اقتصاد ومال

القطاع السياحي انتعش هذا العام مذكراً بأيام عزه
إعداد: تريز منصور

عدد السائحين ازداد نحو 13 في المئة وأبرز الشكاوى زحمة السير وانقطاع الكهرباء والمياه

تحتل الصناعة السياحية حالياً المرتبة الأولى في العالم، اذ تمثل 8.5 في المئة من الاقتصاد العالمي، كما أن 11 في المئة من سكان العالم يعملون في القطاع السياحي.

أما بالنسبة للقطاع السياحي اللبناني فهو طالما لعب دوراً أساسياً في الاقتصاد الوطني وقد تمكن أخيراً من استعاة دوره تدريجاً، وأرجع الى الذاكرة أيام العز حيث يشكل لبنان اليوم، المقصد الأمثل للأشقاء العرب كموئل للراحة والاستجمام. فبيروت عادت مدينة لا تنام، وعاد الاصطياف الى قرانا، اذ دخل لبنان سنة 2004 ما يقارب المليون و54 ألف سائح حتى نهاية شهر أيلول، أي بزيادة 13 في المئة، مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي.

ويشهد لبنان منذ سنوات، وخصوصاً على صعيد الاستثمار السياحي، تدفقاً مالياً كبيراً، مما أدى الى ارتفاع وتيرة الطاقة الاستيعابية الفندقية الى نحو 17 ألف غرفة، بينما من المتوقع طرح ثلاثة آلاف غرفة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة.

تحقيق هذا الإنجاز السياحي يعود الى تعاون الوزارات المعنية والإدارات العامة والبلديات والقطاع الخاص؛ من جهتها أمنت وزارة السياحة في السنوات الأخيرة وخصوصاً هذا العام، جهوزية تامة على مدار الساعة، من أجل توفير الراحة للسواح وتأمين كافة طلباتهم، كما أنها وفّرت المنشورات الإعلامية والإعلانية المتنوعة في المناطق اللبنانية كافة. وهي اليوم، تتابع المسيرة سعياً وراء زيادة عدد السواح في الأعوام المقبلة بنسبة 25 في المئة لكل عام، كما تعمل على ترويج وتسويق لبنان في معظم دول العالم.

لكن رغم كل هذه الجهود، فالسياحة في لبنان تحتاج الى الدعم الرسمي المباشر والى انشاء هيئة وطنية سياحية قادرة على اتخاذ القرارات السياحية بسرعة متناهية.

كيف يقيّم كل من وزير السياحة (السابق) الدكتور علي عبدالله والمدير العام للوزارة الدكتورة ندى سردوك، الموسم السياحي للعام 2004؟ وما هي خطط وزارة السياحة المستقبلية، والعقبات التي تواجه عملها؟

(إشارة الى ان هذا التحقيق أجري قبل تشكيل الحكومة الجديدة).

 

د. عبدالله: رغم الظروف الإقليمية لبنان استعاد دوره السياحي

وزير السياحة(السابق) الدكتور علي عبدالله قال: إن السنة السياحية 2004 لم تنته لغاية اليوم، ولكن يمكننا التأكيد، أنها أفضل بكثير من السنة الماضية. وباعتبار أن لبنان بلد سياحي بامتياز ويملك مقومات سياحية عديدة وهامة، فإن حلم وزارة السياحة زيادة أعداد السواح الوافدين إليه بنسبة 25 في المئة سنوياً، للوصول بالعدد الى أربعة ملايين سائح.

لتحقيق ذلك، وجب علينا وضع خطة شاملة، تتضمن الاستثمارات السياحية في المناطق اللبنانية كافة خصوصاً وأن معظم هذه الاستثمارات قد نمت في الماضي في العاصمة بيروت ومنطقة جبل لبنان، لذلك نجد أن معظم السواح يتوجهون الى فنادق بيروت وضواحيها.

ومن الضروري أيضاً العمل على تحفيز التنمية المناطقية، من خلال خلق عناصر جذب سياحية مثل: السياحة الريفية، والسياحة البيئية، والسياحة الدينية، والسياحة الثقافية... اضافة الى تفعيل وتأهيل الأنواع السياحية المتوافرة أصلاً كالبحر، والأماكن الأثرية.

وأضاف د. عبدالله: لقد تمكن القطاع السياحي رغم الظروف الإقليمية الصعبة وغير المستقرة، من استعادة دوره تدريجياً، وأرجع الى الذاكرة لبنان الذي عرفناه مطلع السبعينيات، فبلدنا اليوم هو المقصد الأمثل للاشقاء العرب كموئل للراحة والاستجمام، وذلك بفضل طيب مناخه وبيئته المميزة، وتنوعه الثقافي والسياحي، فلبنان مزج التراث بالمعاصرة، ليظهر أصالته العريقة وحداثته المتفردة.

لقد استقطب لبنان كما ذكرت سابقاً,  ووفقاً لإحصاءات المديرية العامة للأمن العام,  مليون و54 ألف سائح,  أي بزيادة 13 في المئة,  مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي. وهذا ما يبشر بزيادة عددية متوقعة بنهاية العام,  والتي لن تقل عن 30 في المئة أي بما نسبته المليون و400 ألف سائح.

