في ثكناتنا

القوات الجوية في يوم مفتوح للأمل والثقة

الرقيب أول كرستينا عباس

 

«انتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر، وعندما حان الموعد استيقظت قبل الفجر، جهّزت نفسي وتوجهت باكرًا إلى قاعدة رياق الجوية، كنت أخشى أن يفوتني أي تفصيل من البرنامج المقرر». هذا ما بادرتنا به إحدى الشابات التي حضرت باكرًا إلى اليوم المفتوح مع القوات الجوية الذي نظّمته قيادتها ليكون يومًا ثقافيًا، ترفيهيًا ووطنيًا بامتياز، أرادت فيه شدّ أواصر الإلفة واللِحمة بين عسكرييها ومواطنيها، وأن تقول لهم إنّ جيشهم موجود إلى جانبهم، وطالما أنّه ما زال صامدًا في وجه التحديات، يخطو بعزمٍ وثبات نحو تعزيز قدراته وكفاءاته وإمكاناته، فلا خوف على مستقبل لبنان.

أرادت قيادة الجيش والقوات الجوية أن تزوّد المواطنين الأمل بالمستقبل، فكان هذا اليوم المفتوح الذي شكّل فسحةً خالية من الضغوطات بعيدًا من الهموم والمشكلات التي تثقل كاهل العسكريين والمدنيين على السواء.

 

فتَحت قاعدة رياق الجوية ذراعيها منذ الصباح الباكر لتحضن زوارها القادمين من مختلف المناطق اللبنانية كبارًا وصغارًا. وحين وصلنا إلى القاعدة قبل ساعةٍ من موعد البدء باستقبال الوافدين، رأينا عددًا لا بأس به من المواطنين قد سبقونا بالوصول. استيقظوا مع طلوع الفجر من شدّة حماستهم، وبعضهم أكدوا أنّهم لم يستطيعوا النوم أصلًا خشية أن يسبقهم الباص وتفوتهم الفرصة. تلامذة مدارس وطلاب جامعات، وجمعيات وعائلات أتوا جميعهم لتمضية أوقات مسلّية وليقفوا إلى جانب جيشهم ويتعرّفوا إليه أكثر. في الساحة كانوا ملتفّين حول العسكريين، لا تفارق البسمة وجوههم وكأنّهم «يطيرون» من الفرح. أوقفتني طالبة جامعية وقالت لي: «احفظي وجهي جيدًا فقد ترينني بعد سنوات في الوزارة فأنا أطمح إلى أن أصبح في الجيش لاحقًا». تبادلنا الأحاديث، وسألتني عن حياة الإناث في الجيش قبل أن تنتقل إلى مكان آخر. كان الأطفال يركضون ويمرحون بحرية، يقفزون وهم ينتقلون من مكانٍ إلى آخر، ينتظرون بشوق بدء العرض الجوي المرتقب، ويسألون: «أيمتى رح يطيروا الطيارات» فيأتي الجواب: «قريبًا».

 

«الفرحة فرحتَين»

في هذا اليوم، حطّ نسور السماء على الأرض وحلّوا ضيوفًا أعزّاء في قلوب المواطنين... هم الذين لا يعرفهم الناس لأنّهم «طيّارون» لا يسيرون برًّا، فمهمّتهم الدفاع عن سماء لبنان!

ضباط القوات الجوية ورتباؤها وأفرادها رحّبوا بضيوفهم الذين هم أصلًا «من أهل البيت» بالنسبة إليهم. وفي طليعة المرحّبين قائد القوات الجوية العميد الركن الطيار زياد هيكل الذي كان في الساحة بين عناصره والمواطنين، يجول معهم فَرِحًا، يجيب عن تساؤلاتهم بكل طيبة خاطر، ويُبدي تأثره بوقوف الشعب قرب جيشه، فهو بحاجة لدعم المواطنين واتّحادهم معه كي يتمكن لبنان من النهوض مجددًا. وفي كلمته الترحيبية بالحضور قال: «اليوم المفتوح هو فرصة للتلاقي، تلاقي المواطنين مع جيشهم، تلاقي محبي المؤسسة العسكرية مع مؤسستهم، تلاقي أفراد المؤسسة مع داعميهم ومحبيهم. اليوم المفتوح هو فرصة للتبادل الثقافي العسكري وللتعرف أكثر على القوات الجوية وعتادها وأسلحتها والاختصاصات المتوافرة فيها. هو ساحة للتلاقي الوطني تجمع أطياف المجتمع اللبناني وفئاته من المناطق كافة، هذا التلاقي الوطني الذي طالما كان وسيظل السلاح الأسلم والوحيد والأقوى للاستمرار في حماية وطننا من الأخطار المحدقة من كل جهة وصوب»، موضحًا أنّه يُعتبر «وسيلة غير تقليدية» يحتاجها الوطن لمواجهة ظروف استثنائية.

