العملة الأوروبية المشتركة (اليورو): قراءة هادئة لتطورات متسارعة

العملة الأوروبية المشتركة (اليورو): قراءة هادئة لتطورات متسارعة
إعداد: رامي الريس
صحافي

ينطوي مشروع الاتحاد الأوروبي على أهمية خاصة كونه سيعيد خلط الأوراق السياسيـة والاقتصادية والاجتماعية في القارة الأوروبية، بما يضمن بروز قوى سياسية جديدة تدخل إلى الخريطة الدولية وتسعى إلى لعب دور بارز في الحركة السياسية العالمية.

من هنا، فإن الاتحاد الأوروبي، لما يحمله من أبعاد متنوعة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهي آخذة في التبلور حالياً، يشكل وزناً على الساحة الدولية قد لا تكون ظهرت كل آثاره حتى الآن، وذلك بانتظار تعميق وسائط التفاعل والتعاون بين دول الاتحاد. وإن هذه العملية تتطور تدريجياً ولقد خطت خطوة متقدمة إلى الأمام مع إعلان الدول المعنية الموافقة على تطبيـق نظام العملة الأوروبية الموحدة (اليورو).

هذه الدراسة تهدف إلى تسليط الضوء على مسألة النقد الموحَد، اليورو، بعد عرض سريع لمشروع الاتحاد الأوروبي. كما وستتناول الفرص المرتقبة للعملة الموحدة الصاعدة لاحتلال موقعها بين العملات النقدية الأخرى الفاعلة في الأسواق المالية الدولية ومنها الين الياباني والدولار الأميركي. وستُبيّن الدراسة كل المسائل المتعلقة باليورو ومراحل وضعه موضع التطبيق، الخ...

 

I- مشروع الاتحاد الأوروبي: الانطلاقة والتطورات

لقد شعرت الدول الأوروبية، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945، بمزيد من الحاجة لتطوير التعاون في ما بينها بهدف استعادة بعض الأدوار السياسية السابقة التي افتقدتها تدريجياً والتي استقطبت معظمها الولايات المتحدة الأميركية كلاعب أساسي في السياسة الدولية، إلى جانب الاتحاد السوفياتي السابق.

فبريطانيا كانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وفرنسا استعمرت معظم دول القارة الأفريقية، وإسبانيا والبرتغال كانتا قد توسعتا نحو البرازيل ودول أميركا اللاتينية، كما أن النمسا وهنغاريا وألمانيا وباقي الدول كانت لها سياساتها التوسعية في القرون الماضية، مما جعلها تتناوب على إدارة شؤون العالم.

من هنا، فإن انتقال مركز الثقل السياسي إلى الولايات المتحدة الأميركية، تحديداً، وانحسار هذا النفوذ على المستوى الأوروبي خلق الحاجة الأوروبية المتزايدة باتجاه تطوير العلاقات بين الدول المختلفة وتوطيدها.

وقد يكون التعاون السياسي بين الدول الأوروبية لا يزال مرتبطاً بالتنافس على زعامة القارة مثلاً أو على مسائل سياسية أخرى قد لا تكون الظروف ملائمة لحلها بشكلٍ نهائي.

وهذا جعل الحاجة إلى التعاون الأوروبي-الأوروبي تتحول تدريجياً نحو المستوى الاقتصادي، لما ينطوي عليه من إفادة متبادلة، نظراً لتناغم الأنظمة الاقتصادية وتشابهها ونظراً للقرب الجغرافي ولعوامل اقتصادية أخرى.

وهذا ما يفسر إنشاء منظمة الفحم والحديد الأوروبية European Coal and Steel Community بموجب معاهدة باريس سنة 1951. ولقد هدفت هذه المنظمة إلى تطوير التعاون بين الدول الموقعة في هذين القطاعين الاقتصاديين الرئيسيين.

كما وأنشئت سنة 1957 منظمة الطاقة الذرية الأوروبية Euratom بموجب معاهدة روما. وطبعاً، هناك المجموعة الأوروبية نفسها (European Community) والتي وقعت الدول التالية على تأسيسها: فرنسا، ألمانية الغربية (آنذاك)، إيطاليا، بلجيكا، هولندا واللكسمبورغ.

ولقد انضم إلى المجموعة سنة 1973 كل من بريطانيا، إيرلندا والدانمارك. كما انضمت اليونان سنة 1981 وإسبانيا والبرتغال سنة 1986.

