القطاع العام اللبناني بين الحوكمة والخصخصة

القطاع العام اللبناني بين الحوكمة والخصخصة
إعداد: أ.بياريت فريفر
باحثة

المقدّمة

يعرّف الإصلاح الإداري على أنّه "عملية تفعيل الإدارة العامة للقيام بواجباتها، وفي طليعتها السهر على تنفيذ القوانين وضمان الخدمات العامة بأقصر وقت ممكن وبأقل كلفة ممكنة[1]".

غدا الإصلاح الإداري همًّا يشغل بال الحكومات المتعاقبة منذ بناء الجمهورية اللبنانية، خصوصًا بعد ازدياد أدوار الدولة، وتعقّد ظروف الحياة وتشعّبها، وازدياد حاجات المواطن اللبناني، الذي بات يرزح تحت ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية صعبة. كما عانت الدولة كثيرًا الصراعات والويلات والحروب المتنقلة على أرضها، عندها اضطرت لأن تنصرف للدفاع عن أمنها وحدودها لتأمين الاستقرار وإعادة الأمان والانصهار.

بالإضافة إلى ذلك، تعاني الدولة عجزًا في الخزينة وازدياد أرقام الدين العام الناتج عن تضخّم حجم النفقات العامة وانخفاض الإيرادات. ويعود سبب ذلك إلى تغلغل الفساد والهدر في أروقة الإدارات والمؤسسات العامة، والخلل في تركيبة النظام الضريبي، والخسارات الفادحة في بعض منشآت القطاع العام ومرافقه، وغير ذلك من المشكلات التي تنغمس الدولة في إيجاد حلول لها ولكن من دون جدوى.

هل فشلت حقًا الدولة في أداء مهامها بإدارة قطاعاتها الإنتاجية؟ وهل يمكن لعملية الخصخصة والقطاع الخاص أن ينتشل القطاع العام من أزماته وكبواته المتلاحقة؟ وهل تكون الحوكمة الحل الجذري لمشكلات الركود والفساد والإنهيار؟

 

أوّلًا: أدوار الدولة

تعتبر الدولة‏ رمز السلطة وهي تجسّدها بأدواتها المختلفة ومؤسساتها‏، حيث تقوم بتنظيم العلاقات بين الأفراد وفق القوانين والتشريعات التي تفرضها،‏ كما تقوم بفرض السياسات التي تراها مناسبة بغية تأمين استمرارية المجتمع وتطويره.

إنّها "المؤسسة السياسية والاجتماعية المنبثقة من المجتمع والتي تملك وحدها الحق في ممارسة القوة وباسم القانون بذريعة حماية الأمن المجتمعي".[2]

تعدّدت أدوار الدولة ووظائفها واختلفت بين الأنظمة السياسية، إلّا أنّها ظلّت صاحبة السلطة والمسؤولة عن استمرارية المجتمع والمحافظة عليه، وبيّنت التطورات التاريخية أنّ للدولة دورًا أساسًا في تنظيم أوجه الحياة المختلفة من سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية...

فهي التي تضمن لأبنائها الأمن والحماية وتعمل على رعايتهم وتأمين متطلباتهم الأساسية، وتحرص على تطبيق الأنظمة والقوانين التي تضعها في سبيل تحقيق غايات المجتمع وأهدافه. وهي المشرّع الأول والأساس للقوانين والأنظمة، والساهرة على تطبيقها عبر سلطاتها وأجهزتها، كما تؤمّن حدود الوطن من أي اعتداءات وتحميه من الاضطرابات الأمنية.

بالإضافة إلى ذلك، تضطلع الدولة بأدوار بارزة في تحقيق التنمية من خلال تأهيل البنى التحتية وتطويرها وبناء المرافق العامة، وتوفير السلع والخدمات، ومواكبة التطورات، إلخ...

ونظرًا لازدياد احتياجات المواطنين وتعقّدها، وازدياد التفاوت الاجتماعي والاقتصادي بين الطبقات، بات للدولة والقطاع العام أهمية بارزة في رعاية أبنائها وتخفيف التفاوت بينهم وتأمين متطلباتهم المتنوعة. هذا الأمر استدعى اتساع أنشطتها في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. 

 

١- الدور الاقتصادي للدولة

تؤدي الدولة دور المنتج إلى جانب دورَي الموزّع والمنظّم. ولتحقيق الدور الأول تقوم بإنتاج سلع وخدمات تسويقية تبغي من خلالها الربح، على سبيل المثال، إنتاج الكهرباء، تأمين وسائل النقل والمواصلات، والاتصالات، والإنترنت، إلخ ... كما تقوم بإنتاج سلع وخدمات عامة موجّهة إلى جميع أفراد المجتمع من دون مقابل حيث تسعى من خلالها إلى الارتقاء بحياة الفرد نحو الأفضل والعمل على تحقيق التنمية وتعزيز النمو الاقتصادي، تتناول هذه السلع والخدمات مجالات مختلفة تطاول التعليم والصحة والسكن والغذاء والأمن وغيرها....[3]

بالإضافة إلى ذلك، تضطلع الدولة بدور الموزّع والمنظّم، فهي تتدخّل في الحياة الاقتصادية عبر عدّة سياسات وإجراءات تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي، ومراقبة الأسواق ودعم التنمية ومتطلباتها، بالإضافة إلى أهداف أخرى تضعها السلطات العليا. فهي تقوم بسنّ التشريعات والقوانين اللازمة لحماية النشاط الاقتصادي وتنظيم العلاقات بين الأطراف الفاعلة، ولضمان استقرار الأسواق وحماية الإنتاج إلى جانب حماية حقوق كل من المستهلك والمنتج معًا. كما تلجأ إلى تأميم بعض المنشآت الخاصة بغية المشاركة في الإنتاج المحلي، والتأثير على الأسعار في الأسواق منعًا لحدوث حالات تضخّم أو احتكارات، وللمحافظة على فرص العمل القائمة أو تلك المهددة في الصرف من منشآت غير قادرة على الاستمرار في نشاطها الاقتصادي. [4]

لهذا، تعتمد الدولة مجموعة من السياسات الاقتصادية التي من شأنها التدخّل في الشؤون الإقتصادية وحمايتها من التقلّبات وأبرزها: السياسة المالية والضريبية، السياسة النقدية والمصرفية، السياسة الخارجية (التصدير والإستيراد)، سياسة الأجور، وسياسة القطع.

 

٢- الدور الاجتماعي للدولة

بعدما كان دور الدولة يقتصر على الأمن والدفاع عن أرضها، وتمويل بعض مشاريع البنى التحتية من دون أن يكون لها أي أدوار أخرى، باتت اليوم الضامن الأساس لمختلف مفاصل الحياة. فهي التي توفّر الخدمات التعليمية والصحية والرعاية لأبنائها، كما تعمل على تخفيف التفاوت الاجتماعي بين الطبقات، وتحاول أن تساوي بين جميع المواطنين في حصولهم على مختلف التقديمات الاجتماعية.

كما تهدف الدولة من خلال أدوارها الاجتماعية إلى الارتقاء بالإنسان إلى مستويات حياتية فضلى، فهي تؤمّن التعليم للجميع على اعتبار أنّ التعليم هو بوابة التقدّم والتطوّر. كما تقدّم الرعاية الصحية لأبنائها كافة من طبابة وإستشفاء ورعاية المسنين وضمان الشيخوخة،... بالإضافة إلى ذلك، فهي تسعى إلى التخفيف من بؤس المحتاجين وعوزهم عن طريق منح تعويضات بطالة، تقديمات اجتماعية، بدلات سكن، ... كل هذا من شأنه أن يعزّز حياة الفرد ويحقق التنمية الاجتماعية التي بدورها تسهم في استمرارية المجتمع وتطوّره.

يمكن تعريف الدور الاجتماعي للدولة على أنّه: "ما يجب أن تقوم به مؤسسات الدولة من تدخلات لحماية مواطنيها اقتصاديًا واجتماعيًا من خلال التدخّل سياسيًا وتشريعيًا بوضع السياسات وسنّ التشريعات اللازمة لتنظيم قوى السوق وإصلاح الإختلالات الناجمة عن عملها لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الاستقرار الاجتماعي، من خلال توفير شبكات الأمن الاجتماعي ضد المخاطر والأمراض الاجتماعية كالفقر والتهميش والفوارق الجوهرية وتوفير المواد الداعمة والخدمات العامة والحد من الآثار السلبية للعولمة[5] ".

