في القلب

العماد قهوجي في أمر اليوم:التباينـات السياسيـة جـزء من الديموقراطية أما الأمن فحق مقدّس لكل مواطن

أيها العسكريون
سبعة وستون عاماً مضت على الإستقلال، شهد فيها الوطن فترات من الإستقرار والإزدهار، وفترات أخرى حفلت بالأحداث والتجارب القاسية، لكنّ شعلة الإستقلال بقيت مضيئة، وظلّ علم البلاد شامخاً مرفرفاً، رمزاً لوحدتها، وعنواناً للإرادة الوطنية الجامعة. إن في ذلك تأكيداً واضحاً على أن إنجاز الإستقلال، لم يأتِ بالصدفة ولم يكن وليد مرحلة عابرة، بل هو ثمرة إيمان اللبنانيين بهذا الوطن، ونضالهم الطويل في سبيل التحرر من الإحتلال والإنتداب، وهو أيضاً ثمرة حفاظكم على الأمانة، والتزامكم الرسالة والقَسَم، وتقديمكم التضحيات الجسام في ساحات الحرية والكرامة.

 

أيها العسكريون
بالأمس القريب، تصدّيتم بمنتهى الشجاعة والبسالة للعدو الإسرائيلي، لدى محاولة قواه، اختراق أراضٍ متحفظ عليها لبنانياً في منطقة العديسة الحدودية. وبهذه المواجهة البطولية التي قدّمتم خلالها كوكبة من الشهداء والجرحى، أثبتم لهذا العدو الغادر، أنكم لن تتنازلوا قيد أنملة عن حقكم المقدس في الدفاع عن الأرض، والوقوف إلى جانب شعبكم المقاوم، وأنّ أي اعتداء على شبر من ترابنا الوطني، لن يمرّ من دون حساب، وسيواجه بكلّ الإمكانات ومهما بلغت التضحيات. وبالأمس القريب كذلك سارعتم إلى التدخل لمحاصرة عدد من الأحداث الأمنية وتوقيف المشاركين فيها، وإلى مواجهة الخارجين على القانون في بعض المناطق، مقدّمين أيضاً عدداً من الشهداء قرابين على مذبح استقرار الوطن. وبين هذه المحطة وتلك، تابعتم ملاحقة الإرهابيين والعملاء، مؤكدين في ذلك أن مهمتي الدفاع والأمن هما توأمان لا ينفصلان، وأن استشهاد العسكريين في أي موقع كان، لا يمكن أن يشكّل انتقاصاً من هيبة الجيش أو ينال من عزائم أبنائه كما يصوّر البعض، فهذا الجيش يزداد قوة ومنعة كلّما واجه الأخطار وكلّما تعمّدت مسيرته بدماء الشهداء الأبرار.

 

أيها العسكريون
تذكّروا بأن دوركم الوطني الجامع وأداءكم المهمات الملقاة على عاتقكم، لا يتحققان إلاّ من خلال وحدتكم المتينة وابتعادكم عن التجاذبات السياسية، وبقائكم على مسافة واحدة من جميع الأطراف.
واعلموا أن ما تشهده البلاد من تباينات سياسية في هذه المرحلة، هو جزء لا يتجزأ من الحياة الديمقراطية التي ينعم بها لبنان، لكنه من غير المسموح إسقاط هذه التباينات على الأرض، وتحويلها إلى فتنة تهدد أرواح المواطنين وتضرب المكتسبات الوطنية في الصميم، فالخلاف السياسي يحل بالطرق السياسية، أمّا الأمن فهو حق مقدس لكلّ مواطن ومن واجبكم الحفاظ عليه، وثقوا بأنه مهما بلغ حجم التضحيات التي يمكن أن يقدّمها الجيش في هذا المجال، تبقى أقل كلفة بكثير من الثمن الذي سيدفعه الوطن بأسره، في حال انزلاق البلاد إلى أتون الفتنة البغيضة.
في الذكرى السابعة والستين للإستقلال، أحييكم في مواقع انتشاركم، وأدعوكم إلى البقاء بالمرصاد للعدو الإسرائيلي الذي ما يزال يحتل جزءاً من أرضنا الغالية، وإلى تعزيز التعاون مع القوات الدولية حفاظاً على استقرار الجنوب، ودحضاً لمخططات هذا العدو، كما أدعوكم إلى بذل أقصى المستطاع لطمأنة المواطنين وصون أمنهم واستقرارهم. كونوا كما عهدتكم مثالاً في التضحية والصبر والالتزام، فيكبر بكم الوطن وتمضوا به إلى رحاب الحرية والانتصار.