كلنا للوطن

اللبنانيون: جيشنا على قدر المسؤوليــة

الجيش واكب التحركات الشعبية بأداء نابع من التزامه الثوابـت الوطنيـة والعسكريـة

 

منذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط الماضي، شهد لبنان - وخصوصاً العاصمة بيروت - موجة من التحركات الشعبية التي لم يسبق له أن عرف مثلها في تاريخه.
فمن الحشود التي شيّعت الرئيس الشهيد إلى التظاهرات التي توالت في ما بعد، تواتر نزول اللبنانيين إلى الشوارع والساحات بمئات الألوف أحياناً وبعشرات الألوف أحياناً أخرى.
وإضافة إلى التظاهرات والتجمّعات الكبيرة استمرت التجمعات في ساحة الشهداء قرب ضريح الرئيس الشهيد، وأقيمت مسيرات ونشاطات بشكل شبه يومي.
وغني عن القول إن مواكبة تحركات شعبيـة بهذه الضخامـة وعلى مدى أيام طويلة، استدعت تدابيـر استثنائيـة وجهـوداً جبّارة للحفاظ على الاستقرار العام، وضمان عدم الإخلال بالأمن. وفي الوقت عينه إتاحة المجال لجميع المواطنين بممارسـة حقهـم في التعبير عن آرائهم.

انطلاقاً من وعيه لدوره ومسؤولياته في حماية الاستقرار العام وفي حماية قيم الديموقراطية والحرية والمساواة. واكب الجيش اللبناني المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، مظهراً أعلى مستويات المناقبية، إلى قدرة كبيرة في التعامل مع الظروف الصعبة المستجدة، فكان بشهادة الجميع على قدر المسؤولية.
ولا شك أن أداء الجيش هو نتيجة التزامه الثوابت الوطنية والعسكرية، والتي في أساسها أن الجيش حارس للدستور وللنظام الديموقراطي. وهو يحرص على تأمين الحريات العامة في إطار القوانين، ويحفظ الاستقرار.
وفي أساس هذه الثوابت أيضاً، أن الجيش مؤسسة وطنية جامعة يلتقي في صفوفها اللبنانيون على مختلف انتماءاتهم. وفيها ينشأون على مبدأي، الولاء المطلق للوطن، والتضامن من أجل تحقيق أهداف وطنية عامة، تتجسد في العقيدة الوطنية التي على اساسها تمّ بناء المؤسسة العسكرية وتحقق نجاحها في الدفاع عن الوطن وحفظ أمنه واستقراره، وهي التصدي للاعتداءات الاسرائيلية ودعم المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الاسرائيلي بصفتها قوة ردع وطنية لمواجهة أي اعتداء، وتعزيز العلاقة الأخوية مع الجيش العربي السوري الشقيق، هذه العلاقة التي لن تتأثر بالانتشار أو عدمه، وانما تتضمن تحقيق اهداف مشتركة ومواجهة اخطار واحدة تهدد أمن واستقرار وازدهار كل من سوريا ولبنان. وهو انطلاقاً من هذا الولاء للوطن والتزاماً بالعقيدة الوطنية، يعمل من أجل اللبنانيين جميعاً وفي إطار القوانين.
في إطار التدابير التي اتخذت اعتباراً من 14 شباط، يذكر أن قيادة الجيش أعلنت استنفاراً عاماً لجميع وحدات الجيش اللبناني. كما تم رفع الجهوزية القتالية إلى الحد الأقصى. واتخذت القيادة تدابير احترازية في مختلف المناطق للحفاظ على الاستقرار العام، فسيّرت الدوريات في شوارع العاصمة وبعض المناطق، وأقامت حواجز ونقاط مراقبة إضافة إلى متابعة الأوضاع الأمنية من جوانبها كافة.

في المراحل اللاحقة، استمر اتخاذ التدابير الملائمة لحفظ الأمن، تبعاً لمقتضيات الحالة.

وازاء تعدّيات وحوادث اطلاق نار سجّلت في مناطق متفرقة، عملت وحدات الجيش على توقيف الفاعلين وإحالتهم على القضاء. كما تدخلت قوى الجيش لوضع حد لاستفزازات حصلت فمنعت بذلك تفاقمها وامتدادها.
مع امتداد أيادي التخريب والفتنة إلى مناطق تجارية وصناعية وسكنية عبر وضع متفجرات فيها، كثفت وحدات الجيش من جهودها، واتخذت تدابير اضافية، وأكدت القيادة على التشدد في ملاحقة كل من يعكّر صفو الأمن وعلى التشدد في البحث عن الفاعلين وملاحقتهم وتقديمهم للعدالة.

وإذا كانت الأيادي الغادرة استطاعت أن توجه ضربات موجعة طاولت بشكل خاص أملاك المواطنين ومصادر رزقهم، فالأكيد أن لبنان لن يلبث أن ينهض من هذه المحنة قوياً بوحدة أبنائه وجيشه ومؤسساته.