وفي نهاية اليوم الاستثنائي عبّر العميد الركن الطيار هيكل عن فرح كبير، فأعداد الوافدين تخطت كل التوقعات، إذ فاقت الـ٢٥ ألف شخص على الرغم من صعوبة التنقّل بسبب غلاء المحروقات والأزمة الاقتصادية، ورأى أنّ هذا الإقبال الكثيف يبرهن أنّ الشعب إلى جانب الجيش، والجيش يستمد القوة من التفاف المواطنين حوله.

في ذلك اليوم، بدا أنّ الجميع يمضون أوقاتًا جميلة بعيدًا من الهموم والضغوط التي تهيمن على حياة اللبنانيين. العسكريون والمدنيون والكبار والصغار والرسميون وغير الرسميين بدوا فرحين وكأنهم أخذوا إجازة من الواقع الذي يعيشونه. اللواء الركن الياس شامية الذي مثّل قائد الجيش العماد جوزاف عون في المناسبة عبّر عن شعوره بِفرحتَين: الأولى كانت لأنّه رأى مدى التفاف المواطنين حول جيشهم ومدى أملهم بأنّه الضامن الوحيد لأمن الوطن، خصوصًا وأنّهم تخطوا مشكلة غلاء كلفة التنقّل ليأتوا إلى منطقة بعيدة على الكثير منهم ليكونوا بالقرب من جيشهم. أما الفرحة الثانية فمصدرها قدرة القوات الجوية وعناصرها على تحمّل التحديات والصمود في وجهها. وأضاف: «هذا اليوم يحمل رمزًا كبيرًا لأنّ لبنان يمرّ بأزمات سياسية واقتصادية كبيرة، وعلى الرغم من ذلك نتيح للمواطنين فسحة أمل وابتسامة نراها على وجوههم. فالكبار اشتاقوا إلى الترفيه في ظلّ الضغوط النفسية التي يعيشونها، والأطفال يحبون هذه النشاطات». وأشار إلى أنّ الهدف الأساسي لقيادة الجيش من دعم هذا النشاط الذي تقوم به القوات الجوية هو تذكير اللبنانيين بأنّ أزمات كثيرة مرّت على لبنان وكلّها تخطّيناها وبالعزم نفسه نتخطى الأزمة الحالية أيضًا.

 

«رِجعتلي روحي»

مع تقدم الساعات وتنوّع النشاطات تزداد رغبة التعبير عن الفرح والثقة بالمؤسسة العسكرية والفخر بقدرات الجيش، لدى المواطنين والعسكريين في الخدمة والمتقاعدين. نتوقف بالقرب من النائب العميد الركن المتقاعد شامل روكز الذي كان حاضرًا مع عائلته. يخبرنا أنّ مشاركته في أي نشاط ينظمه الجيش تعني له الكثير، «بِترجّعلي روحي» على حدّ قوله. وقد أراد أيضًا من خلال وجوده توجيه رسالة إلى المواطنين قائلًا: «إنّ الجيش هو ضمانة الوطن. وقوته تأتي من التفاف شعبه حوله خصوصًا في هذه الظروف السياسية، الاجتماعية والاقتصادية الصعبة»، معبّرًا عن سروره لرؤية هذا العدد الكبير من المواطنين في رياق.

