عمليات مشتركة

العمليات البرية - البحرية في الأماكن المبنية
إعداد: ندين البلعة

معركة نهر البارد نموذجًا

 

أعدّت القوات البحرية وفوج مغاوير البحر وفوج التدخل الأول بحثًا تحت عنوان «العمليات المشتركة بر- بحر في الأماكن المبنية: تنسيق المناورة ومنظومة القيادة والسيطرة المقترحة على ضوء تجربة حرب مخيم نهر البارد 2007». حضر البحث الذي عرض في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، العميد الركن شربل الفغالي من مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية، العقيد الركن البحري جوزف سركيس معاون قائد القوات البحرية للعمليات المكلّف رفع التقرير، العقيد الركن عبد الكريم هاشم قائد فوج مغاوير البحر، قائد فوج التدخل الأول، بالإضافة إلى ضباط من القطع المعنية بالبحث وضباط دورة أركان وقائد كتيبة.
العقيد الركن البحري جوزف سركيس عرّف بالبحث، مبرزًا أهميته على ضوء تجربة نهر البارد 2007 التي كانت معركة صعبة للجيش اللبناني نظرًا إلى تعدّد الوحدات المشاركة فيها وتواضع الإمكانات.


القوات البحرية: محاصرة ودعم مدفعي
العقيد الركن حسني ضاهر من القوات البحرية قدّم الجزء الذي يخصّ قطعته في هذا البحث، بدءًا بالتعريفات النظرية لبعض المفردات والمفاهيم. وأوضح أن العمليات المشتركة تنفّذها وحدات مختلفة عبر الاستخدام الموحّد والفعال للوسائل تحت قيادة عملانية واحدة، ما يقتضي فهمًا موحّدًا للعملية، ومسؤولية جماعية مشتركة للوحدات، مع التأكيد على روح المبادرة والتركيز على التفوُّق، وقابلية الحركة، وتنسيق أعمال الوحدات وشمولية التنفيذ.
وتناول العقيد الركن ضاهر أهم عناصر القيادة والسيطرة في العملية المشتركة ودور كل منها، موضحًا أن من أهم مكوِّنات منظومة القيادة والسيطرة، البنية التنظيمية لأجهزة القيادة، المرافق، المعدات، الاتصالات، الطاقة البشرية، الإجراءات وتطبيق الأساليب، وأن تنسيق المناورة هو من أهم الوظائف، والهدف تطبيق وحدة القيادة.
في بداية المعركة، حُدِّد دور القوات البحرية بمحاصرة المخيم لمنع تسرّب المقاتلين لجهة البحر. ثم تعاونت هذه القوات مع سلاح المدفعية لضبط الرمايات بخاصة في المراحل الأخيرة للمعركة، بالإضافة إلى الدور الذي أدّته من خلال غرفة العمليات البحرية التي ضمّت رادارًا لرصد المسطّح المائي. وقد لوحِظَ في هذا المجال بعض الأخطاء، فالغرفة كانت بعيدة ما بين 7 و8 كلم عن مكان المعركة، ما حال دون تأمين مشاهدات دقيقة، بالإضافة إلى عدم تمثيل القوات البحرية في غرفة العمليات المتقدّمة، ما أعاق مدّ الزوارق بصور عن الحصار والمعركة، وبالتالي تصحيح الرمايات بشكل دقيق.
وبناءً على ذلك، قدّم العقيد الركن ضاهر بعض الإقتراحات وأوّلها التنبّه إلى تعيين ضابط ارتباط من كل وحدة مشاركة في العملية داخل غرفة العمليات المتقدمة، تفعيل الإستعلام ووسائل المراقبة من رادارات وكاميرات ومناظير ليلية، وأخيرًا تحديث الأسلحة البحرية لتكون قادرة على تقديم الدعم الناري الفعَّال.

 

