البطولة ملء الساحات

الله محيّي عسكرنا...
إعداد: العقيد أنطوان نجيم

في حمأة المعارك قصدت «الجيش» نهر البارد: رئيس قسم المطبوعات، «جنديات المجلة» وبعض جنودها دخلوا ساحة المعركة، التقوا الضباط والرتباء والجنود وفي البال سؤال: «شو أخبارن؟» «كيف أحوالن؟».
في عرين البطولة عاش مندوبو «الجيش» تجربة لم يعرفها سواهم من الاعلاميين الذين واكبوا العمليات العسكرية من مشارف المخيم.
هنا حصيلة جولتين استمرت كل منهما نهاراً بكامل ساعاته واشتباكاته. أمّا المندوبون الذين كان لهم شرف مشاركة الابطال بعضاً من غبار المعركة، فقد عادوا بصوت واحد: «الله محيّي عسكرنا...».
فإلى مشاهدات مندوبينا وإنما، بعد وقفة مع العميد الركن فرانسوا الحاج مدير العمليات الذي قدم عرضاً شاملاً لمجريات الأمور.

المسلحون استعملوا أسلحة قنّاصة مجهّزة بالمناظير الليلية
نجح الجيش بتنظيف المخيم الجديد بأقل ما يمكن من الخسائر

 

مدير العمليات:
ما حققه الجيش يعتبر في العلم العسكري إنجازاً كبيراً
من مكتب العميد الركن فرانسوا الحاج، مدير العمليات في أركان الجيش للعمليات، انطلقنا في رحلتنا الاستطلاعية الى نهر البارد، ومعه كان لنا حديث شامل حول المعركة الدائرة رحاها في منطقة نهر البارد، بداياتها، سير عملياتها، بعض تفاصيلها.
بداية سألنا العميد الركن الحاج أن يروي لنا كيف بدأت المعركة فأجابنا:
- على أثر حادث شارع المئتين والزاهرية في طرابلس مع قوى الأمن الداخلي، أقدم مناصرو عصابة «فتح الاسلام» داخل مخيم نهر البارد على الاعتداء على مراكز الجيش المحيطة بالمخيم فغدروا بالقوى المتمركزة في الجهة الشرقية من المخيم. وقد كانت نقاط مراقبة وتمركزاً أمنياً، وذلك قرابة الثالثة والدقيقة الخمسين من صباح 20 أيار 2007. وتجاوزوا خط الجيش الى تلة المحمّرة. أما في الجهتين الشمالية والجنوبية فقد صدّت القوى الموجودة هناك العناصر المسلحة محافظة على مواقعها في العبدة وبحنين.


• كيف سارت العمليات بعد ذلك؟
- بعد عشر دقائق أخذت علماً بالحادث فاستُنفرت وحدات الشمال: اللواءان 6و7 وأفواج المغاوير ومغاوير البحر والتدخل الثالث. وطلب الى اللواء الخامس بدء معالجة الأهداف التي انتشر فيها المسلحون وتشكيل لفيف تكتي لاحتلال تلة المحمّرة كونها مفتاحاً لأرض المعركة في البقعة المحيطة بمخيم نهر البارد. وفعلاً، خلال وقت قصير، شكل اللفيف وبدأ الهجوم بحيث استكمل تمركزه قبل الظهر على البقعة، وثبّت القوى المعادية ومنع انتشار المسلحين وامتدادهم خارج المخيم. وفي هذه الأثناء وصلت طلائع فوج المغاوير الى بلدة بحنين حيث طلب اليه المهاجمة على 3 محاور:
- المحمّرة حتى الطريق العام.
- من بحنين باتجاه المحمّرة.
- من بحنين باتجاه الجهة الجنوبية للمخيم.
كما كلفت القوات البحرية تنفيذ هجوم بالأسلحة من الغرب بحراً. وهكذا تمت استعادة المراكز كافة التي سقطت في بدء الاعتداء.
تزامن مع العملية خلال النهار الأول من المعارك قيام عناصر من «فتح الاسلام» على طريق طرابلس - القلمون الدولية بالاعتداء على عسكريين منتقلين عليها والتواري عن الأنظار. فطاردتهم قوى الجيش حيث تمّ اكتشافهم في مغارة في خراج القلمون وقضي عليهم بتاريخ 28 / 6 / 2007.


