العوافي يا وطن

اللواء الثاني عشر
إعداد: تريز منصور

العميد الركن رسلان حلوي
أفشلنا إنزال العدو في جل البحر وقدّمنا شهداء وجرحى

 

تصدّى للإعتداءات الإسرائيلية ببطولة فائقة منذ العام 2005، وتوّج هذه البطولة يوم إفشاله الإنزال في منطقة جلّ البحر خلال حرب تموز 2006، معمّداً النصر بالدم والشهداء.
ساعد الأهالي النازحين وما زال، وتقاسم معهم رغيف الخبز خلال الحرب المدمّرة التي شنّها العدو الإسرائيلي. ساهم في انتشال الضحايا، خصوصاً ضحايا مجزرة قانا ومبنى الدفاع المدني في صور، فكان صورة مشرقة للجيش الذي بسط سلطة الدولة في نطاق انتشاره وكان خير سند للمواطنين. وهو اللواء الوحيد الذي كان منتشراً في منطقة الجنوب، قبل إصدار القرار 1701 وانتشار الألوية الأخرى على الحدود وفي كامل القرى والبلدات الجنوبية.
إنه اللواء الثاني عشر، ينفّذ المهام الموكلة إليه بدقّة وفعالية خالية لا تعيقه صعوبات أو عراقيل. فما من مستحيل أمام ضباطه  وعسكرييه، كل الأمور ممكنة وسهلة مع توافر العزم والإرادة.
ينتشر اليوم هذا اللواء في قطاع يمتد من الليطاني حتى مخيم الرشيدية جنوباً أو برك رأس العين مروراً بالقاسمية، البرغلية، صور، البصّ ورأس العين. ويمتدّ القطاع من الناحية الشرقية من جويّا، البازورية، وادي جيلو وجويّا. وباتجاه الشمال الشرقي يمتدّ على طول جسر 6 شباط دردغيّا ومعركة. أما بإتجاه الجنوب الغربي فيشمل بلدات حناويه، حوش بسمة وبرك رأس العين.


عام على الكابوس
في طريقنا الى مدينة صور، حيث مقر قيادة اللواء الثاني عشر، نتأمّل المدينة وقد استعادت مساحتها وحركتها العمرانية والإنمائية، وهي التي كانت في مثل هذا الوقت من العام الماضي تعيش كابوس العدوان الإسرائيلي المركّز زهاء 33 يوماً. وعلى طول الطرق المؤدّية إليها، دوريات للجيش اللبناني وحواجز ثابتة تدقّق بالسيارات، وتبعث في نفوس المواطنين مشاعر الأمان والإطمئنان.
قائد اللواء الثاني عشر العميد الركن رسلان حلوي استقبلنا في مقر قيادة اللواء ومعه استعدنا أبرز المحطات التي شهدها قطاع إنتشاره منذ عام. قال: «ينتشر اللواء الثاني عشر إعتباراً من تموز العام 2005، في قطاع صور، يضطلع بمهام الدفاع عن القطاع ضد أي عدوان إسرائيلي، يحفظ الأمن ويبسط سلطة الدولة والقانون. لقد تصدّى اللواء للإعتداءات الإسرائيلية على لبنان في حرب تموز 2006، وسقط له خمسة شهداء وستة جرحى. وهو  أحبط عملية إنزال للعدو في منطقة جلّ البحر، حيث إستشهد المعاون نداء أبو شقرا، الذي كان أول من كشف الإنزال وتصدّى له.
خلال فترة الحرب كان اللواء حاضراً لمساعدة المواطنين حيث ساهم في أعمال الإغاثة وسوى ذلك من مهام فرضتها الظروف المأسوية بسبب العدوان.

 

