مواسم وخيرات

الفواكه المجفّفة مصدر مهم للمعادن والطاقة ولكن... حذار الإفراط في تناولها
إعداد: د. حسين حمود
كلية الزراعة - الجامعة اللبنانية

الفواكه المجفّفة هي «خبز الشتاء»، فإلى جانب احتوائها على كميّة عالية من السعرات الحرارية تحوي عددًا كبيرًا من المعادن والفيتامينات وتناولها يزود الجسد الطاقة التي يحتاجها للقيام بنشاط جسدي. لكن من يعانون مشاكل مزمنة في التنفس ينصحون بعدم تناول الفواكه المجفّفة المكبرتة، لأن ثاني أوكسيد الكبريت الذي يضاف لتحسين لونها يمكن أن يؤدي إلى نوبات ربو والتهاب في القصبات الهوائية.

 

من أقدم الصناعات الغذائية
 يعتبر حفظ الأغذية بإستخدام أشعة الشمس المباشرة من أقدم الصناعات الغذائية وقد كان الإنسان القديم يعتمد هذه التقنية كلّما توافرت له كمية كبيرة من سلعة غذائية في فصل من فصول السنة. وتؤكد المراجع التاريخية أن المصريين القدماء برعوا في تجفيف ثمار الفاكهة كالعنب والتين والرمّان والبلح. في ما بعد ظهر التجفيف الصناعي حيث تستخدم الأفران بدلاً من أشعة الشمس.
تقوم عملية التجفيف على خفض نسبة الرطوبة في الأغذية إلى حد معيّن ما يؤدي إلى إبطاء أو منع النشاطات الميكروبية والتفاعلات الكيميائية التي تسبّب فساد الأغذية وفقدان قيمتها الغذائية. وتعتمد طرق التجفيف على استخدام الحرارة بطريقة ما حتى تنخفض كمية الرطوبة في الخضار والفاكهة إلى ما بين 4 و 10 % تقريبًا، ورفع مستوى المادة الصلبة الموجودة فيها (سكّريات وأحماض) إلى حوالى 70-80% من وزنها النهائي.

 

أشعة الشمس أو الأفران؟
يتميّز التجفيف الطبيعي بواسطة أشعة الشمس عن ذلك الصناعي بكونه قليل الكلفة، وسهل التنفيذ، أما أهم عيوبه فتتمثّل في عدم التحكّم بنسبة الرطوبة النهائية للمادة المجفّفة وتعرّضها لفقد بعض مكوّناتها من الفيتامينات وللغبار والندى، بالإضافة إلى تغيّر لونها.
أما التجفيف الصناعي فيتم في أفران خاصة تعرف بالمجفّفات وهي متعدّدة الأشكال. ويتميّز التجفيف الصناعي عن التجفيف الطبيعي بجودة الإنتاج ونظافته وارتفاع قيمته الغذائية، والأهم من ذلك إمكان إجرائه في أي وقت من السنة وخلال مدّة قصيرة.

 

الأهمية الإقتصادية لتجفيف الفواكه
يعتبر التجفيف من أرخص طرق حفظ الفواكه والخضار لانخفاض تكاليف الإنتاج والتوضيب وعدم الحاجة إلى مواد حافظة، كما أن عملية التجفيف تخفّض تكاليف نقل المواد الغذائية وتخزينها كونها تصبح أقل وزنًا وحجمًا. وتبرز الأهميّة الإقتصادية بشكل خاص في حال تجفيف الفواكه في البيت حيث أن كلفة هذه الصناعة المنزلية منخفضة وهي تسهم في رفع الدخل الوطني والفردي.

 