 

ثانيًا: مشكلات القطاع العام

يعاني القطاع العام اللبناني مشكلات عديدة تجعله يتلاشى وينهار، وتتأثر به شرائح المجتمع كافة. وأهمّها:[6]

 

- تجاوز القوانين والأنظمة: إنّ عدم إحترام القانون والالتزام بتطبيقه يولّد الكثير من المخالفات الإدارية والمسلكية، والتي بدورها تؤدي إلى إضعاف المصلحة العامة وتعزيز الفساد.

 

- غياب الثقافة السياسية أو الوعي السياسي: التي من شأنها معرفة مدى امتلاك الفرد للوعي الكافي لترشيد سلوكه واختياراته وقراراته السياسية.

 

- غياب التشريعات اللازمة وغموض بعضها يؤدي حتمًا إلى استغلال البعض هذا الفراغ القانوني وتفسيره بما يتلاءم مع المصالح الخاصة، عندها تضمحل المصلحة العامة لصالح المنافع والخدمات الخاصة.

 

- تخلّف الوسائل والأساليب الإدارية: المتمثّل في استعمال أنظمة وأساليب وأدوات تقليدية من شأنها أن تولّد البطء في الإجراءات والمعاملات التي تمتد أحيانًا لأشهر عندها، الأمر الذي يجعل المواطن يعدل عن الحصول على خدمته المطلوبة أو يلجأ لأسلوب الرشوة.

 

- نقص كفاءة الموظفين: يمثّل الموظف العمود الفقري بتشغيل المرافق العامة وتنفيذ سياسات الدولة، لذا من الضروري أن يتم اختياره وتعيينه بما يتلاءم مع مؤهلاته العلمية والعملية بغية تحقيق الانتاجية المطلوبة. إنّ أي نقص في كفاءة الموظف يرتد سلبًا على سلوكه وأدائه الوظيفي، الأمر الذي ينعكس سلبًا على الإدارة. أمّا أسباب نقص الكفاءة فتعود إلى عدة عوامل ومنها:

• سوء اختيار الموظفين الناتج عن التوظيفات العشوائية والمحسوبيات السياسية والأقارب ...

• بيع الوظائف الشاغرة في القطاع العام.

• غياب الإعداد والتدريب للموظفين.

• النقص في المهارات والخبرات.

• الرفض من أصحاب المعارف والخبرات والكفاءات العالية العمل في القطاع العام نتيجة تدني الرواتب.

 

- غياب الرقابة: إنّ أجهزة الرقابة غير فعّالة وهي غير قادرة على المساءلة والمحاسبة وعلى ضبط المخالفات. ويعود سبب ذلك إلى حجم التدخّلات السياسية والمحسوبيات والصغوطات التي تتعّرض لها مختلف هذه الأجهزة، الأمر الذي يسمح بتغطية العديد من ملفات الفساد والمفسدين. بالإضافة إلى ذلك، إنّ أغلبية الشكاوى المقدّمة من المواطنين تُلقى في أدراج المعنيين ولا يُبت إلّا القليل منها.

 

- البيروقراطية والروتين الممل: إنّ مركزية القرار تجعل من اتخاذ القرارات أمرًا معقدًا ويحتاج إلى الوقت، وهذا الأمر يفقد الخدمات جودتها ويسمح للمواطن بدفع الرشاوى بغية الحصول على مطلبه بأسرع وقت.

 

- ضعف البنى التحتية: تعاني أغلبية المباني الحكومية افتقارًا في البنى التحتية، فالبعض منها مستأجر ولم يكن أصلًا مخصّصًا لاستعماله كإدارة عامة بل بناءً سكنيًا وغير مجهّز بالتقنيات اللازمة التي من شأنها تسيير شؤون الوظيفة، ناهيك عن التقادم وسوء الحالة والنقص في أعمال الصيانة والتأهيل، وعدم وجود المواقف. على الرغم من هذا الوضع المتردي، إلّا أنّ الخزينة تتكبّد الكثير من التكاليف لدفع بدلات إيجار هذه المباني.[7]

 

- عدم القدرة على ضبط الفساد: إنّ الافتقار بالحصول على المعلومات، وعدم توافر تقارير دورية تصف الأعمال والأنشطة والإنجازات من مختلف الإدارات العامة، كما أنّ فقدان ثقة المواطن بأجهزة الدولة في التحقيق بعمليات الفساد يجعله يعدل عن تقديم الشكاوى والمطالبة بحقه. كل هذه الأمور تعدم القدرة على ضبط الفساد ومنفذيه.

 

- إنعدام الابتكار والتجديد: إنّ عدم انخراط عناصر بشرية كفوءة وجديرة في القطاع العام نتيجة انخفاض الرواتب والعائدات المالية، ومحدودية التقنيات والتكنولوجيا المستخدمة، وازدياد حجم النفقات العامة والدين العام، وضعف الاستثمارات التوسّعية، والبيروقراطية وغيرها من الأسباب يعدم الابتكار والتجديد في القطاع العام.

 

- تفشّي ظاهرة الفساد الإداري وتغلغلها في أروقة الإدارات العامة: إنّها ظاهرة استغلال الوظيفة العامة ونفوذها لتحقيق مكاسب شخصية مادية أو معنوية بشكل يتعارض مع القوانين، سواء تمّ ذلك بشكل فردي أو جماعي. يتميّز الفساد الإداري بوصفه تعبيرًا عن انتهاك الواجبات الوظيفية وممارسة خاطئة ترفع من شأن المنفعة الشخصية على حساب المصلحة العامة.

 

ثالثًا: سبل المعالجة

تبدأ سبل المعالجة مع ممارسة السلطات الرسمية دورها في الاشراف والرقابة والتدخّل وسنّ القوانين والتشريعات وغير ذلك. من ثمّ، العمل على نشر ثقافة الإدارة الرشيدة أو الحوكمة التي تصبو إلى بناء إدارة عامة سليمة، سواء أكان ذلك بجهود الدولة أم بالشراكة مع القطاع الخاص.

في ما يأتي لمحة عن أدوار السلطات الرسمية في المراقبة ومكافحة الفساد، ودور الحوكمة والخصخصة في تعزيز قدرات القطاع العام وتطويره. 

 

1- أدوار السلطات الرسمية

تتمتع غالبية السلطات الرسمية في لبنان بصلاحيات تخوّلها محاربة الفساد ومراقبة أعمال القطاع العام بدءًا من السلطة التشريعية والتنفيذية، مرورًا بالسلطة القضائية وديوان المحاسبة، وصولًا إلى دور مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي.

 

أ- السلطة التشريعية: للسلطة التشريعية دور هام في مكافحة الفساد والمراقبة، فهي تمتلك موقعًا أساسيًا في الحياة السياسية وصلاحيات تمنحها حق المساءلة والمحاسبة، وهي السلطة التي تشرّع القوانين وتصادق عليها (قانون تبييض الأموال، مكافحة الفساد، ...). كما لها الحق في الرقابة على تطبيق هذه القوانين ولها أن تحاسب السلطة التنفيذية عند سوء التطبيق عبر عدة وسائل، منها الأسئلة والاستجوابات والتحقيق البرلماني.[8]

 

ب- السلطة التنفيذية: نصّت المادة 65 من الدستور اللبناني على مهمات السلطة الإجرائية أو التنفيذية وأبرز ما جاء فيها:

"السهر على تنفيذ القوانين والأنظمة والإشراف على أعمال كل أجهزة الدولة من إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية بلا استثناء".

كما تم تأكيد مهمات السلطة التنفيذية في اتفاق الطائف (1989):

• "وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم، واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها.

• السهر على تنفيذ القوانين والأنظمة والإشراف على أعمال أجهزة الدولة كلّها من إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية بلا استثناء.

• تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون".

 

ج- السلطة القضائية: السلطة القضائية هي التي يلجأ إليها صاحب الحق للحصول على ما هو له وقد سلب منه. لذا، فهي قادرة على حماية حقوق المواطنين من خلال رقابتها على أداء القطاع العام، وذلك عبر:

 

• القضاء العدلي: يلاحق هذا القضاء مرتكبي جرائم الفساد بمن فيهم موظفي القطاع العام مثل الرشوة، تبييض الأموال، الكسب غير المشروع، إساءة استعمال الوظيفة والوساطة والمحسوبية.

 

• القضاء الإداري: يعتبر هذا القضاء الضامن للحقوق الأساسية والحريات العامة من خلال رقابة الأجهزة الإدارية للدولة، وذلك بناءً على الطعون المقدّمة من أصحاب الشأن والتي تطاول إساءة استعمال السلطة، قرارات اعتباطية، عدم احترام الوظيفة العامة، ... من شأن القضاء الإداري أن يُسهم في الإصلاح الإداري وضمان الحريات العامة وحقوق المواطنين.