مهام مختلفة


• ماذا تغيّر في مهامكم منذ عام إلى اليوم؟
- فور صدور القرار 1701 إنتشرت الألوية 6، 10، 11 و12 ووضعت تحت السيطرة العملانية لقطاع جنوبي الليطاني الذي يقوده العميد الركن بولس مطر. وهكذا فإنّ رقعة إنتشار قطاع اللواء الثاني عشر قد توسّعت.
مع وصول قوافل قوات الطوارئ الدولية، واكبناها براً وبحراً من خلال عمليات إنزال.
أمّا مهام اللواء اليوم فتتلخّص بالآتي:
- حفظ أمن المواطنين من خلال إقامة دوريات وحواجز ونقاط مراقبة وتوقيف مطلوبين بناءً على مذكرات صادرة في حقهم من قبل قيادة الجيش.
- توفير الأمن في محيط المخيمات الفلسطينية الواقعة ضمن القطاع وهي مخيم الرشيدية البص - وبرج الشمال. ولهذه الغاية تتمركز حواجز ثابتة على مداخلها لضبط عملية الدخول اليها والخروج منها، ووضع نقاط مراقبة في محيطها، وتدوين أرقام وأنواع وأسماء سائقي جميع السيارات التي تعبر من المخيمات وإليها.
ومع إندلاع المواجهات في نهر البارد، وبناءً على توجيهات القيادة، عزّزنا وجودنا لمنع حصول أيّة حوادث مشابهة.


سرية في نهر البارد
إلى ذلك، فُصِلَت سرية من اللواء لتخوض المعارك إلى جانب رفاق السلاح في نهر البارد. كما أن هناك سرية تابعة للواء في بيروت لدعم فوج التدخّل الثالث في الحفاظ على الأمن.
في أثناء حديثنا مع العميد الركن حلوي، دخل علينا الملازم شربل بشار، وقال: «أتيت لأخذ توجيهاتك سيّدي قبل أن أتوجّه إلى نهر البارد».
فأجابه: «الله معك، كن شجاعاً، وإنما لا تنسَ الصبر والتأنّي».
وإذ تمنّينا بدورنا السلامة للملازم وسائر العسكريين، تابعنا حديثنا فأضاف العميد الركن حلوي: «في إطار الحفاظ على الأمن، التنسيق تام بين اللواء وقوات الطوارئ الدولية المنتشرة ضمن قطاعنا وهي القوى الإيطالية والكورية الجنوبية. وعقب حادثة التفجير الأخيرة التي تعرّضت لها القوى الإسبانية، تمّ تركيز نقاط مراقبة لحماية أماكن وجود هذه القوات ونقاط سكنها. كما أننا نشارك في نشاطاتهم الرياضية والثقافية، وخصوصاً في دورات اللغة الإيطالية التي يعدّونها للضباط وللعسكريين على حد سواء.


• ماذا عن دوركم في نزع الألغام والقنابل العنقودية؟
- تشارك فصيلة الهندسة في اللواء الثاني عشر في هذه المهمة الإنسانية الكبرى، ولقد إستشهد لنا عسكري وأصيب ضابط خلال هذه المهمات. ويمكننا التأكيد أنه تمّ تنظيف القسم الأكبر من هذه الأماكن في قطاعنا قبل وصول الشركات المتخصصة بنزع الألغام والتي تعمل بالتنسيق مع المركز اللبناني للأعمال المتعلّقة بالألغام (المكتب الوطني لنزع الألغام سابقاً).
وعن معنويات العسكريين وتجاوب الأهالي مع التدابير التي يتخذها الجيش قال: صور مدينة التعايش بين الطوائف والطبقات الاجتماعية، أهلها يحبّون الجيش اللبناني وينصاعون لأوامره وتعليماته ويتعاونون معه ويزوّدونه الأخبار والمعلومات حول ما قد يخلّ بالأمن. ونحن نشعر بالمحبّة العارمة التي يكنّها المواطنون لجيشهم وبمدى تعاطفهم معه.
قبل أن نودّع العميد الركن حلوي لننطلق في جولة ميدانية، سألناه كلمة أخيرة فقال: «أتمنّى أن تنتهي معارك البارد ليس بالإنتصار فحسب بل بالقضاء على ظاهرة الإرهاب في المناطق اللبنانية كافة».

 

