ملف العدد

الكارثة البيئية التي خلّفتها حرائق 2007
إعداد: ليال صقر

خسارة 5 أضعاف ما تمّ تشجيره في عقد ونصف والصقيع متضامناً مع الغلاء يودي بالمزيد

 

انضمت الحرائق التي اجتاحت لبنان في الفصل الأخير من العام المنصرم الى لائحة الهموم والمشاكل التي يعيشها اللبنانيون. ومع أن الهمّ البيئي يتراجع عن أولويات اهتماماتنا تحت وطأة تقدم الهموم المعيشية والسياسية والأمنية، فإن نتائج ما تتعرّض له البيئة من دمار أخطر من أن تظل في مرتبة القضايا المؤجلة معالجتها.
هل يأتي يوم تخبر فيه الجدات أحفادهن أن لبنان كان يوماً بلداً جميلاً أخضر قبل أن يصبح أشبه بصحراء؟ والى أين سيقودنا الإهمال والعجز وسوء التخطيط؟ مزيد من التصحر، مزيد من التغير المناخي، مزيد من خسارة الموارد خصوصاً تلك التي تشكّل القوت الرئيس للفقراء؟ ومزيد من التلوّث والأمراض؟
موعد لبنان مع الحرائق بات موعداً يتجدد كل عام. لكن ما حصل أواخر العام المنصرم شكّل كارثة لم نعرف لها مثيلاً من قبل.
لا شك أن العمل على وقف هذا الانهيار المتمادي في الثروة الحرجية يتطلب خططاً واضحة وجهوداً جبارة من قبل الإدارات الرسمية المختصة، كما يتطلّب تعاون المجتمع الأهلي في إطار استنفار وطني شامل لتعويض ما خسرناه ووضع حد لتكرار مثل هذه الكوارث.
قد لا يكون منتظراً في ظل ما نعيشه من أزمات إرساء حلول جذرية تعالج الواقع المتردي الذي يعانيه الغطاء النباتي في لبنان، لكن وكما يقال: «الكحل خير من العمى». وإذا لم يكن بالإمكان حالياً معالجة هذا الواقع في إطار خطة شاملة، فعلى الأقل يمكن الحد من الخسارة.
ليس مستحيلاً مثلاً التعامل بجدية مع مسألة إعادة التحريج واتخاذ إجراءات لحماية المساحات الخضراء. كما أنه ليس مستحيلاً تفعيل دور البلديات والجهات المولجة المراقبة وتلك المولجة مكافحة الحرائق (علماً أن الأخيرة تعتمد على اندفاع متطوعيها وشجاعتهم في الدرجة الأولى).
وإذا كانت الدولة غير قادرة على النهوض بالكثير من الأعباء، فهي على الأقل ليست وحيدة في الميدان، فالمجتمع الأهلي أثبت فعاليته وجدارته. المهم تنسيق الجهود.
«الجيش» من خلال هذا الملف تضيء على جهود عدة جهات في مجال إعادة تشجير المساحات التي احترقت أواخر العام الماضي (خصوصاً أن الفترة الممتدة بين كانون الأول وشباط تعتبر الأفضل لغرس الشجيرات). لكن في البداية عودة الى «تسونامي النار» الذي اجتاح لبنان وما خلّفه من خسائر، ووقفة مع اقتراحات لعدم تكرار الكارثة.


جهات رسمية وجمعيات أهلية وجامعات ومدارس للحد من آثار «تسونامي النار»
سماء لبنان تمطر رماداً

«تسونامي نار» أغرق لبنان من شماله الى جنوبه والبقاع مروراً بالساحل والجبل. أحراج لبنان تحوّلت جمرات متنقلة وطعماً لنيران الحرائق. وبدون مبالغة وفي عملية لترتيب الأحداث حسب الأهمية بين العامين 2006 و2007 يمكن وضع مسألة حرائق الغابات والأحراج في مرحلة متقدمة من سلّم الكوارث التي عصفت بلبنان وطبيعته، خصوصاً أنّ غاباتنا من أهم المصادر الطبيعية غنًى وتنوعاً على كل المستويات الإيكولوجية والبيولوجية، والحرائق التي تتعرض لها من أخطر المشاكل التي يواجهها وطننا.

