نشاطات القيادة

العماد قهوجي في اجتماعات مع الضباط

قدرنا التماسك والتضحية في مواجهة مختلف المخاطر والتحديات


محاولات بعض المرتهنين والمتضررين إشعال الفتنة لن تنجح

 

عقد قائد الجيش العماد جان قهوجي في اليرزة وعلى دفعات متتالية، اجتماعات مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى وضباطها، حيث عرض لهم شؤون المؤسسة العسكرية ومهماتها المختلفة، إلى جانب تطور الأوضاع الدولية والإقليمية والمحلية وتأثيرها في الساحة الداخلية.
وقد نوّه العماد قهوجي بجهود قوى الجيش للدفاع عن الحدود الجنوبية، مؤكدًا ضرورة البقاء على جهوزية تامة في مواجهة العدو التاريخي للوطن، وهو العدو الإسرائيلي الذي ما زال يمارس انتهاكاته اليومية للسيادة اللبنانية، والذي لم يتخلّ يومًا عن أطماعه التوسعية في مياهنا وأرضنا، وعن سعيه إلى النيل من صيغة عيشنا المشترك، مشددًا على التلاحم مع المواطنين الجنوبيين وعلى ترسيخ العلاقة مع قوات الأمم المتحدة تنفيذًا للقرار 1701 وخدمة للمصلحة الوطنية العليا.
كما نوّه العماد قهوجي بتضحيات الوحدات العسكرية للحفاظ على مسيرة السلم الأهلي في البلاد، وبخاصة الوحدات التي قامت بإعادة الأمن والاستقرار  إلى مدينة  طرابلس في الآونة الأخيرة، موضحًا أنه في الوقت الذي كان فيه الجيش يقوم بتعزيز إجراءاته على الحدود اللبنانية - السورية بهدف حماية المواطنين من أي اعتداء كان، ووقف أعمال التسلل والتهريب بالاتجاهين ومنع المظاهر المسلحة، عمد بعض المرتهنين والمتضررين إلى محاولة إشعال فتنة بائسة، أصابت المواطنين الأبرياء وسقط للجيش فيها شهيد وعدد من الجرحى،  مؤكدًا أن الجيش تصدى وسيتصدى بكلّ حزم وقوة للفتنة البغيضة من أي جهة أتت، لافتًا إلى أن أداءه المهمة بمنتهى الدقة والتجرد، والتفاف المواطنين حوله، بعد أن هالهم ما حصل، شكّلا الرد الحازم على المصطادين في الماء العكر، والخارجين على القانون وعلى العيش المشترك بين اللبنانيين.
وأضاف العماد قهوجي بأن الأزمات المتلاحقة التي تمرّ بها المنطقة العربية وتحت عناوين مختلفة، يجب ألّا تشكّل في أي حال من الأحوال، فرصة للبعض للإخلال بالأمن والنيل من هيبة الدولة وتعريض مصلحتها العليا للخطر، فحاجة المواطن إلى الأمن والاستقرار هي بمنزلة خبزه اليومي، ولا يجوز التفريط بها تحت أي ظرف أو شعار.
وختم العماد قهوجي مؤكــدًا مناعة المؤسســة العسكرية أمام مختلف المخاطـر والتحديات، داعيًا العسكريين إلى التمسك بالمناقبيــة والانضبــاط، والى مزيد من الاستعداد لمواجهة مخططات العدو الإسرائيلي والإرهاب، والبقاء بمنأى عن التجاذبات السياسية والتأثيرات الخارجية، فقدر الجيش الدائم هو التماسك والتضحية، كونه العمود الفقري للبلاد والركيزة الأساس للبنيان الوطني الواحد.

 

