في ثكناتنا

الكلّية الحربية تستقبل دفعة جديدة من التلامذة الضباط
إعداد: تريز منصور

310 شبان ودّعوا الحياة المدنية وأعلنوا الفخر والطاعة

 

تغمر الكلّية الحربية فرحة كبرى لدى استقبالها التلامذة الضباط الجدد، فهم الدم الجديد، الذي يجري في شرايين هذه الكلّية ويجدّد شبابها، هذه الفرحة غابت في العام الماضي، أما هذا العام فالأمر كان مختلفًا...
على وقع أنغام أغنية «تعلا وتتعمّر يا دار» استقبلت الكلّية 310 شبان توافدوا إلى الصرح العسكري الأكاديمي، منتقلين من حياتهم المدنية إلى الحياة العسكرية، حيث المناقبية العسكرية والانضباط، متسلّحين بحماسة الدفاع عن الوطن، ومتطلّعين نحو مستقبل واعد.
كثيرون من هؤلاء تركوا مقاعد الدراسة الجامعية، وتخلّوا عن ضمانات يوفّرها لهم اختصاصهم لو تابعوا دراستهم، ليصبحوا هم ضمانة للوطن.


يوم فرح
رئيس قسم الأمن والتوجيه في الكلّية الحربية العميد الركن حسيب عبدو الذي التقيناه بينما كانت الكلّية تستقبل المتطوعين، قال لمجلة «الجيش»: إن اليوم يوم فرح في الكلّية الحربية، خصوصًا أنه في العام الماضي لم يتمّ تطويع تلامذة ضباط جدد.
وأضاف: بناء على مرسوم وزاري تمّ تطويع 310 تلامذة ضباط في الكلّية الحربية، موزّعين بين 200 تلميذ ضابط للجيش (194 قوى برّ، ثلاثة قوى جوّ، وثلاثة قوى بحر)، و96 تلميذًا ضابطًا لقوى الأمن الداخلي، إضافة إلى 12 للأمن العام، و2 للجمارك، وسوف يتمّ تطويع 70 ضابط اختصاص في القريب العاجل.

 

الغالبية من الجامعيين
كما لفت العميد الركن عبدو إلى أنّ المعدلات العامة لمعظم تلامذة ضباط هذه الدفعة في الشهادة الثانوية هي بين 15 و17 على عشرين، كما أنّ 60 في المئة منهم طلاب جامعيون من مختلف الاختصاصات ولا سيّما الهندسة، وهم حائزون منحًا دراسية من أهم الجامعات في لبنان، ولكنّ حبّهم للمؤسـسـة العسكرية، دفعهم إلى التخلّي عن كل شيء والالتحاق بالكلّية الحربية.
واعتبر العميد الركن عبدو أن تلامذة الضباط الجدد بالنسبة للكلّية الحربية هم كالبراعم الصغيرة، يتمّ تعهّدهم بالرعاية وبالتربية العسكرية، وتدريبهم على المناقبية العسكرية وعلى الانضباط واحترام القوانين، كما يتمّ صقل معارفهم بالعلوم المختلفة، كي يصبحوا رجالًا أشدّاء وقادة للمستقبل، تفتخر بهم المؤسـسـة العسـكرية والوطن على حدِّ سواء.
وأوضح أن الفرحة الكبرى لتطوّع التلامذة الجدد تغمر تلامذة ضباط السنة الثالثة، على اعتبار أنهم سيكونون العرابين (لفلايينهم) في كل شيء، يرعونهم، ويدرّبونهم على الحياة العسكرية (كيفية تأدية التحية، أصول التصرّف ضمن المناقبية العسكرية...)، والأهم من كل ذلك أنهم سيمارسون السلطة للمرة الأولى قبل تخرّجهم في آب المقبل والالتحاق بوحدات الجيش.
وتمنّى العميد عبدو أن يصمد التلامذة الجدد ويجتازوا بنجاح تجربة الحجز الأولى (بين 40 و60 يومًا)، حيث يتعرّضون لضغوط نفسية صعبة، علمًا أن هؤلاء التلامذة الجدد يلتحقون بالكلّية متفرّقين، متباعدين وغرباء ليخرجوا بعد ثلاث سنوات متّحدين متضامنين أحباء.

