أخبار ونشاطات

اللجنة الدولية للصليب الاحمر والقانون الدولي الانساني
إعداد: جان دارك أبي ياغي

محاضرة في الحربية تلقي الضوء على ابرز المبادئ والمرتكزات
بحضور العقيد الركن غسان أبو فيصل وعدد من الضباط والرتباء والافراد من مختلف القطع والوحدات ألقيت في المدرسة الحربية محاضرة حول «أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومبادئ القانون الدولي الانساني». ألقت المحاضرة الآنسة ماجدة كركي، مسؤولة النشر في قسم الاعلام والنشر في اللجنة الدولية للصليب الاحمر - بعثة لبنان.
بداية، عرّفت الآنسة كركي باللجنة الدولية للصليب الاحمر التي تأسست في العام 1863، ثم تطرقت إلى كيفية عمل اللجنة وضرورة احترام حياة الاسرى والمحتجزين وكرامتهم، ثم شرحت بإسهاب ماهية القانون الدولي الانساني وكيفية تطبيقه وآلية حماية المدنيين في أثناء النزاعات المسلّحة، وصولاً إلى تطوّر القانون الدولي الانساني على مرّ السنين وفق عدة اتفاقيات ترعى شؤون الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات.
بعد لمحة تاريخية، استعرضت المحاضرة عمل اللجنة الدولية للصليب الاحمر وفقاً لمبادئ الصليب الاحمر والهلال الاحمر، والتي تنسق احياناً مع الجمعيات الوطنية بهذه المؤسسة ومع الاتحاد الدولي.

 

الاسرى والمحتجزون والروابط العائلية
في اطار العمل على احترام حياة الاسرى والمحتجزين وكرامتهم، قالت إن ثمة 440000 محتجز في ما يقارب 2000 مكان للاحتجاز في أكثر من 70 بلداً، هذا عدد المحتجزين الذين يزورهم مندوبو اللجنة الدولية للصليب الاحمر كل عام. وكانت اللجنة قد بدأت بزيارة الأسرى والمحتجزين منذ بداية الحرب العالمية الاولى، بمبادرة منها وبموافقة الاطراف المتحاربة. وتهدف اللجنة الدولية من خلال الزيارات المتكررة إلى مراكز الاحتجاز إلى الحيلولة دون اختفاء المحتجزين ومكافحة التعذيب والمعاملة غير الإنسانية وتأمين ظروف عيش مقبولة واستعادة الصلة بين المحتجزين وأسرهم.
واوضحت المحاضرة أنه قبل كل زيارة، تعرض اللجنة الدولية شروطها على السلطات المحلية لكي تتمخض هذه الزيارات عن اقتراحات ملموسة وواقعية ومن ابرز هذه الشروط، مقابلة جميع المحتجزين الذين تشملهم مهمة اللجنة الدولية في جميع الاماكن التي يوجدون فيها، ووضع قائمة باسمائهم أو تسلّم مثل هذه القائمة من السلطات التي تجيز لهم التحقق منها واستكمالها عند الاقتضاء، ومقابلة محتجزين على انفراد من دون رقيب.
وفي ما خصّ النزاعات المسلحة والروابط العائلية تيسّر الأطراف السامية المتعاقدة واطراف النزاع قدر الامكان جمع شمل الاسر التي شتّتت نتيجة النزاعات المسلحة (...)، هذا أبرز ما نصت عليه المادة 74، من البروتوكول الاضافي الاول للعام 1977. ووفقاً لهذه المادة، تعمل اللجنة الدولية منذ اكثر من مائة عام، بفضل جهود موظفيها وخدمات البحث عن المفقودين التابعة للجمعيات الوطنية للصليب الاحمر والهلال الاحمر، على استعادة الروابط بين افراد الاسر والحفاظ عليها، وجمع شمل الاسر التي تفرّقت بسبب النزاعات، والكشف عن أماكن وجود المحتجزين والتحقّق من مصير المفقودين.
وتلجأ اللجنة الدولية للصليب الاحمر إلى شبكة اتصالات تابعة للصليب الاحمر تمكن الاهل من استعادة الصلات وتبادل الرسائل في ما بينهم، وإلى جمع المعلومات حول المتضرّرين من جراء النزاعات، وإلى التدخل كوسيط محايد بين الاسر والاطراف المتحاربة لمعرفة مصير المفقودين، وإلى تنظيم وتنسيق وتيسير جمع شمل الأسر عبر جبهات القتال والحدود بين الدول، وإلى إصدار وثائق سفر اللجنة الدولية للصليب الاحمر للأشخاص الذين يجدون انفسهم من دون وثائق هوية بسبب النزاع المسلّح.

