مؤتمر

المؤتمر الإقليمي الثالث للجيش اللبناني قيمة مضافة بفضل حجم المشاركة ونوعيتها
إعداد: تريز منصور

ديناميات التغيير وتحديات الأمن والإقتصاد والسياسة عربيًا

 

برعاية العماد جان قهوجي، نظّم مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية في الجيش اللبناني، المؤتمر الإقليمي الثالث، والذي عقد تحت عنوان: «العالم العربي 2013: ديناميات التغيير، التحديات في الأمن والاقتصاد والإدارة السياسية».
شارك في المؤتمر عدد من النخب وكبار الباحثين من العالم العربي والدول الإقليمية وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية واستراليا، الذين قدّموا مداخلاتهم حول ما يشهده العالم العربي من تطورات وتفاعلات وما يواجهه من تحدّيات، ليخلصوا إلى توصيات في مختلف المحاور.
المؤتمر الإقليمي الثالث بموضوعاته التي تلامس بواقعية القضايا الإقليمية الكبرى، يكتسب أهمية استثنائية، في ظلّ التطورات التي يشهدها العالم العربي وتعاظم تفاعلاتها، كما أنه يكتسب أهمية مضافة بفعل حجم المشاركة فيه ونوعيتها.
 وقد أكّد الجيش اللبناني من خلال هذا المؤتمر وسابقيه، بلوغه مصاف الجيوش الأكثر حداثة في مجال تنظيم المؤتمرات وإعطاء قيمة مضافة للبحث الاستراتيجي.
عقد المؤتمر في فندق مونرو - بيروت، حيث استهلّ نشاطاته في 10 نيسان المنصرم بحفل استقبال، وتضمّنت فعالياته التي استمرت إلى 13 منه جلسة إفتتاحية عامة مقسّمة إلى مرحلتين، وجلسات مناقشة بين الباحثين المشاركين، وجلسة ختامية تليت فيها التوصيات، وتخلّلها تكريم المشاركين، الراعين والإعلاميين على حدّ سواء.

 

حفل الاستقبال
سبق جلسات العمل حفل استقبال للمشاركين تخلّلته كلمة لرئيس الجمهــورية ألقــاها وزيــر الدفاع الوطني فايز غصن، الذي مثّل أيضًا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجــيب ميقــاتي، بالإضافة إلى كلمتين لقائد الجيش العماد جان قهوجي، ولمدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية، رئيس اللجنة المنظّمة للمؤتمر العميد الركن خالد حمادة. حضر حفل الاستقبال الوزير السابق غازي زعيتر ممثلًا رئيس مجلس النواب نبيه بري، السيد محمد المشنوق ممثلًا رئيس الحكومة المكلّف تمّام سلام، رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان، مدير عام قوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد روجيه سالم، نقيب الصحافة محمد البعلبكي، عدد كبير من الملحقين العسكريين الأجانب وقوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان وأهل الفكر والاقتصاد، ضباط من قيادة الجيش، بالإضــافة إلى المشاركين في فعاليات المؤتمر وعدد كبير من الصحافيين والإعلاميين.

 