الوضع الإقليمي والدولي

في مستهل لقاءاته، أشار قائد الجيش الى الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية الضاغطة التي يشهدها العالم، وأبرزها أزمة الديون السيادية في أوروبا، والأزمة الإقتصادية الصعبة في الولايات المتحدة الأميركية.
كما تطرّق الى قضية المفاعل النووي الإيراني، حيث تتعرّض إيران لعقوبات إقتصادية دولية، مع تلميح بتدخلات عسكرية، ما دفعها الى التهديد بإغلاق مضيق هرمز، وقابله تهديدات من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
أما العالم العربي، فهو لا يزال يشهد مظاهرات وانتفاضات وثورات بدأت من تونس مرورًا بمصر وليبيا، لتصل أخيرًا الى سوريا، وهي أدت وتؤدي الى تغيير في بعض الأنظمة السياسية، ولا تزال نتائجها غير واضحة حتى الآن.
ونأمل أن تمرّ هذه الثورات بأقل ما يمكن من خسائر، مشيرًا الى أنّ أحد أهم اسبابها تداول السلطة، وقد حصل تدخّل عسكري أجنبي في ليبيا، فيما تشهد سوريا صراعًا بين القطبين، الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، مما صعّب الحلول.
وطمأن القائد الى أنّ مثل هذه الأحداث لن تحصل في لبنان، كونه يتمتّع ومنذ زمن بعيد بتداول للسلطة، إضافة الى أنّه يتّبع سياسة الحياد الإيجابي، حيث ينعم بشيء من الهدوء والاستقرار الأمني، على الرغم من أنّه في قلب العاصفة، فالوضع مستقرّ إجمالًا والأمن ممسوك وأفضل بكثير من بعض الدول، وكل ما يحصل عندنا هو مجرّد حوادث فردية.
وفي المقابل، تستغل اسرائيل هذه الأوضاع المتأججة، وتستفيد من انشغال العالم بهذه الأزمات، لتعمل على تفعيل سياسة الاستيطان وتهويد القدس لجعلها عاصمة ابدية لها وطرد سكانها العرب.
ولفت قائد الجيش الى دور الإرهاب الإجرامي والتخريبي، ونبّه من أن يعمد البعض الى استغلال الأحداث الجارية في المنطقة للتسلّل الى لبنان والعبث بأمنه.

 

الوضع الداخلي
داخليًا، أوضح قائد الجيش أنّ البلد يشهد انقسامًا عموديًا، ويتعرّض لتجاذبات سياسية تترافق مع تضخيم إعلامي للحوادث البسيطة، أكانت أمنية او اقتصادية او سياسية. فالبلد لا يتحمّل خلافات او انقسامات، خصوصًا في ظلّ الأوضاع الراهنة التي تمرّ بها المنطقة.
وقد أشار الى أنّ لبنان يعوم على ثروة نفطية، يجب ألّا نضيّعها بسبب هذه الخلافات، موضحًا انّه يجري العمل على إقرار المراسيم والقوانين المتعلّقة بها، إضافة الى إمكان التوصل الى نتيجة جيدة في المفاوضات حول الحدود البحرية.
وأبدى القائد خشيته من انعكاس الخلافات الداخلية سلبًا على الوضع الإقتصادي اللبناني، حيث نرى ازديادًا في الدين العام وانخفاضًا في عدد السياح، مشيرًا الى أنّ الجيش هو آخر من يتأثر بها، بفضل الجهود والتدابير المتخذة في هذا المجال.
وشدّد  العماد قائد الجيش على أنّه بالرغم مما يحدث حولنا، نرى أنّ الاهتمام بلبنان يتزايد من خلال زيارات الوفود الأجنبية وتشديدها على استقرار لبنان، إضافــة الى استئناف المساعدات الأميركية الى الجيش اللبناني، بغــضّ النظر عن قيمتها المادية التي تبلغ حوالى 70 مليون دولار، فهي تشير الى الاهتمام الدولي بلبنان وبمصيره في المنطقة.

 

وضع الجيش
في إطار العمل على تطوير الجيش وتحديثه في جميع المجالات، أشار القائد الى أنّه جرى استصدار قانون لاستبدال اسم «المدرسة الحربية» بـ«الكلية الحربية»، حيث أصبحت تمنح خرّيجيها إجازة في العلوم العسكرية تتيح لحاملها إمكان استكمال تعليمه العالي في ما بعد.
ولفت الى انّ التطويع هو عملية مستمرّة وعلى المستويات كافة: تلامذة ضباط، تلامذة رتباء، رتباء اختصاصيين، أفراد... ومن كل المناطق بدون تمييز.
وأكّد القائد انّ التدريب مستمرّ على الرغم من كل الصعوبات وعلى الصعد كافة، حيث جرى تطوير التعليم في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان وفي الكلية الحربية، وحصل تعاون مع الجامعة اللبنانية وبعض الجامعات الخاصة، إضافة الى الدورات في الداخل والخارج، وتدريب قوى الأجهزة الأمنية الأخرى (قوى أمن داخلي، أمن عام، أمن دولة...). وقد حثّ العماد قهوجي الضباط على تعلّم اللغات الأجنبية وإتقانها لتسهيل سفرهم الى الخارج ومتابعة الدورات، وبخاصة منها دورات الأركان لأنها تؤهلهم لتسلّم وظائف قيادية عليا في المستقبل.
كما نوّه القائد بالهبات التي يقدّمها بعض الدول الصديقة، وهي عبارة عن أسلحة ومعدات يحتاج اليها الجيش، إضافة الى المساعدة في تدريب العناصر والاختصاصيين.
وعلى صعيد آخر، أوضح العماد قهوجي أنّه، على أثر إنجاز مشروع الحوافز للضباط، جرى إعداد مشروع هيكلية جديد، وستُعتمد معايير جديدة للترقيات ضمن هذه الهيكلية، وبذلك لا يمكن أن يصل الى الرتب العليا إلّا ذوو الكفاءة ومستحقوها، كما في كل جيوش العالم.
أما إعلاميًا، فتطرّق القائد الى «برنامج الجندي» الذي أعيد إحياؤه وبثّه من إذاعة لبنان، موضحًا انّه يجري العمل على بثّه من خلال أثير بعض الإذاعات الأخرى، وفي التوقيت نفسه.

