العوافي يا وطن

اللواء الثاني
إعداد: باسكال معوض بو مارون - ماري الحصري

العميد الركن جان قهوجي
الاعتداءات طاولتنا منذ اليوم الأول للحرب

قبل أن تنقضي أربع وعشرون ساعة على بدء العدوان, كان نصيب اللواء الثاني من حمم العدو ووحشيتـه وافراً. قائـد اللواء العميد الركن جان قهوجي الذي استقبلنا في مقر قيادة اللواء (عقتنيت) تذكّر الأوقات العصيبة التي مرّ بها عسكريوه والجنوب ولبنان، وكان معه هذا اللقاء.

 

تنذكر ما تنعاد
بداية، يوضح قائد اللواء الثاني، إنه في صباح الثالث عشر من تموز بدأ القصف على مراكز اللواء في منطقة الزهراني وأصيب عدد من العناصر بشظايا القذائف، فأعلنت حالة الاستنفار وعمل الجنود على حفر الخنادق والحُفر وتحضير الأسلحة المناسبة للرد على هذا الهجوم المعادي. وفي وقت لاحق استهدفت ثكنة صربا وقصفت على عدة مراحل حتى تمّ تدميرها بشكل كامل، وكذلك الأمر بالنسبة لثكنة الزرارية، ومركز أرنون اللذين كانا هدفاً مباشراً للقذائف الإسرائيلية، إلاّ أنه وبفضل وعي العسكر والتوجيهات المعطاة لهم، تجنبنا سقوط ضحايا بين العسكريين.
وأضاف: أذكر أنني أعطيت الأمر بإخلاء مركز جسر 6 شباط من العسكر والانتشار في حُفر فردية في محيطه، وما إن أنهى العسكريون الإخلاء والتمركز في الخنادق والحفر حتى قصف العدو الإسرائيلي الجسر ودمره بشكل شبه كامل، لكن أياً من الجنود لم يصب بأذى والحمد لله.

 

شهيد وجرحى في صربا
أما في صربا فقد قدّم اللواء شهيداً، إذ أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على موقعنا في ثكنة صربا. العناصر كانوا يتحصّنون في حفر فردية في محيط الثكنة، أحد الخنادق أصيب بقذيفة مباشرة ما أدّى الى طمر ثلاثة جنود تحت التراب. سارع رفاقهم لنجدتهم بينما كان طيران العدو يحلق فوقهم والقصف يهددهم في أية لحظة، فاستطاعوا إنقاذ اثنين منهم بينما استشهد الثالث وانتشلت جثته بعد نحو 4 ساعات.
وأضاف قائد اللواء:
عقب الاعتداء عمدنا الى إنشاء تحصينات في قطاعنا ومنها الخنادق والحفر الفردية التي أثبتت خلال هذا العدوان أنها أفضل وسيلة للدفاع والتحصّن وإطلاق النار منها. كما يتدرّب الجنود على القتال ضمن مجموعات صغيرة، فهذه التقنية أثبتت فعاليتها ضد إسرائيل وضد الإرهابيين في نهر البارد ما يجعل التدرّب عليها حالياً من أولويات الجيش.

 

حفظ الأمن مهمة دائمة
عن مهام اللواء حالياً، قال العميد الركن قهوجي: «الأوامر واضحة وأهمها التصدّي لأي خرق أو تعدٍ أو إنزال يمكن أن يقوم به العدو الإسرائيلي.
أما مهمة حفظ الأمن في داخل القطاع فهي أساسية ودائمة، وانتشار عناصر اللواء بكثافة في الأماكن المحورية في القطاع يؤمن الاستقرار ويشعر الأهالي بالإطمئنان.
ولفت العميد الركن قهوجي الى مشكلة القنابل العنقودية والقذائف غير المنفجرة التي يوليها اللواء إهتماماً كبيراً، حيث تمّ تفجير وإزالة 18468 قنبلة عنقودية و123 قذيفة مختلفة.
وأضاف: لقد حرصنا على مساعدة الأهالي في مختلف حاجاتهم اليومية التي أصبحت مصدر قلق وهمّ لهم.
ونسأله، هل من كلمة أخيرة يختم بها فيقول:
«إن توجيهات القيادة بالنسبة لحفظ الأمن ومساندة الأهالي والحرص على المساعدة في إنماء المنطقة، واضحة وجليّة ونحن ننفّذها بحرفيتها لأن لبنان وطننا وشعبه أهلنا ونحن منه وله دائماً».