 

أمانة الشهداء

كذلك، كان لا بدّ من أن يكون لعائلات شهداء القوات الجوية حصة خاصة في ذلك اليوم. فقد وُجّهت لهم دعوة للمشاركة على الرغم من أنّهم «لا يحتاجون إلى دعوة للحضور، «فقد ورِثنا حُب الجيش والقوات الجوية من شهدائنا» بحسب تعبير السيدة حياة صدقة زوجة الرائد الشهيد جورج ووالدة الملازم أول الشهيد هادي. إنّها ترى في القوات الجوية أمانة زوجها وابنها، ولها «حصة كبيرة في قلبها». وهي تضيف أنّ المشاركة في هذه النشاطات تتيح لها فرصة نقل الأمانة لأحفادها ليكبروا على حُب لبنان والجيش. وهي مستعدة لمحاربة جميع الظروف لتكون بالقرب من جيشها الذي طالما كان إلى جانبها.

 

أهلًا في «المنطقة الإيجابية»

في يومها المفتوح بدت ساحة القوات الجوية وجنباتها كـ»عالمٍ آخر» بعيدًا من الواقع الفعلي في البلد. نحو ٢٥ ألف شخصٍ تركوا خلفهم كل ما يؤرقهم، وها هم يتنقلون بفرح بين الطائرات المتوقفة في الساحة، يلتقطون الصوَر في كل مكان ويستوقفهم عتاد القتال المعروض. يسألون العسكريين عن كل ما يجول في أذهانهم من أسئلة. وبِدورهم يشرح العناصر كل التفاصيل، ويساعدون من يرغب في التقاط صورة وهو يحمل سلاح الـM٤. الجانب الأكثر متعة كان الـsimulator حيث يحقق من يرغب، حلمه بقيادة ما يشبه الطائرة من ناحية الـcontrols والـview والمقعد حتى. لم تكن التفاصيل كلها موجودة ولكنّ الشبه الذي بينها وبين الطائرة الحقيقية جعل المواطنين يقفون في طوابير «جميلة» ينتظرون فيها دورهم «للطيران».

رغم العدد القياسي للمشاركين لم يتذمّر أحد، فالجميع كانوا سعداء. أساسًا، كانت المشاعر السلبية «ممنوعة من الدخول» فعلى المدخل لوحة ترحّب بالجميع في «المنطقة الإيجابية»، طاردةً كل ما هو حزين وسلبي إلى الخارج. وبالفعل غمرت المشاعر الإيجابية الحضور جميعهم فبدوا فرِحين ومتفائلين. «أتيت لأقول أنّني أحبّ الجيش وأقدّر تضحياته في أصعب الظروف» قالت فتاة عشرينية. وبينما يلفت نظرنا طفل بالكاد يتلفّظ ببضع كلمات لكنّه يردّد باستمرار: جيش جيش… يؤكد شباب ينتمون إلى أحد المعاهد أنّهم يشاركون «لأنّهم يحبون وطنهم ولن يرحلوا منه أيًا كانت الظروف. «أنا أريد أن أصبح طيارًا حين أكبر لأقود طائرة الـPuma» يقول الفتى محمد الحجار. وقربه عدد من الأولاد يسألون العسكريين: «كيف نصبح طيارين؟» فيجيبون: «عليك النجاح في الشهادة الثانوية بمعدّل يفوق الـ١٢ على ٢٠، تتقدّم لامتحانات الدخول إلى الكلية الحربية، في ختام السنة الأولى تقدّم امتحانًا للمدرسة الجوية إذا كنت بين الـ٢٥٪ الأوائل، وإذا لم تشعر بالدوار بعد أن تدور فيك الطائرة تصبح تلميذًا ضابطًا جويًا».

لم يكُن المواطنون الوحيدين الذين طرحوا الأسئلة، فجمعية «التحريج» التي تُعنى بإعادة تشجير لبنان كانت تطرح على المواطنين عدة أسئلة، ومَن تكون إجابته صحيحة يحظى بغرسة أرز يزرعها ويتعهدها لتكبر. لماذا الأرزة؟ يأتي الجواب من رئيسة الجمعية: «لأنّه حين نقول جيش نقول تلقائيًا أرزة». بهذه الطريقة يكون الجيش قد ساهم في اليوم المفتوح، بالتعاون مع هذه الجمعية، بإعادة تشجير لبنان خصوصًا بعد الحرائق الضخمة التي شهدتها غاباته في الصيف.

