تكريم

العماد قهوجي في حفل تكريم الضباط المتقاعدين
إعداد: ريما سليم ضوميط

الأولوية لحدودنا البحرية ومواجهة أطماع العدو في ثرواتنا

 

قال العماد جان قهوجي في الكلمة التي وجهها إلى الضباط المتقاعدين خلال حفل أقامته القيادة تكريمًا لهم: «إن ما يبقي البلاد اقل عرضة لما يجري في الخارج هو الحرص على إبقاء الساحة الدولية محصّنة». وأكد العماد قهوجي أن «عندنا في الأولويات تحديد حدودنا البحرية، وما يليها من مواجهة الأطماع الإسرائيلية في ثرواتنا الطبيعية...».
وكان العماد قهوجي حضر حفل تكريم الضباط المتقاعدين بمناسبة الذكرى السادسة والستين لتأسيس الجيش، الذي أقيم في قاعة العماد نجيم في اليرزة، وحضره أيضًا رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان، ورئيس رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية العماد المتقاعد إبراهيم طنّوس، إلى جانب عدد من كبار ضباط القيادة.


كلمة قائد الجيش
استهل العماد قهوجي كلمته مرحبًا برفاق السلاح:
أرحّب بكم في هذا الصرح الوطني الذي نلتقي في رحابه اليوم، فنستعيد ذكريات خدمتنا الصادقة في مؤسسة الشرف التي وهبناها ريعان الشباب، ووحدة الهدف والمصير على مدى العمر.
 

أيها الحضور الكريم،
ما بين اللقاءين، لقاؤنا في عيد الجيش العام الماضي، ولقاؤنا هذا العام، عدة محطات عرفتها المنطقة والعالم، تحمل في طياتها تأثيرات مختلفة على لبنان، من النواحي العسكرية والسياسية والاقتصادية.
في البداية كانت التحولات السياسية والأمنية التي عرفها، ويعرفها، معظم الدول العربية، والتي لا بدّ من أن ترخي بظلالها علينا، نظراً إلى موقعنا الجغرافي، ودورنا الريادي، والمستوى المتقدم الذي نتمتع به على صعيد التنوع السياسي، وحرية التعبير.
إن تباين آراء اللبنانيين، في الأساس، ظاهرة ديمقراطية، خصوصاً إذا ما ترافق مع الحفاظ على الثوابت الوطنية في العيش المشترك، ونبذ الانقسام والتشرذم. وما يبقي البلاد أقل عرضة لما يجري في الخارج هو الحرص على إبقاء الساحة الداخلية محصّنة، وتجنب كل ما من شأنه الوصول بالوطن إلى فتنة لا يسلم منها أحد.
وعندنا في الأولويات مسألة تحديد حدودنا البحرية، وما يليها من مواجهة الأطماع الإسرائيلية في ثرواتنا الطبيعية، ومحاولات إسرائيل استنساخ مشكلات داخلية تصيب المجتمع اللبناني، وتوحي بأن البدء في الاستفادة من تلك الثروات لا بد من أن يؤدي إلى صراع تطيح نتائجه كل الأرباح. ويأتي ذلك في موازاة التعديات المختلفة التي تمارسها إسرائيل على حدودنا البرية، مع أن هذه الأمور ترعاها القوانين الدولية، ويجب أن تكون نتائجها مضمونة وواضحة.
أما عن الصراع العربي الإسرائيلي، فهو مستمر من دون وجود مبادرات فاعلة ومؤثرة للشروع في وضع حد حقيقي له، حيث يستمر العدو الإسرائيلي في احتلال الأراضي العربية، بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، كما يستمر في سياسة حصار الشعب الفلسطيني الشقيق وتدمير بناه التحتية، إضافة إلى الأخذ والرد في مسألة الاستيطان، وهذه مشكلات كبيرة ومتلاحقة من شأنها الوصول بالجميع إلى طريق مسدود.
في الشأن الداخلي هناك التجاذبات السياسية التي خلّفها صدور القرار الظني في قضية استشهاد الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري، والتي استدعت المزيد من الحكمة والحيطة في مواجهة الأمور، والحفاظ على الاستقرار العام في البلاد، وتجنب الوقوع في أي حالة من حالات التصعيد وردّات الفعل والتوتر.
في مواجهة ذلك كله يستمر الجيش في ترسيخ جهوزيته وتأكيد استعداده لمواجهة الأزمات. كما يستمر في تعزيز قدراته العسكرية اعتماداً على الذات أولاً، وعلى مبادرات طيبة من قبل بعض الدول الصديقة من ناحية ثانية. وأنا أشير هنا، من باب الاقتناع التام، إلى أن سلاحنا الأساسي يكمن في تماسك جيشنا وتضامن جنوده، وولائهم الوحيد لهذه المؤسسة، وابتعادهم عن المناطقية والفئوية بكلّ أشكالها، وعدم اكتراثهم للشائعات المغرضة الصادرة من هنا أو هناك.
ويعرف الجميع أن وحداتنا تزداد إيماناً بمهماتها وإصراراً على نجاحها، يرافقها في ذلك ثقة القيادة وتأييد الناس، وهذا ما رأيتموه خلال عمليات حفظ الأمن في الشمال منذ أشهر حين وضعت الوحدات المنتشرة هناك حداً للتطاول على القانون من أي جهة صدر، ما أدى إلى وأد الفتنة في مهدها بتأييد شعبي عارم. ورأيتموه أيضاً في الجنوب في يوم عيد الجيش، حين واجه العسكريون الدورية الإسرائيلية المعتدية بحزم ووضوح، وأجبروها على الانسحاب من دون تحقيق ما كانت تخطط له، الأمر الذي أكد مجدداً صوابية تلاحم الجيش مع الشعب والمقاومة في الدفاع عن لبنان. وقد كان لذلك، أبلغ الأثر في نفوس المواطنين الجنوبيين الصامدين في أرضهم، كما قوبل بمؤازرة وحدات قوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان وتعاونها ودعمها.
 