 

أسباب اندلاع الحرائق
اندلعت الحرائق انطلاقاً من الأحراج الصنوبرية والسنديانية. وهو الأمر الذي عزاه مصدر أمني الى الجفاف والرياح، وفي هذا الإطار يحدد المدير العام للدفاع المدني أسباب اندلاع الحرائق وخصوصاً في «تشرين الأول الأسود» العام 2007 بالقول: «عندما تهطل الأمطار للمرة الاولى تبتل أوراق الشجر بالماء وتتعرض مباشرة لأشعة الشمس فتتخمّر وينبعث منها غاز الميثان الذي يتميز بسرعة اشتعاله، فيكفي أن يشعل شخص سيجارة حتى تشتعل غابة كاملة. ودائماً في الفترة الممتدة بين أواخر أيلول وأوائل تشرين الأول تخف الرطوبة ويشتد الهواء أي أن الجو يصبح ملائماً لاندلاع الحرائق».
ولكن العميد حبيقة لا يستبعد فرضية الجريمة خصوصاً وأن عدة عيّنات عثر عليها في عدد من الأحراج اللبنانية تؤكد أن الحرائق مفتعلة.
ولقد أظهرت إحصاءات العديد من الجمعيات الأهلية أن 5٪ من حرائق الغابات تعود الى عوامل طبيعية (صواعق، ارتفاع حرارة...) بينما ال95٪ الباقية هي من فعل الإنسان.
وتقسم الحرائق المفتعلة الى عدة أنواع وفقاً للهدف المقصود من كل منها. ففي خراج البلدات التي لم يجرِ حتى اليوم مسح أراضيها وحيث حدود الملكية تبقى مطاطة يساعد الحريق على توسيع هذه الملكية على حساب الغابات المتاخمة.
وهناك حرائق مفتعلة بسبب وجود أشجار صمغية (صنوبر، شربين، شوح، سنديان...) ويمنع القانون قطعها حتى في الملكيات الخاصة، فيكون الحريق هو الحل، يليه الجرف وتحويل وجهة استعمال الأرض. وكذلك ثمة حرائق تفتعل بداعي التحطيب وأيضاً لتجديد المراعي.
أما الحرائق غير المفتعلة فلها ايضاً عدة أسباب: حرق اليابس في الأراضي المتاخمة للغابات، مواقد الصيادين، حرق النفايات خارج البلدات، رمي النفايات في الغابات، وأخطرها أعقاب السجائر والنفايات المحتوية على قطع زجاج تعكس أشعة الشمس وتلعب دور العدسات المركزة للنور والحرارة.
وقد واجه الدفاع المدني صعوبة كبيرة في إخماد الحرائق التي نشبت العام المنصرم، أولاً بسبب عنصر المفاجأة الذي جعل المعنيين مفجوعين أمام هول الكارثة، وثانياً، بسبب العواصف الهوائية التي أسهمت في انتشار الحرائق في أحراج قرى لبنان وبلداته في أغلب الحالات، وثالثاً لعدم وجود طرق داخل الغابات لوقف هذه الحرائق قبل أن تلتهم مساحات واسعة من الغطاء النباتي.
ويضاف الى كل ذلك، النقص في المعدات والتجهيزات وسيارات الإطفاء في المناطق كافة فضلاً عن النقص بالعنصر البشري الذي تعانيه مؤسسة الدفاع المدني والذي يطرح مسألة خطيرة لا بد وأن يوجد لها حل سريع قبل أن تقع الكارثة مجدداً.

 

الخسائر فادحة والأرقام مخيفة
قضي على 35٪ من غابات لبنان خلال الأربعين عاماً الماضية، الأمر الذي أدى الى انخفاض مساحة الغطاء الأخضر من 12٪ العام 1973 الى 7٪ من مساحة لبنان العام 2006، والى 3.5٪ حالياً.
أعلى نسب حرائق لبنان تحصل خلال شهري أيلول وتشرين الأول، والخسائر الطبيعية تتركز في تناقص الغطاء الأخضر عامة، ما يؤدي الى نتائج خطيرة أبرزها القضاء على التنوع البيولوجي وانجراف التربة وتناقص المياه الجوفية والتصحر. والحرائق التي حدثت تشكّل كارثة بيئية سوف تُفقد لبنان لو استمرت احدى أهم خصائصه ومميزاته المناخية.

