تحقيق عسكري

القوات الخاصة في الجيش
إعداد: ريما سليم ضومط
تصوير: العريف الأول يحيى خضر الجندي بلال عرب فادي البيطار

رجال يشهد لصلابتهم الثلج والبحر والفضاء

تدريبات لا تنتهي ولقب مغوار أو مجوقل دونه أهوال وشدائد  لا يجتازها إلا من يجرؤ عنوانهم الجرأة، الشجاعة، والإندفاع.

هم من نخبة المقاتلين في الجيش، يتلقون تدريباً خاصاً في التنشئة البدنية والنفسية والتقنية والتكتية، ويجهزون تجهيزاً خاصاً لكي يصبح بإمكانهم القتال في الظروف جميعها بكفاءة عالية، وتنفيذ مهام خاصة تصعب على المقاتل العادي.
يخضعون لأكثر التدريبات صعوبة، يتعلمون من خلالها مواجهة أشرس العدوان في أصعب الظروف المناخية والبيئية.
القوات الخاصة في الجيش، الثلج يشهد على صلابتهم في مواجهة قساوة صقيعه، والبحر يدرك مدى براعتهم في خوض غماره، والفضاء يعهدهم نسوراً يحلقون في مداه الواسع...
حياتهم سلسلة لا تنتهي من التدريب العسكري والنشاطات الرياضية الهادفة إلى الحفاظ على الجهوزية التامة.
مراحل عديدة عليهم اجتيازها، وصعوبات جمة عليهم تخطيها للوصول إلى حيث لا يجرؤ الآخرون.
فالقوات الخاصة هي وحدات تقوم بتدريبات تتطلب لياقة بدنية عالية، وقدرة على تحمل المشقات، وجرأة وشجاعة وإقداماً، إضافة إلى الكفاءة الذهنية المميزة، والمهارة في استعمال السلاح، والدقة والبراعة في التنفيذ.
تضطلع هذه الوحدات بدور فائق الأهمية، فهي مجهزة لتنفيذ مهام بالغة الدقة، تعجز الأسلحة المتطورة عن تنفيذها، كونها تعتمد على المهارة الفردية وردود الفعل السريعة. من بين هذه المهام مكافحة أعمال الشغب، ودهم الأماكن المشبوهة وإلقاء القبض على المطلوبين، والقيام بعمليات عسكرية خلف خطوط العدو، ومواجهة مجموعات إرهابية تختطف الطائرات، أو تحتجز الرهائن، أو تتسلل للإعتداء على شخصيات هامة. إضافة إلى الدور الفعال الذي تؤديها القوات الخاصة في عمليات الإنقاذ وإخلاء الجرحى والمصابين من أماكن يتعذر على غير المحترفين العمل فيها كونها تتطلب إمكانات خاصة.
من هنا أهمية هذه الوحدات، والإهتمام الذي توليه مختلف جيوش العالم، والجيش اللبناني واحد منها، لتجهيز وتدريب قواتها الخاصة. وقد بلغ تدريب القوات الخاصة في لبنان مراحل متقدمة جداً بحيث يمكننا القول بكل فخر وبكل ثقة أن أفواج المغاوير ومغاوير البحر والمجوقل والقوة الضاربة يشكلون قوة عسكرية نتباهى بها ونعتمد عليها في تأدية المهام الأصعب.
فما هي أنواع التدريب الخاص الذي يخضع له عناصر القوات الخاصة، وما هي مميزات كل منها؟
أسئلة حملناها الى قادة هذه الوحدات، وعدنا بجعبة من الإجابات تعرّف بهم.


مدرسة القوات الخاصة: المحطة الأولى في طريق الاحتراف

أولى التدريبات التي يتلقاها العسكريون الراغبون بالإنضمام إلى الوحدات الخاصة تبدأ في مدرسة القوات الخاصة. فالمدرسة هي المسؤولة عن إعداد هؤلاء العناصر عن طريق دورات تأسيسية خاصة يلتحق في ختامها المتخرجون بقطعهم حيث ينفذون، إلى جانب نشاطاتهم المعتادة، التدريبات التي تعلموها في أثناء الدورة.
كما تتولى المدرسة إعداد مكاتب الدراسة والدورات التدريبية الخاصة بالوحدات المذكورة وتنفيذها وتندرج ضمن مسؤولياتها أيضاً، دورات التخشن التي يتابعها كل من عناصر الأفواج وتلامذة المدرسة الحربية وتلامذة مدرسة الرتباء.

 

20ساعة تدريب يومياً

عن برنامج دورة إعداد القوات الخاصة تحدث قائد المدرسة المقدم المغوار مروان عيسى موضحاً أن التلميذ يخضع خلال الدورة التأسيسية، ومدتها ثلاثة أشهر، لتدريب عسكري شاق تصل مدته أحياناً إلى عشرين ساعة في اليوم الواحد، ويقسم إلى ثلاث مراحل هي الآتية:
المرحلة التحضيرية، ومدتها ثلاثة أسابيع. تهدف إلى تحضير العناصر جسدياً وذهنياً لمتابعة دورة مغوار (أو قوات خاصة). وهم يخضعون في نهايتها لاختبارات رياضية تشمل الركض لمسافة ميلين، سواعد 45 حرة، جذع 45حرة، العارضة الثابتة، وجولة مقاتل.
من يجتاز هذه الاختبارات يتأهل للمرحلة الثانية من التدريب وهي المرحلة التقنية التي تهدف إلى تزويد المقاتل الفردي المهارات اللازمة  للدفاع عن النفس، وإلى تدريبه على تحمل مختلف الضغوط الجسدية والنفسية.
تشمل هذه المرحلة دروساً في القتال المتقارب (إشتباك وحراب)، متفجرات، قراءة خرائط، تسلق وهبوط، إشارة، تقنيات الدوريات، قتال الأماكن الآهلة، عبور حواجز مائية، إضافة إلى التعامل مع البحرية والتعامل مع الطوافات عبر قفزات حبل الثقة كمثل القفز من الطوافة أو عن لوح خشبي مثبت على ارتفاع ستة أمتار، أو استخدام «بكرة المياه» لاجتياز حاجز مائي.
تشمل هذه المرحلة أيضاً التمارين الرياضية المختلفة وتمارين السير، ويتعرض في خلالها العناصر إلى ضغط نفسي شديد بسبب مكابدتهم الكثير من المشقات والمصاعب وحرمانهم في الوقت نفسه من ساعات النوم، وعدم منحهم فرصة للراحة.
من يصمد حتى نهاية هذه المرحلة ينتقل إلى المرحلة التكتية التي تتضمن التطبيق العملي لمادة تقنيات الدوريات، حيث يعمد التلامذة إلى تنفيذ كمائن وغارات على أهداف معادية في ظروف مناخية وحياتية صعبة للغاية، إضافة إلى دروس التعيّش ودروس الأسر.

