كلمتي

العَلَم... دائماً
إعداد: العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه

في رفيف العلَم فوق النهر، «النهر الساخن»، وعدٌ بعودة السواقي الصافية الى حقول البلاد، وأمل بزهور يانعة... وهناء. وفي ذاك الرفيف حسرة من العنف الأعمى الذي أصابت شظاياه أرضنا، فسقط من أبطالنا شهيد وشهيد وشهيد... وهم يدافعون عن وطن الرسالات والقيم والجمال. وفي الرفيف انطلاق أبطال جدد يحلّون محل رفاقهم، يتسلّمون الأمانة، ويقسمون أمام الجثمان الطاهر بأنهم سيكملون طريق التضحية، الى الحياة الكريمة أو الى الاستشهاد.
وتهب الريح، وتختلط الألوان، ويرتفع العلَم، وفي الظل المتحرك جنود لا يعرفون الهدوء. المهمة ليست سهلة، والإرادة بالمقابل ليست عادية: لا بدّ من ضرب الإرهاب والحدّ من نشاطه وإزالة شره... والقضاء عليه.
أضرب في الأعالي يا علَم البلاد، مرفرفاً مختالاً ضاحكاً. في أبيضك وأخضرك والأحمر زهو أوفر، وصفاء أفخر، ونقاء أشهر. من ثلوجنا ألوانك، ومن أرزنا، ومن دماء جنودنا. الدم على الأكف، وفي القلوب قسَم، وعلى الأكتاف عتاد قديم يحرص الجنود عليه، وبه يقاومون آلات الإرهاب الجهنمي وأدوات التخريب الخبيث. تنتقل بك السواعد في أرض المعركة من شارع الى شارع ومن جدار الى جدار ومن مبنى الى مبنى، فيتجدد الاستعداد للتضحية، في النفوس، وتزداد القدرة على الانتصار. أما في البيوت والمدارس والساحات فترقص معك هامات الأطفال وسواعد أبناء البلاد جميعاً، افتخاراً وزهواً وثقة بالذات الوطنية الصامدة.
ألستَ أنت علَم الجميع؟ وجيشك هذا، أليس جيش الجميع، ينتصر بهم وينتصر من أجلهم؟ أليست في أولى أولوياته وحدة البلاد شعباً ومعتقدات وأفكاراً وأحلاماً وتطلعات؟ لقد خاف البعض على وحدته يوماً، وها هو اليوم، وفي كل يوم، يؤكدها ويعطي من خلالها الدروس والعبر، ويدعو الى الاقتداء بها. وقلق البعض على قوته يوماً، وها هو اليوم، وفي كل يوم، يطمئنه ويوضح له بالكلمة الشعبية المعبّرة الصادقة «العطاء من اللحم الحي» أنه قوي في الدفاع وقوي في الهجوم. الإيمان بالواجب الوطني هو السلاح الأول، والتضحية بكل غالٍ هي العتاد الأفعل والأكمل والأشمل. هذا العتاد يخلص له الجندي، ويحافظ عليه، ويتكل على فعاليته المتواضعة، معوّضاً عن نواقصه بالإصرار والسهر وحسن الأداء. وهذا الجندي لا ينتظر توافر العتاد العصري المتقدم كي ينفّذ المهمة ويحقق الأمل، فالظروف لا تحتمل الانتظار. كاد الوطن أن يكون في خطر لو لم تهب الوحدات لمواجهة براثن الشر وألسنة النار التي كان في نية المتآمرين أن يحرقوا بها خريطة الوطن، لكن البراثن تحطمت، والنار يتمّ إطفاؤها، وصدور العسكريين هي التي واجهت وهي التي حالت دون وصول اللهب الى وجوه المواطنين.
ورأى الجيش أن لا يحتفل بعيده لسبب وسبب، لكن المواطنين هؤلاء خالفوه الرأي لهذه المرة فقط، ففي النفوس زغردات يريدون نشرها تحية له، وفي القلوب دعوات يريدون إطلاقها حفاظاً عليه، وفي العيون ابتسامات لا يستطيعون حصرها، وقد طفح كيلها ولا بدّ من توجيهها اليه في احتفال هنا ولقاء هناك.
تستأهل يا جيش لبنان، تستأهل. لك الأمر ولك العيد، ولك الغار والمجد والحبّ، وعلى الله وعلى جنودك الاتكال.