 

جغرافية الحرائق
أكدت مصادر وزارة البيئة من خلال البيانات التي نشرت على شبكة الانترنت، أن جبل لبنان كان أكثر مناطق لبنان تعرضاً لكارثة الحرائق التي ضربت لبنان العام 2007، وأن جبل لبنان خسر وحده 2.372 هكتاراً، 1.182 هكتاراً منها احترقت خلال شهر تشرين الأول الأسود وحده. كذلك احترق 827 هكتاراً في محافظة الشمال، منها 415 هكتاراً خلال شهر تشرين الأول أيضاً.
ويشير الموقع الخاص لوزارة البيئة على شبكة الانترنت (www.moe.gov.lb) أن مجمل المساحات التي احترقت بلغ 4031 هكتاراً موزعة على المحافظات وفقاً للآتي:
- 41.1٪ في جبل لبنان (2372.19 هكتاراً).
- 21.8٪ في شمال لبنان (827.08 هكتار).
- 15.6٪ في النبطية (232.80 هكتاراً).
- 14.2٪ في جنوب لبنان (273.59 هكتاراً).
- 7.3٪ في البقاع (325.30 هكتاراً).
الحرائق لم تميز في ابتلاعها الخضار بين المزروعات والغابات والأحراج. فقد التهمت النيران 2245 هكتاراً من الغابات المختلفة (صنوبرية، صمغية...) القسم الأكبر منها في جبل لبنان والباقي في الشمال. أما الأراضي الزراعية التي اجتاحتها الحرائق فبلغت 226 هكتاراً موزعة بغالبيتها في محافظتي الجنوب والبقاع.

 

اقتراحات المدير العام للدفاع المدني
سواء كانت الحرائق مفتعلة أم ناتجة عن عوامل طبيعية، فإن مواجهتها لمنع تفاقمها تفرض وجود خطط متكاملة تأخذ في عين الاعتبار قدرات الأجهزة المولجة التدخل والمعالجة.
عقب موجة الحرائق الأخيرة جرى الحديث عن خطة بعيدة الأمد تقضي بإنشاء مؤسسة وطنية تعنى بالبيئة. لكن ماذا عن الحلول القريبة؟
المدير العام للدفاع المدني العميد المتقاعد درويش حبيقة تقدم من وزير الداخلية والبلديات بمجموعة اقتراحات تهدف الى تعزيز قدرات الدفاع المدني وتتضمن تأمين ما يلي:
- سيارات إطفاء (100 سيارة على الأقل).
- سيارات إسعاف (200 سيارة على الأقل).
- خراطيم مياه (3000 خرطوم).
- مادة السائل الرغوي (200 طن).
- جرافات (50 جرافة على الأقل).
- طوافتين حمولة كل واحدة منهما 10 آلاف ليتر من المياه (يمكن استئجارهما لمدة ثلاثة أشهر ابتداءً من أول آب ولغاية آخر تشرين الأول، إذا تعذر الشراء).
- دعم الدفاع المدني ب20 مليون دولار على مدى سنتين لترميم وشراء آليات ومعدات وتجهيزات لصالح العمليات.
- تأمين مآخذ مياه في كل بلدة على همة رؤساء البلديات.
- دعم المديرية العامة للدفاع المدني بالعنصر البشري (2000 عنصر بأجر 300 ألف ليرة شهرياً للعنصر).

 

إعادة التحريج
عملياً إنطلقت عدة حملات لإعادة التحريج بمبادرة من جهات رسمية وهيئات المجتمع الأهلي، بهدف الحدّ من آثار الكارثة التي خلّفتها الحرائق.
فقد أطلقت وزارة البيئة مشروعاً لتشجير لبنان يمتد على مدار خمس سنوات بتكلفة 3.333.000 دولار أميركي سنوياً. هدف المشروع زيادة الغطاء النباتي من 3.5٪ الى 21٪ من خلال تشجير 140.000 هكتار.

 

