اقتصاد ومال

القطاع المصرفي اللبناني يطبق معايير بازل ''i ويعمل للبدء بتطبيق معايير ''بازل ii'' في العام2007
إعداد: تيريز منصور

علم الدين: لجنة الرقابة على المصارف اللبنانية تقيّم الأنظمة الرقابية في 130 دولة وتمدها بالمساعدات الفنية والتقنية

بهدف تطوير أنظمة مصرفية قوية وسليمة، وُضِعَت اتفاقية بازل I العالمية في مدينة بال السويسرية، ثم أعقبتها اتفاقية بازل II التي أدخلت تعديلات على معايير الإتفاقية الأولى. وتعتبر معايير بازل IIالجديدة خطوة في اتجاه تحسين سياسات الوقاية من المخاطر لدى المصارف، وتحسين إدارة رأس المال، وتعزيز ركائز الإستقرار المصرفي وتطوير استخدام أدوات مالية جديدة في هذا القطاع. يطبق لبنان حالياً معايير اتفاقية بازل I وسوف يطبق معايير بازل II مع بداية العام 2007. ويواجه لبنان هذا الإستحقاق بثقة وكفاءة نظراً لما يتمتع به قطاعه المصرفي من قدرات ومميزات. فموجودات هذا القطاع ­ بما فيها الودائع ­ تشكل ثلاثة أضعاف الناتج القومي، وهو يعمل على تطوير إدارة المخاطر وتطوير قدراته في الإشراف عليها ومراقبتها، ما دفع بصندوق النقد الدولي ولجنة بازل الدولية الى تكليف لجنة الرقابة على المصارف اللبنانية، تقييم الأنظمة الرقابية في العالم ومنح مساعدات فنية وتقنية في هذا المجال الى 130 دولة. اتفاقية بازل بشقيها الأول والثاني وأهميتها بالنسبة للبنان ولقطاعه المصرفي تحديداً، في هذا الحديث مع رئيس لجنة الرقابة على المصارف وليد علم الدين.

 

مفهوم الإتفاقيات ومعاييرها

■ ما هو مفهوم اتفاقيتي بازل I وبازل II وما هي المعايير الواجب تطبيقها في المصارف العالمية، لا سيما النامية منها؟ ­

لقد وضعت اللجنة العليا للرقابة على المصارف ­ الموجودة في بنك التسويات الدولي ومقره مدينة بال السويسرية، إتفاقية بازل I وبازل II. وبازل II هي تطوير نوعي وكمّي لما عرف بـ بازل I التي تطبق حالياً وهي تكاد تعنى فقط بمستوى رأس المال. أما بازل II فتعنى بعناصر ثلاثة، كفاية رأس المال واحدة منها، وسيضاف إليها الإشراف المصرفي ورقابة السوق. بالنسبة للعنصر الأول أي كفاية رأس المال، فإن ما سيطبق منه في نظامنا المصرفي اللبناني هو القسم المبسط، بينما ستطبق على المصارف العالمية الكبرى الأقسام الأكثر تعقيداً، ومع ذلك فسيكون النظام المطلوب منّا تطبيقه في لبنان بموجب بازل II أكثر تطويراً من النظام الحالي، إذ يتطلب من مصارفنا التمييز بشكل أكثر عمقاً بين أنواع ودرجات المخاطر المصرفية التي تديرها. إن هدف لجنة بازل أن يكون الرأسمال المطلوب في بازل II بشكل عام على المستوى ذاته للرأسمال المطلوب حالياً من بازل I، مع وجود بعض الاختلافات الجذرية تبعاً للدولة المعنية. وهذا يعني لنا في لبنان ضرورة تطوير أنظمة إدارة المخاطر في قطاعنا المصرفي، وقد باشرنا بذلك فعلاً. أما العنصر الثاني ل ـبازل II والذي لم يكن موجوداً من قبل، فهو الإشراف المصرفي أو ما يعرف في بلادنا بالرقابة على المصارف. هدف لجنة بازل من هذا التدبير ­ غير الإلزامي ­ تمتّع الهيئات المختصة بالقدرة على الإشراف على أنظمة إدارة المخاطر في المصارف. أما العنصر الثالث والأخير لـ بازل II فهو رقابة السوق، التي لا يمكن فرضها، وهي تعني تأكد السوق من حسن إدارة المصارف لأعمالها، وأيضاً التأكد من حسن أداء هيئات الرقابة على المصارف لعملها. وهذا يتطلب المزيد من الشفافية في المعلومات التي تعطيها المصارف، كما يتطلب المزيد من الشفافية أيضاً من الهيئات الرقابية كلجنة الرقابة. بالإضافة الى ذلك، فإن هذا يتطلب أن يكون في السوق المالي مؤسسات دراسية وإعلامية قادرة على القيام بدور الرقابة هذا.

 

دور القطاع المصرفي

■ هل يطبق القطاع المصرفي اللبناني معايير بازل I حالياً، وهل هو قادر على تطبيق معايير بازل II في بداية العام 2007؟

­إن حجم الموجودات في القطاع المصرفي اللبناني ­ بما فيها الودائع ­ بلغ نحو 62 مليار دولار حتى نهاية العام 2003. ما يعني أن حجم القطاع المصرفي يشكل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي. وهذه ظاهرة تحصل للمرة الأولى في تاريخ لبنان، وهي نادرة في الأنظمة العالمية، باعتبار أنه من الضروري خلق توازنات بين القطاعات الإقتصادية كافة بالنسبة للناتج المحلي. وطبعاً، تشير هذه الأرقام الى أن القطاع المصرفي اللبناني يستقطب الودائع الخارجية والمحلية أيضاً، وبالتالي فهو حائز على ثقة السوق وثقة المودعين. ولبنان يطبق حالياً معايير بازل I ولغاية آخر العام 2006، حيث سيبدأ بتطبيق معايير بازل II، لأن ذلك سيحافظ على ثقة المودعين بقطاعه المصرفي وبالمصارف العاملة فيه. وتطبيق هذه المعايير يستلزم تطوير أنظمة إدارة المخاطر في قطاعنا المصرفي، وبالتالي إعداد كوادر بشرية متخصصة وأنظمة متطوّرة وتشريعات مالية، ولقد بدأنا بهذه التحضيرات منذ العام 2001 وهي جاهزة للتطبيق الى حد كبير. ولا بـد من الإشـارة هنا، الى أنه نظـراً لما تتـمتع به الـكوادر البـشرية اللبـنانية في لجـنة الرقابـة على المـصارف من كفاءة، فقد اختار صندوق النقد الدولي ولجنة بازل الدولية في شباط الماضي، لجنة الرقابة على المصارف اللبنانية، لتكون المقيّم للأنظمة الرقابية في دول العالم، كما طلب منها منح مساعدات فنية وتقنية الى 130 دولة في العالم. وهذا الأمر يتم للمرة الأولى في تاريخ لبنان، ويعتبر وسام شرف وتقدير لهذا البلد الصغير الغني بثروته البشرية.

 

■ أين تكمن أهمية مقررات بازل II بالنسبة لأي قطاع مصرفي، وخصوصاً للقطاع المصرفي اللبناني؟

­إن مقررات بازل II تعكس القدرات الإدارية المتطورة للمصارف التي تطبقها. وبالتالي فإنها تعكس نسبة الثقة بهذه المصارف وبالأنظمة المصرفية. واليوم، لا يوجد خيار آخر أمام المصارف اللبنانية، إلا تطبيق أحدث المعايير والإتفاقيات، لأن الأنظمة المصرفية اللبنانية تعتمد على الثقة الخارجية بالمطلق. وكما سـبق وذكرنا، فإن القطـاع المصـرفي اللبناني، يدار بآلية أكثر تطوراً من إدارة أي قطاعـات إقتصادية أخـرى. وخيـر دليل على ذلك حجم الأسواق المالية أو بورصة بيـروت الذي يبلغ نحو 2.5 مليار دولار، في حين يجـب أن يتوازن هذا الرقـم مع حجم الـناتج القـومي الذي يبـلغ 18 مليار دولار. وكذلك الأمـر بالنسبة لقطـاع التأمـين، حيـث الودائـع لا تصـل الى أكـثر من 150 ملـيون دولار. وإزاء هذا الواقع، فإن لجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان، يعملان بجهد وبكافة السبل لخلق توازن بين القطاعات الإقتصادية بالنسبة للناتج المحلي. لأن هذا ينعكس على صحة القطاع المصرفي، ويمكّنه من القيام بمهامه على أكمل وجه. وإني أرى أن بازل II ستعطي ميزات تنافسية للدول التي سوف تطبقها، سيما وأن هناك العديد من المصارف غير قادرة على تطبيق معاييرها. وبالتالي فإن الودائع سوف تتحول من الدول التي لا تطبقها الى دول تطبقها. وسوف تكون حصة المصارف اللبنانية كبيرة جداً، وستمنح المزيد من النجاح لهذا القطاع، وبالتالي للإقتصاد اللبناني ولسمعته الخارجية.

 

المقررات والسرية المصرفية

■ تفرض مقررات بازل II المزيد من الشفافية في المعلومات التي تعطيها المصارف، فهل هذا يتنافى وقانون السرية المصرفية المعمول به في نظامنا المصرفي، ويمتاز به؟

إن الشفافية التي تفرضها بازل II على عمل المصارف لا تؤثر إطلاقاً على السرية المصرفية، لأن الشفافية المطلوبة من المصارف تنحصر فقط في طريقة إدارة المصرف لودائع الزبائن، ولا تتطلب لائحة بالأسماء، فالأخيرة تخص المصرف. غير أن المشاكل المصرفية تبدأ بالظهور الى العلن، بسرعة كبيرة مع تطبيق معايير الشفافية التي تفرضها بازل II.

 

■ لقد ذكرت أن مصرف لبنان وبالتعاون مع المصارف اللبنانية، يبذلون قصارى جهودهم من أجل خلق توازنات إقتصادية بين القطاعات كافة، حفاظاً على صحة عمل القطاع المصرفي، فأين تكمن هذه الجهود؟ ­

كما هو معلوم، القطاع المصرفي هو جزء من إقتصاد متكامل. وخلق توازنات بين القطاعات يتطلب تطوير القوانين التي تدار بموجبها الشركات الصناعية والاستثمارية... وذلك بغية رفع قيمة إقراض المصارف لهذه الشركات. وتجدر الإشارة الى أن حجم الإقراض الصافي الى القطاع الخاص قد انخفض في العام 2003 نحو500 مليون دولار، الأمر الذي أثّر سلباً على نمو هذا القطاع وبالتالي على نمو الإقتصاد الوطني. وقد بات من الأفضل اليوم، وضع قوانين على طريقة الحكم في الشركات، مما يسمح لها بزيادة رساميلها عن طريق مساهمين يختارون وفق القانون الذي يحمي حقوقهم في هذه الشركات، ويسمح أيضاً بزيادة الإقراض لهذه الشركات من المصارف بنسب تتوافق مع رأس مال كل منها. إن هذه التدابير من شأنها إنماء الشركات والقطاع الخاص على حد سواء، وبالتالي إنماء الإقتصاد العام. وختم قائلاً: يمكننا القول مجدداً أن دولة المؤسسات والقانون، هي التي تؤدي الى نمو الإقتصاد، وتدفع بقطاعاته الى تطبيق أعلى المعايير المتطورة عالمياً، والى رفع إسم لبنان مجدداً على منابر المحافل الإقتصادية والثقافية والعلمية...

 

 مؤتمرا دبي والبحرين يناقشان اتفاق "بازل 2"

 نظّمت شركة "أرنست أند يونغ" ­ الشرق الأوسط (كبرى الشركات المتخصصة في خدمات التدقيق واستشارات الأعمال)

مؤتمرين في دبي والبحرين للمؤسسات المصرفية والمالية والمؤسسات المشرفة عليها. وتركز جدول أعمالهما على توصيات لجنة بازل ­2 المتعلقة بالتشريعات الخاصة بالمؤسسات المصرفية، والتي ستنجم عنها تغيرات كبيرة في قطاع الخدمات المصرفية على مستوى العالم. ولقد عقد المؤتمر الأول في البحرين في 9 و10 آذار الماضي الجاري، وتبعه مؤتمر دبي في 13 و14 منه. وناقش خلالهما خبراء في بازل 2 المسائل الملحة التي يتضمنها الإتفاق، حيث قدموا تعريفاً معمقاً لبنود الإتفاق الذي يتضمن العملية التمهيدية ومتطلبات الكشوفات وتطبيقات التشريعات في المنطقة، الى جانب معايير التطبيق وتقويم الأداء.

 
تصوير: المجند إيلي خليل