الوزير غصن: نحن بحاجة إلى ديناميات جديدة لمواكبة التغييرات الراهنة والتطورات المتسارعة
رحّب وزير الدفاع الوطني فايز غصن في مستهلّ كلمته بالمشاركين، وشكر مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية في الجيش اللبناني، الذي اختار «ديناميات التغيير، التحديات في الأمن والاقتصاد والإدارة السياسية» عنوانًا للمؤتمر الثالث الذي ينعقد هذا العام، على وقع تغييرات كبيرة يشهدها العالم العربي وضمنه لبنان. وقال: «وضعت التغييرات العالم العربي على سكة مسيرة طويلة، واستدعت استنفارًا عربيًا على أعلى المستويات لمواكبتها، إستجابة للتحديات الراهنة. وهذه التحديات لا تقتصر على الأمن والسياسة، بل تتجاوزها الى مستوى الاقتصاد والاستثمار والتربية والتعليم والصحة وغيرها من مفاصل الحياة اليومية لكل بلد.
ومن هنا، فإننا اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى، بالتعاون والتعاضد وشبك الأيدي، للسير بأمتنا نحو شاطئ الأمان الذي ينشده كل مؤمن بقدرة العرب على تشكيل قوة سياسية واقتصادية كبيرة، إذ لا يختلف إثنان على حقيقة أن عالمنا العربي يمتلك من الطاقات البشرية والعلمية والنخبوية والإمكانات المادية، ما يؤهله القيام بأدوار ريادية في العالم».
واعتبر الوزير غصن: «أن ديناميات التغيير، يجب أن ترتكز بشكل أساسي «على عنصر الشباب، القادر وحده على الإبداع والتميّز إنطلاقًا من تطلّعه إلى الحرية بجميع درجاتها، نظرًا الى قدرته على مواكبة الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم».
وقال: «إننا، وإذا ما اعتمدنا هذا التوجه، فسوف نعيد للعنصر الشاب، قيمته التي يشعر أنه افتقدها، ونجعل منه دعامة أساسية في بناء المجتمعات، لا وقودًا نشعل به الصراعات، مما يجعله أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما أن يكون عنصرًا مشاكسًا يشكل عالةً وخطرًا على مجتمعه، وإما أن نتركه عرضة لرياح الهجرة فيحمل علمه وقدراته وأحلامه الواعدة في حقيبة ليضعها في خدمة مجتمعات أخرى، في حين أن المجتمع العربي في أمسّ الحاجة إلى المبدعين الشباب الذين يمتلكون القدرة على ضخ الدم الجديد في عروق أي تغيير منشود».
وشدّد الوزير غصن على «ضرورة التعاطي مع قضايانا بأبعاد جديدة قائمة على مرتكزات فكرية وعلمية تتلاءم والتحديات المحيطة بمنطقتنا، وتشكل أساسًا لمستقبل عربي واعد لأبنائه إلى أي قطر انتموا».
ونظرًا الى ما ننشده من تغيير في عالمنا العربي، دعا الجميع إلى الانطلاق من أمرين أساسيين:
الأول: هو التطورات المتسارعة التي شهدها العالم العربي في السنوات الماضية.
والثاني: هو قضايانا الأساسية التي يجب أن لا نحيّد عنها قيد أنملة، وأن نعمل جاهدين على إبقائها أولوية في سلم قضايانا، وأولها القضية الفلسطينية، وقضية تنامي الإرهاب بأشكاله المختلفة، والذي يمثل الكيان الإسرائيلي، أحد أبرز وجوهه.
هذان التحديان، يضعاننا أمام مسؤولياتنا العربية والقومية، ويفرضان علينا الانطلاق منهما في التعاطي مع أي قضية أخرى.
وقال غصن: «إنّ إسرائيل، ما زالت تضرب بالقرارات الدولية عرض الحائط، ولا تولي اهتمامًا للمعايير الدولية والأممية ولا حتى الإنسانية. وإنّ ما يحصل في فلسطين، من محاولات تهويد للمقدسات الإسلامية والمسيحية، والاستمرار في التوسع والاستيطان، ومواصلة الاعتداء على الشعب الفلسطيني، يستدعي حراكًا عربيًا إستثنائيًا عاجلًا، يضع حدًا للاحتلال الإسرائيلي، ويوقف الانتهاكات الإسرائيلية، التي لم تتوقف يومًا، والتي أصبحت وللأسف خبرًا عاديًا، في بعض وسائل الإعلام العربية. فها نحن في لبنان نحصي يوميًا عشرات الخروق للطائرات الإسرائيلية التي تصول وتجول في سمائنا، وعلى أعين قوات اليونيفل، علمًا أن هذه القوات تمكّنت بالتعاون مع الجيش اللبناني، من إحداث نوعٍ من الاستقرار الأمني في الجنوب يشهد له العالم، على الرغم من التطورات المحيطة بلبنان».
وتابع: «إننا طلاب سلام عادل وشامل قائم على المبادرة العربية التي أقرّت في قمة بيروت العام 2002، ونجدد مطالبتنا المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للإنسحاب من أرضنا المحتلة في شبعا وكفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر، ووقف إنتهاكاتها المستمرة لسيادتنا، والتزام القرار 1701 بشكل كامل وبجميع مندرجاته. ولعلّ الهاجس الآخر الذي يقضّ مضاجع العالم برمّته، هو ظاهرة الإرهاب المتنامي، هذه الظاهرة التي إذا لم يتم العمل على تجفيف منابعها، والقضاء عليها، ستبقى وتكبر ككرة ثلج تأخذ في طريقها الجميع وتقضي على الاعتدال والانفتاح، كائنًا من كان يمثّله. إنّ لبنان الذي ذاق مرارة الإرهاب، وحاربه، سيواصل العمل على حماية ساحته الداخلية من هذه الظاهرة التي تجتاح العالم، حائلًا بالتالي دون تمكين هذه الآفة الخطيرة من التغلغل في نسيجه الوطني الفريد والمميز. لقد تمكّنا من تجنيب بلدنا - ولو نسبيًا، تداعيات التطورات المحيطة بنا وانعكاساتها، ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أننا بتنا في منأى عن أي تطورات مستقبلية قد تحصل، فالفتنة طالما أطلت برأسها على بلدنا، وتمكّن لبنان، بفضل قيادة عسكرية حكيمة، وتوجيهات رشيدة من السلطة السياسية، من وأدها في مهدها».
وأكد أن «المتضررين من الإستقرار الداخلي كثر. ومشعلو الفتن والعابثون بالأمن سيواصلون محاولاتهم، ولكنّ الجيش ولبنان سيكونان لهم بالمرصاد، وسنعمل على منعهم من تنفيذ مرادهم».
واعتبر أن الواقع الإقتصادي المأزوم الذي يعيشه لبنان قد يساهم بنسبة كبيرة في تقديم الفرص للمستفيدين من الفتنة لتكرار محاولاتهم، وستكون المعالجة الجذرية للواقع الاقتصادي والمعيشي الذي نعيشه من أبرز التحديات التي تواجهنا، ولا سيّما وجود أكثر من مليون نازح على أراضينا».
وقال أخيرًا: «لبنان، أمانة في أعناق بنيه، ولا مجال أمامهم الآن سوى التضامن والتكاتف ونبذ الخلافات والتباينات، والعمل سويًا، وبنيّات صافية من أجل إيصال بلدهم إلى برّ الأمان. إنّ التحديات كبيرة، والأخطار المحدقة بعالمنا كبيرة أيضًا، لكن ما زال أمامنا المزيد من الوقت للتفاعل مع بعضنا، والتعاون من أجل خلق مفاهيم جديدة، وديناميات متطورة تجعلنا قادرين على مواكبة التغييرات الراهنة والتطورات المتسارعة».
وتمنى في الختام النجاح للمؤتمر.

