أجهزة القيادة

القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في الجيش اللبناني
إعداد: تريز منصور

مديرية حديثة العهد تكمل مسيرة عريقة من المناقبية واحترام المواثيق والحقوق


لطالما عُرف الجيش اللبناني بمناقبيته وباحترامه لقواعد السلوك التي تفرضها القوانين الدولية، حتى في أشدّ الظروف قسوة، هذه المسيرة العريقة تستمر اليوم، إذ تبذل جهود كبيرة، للمحافظة على صورة الجيش اللبناني وسمعته محليًا وإقليميًا ودوليًا. مديرية القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، في الجيش هي التي تتولى المهمة، ومديرها العميد الركن الياس أبو جودة يتحدّث عنها.


من مكتب إلى مديرية
• متى أنشئت مديرية القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وما الهدف من إنشائها؟

- أنشىء مكتب القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بموجب مذكرة خدمة في 19/10/2009، ومن ثم توسّعت المهمات، فعدّلت التسمية من مكتب إلى مديرية القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وذلك في 3/9/2015.
بداية يوضح العميد الركن أبو جودة أن الهدف الرئيسي من تأسيس هذه المديرية هو مراقبة تطبيق أحكام القوانين الدولية الإنسانية والدولية لحقوق الإنسان، والحفاظ على سمعة المؤســـسة العسكرية أمام المحافل الدولية، والإقليمية والمحلية.
ويضيف: تتضمن هيكلية المديرية عدّة أقسام، يتولّى كل منها إنجاز جزء من العمل. لكننّا نسعى إلى المزيد من التخصّصية عبر اعتماد أساليب الإدارة الحديثة، وهذا ما دفعنا إلى إعداد تصوّر لهيكلية جديدة، يتيح إعادة توزيع المهمات بشكل يتوافق مع المعايير الدولية المُعتمدة في هذا الإطار، وهذا المشروع قيد الإنجاز.
في ما يتعلّق بمهمات المديرية، يشير العميد الركن أبو جودة إلى أن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان هما فرعان منفصلان من فروع القانون الدولي العام. يطبّق الأوّل في حالات النزاعات المسلّحة الدوليةّ (بين دولتين) وغير الدولية بين الجيش النظامي للدولة ومجموعات مسلّحة منظّمة داخل الدولة. أما الثاني فيطبّق في زمني السلم والحرب على حدٍّ سواء، في أثناء
تنفيذ مهمات الأمن الداخلي.
تتصل مهمات المديرية، بالقوانين كما يتضح من تسميتها، وهي تتولى مراقبة إدماج ما وقّعته الدولة اللبنانية من اتفاقيات في ما خصّ القانون الدولي الإنساني وقانون النزاعات المسلّحة أو قانون الحرب. ضمن القوانين والأنظمة العسكرية العامة، ولا سيّما المادة 16 من النظام العسكري.
ويضيف: تقوم المديرية بنشر القانون الدولي الإنساني في الجيش وتقدّم المشورة للوحدات العسكرية في ما يتعلّق بتطبيقه. كما تتولى التنسيق مع مديرية التعليم لإدماج مادة القانون الدولي الإنساني ضمن برامج التعليم على جميع المستويات، ومواكبة الدورات التدريبية التي تقام للتعرّف على القانون الدولي الإنساني ومبادئه، فضلاً عن دورات تأهيل المدربين في مجال القانون الدولي الإنساني التي تنظّمها مديرية التعليم، والتنسيق مع مديرية العمليات لجهة لحظ القانون الدولي الإنساني ومبادئه في أوامر العمليات. كذلك، تطلع المديرية على ما توقّعه الدولة اللبنانية من معاهدات واتفاقيات تختصّ بالقانون الدولي الإنساني وبقانون حقوق الإنسان، وبحظر وتقييد استعمال بعض أنواع الأسلحة، وأي سلوك آخر في أرض المعركة، من أجل مواءمة الأنظمة العسكرية مع هذه المعاهدات والاتفاقيات.
وتحرص المديرية على تأمين التنسيق بين قيادة الجيش والمنظمات الدولية والجمعيات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية التي تُعنى بالقانون الدولي الإنساني وبقانون حقوق الإنسان، لإبراز دور الجيش في هذا المجال، والحفاظ على صورته وعدم النيل من سمعته.