وأوضح د. عبدالله أن لبنان يشهد تدفقاً مالياً كبيراً على صعيد الاستثمار السياحي,  مما أدى الى ارتفاع وتيرة الطاقة الفندقية نحو 17 ألف غرفة,  بينما من المتوقع طرح ثلاثة آلاف غرفة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة,  يضاف الى ذلك الشقق المفروشة.

وأشـار وزير السياحة (السابق) الى دراسة إحصائية أعدتها الوزارة هذا العام,  بحيث تم توزيع نحو ألف استمارة على السواح من قبل طلاب كلية السياحة,  وتتضمن هذه الاستمارات أسئلة عديدة تتمحور حول أسباب زيارة لبنان,  وعن أية طريق,  والبـلدات التي زارها السائح,  وانطباعاته حـول الزيارة,  وأبـرز المشاكل التي واجهـته,  وعـما اذا كان ينوي العودة العام المقبل...

والهدف من هذه الدراسة توضيح الرؤية السياحية التنموية لدى وزارة السياحة,  وتبيان نقاط الضعف ونقاط القوة التي تكمن في خطتها السياحية,  والتي يجب ان يتم العمل على أساسها.

وقـال د. عبدالله: إن هذه الدراسة سـوف تكون أشمل في المستقبل,  ولكن تـنفيذها يحتاج الى طاقم بشري كبير,  في حـين أن الوزارة تعمل ضمن امكاناتها البـشرية المحدودة,  في ظل سياسة التقشف,  وعدم التوظيف. وقال إن عدد طاقم وزارة السياحة يبلغ نحو 180 موظفاً يتوزعون بين الضابطة السياحية (23) والشرطة السياحية (34) ومصالح التجهيز وغيرها,  في حين أن وزارة أساسية في الاقتـصاد تحتاج أقـله الى 300 موظـف.

وأضاف: تبين لنا من خلال هذه الدراسة وإحصاءات الأمن العام أن السواح السعوديين احتلوا المرتبة الأولى,  في حين احتل الكويتيون المرتبة الثانية والأردنيون المرتبة الثالثة. كما احتل الفرنسيون المرتبة الثانية بينالسواح الأوروبيين. لكن هذه النسب لا ترضي طموحنا,  لا سيما وأن عدد السعوديين مثلاً الذين يغادرون السعودية سنوياً,  ولثلاث مرات متتالية,  يبلغ نحو ثلاثة ملايين سعودي,  اقتصرت حصة لبنان منهم على 160 ألف سائح في العام 2003,  و250 ألفاً في العام 2004 (العدد قابل للزيادة حتى نهاية العام).

لذلك,  فإن الوزارة كما ذكرت تعمل على خلق عناصر جذب للسواح,  وتقوم بترويج لبنان في الخارج,  من خلال استضافة وفود من وكالات السياحة والسفر العربية والاجنبية بهدف تعريفهم بما في لبنان من معالم وأماكن سياحية.

وقال أخيراً,  إن عمل الوزارة يبقى محدوداً وناقصاً من دون دعم رسمي للسياحة في لبنان,  ومن دون هيئة وطنية للسياحة يرأسها رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء,  وتضم جميع الوزارات والادارات العامة المعنية بهذا القطاع,  ومنحها كافة الصلاحيات الأساسية,  لاتخاذ القرارات المناسبة,  لا سيما في مجال الاستثمار السياحي,  وفي تحديث القوانين,  ومنح تأشيرات الدخول وغيرها من الأمور التي تتأثر بالروتين الاداري,  وتعيق عمل القطاع السياحي.

 

د. سردوك: بعد حلم استمر 02 عاماً عاد إسم لبنان على الـخارطة السياحية الدولية

مدير عام وزارة السياحة الدكتورة ندى سردوك تحدثت عن عمل الوزارة فقالت: تعمل وزارة السياحة منذ أعوام وفق خطة سياحية استراتيجية هادفة الى زيادة عدد السواح,  وتقوم بتنفيذ بنودها على الأرض. وهذه

الأمور التطبيقية تترجم من خلال تواجدنا في المؤتمرات والمعارض الخارجية. وكذلك من خلال استضافتنا للصحافيين ووسائل الإعلام المرئية,  ووكالات السياحة والسفر العربية والأجنبية,  بغية التعرّف على لبنان. وهذه الخطوة أعطت ثمارها الإيجابية,  بحيث أن هناك العديد من المقالات الصحافية,  والريبورتاجات التلفزيونية تحدثت عن لبنان الجمال,  لبنان الحضارة والإنسان... وأظهرته بأبهى حلله في الخارج. والنتائج الايجابية كانت إدراج اسم لبنان على قائمة المقاصد السياحية التركية والإنكليزية والألمانية والإيطالية. وهذا الإنجاز الهام,  تعمل عليه وزارة السياحة منذ عشرين عاماً تقريباً,  ومن شأنه زيادة عدد الوفود الأجنبية الى لبنان في المستقبل.

