إقتصاد ومال

القروض البيئية الطاقوية خطوة متقدمة نحو بيئة نظيفة وآمنة
إعداد: تريز منصور

تتجه دول العالم قاطبة إلى الترشيد في استعمال الطاقة وإلى اعتماد المشاريع الصديقة للبيئة في العديد من المجالات. في لبنان ثمّة اتجاه إلى دعم هذه المشاريع من خلال قروض ميسّرة. وقد أصدر مصرف لبنان عدة تعاميم في الأعوام الأخيرة، تحثّ القطاع المصرفي على توفير القروض الميسّرة للمشاريع الصغيرة والاستثمارات الصناعية والسياحية الجديدة، إضافة الى دعم القروض السكنية والتعليمية والقروض المخصصة لمشاريع صديقة للبيئة مثل المشاريع العقارية الخضراء والطاقة المتجددة والسياحة البيئية وغيرها... ما هي هذه المشاريع وكيف تتمّ عملية الإقتراض والدعم والتسليفات؟ عدة أسئلة أجاب عنها المدير التنفيذي لوحدة التمويل في مصرف لبنان السيد وائل حمدان.


الطاقات المتجددة
• كيف أُطلقت المبادرة الوطنية لتفعيل الطاقة والطاقات المتجددة، وما هي المشاريع التي تندرج ضمن المبادرة الوطنية للتخفيف من الضرر البيئي وتوفير بيئة نظيفة؟
- أطلق مصرف لبنان العام 2009، سلّة حوافز لدعم الإقتصاد اللبناني، ولكن لم تكن في حينها مفصّلة ومعمّقة، وركّزت بشكل أساسي على مشاريع تدوير النفايات ومعالجتها، كما تمّ التركيز على قضية تجميل القرى من خلال العودة إلى التراث اللبناني في البناء، (اعتماد تلبيس الحجر والقرميد) بالإضافة إلى إقامة الحدائق، واعتماد السخانات الشمسية.
وفي بداية العام 2011، أعرب بعض المؤسـسات الدولية والمحلية، عن رغبته في المساعدة من أجل إطلاق برنامج وطني حول المشاريع البيئية الطاقوية، يشمل المؤسـسات والأفراد في لبنان.     
وقد تمّ توقيع بروتوكول التعاون بين هذه الجهات ومصرف لبنان الذي أصدر التعاميم والآليات الضرورية لحسن سير العمل.
ويجري العمل اليوم بين مصرف لبنان وعدة جهات منها:
- وزارة الطاقة والمياه، من خلال مشروع الطاقة الشمسية، الذي يموّل على خمس سنوات وبفائدة صفر في المئة، ويحصل هذا القرض على دعم يبلغ 200 دولار أميركي. ولقد تمّ تمويل نحو 500 وحدة أو سخان شمسي لغاية اليوم، فيما الرقم المستهدف من المشروع هو 22 ألف وحدة.
- الإتحاد الأوروبي الذي قدّم منحة بقيمة 15 مليون يورو، منها 12 مليون لدعم مشاريع توفير الطاقة والطاقة المتجددة (المشاريع البيئية الطاقوية). ويستفيد من هذا الدعم مؤسسات وأفراد، كما يتمّ تخصيص جزء من المبلغ المذكور لدعم قروض كفالات (المخصصة للمشاريع الإنتاجية الزراعية والصناعية والسياحية)، وثمّة جزء آخر مخصص لدعم القروض التي تستفيد مباشرة من حوافز مصرف لبنان للقرض البيئي.

 

القروض الممنوحة
• كيف تستفيد القروض الصديقة للبيئة الممنوحة في مجال الطاقة من منحة مصرف لبنان والإتحاد الأوروبي؟

- تمنح القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والحدّ الأقصى للقرض هو 1.5 مليار ليرة لبنانية أي مليون دولار أميركي، ومدة تسديده تصل إلى العشر سنوات. تستفيد هذه القروض من منحة بنسبة 15 في المئة (ولمرة واحدة فقط) من قيمة القرض في حال كان يعود إلى أحد القطاعات غير الإنتاجية التي لا تستفيد من دعم الدولة اللبنانية للفوائد المدينة  (قروض القطاعات السياحية والطبية والخدماتية والأكاديمية والعقارية). وتنخفض النسبة إلى 5 في المئة (ولمرة واحدة فقط) من قيمة القرض الممنوح للقطاعات الإنتاجية (المشاريع الزراعية والصناعية والسياحية) والمستفيدة من دعم الدولة اللبنانية للفوائد المدينة.   
ويوضح حمدان أن  الدعم يكون على الشق البيئي الطاقوي من المشروع. وتصرف المبالغ بواسطة المصرف مانح القرض، وذلك عند الإنتهاء من تنفيذ الأعمال المتعلقة بتوفير الطاقة والطاقة المتجددة والأبنية الخضراء، وبعد القيام بالتحقق التقني من قبل إحدى المؤسـسات المتخصصة.
مثلاً: إذا كانت قيمة القرض لمشروع بناء مصنع (يستفيد من دعم الدولة) مليون دولار أميركي (الحد الأقصى للقرض)، فإن نسبة الدعم للجزء البيئي من المشروع سوف تبلغ 5 في المئة أي ما يساوي 50 ألف دولار أميركي، بينما نسبة الدعم للجزء البيئي من القرض (مليون دولار) لمشروع بناء مستشفى (لا يستفيد من دعم الدولة) هي 15 في المئة، أي ما يعادل 150 ألف دولار أميركي.   
والجدير بالذكر هنا، أن جميع القروض البيئية بحاجة إلى موافقة مسبقة، باستثناء قروض كفالات المدعومة والتي تستفيد منها القطاعات الصناعية، الزراعية والسياحية، والتي خفّض مجلس الوزراء اعتبارًا من أوائل العام 2011 نسبة دعم قروضها من 7.5 في المئة إلى 4.5 في المئة.