 

من المدرسة إلى قاعدة دوريات

تبدأ هذه المرحلة بالإنتقال من المدرسة إلى قاعدة دوريات في أرض جردية قاحلة.
يتم الانطلاق عن طريق البحر حيث يعزل العناصر في مركب الإنزال لمدة 24 ساعة، تليها مرحلة التجذيف ومدتها ثلاث ساعات تبدأ في الثالثة والنصف فجراً وتستمر حتى السادسة والنصف صباحاً.
بعدها يتم النزول إلى الشاطئ والإنطلاق إلى قاعدة الدوريات، وهي عملية تستغرق ما بين 12 و14 ساعة من المشي بالعتاد الكامل (يبلغ وزنه حوالى 25 كلغ)، علماً أن الإنطلاق يبدأ من ارتفاع صفر إلى حوالى 1400 م.
في القاعدة يبدأ التطبيق العملي لمختلف الدروس التقنية من بينها دوريات القتال (كمين وإغارة) ودوريات الإستطلاع. وتشمل الأسابيع الثلاثة الأولى من التدريب القتال ضمن أراضي العدو ما يستدعي التنفيذ ليلاً، ويضطر العناصر في هذه المرحلة الى العمل طوال عشرين ساعة في اليوم الواحد.

 

من يصمد حتى النهاية

في نهاية الأسبوع الثالث، تُنفذ دورية الأسر وفك الأسر، التي تعتبر من أصعب التدريبات لأن العناصر الذين يلعبون دور الأسرى يتعرضون لتعذيب فعلي مماثل لما يمكن أن يتعرض له العسكري عند وقوعه في الأسر.
في الأسبوع الرابع (بعد دحر العدو) يتم العمل نهاراً وليلاً لمطاردته، وتبدأ دوريات إقتفاء الأثر، وتنفيذ مختلف الضربات من كمين وإغارة ودورية المطرقة والسدان التي يتم من خلالها الإطباق على العدو.
ختاماً، يتم الإنتقال سيراً على الأقدام إلى مدرسة القوات الخاصة فيجتاز العناصر مسافة تراوح ما بين ثمانين كلم ومئة كلم مع كامل العتاد.
في نهاية هذه المرحلة، يتخرج الناجحون (حوالى 15% من عديد الدورة) ويمنحون شهادة «مغوار».

 

دورة مدرب مغوار

* هل من شروط معينة يجب أن تتوافر في الراغبين بمتابعة دورة قوات خاصة؟
- يتم قبول التلامذة في مدرسة القوات الخاصة بناءً على ثلاثة إختبارات: الاختبار الطبي، الإختبار الرياضي، إختبار القراءة والكتابة، علماً أن الراغبين بالانتساب يجب ألا يتجاوز سنهم الثلاثين عاماً.
* ما هي المؤهلات التي يتمتع بها مدربو القوات الخاصة؟
- قبل مباشرة التدريب، يخضع المدربون لدورة مدرب مغوار في مدرسة القوات الخاصة، وهي دورة مشابهة لدورة مغوار مع التركيز على التقنيات والتفاصيل لا سيما في قراءة الخرائط ودروس القتال.
من شروط متابعة الدورة أن يكون المرشح من رتبة عريف وما فوق ممن تابعوا دورة مغوار،  وأن يجتاز الاختبارات الطبية والرياضية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة تتطلب بذل الكثير من الجهود لاجتيازها بنجاح، وليس شرطاً أن ينجح فيها من سبق أن تابع دورة مغوار ما لم يبذل جهوداً مضاعفة في أثناء التنفيذ.

 

دورات اضافية

* هل من دورات إضافية يتابعها عناصر القوات الخاصة عدا عن الدورة التأسيسية؟
- الدورات الخاصة بالوحدات الخاصة في المدرسة هي دورة مغوار، دورة مدرب مغوار (سبق الحديث عنهما)، إضافة إلى دورة الدهم ودورة الدعم الهندسي.
كما يمكن لعناصر الوحدات الخاصة المشاركة في دورة معلم هبوط التي تستقبل عسكريين من مختلف قطع الجيش.
* ماذا تشمل الدورات المذكورة، وما الهدف منها؟
- دورة الدهم، مدتها سبعة أسابيع، وتقسم إلى نوعين: الدهم بالمسدس والدهم بالبندقية.
الهدف من الأولى التدريب على تخليص رهائن، ويتابعها عناصر من مختلف الوحدات يتم تقسيمهم أرهاطاً.
أما الثانية فتهدف إلى التدريب على القتال ضد جيش عدو، لذلك تتابعها مجموعة متكاملة من وحدة معينة، فتقوم بالتدريب بطريقة مماثلة لما يمكن أن تواجهه السرية أو الفصيلة في قتالها مع العدو.
يتم التشديد في دورة المداهمة على تنفيذ تمارين قتال في أماكن آهلة بشكل صحيح ودقيق، بغية عدم تكبيد المدنيين أية خسائر.
كما تشمل دورة الدعم الهندسي، ومدتها ستة أسابيع، وهي ضرورية جداً لعناصر الوحدات الخاصة. عديدها لا يتجاوز الخمسة وعشرين عنصراً نظراً الى كثافة الدروس التقنية بما في ذلك المتفجرات وعملها، دروس الخرائط، الهندسة العسكرية، وتقنيات الدوريات.
يتولى التدريب فيها مدربون من المدرسة وآخرون من فوج الهندسة، ويتم التركيز في التمارين على مهاجمة بقعة ما، وتفجير الأبنية العدوة للوصول إلى المكان المقصود، إضافة إلى عمليات قطع الطرق في حال الهجوم المعاكس، والعمليات الحربية الخاصة كالكمين والإغارة.