 

استخدام الشارة
شارتا الصليب الاحمر والهلال الاحمر هما الشارتان المستخدمتان الآن، ولكن اتفاقيات جنيف نصّت على شارة ثالثة هي الاسد والشمس باللون الاحمر. كما تضمنّت هذه الاتفاقيات مواداً عديدة تتعلق بالشارة، من حيث استخدامها والغرض منها، والعقوبات المفروضة في حال إساءة استخدامها، وأماكن استعمالها والاشخاص الذين تحميهم والافراد الذين يحق لهم استعمالها.
تستعمل الشارة لحماية الافراد ووسائل نقل الخدمات الطبية التابعة للحركة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر، وللدلالة على أن شخصاً أو شيئاً ما على علاقة بهذه الحركة.
أما سوء استخدام الشارة فيتمثّل بثلاثة انواع:
- التقليد بمعنى استخدام علامة تتشابه مع الشارة من حيث اللون أو الشكل.
- الاغتصاب: بمعنى استخدام الشارة بطريقة مخالفة للقواعد المنصوص عليها في الاتفاقيات أو من قبل أشخاص أو هيئات لا يحق لهم استخدامها.
- الغدر: بمعنى استخدام الشارة في وقت الحرب لحماية المقاتلين أو المعدات العسكرية.
وبالتالي، تفادياً لتعريض نظام الحماية الذي وضعه القانون الدولي الانساني للخطر وحفاظاً على مكانة الشارة وقيمتها الحمائية في نظر الجمهور، نصّت اتفاقيات جنيف على تشريعات جزائية تمنع وتقمع إساءة استخدام الشارة في وقتي الحرب والسلم.

 

القانون الدولي الانساني
في إطار تعريفها بهذا القانون قالت كركي:
يشكل القانون الدولي الانساني قسماً رئيساً من القانون الدولي العام، يعرف ايضاً بقانون الحرب أو قانون النزاعات المسلحة. يعتبر هذا القانون من أقوى الضمانات لسلامة الناس والمحافظة على كرامتهم في اوقات الحرب والحد من المعاناة التي يتكبدونها، كما يسعى إلى الحفاظ على حد معين من الانسانية وفق المبدأ القائل: «حتى الحرب لها حدود».
يوفر هذا القانون الحماية للاشخاص غير المشاركين أو الذين كفوا عن المشاركة في الاعمال القتالية وذلك بالعناية بالجرحى والمرضى وحماية الموظفين الطبيين، إحترام كرامة اسرى الحرب والمحتجزين المدنيين والسماح لمندوبي اللجنة الدولية للصليب الاحمر بزيارتهم.
من أهم قواعد القانون الدولي الانساني، تمييز أطراف النزاع بين السكّان المدنيين والمقاتلين وذلك لصون السكان والممتلكات المدنية، أما أطراف النزاع والقوات المسلحة فيجب أن يكون استخدامها لوسائل الحرب محدوداً لتجنّب إيقاع خسائر غير مبرّرة أو التسبّب بالمعاناة للمدنيين.
يطبق القانون الدولي الانساني أولاً في النزاعات المسلحة الدولية التي يشتبك فيها بلدان على الأقل يطبق القانون الدولي في النزاعات المسلحة غير الدولية التي تقع داخل بلدٍ واحد. ويخاطب القانون الانساني افراد القوات المسلحة المشاركة في النزاع، نظامية كانت أم غير نظامية، ويحمي جميع الاشخاص وفئات الاشخاص الذين لا يشاركون أو يكفون عن المشاركة في الاعمال العدائية، ويشمل المقاتلين الجرحى أو المرضى الاشخاص المحرومين من محبتهم بسبب النزاع، السكان المدنيين وأفراد الخدمات الطبية والدينية.
كذلك عرضت المحاضرة البروتوكولين المكملين لاتفاقيات جنيف وتحدثت عن ضرورة التمييز بين الاهداف العسكرية والاعيان المدنية والتزام مبدأ التناسب في العمليات العسكرية لتجنب الخسائر في ارواح المدنيين وممتلكاتهم.


تطوّر القانون الدولي الانساني
أقرت على التوالي مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات التي تشكّل اليوم ما يعرف بالقانون الدولي الانساني، وقد توافر اقرارها على النحو الاتي:
- اتفاقية جنيف الاولى: 1864.
- مجموعة اتفاقيات لاهاي: 1907.
- اتفاقية جنيف حول أسرى الحرب: 1929.
- اتفاقيات جنيف الاربعة: 1949.
- اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية: 1954.
- البروتوكولان الاضافيان لاتفاقيات جنيف: 1977.
- الاتفاقية الدولية حول بعض الاسلحة التقليدية وبروتوكولاتها الملحقة: 1980.
- اتفاقية حظر الاسلحة الكيماوية: 1993.
- اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام الارضية: 1997.
- نظام روما الاساسي: 1998.

 

شكر
في الختام، شكر العقيد الركن غسان أبو فيصل الآنسة ماجدة كركي على هذه المحاضرة القيمة وعلى نشاطها في إطار اللجنة الدولية للصليب الاحمر، مشيراً إلى تقيّد الجيش بالقانون الدولي الانساني في معركة نهر البارد مما اضطره إلى إطالة المعركة، فأثبت مرة جديدة أنه جيش حضاري يحترم حقوق الانسان، وهذا شكّل نصراً ثانياً له.
وتوجه إلى كل فرد من أفراد الجيش بضرورة احترام الضوابط والقواعد الانسانية في التعاطي مع الآخرين.