 

المشاريع الصديقة للبيئة
المشاريع الصديقة للبيئة هي كما يوضح حمدان:
١- مشاريع الطاقة التي تندرج ضمن «المبادرة الوطنية لتفعيل الطاقة والطاقات المتجددة» (National Energy Efficiency and Renewable Energy Action) ومنها مشاريع توفير الطاقة (Energy Saving) والطاقات المتجددة (Renewable Energy).
٢- مشاريع في غير مجال الطاقة والتي تكون غايتها:
- المساهمة في حماية البيئة أو التخفيف من الأثر البيئي ومن التلوّث، مثل معالجة النفايات ومياه الصرف الصحي وإعادة التدوير (Recycling) والأبنية الخضراء (Green Buildings).
- السياحة البيئية والزراعة العضوية (Ecotourism) وتركيب القرميد وتلبيس الحجر وتنسيق الحدائق.
وردًا على سؤال يوضح حمدان أن فترة السماح تراوح بين الستة أشهر والأربع سنوات للمشاريع الجديدة، وبين الستة أشهر والسنتين للمشاريع القائمة المنوي تحويلها إلى مشاريع صديقة للبيئة، أما التسديد فيكون خلال عشر سنوات وبفائدة متدنية، مشيرًا إلى بعض الفروقات التي يستتبعها نوع المشروع، وإلى مستندات وشروط ينبغي توافرها.
وأكد السيد حمدان أخيرًا «أن المبادرة الوطنية للتخفيف من الضرر البيئي، قد انطلقت بمشاركة جميع المؤسـسـات المعنية، من خلال برنامج المركز اللبناني لحفظ الطاقة (Lebanese Center For Energy Conservation LCEC). وإننا لسنا اللاعبين الوحيدين في هذا المجال، بل هناك ضرورة لمشاركة القطاع الخاص، وذلك من خلال إقامة المؤتمرات، والندوات الهادفة إلى توعية الرأي العام، حول أهمية المشاريع البيئية الطاقوية، مؤكدًا أن عدد المستفيدين أصبح كبيرًا اليوم، ولكن الفرص التي ما زالت متوافرة كبيرة.
   
تعريفات
• الأبنية الخضراء: يُراعى في بنائها احترام الشروط البيئية، مع التركيز على كيفية التقليل من استخدام الطاقة، وإمكان الاستفادة من موارد الطبيعة (الشمس والرياح ومياه الأمطار)، واستخدام مواد أُعيد تدويرها.
وقد بدأ هذا الاتجاه يكتسب زخمًا في الولايات المتحدة، إذ تصمّم الأبنية الخضراء وفق معايير حماية البيئة، ويتوقع  نمو سوق مواد البناء الصديقة للبيئة في العالم الى نحو 406 مليار دولار امريكي بحلول العام 2015، مدعومًا بالعديد من العوامل منها: زيادة الوعي البيئي، وارتفاع تكاليف الطاقة وإدراك فوائد  المباني الخضراء على المدى البعيد.
ويمكننا القول إن تكلفة البناء الأخضر مرتفعة قليلاً مقارنة بالبناء العادي، لكن على المدى الطويل تعتبر التكلفة التشغيلية أقل، كما توفر للمستخدمين حياة أفضل، واستخدامًا أقل للطاقة، ما يخفّض فاتورة الكهرباء والغاز والماء إلى نسبة تقترب من 20 في المئة مقارنة بالبناء العادي، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على البيئة والاقتصاد عمومًا.

 

• الزراعات العضوية: تحافظ الزراعة العضوية على البيئة، فهي تقلل من تلوّث المياه بالمبيدات والمواد الكيميائية. كما انها تحدّ من استخدام الطاقة غير المتجددة والمواد المصنّعة، وبالتالي تحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري، وفي الوقت عينه تساهم في بناء قوام التربة وتعزيزه، وتجعلها مساحة حيّة تنمو فيها الحيوانات والكائنات المفيدة ، وأخيرًا توفّر الغذاء الصحي للإنسان.     