 

بين البحر والجرد

أمّا دورة معلم هبوط فتخرج تقنيين قادرين على تركيب أي مشغل تسلق وهبوط، سواء كان على برج أو مبنى عالٍ أو طوافة أو أي جرف صخري، أو حاجز مائي، أو أودية سحيقة.
مدة الدورة سبعة أسابيع يتعلم خلالها العناصر (من رتبة رقيب وما فوق) كيفية حل العقد وربطها بأسلوب محترف، إضافة إلى طريقة استخدام الحبال في مختلف الأمكنة والظروف.
تظهر أهمية هذه الدورة عند الإنتقال في الجرود أو فوق الحواجز المائية أو الأودية، حيث تستدعي الحاجة وجود تقني خبير لتركيب مشغل الحبال، وتمكين باقي العناصر من اجتياز أي حاجز يعيق تقدم المجموعة.

 

فوج المغاوير: لقب مغوار حلم  كل عسكري مقدام
فوج المغاوير وحدة عريقة في الجيش اللبناني، ولقب مغوار حلم يراود كل عسكري مقدام وجريء.
كيف يمكن الحصول على هذا اللقب؟ سؤال يجيب عنه قائد فوج المغاوير العقيد الركن صالح قيس.
يتم اختيار العسكري المغوار بناءً على اختبار في الرياضة وآخر في المعلومات العامة إضافة إلى فحص طبي دقيق. بعد اجتياز هذه الإختبارات الثلاثة التي تحدّد القدرات الذهنية والجسدية للمرشحين، يُقبل الناجحون ويتم إخضاعهم لدورة مكثفة في الفوج لمدة شهر تتضمن التمارين الرياضية المختلفة، والتسلق، واستعمال الحبال والعقد، وقتال الحراب، إضافة إلى حلقات الإشتباك، والجولات الهوائية، وتمارين السير الشاقة بالعتاد الكامل. تهدف هذه الدورة إلى إعدادهم وتحضيرهم لمتابعة دورة المغوار لمدة شهرين في مدرسة القوات الخاصة، حيث يلتحق الناجحون في ختامها بسرايا الفوج ويتابعون التدريب الذي أشرنا إليه سابقاً، إضافة إلى تدريبهم في مختلف الإختصاصات التي يحتاجها العسكري المغوار كتركيب المتفجرات وتفكيكها، واستعمال السلاح بالطريقة الفعالة، وقراءة الخرائط. كما نعطيهم دروساً في الإشارة وأخرى في الإسعافات الأولية.بعدها نحضرهم للعمل القتالي ضمن مجموعة، فيباشرون أولاً تمارين القتال ضمن حضيرة، ثم فصيلة، فسرية. كما يتابعون مراحل التدريب التي ينفذها عناصر الفوج على مدار السنة.

 

مراحل الدورة

* ماذا تشمل كل من هذه المراحل، وما الهدف منها؟
- يقسم برنامج التدريب السنوي في الفوج إلى ثلاثة مراحل: مرحلة الإعداد والتحضير، مرحلة التأهيل الفنّي، ومرحلة التدريب التكتي.
في المرحلة الأولى، ومدتها شهر واحد، يتم إعداد الرتباء المدربين حيث يتابعون دروساً في تقنيات التدريب، كما يتم تنظيم برنامج التدريب وجداول الدروس الخاصة بالدورات، إضافة إلى استطلاع الأماكن المناسبة للتدريب وتحديدها، مع الإشارة إلى أهمية التنوع في اختيار هذه الأماكن كي نعرّف العسكريين في كل مرة على طبيعة أرض مختلفة وظروف مناخية مختلفة، ما يمنحهم القدرة على تنفيذ المهام التي تطلب منهم بسهولة أكبر بصرف النظر عن الظروف البيئية المرافقة.
تشمل المرحلة الأولى أيضاً إعداد الخطط التوجيهية وفقاً للخطط الصادرة عن مديرية التوجيه، كما تتضمن المباريات الرياضية الخاصة بتقييم السرايا.

 

تأهيل وتناغم

في المرحلة الثانية، ومدتها ثلاثة أشهر، يتم تأهيل العناصر فنياً، فيخضعون لدورات مختلفة من بينها دورات السوق على آليات مختلفة من جيب، وشاحنة «بيك آب»، وقاطرة ومقطورة، وناقلة جند، إضافة إلى دورة سوق فئة «أ» دراجة ثلج، وذلك لتدريبهم على التنقل على الثلج بمختلف الوسائل.
كما تشمل هذه المرحلة أيضاً التدريب والتمرس على الأسلحة وسدنها، إضافة إلى الدورات التعليمية حول استخدام الحاسوب، ودورة أمانة سر، ودورة إشارة.
أما مرحلة التدريب التكتي فمدتها ثمانية أشهر، وتتضمن دروساً في القتال على مختلف المستويات بدءاً بالتدريب الخاص بالمقاتل الفردي مع كل ما يتطلبه هذا النوع من القتال من مهارة فردية وقدرات جسدية عالية وحضور ذهني فاعل، إضافة إلى الأسلحة الخاصة به. يليه القتال الخاص بالحضيرة ثم الفصيلة وصولاً إلى الأعمال القتالية على مستوى السرية بأكملها، والأعمال القتالية على مستوى لفيف فرعي - تكتي.
الهدف من دروس القتال هذه، خلق التناغم بين المجموعة مهما كان حجمها، وتنمية روح التعاون والقدرة على التنسيق في ما بين العناصر المشاركين، بغية إنجاز عمل ناجح ومتكامل، إستعداداً للتنفيذ العملي حيث لا مجال لارتكاب الأخطاء.

