صحة ووقاية

الـ«تلاسيميا» مرض وراثي والفحص قبل الزواج يعزز الأمل بالحدّ من انتشاره
إعداد: روجينا خليل الشختورة

أن نسمع عن مولودٍ حديث الولادة مصاب بالـ«تلاسيميا» Thalasemia، أمرٌ يطرح الكثير من التساؤلات حول كيفيّة تسلّل هذا الاعتلال إلى حياة الطفل، ومدى خطورته وما هي طرق علاجه؟
عن هذه التساؤلات وسواها، أجابنا رئيس فرع الأمراض المستعصية والاختصاصي في أمراض الدم والأورام في المستشفى العسكري المركزي، الرائد الطبيب أحمد يونس.

 

بدايةً، عرّف الرائد الطبيب يونس الـ«تلاسيميا» على أنّه اضطرابٌ وراثي في الدم يتسبّب في نقص الهيموغلوبين وانخفاض عدد خلايا الدم الحمراء في الجسم عن المعدل الطبيعي (الهيموغلوبين مادة موجودة في خلايا الدم الحمراء، تسمح بنقل الأوكسيجين إلى أنحاء الجسم)، ما يؤدي إلى الإصابة بفقر الدم. ويُعرف مرض الـ«تلاسيميا» أيضًا بـ«فقر دم البحر الأبيض المتوسط»، نظرًا لانتشاره بشكلٍ كبير في هذه المنطقة.

 

أنواع المرض وعلاجه
الـ«تلاسيميا» نوعان، يضيف الرائد الطبيب يونس، وذلك بحسب الخلل في جين الهيموغلوبين الذي يتكوّن من البروتينات «ألفا غلوبين» و«بيتا غلوبين»، فيأتي المرض على الشكلين الآتيين:
 

• الـ«تلاسيميا» الصغرى أو سمة المرض:
لا يعاني المصاب بها في الغالب أي أعراض أو تكون الأعراض خفيفة جدًّا (فقر الدم الخفيف مثلًا). ويتمّ تشخيص الحالة بإجراء فحص روتيني للدم يُظهر انخفاضًا في معدّل الـMCV. العلاج لا يكون بتناول حبوب الحديد أو الفيتامينات التي تحتوي على الحديد لعلاج فقر الدم كما قد يتبادر إلى الذهن، بل يجب تناول فيتامين الأسيد فوليك عند الشعور بالتعب والإرهاق. وفي حالة المرأة الحامل المصابة، يجب متابعتها طوال فترة الحمل بدقةٍ من قبل طبيبها النسائي.
 

• الـ«تلاسيميا» الكبرى:
هي المرض بحدّ ذاته، لكنّه لا يظهر فورًا عند الولادة. فمظهر الطفل المصاب بالـ«تلاسيميا» لا يختلف عن بقية حديثي الولادة. ولكن مع مرور الأشهر الأولى، يعاني الطفل فقر الدم، ويظهر ذلك بشحوبٍ واصفرار في وجهه، وينخفض مستوى الهيموغلوبين لديه، بالإضافة إلى انخفاض الشهية والتأخّر في النمو. يحتاج الطفل المصاب بالـ«تلاسيميا» الكبرى إلى علاجٍ لمدى الحياة، هو عبارة عن عمليات نقل دم دورية (كلّ 3 إلى 4 أسابيع)، بالإضافة إلى متابعة علاج بدواء طارد للحديد من الجسم.
وأضاف الرائد الطبيب يونس، قد يأتي المرض أيضًا على شكل «تلاسيميا» وسطى، يحمل فيها المريض جينَين خاطئَين من الوالدين، ولكن تكون المضاعفات أقلّ من الكبرى.

 

كيف ينتقل؟
ينتقل الـ«تلاسيميا» من الآباء إلى الأبناء عبر الجينات، فزواج رجل وامرأة حاملَين سمة الـ«تلاسيميا»، ولو كانا غير مصابَين فيه، يجعل احتمال إصابة أطفالهم بهذا المرض بنسبة 25%، وهي نسبة مرتفعة جدًا. من هنا، فإنّ الـ«تلاسيميا» هو من أبرز الأمراض الوراثية التي يجب إجراء الفحوصات الخاصة بها قبل الزواج.
أخيرًا، يشير الرائد الطبيب يونس إلى أنّ مريض الـ«تلاسيميا» يستطيع ممارسة حياته الطبيعية كغيره من الأشخاص العاديين خصوصًا عند تلقّيه العلاج الصحيح، كما يمكنه أن يتعلّم ويعمل ويتزوّج وينجب (على أن يكون شريكه سليمًا وغير حامل للمرض)، ونوّه إلى انحسار حالات الـ«تلاسيميا» الجديدة بنسبة 80% ما يعزز الأمل بالحدّ نهائيًا من انتشار هذا المرض الوراثي، وذلك بفضل حملات التثقيف الصحي والوقاية.