تكريم

العماد قهوجي في تكريم الضباط المتقاعدين
إعداد: باسكال معوض بو مارون

لن نسمح لأي طرف سياسي بابتزاز الجيش في أي موضوع

 

بمناسبة الذكرى السابعة والستين لتأسيس الجيش، أقيم في قاعة العماد نجيم حفل تكريم للضباط المتقاعدين، حضره قائد الجيش العماد جان قهوجي، ورئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان وعدد من كبار ضباط القيادة، إلى جانب رئيس رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية العماد المتقاعد إبراهيم طنوس، وعدد كبير من الضباط المتقاعدين وممثلي وسائل الإعلام المحلية.

 

كلمة العماد قهوجي
العماد قهوجي لفت في كلمته إلى أن الجيش يعمل في كلّ الاتجاهات لإنقاذ الوطن، مؤكدًا إصرار المؤسسة العسكرية، على نهجها في تحمّل المسؤولية تجاه سلامة جميع المقيمين في لبنان، وحزمها في التعاطي مع مختلف الملفات الأمنية، موضّحًا أن حرص الجيش على مناخ الحرية في لبنان، لا يعني القبول باستغلال البعض هذه القيمة الكبرى والاختباء خلفها، بهدف الترويج لأفكار هدّامة، وإيجاد بيئة معادية للجيش وللمؤسسات الدستورية، وأن الجيش لن يسمح لأي طرف سياسي بابتزازه في أي موضوع كان.
استهل قائد الجيش كلمته بالقول: «أرحّب بكم في هذا الصّرح الوطني الّذي تتّجه إليه أنظار اللّبنانيين جميعًا، في كل مرة تزداد فيها حدة الأزمات ومصاعب الأيام. صحيح أنني أنظر إليكم كجمع عزيز متكامل، تفتخر به المؤسسة العسكرية، وتقدّر الخدمات الجلّى، والتضحيات الكبيرة التي قدّمها للوطن، إلا أنني، وفي الوقت نفسه، أوزّع الانتباه بين مقاعدكم، فأرحب بكم فردًا فردًا، وأستعيد ذكريات غالية من مراحل مختلفة في خدمتنا العسكرية المتواصلة جيلاً بعد جيل.
نختار موعد لقائنا في أيّام عيد الجيش الّذي لولاه لم نكن لنلتقي منذ البداية، ولم نكن لنمرّ بتلك التجربة الطويلة التي يسّرت لنا أن نخدم وطننا، وأن نشارك في بناء مجتمعنا، ليس في المجال العسكري وحسب، إنّما على المستويات الاجتماعية والإنمائية والثقافية، وما إليها من شؤون الحياة».
وتابع العماد قهوجي قائلاً: «تلاحظون بوضوح، من خلال متابعتكم مجريات الأحداث الإقليمية، أن التحولات السياسية والأمنية التي تفرض نفسها على بعض الدول العربية، قد أدت إلى مخاض عسير اتسعت دائرته حتى بلغت حدودنا، ما فرض علينا مهمات إضافية وإجراءات جديدة، سواء لمراقبة تلك الحدود ومنع عبور الممنوعات، أو لضبط الأوضاع المتّصلة بها في الداخل، بحكم تدفق النازحين من جهة، وحصول أعمال خطف وخطف مضاد لغايات مختلفة نتجت عن الأوضاع بشكل عام من جهة أخرى. الحلّ كان منذ البداية بتعزيز انتشار وحدات الجيش في جميع المناطق اللبنانية، خصوصًا في شمال البلاد، من غير أن يكون ذلك على حساب مهمات أخرى».
وأوضح بالقول «أشير هنا إلى حدودنا الجنوبية، البريّة والبحرية، حيث يتربّص بنا العدو الإسرائيلي الذي لا يزال يقرع طبول الحرب. وكما تصدّى الجيش في مراحل سابقة للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضيه، فهو اليوم على استعداد تام للدفاع عن الحقوق اللبنانية المشروعة في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة. كل ذلك، يتطلب من الجيش رفع درجة الجهوزية، مع تفعيل التعاون مع قوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان وتوطيد العلاقة مع شعبنا الصامد في الجنوب للبقاء على استعداد للتصدّي والدفاع عن الأرض».
وذكّر القائد بما «يبذله الجيش من جهود في الداخل للقضاء على شبكات العمالة والإرهاب، ومكافحة الجرائم المنظّمة على أنواعها، حيث أدّت هذه الجهود خلال الفترة الأخيرة إلى توقيف شبكة إرهابية خطيرة للغاية، استخدمت في عملها الإجرامي الأسلحة والعبوات الناسفة، وهي قامت خلال الأشهر الأخيرة بالسطو المسلح على عدة مصارف لبنانية، بما في ذلك إطلاق النار على ضابط في الجيش وهو باللباس العسكري في مصرف لبنان والمهجر - فرع إليسار، خلال تصدّيه لأفرادها دفاعًا عن المواطنين...».