 

• تدوير النفايات: استرجاع النفايات أو إعادة تدويرها موجود منذ القدم في الطبيعة، ففضلات بعض الكائنات الحية تعتبر غذاء لكائنات حية أخرى، وقد مارس الإنسان عملية استرجاع النفايات منذ العصر البرونزي، حيث كان يذوّب مواد معدنية لتحويلها إلى أدوات جديدة.
ومنذ أن أدركت المجتمعات المشاكل البيئية، فإن العديد من البلدان اتخذت إجراءات لتدوير النفايات، وكذلك الحدّ من انتشار النفايات الخطيرة.
ولعملية تحويل النفايات منافع كبيرة جدًا ومنها أنها تحمي الثروات الطبيعية، وتقلّص انتاج النفايات، وتوفّر فرص عمل جديدة، كما أنها تحدّ من استنزاف الموارد الطبيعية.

 

• القرميد: يمنع القرميد تسرّب المياه والأمطار، وألوانه لا تتغيّر مع مرور الزمن، إضافة إلى أن وزنه خفيف جدًا، مما يعني انه لا يحمّل البناء أثقالاً إضافية ترهق الأساسات. ويقاوم القرميد الرياح العاتية والرطوبة ويحافظ على البرودة في داخل البناء خلال فصل الصيف.    

 

• معالجة الصرف الصحي: قد يظن البعض أن معالجة المياه تتمّ فقط للحصول على الماء الصالح للشرب، لكن الذي لا يعلمه الكثيرون هو أن مياه الصرف الصحي والصناعي، تعالج أيضًا أو على الأقل من المفروض أن تعالج قبل طرحها في البحر أو النهر، تفاديًا للضرر البيئي.

 

• الطاقة المتجددة: هي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية التي تتجدد أو التي لا يمكن ان تنفذ. وتُنتج الطاقة المتجددة من الرياح والمياه والشمس، كما يمكن إنتاجها من حركة الأمواج والمد والجزر أو من طاقة حرارة أرضية.
ومصادر الطاقة المتجددة، تختلف جوهريا عن الوقود الأحفوري من بترول وفحم وغاز طبيعي، أو الوقود النووي الذي يستخدم في المفاعلات النووية. ولا تنشأ عن الطاقة المتجددة في العادة مخلفات كثاني أوكسيد الكربون أو غازات ضارة، وهذه الطاقة لا تسبّب زيادة الانحباس الحراري، كما يحدث عند احتراق الوقود الأحفوري أو المخلفات الذرية الضارة، الناتجة من مفاعلات القوى النووية.
وقد انتشر أخيرًا ما يعرف باسم تجارة الطاقة المتجددة، وهي نوع من الأعمال التي تدخل في تحويل الطاقات المتجددة إلى مصادر للدخل والترويج لها.
وعلى الرغم من وجود الكثير من العوائق غير التقنية التي تمنع انتشار الطاقات المتجددة بشكل واسع مثل كلفة الاستثمارات العالية البدائية وغيرها... إلاّ أن هناك ما يقارب 65 دولة تخطّط للاستثمار في الطاقات المتجددة، وقد عملت على وضع السياسات اللازمة لذلك.

 

• تزيين الحدائق: من شأن شجرة واحدة متوسطة الحجم، تأمين ما يكفي من الأوكسيجين لعائلة مؤلفة من أربعة أفراد مدة سنة كاملة.
وإن غرس 20 مليون شجرة يمنح للأرض وسكانها 260 مليون طن من الأوكسيجين، وينقي الهواء من 10 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون.

 

• الســياحــة البيئيــة: ظهر مصــطــلح الســــيــاحة البيــــئيــة «Eco  Tourism» منذ مطلــع الثمانينـيــات من القــرن العشرين، وهــو مصطلـــح حديث نسبـيًا، جاء ليعبّر عن نوع جديــد من النشاط السياحي الصديق للبيئة، الذي يمارسه الإنسان، محافظًا على الميراث الفطرى الطبيعي والحضاري للبيئة التي يعيش فيها، ويمارس فيها نشاطه وحياته، وهو في هذه الممارسة والحياة ليس حرًا مطلقًا، يفعل ما يشاء بدون حساب، بل هو حر مسؤول عما يفعله، وهو يعيش في إطار المعادلة الآتية:
السياحة البيئية، هي عملية تعلم وثقافة وتربية تحترم البيئة، وبذلك فهي وسيلة لتعريف السياح بالبيئة والانخراط بها، أما السياحــة المستدامــة فهي الاستغلال الأمثل للمواقـــع السياحية من حيث دخول السياح بأعداد متوازنة للمواقع السياحية، على أن يكونوا علــى علــم مسبق ومعرفة بأهميـة المناطــق السياحيــة والتعامل معها بشكل ودي، وذلك للحيلولــة دون وقــوع الأضرار على الطرفين.