تحقيق عسكري

اللواء اللوجستي القلب الذي ينبض إدارة وانتظاماً
إعداد: ريما سليم ضومط

كانت اللوجستية سابقاً آخر مراحل العمل العسكري، أما اليوم فقد اصبحت في طليعة هذا العمل ومن أبرز المراحل وأخطرها، حيث بات الدعم اللوجستي من المقومات الأساسية للحرب الحديثة، فنجاح المعركة لا يقتصر على عدد الجنود وقوة الأسلحة وإنما يؤخذ بعين الإعتبار مخزون الجيش من عتاد وذخائر ومحروقات وتأمينها في الوقت المناسب، بالإضافة الى العوامل التي تعزز صمود العسكريين على الجبهة. إنطلاقاً من هذا الواقع يتسم العمل اللوجستي في الجيش بأهمية كبرى. وقد وضعت قيادة اللواء اللوجستي في الجيش اللبناني خطة عمل تهدف الى تحديث اللواء وتطوير العمل فيه لمواكبة تطورات العصر، وهي توصلت خلال العام 2003 الى رفع نسبة الجهوزية الى تسعين في المئة، بحسب ما أشار قائده العميد الركن عباس نصرالله في حديث شامل تناول فيه مهام اللواء وأقسامه وسير العمل فيه.

 

 الأقسام ومهامها

■ إن عمل اللواء اللوجستي معروف من قبل الكثيرين، فماذا تقولون عنه للذين لا يعرفونه؟ ­ إن اللواء اللوجستي ليس كباقي ألوية الجيش في تنظيمه، بحيث تحكمه فكرة الإختصاص والتنوّع في المهمات. أما العناصر المؤلفة للواء ومهامها فهي: • مركز تنظيم وإدارة المعدات: يتولى تنظيم وإدارة حركة عتاد الجيش الذي يدخل في ترقيم اللواء اللوجستي ابتداءً من العتاد واحصائه وترقيمه لتحديد مكان خزنه، وصولاً الى توزيعه على القطع المستفيدة، إضافة الى الإشتراك في لجان التلزيم والاستلام والتنفية وإفادة قيادة الجيش عن المخزون لاستدراك الحاجات بالإضافة الى المتوفر والموزع من أصناف العتاد.

• مديرية المخازن: مهمتها استلام وخزن وتوزيع العتاد والمعدات والذخيرة والمؤن والزيوت والشحوم على وحدات الجيش، والكشف على المواد المتفجرة ولوازمها ومحلات ومعامل ذخائر الصيد والمواد الكيميائية.

 • مديرية المشاغل: هي الموكلة بتأمين الدعم اللوجستي العام للجيش في مجال المساعفة على مستوى الرعيلين الرابع والخامس للآليات والأسلحة والعتاد العسكري بمختلف أنواعه.

• مصلحة التنفية: تتولى استلام الآليات والعتاد والمعدات والأسلحة غير الصالحة ومن ثم تلفها أو بيعها وفقاً لتعليمات التنفية بواسطة اللجنة المكلفة من قبل قيادة الجيش. ومنذ نحو ثلاث سنوات وبعد التحرير وبسبب تزايد كميات المصادرات، كلّفت مصلحة التنفية باستلام السلاح المصادر على أنواعه حيث أنشئ مؤخراً قسم خاص بالمصادرات يتولى معالجة أمورها منذ استلامها وحتى أخذها بالقيود.

• مكتب المحروقات: ويعتبر مموناً رئيسياً للصنف الثالث من الدعم اللوجستي، ومن مهامه إستلام المحروقات وتوزيعها على المحطات العسكرية والمدنية، إضافة الى استلام خزانات الإحتياط وتحليل عينات من المحروقات للتأكد من مطابقتها للمواصفات الفنية المطلوبة.

• المديرية التقنية: مهمتها وضع وتطوير المواصفات التقنية للمؤن والمعدات التي يحتاجها الجيش إضافة الى تأمين الفحوصات والإختبارات اللازمة العائدة لعملية الإستلام.