 

العماد قهوجي: ندرك أن العالم يتطلع إلينا وهذه أولوياتنا
رحّب قائد الجيش العماد جان قهوجي في مستهلّ كلمته بالمشاركين وقال: «نلتقي وإياكم اليوم، ونحن على أبواب استحقاقات محلية، وفي خضمّ متغيرات إقليمية كبيرة يشهدها الشرق الأوسط، ويحاول لبنان بكلّ جهده أن يتعامل معها بواقعية وحكمة، كي لا ترتد نتائجها السلبية عليه. لقد عاش لبنان والجيش تحديات كبيرة خلال الأشهر الماضية، ما جعل هذا الوطن يصل أكثر من مرّة إلى حافة الهاوية، قبل أن يلتقط أنفاسه، ويستعيد أمنه واستقراره ولو بالحد الأدنى».
وأضاف قائلًا: «نحن ندرك تمامًا أن العالم بأجمعه يتطلع إلينا من زاوية الأحداث السورية، ونعرف حجم التحذيرات التي تنبّهنا إلى المخاطر المحدقة بنا. لكنْ بقدر ما تكبر مسؤولياتنا كلبنانيين في الحفاظ على استقرارنا، تكبر أيضًا المحاولات الداخلية والخارجية لإدخال عناصر الأزمة الإقليمية إلى الساحة اللبنانية، وزجّها في أتون الصراعات الشرق أوسطية، والحرب المستعرة فيها على أكثر من جبهة. وبقدر ما نحن معنيون بالحفاظ على أمننا، نريد التعاون مع الدول الصديقة لوأد الفتنة وضبط الاستقرار ومنع تحوّل لبنان إلى قاعدة للإرهاب، أيًا كانت جنسيته ومعتقداته».
وأكد أن «لبنان اعتاد أن يواجه الأزمات الكبيرة منذ العام 1948 تاريخ نكبة فلسطين وحتى اليوم، تارة بالسلاح وتارة أخرى بالحوار. ونحن في الجيش اللبناني، وإن كنّا نحمل السلاح ونستشهد دفاعًا عن أرضنا وحقنا وسيادتنا، إلا أننا ننحاز إلى ثقافة الحوار سبيلًا وحيدًا لمعالجة مشاكلنا الداخلية».
واعتبر أن لبنان على مفترق دقيق وخطير، بحيث تتكاثر المخاطر والتحذيرات عشية الاستحقاقات الدستورية الكبيرة، محددًا أولويات الجيش اللبناني بالآتي:
أولًا: الجيش اللبناني يجدد التزامه الثوابت الدستورية، وما أرسته مقدمة الدستور التي وضعت أسسها وثيقة الوفاق الوطني، مدافعًا عن لبنان الجمهورية الديموقراطية البرلمانية، وعن الحريات العامة، ومواجهًا التقسيم والتوطين والصراعات الدموية.
ثانيًا: منع تحويل لبنان ساحة للإرهابيين، ونحن نتطلع إلى مساعدة الأجهزة الصديقة، كي نتعاون معًا في حربنا المشتركة ضد العناصر الإرهابية.
ثالثًا: إن الجيش يريد وفق خطته الخمسية، تعزيز قدراته العسكرية كي يتمكن من توفير مستلزمات الأمن والاستقرار، بما يضمن حياة اللبنانيين والرعايا العرب والأجانب، آملين أن تعيد دولهم النظر في تحذيراتها من مخاطر زيارة لبنان.
رابعًا: إن الجيش الذي التزم تطبيق القرارات الدولية وفي مقدمها القرار 1701، على الرغم من خروقات العدو الإسرائيلي المتكررة، وحَرِصَ على تطويق بؤر التوتر المذهبي في أكثر من منطقة، يدرك أهمية الاستحقاقات في الأشهر المقبلة، وهو متنبّه تمامًا لمخاطر الفراغ الذي يمكن أن يحصل، إذا لم تتمكن الجهات السياسية المعنية من لمّ الشمل وتوحيد كلمة اللبنانيين. ونحن نتطلع إلى تشكيل حكومة جديدة برئاسة دولة الرئيس تمام سلام، والعمل في ظل قيادة رئيس الجمهورية والحكومة لمواجهة الأخطار المحتملة، ونؤكد هنا، أننا لن ندّخر جهدًا لنزع فتيل التفجيرات المذهبية وقطع يد الإرهاب، والعمل على تعزيز قدراتنا كي لا يقع لبنان ضحية جديدة للصراعات الإقليمية، ويبقى ملتزمًا ثقافة الحوار، سالكًا سبيل الديمقراطية، بلدًا موحدًا، حرًا، مستقلًا».