 

• القضاء الدستوري: الذي يقضي بحماية الشرعية الدستورية في الدولة، من شأنه إبطال النصوص التشريعية المخالفة لقواعد الدستور، وبطلان التشريعات المخلة بالحقوق والمبادئ الدستورية العامة. [9]

 

• ديوان المحاسبة: إنّه محكمة إدارية تتولّى القضاء المالي، مهمتها السهر على الأموال العمومية والأموال المودعة في الخزينة من خلال مراقبة استعمال هذه الأموال ومدى انطباق هذا الاستعمال على القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، والفصل في صحة معاملاتها وحساباتها وقانونيتها، ومحاكمة المسؤولين عن مخالفة القوانين والأنظمة المتعلقة بها.

 

د- مجلس الخدمة المدنية: أُنيط بالمجلس تعيين الموظفين وإجراء المباريات التي من شأنها أن يتم اختيارهم على أساس الجدارة والاستحقاق، وترقيتهم وترفيعهم وتعويضاتهم، ونقلهم، وتأديبهم وصرفهم من الخدمة، وتدريبهم في أثناء الخدمة، وسائر شؤونهم الذاتية.

كما أُنيطت بالمجلس مهمات تتعلّق بتنظيم الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات وتحديد ملاكاتها، بما في ذلك إعطاء المبادرة له في تقديم الاقتراحات المتعلقة بهذه المواضيع مباشرة إلى مجلس الوزراء.

 

ه- التفتيش المركزي: يُعنى التفتيش المركزي بإجراء الرقابة الدورية والتفتيش الشامل على مختلف الدوائر التابعة لمختلف الإدارات والمؤسسات العامة التي تُعنى بتقديم الخدمات المختلفة للمواطنين. فهي من شأنها تفعيل العمل الإداري ورفع مستوى الأداء الإداري، حسن الإدارة المالية لجهة مراقبة استعمال الموارد العامة ومنع الهدر وتحسين وضع الخزينة، تفعيل الرقابة الداخلية الذاتية، وإدارة الأفراد وتنمية الموارد البشرية لبيان وضع الموظفين ودرجة تقيّدهم بالأنظمة والقوانين ومدى كفاءتهم وأدائهم الوظيفي.[10]

 

- الخصخصة:

عرّف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أنّ الخصخصة "هي جزء من عملية الإصلاحات الهيكلية للقطاع العام في البنيان الاقتصادي، وتتضمّن إعادة تحديد دور الدولة والتخلّي عن الأنشطة التي يمكن للقطاع الخاص القيام بها، مستهدفة بوجه عام رفع الكفاءة الاقتصادية" [11].

وعرّفها محمد فرحات على أنّها "تقليص انغماس الدولة في النشاط الاقتصادي وإعادة الترتيب بين دورها ودور القطاع الخاص من خلال نقل ملكية و/أو إدارة أصول منشآت القطاع العام أو بعضها إلى القطاع الخاص[12]".

إذًا، يمكن تعريف الخصخصة بأنّها منح القطاع الخاص دورًا متزايدًا في الحياة الاقتصادية، من خلال توسيع قاعدة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وتقليص دور الدولة في الشؤون الاقتصادية، إفساحًا لها لأن تولي اهتماماتها في تأمين الأمن والرعاية.

وبسبب العجز المتزايد في الميزانية العامة وزيادة المديونية العامة وانخفاض مقدار الإنتاجية والجودة في مختلف النشاطات التي يقدّمها القطاع العام، بالإضافة إلى الترهّل والهدر والفساد وضعف أجهزة المحاسبة الذي يعانيها هذا القطاع، ازداد التوجّه نحو الخصخصة التي تدأب إلى حل مشكلات كثيرة منها:

- التخلّص من البيروقراطية والروتين الإداري.

- تخفيض الأعباء والنفقات المالية عن كاهل الدولة.

- استخدام أساليب الإدارة الحديثة.

- الحد من مظاهر الاقتصاد الخفي وأساليب الفساد.

- إعادة نسج دور الدولة.

- تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

 

3-  حوكمة القطاع العام

تشتمل حوكمة القطاع العام على السياسات والاجراءات المستخدمة لتوجيه أنشطة المنظمة الحكومية والتأكد من تحقيق أهدافها، وإنجاز العمليات بأسلوب أخلاقي ومسؤول. وتقوّم الحوكمة في القطاع العام، بمدى إنجاز الأهداف المرجوة وتحقيقها، من خلال القيام بالأنشطة التي تضمن صدقية الحكومة، والعدالة في توفير الخدمات، وضمان السلوك المناسب والأخلاقي للمسؤولين الحكوميين، وذلك للحد من مخاطر الفساد المالي والإداري.[13]

تعرّف الحوكمة في القطاع العام: "بأنّها مجموعة التشريعات والسياسات والهياكل التنظيمية والإجراءات والضوابط التي تؤثر وتشكل الطريقة التي تُوجّه وتُدار فيها الدائرة الحكومية لتحقيق أهدافها بأسلوب مهني وأخلاقي بكل نزاهة وشفافية، وفق آليات للمتابعة والتقويم ونظام صارم للمساءلة لضمان كفاءة الأداء وفعاليتها من جانب، وتوفير الخدمات الحكومية بعدالة من جانب آخر"[14].

تزداد ضرورة الإدارة الرشيدة في ظل انتشار الفوضى والفساد ومخالفة الأنظمة والقوانين وفقدان الشرعية وغياب الرقابة وتقاعس الدولة عن أداء واجباتها وغيرها من المشكلات التي تصيب القطاع العام. ويمكن اختصار أهمية الحوكمة في القطاع العام بالآتي:

- رفع الكفاءة في المؤسسات الحكومية.

- تعزيز مستوى الأداء الوظيفي.

- تعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.

- تحقيق الشفافية والمساواة في التعامل مع المواطنين.

- تقليص حجم الفساد الناتج عن سوء الإدارة العامة.

- تعزيز مبدأ المساءلة والمحاسبة.

-زيادة المعلومات والخبرات.

 

أ- معايير الحوكمة

- احترام القانون: يجب احترام القوانين والأنظمة والتشريعات والعمل بموجبها وجعلها "دستورًا مقدسًا" ينضوي تحته الجميع .

- الرؤية الاستراتيجية: امتلاك الرؤى والخطط الواضحة لما ينبغي تحقيقه وكيفية تحقيقه.

- الشفافية والنزاهة: وضوح قواعد العمل، الموضوعية، الصدق، الأمانة.

- العدل في المشاركة: توفير الفرص للجميع وتحقيق المساواة بين المواطنين كافة من دون تفضيل شريحة على أخرى في وظائف القطاع العام.

- الكفاءة: الاستخدام الأمثل للعناصر البشرية الكفوءة والجديرة، الاستعانة بالخبرات الضرورية.

- الاستمرارية والاستدامة: الاستغلال الأمثل للموارد وتلبية حاجات المستفيدين وحقوقهم مع ضمانتها للأجيال اللاحقة.

- التكافؤ والعدالة: حق الجميع في الحصول على الخدمات بطريقة عادلة بغض النظر عن الحالة الاجتماعية، العرق، الدين، ...وذلك بغية مكافحة اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية.

- مواكبة التطور: مواكبة التطورات وحسن استغلالها لتحسين قدرات القطاع العام، بالإضافة إلى تحسين التنمية البشرية والاقتصادية.

- المساءلة والمحاسبة: كل شخص يخل بالمبادئ، ويخالف الأنظمة والقوانين عليه أن يخضع لمبدأ المساءلة والمحاسبة وذلك لضمان سير العمل وفق الأنظمة والقوانين.

- الإشراف على النتائج: تراقب الحوكمة مراحل التنفيذ بغية تصحيح الخلل في حال حدوثه. [15]

 

ب- مبادئ الحوكمة

حدّد معهد المدققين الداخليين الأميركي The Institute of Internal Auditors في إرشاداته المهنية الصادرة عنه تحت عنوان "دور التدقيق في حوكمة القطاع العام" المبادئ الأساسية لحوكمة القطاع العام بالآتي[16]:

- تحديد الاتجاه Setting Direction: ترسم الحوكمة الجيدة السياسات والخطط الاستراتيجية المناسبة لتحسين أداء أنشطة القطاع العام وتوجيهه، وهذه السياسات العامة تحدّدها الدولة وفق الأنظمة والقوانين والتشريعات السائدة. ومن أجل تنفيذ هذه السياسات والاستراتيجيات الحكومية، لا بدّ من تهيئة كادر بشري كفوء ونزيه يعنى بالرقابة الداخلية بموضوعية وصدقية، كما وتخصيص الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المهمات المطلوبة.