 

دورات وتعامل مع الطوافات

إلى جانب برنامج التدريب السنوي، يفتتح الفوج باستمرار دورات خاصة يتابعها الإختصاصيون في مختلف السرايا كل ضمن اختصاصه، من بينها دورة قناص، ودورات تفجير لعناصر الهندسة الإختصاصيين، ودورات تدريب على تقنيات التسلق العسكري لوحدات القتال الجبلي، إضافة إلى دورات إشارة ودورات تمريض، علماً أن كل حضيرة يجب أن تضم ممرضاً للحالات الطارئة.
من جهة أخرى، يخضع عناصر الفوج جميعهم لتدريب دهم سنوي في مدرسة القوات الخاصة، كما يقومون بدوريات إستطلاع ومبيت خارج الثكنة لمدة أربعة أيام ينفذون خلالها دروساً في القتال الخاص من ضمنها دوريات الإستطلاع والإغارة والكمين وتقفي الأثر والدهم وتدمير مرابض المدفعية.
ومن التدريبات المميزة في الفوج، تدريب التعامل مع الطوافات الذي تشارك فيه جميع الوحدات، ويتم من خلاله التعرف على قدرات الطوافة وإمكاناتها، وتعلم كيفية تجهيزها لتنفيذ مهمة تكتية، والتمرن على القفز منها على علو منخفض براً وبحراً، إضافة إلى الهبوط من على متنها بواسطة الحبال.
تنتهي التدريبات المذكورة بمناورة تكتية بالطوافات يتم خلالها إنزال مجموعات من العناصر في بقعة ما لتنفيذ مهمة، على أن تعود الطوافة لتقلّهم في وقت محدد من بقعة أخرى يتم الإتفاق عليها، علماً أن المجموعة التي تتأخر عن الوصول إلى المكان المحدد في الوقت المحدد تترك حيث هي وتغادر الطوافة من دونها، فيكون عليها الإلتحاق بنقطة تألّب الوحدة سيراً على الأقدام، وتكبّد مشقات جمة.

 

التماس والمهاجمة واستثمار النجاح

* هل من نشاط تدريبي معين يتميز به الفوج؟
- يقيم فوج المغاوير في كل عام مخيماً تدريبياً مدته ثلاثة أشهر يتضمن تدريبات عسكرية على مختلف المستويات بدءاً بالقتال الفردي، فالقتال على مستوى حضيرة، وعلى مستوى فصيلة، وصولاً إلى القتال على مستوى السرية بأكملها.
يتم خلال هذه الدروس إختبار مختلف مراحل القتال الهجومي كالتقدم للتماس والمهاجمة، واستثمار النجاح والمطاردة. كما يتم تنفيذ إغارة على معسكر العدو، إضافة إلى الهجوم المحضر والتمرين على عمل الفصائل المهاجمة والفصائل المساندة. ومن بين الدروس العملية أيضاً تنفيذ كمين ليلي ضد الآليات، ودوريات لاقتفاء أثر العدو، ومطاردة مجموعات إرهابية، إضافة إلى الدروس الخاصة بالعمليات المجوقلة.
تختتم كل مرحلة من مراحل التدريب بمناورة تكتية بالذخيرة الحية، على صعيد لفيف فرعي، تستخدم فيها الأسلحة المتوافرة في الفوج جميعها. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العسكري المغوار يقوم بأربع رمايات على مدار الفصول للحفاظ على المستوى المطلوب في الرماية.
أما العناصر المتخصصون كالقناصة، فينفذون رماية مرة كل شهر بمجموع إثنتي عشرة مرة في العام الواحد.
يتخلل المخيم أيضاً تمارين سير شاقة، وتسلق جبال ومنحدرات، وتمارين توجه، إضافة إلى تمارين قتال خاصة بالمغاوير وتمرين «التعيّش» حيث يتم ترك العسكريين في منطقة مقفرة من دون طعام أو ماء أو أية وسيلة دعم، وعليهم أن يتعايشوا مع الطبيعة، والصمود في وجه الظروف البيئية القاسية، وتنفيذ المهام المطلوبة منهم، إضافة إلى تحمل التعب الناجم عن عدم النوم باستثناء ساعتين أو ثلاث طوال 24 ساعة. والهدف من هذا التمرين تعزيز قدرة المغوار على الصمود واحتمال المشقات، وتدريبه على القتال في أصعب الظروف الممكنة.
سر النشاط الدائم

 

* المعروف أن المغوار يهتم بلياقته البدنية، فكيف يحافظ عناصر الفوج على نشاطهم الدائم؟
- يولي الفوج أهمية خاصة للرياضة لأنها الطريق الأقصر للحفاظ على اللياقة البدنية، إضافة إلى أهميتها في طرد عنصر الخوف ورفع معنويات العسكريين، وإعطائهم الحافز للتقدم عن طريق المنافسة، وإزالة الضغط النفسي الناجم عن التدريب الشاق.
نبدأ بتحضير الفرد على الصعيد الرياضي بشكل تدريجي، وذلك عن طريق الركض اليومي من 6 إلى 8 كلم.
كما نقيم سباقاً في الحضائر مرة شهرياً لمسافة 5 كلم باللباس العسكري والعتاد الكامل. ونسعى حالياً لمباشرة السباق نفسه على مستوى فصيلة ومن ثم سرية بأكملها. الهدف من ذلك تحضير المجموعة المقاتلة للإنتقال سيراً إذا دعت الحاجة إلى ذلك، والوصول إلى الهدف في أوقات متقاربة جداً إذا استحال وصول السرية بأكملها في الوقت نفسه.
يقيم الفوج أيضاً تقييماً عاماً للرياضة على مستوى الفوج ككل مرتين في السنة، وأربع مرات على مستوى السرية. وتشمل الإختبارات مختلف الألعاب الرياضية المعروفة في الجيش.

