قضايا عسكرية

القواعد العسكرية الأميركية في سوريا
إعداد: شارل أبي نادر
عميد متقاعد

نقاط التمركز، المهمات، التحديات والأهداف


اعتبارًا من تشرين الأول من العام 2015، انتشرت أول دفعة من الوحدات الخاصة الأميركية في سوريا تحت عنوان التحالف الدولي لمحاربة «داعش». تباعًا مع تطوّر المعركة، تمّ تعزيز تلك القوات لدعم قوات سوريا الديمقراطية ومجموعات أخرى من المعارضة السورية. وبمعزل عن الجدال المتعلّق بمشروعية وجود هذه القواعد استنادًا إلى القانون الدولي أو عدم مشروعيته، فإنّنا سنسلّط عليها الضوء مستعرضين أماكن التمركز والمهمات، والأهداف والتحديات التي تواجهها.


نقاط التمركز والمهمات

• قاعدة رميلان:
تقع في الشمال الشرقي من محافظة الحسكة وعلى مقربة من الحدود العراقية السورية، وقد كانت بالأساس مهبطًا لطائرات زراعية سورية تستخدم لرش المبيدات، وتستعملها الوحدات الأميركية حاليًا كمهبط لطائرات نقل عسكري خفيف.

 

• قاعدة عين العرب (كوباني):
تقع بالتحديد قرب قرية خراب عشق جنوب غرب عين العرب في محافظة حلب، وهي معسكر تدريب ومهبط لطائرات النقل العسكري.  
 

• قاعدة المبروكة:
تقع غرب مدينة الحسكة، وهي عبارة عن تجمّع سكني يتألف من وحدات مسبقة الصنع ونقطة لوجستية، مع نقطة تمركز لوحدات خاصة مجهزة بطوافات قتال ونقل ومساندة.
 

 • قاعدة روباريا:
تقع في أقصى شمال شرق سوريا قرب مدينة المالكية على الحدود مع العراق، وتضمّ مطارًا لطائرات النقل ومركزًا للخدمات اللوجستية المُخزَّنة.
 

• قاعدة تل بيدر:
تقع شمال شرق مدينة عين عيسى إلى الغرب من الحسكة، فيها مهابط للمروحيات ومعسكر تدريب.
 

• قاعدة تل أبيض:
تقع في مدينة تل أبيض على الحدود مع تركيا، تعتبر أكبر تجمع في سوريا لوحدات أميركية لوجستية وخاصة، وهي مجهزة بطوافات وبآليات مدرعة.
 

• قاعدة الشدادي:
تقع جنوب الحسكة على طريق رئيسي يربط الحسكة بدير الزور، وهي عبارة عن نقطة تجمّع للوحدات الخاصة ومهبط للطوافات.
 

• قاعدة الطبقة:
تقع غرب نهر الفرات في مطار الطبقة العسكري السوري، وهي نقطة ارتكاز لطوافات الدعم المتقدم لقوات سوريا الديمقراطية.
 

• قاعدة التنف:
تقع جنوب شرق سوريا على المثلث الحدودي بين الأردن وسوريا والعراق، فيها مهبط للطوافات مع معسكر تدريب وقواعد لوجستية، بالإضافة إلى كونها تحضن أكبر معسكر تدريبي وعملاني لتجمّع من فصائل المعارضة السورية المسلّحة.
وكانت الوحدات الأميركية قد أخلت أخيرًا قاعدة عسكرية في منطقة زكف القريبة من الحدود مع العراق، وهي تقع في منتصف المسافة بين قاعدة التنف وبين مدينة البوكمال السورية، وقد تمّ إخلاؤها بسبب اقتراب وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه منها خلال عملية تحرير مدينة البوكمال من «داعش».
 