 

العميد الركن حماده: الإنتقال من موقع التلقي إلى موقع الإدراك والمشاركة في صنع الحدث
مدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر العميد الركن خالد حماده، استهلّ كلمته مرحّبًا بجمهور المشاركين في المؤتمر الإقليمي الثالث، من رسميين ودبلوماسيين وباحثين وأكاديميين، وقال: «أرحّب بكم وأشكر حضوركم لنضيف سويًا إلى ما بدأناه منذ العام 2011 في مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية في الجيش اللبناني، مع نخب من العالم العربي ومن أوروبا والولايات المتحدة جولة حوار جديدة، حول المتغيّرات والقضايا المتفاعلة في الساحات العربية، بجميع مظاهرها الاحتجاجية، أو التي تعبّر عنها ساحات القتال الدامي في سوريا حيث يتعذّر الحوار».
وأضاف: «نعم، لقد تمكنّا خلال العامين المنصرمين ومن دون قيود، من أخذ المبادرة وإطلاق نقاشات حرّة ومنتجة جمعت حداثيين وتقليديين، معارضين وصانعي سياسات حكومية، إيمانًا منّا بأنّ المقاربة الموضوعية للظواهر المجتمعية بأشكالها شتّى، والتخلّي عن المواقف المسبقة وقبول الآخر، هي الجزء الأساسي في الانتقال من موقع التلقّي إلى موقع المدرك، وربما المشارك في صنع الحدث أو في التصدّي له.
إنّ استقرار المجتمعات وأمنها لم يعد مقتصرًا على أمن الحدود أو الأمن الداخلي لجهة تثبيت القانون؛ إنّه بالإضافة إلى ذلك، أمن فرص العمل وأمان الضمانات الاجتماعية، أمن المشاركة السياسية وأمان الخصوصيات الثقافية والإثنية».
 وأوضح: «لقد أعطينا لمؤتمرنا عنوان «العالم العربي 2013: التحدّيات في الاقتصاد والأمن والإدارة السياسية» بعدما أصبح من المسلّم به ربط مصير التغيّرات في العالم العربي، بالتردّي الاقتصادي وبصعود الحركات الأصولية، وبالعجز الإقليمي والدولي عن إطلاق عملية سياسية في سوريا، ربما بانتظار أن تفضي الإصطفافات السياسية والعسكرية إلى تغيير في موازين القوى، لاتخاذ القرارات المناسبة».
وتابع: «على المستوى الاقتصادي، برزت هشاشة المنظومات الاقتصادية القائمة، التي لا يزال يغلب عليها الطابع الريعي والاستثماري الفردي، وعدم أهليتها للتواصل مع الاقتصاد العالمي والحاجة الملحّة لتأمين فرص العمل؛ هذا بالإضافة إلى ضرورة تحديث قطاع التعليم لجهة تعميمه ورفع نوعيته وجدواه.
وفي مجال الإدارة السياسية، لم يتجاوز التغيير حتى الآن مشروع السيطرة على الدولة في ظل استشراء الانتماءات المتعلّقة بالدين وصراع حول إدماج الشريعة بالدستور، ممّا جعل التعايش بين مختلف المجموعات السياسية والثقافية، يزداد صعوبة يومًا بعد يومٍ وينعكس سلبًا على دور المرأة ومستقبل المجموعات العلمانية والمجتمع المدني، هذا بالإضافة إلى العنف الذي يتحكّم بالعلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين الجهات السياسية الفاعلة، كما أنّ الإصلاحات المطروحة تراوح بين الأنظمة الاتّحادية والفدرالية أو الحكم المحلّي».
ووعد بتوفير كلّ مقومات النجاح لهذا المؤتمر «إنطلاقًا من التزامنا السنوي بتنظيمه وبالدور الذي آليناه على أنفسنا في هذا المجال، لعلّ الحوار يبدّد القلق على الحرية والتنوّع، واثقين أن التوصيات التي ستصدر عن الطاقات الكبيرة المشاركة في هذا المؤتمر، ستشكل إسهامًا قابلًا للاستثمار لدى المراكز ذات الصلة ودوائر صنع القرار».