 

في صربا
موقع صربا هو الأكثر تضرّراً بين مواقع اللواء الثاني التي استهدفها العدو إذ دمّرت الثكنة بشكل شبه كامل، وتواصل استهدافها حتى بعد إصابتها.
نمرّ بمغدوشة فنستمتع بطبيعة البلدة الجميلة المشهورة بماء الزهر وبالعنب اللذيذ، ونلاحظ انتشاراً لعسكريين يتولّون مهمة المراقبة. وتلفتنا تحصينات شيّدت بشكل يؤمن سلامة العناصر وكذلك الحفر الفردية والخنادق.
في حديثٍ مع المقدّم جورج صفير، رئيس الفرع الثاني في الكتيبة 22 حول دور الجيش خلال حرب تموز 2006، قال: إن مهمتهم الأساسية كانت التصدي لأي اعتداءٍ إسرائيلي على المنطقة، كانت هناك محاولة إنزال في المنطقة، واستطعنا التصدي لها. إضافة الى تعزيز المراكز، وزيادة عدد التحصينات والحفر الفردية التي كانت بمثابة منازل للعسكريين خلال القصف.
أمّا في ما يتعلق بدور الجيش في مساعدة المدنيين، فيخبرنا المقدّم صفير أن العسكريين كانوا يتدخلون لإنقاذ الجرحى وانتشال الجثث، ويؤمّنون الطريق للنازحين من المناطق خصوصاً بعد استهداف الجسور لقطع أوصال البلاد، كما كانوا يساهمون في تأمين المياه والطعام للمدنيين. في المقابل، يؤكد المقدّم صفير أن المدنيين كانوا يساندونهم ويمتثلون لتوجيهاتهم، ويلاحظ أن تعاطف المواطنين مع الجيش حالياً بات أكبر، خصوصاً مع ما يجري في مخيم نهر البارد، وهذه الفترة شهدت تلاحماً بين الناس والجيش.
وحول التغييرات الحاصلة منذ نهاية حرب تموز 2006 حتى اليوم، يقول المقدّم صفير إن التركيز حالياً على مسألة الأمن، بالاضافة الى التصدي لأي اعتداءٍ محتمل، ويخبرنا أنه تمّ ترميم الثكنة في صربا، كما رممت أيضاً الحفر والخنادق.
الملازم عامر الحجار ضابط آلوي في الكتيبة 22 كان آمر الفصيلة 2232 خلال حرب تموز، وكان موجوداً مع الجنود في ملالة استهدفها طيران العدو الإسرائيلي.
بفخر يقول الملازم «ان لا شيء أقدس من القيام بواجب الدفاع عن الوطن». وعلى صعيد مساعدة المدنيين، كان الجنود يردمون الحفر على الطرقات المستهدفة لتسهيل مرور المدنيين، ويقومون بكل الأعمال المتعلقة بالإغاثة والمساعدة.
ماذا تغير منذ عام بالنسبة اليكم، عن هذا السؤال يجيب قائلاً:
ثمة تركيز على التدريب بطرقٍ جديدة، وتحديث العتاد وزيادة عدده.
أربعة من العسكريين الذين شاركوا في التصدي للعدو الاسرائيلي كانوا في أحد مراكز اللواء الثاني، نحييهم ونقول لهم إننا نقدّر تضحياتهم ونسألهم عن شعورهم حيال ما مرّوا به سابقاً وما يعيشونه اليوم. تبدو الابتسامة جواباً جماعياً، وبكلام مختصر فيه شيء من التواضع والخجل، يقولون: «ما نقوم به ليس سوى الواجب».
فالرقيب الأول أحمد إسماعيل، رتيب السرية 22 هو واحد من العسكريين الأربعة، يعبّر عن شعوره قائلاً: «أنا معتزّ بالقتال ضدّ العدو والدفاع عن وطني وشعبي».
الرقيب الأول إسماعيل أصيب برجله في 12 آب الماضي حين قضى الطيران الإسرائيلي على مركزه بإحدى الهجمات.
الجندي الأول يوسف تيشوري يفصح بدوره أنه فخور لتأدية واجبه وخوض تلك الحرب.
في حين عبّر الجندي الأول بلال سلهب عن الشعور نفسه.
وشدّد الجندي نادر شحادة على استعداده للسهر على أمن لبنان وأرضه وشعبه، وللتضحية في سبيل بقاء الوطن.

تصوير: راشيل تابت