي لقاء يحمل في طيّاته الكثير من المعاني الوطنية والإنسانية والعسكرية. فمن جهة أولى هو لقاء الفرح والاعتزاز بعيد الاستقلال الـ 75، ومن جهة ثانية هو لقاء الحفاظ على البيئة والتمسّك بإرثنا الطبيعي الذي استودعنا إياه الأجداد والآباء، ومن جهة ثالثة هو لقاء مع الشهداء الذين سقوا بدمائهم مساحة الوطن دفاعًا عن لبنان.
وتابع كلامه مقدمًا بعض المعلومات عن المكان الذي يقع في جبل المكمل على ارتفاع 2079م، ويُعرف باسم عريض الجورة، وهو على تخوم الحدود الإدارية لمنطقتَي الشمال والبقاع.

 

مراحل التحريج
على هامش الاحتفال، التقت مجلة «الجيش» رئيس نادي الضباط - الأرز العميد الركن جعجع واطلعت منه على المراحل التي مرّت بها عملية التحريج. فأوضح أنّ المرحلة الأولى كانت بين العامين 1958 و1975 عندما قامت وزارة الزراعة بمشروع تحريج، لكنّه لم ينجح بسبب عدم الحماية والمتابعة.
في العام 1991، بدأت هيئة الحفاظ على البيئة عملية تحريج، شملت حماية الأشجار الموجودة والتي سلِمت من القطع والرعي والحرائق وغيرها. لم تنجح هذه الحملة في بادئ الأمر، بسبب نقص الخبرة لدى المهندسين، وعمليات التعدّي واستمرار القطع والرعي... مع ذلك، ثابرت الهيئة على التحريج حتى يومنا هذا، وتمكنت بالتنسيق والتعاون مع البلدية ولجنة أصدقاء الأرز من زرع حوالى 100 ألف شتلة من أشجار الأرز واللزّاب على مساحة 400 هكتار تقريبًا.
منذ العام 2002، خصّصت هذه الهيئات قسمًا من الغابة للجيش اللبناني، وهي تضم 10452 أرزة مزروعة على مساحة 50 هكتارًا. وقد زرعها مجندو الجيش اللبناني وعناصر مدرسة التزلج، ووضع الجيش خزان مياه كبير لريّ الشجيرات وضمان نموّها. في هذه المراحل كلها، كان الجيش يقدّم الدعم المعنوي والحماية لمنع الصيد والقطع والرعي.
بدورها، تمكنت لجنة أصدقاء الأرز (تأسست في العام 1986) من إقفال الغابة أمام الزوار ومنعت الصيد وإضرام النار في أرجائها، كما منعت قطع الأشجار. تملك اللجنة اليوم مشتلًا تستخدم فيه تقنيات متطوّرة للزرع يشمل: التحسين في طرق الإنتاج، تحضير البذور، التنمية، التخزين، النقل والتخطيط. كما أشركت المواطنين والزائرين أيًا كانت جنسياتهم في العملية من خلال إفساح المجال لمن يرغب في زراعة شجرة وتبنّيها.
أما الجيش، فعلاقته مع الأرزة علاقة روحية لأنه حارسها وحاميها.
أخيرًا، اعتبر العميد الركن جعجع هذا الحدث تكريمًا لشهداء الجيش، وعربون محبة وتقدير واعتزاز للذين بذلوا أرواحهم لنبقى نحن ننعم بالأمن والاستقرار والازدهار في هذا الوطن. وشكر بلدية بشري التي قدّمت الأرض لزرع الشتول، وشركة حميد كيروز لمساهمتها في تأمين الآليات والجرافات لشق الطرقات وتوسيع الساحات وصيانتها.