• من هي القوى التي شاركت في العمليات؟
- بالاضافة الى القوى المذكورة سابقاً، أُشرِك فوج مغاوير البحر، والفوج المجوقل وسرية من فوج الهندسة، وسرية من فوج المدفعية الأول، وسريتان من فوج المدفعية الثاني، وسرية من فوج المدرعات الثاني، وطواقم من فوج المدرعات الأول، بالاضافة الى مفارز طبية، وسرية الشرطة في الشمال.
وتتابع الهجوم على ثلاثة محاور للأفواج الخاصة ومحور تثبيت للواء الخامس.
ثم أُشرِك فوج التدخل الثالث في منطقة طرابلس لضبط الأمن فيها وتأمين خلفية آمنة للقوى التي تعمل حول المخيم.
كما أشركت القوات الجوية بطلعات إستطلاعية ودعم جوي وإخلاء صحي.


• ما هي مراحل معركة مخيم نهر البارد؟
- بعد تلقي الضربة الأولى تم إنجاز المرحلة الأولى من المعركة والتي تمثلت باستعادة المراكز وأخذ المبادرة. وكرّت سبحة المراحل كالآتي:
- المرحلة الثانية: احتلال مراكز المسلحين حتى الخان من جهة البحر.
- المرحلة الثالثة: احتلال النورس ومستشفى جنين وجامع القدس.
- المرحلة الرابعة: استكمال تنظيف المخيم الجديد حتى تخوم المخيم القديم، حيث حوصر ما تبقى من عصابة «فتح الاسلام» التي قتل معظم أفرادها أو جرحوا. ومن داخل المخيم القديم حيث تغلغلوا بين السكان المدنيين متخذين منهم دروعاً بشرية راح عناصر العصابة يطلقون نار القنص على قوى الجيش.


• ما هي الأسلحة التي استعملها الجيش في هذه المعركة؟
- لجأ الجيش في هذه المعركة الى استعمال الأسلحة المناسبة لمعالجة الأهداف المحددة بدقة فائقة حرصاً على حياة المدنيين الآمنين في مخيم نهر البارد، مع العلم أن سكان المخيم الجديد حيث دارت المعارك كانوا قد أخلوا منازلهم قبل بدء المعركة للمسلحين الذين عاثوا فساداً وخراباً، غير موفّرين المقدّسات إذ كانوا يستعملون أماكن العبادة مراكز قتل وقنص وقصف.


• يُحكى أن مسلّحي «فتح الاسلام» استعملوا أسلحة حديثة. فهل هذا صحيح وما هي أنواع الأسلحة التي استخدموها؟
- استعمل المسلحون صواريخ الكاتيوشا عيار 107 ملم، والهاون من عياري 82 و60 ملم، وقواذف «آر بي جي» والمدافع الرشاشة المضادة للطائرات عيار 23 ملم، ورشاشات «الدوشكا» عيار 14.5 ملم، بالاضافة الى الأسلحة الخفيفة. وقد لوحظ استعمالهم بعض أسلحة القناصة المجهزة بالمناظير الحديثة.


• ما هي أهمية ما تحقق الى اليوم؟
- في العلم العسكري يعتبر ما تحقّق الى اليوم إنجازاً كبيراً، لا سيما أن قوى الجيش الى حين بدء المعركة كانت منصرفة الى دور آخر هو حفظ الأمن. كما أن قتال مثل هذه المجموعات الإرهابية تعثّر ولم يعرف نجاحاً في نقاط عديدة من الشرق الأوسط. فلقد نجح الجيش بتنظيف المخيم الجديد من عصابة «فتح الاسلام» بأقل خسائر ممكنة، والتي يمكن اعتبارها معدومة، في صفوف المدنيين الآمنين في مخيم نهر البارد.

 

تصوير: المعاون هاني قازان