التحديات والأهداف

بحسب معهد هدسون الأميركي للأبحاث والدراسات، فإنّ الإدارة الأميركية وعلى لسان المتحدث باسم البنتاغون لشؤون الشرق الأوسط إريك باهان، أعربت عن استيائها الشديد من قيام تركيا، وعبر وكالة الأناضول التركية، بتسريب معلومات وإحداثيات عن قواعد عسكرية أميركية في سوريا، كانت الولايات المتحدة الأميركية تحرص على إبقائها سرية.
هذه الاستراتيجية الأميركية في الحرص على إبقاء قواعدها العسكرية في سوريا سرية، تناقض تلك المعتمدة في ما يتعلّق بقواعدها العسكرية الأخرى في الشرق الاوسط. وهذا الحرص على السرية يعود إلى نوعين من الأسباب:
 

• أسباب أمنية:
- تعتبر الولايات المتحدة الأميركية أن قواعدها في سوريا هي في مناطق غير ممسوكة أمنيًا بشكل كامل، على العكس من قواعدها الأخرى في الخليج وفي تركيا (أنجرليك) والتي تتوافر لها حماية أمنية مكتملة. صحيح أن القواعد الموجودة في سوريا هي بمعظمها في أماكن سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ولكن بقعة انتشارها تبقى قابلة للاختراق من عناصر إرهابية، أو من عناصر أخرى تعارض الوجود العسكري الأميركي في سوريا.
- من ناحية أخرى، يبقى الميدان السوري حيث تتمركز تلك القواعد معرّضًا لعمليات إطلاق صواريخ أو لرمايات مدفعية من اتجاهات متعددة، وبينما تتوافر القدرات العسكرية المتوسطة المدى للكثير من المسلحين المنتشرين في الأماكن غير الخاضعة لسلطة الحكومة السورية، يبقى إمكان ضبط هذه القدرات ضعيفًا وغير أكيدٍ. وأكبر مثال على ذلك هو تعرّض أكثر من قاذفة روسية في قاعدة حميميم لقذائف هاون، بعد تسلل مطلقيها إلى بقعة قريبة ضمن مسافة الرمي الفعال لتلك القذائف.
 

• أسباب عملانية:
- تتوزع مهمات الوحدات الأميركية العاملة في سوريا بين التدريب وإدارة التقديمات اللوجستية والدعم والإسناد الجوي والمدفعي لقوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى تقديم معلومات الرصد الجوي والتنصت والمراقبة. وتشترك غالبية القواعد الأميركية المنتشرة في سوريا في تلك المهمات.
تنفّذ تلك الوحدات أيضًا مهمات خاصة، تحرص دائمًا على التفرّد بها وعدم إشراك قوات سوريا الديمقراطية فيها، ومنها إطلاق الطائرات من دون طيار، وتنظيم عملها وإدارته. ويشمل ذلك، الاستطلاع والمراقبة والرصد، وأيضًا تنفيذ عمليات إطلاق صواريخ ضد الآليات أو ضدّ الأشخاص، في بقعة انتشار «داعش»، وأحيانًا في بقعة «جبهة النصرة» في أرياف حلب وإدلب. كما أنّ الوحدات الخاصة الأميركية تنفذ مهمات سرية انطلاقًا من قواعدها المنتشرة في سوريا، ومنها إنزالات ليلية خلف خطوط «داعش»، تستهدف عناصر إرهابية، وأحيانًا للحصول على مستندات مهمة من مواقع خاصة للإرهابيين، في دير الزور والميادين والرقّة وغيرها.
- بعد إتمام مهمة القضاء على «داعش»، ستنتفي الحاجة إلى هذه القواعد العسكرية الأميركية في سوريا وذلك للأسباب المذكورة أعلاه ولأسباب أخرى تتعلق بقدرة القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة خارج سوريا (في الخليج وفي تركيا وفي المتوسط)، على تأمين الأهداف التي قد تتطلبها المناورة الأميركية في المنطقة، وذلك في ما خصّ الأهداف الاستراتيجية المتعلقة بالحرب الباردة مع روسيا، أو الأهداف التكتيكية والعملانية المتعلقة بمهمات طارئة أو روتينية للقوات الأميركية. ما يعني أن تثبيت القواعد العسكرية الأميركية في سوريا، لا يبدو خيارًا مستقبليًا.
 

مراجع:
- معهد العالم للدراسات.
- صحيفة واشنطن بوست.
- مجلة فورين بوليسي الأميركية.
- منتدى الجيش العربي.
- وكالة سبوتنيك الروسية.
- وكالة الأناضول التركية.