العوافي يا وطن

اللواء العاشر
إعداد: جان دارك ابي ياغي - ندين البلعة

العميد الركن شارل الشيخاني
أهلاً بكم مجدداً

 


في مرجعيون يتمركز اللواء العاشر الذي كان العام الماضي طليعة الألوية الواصلة إلى مناطق جنوب الليطاني التي غاب عنها الجيش طيلة عقود.
قائد اللواء العميد الركن شارل الشيخاني الذي سبق أن زرناه غداة انتشار اللواء في القطاع الشرقي، رحّب بنا مرة جديدة، ومعه استعرضنا المتغيرات التي أحدثها انتشار الجيش في المنطقة خلال عام.


نؤمن الأمن ليشعر المواطنون بالأمان
بدأية، قال قائد اللواء العاشر: كان لانتشار الجيش في الجنوب الأثر الطيّب في نفوس المواطنين الجنوبيين الذين انتظروا عودة جيشهم بعد 38 سنة من الغياب، وهذا ما لمسناه في أول يوم للانتشار وما زلنا حتى اليوم. في النهاية، المواطن بحاجة إلى أمن ليشعر بالأمان.
إلى جانب المهام الأمنية في الداخل وحماية الحدود من أي اعتداء، يقوم الجيش بأعمال إنمائية لمساعدة الأهالي على إعادة إعمار ما تهدّم خلال حرب تموز الماضي، ويساهم في إزالة الألغام والقذائف والقنابل التي تركها العدو، ومهامه مشابهة لمهام الألوية الأخرى التي سبق أن ذكرناها.
لقد تفاعل المواطنون في المنطقة مع الجيش بشكل مميّز جداً، فقد انتظروا طويلاً عودته إلى المنطقة الحدودية.

 

يريدون الالتحاق برفاقهم
على الرغم من السنة الصعبة التي مرّ بها لبنان والجيش معاً بعد حرب تموز 2006، إلا أن هذا الأمر لم يؤثر بتاتاً على معنويات العسكر، فهو جاهز دائماً للقيام بواجبه الوطني على أكمل وجه من دون أن يضعفه انعدام مستلزمات الحياة اليومية في أول أيام انتشاره، وغيابه شبه الدائم عن أهله وأفراد عائلته.
من جهة أخرى، أشاد قائد اللواء العاشر بالجهود التي يبذلها الجيش في مخيم نهر البارد للقضاء على إرهابيي «فتح الاسلام»، والتي أثّرت بشكل إيجابي على معنويات عسكريي الألوية المنتشرة في الجنوب ما دفعهم إلى طلب الالتحاق برفاقهم ليقاتلوا إلى جانبهم.
ويضيف: لقد طلبت القيادة من الألوية رفع لوائح إسمية بالراغبين في الانتقال إلى مخيم نهر البارد وقد تفاجأت بعدد الراغبين من عناصر اللواء العاشر إذ بلغ 253 إسماً.
وأشار في هذا السياق إلى أن ضباطاً وعسكريين من مدرعات اللواء العاشر التحقوا بمخيم نهر البارد وأصيبوا خلال المعارك.

 

الأمن واليونيفيل
حول الأمن في قطاعه قال قائد اللواء العاشر:
إلى انتشار الجيش في الجنوب، ساعد وصول قوات «اليونيفيل»، على استتباب الأمن في القرى الجنوبية بشكل ملحوظ إلى أن وقع الانفجار الذي استهدف القوات الاسبانية على طريق الدردارة - الخيام، وأدّى إلى استشهاد ستة وجرح آخرين. وقد أدّى هذا التخريب الأمني، إلى تراجع العجلة الاقتصادية بعد أن بدأت المنطقة تلتقط أنفاسها إثر الحروب الإسرائيلية التي عاشتها، ما أثّر سلباً على أعمال الناس التي تحتاج أمناً واستقراراً كي تعود المياه إلى مجاريها.