وأشار إلى «أن الجيش يسعى في هذه المرحلة العصيبة إلى أن يكون على قدر التحديات، وللأسف فإن تعامله بحكمة مع الأحداث الأمنية، سواء لجهة عمليات الخطف وقطع الطرق أو لجهة انفجار الوضع في طرابلس، اعتبره البعض ضعفًا، محاولاً التصويب على المؤسسة واللعب على مشاعر المواطنين. لكن المؤسسة العسكرية، مصرّة على نهجها في تحمل المسؤولية تجاه أرواح اللبنانيين وغير اللبنانيين المقيمين في لبنان، وهي تؤكد حزمها في التعاطي مع مختلف الملفات الأمنية، من دون تهوّر أو انصياع لرغبات البعض في إراقة الدماء هباءً، تحقيقًا لمآرب سياسية ضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا».
وأضاف: «إن مبادرة الجيش إلى مدّ جسور التواصل والحوار بين الأطراف المعنيين، هي أحد السبل إلى معالجة الأوضاع بحكمة وروية، بعيدًا عن لغة السلاح، مع التزامه التام دوره في ضبط الأمن في طرابلس والرد على مصادر النار، وعدم السماح للفتنة الإقليمية بالتسلل إلى مدننا وقرانا، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. وقد أبلغ الجيش جميع الأطراف السياسية قدرته على حسم الأمور، وتوجيه ضربات قاسية ومكلفة إلى جميع المسلحين لأي جهة انتموا، شرط أن يرفعوا أيديهم عن هؤلاء المسلحين بمواقف إعلامية واضحة وليس بلغات مزدوجة».
وأكد العماد قهوجي أن «الجيش ملتزم تنفيذ خطته العسكرية في الداخل، وهو يسعى على الرغم من إمكاناته المتواضعة إلى ضبط المعابر الحدودية، وعدم جعلها ممرًا للفتنة من لبنان وإليه. وبالتالي فإنه لن يسمح بوجود بقع أمنية، ومناطق عازلة خارجة على سلطة الدولة، من شأنها أن تظهر لبنان طرفًا في صراع يعمل جاهدًا على تفاديه.
كذلك فإن الجيش لن يسمح لأي طرف سياسي بابتزازه في أي موضوع، وهو يحرص في الوقت عينه على إقامة علاقة جيدة مع جميع القوى السياسية، انطلاقًا من إيمانه بالتعددية في لبنان، كما أنّه لن يسمح لأي طرف كان بالتلطّي وراءه أو محاولة تجيير مواقفه لمصلحته، ووضعه في خانة هذا الفريق أو ذاك، لأنه يلتزم سلطة الدولة وحدها».
وأضاف: «لقد فهم البعض أن صمت المؤسسة العسكرية في اللحظات الحرجة خطأ، وأن استيعابها ردود الفعل والاتهامات التي تلقى جزافًا بحقها واستخدام الإعلام للتصويب عليها، ضعفًا. ولم يدرك هذا البعض أن شعارها هو العمل بعيدًا عن الضجيج. غير أن الجيش لن يسكت بعد اليوم عن استهدافه أو التطاول عليه، كلاميًا أو فعليًا ومن أي جهة أتى ذلك، وما لجوؤه إلى القضاء إلاّ لتأكيد التزامه، عمل المؤسسات وأصول القوانين، على أمل أن تقتدي به جميع القوى السياسية. وإذا كنا نحرص أشدّ الحرص على مناخ الحرية في لبنان وخصوصًا حرية التعبير عن الرأي، فإننا لن نرضى باستغلال هذه القيمة الكبرى والاختباء خلفها، بهدف الترويج لأفكار هدّامة، وإيجاد بيئة معادية للجيش وللمؤسسات الدستورية.
إن الوطن مقبل على استحقاقات دستورية، وقد تعهدنا في «أمر اليوم» الصادر بمناسبة عيد الجيش، بضمان إجرائها على المستوى الأمني، ووفق ذلك، نجدد اليوم تعهدنا بأن الجيش سيبقى حاميًا للاستقرار ولقيم الديموقراطية والحرية والعدالة».
وتوجّه إلى الضباط المتقاعدين بالقول: «لقد كان لكم الدور الكبير في مسيرة بناء الجيش وإعلاء مداميكه، وترسيخ قيمه ومبادئه في نفوس العسكريين واللبنانيين جميعًا، كما استطعتم بفضل تضحياتكم أن تنقذوا الوطن في أكثر من محطة مصيرية. ولا شك في أن المستوى المتقدم الذي توصلت إليه المؤسسة العسكرية اليوم، هو ثمرة تراكم جهودكم وجهود من سبقكم جيلاً بعد جيل، فلكم من مؤسستكم الأم أسمى تحيات التقدير والشكر والعرفان».
وختم قائلاً: «أتوجه إليكم وإلى عائلاتكم بأطيب الأمنيات بمناسبة عيد الجيش، كما أطلب السلامة والعافية لكم وللذين تركت الخدمة العسكرية فيهم إعاقات ومصاعب صحية. فدعونا نستعد وإياكم مشاعر الفخر والإعتزاز بشهداء جيشنا الذين أناروا الدرب بمشاعل أبوا إلا أن يكون زيتها من دمائهم الزكية، ونورها من لمعان الحياة في عيونهم».
 