• فوج النقل: ينفذ مهاماً لوجستية عملانية لصالح مختلف وحدات الجيش، تشمل نقل عسكريين، نقل آليات مسلسلة وآليات هندسية، نقل وفود، إضافة الى نقل مستوعبات ومياه ومحروقات ومؤن مختلفة، بالإضافة الى نقل العسكريين من منازلهم الى أماكن عملهم وبالعكس.

• المدرسة التقنية: تتولى تعليم القطع والوحدات استعمال العتاد العسكري بشكل سليم.

 • الكتيبة اللوجستية: مهمتها شبيهة بمهمات كتيبة لوجستية في لواء مشاة.

 • كتيبة المدافعة: تتولى الحراسة والمدافعة عن الثكنة وشبيهة بأي كتيبة مشاة عادية.

 

 الحلقة اللوجستية

 يعتبر اللواء اللوجستي المصلحة المدبرة لمعظم عتاد الجيش، مما يفرض جهوزية كاملة ومتابعة مستمرة حيث يؤمن الدعم لألوية الجيش وأفواجه بالإضافة الى المناطق والمواقع والقطع المستقلة والطبابة العسكرية بعديد يزيد عن الألوية العادية، ويضم إداريين واختصاصيين، لذلك فإن عمله الإداري معقد ويقضي بتضافر الجهود بين مختلف الأقسام وإلا توقفت عملية التموين وتأخرت المساعفة وتعثر النقل. فمركز تنظيم وإدارة المعدات يتولى مراقبة النقص في العتاد حيث يتم تنظيم طلبات استدراك حاجة القطع ويرفع الى التجهيز لتأمين النقص، وعندها تتم عملية الشراء بناءً للمواصفات المحددة من قبل المديرية التقنية. بعد ذلك يُدرج العتاد في القيود من قبل مركز تنظيم وإدارة المعدات ليتم بعدها وضعه في المخازن ومن ثم توزيعه حسب الطلب على وحدات الجيش بواسطة فوج النقل. وفي حال تعرض العتاد أثناء استخدامه الى ضرر جسيم، تتولى إصلاحه مديرية المشاغل وإذا تعذرت مساعفته تتولى أمره مصلحة التنفية.

 

تنسيق العمل الإداري

■ عملكم يطال مختلف قطع الجيش، مما يتطلب الدقة والسرعة لتلبية حاجات الجميع، فكيف تعملون على تسريع العمل الإداري؟

­ - الخطوة الأولى في إطار تسريع العمل الإداري تمثلت في إحصاء أصناف الموجودات في المخازن مما سهل عملية التزود بالمعلومات الإحصائية عن المتوفر. والخطوة الثانية لا تزال قيد الإنجاز، وتقتضي إيجاد مفارز لوجستية في المناطق العسكرية لتخفيف الضغط على اللواء اللوجستي، وهذه المفارز سوف ترتبط باللواء وظيفياً، أما إدارياً فترتبط بقيادة المنطقة التي ستتمركز فيها. ومن المتوقع أن يتم إنجاز أول مفرزة في منطقة البقاع في أوائل العام 2004.

■ هل أثّرت سياسة التقشف على أداء اللواء، وما الخطوات التي اتخذتموها لمواجهة الأعباء الناتجة عن ضيق الاعتمادات؟

- عملنا بالمبدأ القائل إن ˜الحاجة أم الإختراع وبالفعل فقد تخطينا مرحلة كبيرة رغم الضائقة المادية عبر تصنيع بعض قطع الغيار بكلفة زهيدة بدلاً من شرائها بمبالغ طائلة. كذلك تمكنا من الحفاظ على جهوزية عالية على صعيد الأسلحة والعتاد عبر زيادة الجهد وتنظيم العمل وتشجيع العناصر الاختصاصيين مما رفع مستوى الإنتاجية والجهوزية في العام 2003 الى تسعين بالمئة.