 

* كيف يتم اختيار الرتباء المدربين في الفوج، لا سيما أنهم يمكن أن يدربوا ضباطاً ورتباء أعلى رتبة منهم في خلال الدورات التدريبية؟
- يجب أن يكون المدرب الرتيب خريج مدرسة الرتباء، وأن يكون قد تابع دورة مغوار، ودورة تفجير، ودورة مداهمة.
يجب أيضاً أن تتوافر فيه مؤهلات خاصة لإمرة الفصيلة، وأن تبرز عنده روح القيادة.
نحن بدورنا نقوم بتأهيل قدراته الفكرية والجسدية، وتعزيز ثقته بنفسه، إضافة إلى تطوير خبراته في التدريب من خلال إخضاعه لدورات خاصة.

 

سرية القتال الجبلي: أعالي القمم ميدانهم

العام 1999 ألحقت بفوج المغاوير سرية القتال الجبلي، ما المميز في هذه السرية على صعيد القدرات والتدريب؟
السرية كما يدل إسمها متخصصة بالقتال الجبلي، لذا فهي مزودة تجهيزات خاصة، كالعتاد الخاص بالثلج من دراجات، ومزاحف للإخلاء الصحي، والألبسة الخاصة بالقتال على الثلج، والتزلج التقني، إضافة إلى العتاد الخاص بالتسلق، وتجهيز الممرات الجبلية.
أما في ما خص التدريب، فتطبق في العمليات الجبلية المبادئ والأسس القتالية العامة نفسها، إنما بطريقة تتناسب مع طبيعة الأرض والظروف المناخية التي تتطلب تمتع القوى بكفاءات ومهارات خاصة. ويخضع عناصر سرية القتال الجبلي لدورات عدة نذكر منها ما يلي:
* دورة تأسيسية في التزلج العسكري، مدتها ثمانية أسابيع، وتتضمن دروساً نظرية وتطبيقية في تقنيات التزلج، والتزلج العسكري وطرق الإنتقال والإحتماء على الثلج؛ إضافة إلى الإخلاء الصحي، ممارسة الرمي في المناطق الثلجية والمرتفعات، التنشئة التكتية في دوريات الإستطلاع والكمائن، وإنشاء مراكز قتال في المناطق الثلجية.
* دورة تأسيسية في التسلق العسكري، مدتها خمسة أسابيع، وتتضمن عدة دروس منها: تقنيات التسلق، تقنيات الحيطة والأمان في أثناء التسلق، العقد وأنواعها، تجهيز الممرات الجبلية وعبورها، طرق الإنتقال في المناطق الجبلية الوعرة، وعمليات الإخلاء الصحي من الجروف الصخرية.
* دورة آمر مجموعة جبلية وتمتد على مرحلتين (شتاءً وصيفاً) كل منهما تستمر نحو ثلاثة أسابيع.
* دورة تكتية في القتال الجبلي (الشتوي والصيفي).
تعتبر هذه الدورة تدريباً إجمالياً يشمل التقنيات الخاصة بالمناطق الجبلية، والتي تدربت عليها السرية خلال الدورات التأسيسية وكيفية تطبيقها في عمليات تكتية في الجبال وذلك خلال فصلي الشتاء والصيف. وتجدر الإشارة إلى أن هناك فريقي تدريب من الجيش الفرنسي يأتيان سنوياً إلى لبنان لتدريب عناصر السرية في المرحلتين الشتوية والصيفية.

 

مغاوير البحر:رفاق البحر في كل حالاته

مغاوير البحر، رفاق البحر، وحده يدرك مدى براعتهم في سبر أغواره، وفي التعاطي معه في مختلف حالاته ثائراً كان أم هادئاً أم مجنوناً...
رماله تأنس وقع خطاهم، وأمواجه في تحدٍ دائم مع هذه «الضفادع البشرية» التي تقف في مواجهتها صيفاً وشتاءً، تصارعها تارة وتلتحم بها تارة أخرى، ثم تتجاوزها لتغوص في الأعماق بهدف تنفيذ إغارة أو عملية إنقاذ أو بحث عن غرقى، أو إزالة ألغام بحرية، أو غيرها من التدريبات الخاصة بمغاوير البحر.
من أبرز سماتهم «الجرأة» التي يعبر عنها شعارهم الأساسي «من يجرؤ فلينضم». والجرأة هذه يجب أن تترافق مع الثقة بالنفس، والقدرة على التحمل في مختلف الظروف، إضافة إلى العمل بصمت، وذلك بحسب ما يؤكد قائد الفوج العقيد الركن جورج شريم.
ونسأله: هل يمكن لهذه الجرأة والثقة الزائدة بالنفس أن تولّدا لدى العسكريين عقدة العظمة، وتدفعانهم بالتالي إلى عدم الامتثال لأوامر الرؤساء؟ فيجيب مؤكداً أن المعنويات   المرتفعة لا تعني أبداً تخطي القانون.
ويضيف: نحن حريصون على إعطاء كل عسكري حقه، لكننا في المقابل صارمون في مسألة الإنضباط. فإذا لم يكن العسكريون منضبطين، لن تنجح أي مهمة يكلفون بها، مهما بلغوا من مستويات عالية في التدريب.
ويتابع موضحاً: على أي حال، نحن واثقون من جدية عناصرنا، وتؤكد على ذلك نسبة العقوبات المتدنية في الفوج التي توضح مدى التزام العسكريين الأنظمة والقوانين العسكرية.