 ومن الأسباب الموجبة التي ذكرتها إتفاقية إنشاء منظمة الفحم والحديد الأوروبية الآتي: "تأكيداً على أنه يمكن إنشاء أوروبا عبر خطوات عملية تثبت تضامنها وتؤدي إلى تطوير التعاون الاقتصادي فيها، وحرصاً على استبدال الصـراعات المزمنة الناتجة عن المصالح الخاصة والخلافات الدموية بالتعاون الاقتصادي الذي يؤسس لتشكيل مؤسسات تواجه القدر المشترك ... تمّ القرار على إنشاء منظمة الفحم والحديد الأوروبية".

وما هذه الديباجة إلا دليل ساطع على حاجة الدول الأوروبية لتكريس وتوثيق التضامن في ما بينها، وقد بدأ ذلك بمنظمة للفحم والحديد وتوسع ليصل إلى حدود جمركية مفتوحة وعملة أوروبية موحدة وإجراءات تنظيمية متنوعة أخرى.

لذلك، ينتظر أن تكون أوروبا الموحدة قادرة على احتلال أحد أهم المواقع المتقدمة اقتصادياً في العالم. والأرقام الآتية تقارن بين دول المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية واليابان:

         

 

عدد السكان (مليون نسمة)

الناتج القومي   (مليارات $)

نسبة البطالة (%)

المجموعة الأوروبية

321.1

3230.7

12

الولايات المتحدة

240

6171.9

7.2

اليابان

120.7

1754.4

2.6

 

إحصاءات 1985: المصدر OCDE, Eurostat.

 

العملة الأوروبية الموحدة: اليورو

إن فكرة توحيد النقد الأوروبية ليست جديدة إذ جرت محاولات سابقة متعددة لكنها لم تؤد إلى النتيجة المرجوة. ففي سنة 1970، أعلن رئيس وزراء اللكسمبورغ (السابق) بيار فورنير عن خطة تتضمن ثلاث مراحل لتحقيق الوحدة النقدية خلال عشر سنوات.

وتضمنت الخطة الاقتصادية التي تقدم بها تحديد هامش الصرف بين العملات الأوروبية في ما بينها، من ناحية، وبينها وبين الدولار الأميركي، من ناحية ثانية. إلا أن هذه الخطة لم تلق الدعم السياسي والاقتصادي الأميركي، وظهر ذلك لدى اتخاذ الرئيس ريشارد نيكسون قراراً سنة 1971 يتناول تعليق تحويل قيمة الدولار. ولقد أدى ذلك إلى تعويم العملة الأميركية وإلى إجهاض المحاولة الأوروبية الناشئة.

وفي سنة 1992، قدمت معاهدة "ماستريخت" خطة نقدية متكاملة حددت الأسس والمعايير والشروط الاقتصادية المفروض تأمينها فضلاً عن المراحل التدريجيـة لتطبيق الوحدة.

أهم الشروط التطبيقية التي وضعتها المعاهدة للدول الأوروبية هي الآتية:

أولاً: يجب ألا تتجاوز نسبة التضخم 1.5 بالمئة وأن تتمتع الدول الأوروبية باستقرار عال للأسعار والعملات. وتجدر الإشارة إلى أن مسألة الثبات النقدي يجب أن تكون حصيلة حركة الدورة الاقتصادية بمعنى ألا تكون مصطنعة. علماً أن الإخلال بهذه المبادئ من شأنه أن يؤدي إلى فرض غرامات مالية على الدولة الأوروبية وذلك بموجب "ميثاق الاستقرار النقدي".

ثانياً: على الدولة أن تكون قد انضمت إلى نظام الصرف الأوروبي منذ سنتين على الأقل.

ثالثاً: يجب ألا يتخطى عجز الموازنة العامة السنوية 3 بالمئة من الناتج القومي. كما يجب ألا تزيد نسبة الدين الحكومي العام عن 60 بالمئة من الناتج القومي.

رابعاً: على نسب الفوائد بسندات الخزينة الطويلة الأمد ألا تتخطى 2 بالمئة، فضلاً عن معدل نسب الفوائد لثلاث دول تتمتع بأدنى نسب تضخم.

يُذكر أن معاهدة "ماستريخت" تؤكد إلزامية مشاركة كل دولة الأوروبية تحقق هذه الشروط في مشروع الوحدة الاقتصادية والنقدية، ما عدا بريطانيا والدانمارك اللتين مُنحتا حق الانضمام أو عدمه.