 

الجلسة العامة الافتتاحية
حملت الجلسة العامة الافتتاحية للمؤتمر التي عقدت في 11 نيسان عنوان، «الآحادية القطبية إلى أين: الدلالات نحو ظهور نظام عالمي جديد في ضوء التحوّلات التي يشهدها العالم العربي، الاستراتيجيات والتوازنات الجديدة». وقد جرت بمشاركة كل من السفير الدكتور ناصيف حتي ممثلًا سعادة الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، السفير الفرنسي باتريك باولي، السفير الروسي ألكسندر زاسبيكين، سفير المملكة المتحدة توم فلتشر، المستشار السابق للرئيس الأميركي للمرحلة الانتقالية في سوريا فريدريك هوف، ومدير قسم الشرق الأوسط في البنك الدولي فريد بلحاج.
افتتح مدير الجلسة العميد الركن خالد حمادة بكلمة قال فيها: «تتسارع وتيرة الأحداث منذ ابتداء الألفية الثالثة، ونشهد حاليًا ما يشبه الفوضى الإستراتيجية، المترافقة مع عدم الوضوح في الموازين بين القوى الدولية، إثر تأرجح الأحادية القطبية الأميركية لصالح قوى الجنوب. هذه المرحلة الانتقالية تعكس نتائج التمازج بين العولمة على الطريقة الغربية، وثورة التكنولوجيا والاتّصالات، وصعود أقطاب جديدة سياسية، دينية، ثقافية، إيكولوجية. إن العبور نحو نظام عالمي متعدّد الأقطاب يصطدم بمصالح وبمواقع اللاعبين الكبار وبأزمة الحَوكمة الدولية (منظومة الأمم المتحدة ومجموعة الثماني G8 ومجموعة العشرين G20)».
 وإذ تناول الوضع في سوريا طرح تساؤلًا حول «شكل مستقبل الصراع العسكري السياسي فيها، في ضوء اكتشاف مصادر جديدة للطاقة في شرق المتوسّط، وكيف يمكن أن يؤثّر أي تعديل في النظام على إحياء مفاوضات السلام؟».

 

السفير هوف: حكومة لبنان قامت بعمل مهمّ عبر إنشاء هيئة إدارة قطاع النفط
انطلاقًا من المعطيات آنفة الذكر، قال المستشار السابق للرئيس الأميركي للفترة الانتقالية في سوريا السفير فريديريك هوف، وهو صاحب خبرة طويلة في ملفّ المفاوضات السورية الاسرائيلية، وداخل الإدارة الأميركية، في كلمته: «إن المسار السياسي للمدى البعيد في العالم العربي يدعو إلى التفاؤل، ذلك أن العرب، ولا سيما الشباب منهم، بدأوا الإجابة عن سؤال القرن المنصرم، وهو من سيكون المصدر الحقيقي للشرعية السياسية». ولاحظ أن «الربيع العربي بقيادة الشباب رسم صورة جديدة مفادها أن الحكومة لا تستمد قوتها وشرعيّتها ممّن يعلوها شأنًا، بل من الشعب نفسه، وأولئك الذين يحكمون باسم الإسلام اليوم، هم أمام خيارين، إما احترام كرامة الشعب وتوفير الفرص الاقتصادية الملائمة، وإما مواجهة الفشل عينه الذي شهده أسلافهم العلمانيون». ورأى هوف أن «اكتشاف الغاز الطبيعي في لبنان حدث واعد، وأن حكومة لبنان قامت بعمل مهمّ عبر إنشاء هيئة إدارة قطاع النفط».

 

بلحاج: التمدّن والمياه والسكان كمحددات للأمن الوطني والإقليمي
تحدّث مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي فريد بلحاج عن الوسائل التي يمكن للمؤسسـات الدولية، التي تؤمّن الخدمات الأساسية، القيام بها كالبنك الدولي، من أجل ردم الخلافات بين المجتمعات المنقسمة وتعزيز الثقة بمؤسسـات الدولة، وإضفاء الشرعية على النظام السياسي الناشئ.
وقال: «أنا هنا اليوم لمناقشة الأبعاد الاقتصادية والمؤسسية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اللذين لا يزالان جزءًا استراتيجيًا دامغًا من العالم، فالروابط الآسيوية - الشرق أوسطية تنمو بزخم وقوة. وفي هذه المنطقة ينظر عادة للأمن القومي من حيث القوة العسكرية وعمليات الأمن الداخلي، على غرار الأمن الإقليمي، إذ يحتاج كلاهما إلى إعادة النظر من خلال ثلاثة محددات أخرى هي التمدن والمياه والسكان».

 

باولي: الحركات تعبّر عن الحياة السياسية
على ضوء التجربة العسكرية في ليبيا، هل يمكن اعتبار التدخّل العسكري نموذجًا قابلًا للتطبيق في أمكنة أخرى في العالم العربي؟ وما هي قدرة الحدود المرسومة بموجب إتفاقية سايكس بيكو، في حال تفاقم الحركات الاجتماعية القائمة حاليًا في اليمن وسوريا وغيرها... مواضيع عرضها السفير الفرنسي باتريك باولي، من وجهة نظر بلاده حيال التطورات في المنطقة، مشيرًا إلى أن فرنسا «دولة جارة للدول المتوسطية»، وتوقف عند «الثورات العربية»، معتبرًا «أننا نجتاز مرحلة ضرورية قبل أن تحدّد الشعوب علاقتها بالدولة والدين»، ولفت إلى أن «الكثير من الحركات تعبّر عن الحياة السياسية»، وتساءل: «هل هذا الأمر يدعونا إلى تحديد التعددية في العالم؟».