 

من يجرؤ... فلينضم

لاستيضاح المزيد حول ميزات مغاوير البحر ومؤهلاتهم، نسأل قائد الفوج، علام يتم التشديد في صقل شخصية المغوار البحري وفي تنشئته العسكرية؟
فيجيب: نعمل باستمرار على تنمية المهارة الفردية وتعزيز قدرة العسكريين على احتمال مختلف المصاعب والمشقات والتكيف مع الظروف المناخية والبيئية، إضافة إلى التركيز على عنصر هام هو قناعة الفرد بجدوى مهمته.
 

* كيم تترجم هذه الخطوات عملياً؟
- تترجم من خلال التدريبات المكثفة التي يخضع لها جميع عناصرنا منذ التحاقهم بالفوج وطوال فترة خدمتهم العسكرية ضمن مغاوير البحر.
 

* هل يمكن أن تضعنا في أجواء هذه التدريبات؟
- يقسم التدريب في الفوج إلى ثلاثة أنواع: أساسي، تكميلي، ومتخصص.
التدريب الأساسي هو الدورة الأساسية التي يخضع لها المغوار البحري فور إنهائه الدورة التدريبية في مدرسة القوات الخاصة والتحاقه بالفوج. يستمر التدريب المذكور لمدة ثمانية أسابيع، ويشمل دروساً في السباحة، وأخرى في التعامل مع الزوارق، وفي التوجه، إضافة إلى عمليات الإبرار على الشاطئ بواسطة الزوارق المطاطية، والدروس والمناورات مع القوات البحرية.
يتخلل الدورة «أسبوع الجحيم» وهو عبارة عن أسبوع من التدريبات الشاقة والمضنية، فيها الكثير من القهر والعذاب الجسدي، يبذل العسكريون في خلالها أقصى طاقاتهم الجسدية لتنفيذ المطلوب منهم، علماً أنهم يتدربون ما يزيد على العشرين ساعة في اليوم الواحد، ولا ينامون أكثر من ساعتين طوال ال42 ساعة.
الهدف من هذا الأسبوع تعزيز قدرة العسكريين على التحمل وتدريبهم على الصمود في مواجهة أقسى الظروف التي يمكن أن ترافق تنفيذ مهامهم المستقبلية.

 

الدورات التكميلية

في نهاية الدورة الأساسية، يتم توزيع العناصر الجدد على سرايا الفوج حيث يخضعون لدورات تكميلية وفقاً لاختصاصاتهم. ومن بين هذه الدورات:
* دورة الغطس الأساسي التي يتابعها عناصرنا في مدرسة القوات البحرية.
*دورة الهبوط والتعامل مع الطوافات، يتعلم خلالها العسكريون كيفية التعامل مع الطوافة والإنتقال بواسطتها لتنفيذ مهمة، إضافة إلى الهبوط من الطوافات بواسطة الحبال، والرماية بالرشاشات من داخل الطوافة.
* دورة القناصين، مدتها حوالى ستة أسابيع، يتم من خلالها إعداد رماة ماهرين قادرين على الرماية لمسافات مختلفة.
* تدريب الأماكن الآهلة، يتم داخل مشبه مخصص لهذا النوع من التدريب، ويستخدم فيه الرصاص الخلبي أولاً ثم الذخيرة الحية.وهو يهدف إلى تدريب العسكريين على دهم المنازل في الأماكن السكنية الآهلة من دون تعريض المدنيين للخطر.
إضافة إلى الدورات المذكورة، تشمل المرحلة التكميلية دورات تقنية من بينها دورة خبير متفجرات التي تُتابع في فوج الهندسة، ودورة سوق ودورة تصليح ميكانيك، وتتم متابعتهما في اللواء اللوجستي، إضافة إلى دورات قراءة الخرائط والتوجه والإشارة.

 

غطس القتال

قمة الدورات التدريبية في فوج مغاوير البحر هي دورة غطس القتال، التي يتابعها عدد قليل من العناصر ذوي الكفاءة العالية بعد نجاحهم في إختبار الدخول الذي يشمل السباحة واجتياز 52 متراً تحت المياه، إضافة إلى اختبار الركض والسواعد والجذع.
مدة هذه الدورة 18 شهراً وهي تهدف إلى تحضير مقاتلين محترفين قادرين على استعمال البحر كوسيلة للتسلل إلى الشاطئ والقيام بعمليات خاصة خلف خطوط العدو.
تشمل دورة غطس القتال العديد من التدريبات والتمارين القاسية والمرهقة منها: تمارين سير عنيفة، ركض على الرمل، سباحة لمسافات طويلة واجتياز عشرات الأمتار تحت المياه، السباحة والأيدي والأرجل مربوطة وتنفيذ عقد تحت الماء، الخ.. كل ذلك بغية رفع الكفاءة القتالية لدى الفرد وزيادة ثقة الغطاس بقدراته القتالية وتنمية الحس القتالي لديه، ما يجعله قادراً على تحمل ظروف البحر القاسية والتغلب على المصاعب التي تواجهه للوصول إلى الشاطئ وتنفيذ المهمات الموكلة إليه.
كذلك يتلقى غطاسو الدورة دروساً مختلفة من بينها المتفجرات على الأرض وتحت المياه، ومسح الشواطئ والإستعلام، علم الأسلحة، التعامل مع الزوارق ومع الطوافة، الإشارة، قراءة الخرائط، التعايش، التجذيف والملاحة، حوادث الغطس والتعليمات الخاصة بالغطس والبيئة، إضافة إلى تنفيذ مختلف أنواع الغطس الدفاعي والغطس الهجومي.
في نهاية الدورة يتخرج الناجحون الذين لا يزيد عددهم عادة على 25 في المئة من مجموع المشاركين، وهم يعتبرون نخبة العناصر في الفوج.
* من الملاحظ أن غالبية عناصر الفوج يتمتعون بلياقة بدنية وبمظهر رياضي، فكيف تحافظون على هذا المظهر؟
- إلى جانب التدريب المستمر الذي أشرنا إليه سابقاً، هناك برنامج رياضي يومي يتابعه جميع عناصر الفوج ويشمل رياضة الركض ما بين 7 و8 كلم يومياً، وجولات المقاتل والجولات الهوائية التي تنمّي اللياقة البدنية وقدرة الفرد على التحمل ومواجهة الأخطار. كما نقوم برمايات بمختلف الأسلحة مرتين في الشهر على الأقل.
 