- غرس الأخلاقيات Instilling Ethics: لضمان نجاح أي مهمة، يجب العمل وفق القيم والمبادئ الأخلاقية (النزاهة، الصدق، الثبات، الموضوعية، الكفاءة، الخلق الحسن،...). تضمن الحوكمة الجيدة هذه المبادئ والقيم الأخلاقية، كما تضمن في الوقت نفسه الأهداف والإستراتيجيات المحددة من قبل الدولة.

- الاشراف على النتائج Overseeing Results: من متطلّبات نجاح الحوكمة في القطاع العام، لا بد من القيام بالإشراف المستمر للتأكد من تنفيذ السياسات والأهداف والخطط الموضوعة، وأنّ الأداء العام للحكومة قد لبّى التوقعات والاحتياجات ضمن إطار القوانين والتشريعات والسياسات العامة حيّز التنفيذ.

- تقارير المساءلة Accountability Reporting: يتطلّب حسن تنفيذ الحوكمة الجيدة في القطاع العام رفع تقارير دورية تتصف بالصدق والموضوعية والدقة والنزاهة، حول الأداء الوظيفي والأنشطة والمنجزات والمخالفات وغيرها إلى الحكومة. وتتضمن هذه التقارير المهمات، الموارد المتاحة، الإنجازات، المخالفات، الشكاوى، والاقتراحات اللازمة لتحقيق الأهداف المطلوبة وإنجازها، وتطبيق مبدأ المساءلة وفرض العقوبات بحق أي شخص استغل سلطاته، وأساء استخدام الموارد لغير الغرض المنشود.

- تصحيح المسار Correcting Course: عند بروز مشكلات مسلكية أو عيوب في الأداء الوظيفي وإجراءات العمل، أو الكشف عن مخالفات مالية أو إدارية، يتعيّن على المراقبين والمدققين الداخليين أن يحددوا أسباب الخلل الحاصل ومسببيه وأن يطرحوا الملاحظات والإجراءات التصحيحية التي تساعد القيّمين على الإدارة العامة في اتخاذ القرارات المناسبة، كما وإجراء متابعة دقيقة للتنفيذ بغية تصحيح الخلل الحاصل ومكافحة الهدر والفساد.[17]

 

رابعًا: واقع الإدارة العامة في لبنان

اقتصر القطاع العام اللبناني في ستينيات القرن الماضي، على الإدارات الحكومية إلى جانب عددٍ قليلٍ من المرافق العامة. بعد ذلك توسّع هذا القطاع ليشمل عددًا من المؤسسات المصرفية (بنك إنترا، مصرف الإنماء الصناعي والسياحي ومصرف الإسكان) بالإضافة إلى مصفاتي طرابلس والزهراني. وعلى الرغم من هذا التوسّع، فإنّ هذا القطاع بقي متواضعًا جدًا حيث شكّل 15% فقط من الناتج المحلي الإجمالي.[18]

حافظ القطاع العام على أدائه الجيد ولم يعانِ أي عجزٍ يذكر، بل على العكس، البعض من تلك المرافق الحكومية حقّق أرباحًا لمصلحة الخزينة (الريجي). وقد استمر هذا الحال إلى حين اندلاع الحرب التي ما لبثت أن هدمت كل عمليات بناء المجتمع والاقتصاد.

بعد ذلك الحين، بدأ القطاع اللبناني بالتلاشي والانهيار نازفًا من جروحٍ عديدة منقلبًا على كل ما حقق، فانقلبت أرباحه إلى خسائر وفائض الموازنة إلى عجز كبير والرقابة إلى فوضى، إلخ...

يعود ضعف القطاع العام اللبناني إلى عدّة أسباب أبرزها:

- الدمار الذي تعرّض له لبنان وتحديدًا بنيته التحتية نتيجة الحرب الأهلية التي عصفت به.

- هشاشة بنية الدولة المبنية أصلًا على نظام طائفي وزعامات موروثة جيل بعد جيل.

- التدخّلات السياسية المتزايدة في عملية التوظيف وما ينتج عنها من فائض في العمالة وضعف في المهارات والخبرات، وتعيين أشخاص غير كفوئين في مراكز قيادية، وتوكيل مهمات ومسؤوليات إلى أشخاص من دون الكفاءة المطلوبة، وعدم وجود تدريب متواصل لموظفي القطاع العام، كل هذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية.

- تفشي ظاهرة الفساد على نطاق واسع بسبب ضعف أجهزة الرقابة في الدولة.

- ازدياد التدخّل السياسي في الشؤون القضائية، الأمر الذي يعرقل ثقافة المساءلة والمحاسبة وضبط المخالفات ومكامن الفساد.

- ضعف في نظام الحوكمة والإدارة السليمة.

- تفشي البيروقراطية نتيجة المركزية الإدارية وانحسار اتخاذ القرارات بجهة محددة من دون سواها، وهذا الأمر يتطلب الكثير من الوقت ويقلّل الإنتاجية.

- إفتقار الإدارات ومؤسسات القطاع العام إلى نظم إدارية متطورة وعصرية وإجراءات واضحة.

- إفتقار بعض الإدارات العامة إلى هيكلية إدارية ذات مهمات ومسؤوليات واضحة، وفي بعض الأحيان تضارب وازدواجية في الصلاحيات في ما بينها.

- عدم توصيف الوظائف في الوزارات والإدارات العامة، وشبه غياب لتوصيف عمل الموظفين في الوحدات،

- عدم مواكبة التقدم التكنولوجي والمكننة الإدارية إلّا في نطاق محصور وضيّق.

- بنية تحتية ليست بالمستوى المطلوب في مختلف المرافق والمؤسسات العامة.

- عدد كبير من الموظفين يعلن ولاءه لقيادات ومرجعيات سياسية بدل ولائه للمصلحة العامة، كما يسخرّ مهماته الوظيفية بغية تبادل المنافع والخدمات.

- عدم وجود رواتب بالمستوى الذي يشجّع الأشخاص ذوي الكفاءات العالية على الانخراط في الإدارة العامة.

- الفقر الناتج عن زيادة الأعباء وغلاء المعيشة مقابل محدودية الدخل والراتب، هذا الأمر يسمح بتقبّل الرشاوى والهدايا.

- عدم وجود نظام جدي للأبحاث والدراسات للتطوير في مختلف الإدارات العامة.

 

أراد لبنان في السنوات الأخيرة من القرن العشرين أن يتماسك من جديد بعدما نهشت الحرب المدمّرة على مدار 15 سنة كيانه ومزّقت أضلاعه، وحاول أن يقضي على تداعياتها المتمثلة بثقافة الفوضى والفساد الذي تغلغل في عمق الإدارات والمؤسسات العامة اللبنانية. فقد خطَّ اتفاق الطائف (سنة 1989) معالم الدولة الحديثة ووحّد الجهود في سبيل إعادة إعمار ما تهدّم من بنى تحتية ومرافق ومنشآت اقتصادية بهدف تنشيط الوضع الاقتصادي والنهوض به.

ولكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، إذ ازداد حجم الفساد الإداري. فما كان على لبنان إلّا أن نظر إلى الخصخصة على أنّها الترياق القادر على اقتلاع السموم المتمثلة في تخفيف الأعباء المالية والمديونية العامة الناتجة عن إعادة إعمار ما هدمته الحروب المتلاحقة على أرضه، كما وحالات الهدر والفساد المتزايدة في الإدارات العامة، ما يلحق الخسائر المالية الكبيرة في بعض المؤسسات العامة.

وصلت تجربة الخصخصة إلى لبنان بعد أن أصاب مؤسسات القطاع العام فيه مرض البيروقراطية والترهّل والتقادم، وأخذت هذه المسألة على محمل الجدّ في لبنان سنة 1992 عندما أنشأت الحكومة اللبنانية لجنة هدفت إلى وضع "تصوّر عام لخطة عمل اقتصادية مالية لمعالجة الضغوطات التي يتعرّض لها الاقتصاد الوطني". وقد تضمّن تقرير هذه اللجنة ضرورة تخصيص بعض الأنشطة الاقتصادية المتعثرة والتي يصعب إصلاح إدارتها وإعادة هيكلتها.