متابعة دائمة
• أحيانًا نسمع شكاوى أو ادعاءات حول تعرّض موقوفين أو سواهم لممارسات تتنافى مع قواعد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ما هو دور المديرية في هذا السياق؟
- تعمل المديرية على التحقّق من كل ذلك، وفي حال كانت الادعاءات محقّة يجري العمل على معالجة الوضع فورًا. كما أن المديرية تقوم بزيارات للسجون التابعة لوزارة الدفاع الوطني، للتأكّد من أوضاعها ومن أوضاع الموقوفين وظروف الإحتجاز، وبالتالي مراقبة مدى التزام قانون حقوق الإنسان، والتقيّد بموجباته. وفي حال وجود انتهاكات، يتمّ توثيقها وتنظيم قاعدة بيانات لها. كذلك، تعمل على معالجة أي ادعاء بانتهاك حقوق الإنسان من قبل الجيش في وسائل الإعلام وذلك بالتعاون مع مديرية التوجيه
ويضيف: تشمل مهماتنا أيضًا، متابعة أوضاع المفقودين وجثث الأشخاص المشمولين بحماية القانون الدولي الإنساني في منطقة عمليات قوى الجيش، وحفظ المعلومات المتعلّقة بالعثور على جثث نتيجة الكوارث الطبيعية والحروب، ومتابعة المعلومات المتعلقة بجثث العسكريين وأوضاع المفقودين وحفظها، بالتنسيق مع الأجهزة واللجان المعنية في الجيش. وتنسّق المديرية مع المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام من أجل توثيق المعلومات المتعلّقة بضحايا القنابل العنقودية والألغام وسائر القذائف والأجسام غير المنفجرة في جميع الأراضي اللبنانية، كما أنها تراقب مدى تقيّد العدو الإسرائيلي بقوانين الحرب وأعرافها واحترامه لاتفاقيات القانون الدولي الإنساني التي وقّعها، وتوثّق الانتهاكات التي يقوم بها ضدّ لبنان، وتعُدّ تقريرًا بها.


نشاطات وإجراءات
• سبق أن أخبرتنا أن مهمات المديرية تغطي فرعين من فروع القانون الدولي العام، الأول متعلّق بالقانون الدولي الإنساني والثاني يختصّ بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، عمليًا كيف تجري الأمور؟
- لقد تمّ استحداث وظيفة مستشار القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان لدى حضرة العماد قائد الجيش. هذه الوظيفة يتولاها مدير «القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان» وقد تمّ استحداثها استنادًا إلى اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول الملحق بها. كما أنه يندرج ضمن المسؤولية المترتبة على القادة والرؤساء. وكما هو معلوم، فإن ارتكاب أي مخالفة جسيمة لأحكام اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية، يعتبر جريمة حرب، ومرتكبها يحاسب أمام القانون الوطني أولاً (قانون القضاء العسكري)، وفي حال عدم ملائمة العقوبة الوطنية للمخالفة المرتكبة، يحاكم أمام المحاكم الدولية، على الرغم من أن لبنان ليس طرفًا في المحكمة الجنائية الدولية.
كذلك، تمّ استحداث وظيفة مستشار في دائرة الشؤون القانونية في الغرفة العسكرية وغرفة العمليات في أركان الجيش للعمليات.
مع الإشارة إلى أنه من الضروري أن يكون المستشار القانوني، ضابطًا حائزًا على إجازة في الحقوق، العلوم السياسية، أو العلوم الاجتماعية والإنسانية. كذلك، تمّ افتتاح دورات تدريبية لطلاب الجامعات الرسمية والخاصة في مادة القانون الدولي الإنساني.
ويضيف العميد الركن أبو جودة: ثمّة نشاطات ما تزال قيد الإنجاز، منها: تعديل مناهج التدريب، المرجع التدريبي لمادة القانون الدولي الإنساني في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان (دورة أركان- دورة قائد كتيبة)، والكلية الحربية (دورة آمر سريّة- التلامذة الضباط) ومدرسة الرتباء (تلامذة الرتباء). وبالتنسيق مع مديرية التعليم يتمّ تنظيم، محاضرات حول استعمال الأسلحة المتفجرّة في الأماكن المأهولة. يضاف إلى ذلك، التفتيش على مختلف قطع الجيش ووحداته حول تطبيق التعاميم المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني (أبرزها توزيع: أقراص معدنية للتعريف عن العسكريين، ومطبوعات تتعلق بالمبادىء العامة لسلوك العسكري في الجيش اللبناني، وتعميم شارات الحماية الخاصة في أثناء أي نزاع مسلّح).
وفي مجال حقوق الإنسان هناك العديد من النشاطات، منها: زيارات تفتيشية للسجون العسكرية، مواكبة اللجنة الدولية في زياراتها لهذه السجون من أجل تطبيق مبادىء حقوق الإنسان وخصوصًا لجهة تحسين الأوضاع الصحية والظروف الحياتية للموقوفين، بالإضافة إلى تنظيم ندوات حول الرعاية الصحية في أماكن الاحتجاز، ومحاضرات حول الأطر القانونية المتعددة المطبّقة في الظروف المختلفة للعنف، ووضع تعليمات تصرّف دائمة حول الإجراءات الواجب اتخاذها في حال إضراب السجناء المدنيين عن الطعام، وتنظيم ورش عمل حول استخدام القوة خلال عمليات تطبيق القانون.