الفوج المجوقل: فرادة المحترفين
من على ارتفاع عشرات الأمتار تراهم يهبطون من الطوافة، ممتشقين الحبال، مظهرين ثقة عارمة بالنفس ينفرد بها المحترفون. وإذ يواصلون طريقهم نزولاً، يحطون إما على اليابسة أو في البحر منفذين عمليات قتالية خاصة، يبرعون في أدائها كمثل براعتهم في استخدام الحبال في مختلف تقنياتها.
هم عناصر الفوج المجوقل المتخصصون بالتنقل جواً بوسطة الطيران لتنفيذ عمليات خاصة من ضمنها الإغارة والاستطلاع والكمين، والمشهورون بإتقان «لغة الحبال» والتعامل معها بمهارة الإختصاصيين.
من ميزاتهم القدرة الخاصة على مواجهة حرب الشوارع ومطاردة المسلحين وعمليات الدهم والاستطلاع في الأماكن المعادية والعمليات ضد العدو، كما يبرعون بشكل خاص في القتال في المناطق الجردية وفي المرتفعات وعلى الثلوج نظراً الى تأهيلهم فردياً وجماعياً لمثل هذه المهمات عبر التدريب المتواصل، وتجهيزهم بالعتاد الضروري والمعدات المطلوبة لهذه الغاية.
عن مؤهلات عناصر الفوج وكيفية تدريبهم يتحدث قائد الفوج العقيد الركن شربل الفغالي، فيؤكد أن عناصر الفوج المجوقل من نخبة المحاربين القادرين على التأقلم في مختلف الظروف، مشيراً إلى أنهم يسعون باستمرار لتطوير قدراتهم الجسدية والذهنية والتقنية بغية الحفاظ على جهوزيتهم واستعدادهم للتدخل في المهام الأصعب، ولذلك، يخضعون لتدريب خاص بالمجوقلين يتضمن عدة دروس، من أبرزها الإنتقال بالطوافة لتنفيذ المهمات. وتشمل هذه الدروس تقنيات القفز من الطوافة، إما على اليابسة، أو على سطوح الأبنية، أو في الماء.
وتتضمن دروس الهبوط في الماء تقنية تعويم العتاد والانتقال سباحة إلى الهدف المنشود.
 

لغة الحبال

كذلك يتم التشديد في التدريبات الخاصة على تقنيات ربط الحبال وكيفية استخدامها في مختلف الظروف، كإنزال العتاد والجرحى من الطوافة بواسطة الحبال من على ارتفاع حوالى أربعين متراً، والهبوط على الحبال من سطوح الأبنية ودهمها من النوافذ والشرفات، إضافة إلى عمليات الإنقاذ والإغاثة بواسطة الحبال، وعبور الحواجز المائية حيث تقوم السرية بأكملها باجتياز الأنهر مستخدمة الحبال. والهدف من هذا التمرين عدم الإضطرار إلى السير في المياه في حال دعت المهمة إلى عبور حواجز مائية لأن ذلك قد يؤدي إلى نكسة صحية تعرقل تنفيذ المهمة.
ويتابع العقيد الركن الفغالي الحديث عن التدريب الخاص بالمجوقل، الذي يشمل أيضاً دورات تزلج وقتال على الثلج يتخللها تمارين سير بالعتاد الكامل، ومهمات إنقاذ على الثلج، إضافة إلى المبيت لمدة ليلة أو أكثر في كهوف ثلجية يصنعها عناصر الدورة، ويتسع كل منها لخمسة أشخاص.

 