CDFA: الحرقة بالقلب
في هذا الإطار، أطلقت جمعية الثروة الحرجية والتنمية CDFA بمناسبة عيد الشجرة حملة «الحرقة بالقلب». المشروع أطلق بالتعاون مع الوزارات المعنية والمؤسسات الرسمية والخاصة والجامعات والمدارس والجمعيات.
يمتد برنامج هذه الحملة من كانون الأول 2007 الى شباط 2008. ويتضمن زرع حوالى 200 هكتار من الأراضي، أي ما يوازي مئة ألف شجرة في مختلف المناطق اللبنانية، منها المثمر كالزيتون ومنها الحرجي والمثمر في آن معاً كالصنوبر والذي يعتبر ذا قيمة اقتصادية عالية والذي يشكّل مورد رزق للعديد من العائلات.
يشارك في عمليات التحريج متطوعون من المدارس والجامعات والشركات في القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية والبلديات.
يشار في هذا الصدد الى أن عمليات التحريج سوف تنفّذ وفق المعايير التقنية التي تستخدمها جمعية الثروة الحرجية والتنمية ووزارة البيئة في الزرع.
كذلك وضعت جمعية الثروة الحرجية والتنمية جدولاً أولياً للتحريج بهدف إفساح المجال أمام من يظهرون استعداداً وحماسة للمشاركة. يحدد الجدول أياماً خاصة للطلاب الجامعيين وأخرى لطلاب المدارس وغيرها للمتطوعين الآخرين من مؤسسات القطاع الخاص والأهلي.
من أهداف الحملة أيضاً، إنشاء مشاتل حرجية جديدة وتحسين وضع المشاتل القديمة، إضافة الى العمل على نشر التوعية البيئية عبر التدريب وبناء قدرات الطلاب والأساتذة على كيفية إنشاء مشاتل حرجية في المدارس للاستفادة منها مستقبلياً في زرع أكبر مساحة ممكنة بالتعاون مع وزارة البيئة.
يدعم صندوق إعادة التأهيل في الحملة نشاطات التحريج، كذلك تساهم في التمويل، مؤسسات دولية مانحة مثل وزارة الخارجية الإيطالية عبر برنامج SSOR والاتحاد الاوروبي ومؤسسات القطاع الاهلي والبلديات والمدارس والجامعات إضافة الى مؤسسات القطاع الخاص.
كذلك يدعم الحملة بنك بيبلوس، فلدى استعمال البطاقة المصرفية (وصولاً الى سقف معين)، يعود مبلغ من المال تلقائياً للحملة.

 

حملة «أبو زريق»
جمعية الأرض - لبنان طلبت من جميع المواطنين اللبنانيين المشاركة في حملة إعادة تشجير سمّتها حملة «أبو زريق». أهمية الحملة وما يميزها عن باقي الحملات التي أطلقت في هذا الإطار، أن فكرتها سهلة وسريعة التطبيق وهي مستوحاة من طير اسمه «أبو زريق» يقوم بجمع البلوط بأعداد كبيرة ويخفيه خارج الغابة كمؤونة لتخطي فصل الشتاء. هذه الثمار لا تلبث أن تنبت وحدها وتصبح أشجاراً. وقد طلبت الجمعية من المواطنين جمع البذور الناضجة قبل فصل الشتاء من الأشجار السليمة في الغابات القريبة من أماكن اندلاع الحرائق وتركها لتجف مدة ثلاثة أسابيع بعيداً عن أشعة الشمس. ومن ثم زرعها في فصل الشتاء وتغطيتها بكمية من التربة توازي حجمها، مع الأخذ في عين الاعتبار ضرورة حماية الغرسات وريها مرة في الشهر خلال فصل الصيف.
من ميزات هذه الحملة انها تسهّل حمل كميات كبيرة من البذور الى الأماكن التي طالتها الحرائق والبعيدة عن الطرقات، في حين أن نقل الأشجار والمعدات الى الأماكن الوعرة يعتبر غاية في الصعوبة، كما أنها تتيح الفرصة لمشاركة الكبار والصغار وتساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي في الغابات.
الى ذلك ليس من السهل تأمين الكمية اللازمة من الغرسات لإعادة تحريج المساحات الشاسعة المحروقة، خصوصاً أنّ الشجر المنبت يعتاد على نمط معين من الاهتمام لذا فهو بحاجة للعناية والوقت للتأقلم في الغابة، علماً أنه قد لا يتأقلم أحياناً. أما البذور فتتأقلم بطريقة أسرع وأضمن.

 

كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية
أطلقت كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية بالتعاون مع وزارة الزراعة ومنظمات غير حكومية وعدد من البلديات مشروع تشجير شامل يضم المناطق التي التهمتها النيران.
هدف المشروع زرع نحو 50 ألف شجرة خلال السنة المقبلة على مختلف الأراضي التي تعرضت للحرائق.
ولدت فكرة المشروع من إصرار طلاب الجامعة على القيام بمبادرة لتعويض ما خسره لبنان من مساحته الخضراء. ويعمل على إتمام المشروع وتنفيذه موظفون ومهندسون وأساتذة وتلاميذ متخصصون في المجال الزراعي.
خطة المشروع تهدف الى تشجير الأراضي ومتابعتها لمدة سنتين وربما أكثر بالتعاون مع وزارة الزراعة التي تعهدت بتقديم قسم من الغرسات من جميع الأنواع، كما عرضت المنظمات الأهلية وغير الحكومية تقديم نحو عشرة آلاف شجرة لتحقيق الغاية عينها.