بعد ذلك، أصدر البنك الدولي تقريره الخاص عن الحالة اللبنانية " كيف يستطيع لبنان المنافسة في الاقتصاد العالمي" حيث أظهر من خلاله كثافة الأعباء والنفقات الملقاة على الدولة وتدهور الأداء الإقتصادي في مختلف المرافق العامة وضعف الأداء والتخطيط السياسي تجاه هذا الواقع، طارحًا الخصخصة التي تسمح للدولة بأن تخفّف من أعبائها المالية وتنصرف إلى الاهتمام بأمور أخرى، وتفسح في المجال أمام القطاع الخاص لتوسيع استثماراته وحسن الإدارة.[19]

ونتيجة التجاذبات السياسية، بقيت مشاريع الخصخصة في لبنان محدودة جدًا ولم تشهد السنوات العشر الأخيرة من القرن العشرين إلّا حالات معدودة.

بلغ الفساد الإداري ذروته في الإدارات والمؤسسات العامة، وتجلّت صوره في انتفاخ هيكلية الإدارات العامة بالتوظيف العشوائي البعيد كل البعد عن الجدارة والكفاءة والعدد المطلوب. فغدت هذه الإدارات تعاني تخمة العمالة ذات الإنتاجية المعدومة (البطالة المقنّعة)، والتي باتت تكبّد خزينة الدولة نفقات إضافية بغية تسديد الرواتب. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل ازداد تعقيدًا في الفترة الممتدة ما بين العامين 2002 و 2010، نتيجة الصعوبات الاقتصادية والأزمات السياسية والأمنية التي اضطلعت بدور سلبي في الاقتصاد برمّته حيث شهد تراجعًا كبيرًا في معدلات النمو وزيادة العجز المالي (اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري سنة 2005 ، حرب تموز الإسرائلية سنة 2006 والتي كبّدت الاقتصاد اللبناني كما بنيته التحتية خسائر فادحة).[20]

وفي العام ٢٠١٣، صدرت مسودة قانون تحت عنوان "الشراكة بين القطاعين العام والخاص في لبنان"، وتتجلّى معاني هذه الشراكة خلال إلقاء نظرة على الخطة التي وضعتها الحكومة اللبنانية بين عامي 2012 و 2015 حيث يمكن قراءة دعم القطاع الخاص في التنمية وإعادة تأهيل البنية التحتية اللبنانية:

"- تحديث التشريعات والأنظمة التي تؤدي إلى تفعيل الاستثمار من القطاع الخاص وتشجيعه واستقطابه.

- ثمّة حاجة ملحّة للإسراع في تمرير قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص" [21] .

وكما ذُكر سلفًا، من أبرز أهداف الخصخصة تخفيض أعباء الدولة وتخفيض الدين العام، ولكن ما يشهده لبنان اليوم من تزايد في نسبة المديونية يفتح الباب على مصراعيه أمام كمٍّ من الأسئلة، مع التأكيد أنه تمّ تبنّي برنامج الخصخصة في التسعينيات وخصخصة قطاعات متعددة. إلّا أنّ حجم الدين العام يتزايد بشكل مطّرد ويشكل استنزافًا مستمرًا لموارد الدولة، إذ تشكّل خدمة الدين العام العبء الأكبر على الموازنة العامة حيث تبلغ نسبتها 40% من إيرادات الضرائب وثلث إجمالي العائدات، الأمر الذي يحدّ من قدرة المالية العامة على تخصيص الاعتمادات اللازمة للإنفاق على الاستثمارات الضرورية لإعادة تأهيل البنى التحتية المهترئة. [22]

بموازاة برامج التصحيح الهيكلي التي نادت بها الحكومات المتعاقبة، نمت لدى المعنيين فكرة تعزيز الحكم الجيد في الإدارات والمؤسسات العامة، وبدأت تتوالى الخطط ورسم السياسات ووضع الأهداف. ففي العام 2001 أعدّت وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية دراسة تضمنت أبرز المشكلات التي يعانيها القطاع العام اللبناني، ووضعت كمًّا من الاقتراحات بغية تحسين الوضع القائم. إلّا أنّ أيًا منها لم يطبّق بل بقيت حبرًا على ورق، لا بل ازداد الأمر سوءًا وتردّت حالة الإدارات العامة التي باتت تعاني انعدام الإنتاجية والجودة، وتعزيز المصالح الخاصة والمحسوبيات، وسيطرة ثقافة الزبائنية والاستزلام، وتخلّف الخدمات وبطئها،... كل هذا، دفع مجددًا بالوزارة نفسها في العام 2011 إلى أن تعيد طرح إستراتيجيات تنمية وتطوير الإدارة العامة في لبنان، إذ وضعت برامج لدعم الحوكمة إيمانًا منها بضرورة النهوض بالقطاع العام، بدءًا باستحداث قوانين وتشريعات من شأنها تعزيز الرقابة ومكافحة الفساد (قانون الإثراء غير المشروع، قانون الصفقات العمومية، قانون تضارب المصالح، قانون حماية كاشفي الفساد،...) مرورًا ببناء قدرات الإدارة العامة التي تعاني تقادمًا في هياكلها التنظيمية وتوصيف المهمات والوظائف فيها، وذلك من خلال مراجعة أدوار هيئات الرقابة وإعادة الهيكلة في الإدارات العامة عبر تعيين العناصر البشرية اللازمة والكفوءة لتولي مهمات الرقابة، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني بغية الحصول على عناصر كفوءة ومتخصصة تغني القطاع العام بخبراتها، أو إسناد بعض الخدمات إلى القطاع الخاص التي تتطلّب مرونة عالية وكفاءات بشرية وتقنيات متطورة، وصولًا إلى إعداد الموارد البشرية وتطويرها، كونها المسؤولة عن تنفيذ الإصلاحات ودعمها ومواكبتها عن طريق تحديث نظام الموظفين، تفعيل دور مجلس الخدمة المدنية، تحديث آلية للتعيين في الفئات العليا مبنية على الكفاءة والجدارة، إخضاع الموظفين للتدريب المستمر، إعادة النظر في الرواتب، تحديد الحاجة الحقيقية للكادر البشري، وتوصيف الوظائف لحسن اختيار الأشخاص المناسبين...

بالإضافة إلى ذلك، عرض التقرير برامج لتحسين كفاءة الخدمات المقدمة من القطاع العام وتعزيز ثقة المواطن بها من خلال تفعيل دور البلديات والوحدات المحلية وإعطائها أدوارًا أكبر في إنجاز المعاملات، كما إنشاء نظام عصري لتلقي الشكاوى ومعالجتها، وتفعيل استخدام تقنيات معلوماتية متطورة تمهيدًا للوصول إلى الحكومة الإلكترونية.

وعلى الرغم من أهمية هذه البرامج وفعاليتها في تحسين أداء القطاع العام، إلّا أنّ أغلبيتها لم تتحقق، والجزء البسيط منها نفّذ بشكل محدود في بعض الإدارات العامة. أمّا أبرز أسباب عدم تحقيق هذه البرامج فيمكن إيجازها بالآتي:

-   عدم وجود دعم سياسي كافٍ لحل المشكلات المتراكمة للقطاع العام.

-   فقدان الثقة بالقطاع العام وبتطوير خدماته بغية الترويج لعملية الخصخصة.

-   تعاظم دور المحسوبيات السياسية في آليات التوظيف والتعيين.

-   عدم التقيّد والتشدّد في تطبيق القوانين حيث كبرت الهوّة بين القانون والتطبيق.

-   عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب، هذا الأمر من شأنه أن يبقي الموظف على تقبّل الرشاوى نتيجة تدني الرواتب.

 

خامسًا: الاقتراحات

أظهرت التجارب الإصلاحية للقطاع العام أنّها لم تكن بالمستوى المطلوب ولم تحقق الأهداف المرجوّة منها، نظرًا للتدخلات السياسية المتزايدة ولغياب الثقافة والوعي السياسي، وعدم توافر الحماسة الكافية لدى الحكومات المتعاقبة على بناء قطاع عام قادر على المنافسة وتقديم أجود الخدمات للمواطن وضمان حقوقه.

ومن الواضح أنّ الدراسات العديدة التي أجريت حول تحسين القطاع العام بقيت حبرًا على ورق، كون المواطن اللبناني لم يلمس أي تحسين في مؤسسات الدولة، لا بل على العكس، ازداد الوضع سوءًا، وخير دليل على ذلك، ازدياد أرقام الدين العام الناتج عن تفاقم حجم النفقات الناجمة عن ازدياد رواتب الموظفين، وكذلك الهدر والفساد، ... وانخفاض الإيرادات الناجمة عن انعدام الرقابة، وضعف السياسات الضريبية، وفقدان المحاسبة والمساءلة للمخلين...