...وكلمة للعماد طنّوس
وكان الحفل قد استهل بالنشيد الوطني اللبناني والوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، ثم ألقى العماد المتقاعد ابراهيم طنوس كلمة في المناسبة، أشاد فيها بأداء المؤسسة العسكرية في هذه الظروف العصيبة التي يمرّ بها الوطن «حيث ازدادت الأعباء على الجيش خلال هذه السنة، وتوالت المهمّات واستدعت الأمور المزيد من التضحية... إذ تواجه وحدات الجيش، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى، أحداثاً متلاحقة ومتشابكة، لم تغب عنها المظاهر المسلّحة، وأعمال التعدي على الحريّات، إضافة إلى التشنّجات السياسية والتسابق الإعلامي المطّرد يومًا بعد يوم».وأكد أن الرابطة تتابع بأدق التفاصيل مهمّات الجيش ولديها كامل الثقة بإجراءات القيادة لمعالجة الأمور، مضيفًا أن الرابطة «لا تنسى دعم القيادة، ووقوفها الدائم إلى جانبها، تمامًا كما نقف نحن إلى جانبها، وننتمي إليها، ونثق بخطواتها وإجراءاتها»، معربًا عن جهوزية الضباط المتقاعدين للانضمام مجددًا إلى صفوف الجيش، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك. وختم  العماد طنوس بالقول: «أملنا أن نلتقي في السنة المقبلة، وتكون بلادنا قد اقتربت من شاطئ الأمان والاستقرار أكثر وأكثر، وأن تكون مؤسستنا قد حققت ما تصبو إليه من تقدم واكتفاء في ظلّ قيادتها الحكيمة».
وفي الختام توجّه الحضور لتبادل الأنخاب في حفل كوكتيل أقيم للمناسبة.
 

تصوير
الجندي جو فرنسيس