 

عيون نحو السماء

خُطفت الأنفاس، وتوقف الأطفال عن الركض في الساحات. الجميع تمركز قرب المنصّة وعيناه نحو السماء: سوف يبدأ العرض الذي ينتظره الجميع. استهلّت طوافات من نوع Gazelle العرض المخطَّط تنفيذه في الجو من قِبل القوات الجوية. هذه الطوافات المتمركزة في قاعدة رياق الجوية عادةً، قامت بمناورة تغيير الاتّجاه بأسرع وقتٍ ممكن في ظلّ نظرات الدهشة والفخر في عيون المشاهدين وتصفيقهم المدوّي. واللافت أنّ الحضور كانوا يستمعون إلى أصوات الطيارين من داخل الطوافات وكيف يتواصلون في ما بينهم.

أمّا طائرات الـSuper Tucano A29 التي تتمركز عادةً في قاعدة حامات الجوية وتقوم بمهمات دفاعية عديدة، فقد أبهرت بدورها المواطنين بالمناورات الجوية المختلفة التي قامت بها.

استمتع الجميع بالعروض التي قُدّمت وعَلَت الصيحات والهتافات حين قامت طوافات من نوع Puma بإنزال مقاتلين بواسطة الحبل، ونقل جرحى ومصابين ونقل سيارات UTV إلى أرض المعركة.

الكبار والصغار، «طائرون» من السعادة ولا ينغّص هذه الفرحة بين الحين والحين، سوى أحد الأطفال الذي أضاع أهله، يركض إلى حيث يرى البزّة العسكرية، يلجأ إلى أحد العسكريين ليحميه، «يتكمّش» به مطمئنًّا، فهو في حضن «الوطن» الذي سيجد له ذويه أو يناديهم على مكبّر الصوت ليأتوا ويأخذوا ابنهم.

 

القضاء على إرهابيين

سادت الحماسة جميع المشاركين حين بدأت المناورات والعروض التي نفّذها فوج التدخل السادس المتمركز في قاعدة رياق الجوية أيضًا، والذي يُعتبر من الأفواج المقاتلة المنتشرة في منطقة زحلة والجوار. وتسابقت الهواتف لأخذ الصوَر وتوثيق اللحظات الممتعة بالفيديو. ومن فَرط الحماسة تخطى الكثيرون حدّ الأمان المسموح به غير متنبّهين إلى خطورة اقترابهم من ساحة العرض. لكنّ العسكريين ما كانوا ليسمحوا بتعرّض أي مُشاهد للخطر فعملوا على إبعادهم بمساعدة أعضاء من جمعيات كانت حاضرة.

بدأ العرض بالقفزة الحرة عن ونش ارتفاعه ٤٠ مترًا بعدة طرق منها: هبوط عصفور ميت، وهبوط على الظهر، وهبوط جريح وتسلّق. ثم تابع الفوج عرضه بمناورة بالذخيرة الخلّبية تحاكي مهاجمة مبنى تتمركز فيه مجموعة إرهابية. تقدّمت عدّة حضائر في دورية، الأولى تؤمن الحماية، الثانية للتطويق، الثالثة لمداهمة الهدف والرابعة للإخلاء. حاول عنصر إرهابي الفرار فرمَت الحضيرة الأولى النيران باتّجاهه وقضت عليه. ثم تمّت مداهمة الهدف وجرى توقيف باقي الإرهابيين، بعدها انسحبت الدورية تحت تغطية النيران. وفي تلك اللحظة بالذات شعر المواطنون بالفخر كأنّه تمّ بالفعل القضاء على مجموعة إرهابية وعلا التصفيق معلنًا الاعتزاز بقدرات الجيش.

تابع فوج التدخل السادس عرضه مقدّمًا مجموعة من حركات تعزيز الثقة بالنفس والقتال المتقارب أو القتال وجهًا لوجه بالسلاح الأبيض. كان الحضور فخورين بما يقدمه العسكريون، والإعلامي شربل سعادة الذي كان يقوم بتغطية ذلك اليوم تحدّث عن التضحيات التي يقوم بها الجيش في هذه الظروف وعن المرّات التي ترك فيها مهماته الدفاعية ليكون بالقرب من المواطنين في مشكلاتهم. قال: «ما نراه اليوم لا يوصف بكلمات، يكبّر القلب. على الرغم من عملي الإعلامي في البرامج الإذاعية والتلفزيونية، لم تكُن يومًا فرحتي كبيرة بهذا القدر وأنا أغطي هذا اليوم المفتوح».