إذًا، يمكن القول، إنّ القطاع العام لا يمكن له أن ينهض من كبوته وأعبائه الثقيلة لوحده من دون أن يكون له شريك، وهذا الشريك هو القطاع الخاص والمجتمع المدني.

في ما يلي مجموعة من السياسات والإجراءات التي يمكن أن تكون حلاً لمشكلات القطاع العام، وتسهم في عملية الإصلاح الإداري:

 

•   إنشاء لجنة مشتركة من بعض موظفي الإدارة العامة من ذوي الكفاءة والاختصاص ومن أفراد المجتمع المدني: مهمتها ممارسة أعمال التدقيق الداخلي من دون سواها من خلال جمع البيانات والمعلومات من جميع أقسام الإدارة، والتحقّق من صدقيتها، كما لها أن تتلقى تقارير دورية صادرة عن رئيس القسم أو الدائرة تتضمن مختلف المعطيات المطلوبة، مثل: مهمات الموظفين، إنجازاتهم، سلوكهم الإداري، حجم العمل المنتج، صعوبات العمل...

بالإضافة إلى ذلك، تقوم اللجنة بإجراء استبيانات توزّع على طالبي الخدمات (المواطنين) تبيّن مدى القبول والرضى، الشكاوى، الاعتراضات، المدة الزمنية...

بعد جمع مختلف المعطيات، تقوم اللجنة بإعداد تقرير شهري يتصف بالموضوعية والشفافية ترفعه مباشرةً إلى الوزير، ويتضمن التوصيف الدقيق لجميع الأقسام، الإنجازات، شكاوى الموظفين والمواطنين، بالإضافة إلى المشكلات التي تعترض العمل مع وضع الاقتراحات اللازمة لحلها.

 

•   تعزيز قدرات موظفي الرقابة المالية والإدارية وكذلك القائمين على أعمال التدقيق الداخلي لإتمام مهماتهم بصدق وموضوعية، وبإجراء الرقابة بفعاليّة واقتراح الحلول المناسبة لمعالجة الخلل.

 

•   اعتماد اللامركزية الإدارية: التي تقوم على نقل صلاحيات ومهمات إدارية من الإدارة المركزية إلى وحدات محلية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري أي البلديات. تنتخب المجالس البلدية مباشرةً من الشعب، يسمح هذا الأمر من جهة، بمحاسبة المخلين والفاسدين، ومن جهة أخرى، التخفيف من البيروقراطية الإدارية الناجمة عن وحدة القرار.[23]

تعقيبًا على ما سبق، لم ينسَ اتفاق الطائف أهمية اللامركزية الإدارية، فقد أورد في طيّاته سلسلة إصلاحات منها:

     ـ"توسيع صلاحيات المحافظين والقائمقامين وتمثيل جميع إدارات الدولة في المناطق الإدارية على أعلى مستوى ممكن، تسهيلًا لخدمة المواطنين وتلبية لحاجاتهم محليًا.

     ـ اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة على مستوى الوحدات الإدارية الصغرى (القضاء وما دون) عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرأسه القائمقام، تأمينًا للمشاركة المحلية.

     ـ اعتماد خطة إنمائية موحدة شاملة للبلاد قادرة على تطوير المناطق اللبنانية وتنميتها اقتصاديًا واجتماعيًا وتعزيز موارد البلديات والاتحادات البلدية بالإمكانات المالية اللازمة".

 

•   الخصخصة/الشراكة بين القطاعين العام والخاص: تقضي الخصخصة أو الشراكة بتحويل ملكية منشآت عامة بشكل كلي أو جزئي إلى القطاع الخاص، وعادةً ما تكون تلك المتعثرة ماليًا وتكبّد الدولة نفقات باهظة. تسمح هذه الشراكة بتخفيف الأعباء المالية عن موازنة الدولة، كما لها أن تكتسب خبرات وقدرات وطاقات بغية تطوير آليات العمل وتحسين جودة الخدمات المقدمة، ناهيك عن التخلّص من الهدر والفساد ومظاهر البطالة المقنعة.

 

•   دعم الإصلاحات التشريعية وسن القوانين العصرية الفعالة: على الرغم من سن التشريعات والقوانين إلّا أنّ أغلبيتها لم تدخل بعد حيّز التنفيذ، نظرًا للتدخلات السياسية المتكرّرة ولتضارب المصالح الخاصة مع المصلحة العامة، وضعف الإمكانيات المادية والبشرية المتوافرة.

 

•   العمل على تطوير الهيكل التنظيمي للإدارات الحكومية، مع العلم أنّ أغلبيتها لم تخضع للتعديل والتطوير منذ خمسينيات القرن الماضي.

 

•   توصيف الوظائف داخل الإدارة العامة: الأمر الذي يسمح بتسهيل المعاملات وتحديد مراجعها ما يؤمّن سهولة المراجعة من قبل المواطنين، وفي الوقت نفسه، تطبيق المساءلة والمحاسبة عند وقوع أي خلل.

 

•   نشر الثقافة القانونية بين مختلف شرائح المجتمع وتوعيتهم، إذ لا يمكن للموظف أن يكون فاسدًا إذا لم يلقَ التشجيع من المواطنين وذلك عن طريق رشوته لقاء حصوله على الخدمة.

 

•   تحسين البنى التحتية وبيئة العمل: تعاني أغلبية المباني الحكومية مشكلات عديدة منها التقادم، عدم وجود مكاتب كافية للموظفين كونها مؤجرة وغير مصممة بالأساس كمراكز حكومية إنما كمبانٍ سكنية، غياب نقاط ركن السيارات، غياب الصيانة غير المؤهلة للتقنيات الحديثة. أمام هذا الواقع الأليم، لا بد من فرض تحسينات جديّة على البنى التحتية وذلك من أجل حسن تسيير المهمات وتطورها.

 

•   فصل السياسة عن القضاء: يعتبر القضاء من أبرز الجهات الرسمية التي تُعنى بمكافحة الفساد ومخالفة الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، لذا يجب الالتزام بعدم التدخّلات السياسية في الشؤون القضائية بغية اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخلين والمخالفين.

 

•   ردم الهوة بين القانون والتطبيق: حيث يتم إصدار الكثير من القوانين والتشريعات ولكن لا يتم التقّيد بمضمونها، وذلك بسبب ضعف أو غياب أجهزة الرقابة المعنية بمتابعة التطبيق.

 

•   تعزيز الثقافة الإدارية والوعي الأخلاقي لدى الموظف، أي القيم والأعراف والمبادئ السائدة في الإدارة العامة، والتي تؤدي دورًا بارزًا في تحديد موقف الموظف من الإدارة ودوره فيها وولائه لها، وتحديد نظرته لحقوقه وواجباته.

 

•   الوظيفة العامة ليست "تعويض بطالة"، إذ يحصل الموظف على راتب متدنٍ مقابل دوام لا يتعدّى ست ساعات عمل يوميًا، لذا وجب على المعنيين العمل على زيادة العمل اليومي، ممّا يؤدي إلى زيادة في الانتاج والإنتاجية، كما زيادة في الرواتب تضمن للموظف مستوى معيشيًا لائقًا.

 

•   حصر عملية التوظيف في القطاع العام بمجلس الخدمة المدنية، بناءً على الشواغر التي تطلبها الإدارات العامة، مع التشديد على مبدأ الكفاءة والجدارة من دون سواه، والابتعاد كل البعد من الإرضاء السياسي والمحسوبيات.

وفي هذا الخصوص، نصت المادة 12 من الدستور اللبناني على أنه: "لكل لبناني الحق في تولي الوظائف العامة، ولا ميزة لأحد على الآخر إلّا من حيث الاستحقاق والجدارة حسب الشروط التي ينص عليها القانون".

 

•   تنمية الموارد البشرية ووضع الخطط والبرامج لتنفيذها، والتي تهدف إلى تطوير أداء الموظفين، والسعي نحو رفع كفاءتهم بالشكل الذي يعزز قدرات الإدارة العامة. لذا يجب إخضاعهم لدورات تدريبية إلزامية من شأنها أن تنمّي معارفهم وخبراتهم وقدراتهم، الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد الكفاءة والانتاجية داخل الإدارات العامة.

