نـوافذ مفتوحـة

الـبـنـدورة في مـهـرجانها الأحــمر
إعداد: باسكال معوض بو مارون

«لا توماتينا» La Tomatina هو المهرجان الإسباني السنوي للبندورة، يقام في الأربعاء الأخير من شهر آب من كل عام، حيث يستعمل المحتفلون حوالى 125 طنًا من البندورة، لرشق بعضهم بعضًا.

 

كيف انطلقت الفكرة؟
تقع مدينة فالنسيا على شاطىء المتوسط شرقي إسبانيا وفيها مرفأ للسفن، وإلى الشرق منها قرية بونول مقر الحدث، حيث يقام مهرجان البندورة لمدة أسبوع كامل تتخلله احتفالات موسيقية، وعروض مسرحية وترفيهية، ورقص وألعاب نارية. وفي الليلة التي تسبق المهرجان يتسابق المشاركون في طبخ الباييلا Paella وهي الأكلة الشعبية الإسبانية الشهيرة.
بدأت القصّة بشكل عفوي العام 1945، حين نشب عراك بالأيدي بين مجموعة من الشبّان في سوق بلدة «بونول»، فاستعان المتعاركون بأكوام البندورة الموجودة على عربات البيع للتراشق في ما بينهم حتى أنهكهم التعب.
لم يتم الإعتراف بالمهرجان رسميًا إلا العام 1952، ومنذ ذلك الحين يتمّ إحياء الذكرى في البلدة نفسها وإنما بصورة سلمية. ومن تقاليد المهرجان أن ترتدي النسوة الأبيض وألا يرتدي الرجال أي قمصان.

 

في قلب الحدث
في صبيحة الأربعاء المحدد يبدأ سكان البلدة البالغ عددهم نحو 10 آلاف نسمة مضافًا اليهم ضعفا عددهم أو أكثر من الزوار والسائحين، بالتجمّع في ساحة البلدة المركزية، حيث يتمّ نصب سارية عالية تطلى بالصابون اللزج من أسفلها وحتّى القمة، وتعلّق عليها قطعة من لحم الخنزير، ثم تبدأ محاولات الشبّان تسلّق هذه السارية اللزجة للوصول الى قطعة اللحم. في الحادية عشرة تمامًا تبدأ مجموعة من الشاحنات القلاّبة المُحمّلة بحوالى 125 طنًا من البندورة الحمراء الناضجة بالزحف نحو الساحة المركزية، فترتفع الهتافات معلنة بداية الاحتفال؛ يعتلي بعض الشبّان الشاحنات ويبدأون برمي بعض الحبّات نحو الأعلى، فتسقط في الشارع ويتلقّفها الحضور المحموم، فتبدأ عملية التراشق الجماعية، حيث لا شروط ولا قواعد للّعبة المفتوحة سوى ضرورة ضغط حبة البندورة باليد قبل رميها تفاديًا لإصابات مؤلمة. ثم تبدأ الشاحنات تفريغ حمولتها تباعًا أمام المتعاركين، وتستمر المعركة لمدة ساعتين كاملتين؛ وعند الواحدة ظهرًا، يكون الحدث قد بلغ ذروته وسالت أنهار من عصير البندورة يسبح ويغوص فيها الصغار والكبار، فتتّجه الجموع إلى النهر القريب للإستحمام فيه وفي الحمامات المؤقتة التي نصبت حوله للمناسبة. وعندما يأتي المساء تعود المدينة الى سابق عهدها وكأن شيئا لم يكن، إذ يكون عمال البلدية قد أنهوا تنظيف الشوارع والساحة المركزية من كل أثر للمعركة الصباحية المحمومة!

 

ما بعد المعركة!

هل يستطيع الإنسان أن ينظف نفسه من بقع البندورة وقشورها؟ يقول احد المشاركين بالمعركة: «استحممت عدة مرات في اليوم ذاته، وكنت كلما استيقظت صباحًا ولعدة أيام متتالية أجد بقعًا حمراء على فراشي الأبيض وفي أثناء الإستحمام تسقط من شعري أو ثنايا أخرى من جسدي قشور وبذور على أرضية الحمام من آثار معركة البندورة.