■ كونكم لواءً إدارياً، هل ينبغي توفّر ميزات معينة في العناصر التابعة لكم؟ ­ يطوّع اللواء اللوجستي عادة عناصر متخصصة من إداريين وميكانيكيين وسائقين وآلويين وتقنيين و غير ذلك من الاختصاصات، ويتم إخضاع الجميع من حين الى آخر لدورات تدريبية في إطار اختصاصهم. ومن أبرز الدورات التي نفذت أخيراً دورة ترقيم عتاد الجيش وهي الأولى من نوعها في اللواء وقد تابعها نحو أربعين رتيباً، وحالياً ثمة دورة سوق للعناصر التي طُوّعت أخيراً لصالح فوج النقل، بالإضافة الى دورات ميكانيك وكهرباء وتأليل.

 

 آلية تأمين المطلوب في ظل التقشف

 ■ ما هي أبرز الإنجازات التي تحققت في اللواء خلال السنوات الأخيرة؟

 ­ على الرغم من ضيق الإمكانات المادية الناتجة عن سياسة التقشف، تمكنت أقسام اللواء من تحقيق إنجازات بارزة على غير صعيد، جاءت نتيجة الجهد الكبير الذي بذله مختلف العناصر من ضباط ورتباء وأفراد، لتأمين حاجات الجيش ولعب الدور المطلوب منهم على أكمل وجه. ولعل أبرز تلك الإنجازات إستحداث شبكة تأليل داخل المديرية سمحت بتنظيم العمل من مختلف جوانبه، فسهّلت عملية ضبط قيد الموجودات داخل المخازن، كما أتاحت متابعة عمل الآليات منذ دخولها الى المشغل وحتى إعادتها الى الخدمة. مما سمح بخلق ˜سجل حياة لها يشمل مختلف التدابير التي تتخذ بشأنها في كل مرة يتم إدخالها الى مشاغل اللواء. إضافة الى ذلك، أدى وجود شبكة التأليل في اللواء الى ما يلي:

 • فرز وتصنيف العتاد المصادر على أنواعه، وأخذه في القيود والبدء بتسليمه لمختلف وحدات الجيش.

 • إجراء جردة لمخازن اللواء وأخرى لمخازن الجيش ككل، تناولت العتاد الداخل في ترقيم اللواء اللوجستي مما سهّل تنظيمه ومعرفة الناقص منه ومن ثم تأمينه للقطع التي تحتاجها الوحدات.

 • تنفيذ خطة لتحديث آليات الجيش وصيانتها تم خلالها تجهيز ما يفوق الألف شاحنة وآلية خفيفة بشوادر جديدة وإطارات وركائم. كما تم إصلاح عدد كبير من الآليات والأجهزة والعتاد ضمن آلية عمل انطلقت من الجهد الجماعي والإبداعي أكثر من اتكالها على الإعتمادات المادية، ما أسفر عن توفير مبالغ طائلة على موازنة الجيش، ومن الأمثلة على ذلك عمليات تجليس ˜شاسي رأس فولفو بكلفة ألف دولار أميركي بدلاً من شرائه بخمسة عشر ألف دولار أميركي، وإصلاح مشحمة بكلفة عشرين ألف ليرة لبنانية بدلاً من شرائها بقيمة ألف دولار في الأسواق المحلية. كذلك تم تصنيع أفران طهي كلفة الواحد منها ألف دولار أميركي بدلاً من ستة آلاف دولار بحسب سعر السوق، وصنع أيضاً ˜كف فيوزات لرأس فولفو بكلفة مئة ألف ليرة لبنانية بدلاً من ألف دولار أميركي.

• إصدار فهرس كامل بقطع بدل للدبابات والأسلحة الشرقية مع التراقيم اللبنانية والعالمية، مما يسمح بطلب العتاد من المراجع المختصة بطريقة سليمة وسهلة.

 • تسريع المعاملات الإدارية لاستلام قطع البدل للآليات بحيث أصبح التسليم يتم خلال 24 ساعة فقط.

 • إعادة تشكيـل الأسلحة الخفيفة وتوزيعها على قطع الجيش بطريقة تتناسـب والمهـام والعديـد المحقـق، إضافـة الى توزيـع 106 آليات مقدمة كهبة من المملكة العربية السعوديـة بعد استلامها وإدخالهـا في القيـود خلال أسبـوعين فقـط.

• تحسين النقل المشترك في الجيش بصورة ملموسة بحيث ارتفع عدد خطوط السير المعتمدة من ثلاثة وعشرين الى ستة وأربعين خطاً خلال عام واحد، بانتظار أن يرتفع العدد الى الواحد والخمسين خلال فترة زمنية قصيرة.والجدير ذكره أن التحسينات التي تمت على صعيد النقل المشترك أثمرت نجاحاً كبيراً برز خلال عملية تبديل الألوية التي لم تستغرق أكثر من إثني عشر يوماً، وهي سرعة قياسية، علماً أنه لم تذكر أي حوادث أو أعطال خلال العملية المذكورة.

 • تحسين عمل المحطات العسكرية وجهوزيتها والمحافظة على نوعية المحروقات المستخدمة عن طريق المراقبة المستمرة، والجدير ذكره أنه نتيجة الفحص المخبري للمحطات العسكرية المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة، تبين أن نوعية البنزين المستخدم ممتازة، بحيث أن نسبة الأوكتان فيه بلغت 96.6 في المئة، ويعود السبب في ذلك الى أنه يأتي مباشرة من المصفاة الى المحطة من دون أن يمر بخزانات مختلفة.

 • تفعيل قسم المصادرات في مصلحة التنفية والبدء في تأليل السلاح المصادر لضبط حركته. كما تم إحياء مشغل التجميع والتصنيف ورفده بعناصر جديدة، إضافة الى تنفيذ خطة عمل جديدة قضت بتجريد الآليات المنفاة من القطع الصالحة واستعمالها كقطع بدل.

 • تحديث وإعداد مواصفات فنية لمعدات وآليات وعتاد وذخيرة، واشتراك المديرية التقنية في اجتماعات مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية للإطلاع على التطوّر الحاصل عالمياً.

• إفتتاح دورات تقنية وفنية ومحاسبة وإدارة في المدرسة التقنية تابعها عدد كبير من العناصر من مختلف قطع الجيش.

• اقتراح جداول عديد وتجهيز لمختلف وحدات اللواء لتنسجم مع المهمات الحالية التي ينفذها اللواء.

 

 المحافظة على الجهوزية

■ ما هي تطلعاتكم لمستقبل اللواء، وهل من خطة عمل معينة للعام 2004؟ ­

 من أبرز أولوياتنا للعام الجاري المحافظة على الجهوزية المرتفعة في اللواء ومواصلة تحديثه وتطوير العمل فيه. وفي هذا الإطار، سنواصـل العمل لربـط أقسام اللواء ضمن شبكة التأليل التي تم استحداثها كخطوة أولى، يليها الربط بالمفارز اللامركزية التابعة للمناطق العسكرية عندما يبدأ العمـل فيها. وضمـن عملية التأليـل نسعى أيضاً الى إنهاء تأليل الأسلحة المصادرة من جميع الأراضي اللبنانية لكي يتخذ القـرار بشأنهـا من قـبل القيادة. ومن مشاريعنا للعام 2004، استكمال عملية تنظيم المخازن. وختم العميد الركن نصرالله بالقول: رغم المعاناة من نقص في العديد والتجهيزات ورغم سياسة التقشف المعتمدة، فإن التعاون الإيجابي بين عناصر اللواء واعتماد سياسة التحفيز والإستفادة من الإمكانيات القصوى للاختصاصيين، والثقة القائمة بين الرؤساء والمرؤسين قد أدت الى زيادة فعالية وإنتاجية العسكريين في اللواء مما جعله من العناصر الأساسية لتنفيذ المهام الموكولة للجيش، كما هي الحالة في جميع الجيوش الحديثة والمتطورة.

تصوير:المجند خليل بوناصيف