 

«بِحسُد كل حدا بْيلبُس هالبدلة»

لم يكُن سعادة الوحيد الذي يشعر بالفخر في ذلك اليوم بل الجميع. فالعروض كانت شيّقة ومتنوعة وتزداد خطورة كل مرة، وفي كل مرة كان الطيارون يبرهنون عن كفاءة عالية جدًا. فقد شاهدنا سربًا من طائرات مختلفة تعبر الأجواء هي طوافات Bulldog، Raven وUH1H. وعلى الرغم من صعوبة نطق بعض أسماء الطوافات، كان الصغار يحفظونها كلّها ويفتخرون بتعدادها.

حان موعد واحدة من أخطر المناورات الجوية التي تفترض انطلاق طوافتين من نوع Puma من أماكن مختلفة، تتواجهان في منتصف المسافة بينهما ثم تتابعان الطيران بعد أن تقتربا من بعضهما إلى أقصى حدّ. كان الجميع متأهبين بِأعيُن مسمّرة نحو السماء، وحين تمّت المناورة بنجاح علَت الهيصات والهتافات وكأنّ الحاضرين يشاهدون مباراة نهائية وقد قام فريقهم لتوّه بتسديد هدف الفوز في مرمى الخصم. كانت فرحتهم لا توصَف.

 

عُرض في الاحتفال إيجاز عن مهمات دفاعية وإنمائية واجتماعية نفّذتها القوات الجوية في السنوات الأخيرة، من بينها:

- المشاركة في معركة «فجر الجرود» ضدّ المجموعات الإرهابية.

- إخماد حرائق اندلعت في عدد من المناطق اللبنانية.

- رش مبيدات زراعية.

- التوعية من الأمراض والأوبئة عبر إلقاء مناشير توعوية من الطائرات (خصوصًا ضد فيروس كورونا).

 

توقفت في ساحة العرض عدة طوافات وطائرات بجانبها ضباط، وتلامذة ضباط، وعسكريون من رتب مختلفة، يشرحون مواصفاتها وميزاتها. من بين هذه الطوافات والطائرات:

- MD 530F1: هي أحدث طوافة استقدمها الجيش اللبناني، وهي نسخة معدَّلة عن الـMD 530F العادية وغير متوافرة في أي دولة أخرى، إذ تمّ تصنيعها في الولايات المتحدة الأميركية بناءً على مواصفات حدّدها الجيش اللبناني. وهذه الطائرة مجهزة بسلاح الـHMP500 وصاروخ APKWS الذي هو Guided Missile. وتستطيع حمل نحو ٣٧٥٠ باوند Full Fuel، Full Weapon، تطير بهذا الوزن لحوالى الساعتين مع سرعة قصوى تصل لـ١٥٢ Knots.

- Ab212 أو bel212: استقدمتها القوات الجوية في الثمانينيات وتوقفت عن العمل منذ العام ١٩٩٠ لأنّها تضرّرت كثيرًا. في العام ٢٠١٩ قرّر الجيش إعادة ترميمها بمشروع يقضي بترميم طوافة كل سنة من بين ٥ يمكن إصلاحها. حتى الآن تمّ ترميم ٣ طوافات قادرة على تنفيذ مختلف المهمات. وقد استطاع فنّيو القوات الجوية ترميمها بكلفة أقل بـ٦٠٪ من كلفة إرسالها إلى الشركة الأم.

- Super Tucano: استُقدمت إلى لبنان في العام ٢٠١٧. يُتّكل عليها في الحروب والقتال. هي: fixed-wing، PT6 engine، propeller، مجهّزة برشاش ١٢,٧ ملم وتستطيع القيام بحركات بهلوانية في الجو Acrobatic Maneuvers.

- Bulldog: طائرة تدريب تُستخدم للتدريب الابتدائي. تقوم بحركات بهلوانية تدريبية، تقوم بحركات Flips، تطير inverted لـ١٥ ثانية، سرعتها القصوى ١٨٥ Knots لكنّها تطير عادة بسرعة ٨٠. هي تدريبية لأنّها تعلّم base الطيران والمناورات، وبعد التمكّن منها يتمّ الانتقال إلى الطوافات الأخرى.

- UH1H: تُستخدم للعمليات العسكرية كالعمليات المجوقلة والإنزالات بالإضافة إلى الإخلاء الطبي وإطفاء الحرائق. سرعتها ١٢٤ Knots.