كيف يستحقون لقب المجوقل؟

* كيف يصبح العسكري مجوقلاً، وما المراحل التي يجتازها ليستحق هذا اللقب؟
- بداية يخضع العسكريون الراغبون بالحصول على لقب مجوقل لفحص طبي واختبار في الرياضة، حيث يتابع الناجحون دورة تحضيرية في الفوج مدتها خمسة عشر يوماً. يتخللها دروس عسكرية كقتال الحراب، جولات المقاتل والجولات الهوائية على ارتفاع ستة أمتار، إضافة إلى التمارين الرياضية المختلفة.
في ختام هذه المرحلة، ينتقل العسكريون الذين يجتازونها بنجاح لمتابعة دورة المجوقل التي تستمر لمدة ثمانية أسابيع وتقسم إلى ثلاثة أقسام:
* التنشئة البدنية، مدتها ثلاثة أسابيع، وتهدف إلى تنمية القدرة البدنية وقوة التحمل عند العسكريين. وتتضمن دروساً في جولتي المقاتل الأرضية والهوائية، حلقات الاشتباك، التسلق والهبوط بواسطة الحبال، تمارين السير، النظام المرصوص، قتال الحراب، والرياضة البدنية الإجمالية إضافة إلى دروس الاشارة وقراءة الخرائط.
* التنشئة التقنية وتهدف إلى زيادة المعارف العسكرية واكتساب الخبرات الضرورية لتنفيذ المهام المطلوبة. تستمر لمدة أربعة أسابيع وتشمل دروساً عملية في القتال النوعي والخاص، ودروساً في التعامل مع الطوافات كونها الأساس في العمليات المجوقلة. من بين التمارين العملية في هذه المرحلة التسلق والهبوط، المتفجرات والألغام، دوريات الإستطلاع واقتفاء الأثر، الدهم، الكمين، إحتلال قاعدة دوريات، الإغارة على مراكز العدو، والتعامل مع الزوارق المطاطية في الحالات الطارئة.
* التنشئة التكتية، مدتها أسبوع واحد. يواصل في خلالها العسكريون تنفيذ دروس القتال التي تزداد قساوتها تدريجاً، ويتم من خلالها اختبار حسن الأداء والجدية في التنفيذ. تختتم هذه المرحلة بتمرين سير شاق، وامتحانات نهاية الدورة أمام اللجنة الفاحصة.
الجدير بالذكر أن دورة المجوقل تبدأ عادة بحوالى ثمانين عنصراً يتخرج منهم ما بين ثلاثين وخمسة وثلاثين عنصراً، علماً أنه يجب على العسكري المجوقل تنفيذ ما يتجاوز الستين عملية هبوط على الحبال بأوضاع مختلفة (من الطوافة، الشرفات، الجسور، الجدران...) ومن على ارتفاعات عالية لتحديد مدى جرأته وقدرته على السيطرة على خوفه. ومن يصمد حتى النهاية يتخرج مجوقلاً.

 

الأفعى وجبة شهية * ماذا بعد اللقب المنشود؟
- في ختام الدورة يلتحق العسكريون بسرايا الفوج ويباشرون ممارسة المهام المطلوبة منهم، مع مواصلة التدريب الخاص بالوحدات الخاصة بصورة دائمة.
يشمل هذا التدريب قراءة الخرائط، تسلق وهبوط الحبال، والقتال ضمن مجموعات صغيرة معزولة، تتألف كل مجموعة من عناصر دهم، ومفجر، وممرّض، وقنّاص يتم تدريبهم لتنفيذ مهمات خاصة.
وتتضمن التمارين أيضاً أعمال الدهم، ومكافحة الشغب، ودوريات القتال بما فيها الكمائن والإغارة، إضافة إلى القتال خلف خطوط العدو. وتشمل هذه التدريبات دوريات بعيدة المدى تعتمد على التسلل، ونصب كمين، مع عبور حواجز مائية، وتعايش مع الطبيعة لمدة 48 ساعة يقتات في خلالها العسكريون الزعتر والحشائش البرية، وإذا كانوا محظوظين قد يوفقون بأفعى حيث يقومون بشوائها وتقاسمها كوجبة شهية.
من التدريبات الدائمة أيضاً قتال الشوارع والغابات والتقنيات الخاصة بكل منهما.
كما يتمرن العناصر أيضاً على تقنيات النسف والتفجير من قبل مهندسين من فوج الهندسة.
إلى جانب هذه التدريبات، يمارس جميع عناصر الفوج الرياضة على أنواعها بهدف المحافظة على اللياقة البدنية، وتعزيز القدرة على التحمل. وهم يقومون بصورة دائمة بتمارين سير وتمارين توجه بالبوصلة، وحلقات اشتباك، وقتال حراب، والجولات الهوائية والأرضية.

 

* هل يشارك ضباط الفوج في دورات تدريبية خارج لبنان؟
- ليس الضباط فحسب، وإنما الرتباء والأفراد أيضاً.فالفوج يضم عناصر مميزين مؤهلين لمتابعة دورات في الخارج. وفي الوقت الحالي هناك ستة ضباط وخمسة عشر رتيباً يتابعون دورة مجوقل ومنع تسلل في كل من الصين والكويت والأردن.


سؤال لم نسأله

السؤال الأخير الذي لم نطرحه على قادة الوحدات الخاصة: ماذا أثمرت تدريبات القوات الخاصة؟
الجواب عنه يمكن أن نستشفه من إنجازات هؤلاء الأبطال وأعمالهم المشهود لها.
فهل ننسى مغاوير البحر في عملية الإنقاذ وانتشال الجثث في أثناء سقوط طائرة «كوتونو»؟ هل ننسى جهوزيتهم التي فاجأت الجميع: بعد استدعائهم بساعتين فقط كانوا
 جاهزين في الطائرة التي أقلتهم إلى مكان الحادث، ليقوموا بسرعة قياسية بعزل المنطقة والتفتيش عن أحياء وانتشال الجثث وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بما في ذلك قمرة القيادة والصندوقين الأسودين اللذين تم تسليمهما إلى السلطات المختصة.
وهل نتجاهل دور الوحدات الخاصة في أعمال الدهم وإلقاء القبض على المطلوبين، والعمليات الحربية الخاصة في المناطق الحساسة؟
وكيف لا نشكرهم على عمليات الإنقاذ، وخصوصاً وحدات القتال الجبلي التي أنقذت غير مرة مواطنين محاصرين في الأعالي وسط الثلوج المتراكمة، ومغاوير البحر الذين أنقذوا مراكب بحرية في أثناء العواصف والرعود.
من منا لا يثني على ما قامت به الوحدات الخاصة على الصعيد الإنمائي حيث قاموا بتنظيف المواقع الأثرية وتأهيلها، بما في ذلك قلعة بعلبك التي تسلق الجنود أعمدة هياكلها بواسطة الحبال، وعملوا على تنظيف التيجان والسقوف وتأهيلها. كما قاموا بتنظيف صخرة الروشة متسلقين الحبال بشجاعة على منحدرها السحيق.
كل ذلك غيض من فيض مما يقدمه هؤلاء الشبان الأشداء الذين اختاروا الجندية رسالة ومبدأ، وانتقوا لتأدية هذه الرسالة الطريق الأصعب!