مغاوير البحر: إحكام السيطرة
لاحظ المقدّم المغوار فادي مخول، رئيس الفرع الثالث في فوج مغاوير البحر، أن من أبرز الأخطار التي واجهها الجيش في معركة نهر البارد، كان إمكان قيام العناصر الإرهابيين بقطع الطرق واحتلال الأماكن الساحلية. من هنا كانت التدريبات على عمليات برمائية ولكن من دون وجود تعليمات خطيَّة أو تصور واضح لنظام القيادة والسيطرة الخاص بهذه العملية التي «لم تكن سابقة التخطيط، بل كانت ردّات فعل واستلحاق لما يجري على الأرض» (بحسب قول العميد الركن شربل فغالي الذي شدّد على أهمية مركزية السيطرة ولامركزية التنفيذ).
اللفيف البرمائي هو القوى البرمائية المنقولة بواسطة المراكب البحرية لاحتلال مواقع على الأرض ومنع العدو من التحرك. وشرح المقدّم مخول مميزات هذا اللفيف: الحركية والمرونة والمفاجأة في عمليات صعبة ومعقّدة ضمن أمر عمليات منظّم وقرار موحّد. ثم شرح مراحل العمليات البرمائية وتنظيم اللفيف وتوزيع المسؤوليات فيه.
ولتوضيح سير العملية البرمائية قدّم المقدّم مخول مثالاً مصوَّرًا عن إحدى العمليات الإفتراضية في منطقة نهر ابراهيم تبرز أهمية النظام المشترك المقترح للإستعلام وللدعم الناري. فقد عانت الوحدات صعوبة في التنسيق في هذا المجال ناتجة عن ضعف في المراقبة، وفي طلب رمايات المدفعية ما يتطلّب ترميز الأهداف وتوحيد أمر العمليات في غرفة تنسيق الدعم الناري.
وتطرّق المقدّم مخول إلى نقاط الضعف التي لوحِظَت في معركة نهر البارد وقدّم بعض الحلول على صعيد الاتصالات بما يتيح حمايتها.
كما اقترح إنشاء لجنة لوضع أسس العمليات البرمائية ومبادئها بالإضافة إلى العمل على تحقيق التجهيزات الضرورية واللازمة وتكثيف التدريبات المشتركة.
فوج التدخل الأول:
 

القتال في الأماكن المبنية
بعد التنسيق مع القوات البحرية وإبرار فوج مغاوير البحر لاحتلال رأس جسر على الشاطئ، يبدأ دور فوج التدخل في القتال في الأماكن المبنية. العقيد الركن خضر حمّود من فوج التدخل الأول، عرّف بالعمليات في المناطق المبنية التي هي من أصعب العمليات، إذ لا تطبّق فيها المبادئ العامة للقتال.
وفي حين حدّد مبادئ القتال في الأماكن الآهلة (بساطة الخطة، إختيار مراحل قصيرة، السيطرة من خلال تقدّم القادة واتخاذ القرارات وتوزيع الأهداف، التطهير التام، المحافظة على قوة الدفاع والهجوم ونار المساندة)، أوضح أن ثمة عدة أساليب للهجوم في القتال في الأماكن الآهلة بحسب وضع العدو وقوّته وأماكن تمركزه ومدى جهوزيته للمواجهة. فكل وضع يفترض أسلوبًا معيّنًا. إلى ذلك، فصّل العقيد الركن حمود أسس التخطيط لهذا النوع من العمليات، ومراحل الهجوم من خلال تقسيم المنطقة إلى قطاعات، عزل المنطقة المبنية، الإقتحام والحصول على موقع قدم، الوصول إلى الأهداف، تطهير المراكز وإعادة التنظيم.
وأورد بعض الاقتراحات إستنادًا إلى الأخطاء التي ارتُكِبَت خلال معركة نهر البارد مضيفًا إلى كل ما ذُكِر سابقًا، أهمية الطائرات العمودية للاستطلاع، أهمية سلاح الجو، القناصين، الإسناد الطبي من خلال بعض الاعتبارات (إجراءات صحية، مسعف ميداني في كل حضيرة، آليات صحية وطوافات للإخلاء، التأكد من مصادر الماء...).

 

اعتبارات خاصة واقتراحات عامة
في مجال القتال في الأماكن المبنية يجب التنبّه إلى بعض الاعتبارت الخاصة: الإعتماد على المشاة والأسلحة الخفيفة، التعاون بين المشاة والدبابات، مهاجمة النقاط القوية من عدّة اتجاهات، تمركز الوحدات اللوجستية على مسافة قريبة من الوحدات المهاجمة، وغيرها من الاعتبارات الدقيقة التي تفرضها طبيعة المدينة ومكان الهجوم.
ومن الإقتراحات التي قدّمها:
- تحديد القيادة العملانية في القوى المشتركة.
- إنشاء معهد تدريبي خاص بالقتال المتقارب وفي الأماكن المبنية.
- تأسيس وحدات متخصِّصة في الدعاية والحرب النفسية.
- ضبط ومراقبة وسائل الإعلام الموجودة بالقرب من أرض المعركة.
- إعادة دراسة هيكلية الوحدات الخاصة.
- تدريب الرتباء على الإمرة.
- التدريب على الإسعاف الميداني، تفكيك المتفجرات، القنص والمهارات الضرورية.
- عدم زجّ أي وحدة في مكان القتال لمدة طويلة.