السرية 1206 في زمن العدوان
بعد ذلك، توجّّهنـا برفقـة ضابـط التوجـيه المقـدّم عبد الحكيم ضاهـر إلى مركز السرية 1206 التي كانت تسمّى سـرية الإحتيـاط فـي زمـن حـرب تموز 2006. قائدهـا المقدّم مازن سليمان رحّب بنا وأخبرنا «أنّ هذه السرية التي كانـت تتمركز على مفرق قانا، نفّذت مهمـات إنسانية صعبة للغاية، من إنتشال الجثث وتأمين فتح الطرق أمام المسعفين عقب حصول مجزرة قانا ومجزرة ڤيلاّ قدسي ومبنى الدفاع المدني في صور».
وأشار إلى أن بلدة قانا كانت خارج قطاع اللواء، ولكن وبطلب مباشر من قائد الجيش إلى قائد اللواء، نفّذت السرية 1206 هذه المهمّة الأليمة، التي استغرقت نحو 20 ساعة، نظراً الى إرتفاع عدد الشهداء الذين دفنوا تحت الأنقاض.
وأضاف قائلاً: خلال الحرب تقاسم اللواء المواد الغذائية التي كانت بحوزته مناصفة مع الأهالي الذين لم يتمكّنوا من المغادرة.
ولقد ساعدت السرية في ترحيل الأجانب واللبنانيين حاملي الجنسيات الأجنبية خلال الحرب ووفّرت أمن تنقّلاتهم وأماكن إنتظارهم البواخر، وكذلك ساهمت في عملية الدفن الجماعي للشهداء.
وعن مهام السرية حالياً قال:
نقوم اليوم بعملية تنفيذ كمائن على طول الشاطئ منعاً لحصول أي عمليات إبرار. ولقد إنتقلت السرية بعد الحرب إلى قطاع القاسمية وأعادت تنظيم المراكز والحواجز وعمليات حفظ الأمن، ثم إنتقلت إلى بيروت، للمساهمة في حفظ الأمن في محيط ساحة الشهداء. وهي اليوم مكلّفة توفير الأمن في محيط مخيم «الرشيدية»، اضافة إلى مهمّات أمنية في صور.
وختم بالقول:
الجيش نفّذ الأوامر خلال حرب تموز بقناعة راسخة ومعنويات عالية. وهو اليوم يقوم بواجبه الوطني بالروحية ذاتها، وربّما أكثر، لأن المواطنين يشعروننا بأننا «خشبة الخلاص»، وهذا ما يحمّلنا المسؤولية الكبرى ويزيدنا إصراراً وعزيمة، على فرض الأمن وعدم تخييب آمال الناس.

 

فخر بالمهمّة وتحيّات للرفاق
تابعنا جولتنا على مراكز إنتشار اللواء، وفي السرية 1200 إلتقينا المؤهّل خليل جرادي، وإذ قلنا له: «العوافي يا وطن» كيف الحال والمعنويات، قال:
«محبّة الناس الكبيرة للجيش، والمشاعر الصادقة التي أحاطونا بها، تحمّلنا مسؤولية كبيرة وتحثّنا على العطاء المتزايد، خصوصاً في عملية حفظ الأمن والتصدّي للعدو الإسرائيلي... نحن جاهزون لأي مهمّة.
وقبل أن نغادر حمّلنا «تحيّة محبّة وتقدير لرفاقي المنتشرين في المناطق اللبنانية كافّة».
وفي السرية نفسها إلتقينا العريف الأول زياد بلال الذي قال: «نفّذنا خلال حرب تموز الماضي مهمّات لوجستية، فأمنّا عتاداً ومعدات من بيروت وكفرشيما إلى ثكنة صور، وما زلنا نقوم بهذه المهمّة لغاية اليوم.
أشعر أن الجيش اليوم في أفضل الأوضاع، خصوصاً في معارك نهر البارد، التي وضعت المدماك الأساسي في تاريخ الجيش الحديث.
أتمنّى لرفاقي القوّة والصبر والنصر في معركتهم المصيرية في نهر البارد وفي المناطق اللبنانية كافة».
محطتنا التالية كانت مع الرقيب الأول المغوار عزام العلي (خبير متفجرات في قسم الهندسة في اللواء)، أوضح أن مهمته في اللواء «شلّ العبوات والقنابل العنقودية والتفخيخات غير النظامية والألغام على أنواعها».
وإذ نسأله عن شعوره حيال قيامه بمهمّة خطرة يجيب:
«إنّني فخور جداً بالمهمّة الإنسانية التي أقوم بها، والتي تتركّز على إنقاذ حياة الناس من الخطر الذي يحيط بهم في كل مكان، والذي يظهر مدى همجية العدو وحقده.
المسؤولية اليوم كبيرة جدّاً والمهمة صعبة، فالحرب إنتهت ولكن آثارها ما زالت تخيّم على أرض الجنوب. وهنا أودّ أن أتوجّه بالشكر إلى المزارعين والأهالي، الذين يتعاونون معنا بشكل جدّي ويدلون بكل المعلومات التي ترد إليهم ويبلّغون عن الأجسام المشبوهة التي تصادفهم في جوار مساكنهم وفي حقولهم».

تصوير: راشيل تابت