 

مشتل لكل مدرسة
تتطلب أعمال التحريج عادة برامج حكومية منظمة ومتابعة رسمية وأهلية كما أن للمواطنين والهيئات الأهلية دوراً أساسياً في التشجير والعناية بالشتول.
«البرلمان البيئي للشباب» الذي ترعاه مجلة البيئة والتنمية يضم مندوبين عن 50 مدرسة لبنانية باشر خلال شهر شباط 2008 إنشاء مشاتل للأشجار الحرجية في المدارس، على أن يتم زرع الشتول في الموسم المقبل. يعاونه على إتمام المهمة جمعية الثروة الحرجية والتنمية، والجمعية اللبنانية للتكنولوجيا الملائمة التي أعدت تعليمات وتوجيهات خاصة للتشجير وعممتها على المدارس.


ماذا نخسر بخسارة ثروتنا الحرجية
تمنع الأشجار إنجراف التربة والانهيارات الأرضية إذ تمتص الأمطار الغزيرة، وتزيد رطوبة التربة والهواء وتحد من فقدان التربة الفوقية الثمينة، وتحد من قوة العواصف الغبارية والتيارات الهوائية الباردة وتحمي بالتالي المزروعات. كما أنها تلعب دوراً أساسياً في الحد من تمدد ظاهرة التصحر. هذا وتنقي الأشجار الجو من الغبار وتقلل من أضرار النشاطات الصناعية والتلوث الذي تسببه عبر تنقية الهواء من غازات المصانع السامة.
فالشجرة تنتج كمية من الأوكسيجين تستطيع أن تكفي أربعة أشخاص يومياً إذا كانت وارفة. وبعض الفصائل الشجرية كالسنديان والأرز والعرعر ينتج على سبيل المثال مبيدات تقضي على جراثيم تحمل الأمراض، ويكفي هكتار واحد من غابة عرعر لتنقية هواء مدينة.
ناهيك عما تستطيع الغابات أن تؤمنه من فاكهة ومكسرات وأعشاب طبية وعسل وحطب للوقود وفحم وعلف للماشية ومواد للبناء (خشب) وأسمدة عضوية (ورق...) ومواد خام لإنتاج الخل والكحول والصمغ والزيوت والغلوكوز والحديد والألياف وعدد كبير من المنتجات الأخرى. وتشكل الأشجار كونها عنصراً أساسياً للتنوع البيولوجي مأوى للحيوانات البرية والطيور.
وتحسن الغابات المناخ المحلي والظروف الصحية للسكان. فأمراض العين والرئة هي أقل نسبة في أماكن التواجد الكثيف للأشجار. وللأشجار دور كبير وأساسي ايضاً في تكوين التربة الفوقية الغنية ما يشكل العامل الأبرز في الإنتاجية الزراعية. من هنا الحاجة الملحة لغرس الأشجار في التربة المتدهورة لإنعاشها.
ويشدد خبراء بيئيون على أهمية التحريج في التنمية الريفية وبالتالي في تعزيز الاقتصاد المحلي.

 

عن مجلة البيئة والتنمية
إصدار شباط 2008


«ملصق المواطن» ل«الحرقة بالقلب»
في الحفل السنوي الخامس عشر لتسليم جائزة «بيكاسو دور» للعام 2007 (Pikasso D’or 2007)، الذي أقيم في مجمّع البيال في الأول من شباط 2008، فازت حملة «الحرقة بالقلب» والتي نظمتها جمعية الثروة الحرجية والتنمية بجائزة ملصق المواطن.


الحرائق وتغيّر المناخ
يرى خبراء في البيئة أن آثار حرائق لبنان على المناخ تتعدى النطاق المحلي، إذ أنها سوف تطال حوض البحر المتوسط. فقدان هذه المساحات الشاسعة من الغابات والأحراج سوف تؤدي الى تغيرات في مناخ المنطقة.