 

•   دعم الأبحاث والتطوير في الإدارات العامة: يتمتع القطاع العام ببعض الموظفين الكفوئين من أصحاب الخبرة والاختصاص، ولكن هؤلاء ما زالت جهودهم مقيّدة من جهة، بقانون للموظفين لم يخضع للتطوير منذ نشأته في العام 1959، ومن جهة أخرى، بسلطات الاستزلام والمحسوبيات الطاغية.

 

•   رفع كفاءة المؤسسات الحكومية المعنية بمحاربة الفساد (مجلس الخدمة المدنية، التفتيش المركزي، ديوان المحاسبة،...) ومنع التدخلات السياسية في شؤونها الداخلية وقراراتها بغية تعزيز دورها الرقابي وحسن اختيار القرارات المناسبة.

 

•   تكثيف العمل على إنشاء الحكومة الإلكترونية التي من شأنها أن تبسّط الإجراءات من خلال اختصار وقت الخدمة وكلفتها على المواطن...الخ

 

•   تعزيز مبدأ المساءلة والمحاسبة واتخاذ الاجراءات التأديبية بحق المخالفين، هذا الأمر من شأنه أن يردع الأعمال المخالفة للقوانين وتغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة. وفي الوقت نفسه، يجب تعزيز مبدأ التحفيز للموظفين الذين يدأبون على خدمة المصلحة العامة.

 

خاتمة

لا يمكن تحقيق النهوض الاقتصادي بعيدًا من القطاع العام، فهو الضامن الوحيد للمواطنين كافة، حيث تدأب السياسات الاجتماعية والاقتصادية على حماية حقوقهم ورعايتهم صحيًا وتربويًا وثقافيًا، وتمنع عنهم البؤس والحرمان والعيش الذليل.

لكن، على الرغم من الجهود التي بذلت على مدار سنوات للنهوض بهذا القطاع، إلّا أنه بات يعاني أكثر فأكثر نتيجة ترهّل السلطات المعنية وتقاعسها عن ممارسة أدوارها، ونوايا بعض السياسيين الذين يستفيدون من الوضع القائم لتمرير صفقاتهم الخاصة، واستغلال مواقعهم لإرضاء قاعدتهم الشعبية، ناهيك عن التشرذمات والانقسامات السياسية والمناطقية وحتى الطائفية التي تدفع ثمنها الإدارات العامة، في زيادة مزاريب الهدر والفساد من دون حسيب ولا رقيب.

في الوقت نفسه، لا يمكن إلقاء اللّوم على الدولة والسياسات التي تعتمدها من دون سواها، إنّما يضطلع المواطن، كما الموظف، بدور مهم في نشر ثقافة الفساد. فغياب الوعي الثقافي، الفقر، العوز، المحسوبيات، ... كلها عوامل تتداخل في ما بينها لتشكّل سدًا منيعًا بوجه الإصلاح والتطوير. علمًا بأنّ الإصلاح لا يهدف إلى العقاب، إنّما لتحسين شؤون الإدارة العامة وتفعيل دور الدولة بغية تأمين متطلبات المواطنين واحتياجاتهم بأقصر وقت وبأقل كلفة.

من هنا، لا بد من الاقتناع بوجوب تطبيق الحوكمة في القطاع العام وإشراك القطاع الخاص في الإدارة لاستنهاض قطاع بات في مراحل الموت السريري.

 

لائحة المراجع

-    فارس أبي صعب، الثقافة السياسية للفساد والإدارة العامة: نظرة تمهيدية للواقع اللبناني، بيروت، المركز اللبناني للدراسات، 2004.

-    إتحاد المصارف العربية، التطورات الاقتصادية في لبنان 2000-2014، مجلة اتحاد المصارف العربية (411)، 2015.

-    حازم البنّى، لبنان بين الأمس واليوم رؤية إقتصادية لمشكلة متفاقمة، مجلة الدفاع الوطني (32)، 79-118، 2000.

-    عدنان إسكندر، تجارب الإصلاح الإداري في التسعينيات: مراجعة نقدية، بيروت، المركز اللبناني للدراسات، 2004.

-    حازم الببلاوي، دور الدولة في الاقتصاد، القاهرة، دار الشروق، 1998.

-    حسن صالح، تطوير أداء الخدمات الحكومية في لبنان رؤية إستراتيجية، مجلة الدفاع الوطني (77)، 2011.

-    التفتيش المركزي، التقرير السنوي عن أعمال التفتيش المركزي للعام 2014، لبنان. 2014.

-    الجمعية الاقتصادية اللبنانية، FUR DIE FREIHEIT ، وضع الاقتصاد اللبناني: عشرون سنة بعد نهاية الحرب الأهلية، بيروت،2010.

-    خليفة الجهمي، دور القضاء في مكافحة الفساد، بنغازي، 2012.

-    يحيى الحكيم، نحو تصوّر إستراتيجي للإصلاح الإداري في لبنان، بيروت، المركز اللبناني للدراسات، 2004.

-    فادي الداود، وأروى المظفر، وطلفاح منى، ومحمد هماش، حوكمة القطاع العام، ملتقى أبو غزالة المعرفي، الأردن، 2014.

-    خليل الزين، الفساد الإداري ماهو وما هي أسبابه؟، مجموعة الوادي الإعلامية، 2014.

-    صباح الساعدي، دور السلطات العامة في مكافحة ظاهرة الفساد الإداري في العراق، بيروت، الدار العربية للعلوم، ناشرون، 2008.

-    اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، تقييم برامج الخصخصة في منطقة الإسكوا، نيويورك، 1999.

-    اللجنة الخاصة باللامركزية الإدارية، مشروع قانون اللامركزية الإدارية، لبنان، 2014.

-    المجلس الأعلى للخصخصة، الشراكة بين القطاعين العام والخاص في لبنان، بيروت، المجموعة الطباعية، 2013.

-    فهد المضحكي، مفهوم الدولة والدولة الحديثة، صحيفة الأيام البحرينية، (8811) ، 2013.

-    أروى النجداوي، نحو قطاع عام أكثر حاكمية: الحالة الأردنية، 2013، مركز الرأي للدراسات، الأردن.

-    كامل بربر، إستراتيجية الإصلاح في الإدارة العامة، بيروت: دار المنهل اللبناني، 2012.

-    محمد جاهين، مقدمة في الإدارة العامة، المملكة العربية السعودية: جامعة أم القرى، 2006.

-    خليل جبارة، دور البرلمان في مكافحة الفساد في لبنان،الأمم المتحدة، 2008.

-    سمر حسين، الفساد الإداري: أسبابه، أثاره، وطرق مكافحته ودور المنظمات العالمية والعربية في مكافحته، مجلة النزاهة والشفافية للبحوث والدراسات، (7)، 2014، 120-151

-    مرغريت حلو، الإصلاح الإداري والثقافة الإدارية، أوراق الرابطة الفكرية اللبنانية، (1)، 1993، 7-33.

-    عصام مبارك، نحو رشاد الإدارة في لبنان، مجلة الدفاع الوطني (101)، 2017.

-    عصام راجحي، دولة الرعاية الاجتماعية في ظل سياسات صندوق النقد الدولي، موقع نواة، 2016.

-    جعفر عبد الخالق، تراكم الدين العام اللبناني: المشكلة والحلول، بيروت: دار النهار، 2007.

-    جمعه صالح، الفساد الإداري وأثره على الوظيفة العامة، منشورات زين الحقوقية، 2016.

-    نجيب عيسى، الخصخصة: رؤية في سبيل موقف سياسي متوازن، (ج. 3)، المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، 2003.

-    محمد فرحات، قضايا اقتصادية معاصرة، بيروت: منشورات دار الطليعة، 2010.

-    مجلس الوزراء اللبناني، خطة العمل للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي 2012- 2015، 2012.

-    وزارة تطوير القطاع العام، دليل ممارسات الحوكمة في القطاع العام، الأردن، 2014.

-    وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، إستراتيجيا تنمية وتطوير الإدارة العامة في لبنان، 2001.

-    وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، إستراتيجيا تنمية وتطوير الإدارة العامة في لبنان، 2011.

 

Références

-    ATG, la gouvernance publique en Tunisie, Association Tunisienne de gouvernance, 2013.

-    Rapport du Conseil Economique social et environnemental, La gouvernance du secteur public, (No13), Maroc, CESE, 2013.

-   Paulin Kabaka, L'intervention de l'Etat dans l'économie: du laisser-faire à la régulation, 2016, Pris du site: https://hal.archives-ouvertes.fr/hal.