وفي هذا السياق,  فإن وزارة السياحة تحضّر لاستضافة وفود من وكالات السياحة والسفر اليونانية والروسية والفرنسية والإيطالية,  وفي هذا الإطار سوف تعقد وكالات السياحة والسفر الإيطالية مؤتمرها السنوي في بيروت خلال شهر أيار 2005.

وأضافت: إن عمل وزارة السياحة الحالي,  لا يقتصر فقط على عملية ترويج لبنان,  بل يركز على جمع وكالات السفر الأجنبية مع الوكالات المحلية,  بغية توقيع اتفاقات بينها تنص على تأمين عدد معين من السواح.

وعن الاستعدادات التي قامت بها الوزارة لاستقبال السواح خلال العام 2004,  قالت سردوك: في ما يتعلق بتأمين الراحة للسواح تتولى الوزارة الاشراف والرقابة على الفنادق لناحية جهوزيتها وصحة تقديماتها وعملها,  وذلك وفقاً لدرجتها (خمسة نجوم أو أربعة...) وكذلك التأكد من عمل وكالات السياحة ضمن أفضل الشروط,  وفي هذا الإطار ألغت الوزارة كافة الوكالات المتعثرة وهي في حدود الـ200 وكالة,  هذا إضافة الى مراقبة عمل المطاعم ومحلات تأجير السيارات. وكل ذلك يتم بالتنسيق مع النقابات والفعاليات والقطاعات المعنية.

من جهة أخرى,  تنتج وزارة السياحة المواد الإعلامية,  وقد بلغ عدد المطبوع منها هذا العام نحو 40 موزعة بين التعريف على المناطق اللبنانية,  والخرائط,  ودليل الفنادق والمطاعم والملاهي الليلية والأسواق التجارية... ولقد حرصنا على توفيرها وبكميات كبيرة في المناطق اللبنانية كافة.

الى ذلك تنسق الوزارة مع البلديات بغية تسهيل أمور السواح,  وفي هذا الإطار افتتحت مكاتب لها في مختلف المناطق وكانت وما زالت على جهوزية تامة طيلة الـ24 ساعة.

وأشارت سردوك الى الامكانيات المحدودة لوزارة السياحة فقالت إن موازنة وزارة السياحة تبلغ نسبتها 0.01  في المئة من قيمة الموازنة العامة,  أي بما يوازي الثلاثة مليارات ليرة لبنانية,  في بلد مثل لبنان,  يعتبر واجهة سياحية ممتازة في منطقة الشرق الأوسط.

ولفتت الى مساهمة القطاع الخاص الذي أبدى تحسساً كبيراً بالمسؤولية للعمل السياحي في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة,  والذي ساهمت ديناميكيته في تخطي الكثير من المصاعب. كما أشارت الى أن القطاع الخاص أمن كلفة الانتاج الاعلامي السياحي.

وحول عدد السواح الوافدين الى لبنان,  قالت سردوك أنه إضافة الى المليون و 54 ألف سائح الذين زاروا لبنان حتى آخر أيلول,  ثمة أعداد كبيرة من السوريين واللبنانيين الذين بلغ عددهم نحو ستة ملايين,  فيما كان نحو أربعة ملايين في العام .2003

وحول أعمار السواح واهتماماتهم وما يشتكون منه,  قالت سردوك: بينت نتائج الدراسة التي أجرتها الوزارة أن 60 في المئة من السواح الذين زاروا لبنان هم من فئة الشباب ولا يزيد عمرهم عن الـ40 عاماً. وبالتالي يمكننا وضع عنوان للسياحة في لبنان وهو "سياحة رجال أعمال شابة ومثقفة",  هدفها الترفيه وزيارة الأماكن السياحية والتراثية والتسوق.

أما الشكوى فتركزت حول زحمة السير والانقطاع في التيار الكهربائي والمياه.

وعن خطط وزارة السياحة المستقبلية في ظل التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية قالت: إن الوزارة أنجزت وما زالت تنجز برامج سياحية عديدة أبرزها,  دليل السياحة البيئية وهو الأول من نوعه في العالم العربي,  وعنوانه"لبنان كما لا تعرفه" وهو يتم بالتعاون مع 300 بلدية. كما أن الوزارة قد أصدرت مجموعة من المنشورات للسياحة البيئية على صعيد القضاء والقرى,  تضمنت معلومات عن  300 قرية,  وأبرزت خرائطها وأهم منتوجاتها وكيفية تمضية العائلة فيها يوماً بأكمله.

واضافت قائلة: إن الوزارة أعدت مشروعاً سياحياً للعام 2005,  يقضي بوجود لبنان كضيف شرف في "فوار" وهو مهرجان أوروبي هام في مدينة كان.

وختمت أخيراً بالقول: إن وزارة السياحة تعمل ضمن خطة استراتيجية مركزة على مدار السنة وضمن إمكانياتها,  مركزة على الحملات الدعائية والترويجية والنشاطات الموسمية. ولكن ينقص الوزارة شيء أساسي وهو الدعم السياسي الكبير لكي تستمر,  ولقد لمسنا جزءاً منه من قبل الرئيس العماد إميل لحود.

تصوير:  المجند بشير محيي الدين