إقتصاد ومال

العملة الوهمية «Bitcoin»
إعداد: تريز منصور

المركزي منع التداول بها لافتقارها الى الحماية


تروّج عدة مواقع إلكترونية محليّة عملات إلكترونية (وهمية) ولا سيّما عملة «بتكوين» (Bitcoin). وقد حذّر مصرف لبنان المواطنين والمؤســسات المالية والمصرفية من تداولها، خصوصًا أن ذلك يُعرّض مصالحهم لأخطار قد تكون كارثية بالنسبة إليهم، نظرًا الى غياب أي حماية قانونية لهم وانتفاء أي إمكان لاستعادة أموالهم.


ما هي حقيقة هذه العملة؟
نشأت عملة أو شبه عملة «بتكوين» في اليابان أواخر العام 2008، ولم تحصل على تغطية قيمتها من الذهب أو العملات الأجنبية، وليس لها علاقة بالمصارف المركزية. الشخص الإفتراضي الذي اخترع هذه العملة يُدعى ساتوشي باكاموتو، وتدعمه مجموعة لا تظهر أسماء أعضائها علنًا، فيما تطوّع عدد من بائعي الخدمات في اليابان لقبولها كعملة معتمدة مقابل السلع المباعة.
هذه العملة مصنوعة إلكترونيًا على نحو سرّي، ويُمنع تقليدها، وقد بدأ استعمالها للمرة الأولى من أجل شراء قطعة بيتزا، ومنذ ذلك الحين بدأ سعرها يتحرّك صعودًا أو هبوطًا كما هي حال التعاملات المالية في البورصة، (الأوراق المالية، الأسهم، سندات الأوروبوند وغيرها).
بدأت هذه العملة الإلكترونية المستحدثة تستهوي الكثيرين، لأنها لا تحتاج الى طباعة من المصارف المركزية، إنما تُطبع مباشرة بواسطة الكومبيوتر (500 ألف عملية تداول في الثانية بواسطة هذه العملة في اليابان)، لذا بدأ سعرها يرتفع حتى وصل الى ما بين 600 و800 دولار، وفي كانون الأول 2013 إلى ألف دولار.
تدرس الولايات المتحدة في الوقت الراهن أهمية هذه العملة، لكنها لم تحذّر من تداولها لأنها ستضطر حينها إلى التحذير من «أخطار» الأوراق المالية، سندات الخزينة، الأوروبوند، الأسهم وغيرها، التي كانت المسبّب الرئيس للأزمة المالية العامة أواخر العام 2008.

 

لبنان والتحذيرات من عملة «Bitcoin»
حذّر مصرف لبنان في 19 كانون الأول 2013، الجمهور والمصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الصرافة والوساطة المالية، من شراء نقود مماثلة أو حيازتها واستعمالها، مستندًا إلى القرار الأساسي الرقم 7548 تاريخ 30 آذار العام 2000، والمتعلّق بالعمليات المالية والمصرفية بالوسائل الإكترونية، ولا سيّما المادة 3 منه، والتي تحظّر إصدار النقود الإلكترونية (Electronic Money) من أي كان، وتمنع التعامل بها بأي شكل من الأشكال. وأشار المصرف المركزي، إلى الأخطار التي قد تنجم عن التعامل بالنقود الإفتراضية، وخصوصًا الـ«Bitcoin»، وأبرزها:
- إن المنصّات (Platforms) أو الشبكات (Networks) التي يتمّ بواسطتها إصدار هذه النقود وتداولها، لا تخضع لأي تشريعات أو تنظيمات، وفي حال تعرّضت لخسائر فلا يوجد أي إطار حماية قانوني، يؤمّن استرجاع الأموال التي تمّ بها شراء هذه النقود.
- إن هذه النقود غير مصدّرة أو مكفولة من أي مصرف مركزي، وتاليًا فهي معرّضة لتقلّب حاد وسريع في أسعارها والتي يمكن أن تتدنى الى الصفر.
- تسهّل عمليات تداول النقود الإفتراضية النشاطات الإجرامية وخصوصًا عمليات تبييض الأموال وتمويل الارهاب.
- لا يمكن الرجوع عن العمليات أو التحاويل غير الصحيحة وغير الموافق عليها (Incorrect or Unauthorized) المنفّذة بواسطة هذه النقود.
إن ما يبرّر تعميم مصرف لبنان هو كون «Bitcoin» عملة رقمية إفتراضية إلكترونية، بالكامل، أي ليس لها وجود فيزيائي، مع العلم أنه يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى كالدولار أو اليورو ويجري تداولها عبر شبكة الإنترنت فقط، فلا توجد هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، لكن يمكن استخدامها كأي عملة أخرى في الشراء عبر الإنترنت أو حتى تحويلها إلى عملات تقليدية. وقد صادرت السلطات الأميركية في إحدى الحالات من جهاز كومبيوتر ينتمي الى صاحب موقع «سيلك رود» الإلكتروني، الذي يعدّ بمثابة سوق مزدهرة لتجارة المخدرات والأنشطة غير القانونية إلكترونيًا، ما يوازي 28 مليون دولار، من عملة «Bitcoin».
وكخلاصة، إن التعامل بالأموال عبر شبكة الإنترنت، يجعل تداولات العملة أكثر سهولةً ما لم تقترن بمعاملات رسمية ومصرفية، غير أن السعر المرتفع لشبه العملة هذه «Bitcoin»، والأخطار الكبيرة المشار إليها، تجعل من الأفضل الابتعاد عنها، تلافيًا للوقوع في خسائر قد توقع المتعامل في مطبّات مالية هو في غنى عنها، فضلاً عن أنها «عملة غير شرعية» وغير معترف بها رسميًا في لبنان.