 

وداع ولقاء
عند مدخل الكلّية الحربية حيث كان المتطوعون بالعشرات، يودّعون أهلهم بحرارة، وكذلك مجتمعهم المدني، التقينا بالتلميذ الضابط علي محمد بيضون (قوى أمن داخلي) وعند سؤالنا له عن شعوره، أكد أن خدمة الوطن شرف وتضحية ووفاء، وبأنه مستعدّ لكل الصعاب منوّهًا بالحفاوة والاستقبال الرائـع في الكلّيــة الحربيــة.
التلميذ الضابط بلال عبد المجيد ضو (سنة ثانية هندسة في الجامعة العربية)، أكد أن حلمه الذي راوده منذ الصغر بأن يكون ضابطًا مثل والده بدأ يتحقق، حيث كان يرافقه إلى مركز خدمته. وبدا متحمّسًا لخوض التجربة الجديدة والفريدة من نوعها، آملاً أن يكون على قدر التحدّي والمسؤولية الملقاة على عاتقه.
من مدخل الكلّية توجّهنا نحو نقطة تجمّع العرابين حيث اللقاء الأول بينهم وبين المتطوعين.
التلميذ الضابط برناردو سليمان، أخبرنا أنّه كان يدرس اختصاص الهنـدســـة (سنــة ثانية) في جامعة سيدة اللويزة، وقرّر الانتساب إلى الكلّية الحربية، وبدا سعيدًا وفخورًا لانتسابه إلى هذه الكلّية، معربًا عن استعداده للتأقلم مع الحياة العسكرية مرحلة تلو الأخرى، شاكرًا عرابه والضباط والعسكريين على حفاوة اللقاء.

 

أحلام ومحاولات
التلميذ الضابط جوزف عبد الله زراقط كان بدوره يتابع الدراسة في اختصاص هندسة البترول (سنة ثالثة) في جامعة القديس يوسف. وهو يقول، بعد عدة محاولات نجحت في الانتساب إلى الكلّية الحربية، معقل الرجال الشجعان...
زميله، التلميذ الضابط طارق الديب (سنة ثالثة هندسة اتصالات في الجامعة اللبنانية) نجح في الالتحاق بالكلّية الحربية بعد أربع محاولات. هدفه خدمة وطنه، وهو مستعدّ لتحمّل الصعوبات النفسية والجسدية والفكرية التي قد تواجهه، ويقسم على تجسيد شعار الجيش (شرف تضحية وفاء).
التلميذ الضابط أحمد عبود كان يتابع الدراسة أيضًا (سنة ثالثة هندسة مدنية في جامعة بيروت العربية)، ولكن رغبته بأن يكون ضابطًا في الجيش اللبناني، كانت أقوى من اختصاص الهندسة، فأتى إلى الكلّية متسلّحًا بالكثير من العزم، وهو يعرب عن امتنانه لعرابه، وللضباط والعسكريين في الكلّية.
التلميذ الضابط حسين وهبي (هندسة ميكانيك في الجامعة اللبنانية الدولية)، تخلّى عن اختصاص الهندسة والحياة المدنية ليلتحق برفاقه في الكلّية الحربية، محققًا حلمه بالدفاع عن وطنه لبنان، الذي أبى أن يغادره يومًا للعيش وللنجاح بعيدًا عن ترابه وأهله. لدى وهبي أمل كبير في حياة عسكرية ناجحة، ضمن عائلته الجديدة، المؤسـسـة العسـكرية.
التلميذ الضابط غدير محفوض (سنة ثانية تمويل في جامعة الروح القدس - الكسليك)، انتسب إلى الكلّية الحربية التي لها في نفسه الكثير من التقدير والاحترام، ملبيًّا نداء الحياة العسكرية التي يعشقها، ومبديًا استعداده للتضحية دفاعًا عن لبنان.