رفاق السلاح،
أتوجّه إليكم بخالص التهنئة بمناسبة العيد السادس والستين للجيش، وأتذكّر وإياكم مناسبة تأسيسه بالفخر والاعتزاز، وأعبّر عن اطمئناني إلى تواصلكم مع مؤسستكم الأم، ومع زملائكم رفاق السلاح، سواء في خدمتهم الفعلية في القطع والوحدات، أو في الوجه الآخر من تلك الخدمة المتمثل بمرحلة الانتقال إلى الحياة المدنية حيث يمثل كل واحد منكم رسولاً لمؤسسته في كل مكان. كما أؤكد لعائلاتكم من خلال لقائي بكم اليوم، أن الجيش هو عائلتنا الكبرى التي نكبر بها، ونطمئن إلى وجودها، ونثق بأدائها في معالجة الأزمات ومواجهة الأعاصير.

 

كلمة العماد طنّوس
من جهته أشاد العماد طنّوس في كلمته بأداء المؤسسة العسكرية، لا سيما حفاظها على الأمن والاستقرار بأقل قدر من استخدام القوة وتعاملها مع الجميع بمنتهى التّجرد والعدالة والمساواة، داعياً جميع الفعاليات الى الترفع عن الصغائر، والالتفاف حول هذه المؤسسة التي قدمت آلاف الشهداء والجرحى في سبيل حماية المواطنين من دون تمييز.
وقدّم العماد طنّوس عرضًا لنشاطات الرابطة، متوجهًا بالشكر الى قيادة الجيش على جميع الانجازات التي تحققت لخدمة المتقاعدين، «وعلى العاطفة الفياضة التي خصصتمونا بها»، مؤكّداً وقوف أفراد الرابطة الى جانب الجيش واستعدادهم لتلبية نداء الواجب.