 

مهمات الجيش
في إطار المهمات التي ينفّذها الجيش على الأراضي اللبنانية كافة، أوضح القائد أنّها تندرج تحت ثلاثة عناوين: دفاعية، أمنية، وإنسانية.
تتركز المهمات الدفاعية في الدفاع عن الوطن وحماية حدوده، وخصوصًا الجنوبية منها، فالجنوب على رأس اهتماماتنا وأولوياتنا، وهذا يتطلّب جهوزية دائمة للوحدات المنتشرة جنوبًا، من ترصين وتحصين وتدريب، والتعاون مع الـ«يونيفل»، وبناء علاقة ثقة مع السكان والمواطنين، مع الإشارة الى المحافظة على الهدوء العام، وعدم السماح لأحد، أيًّا يكن، أن يزايد علينا او يجرّنا الى حرب لا نريدها حاليًا، كمثل إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية...
وفي ما يتعلّق بالمهمات الأمنية، ركّز القائد على وجوب التشدد في ضبط الأمن والحزم في معالجة الأمور والحسم السريع لأي حدث أمني مهما كان صغيرًا قبل تطوّره الى ما لا تحمد عقباه، او الانجرار الى فتنة. فقادة الوحدات العملانية لديهم كامل الصلاحية لمعالجة أي خلل أمني وغير مسموح التخاذل او التلكؤ، او العودة بنا الى اجواء العام 1976، مشيرًا في هذا المجال الى انّ المرحلة التي نمرّ بها صعبة جدًا، وإذا تخطيناها بسلام ينجُ لبنان.
كذلك، شدّد القائد على العمل الحثيث لكشف شبكات الإرهاب وشبكات العملاء وتوقيف عناصرها، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على أمن الثكنات وأمن المراكز العسكرية والقوافل والانتقالات، وكذلك أمن التجمعات العسكرية.
وإذ أشار الى أهمية التصرف مع المواطنين بعدل وحزم واحترام ضمن القوانين والتعليمات، مع التشديد على الحفاظ على أمن التظاهرات السلمية، ومنع المواجهات او الاحتكاكات، أكّد وجوب منع التهريب او التسلل عبر الحدود اللبنانية - السورية، وبخاصة تهريب السلاح او تسلّل المسلّحين، مع التركيز على قمع هذه الحالات، وأما الحالات الانسانية فمسموح بها ضمن قرارات الدولة.
وفي ما يتعلّق بالمهمات الإنسانية، دعا العماد قهوجي الى التدخل الفوري عند حصول كوارث طبيعية او غيرها (انهيارات، ثلوج، فيضانات، تفجيرات...)، وتقديم العون للمواطنين، بالإضافة الى مساعدة باقي مؤسسات الدولة.

 

الإنجازات
على صعيد الإنجازات في المؤسسة العسكرية، أمل القائد في تحقيق المزيد منها، معددًا بعضها الذي تحقق:


• على الصعيد الإجتماعي:
- إرتفاع نسبة المساعدات المدرسية هذا العام الى 78٪ لعسكريي الخدمة الفعلية، و54٪ للمتقاعدين.
- دفع فروقات سلسلة الرتب والرواتب وفق حقوق العسكريين.
- تفعيل عمل جهاز إسكان العسكريين المتطوعين وتأمين القروض لهم.
في هذا المجال، أشار القائد الى أنّ الجهاز أُسس لمعالجة مشكلة السكن للعسكريين، وبالتالي على المستفيدين من هذا الجهاز والمخصّصين بمساكن عسكرية، أن يعملوا سريعًا على إخلائها كي يفسحوا المجال لغيرهم.
- تفعيـل الطبابة العسكرية وتطويـرها وفق أعلى المعايير (أطباء، معدات، غرف عمليات، أدوية...)، ويجري العمل حاليًا على بناء مستشفى عسكري حديث بمواصفات عالية.
- تفعيل النقل المشترك وزيادة الآليات والخطوط.
- تطوير المطابخ العسكرية وتحسين نوعية الطعام.