 

الواجب يمتد على مساحة الوطن
من ثكنة مرجعيون حيث ودّعنا العميد الركن الشيخاني انطلقنا إلى حيث ينتشر «العسكر» على الأرض، دائم التأهب موفور الهمة.
على مدخل بوابة فاطمة، مركز مراقبة للسرية 1007 من لواء المشاة العاشر. عسكر دائم التأهب في وجه العدو، يراقب تحرّكاته خلف الشريط الشائك منعاً لأي خرق أو إعتداء. يمر مواطنون «يضربون» السلام للجيش وفي ذهابهم وإيابهم يعبّرون عن إطمئنانهم لوجوده وإمتنانهم له.
إقتربنا من عناصر الحاجز حيث كان بانتظارنا مساعد قائد السرية 1007 النقيب مازن كلاكش الذي حدّثنا عن مهام المركز الأساسية وهي:
- التصدّي لأي اعتداء إسرائيلي على الحدود اللبنانية.
- مراقبة نشاطات العدو بمحاذاة الخط الأزرق.
- الحفاظ على الأمن في منطقة كفركلا ومنع المشبوهين من الوصول إلى محاذاة الخط الأزرق.
ويعتبر الرقيب الأول حسين حمية (من طاريا -البقاع) أن الأهالي في الجنوب اطمأنوا أكثر لوجود الجيش في الجنوب ويقول: «بعد مرور سنة على وجودنا في الجنوب، يشعر المواطنون بالأمان أكثر، معنوياتهم مرتفعة جداً، وهم يعاملوننا كأبناء لهم، فلا نشعر بأننا في غربة عن وطننا. أنا إبن البقاع، وقد أحببتُ الخدمة في الجنوب. طبيعة المنطقة خلابة وأهلها طيّبون وقد عانوا الأهوال، على كل حال، واجب العسكري يمتد على مساحة كل الوطن».
ويتمنّى الرقيب الأول حمية لرفاقه المحاربين في نهر البارد أن ينتصروا على الإرهاب، ويقول انه لن يتأخر لحظة واحدة في الإنضمام إليهم إذا دعت الحاجة و«الله يحميهم».
الجندي يوسف طنوس يقف مرفوع الهامة مستنفراً: ممنوع على العدو الإقتراب من الأراضي اللبنانية، واجبنا حماية كل شبر من أرضنا ومنع الخروقات والتعديات من أي جهة أتت. نحن عسكريون ومن اختار الالتحاق بالمؤسسة العسكرية، عليه أن يلبّي نداء الواجب وصرخة الوطن عندما يتعرّض للخطر.
الجندي طنوس يختم بكلمة إلى رفاقه في نهر البارد: كم كنت أتمنى أن أكون في صفوفكم.
ويعتبر العريف عاطف نعيم أنّ كل مهمة يقوم بها الجيش هي من واجباته فيقول: حيثما تمركزنا وفي أيّ موقع نكون فيه، نسعى إلى إتمام واجبنا على أكمل وجه. نهر البارد أو الجنوب أو غيره، كلّها أجزاء من وطننا ولن يردعنا أحد عن الدفاع عن أرضنا والمحافظة عليها. وما يدعمنا هو تعاون الأهالي وشعورهم أن وجودنا هنا هو لحمايتهم وتأمين الاستقرار لهم.
المجند الممدّدة خدماته خالد مرعي يلاحظ بدوره أن الأهالي يشعرون بأمان ويتنقّلون في المناطق القريبة من الشريط الحدودي والتي لم يقتربوا منها قط خوفاً من العدو. وهذا الشعور بالإطمئنان يُترجم بالتعاطف الذي يبدونه والبسمة التي تشع من أعينهم لدى رؤية العسكريين. ويتمنى لو أنه إلى جانب رفاقه في نهر البارد داعياً لهم بالنصر على العدو حتى يستتبّ الأمن في جميع المناطق اللبنانية كما هي الحال في الجنوب.

 

تصوير: راشيل تابت

 

الوزاني المضخة والجسر في عهدة الجيش
في أثناء وجودنا في مكتب قائد اللواء العاشر العميد الركن شارل الشيخاني، وصل قائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن بولس مطر في مهمة أمنية، حيث أقام الجيش وللمرة الاولى نقطة مراقبة على مضخة الوزاني المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل. فبعد المفاوضات التي جرت بين إسرائيل والأمم المتحدة أصبحت المضخة في عهدة القوات الدولية (وتحديداً القوات الإسبانية)، ولم يُسمح لأحد بالاقتراب منها. لكن الجيش طالب بتسلّم الموقع ولم يحتج على ذلك الاسرائيليون فكان لنا ما أردنا يوم 23 أيار 2007، إلا أن أحداث نهر البارد خطفت الأضواء عن هذا الحدث الذي انتظرناه طويلاً، كما أوضح العميد الركن بولس مطر.
«الجيش» رافقت أيضاًَ العميدين مطر والشيحاني في جولة إلى الوزاني حيث أصبح الجسر الذي يربط ضفتي النهر في عهدة الجيش اللبناني.
ومن ثم قمنا مع الوفد العسكري بزيارة ميدانية لنهر الوزاني حيث شاهدنا بأم العين الإجراءات الميدانية الجديدة، التي اتخذها الجيش بعد أن أصبح الجسر الذي يقام على النهر في عهدته. وتابعوا بأن الجسر الذي يتمّ بناؤه على النهر كان في السابق من ناحية الشمال مع الجيش ومن ناحية الجنوب ممنوع الدخول إليه، واليوم أصبح في عهدة الجيش من الناحيتين.

 

نزع الألغام والقنابل العنقودية
عندما نتحدث عن مهام الجيش في الجنوب تتبادر إلى الأذهان فوراً إحدى المهمات الأكثر حيوية، ألا وهي مهمة تنظيف الأراضي والممتلكات من المخلفات التي تركها العدو الإسرائيلي زارعاً بواسطتها خطر مواجهة الإنفجارات والألغام في كل حقل وبستان، مسبباً المآسي لكثير من العائلات من بين المدنيين والعسكريين.
عمليات نزع الألغام والقنابل العنقودية والذخائر المختلفة بدأت منذ سنوات ونجحت في تحرير الجزء الأكبر من الأراضي من هذه المخلفات. بعد عدوان الصيف الماضي عدنا إلى الوراء سنوات بسبب العدد الهائل للقنابل العنقودية التي وزعها العدو على مساحة تقارب الـ 38000000 متر مربع.
ما هو حجم ما أنجز خلال سنة؟ المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام (المكتب الوطني لنزع الألغام سابقاً) يجيبنا بالأرقام التي تشمل ضمناً ما أنجزه فوج الهندسة في هذا المجال (الذي بلغ عدد ما عطّله من قنابل عنقودية خلال عام 28576، إضافة إلى آلاف الذخائر المختلفة).
فإعتباراً من 14/8/2006 ولغاية 19/9/2007 أنجز ما يلي: نزع 126115 قنبلة عنقودية، 415 قنبلة طيران، 40 صاروخ طيران، 7752 قذيفة وصواريخ مختلفة، 425 لغماً مضاداً للافراد، 112 لغماً مضاداً للدبابات، و10879 ذخائر مختلفة.
وتفيد الأرقام أن المساحات المنظفة اعتباراً من 14/8/2006 ولغاية 19/9/2007، هي: 22.114.015 متراً مربعاً من أصل نحو 37.900.457 متراً مربعاً ملوثة بالقنابل العنقودية.
وتشير إحصاءات المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام إلى سقوط 35 قتيلاً و233 جريحاً خلال الفترة الممتدة بين 14 آب الماضي و25 أيلول 2007. أما العدد الأكبر من الضحايا فهو في فئة الذكور البالغين 19 عاماً وما فوق.