- Raven: تُستخدم للتدريب وحاليًا لجولات «لبنان من فوق». يمكن إزالة المقعد الذي في جهة اليسار المخصّص للـco-pilot في العادة.

 

مشاركة غير متوقعة والكلفة صفر!

يوضح العميد الركن هيكل:

- كان هاجسنا الأكبر كيفية إنجاح هذا اليوم في ظل الظروف والتحديات الضاغطة التي يرزح تحتها مواطنونا، كما نحن، من غلاء المعيشة إلى ارتفاع أسعار المحروقات، خصوصًا وأنّ هذا اليوم يُقام في قاعدة رياق الجوية أي في البقاع. لذلك تمّ الاتصال بالمؤسسات التي تتوافر لديها وسائل نقل من تربوية وسياحية لشرح أهداف هذا النشاط، فأبدى الكثيرون اندفاعًا لافتًا في استعدادهم لتقديم المساهمة بهدف دعمنا وإنجاح هذا اليوم الوطني.

- مشاركة المواطنين بنسبة غير متوقعة على الرغم من الظروف والضائقة المادية الضاغطة، كما التناغم الذي حصل بين المواطنين وجيشهم، شكّل مشهدًا بالغ الأثر وستظل أصداؤه تتردد في قاعدة رياق الجوية، وفي نفوس المشاركين.

- بالنسبة إلى الكلفة فهي صفر! فكلفة ساعات الطيران مدفوعة سلفًا من موازنة الجيش تحت باب طيران تدريبي، إذ ينبغي على الطيارين تنفيذ حد أدنى من ساعات الطيران سنويًا بهدف المحافظة على مهاراتهم من جهة، ولتأمين الجهوزية من جهة أخرى. ولقد كان التحليق في اليوم المفتوح من ضمن ساعات الطيران التدريبي. وفي ما يتعلق بكلفة التجهيزات فقد تأمنت من دون أن يتكلف الجيش ليرة واحدة، فالرعاة الداعمون للجيش تكفّلوا بكل ما يلزم.

 

لقطات

• قاعدة رياق الجوية هي القاعدة الأم للقوات الجوية، وقد تأسست في العام ١٩١٦ أي أنّ عمرها يفوق المئة سنة!

• في هذا اليوم، حطّ نسور السماء على الأرض وحلّوا ضيوفًا أعزّاء في قلوب المواطنين... هم الذين لا يعرفهم الناس لأنّهم «طيّارون» لا يسيرون برًّا، فمهمّتهم الدفاع عن سماء لبنان!

• يقول المدير التنفيذي لوكالة الإعلانات FP٧ McCann، السيد خليل أبو حمد: «كنّا نعتقد أنّ طائرات جيشنا القديمة يقودها طيّارون ويهتمّ بها فنّيون «قديمون»، وإذ بنا نتعرّف إليهم شبابًا يافعًا، يضجّ بالأمل والمعنويات العالية. وجدناهم شبابًا ووشابات يُرفع بهم الرأس، ذو مستوى فكري مميّز، لا يحدّ طموحهم قِدَم العتاد، بل هم ينفخون فيه أنفسهم ويعيدون إليه شبابه أو حتى يعيدونه إلى الحياة...»

• بدأت أعمال التحضير لهذا النشاط قبل شهرين، أما التمركز وتنظيم المكان فقد تمّ خلال ٤٨ ساعة من العمل الدؤوب.

• بلغ عدد الوافدين من المواطنين أكثر من ٢٥ ألف شخص من مختلف الأعمار والمناطق اللبنانية، حتى من الشمال والجنوب! كما تابع الانتشار اللبناني في العالم، الداعم الأكبر للمؤسّسة العسكرية، هذا الحدث الوطني المميّز عبر التلفزيونات اللبنانية وخصوصًا تلفزيون لبنان الذي تولّى النقل المباشر.

 

تمسّكوا بجذورها...

كتبت ندين ولسن نجيم بعد مشاركتها في اليوم المفتوح مع القوات الجوية، كلمات دعت الجميع إلى قراءتها بتمعّن وحفرها في الذاكرة، قالت: «وفيما كنت أسير باتجاه قاعدة رياق الجوية، كنت آمل أن يكون هذا الحدث مصدر دعمٍ أكبر للجيش، متسائلةً ما إذا كان الناس سيشاركون أم ستمنعهم أزمة المحروقات ومعنوياتهم شبه المعدومة أو لامبالاتهم.