• على صعيد التدريب:
- استمرار التدريب في الداخل والخارج، حيث يتــابع 1046 عسكريًا دورات في الخــارج.
- تدريب تلامــذة ضبــاط في الخارج من الإختصاصات كافة (جو، بحر، بر...).
- إجراء تمارين مشتركة مع قوات الـ«يونيفيل».
- إقامة مشاغل للتدريب على الرماية.
- المشاركة في البطولات الرياضية.
- إنشاء مختبرات للّغات الأجنبية.


• على صعيد المؤتمرات والاتفاقيات:
- تمّ عقد مؤتمر إقليمي العام الماضي، وسيصار الى عقد مؤتمر اقليمي آخر في 28 آذار من هذا العام.
- عقد اتفاقيات تعاون عسكري مع بعض الدول الصديقة ومع الـ«يونيفل»، وذلك ضمن الثوابت والكرامة والسيادة الوطنية.
- عقد اتفاقيات مع عدة جهات حول الأعمال المتعلقة بالألغام.
- إنشاء قطع جديدة في الجيش، وجهاز تعاون عسكري - مدني CIMIC.

 

وضع الحدود اللبنانية - السورية والوضع في طرابلس
تطرّق القائد الى هذا الموضوع بشكل خاص، حيث أشار الى انّ التهريب يتمّ عبر حدود الدول ومنذ زمن بعيد، خصوصًا عندما تكون حدود الدول متداخلة وواسعة.
ولكن ما يهمّنا في الموضوع هو عدم انتقال المشاكل الينا. لذلك، القرار صارم بمنع التهريب، وخصوصًا السلاح والمسلّحين، مع مراعاة الحالات الإنسانية. وقد تمّ نشر الجيش على الحدود اللبنانية - السورية بكثافة وفاعلية، وتمّ تعزيز الوحدات المنتشرة.
ترافق هذا الانتشار مع تفجير الوضع في طرابلس بين باب التبانة وجبل محسن، وتدخّل الجيش لتهدئة الوضع، فإذا به يتعرّض لنيران الطرفين. ولكي لا يتم توريط الجيش وإلهاؤه عن مهمته الأساسية، اتُخذ القرار بالحسم السريع، وهكذا كان.

 

توجيهات عامة
بعد استعراض مجمل الأوضاع، أكّد القائد ضرورة التزام عدة توجيهات، ومنها:
- الحفاظ على المؤسسة العسكرية، ويكون ذلك بالولاء المطلق للجيش والوطن، فالجيش للجميع وليس لفئة من دون أخرى، ونحن في الوسط مع قرار واضح بعدم المسّ بالأمن. لذلك، فإنّ المطلوب من العسكريين وخصوصًا الضباط، الابتعاد عن التجاذبات السياسية، ونؤكد في هذا المجال انّ التشكيلات والتعيينات يُعتمد فيها معيار الكفاءة والنزاهة، وليس الوساطات.
- التقيّد التام بالتعليمات والتوجيهات، وتفعيل التوجيه المعنوي والعسكري، وتنمية الحس الأمني لدى العسكريين.
- التحلّي بالانضباط والمناقبية العسكرية، فبهما يقوى الجيش وبهما تُحفظ الكرامة (هندام، احترام التوقيت، تنفيذ الأوامر، إطاعة الرئيس، احترام المرؤوس واحترام التراتبية العسكرية...).
- المحافظة على جهوزية الوحدات والعتاد وتعهّده لنواجهة مختلف الاحتمالات، والتدخل بسرعة لمعالجة اي طارىء قد يحدث.
- المحافظة على أمن الوثائق والمراسلات العسكرية.
- تمتين العلاقات الاجتماعية بين الضباط، والتواصل الدائم والتعاون والتنسيق في تنفيذ المهمات.
- اتباع سياسة الترشيد وعصر النفقات في ظل الأوضاع الإقتصادية الضاغطة، وإفهام العسكريين وتوجيههم لناحية المحظورات العسكرية.
وفي ختام لقاءاته، أشـار العماد القـائد الى اننا نمـرّ في أصعـب مرحلة في تاريـخ الوطن وأحرجـها، «فلنحافـظ على أنفسنا وعلى جيشنا كي تمرّ هذه المرحلـة بأقل خسـائر ممكنـة ونـصـل الى برّ الأمان.
فإذا بقـي الجيش قويًا ومتماسكًا، ينجو الوطن، ذلك انّ الجيـش هو العمـود الفقري وعـليه يتكـل المواطـنون لإعـادة بنـاء وطنهـم».
وختم العماد قهوجي قائلاً:
«إنّ تجربة العام 1975 لن تتكـرّر، والفتنة لن تمرّ، وقوة الجيش في وحـدته وفي ولاء أفـراده له، فلنحـافظ عليه ليبقى الوطن لنا ولأولادنا من بعدنا».