-   Jernej Mencinger, Aleksander Aristovnik, Miroslav Verbic, The Impact of Growing Public Debt on Economic Growth in the European Union, 2014,retrieved from: http://www.ier.si/files/Working%20paper-80.pdf

-    Christelle Zeng, Le rôle de L’état dans la vie économique et sociale,CPGE, 2010.

 

Sites:

-    http://css.escwa.org.lb

-    http://www.toupie.org

-    http://www.cas.gov.lb

-    http://www.alternatives-economiques.fr

-    http://www.itu.int/ITU-D/arb/index-ar.html

-    http://www.ohchr.org/en/Issues/Business/Forum/Pages/2013LACRegionalForumBusinessandHumanRights.aspx

-    http:// www.oeconomia.net

-    http:// www.ces.gov.lb

-    http://www.data.albankaldawli.org

-    Http://droit-finance.commentcamarche.net/contents/1320-lacorruption-definition-et-sanctions (droit-finances.net)

 

[1]-     مرغريت حلو، الإصلاح الإداري والثقافة الإدارية، أوراق الرابطة الفكرية اللبنانية، (1)، 1993، ص22.

[2]-     فهد المضحكي، مفهوم الدولة والدولة الحديثة، صحيفة الأيام البحرينية، (8811)، 2013.

[3]-     حازم الببلاوي، دور الدولة في الإقتصاد، دار الشروق، القاهرة، 1998، ص22.

[4]-     ".Christelle Zeng, "Le rôle de L’état dans la vie économique et sociale, 2010, p12

[5]-     عصام راجحي، دولة الرعاية الاجتماعية في ظل سياسات صندوق النقد الدولي، 2016.

[6]-     راجع بهذا الخصوص:

- سمر حسين، الفساد الإداري: أسبابه، أثاره، وطرق مكافحته ودور المنظمات العالمية والعربية في مكافحته. مجلة النزاهة والشفافية للبحوث والدراسات، (7)، 2014، ص133.

- وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، إستراتيجيا تنمية وتطوير الإدارة العامة في لبنان،2011، ص 12.

- جمعة صالح، الفساد الإداري وأثره على الوظيفة العامة، منشورات زين الحقوقية، لبنان، 2016، ص 9.

[7]-     حسن صالح، تطوير أداء الخدمات الحكومية في لبنان رؤية استراتيجية، مجلة الدفاع الوطني (77)، 2011.

[8]-     خليل جبارة، دور البرلمان في مكافحة الفساد في لبنان، الأمم المتحدة، 2008، ص 3.

[9]-     خليفة الجهمي، دور القضاء في مكافحة الفساد، 2012.

[10]-    التفتيش المركزي، التقرير السنوي عن أعمال التفتيش المركزي للعام 2014. لبنان، 2014، ص .3

[11]-    اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، تقييم برامج الخصخصة في منطقة الإسكوا، نيويورك، 1999 ص5.

[12]-    محمد فرحات، قضايا اقتصادية معاصرة، منشورات دار الطليعة، بيروت، 2010، ص3.

[13]-    فادي الداود وآخرون، حوكمة القطاع العام، ملتقى أبو غزاله المعرفي، الأردن،2014، ص6.

[14]-    وزارة تطوير القطاع العام، دليل ممارسات الحوكمة في القطاع العام، الأردن 2014، ص1-2.

[15]-    Rapport du Conseil Economiques social et environnemental, La gouvernance du secteur public, Maroc, 2013,p 17-25

[16]-    أروى النجداوي، نحو قطاع عام أكثر حاكمية: الحالة الأردنية. مركز الرأي للدراسات، الأردن، 2013.

[17]-    .ATG, la gouvernance publique en Tunisie, Association Tunisienne de gouvernance, 2013. P 6

[18]-    نجيب عيسى، الخصخصة: رؤية في سبيل موقف سياسي متوازن، (ج. 3)، المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، لبنان، 2002، ص 14.

[19]-    يراجع بهذا الخصوص:

- يحيى الحكيم، نحو تصوّر إستراتيجي للإصلاح الإداري في لبنان، المركز اللبناني للدراسات،2004، ص120.

- وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، إستراتيجيا تنمية وتطوير الإدارة العامة في لبنان.2011، ص 14-23.

- كامل بربر، إستراتيجية الإصلاح في الإدارة العامة، دار المنهل اللبناني، بيروت، 2012، ص 53.

- خليل الزين، الفساد الإداري ماهو وما هي أسبابه؟ 2014.

[20]-    الجمعية الاقتصادية اللبنانية، FUR DIE FREIHEIT، وضع الاقتصاد اللبناني: عشرون سنة بعد نهاية الحرب الأهلية، بيروت، 2010، ص30.

[21]-    يراجع بهذا الخصوص:

     - مجلس الوزراء اللبناني، خطة العمل للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي 2012- 2015، لبنان، 2012، ص 10.

     - المجلس الأعلى للخصخصة، الشراكة بين القطاعين العام والخاص في لبنان، المجموعة الطباعية، بيروت، 2013، ص4.

[22]-    اتحاد المصارف العربية، التطورات الاقتصادية في لبنان 2000-2014، 2015، ص7.

[23]-    عصام مبارك، نحو رشاد الإدارة في لبنان، مجلة الدفاع الوطني، (101)، 2017.

The Lebanese public sector between Governance and Privatization

In order to improve public life, the reform of public administrations aims to eliminate patronage, corruption, favoritism, bureaucracy, etc.

For this reason that administrative reform has become the main aim for the Lebanese governments: on the one hand, because the diversification and expansion of the role of the State in the diverse domains of life, and the complexity of the living conditions of the Lebanese citizen who lives under political, economic and social obstacles. And on the other hand, due to the expansion of corruption, the monetary deficit and the increase in public debt, poor infrastructure, inadequate skills, lack of control, bureaucracy, successive political crises, etc...

Encouraged by all these factors, policy makers have taken privatization in consideration as an effective solution to the present situation. However, the Lebanese experience has not achieved its stated goals, where public debts are increasing, and privatized sectors have not had the necessary efficiency and competitiveness.

At the same time, those responsible felt that good governance was needed for the public sector. This concept encompasses a set of principles and policies, creating the right development framework and focusing on transparency requirements in the political, economic and social sectors, as well as combating corruption, strengthening civil society, protecting of human rights. In addition, governance aims to provide strategic direction, ensure that objectives are achieved, that risks are appropriately managed, and that resources are used responsibly.

Nowadays, the Lebanese public sector requires a partnership with the private sector to manage and invest in order to push public activities forward. In addition, governance is a process that must be put in place to improve equity, transparency, control, trust, neutrality, accessibility, etc...

Le secteur public Libanais entre la Gouvernance et la Privatisation

Afin d’améliorer la vie publique, la réforme des administrations publiques vise à éliminer le patronage, la corruption, le favoritisme, la bureaucratie, etc.

C'est pour cela, la réforme administrative est devenue pour les différents gouvernements libanais le but principal: d'une part, à cause de la diversification et l'accroissement du rôle de l'état dans les divers domaines de vie, et la complexité des conditions de vie du citoyen libanais qui vit sous des obstacles politiques, économiques, sociales…Et d'autre part, à cause de l'expansion de la corruption, le déficit monétaire et l'augmentation de la dette publique, la mauvaise infrastructure, l'insuffisance des compétences, l'absence du contrôle, la bureaucratie, les crises politiques successives, etc...

Incités par tous ces facteurs, les responsables ont pris en compte la privatisation comme une solution efficace pour remédier la situation présente. Mais l'expérience libanaise n'a atteint les buts visés, où les chiffres de la dette publique s'accroissent plus en plus, et les secteurs privatisés n'ont pas eu l'efficacité et la compétitivité nécessaire.

En parallèle, les responsables ont estimé qu'il fallait faire une bonne gouvernance pour le secteur public. Ce concept englobe un ensemble de principes et de politiques, créant le cadre de développement convenable et se focalisant autour des exigences de transparence dans les secteurs politique, économique et social, ainsi de lutter contre la corruption, de renforcement de la société civile, de protection des droits humains. En plus, la gouvernance a pour but de fournir l’orientation stratégique, de s’assurer que les objectifs sont atteints, que les risques sont gérés de manière appropriée et que les ressources sont utilisées de façon responsable.

De nos jours, Le secteur public libanais nécessite un partenariat avec le secteur privé pour gérer et investir afin de pousser les activités publiques vers l’avant. En plus la gouvernance est un processus qui doit être mis en place pour améliorer l'équité, la transparence, le contrôle, la confiance, la neutralité, l'accessibilité, etc...