 

زاسبيكين: العالم يعيش مرحلة انتقالية
التسابق والتزامن بين مساري الحلول العسكرية والسياسية، وروسيا جزء أساسي منها، والعزم على تغيير الموازين العسكرية، عبر التسليح من أجل دعم الدبلوماسية، وإجبار مجلس الأمن على أخذ القرارات...محاور أساسية تحدّث عنها السفير الروسي الكسندر زاسبيكين الذي قال: «إن العالم يعيش مرحلة انتقالية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، ويتطور نحو قيام النظام العالمي المتعدد المراكز». ولفت إلى أن «الوضع في سوريا يتدهور وأنها أصبحت ميدانًا لتمركز الإرهابيين».
وقال: «إذا لم تتوقف الأزمة السورية، فهناك خطر جدي بنشوء مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في المنطقة، ولا سيما في البلدان المجاورة لسوريا، وسوف نشهد من ضمن تداعيات هذا الأمر، انتشارًا أوسع للإرهاب الدولي عابرًا للحدود. من هنا يجب الاعتراف بأن المصلحة الدولية العامة، تتكوّن في إنهاء الحرب في سوريا لأنها تهدد الأمن الإقليمي والدولي».

 

فليتشر: على الشعوب أن ترسم معالم المنطقة ومستقبلها
شكّلت الثورات العربية مفاجأة لبعض الدول الغربية ولا سيّما بريطانيا. كيف تقرأ المملكة مستقبل الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالأمن والعدالة والفرص، والتي لا زالت متفاعلة في عدّة دول من العالم العربي، السلميّة منها أو تلك التي اتّخذت شكل العمليات العسكرية؟ وهل يمكن أن يصبح التدخل العسكري في ليبيا نموذجًا جاهزًا للتعميم في دول أخرى؟
أسئلة أجاب عنها السفير البريطاني في لبنان توم فليتشر في مداخلته، فاعتبر أن هناك سبيلًا طويلًا قبل تحقيق ما تصبو إليه المنطقة، وقال: «نحن في بداية الربيع العربي، وعلى الشعوب أن ترسم معالم المنطقة ومستقبلها». وطرح أسئلة تتعلق بالأوضاع بين إيران والسعودية، و«الاتفاق القابل للحياة بين إسرائيل والفلسطينيين، فضلًا عن التعامل مع الحركات الإسلامية الجديدة، وصولًا إلى إمكان التأكد من أن الغاز المتوسطي سوف يوقف الحرب العالمية الثالثة، أو يساهم في وقفها».

 

السفير حتّي: لا حلّ عسكرًيا في سوريا
السؤال المطروح اليوم، كيف يمكن الجامعة العربية استعادة دورها في ظلّ عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي تشهده المجتمعات العربية، وفي ظل تعثّر عملية السلام؟ هذا السؤال أجاب عنه ممثل أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي السفير الدكتور ناصيف حتّي، الذي أكدّ أننا «ما زلنا نعيش مرحلة بدايات تشكل نظام عالمي جديد، مع عناصر لم تتبلور بعد في قواعد حاكمة أو تستقر في أنماط سائدة، حتى يمكن أن نقول إن النظام الجديد الذي نشأ بعد لحظة «الأحادية الأميركية» هو نظام ثنائي القطبية كما يعتقد البعض، اذ ما زال من المبكر جدًًا الحديث عن ثنائية قطبية أميركية صينية، أو نظام لا قطبي، يتّسم بانتشار واسع للقوى، أو نظام متعدد الأقطاب، مع الإشارة إلى أن عددًا من السمات يدفع للاعتقاد بأن النظام العالمي الذى سينشأ، سيكون متعدد الأقطاب، ولكن شديد التعقيد، كأن تكون بنية توزيع القوى حسب كل قضية أساسية قائمة فى النظام وليس على صعيد النظام ككل».
وأضاف الدكتور حتّي: «نرى حاليًا أن هنالك نوعًا من استراتيجية مواكبة، والبعض يرى رعاية لعملية الاهتراء والتفتت والتفكك فى سوريا، فى غياب أي أفق جدي فى هذه المرحلة لتسوية سياسية. ولا بدّ من التأكيد أن النظام الإقليمي الذى سينشأ فى المنطقة، ستحكمه بشكل كبير، الأسباب التى سبق ذكرها، وطبيعة تطور الأزمة السورية وتسويتها...».
وإذ تطرق إلى أسباب الثورات العربية اعتبر «أنّ التحدّي اليوم، يستدعي الابتعاد عن منطق الحلول الجاهزة التى تحملها أيديولوجيات منتصرة والبحث عن مقاربة، تقوم على شمولية المشاركة لجميع المكوّنات فى المجتمع، بغية بلورة دولة القانون وتعزيز دولة المؤسـسات واقامة عقد اجتماعي جديد بين السلطة والمجتمع يشارك فيه الجميع مما يوفر الشروط الضرورية لعملية التنمية الإنسانية الشاملة فى أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للنجاح فى تحدي ما بعد الثورة.