فوائدها كثيرة ولكن...
ينصح بتناول الفواكه المجفّفة قبل القيام بنشاط جسدي لاحتوائها على تركيز مرتفع من السكّر. كذلك، فالفواكه المجفّفة غنيّة بالألياف التي تساعد في علاج حالات الإمساك وتسهم في الحفاظ على نشاط معوي سليم. يضاف إلى ذلك ارتفاع نسبة المعادن في الفواكه المجفّفة وخصوصًا الفوسفات والبوتاسيوم والكلسيوم والمغنزيوم وفيتامينات A وB والحديد والأحماض الدهنية (الموجودة في الجوز والمكسّرات) والحيوية لصحة القلب.
أما أبرز أضرار الفواكه المجفّفة فتتصل بعملية التجفيف ذاتها والتي يتم في بعضها إضافة أوكسيد الكبريت لتحسين اللون إذ يمكن أن يؤدي ثاني أوكسيد الكبريت لدى من يعانون مشاكل مزمنة في التنفس، إلى نوبات ربو أو التهاب في القصبات الهوائية، وإلى ذلك تفقد الفواكه أثناء عملية التجفيف فيتامين C الموجود فيها، عدا السعرات الحرارية العالية جدًا التي تحتويها وتصل إلى ما بين 5 و 7 أضعاف الكمية الموجودة في الفواكه الطازجة. فالمشمش المجفّف يحوي 238 سعرة حرارية لكل 100 غرام بخلاف الطازج الذي تحتوي الكمية نفسها منه 48 سعرة حرارية فقط. من هنا يستحسن استهلاك الفواكه العضوية أي التي مرّت بعملية تجفيف من دون إضافة مواد حافظة، ومراعاة عدم الإفراط في الكمية.

 

خطوات عملية التجفيف الطبيعي
لنجاح التجفيف ينبغي قبل تعريض الثمار لأشعة الشمس مراعاة ما يلي:
1- جني الثمار الناضجة فقط، لأن تجفيف ثمار غير ناضجة يؤدي إلى مواد جافة رديئة الطعم.
2-غسل الثمار، وهو ضروري لإزالة الأوساخ ويتم بالنقع أو باستخدام «رشاشات» المياه.
3- تقطيع الثمار، عادةً يتم تقطيع الكبيرة منها وتنزع البذور.
4- الفرز، وذلك بهدف إنتاج مادة متجانسة ومتساوية في النضج.
5- السلق، تعامل الثمار ببخار الماء أو بالماء المسخّن لدرجة قريبة من درجة الغليان لإتلاف ما تحتويه الثمار من أنزيمات تسبّب تغيّرات غير مرغوبة في المادة المجفّفة من حيث اللون.
6- الغمس في محاليل قلوية، تغمس ثمار الفاكهة كالخوخ والدرّاق في محلول قلوي من الصودا الكاوية بتركيز 10% بعد غليه (وذلك لإزالة الغطاء الشمعي المحيط بالثمرة أو لتشقيق قشرتها والإسراع بعملية التجفيف).
تغمس الثمار في المحلول لمدّة دقيقة واحدة ثم تغسل عدّة مرّات لإزالة آثارالصودا الكاوية.
7- الكبرتة، وهي تعريض ثمار الفاكهة إلى بخار غاز ثاني أوكسيد الكبريت بهدف المحافظة على اللون وإتلاف الأنزيمات والمحافظة على فيتامينات A و C.
تجفيف العنب والتين
تجفيف العنب والتين من أكثر عمليات التجفيف شيوعًا في لبنان ودول الجوار. وهذان الصنفان يشكلان جزءًا مهمًا من المونة التقليدية. في ما خص العنب يفضّل استعمال الأصناف الخالية من البذور، وتتم العملية وفق الآتي:
اختيار العناقيد التامة النضج وتقطيعها إلى أجزاء بالمقص، نشر العناقيد على طاولة التجفيف في الحقول بين شجيرات العنب لتعريضها لأشعة الشمس المباشرة لمدة 8 أيام، ومن ثم قلبها لتعريض الأجزاء الأخرى للشمس ولمدة 12 يومًا، بعد ذلك توضع العناقيد في صناديق خشبية وتخزّن في مكان مقفل غير معرّض للتيارات الهوائية. وقبل تعبئة الزبيب تنزع أعناق العناقيد وتمرّر حبوب العنب المجففة في غرابيل مختلفة لفصل الثمار إلى درجات بحسب حجمها.
لتجفيف التين، تقطف الثمار الناضجة وتنشر في مكان معرّض لأشعة الشمس حتى تجف، ثم تجمع وتخزّن.
وثمة طريقة ثانيـة تقضي بفـلق الثمرة الناضجة إلى نصفين ثم تعـريضها لأشعة الشمس المبـاشرة حتى تجف، ثم تؤخذ الثمـار الجـافة ويعـاد تليينهـا بتعريضها لبخار الماء الساخن قبل ضغطها في صناديق خشبية أو صفائح.