توازن بين الضرورات الأمنية والمعايير الدولية
• ماذا تتضمن خطة العمل التي وضعتها المديرية للعام 2017، وما هي أهدافها؟
- وضعت المديرية خطة عمل لهذا العام في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان، والهدف منها تحقيق التوازن ما بين الضرورات الأمنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وقد تضمّنت هذه الخطة عدّة نقاط رئيسية، وهي: تأهيل السجون العسكرية ونظارات التحقيق في المناطق لتتلاءم مع معايير الرعاية الصحية والنظافة، بناء سجون نموذجية متطابقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وفق المخطّط المعدّ لسجن الشرطة العسكرية في الريحانية، إعداد مرجع تدريبي لمادة القانون الدولي لحقوق الإنسان وإدراجه في المناهج التدريبية الخاصة بالمعاهد والكليات العسكرية، إدماج الاتفاقيات الدولية الخاصة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان التي صادق عليها لبنان، في القوانين والتعليمات العسكرية، تفعيل آلية المحاسبة لانتهاكات أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتعاون مع المؤسـسات الدولية العاملة في هذا المجال، ومع وزارتي العدل والداخلية وقوى الأمن الداخلي والأمن العام.
ويشمل التعاون تطوير تعليمات إدارة السجون العسكرية وتأهيل العناصر البشرية المولجة بإدارتها، وإعداد مدوّنة سلوك خاصة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل ومحاضرات في جميع المواضيع المتعلقة بحقوق الإنسان (اللاجئون، الفئات المستضعفة، الطفل، المرأة، الاتجار بالبشر، المفقودون...)، وتطوير آليات التحقيق من خلال اعتماد أساليب ووسائل حديثة متوافقة مع المعايير الدولية للتحقيق الجنائي.

 

المؤسسات الدولية التي يتمّ التعاون معها تتعاون المديرية مع العديد من المؤسسات الدولية المعنية بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. ويشمل هذه القانون:
اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأمم المتحدة المفوّضية السامية لحقوق الإنسان، المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة – المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا UNODC، والسفارات الأجنبية (الولايات المتحدة الأميركية المملكة المتحدة القائم بأعمال السفارة الهولندية في لبنان) HAN- MAURITS SHAAPVELD، المعهد الدفاعي الأميركي للدراسات القانونية الدولية  DILLS، بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان (دائرة حقوق الإنسان) ومكتب المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان UNSCOL.