 

جلسات العمل
ناقش المؤتمرون على مدى ثلاثة أيام، وضمن ثلاث مجموعات عمل عدة محاور وذلك وفق الآتي:
- المجموعة الأولى: ناقشت موضوع «الواقع الاقتصادي العربي بعد عامين على التغيير السياسي، قدرات الإدارات السياسية الجديدة على تجاوز الصعوبات ومأزق الاستمرار في الإصلاح السياسي».
أدار الجلسات وزير المالية السابق الدكتور جورج قرم (خبير إقتصادي ومالي، مستشار لدى مؤسسات دولية وشركات خاصة وعامة)، واستهلّ المداخلات كل من الدكتور حسن مظفر الرزّو (مستشار محافظ نينوى لشؤون التخطيط الإستراتيجية وخبير في مجال اقتصاد المعرفة ونماذج الحوسبة المعلوماتية الذكية - العراق، والدكتور شمس الدين ضوّ البيت (مدير برنامج الفكر الديموقراطي - السودان). وشارك عشرون باحثًا واكاديميًًا من العاملين في المجال الاقتصادي من عدة دول.
- المجموعة الثانية: ناقشت، بإدارة السفير عبدالله بو حبيب،(مدير عام مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية) موضوع «الأبعاد الدولية والإقليمية للصراع السياسي- العسكري في سوريا: آفاق التسوية المرتقبة في ظلّ إشكاليات الأمن الإقليمي والطاقة في البحر المتوسط».
إستهلّ المناقشة فيها كل من السفير فريدريك هوف، (المستشار الخاص السابق للرئيس الأميركي للفترة الإنتقالية في سوريا، المنسق الخاص للشؤون الإقليمية في وزارة الخارجية الأميركية وللمبعوث الخاص للسلام في الشرق الأوسط، كبير باحثي مركز رفيق الحريري لشؤون الشرق الأوسط)، والدكتور بيار رازو (مدير البحوث والمسؤول عن دراسات الأمن الإقليمي في المعهد الفرنسي للبحوث الاستراتيجية)، وشارك 28 باحثًا واكاديميًا من العاملين في المجال السياسي من عدة دول.
- المجموعة الثالثة: ناقشت موضوع «تجربة الجمهورية كنظام سياسي في العالم العربي في خلال أكثر من خمسين عامًا: فرص الربيع العربي في إنتاج أنظمة ديمقراطية وإشكالية تطبيق قيم الجمهورية».
أدار المجموعة وزير التنمية الإدارية السابق الدكتور ابراهيم شمس الدين، أما المشاركون فهم: الدكتور حسن نافعة (عضو مجلس إدارة المجلس المصري للشؤون الخارجية، رئيس قسم العلوم السياسية، كلية الإقتصاد في جامعة القاهرة - مصر)، والدكتور محمد صدقيان (مدير ومؤسس المركز العربي للدراسات الإيرانية)، إضافة إلى عشرين باحثًا واكاديميًا من العاملين في المجال السياسي من عدة دول.
اختتمت مجموعات العمل أعمالها، بعد أن أنجزت ست جلسات على مدى يومين أعدّت في نهايتها توصيات خاصة لكل منها.

 

الجلسة الختامية
اختتمت اعمال المؤتمر بجلسة عامة حضرها الى جانب المشاركين في المؤتمر عدد كبير من الإعلاميين ورجال السياسة وضباط من قوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان، وقد استهلّت الجلسة بإعلان توصيات كل من مجموعات العمل الثلاث، وحفلت بعدة مداخلات من قبل الحضور.

 

• توصيات المجموعة الأولى:
من بين توصيات المجموعة، صياغة فكر اقتصادي يتناسب مع التحوّلات التي فرضتها التغيّرات في الاقتصاد والحاجات العربية الملحّة، بحيث تقدم الدولة الحوافز للقطاع الخاص وتقود مشروع التنمية، وتعمل على إصلاح الأنظمة الضرائبية وتوفير الأمن الغذائي، والتخطيط السليم على الصعيد الإقتصادي الكلي من دون أن تحلّ محل القطاع الخاص، أو تنسحب من الاقتصاد.
كما شدّدت المجموعة على استهداف عملية الإصلاح الإقتصــادي الداخلي من خلال العمل على إنــشاء السوق العربية - الاقتصــاديــة الموحدة، وذلك لأن سعة السوق تلعـب دورًا ساسيًــا في إطار ترسيخ التنمية الاقتصادية المستقـلة, بالإضــافة إلى ضرورة اعتماد عناصر إستراتيجية في التنمية البديلة، من خلال تدخّل الدولة في ضبط أسعار الفائدة بما يتلاءم مع متطلبات التنمية، وتحديد سعر صــرف العملة، وتوفير الحماية الكافية للصناعات الناشئة، والارتقاء بمستوى القدرة التنافسية للسلع والخدمات المنتجة.
وقد خلص المؤتمرون إلى ضرورة اعتماد سياسة تكنولوجية تدخلية لدعم أنشطة البحث والتطوير والتمهيد، لخلق ريوع للمؤسسات الإنتاجية تتيح لها فرصة تمويل عملية «التحكم والتمرّس التكنولوجي» التي تحصل على مستوى المؤسسة وتمنحها القدرة على إنتاج سلع جديدة، يمكن ان تنافس بها السلع المطروحة في السوق العالمية...