 

مراحل اليورو

توسعت معاهدة "ماستريخت" بفضل مراحل وضع العملة النقدية الأوروبية الموحدة موضع التطبيق التدريجي، على هذا الشكل:

- المرحلة الأولى: تتناول تحرير تدفق رؤوس الأموال والتعاون بين الدول الأوروبية الأعضاء في الأمور الاقتصادية والنقدية والضرائبية. وامتدت هذه المرحلة من 1 تموز 1990 حتى كانون الثاني 1994.

- المرحلة الثانية: تتعلق بالانتقال إلى الوحدة النقدية وتبدأ منذ كانون الثاني 1994 حتى 1 كانون الثاني 1999. وتتضمن هذه المرحلة تطبيق عدة إجراءات منها إنشاء المؤسسة النقدية الأوروبية كخطوة أولى باتجاه البنك المركزي الأوروبي الذي سيكون مكلفاً بإصدار العملة الموحدة.

كما وتتطلب هذه المرحلة البدء بتحقيق استقلال البنوك المركزية الأوروبية عن حكوماتها. من ناحية ثانية، تتضمن هذه المرحلة تعميق وتكثيف التواصل بين الدول الأعضاء في مختلف النواحي الإقتصادية.

- المرحلة الثالثة والأخيرة تتناول إتمام الوحدة النقدية الأوروبية بشكلها النهائي، وذلك عبر تحديد الدول الأوروبية، وإدخال اليورو إلى الأسواق والتداول به كعملة حسابية.

وتبدأ هذه المرحلة في الأول من كانون الثاني 1999 وتنتهي مطلع العام 2002. ومن المنتظر أن يقوم وزراء المال الأوروبيون بتدشين العمل باليورو في 1 كانون الثاني 1999 بعد تصديقهم على أسعار التحويل والصرف الثابتة.

ولقد دخلنا عملياً في المرحلة الثالثة بعد إقرار القمة الأوروبية الاستثنائية التي انعقدت في 2 أيار 1998 عن ولادة اليورو، ضمن مرحلة انتقالية تستمر لثلاث سنوات وتبدأ مطلع كانون الثاني 1999. ولقد انضمت 11 دولة أوروبية إلى مشروع الوحدة النقدية، وهي: ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، فنلندا، إيطاليا، هولندا، البرتغال، إسبانيا، اللوكسمبورغ، إيرلندا والنمسا.

أما الدول الأوروبية التي استُثنيت من المشروع النقدي الضخم هذا، فهي الدانمارك بناءً لطلبها، وبريطانيا التي كانت استُثنيت أثناء وضع المشروع والتباحث بمعاهدة "ماستريخت" سنة 1991-1992. كما استُثنيت اليونان لسبب أوضاعها الإقتصادية العامة والسويد بسبب رفضها الانخراط بالمشروع أساساً.

التاريخ

السنة

الحدث

2-3 أيار

1998

القمة الأوروبية تختار الدول الأعضاء لليورو وتحدد أسعار صرف وتحويل العملات الأوروبية في ما بينها.

31 كانون الأول

1998

تثبيت أسعار الصرف والتحويل من العملات الأوروبية إلى اليورو.

1 كانون الثاني

1999

بدء إعتماد اليورو.

1 كانون الثاني

2001

الموعد المتوقع لانضمام اليونان لليورو.

1 كانون الثاني

2002

بدء تطبيق عملات اليورو الورقية والنقدية.

1 تموز

2002

وقف مفعول العملات الوطنية كعملات قانونية.

 

كما اختارت القمة الأوروبية إيّاها محافظ البنك المركزي الهولندي، فيم دويزنبورغ، كأول رئيس للبنك المركزي الأوروبي.

ويبيَن الجدول التالي أبرز التواريخ والمواعيد المرتبطة بالمرحلة الانتقالية للعملة الموحدة، اليورو:

 

المصدر: The Economist, April,1998

هذه أهم المواعيد الزمنية المرتبطة بتنفيذ مشروع الوحدة النقدية الأوروبية والتي يفترض، لدى اكتمال حلقاتها ومراحلها، أن تحمل في طياتها تغيرات اقتصادية ونقدية متنوعة تؤثر على حركة التبادلات الاقتصادية العالمية، بعد أن تكون أثَرت بشكـل كبير وملحوظ على الحياة الاقتصادية الأوروبية الإقليمية.

إن توحيد العملة النقدية بين 11 دولة متقاربة جغرافياً، واستبدال العملات الوطنية بها بالترافق مع سياسات انفتاحية، وحدود جمركية مفتوحة وحركة تبادل تجاري واسعة النطاق، كل ذلك من شأنه أن يخلق ديناميكية أوروبية داخلية جديدة سترفع سقف التحديات الاقتصادية وتزيد من تداخلها.

إن الشروط والمعايير الاقتصادية القاسية نسبياً التي فرضتها معاهدة "ماستريخت" على الدول الراغبة بالانضمام إلى العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، تهدف بالدرجة الأولى إلى المحافظة على مستوى قيمة النقد الجديد قبل إنزاله إلى أسواق التداول.

فالاختلاف في طبيعة الأنظمة الاقتصادية الأوروبية، والتباين في القدرات الإنتاجية المحلية من دولة لأخرى، يحتّم إعادة صياغة شروط اقتصادية ومالية ونقدية تؤسس لتوازن وتوازي بين الدول وتحول دون حصول اختلالات هيكلية تعيد مسألة الوحدة النقدية إلى الصفر.

لا بل إن حصول أية اهتزازات نقدية واقتصادية كبيرة، خلال أو بعد تطبيق اليورو،

سوف يطيح بالمشروع إلى أجيال مقبلة، مما قد يبدّد الوحدة السياسية المرجوة والتي تعتمد على الوحدة النقدية والتقارب الاقتصادي كأقرب طريق لها.

من هنا، فإن تطبيق العملة الأوروبية الموحدة سوف يحتّم على الدول التي تتمتع باقتصاد وطني قوي كألمانيا، أن تهتم بالدول الأخرى ذات الإمكانيات الوطنية المتواضعة نسبياً، لا بل إنها مدعوة لمساعدتها اقتصادياً. فإن انحناء المارك الألماني أمام اليورو ينبع أساساً من قرار سياسي، إنما الاستغناء عن قوة المارك على الصعيد الإقليمي الأوروبـي تستلزم مجموعة من الإجراءات النقدية والمالية التي تضمن الانتقال الطبيعي إلى العملة الجديدة دون الإضرار بالمكتسبات التي تحققت على يد العملة الوطنية السابقة.

من هنا، فإن استمرار تقدم عملة اليورو سيكون مرتبطاً، بالدرجة الأولى، بمدى قدرة الدول الأوروبية الراعية لهذا المشروع النقدي على المحافظة على خط التطوير النقدي والإصلاح الهيكلي.

كما ويرتبط هذا التقدم، بشكل أساسي، بالدور المحوري الذي سيلعبه البنك المركزي الأوروبي الذي سيحل تدريجياً محل البنوك المركزية الوطنية. والمطلوب في المرحلة الأولى فصل التوجهات السياسية تماماً عن عمل البنك المركزي الأوروبي، ومنحه الفرصة والدعم لكي يعمل على نيل مصداقية نقدية واقتصادية على النطاق الإقليمي الأوروبي وثم على النطاق الدولي. ولقد أثّر الخلاف السياسي حول تسمية أول محافظ أو رئيس لهذا البنك على هذه الناحية المعنوية بالذات.

ومن المنتظر أن تكون تأثيرات إطلاق اليورو في الأسواق بشكلٍ نهائي سنة 2002 خطوة ذات مفاعيل متنوعة، على الصعيدين الاقتصادي والنقدي وعلى المستويين الإقليمي الأوروبي والدولي.

فمع أن التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية المتنوعة كبيرة، إلا أنه ستكون لدى اليورو القدرة على إعادة صياغة الأسواق المالية الأوروبية والعالمية، وتحويل النظام المالـي الدولي المتعدد إلى نظام ثلاثي أو ثنائي، بحيث تسيطر ثلاث عملات رئيسية أو عملتان على مجمل الحركة الاقتصادية العالمية: اليورو، الدولار الأميركي والين الياباني.

كما وسيرتبط النجاح الدولي للاتحاد النقدي الأوروبي بقدرة اليورو على تطوير وزيادة فاعلية الأسواق المالية الأوروبية. ومن نتائج التحفيز المرجو، تطوير أسواق إئتمانية أوروبية واسعة النطاق، وإعادة هيكلية وتنظيم القطاع المصرفي الأوروبي، فضلاً عن إنشاء نظام دفع أوروبي متكامل.