 

أعلن الطاعة
من نقطة لقاء التلامذة الضباط بالعرّابين، توجّهنا نحو غرف المنامة، حيث يوضّب التلامذة الضباط أمتعتهم وأغراضهم الشخصية، ويلقون نظرة على أسرّتهم الجديدة وعلى غرفهم التي سيمكثون فيها ثلاثة أعوام مع زملاء لهم من جميع المناطق والطوائف، وينصهرون ضمن بوتقة المؤسـسة العسكرية، وتحت راية الجيش.
نلتقي التلميذ الضابط جوزف الدبّو (سنة ثانية طوبوغرافيا) فيعرب عن فرحته العارمة مقدّرًا المسؤولية الكبيرة التي يتحمّلها وهو يرتدي البزّة العسكرية للمرة الأولى، ومبديًا استعداده لتحمّل التضحيات الجسام، للدفاع عن أرض الوطن وحماية شعبه من المخاطر. وهو يختم كلامه بشكر عرّابه وكل من استقبله في الكلّية الحربية.
التلميذ الضابط بيار يوسف العلم (حائز على إجازة فنية في الميكانيك)، أكد أنه يحب الحياة العسكرية منذ الصغر، كونه إبن عائلة عسكرية (والده وشقيقاه)، وهو مستعدّ للتضحية والتأقلم مع التحديات، واحترام القوانين، خصوصًا أنه اعتاد ذلك خلال تطوّعه في الصليب الأحمر اللبناني.
التلميذ الضابط جوزف صفير (سنة ثانية فيزياء في الجامعة اللبنانية)، يحب الجيش لأنه مدرسة الرجال. يختبر الحياة العسكرية للمرة الأولى، قصّ شعره وارتدى البذّة العسكرية، ومشى برفقة عرابه معلنًا الطاعة والاحترام وتطبيق الأوامر.
التلميذ الضابط علاء أبو شقرا (سنة أولى هندسة كهرباء في جامعة بيروت العربية، مصنّف الأول على صعيد قوى الأمن الداخلي)، أعرب عن سعادة لا توصف، أولاً لأنه نجح في دخول الكلّية الحربية، وثانيًا للطريقة التي استقبلهم بها الضباط والعسكريون. وأكّد أنه يتوقع مواجهة صعوبات وتدريبات قاسية... إلاّ أن كل شيء يهون لخدمة لبنان.
التلميذ الضابط إيلى لبه جيان (سنة ثانية جغرافيا في الجامعة اللبنانية) أوضح أنه الضابط الثالث في العائلة بعد والده العميد الركن بطرس لبه جيان وشقيقه، وأعرب عن فخره لانتسابه إلى هذه الكلّية العريقة.
التلميذ الضابط روي مرعي (سنة ثانية معلوماتية في الجامعة اللبنانية الأميركية)، يهوى الصعوبات والتحديات والتضحيات وكل ما يتطلّبه الدفـاع عن الوطــن، لذلــك هو هنــا...
 

حالة استنفار
عند نقطة تسلّم العتاد العسكري والأغراض الشخصية، بدا الجميع، الضباط والعسكريون في حالة استنفار لتأمين كل ما يلزم للقادمين الجدد. فاللحظات الأولى لهم في الكلّية الحربية ستحفظها الذاكرة طوال العمر.
التلميذ الضابط محمود حسن إبراهيم (طالب سنة ثانية حقوق) بدا سعيدًا وهو يحمل عتاده: فخر لي أن أكون ضابطًا، يقول.
زميله جهاد حمدان (سنة ثانية هندسة كومبيوتر في جامعة التكنولوجيا والعلوم التطبيقية) تأثر بوالده الذي خدم في المؤسـسة العسكرية، وهو مستعدّ لكل التضحيات في أحلك الظروف وأصعبها. أما التلميذ الضابط سامر عياش (رقيب في الجيش) فقد حقق حلمًا راوده منذ الصغر.
آخر من التقيناهم كان التلميذ الضابط محمد سميح فخر الدين (سنة أولى هندسة في الجامعة اللبنانية)، فرحته لا توصف وكذلك حماسته لاختبار الحياة العسكرية.
تمنينا التوفيق للشبان وودّعناهم، فيما انصرفوا للاجتماع الأول، حيث كانت بانتظارهم تعليمات زوّدهم إياها مدرّب السنة الأولى في الكلّية العقيد الركن روبيرت الشختورة...ليبدأ بعــد ذلــك العــدّ العكسـي لمسيرة الألف ميــل، مــن التحدّيــات والتضحيــات.

 

تصوير:

الجندي رواد رزق (الكلّية الحربية)
الجندي إبراهيم إيواز (مديرية التوجيه)