كان عليّ السير لمدة ثلاثين دقيقة بسبب الازدحام الذي سبّبه حضور آلاف المواطنين إلى القاعدة. اعتقدت أنّهم أهالي المناطق البقاعية المحيطة الطيّبون قادمون لقضاء يومٍ ترفيهي. نظرت إلى لوحات السيارات وإذ بي وجدتها من كل لبنان: بيروت وجونية وصيدا والنبطية والأوزاعي، وزغرتا... قدموا من أقاصي الـ١٠٤٥٢ كلم٢ ليكونوا هنا، اليوم.

حجابها، لهجته، انتماؤهم السياسي وطريقة صلاتهم... كل ذلك لم يكن مهمًّا.

تساءلت ما إذا كانوا هنا فقط للترفيه، وربما هذا ما دفع الشباب للقدوم، الطائرات والطوافات والعتاد الحربي... سبب كافٍ ليجذبهم في بلدٍ دفعنا فيه الروتين المدمِّر إلى حالةٍ من العجز المُكتسب.

سمعت أنّ الجميع كان مشاركًا: العائلات، الأطفال، الأزواج، الشباب والشابات، وسائل الإعلام، عسكريون وعسكريات وحتى عائلات الشهداء...

هل تعرفون... كثير من الدول التي مزّقتها إراقة الدماء ودمّرتها، عادت ووحّدتها لعبة كرة القدم، وغيرها توحّدت بفضل لعبة الكريكيت، وأخرى من خلال مفاوضات السلام... ولكن نحن؟

نحن موحّدون من خلال مؤسّسة واحدة وحيدة هي الجيش اللبناني! فمن دونها لن نعرف معنى السيادة والأمان والاستقرار، ولا معنى القوة واستعراض القوة... من دونها لا شيء!

كل شيء يتغيّر، أمور كثيرة تضمحلّ وتختفي، ولكن هذه المؤسّسة هي خالدة! إنّها شجرة السنديان التي تصمد في العواصف، وهي التي تبقي الأرض قويةً وصلبة... فتمسّكوا بجذورها بكل قوّتكم، لأنّه ما من بديل عنها!

 

كيف استطاعوا؟

كيف استطاعت القوات الجوية توفير كل ما يلزم لإنجاح اليوم المفتوح في ظل قلة الإمكانات وسياسة التقشف التي يعتمدها الجيش؟ طرحنا هذا السؤال على رئيس لجنة التحضير واللوجستية الرائد الركن هيثم الحاج الذي كان مسؤولًا عن التواصل مع الرعاة والمساهمين والراغبين بدعم الجيش وتوفير المستلزمات لإنجاح المناسبة، فأجاب بالآتي:

على الرغم من كل الظروف الصعبة التي يمرّ بها البلد وتمرّ بها الشركات والمؤسسات والجمعيات لمست رغبة عند الجميع بدعم المؤسسة العسكرية. وهذه الرغبة نابعة من الإيمان بالجيش ومن الشعور بأنّ دعمه واجب، خصوصًا وأنّ المشروع الذي تقوم به يهدف إلى إيجاد فسحة أمل للمواطن الذي يرزح تحت وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة، ويحتاج إلى الترفيه عن نفسه وعائلته من دون أن يتكبد أي تكلفة. هذه الفكرة كانت مشجِّعة للرعاة الذين كانوا أسخياء في تقديماتهم رغم أنّهم يعانون بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة ومشكلة عدم توافر السيولة.

 

من هم الرعاة؟

أسهم في رعاية اليوم المفتوح وتوفير مستلزماته كل من:

Medora, Platinum Fidelity, Berdawni, LRI, XXL, DHL, Al makhazen Coop, Ariane Travel & Tourism, Aqua la vie, Chocolatino, Meptico sal, Daher foods, Light Vision, Lost, Sanita, Spinneys, Nakhal, U Speak, Jamhoury co., Barakat Travel, Saad Transport, Inter Brand, Bardawil G System Corporation, Balamand, Saker Transportation, Al Hamra Group.

جمعية نبض التنمية