إن طرح اليورو في الأسواق سوف يعيد خلط الأوراق في القطاع المصرفي، بحيث ستتزاحم المصارف الوطنية في الدول الأوروبية على إصدار السندات باليورو، كما ستحاول بمجملها توسيع دائرة نشاطاتها لتشمل القارة الأوروبية عبر تقديم خدمات مصرفية بالعملة الجديدة.

فإذا تم اعتبار السوق الأوروبية واحدة موحدة، فلقد بلغ حجم السندات والأسهم والقروض المصرفية الأوروبية المتداولة في الأسواق المالية الأوروبية سنة 1995 نحو 27 تريليون دولار، مقارنة بـ23 تريليون دولار للولايات المتحدة الأميركية و16 تريليـون دولار لليابان. إن الاستفادة من هذا التواجد لليورو في الأسواق المالية الدولية، يؤثر على حجم وعمق السيولة في السوق كما ويخفض تكاليف التمويل.

وكون اليورو سيَكون العملة التي لا تتأثر بوجود الحدود الجغرافية بين الدول وبالتالي سيُساهم في اندماج السوق، فإن التبادل عبر الحدود بين أنظمة الدفع المحلية سيرتفع بشكل ملحوظ حتى للدول التي لم تنضم إلى الاتحاد النقدي الأوروبي.

كما أن إدخال العملة الأوروبية الموحدة سوف يسرّع التحولات في أوروبا، ومنها تقليص، إن لم يكن إلغاء، حسنات العملات الوطنية كفوائد القروض المرتفعة، وسيحل محلها خدمات السوق الواسعة.

ويمكن التركيز على بعض النقاط التالية كنتائج رئيسية ناتجة عن التحولات الهيكلية من استخدام اليورو:

- منح المودعين والدائنين الأوروبيين أسعاراً منافسة لناحية الودائع والقروض.

- خدمات مالية أكثر فاعلية.

- استقطاب زبائن إقليميين ودوليين إلى الأسواق المالية الأوروبية.

في الختام، يمكن القول إنه، من الناحية النظرية، ترتكز الوحدة النقدية الأوروبية على مبادئ "نظرية مناطـق العملة المثلى" (Optimal Currency Areas). وتقول هذه النظرية إنه يوجد مكاسب متنوعة من تطبيق عملة عبر الحدود بالمشاركة بين عدة دول، ومنها: زيادة شفافية الأسعار، تخفيض تكاليف الصفقات، زيادة حالة التأكد للمستثمرين وتعزيز المنافسة. كما أن تطبيق سياسة نقدية موحدة من خلال بنك مركزي مستقل، من شأنه أن يؤدي أيضاً إلى استقرار الأسعار وذلك يفيد الدول الأوروبية التي تعاني من التضخم.

من ناحية ثانية، من الممكن أن تؤدي السياسة الموحدة إلى بعض الخسائر والتكاليف إذا كانت تغييرات الفوائد تؤثر بطرق مختلفة على اقتصادات الدول. إلا أن المؤكد أن اعتماد اليورو سيقلّص عوامل الاهتزاز التجاري الناتج عن حركة التحويل من عملة لأخرى، وهذا له تأثير إيجابي على عقد الصفقات التجارية.

فالوحدة النقدية إياها ستحدُّ من قدرة الدولار الأميركي، مثلاً، على التلاعب بعملة دولة صغيرة، من خلال صفقات بترولية أو عقود تجارية كبيرة.

في النهاية، إن المسار الاقتصادي، الأوروبي والدولي، الذي سينتج عن تطبيق اليورو لا يمكن أن يحدد بشكل قاطع وحازم نظراً لتفاعل العوامل والظروف الاقتصادية بطريقة يصعب تحديدها مسبقاً. إلا أن الثابت والمؤكد أن هذه العملية ستحمل في طياتها تغييرات اقتصادية كبيرة ستطال كل أطراف المجتمع الاقتصادي الدولي.

 

 

المراجع العربية

1- جريدة النهار.

2- جريدة الديار.

3- جريدة نداء الوطن.

4- جريدة الحياة.

5- جريدة الشرق الأوسط.

6- مجلة المصارف العربية (أيار 1998 وحزيران 1998).

 

 

English references

1- IMF staff team (1997). International Capital Markets: Developments, Respects and Key Plicy Issues. New York.

2- Newsweek, May 4 1998.

3- The Economist, April 11, 1998.