 

• توصيات المجموعة الثانية:
بعد المداولات خلص المجتمعون في هذه المجموعة، إلى أنه انطلاقًا من عدم قدرة أي من أطراف النزاع في سوريا على حسم المعركة لصالحه، ولتجنّب تكبيد المدنيين خسائر باهظة، ينبغي تنفيذ وقف شامل لإطلاق النار والشروع في عملية تفاوضية سلمية تفضي إلى إنهاء النزاع، عبر استلهام روح إتفاق جنيف ووثائق مؤتمر القاهرة، وانتهاج سلوك سياسي يؤدي إلى قيام دولة تصون وحدة البلاد وتؤمن الحرية والديمقراطية، وتحفظ التعددية والمساواة التامة في المواطنة.
كما خلــص المؤتمــرون إلى ضرورة التحذير من مخاطر تدفّق السلاح، وأهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة، وتفعيل دور المبعوث العـربي والأممي الأخضر الإبراهيمي، وإيلاء ملف اللاجئين الجدية اللازمة، والتحــذير من مخاطر الحركات المتطرفة والتكفيرية، والشحن المذهبي والطائفي واستــخدام وسائل الإعلام كأداة لذلك، فضـلًا عن الإشارة إلى أهمية مصـادر الطاقـة والغـاز المكتـشفة في الشـرق الأوسط.

 

• توصيات المجموعة الثالثة:
يمكن اختصار توصيات هذه المجموعة بما يلي: بناء دساتير تعاقدية ديموقراطية تقر بالمواطنة الكاملة، وبذل الجهود لوقف النزاعات المسلحة، ومشاركة مختلف الأطياف في السلطة، من خلال اعتماد الديمقراطية التوافقية في المجتمعات المتعددة القوميات والإثنيات والطوائف. وكذلك تكريس سياسات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، من خلال توفير الرعاية الصحية، ومكـافحة الفقر، وتأمين التعليم للجميع، وتعميم مبادئ المواطنة في مناهج التعليم، مكافحة البطالة من خلال توفير عمل للشباب، وتمكين المرأة، ورفع مستوى المعيشة والتوزيع العادل للثروات الوطنية...

 

إختتام أعمال المؤتمر
إختتم المؤتمر أعماله بتكريم المشاركين والإعلاميين عربًا وأجانب، بحضور المدير العام للإدارة اللواء الركن عبد الرحمن شحيتلي ممثلًا قائد الجيش العماد جان قهوجي، عضو لجنة الدفاع النيابية النائب باسم الشاب، صاحب جريدة السفير ورئيس تحريرها طلال سلمان، الإعلامية راغدة درغام، إضافة إلى جمهور أكاديمي، سياسي اقتصادي وإعلامي واسع...
وألقى العميد الركن حمادة كلمة اختتام أعمال المؤتمر، ومما قاله «إن سلوك سبيل التحديث للخروج من التخلف الاقتصادي، وإدخال التقانة على أوسع نطاق، وإعادة تنظيم الإدارة والتعليم وفرض منطق الدولة على جميع المؤسسات حتى الدينية منها، وإشراك عناصر النخبة العازمة على التحديث، هي المسار الوحيد لإكساب المجتمعات بنية تحتية قادرة على مواكبة التحدّيات، إذ لم يعد التسليم بنظرية المؤامرة والمخططات الغربية المسبقة الصنع حجة مقبولة يمكن تحميلها كل التراجعات التي عرفها العالم العربي منذ خمسينيات القرن الماضي...».
بعدها سلّم اللواء شحيتلي الدروع التكريمية للمؤسســـات الراعية لهذا المؤتمر وللمؤسســات الإعلاميـــة، كما ســلّمت شــــهادات للمشـــاركين، ثم تـبـــادل الـجميع الأنـخـاب في حفل كـوكتيل.

 

على هامش المؤتمر
أعدّت اللجنة المنظّمة للمؤتمر، إلى جانب البرنامج الأكاديمي، برنامجًا سياحيًا خاصًا بالمشاركين، تخلّله زيارة إلى منطقتي جبيل وعاليه، مع عشاء تكريمي.

 

المؤسسات الراعية
إيمانًا منها بدور الجيش على جميع الأصعدة الفكرية الأمنية والإنمائية... ساهم كل من جمعية مصارف لبنان، بنك الموارد، شركة طيران الشرق الأوسط (MEA)، معهد باسل فليحان المالي، جمعية العزم والسعادة الإجتماعية ومركز عصام فارس للشؤون اللبنانية، برعاية المؤتمر الاقليمي الثالث الذي نظّمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني.