ملف العدد

المبيدات السامة تصدّر الى العالم الثالث من دون رقابة وهي منتشرة في لبنان
إعداد: الدكتور حسين حمود
أستاذ محاضر في كلية الزراعة - الجامعة اللبنانية

الخبير البيئي والمهندس الزراعي مروان حيدر يلقي مزيداً من الأضواء على مشكلة الإستعمال العشوائي للمبيدات الزراعية، محدداً ما يترتب عن ذلك من أخطار، إضافة الى تقديمه إرشادات عملية.

 

ما هي المبيدات الزراعية؟
إنها مواد كيميائية تقضي على الحشرات وتكافح الآفات الزراعية، وتعالج الأمراض الفطرية، ولها تأثير سام بنسب متفاوتة على الإنسان والحيوان والنبات. من أنواعها: مركّبات الزرنيخ والفوسفور، والسيانور والكلور، وبعض أنواع المركّبات المستخدمة للتخلص من القوارض كمركّبات فوسفيد الزنك وكبريتات الثاليوم ومركّبات الكلوروفاسيون.

 

المبيدات في محيطنا الحيوي
تصل المبيدات الى عناصر البيئة المختلفة بواسطة الرش المباشر على النباتات أو على التربة وعن طريق التناثر في أثناء الإستخدام، أو عند التخلص من عبوات المبيدات ومخلفاتها، ومن خلال سكب المبيدات على التربة وفي أقنية الري ومصادر المياه. يرتبط ضرر المبيد بعدة عوامل أولها قدرته على البقاء، ثانيها حركته، وثالثها عمره أو مصيره النهائي.
فتناثر المبيد على سطح التربة يسرّبه الى المياه الجوفية وهذا التسرّب يعتمد على قدرة المبيد وقابليته للذوبان، لذلك فإن استخدام المبيدات يؤدي بها إما الى فقدانها عن طريق التطاير، التحوّل، التحلّل، التفاعل الكيميائي مع التربة وإما الالتصاق بجزئيات التربة وبالتالي تمتصها التربة.
إن عدم وجود رقابة فعّالة وفعلية للأسواق اللبنانية جعلت من الحصول على المبيدات أمراً غاية في السهولة، خصوصاً وأنها تباع على أنواعها من دون الأخذ بعين الإعتبار مخاطرها وإرشادات استخدامها. فالمحال التي تُعنى بهذه المواد هدفها الأول والأخير هو الكسب المادي وليس سلامة الأشخاص وهنا تقع الكارثة.
جدير بالذكر هنا أنّ المبيدات الحشرية أو الزراعية التي تباع في السوبر ماركت وغيرها، هي علامات تجارية ومجموعات واسعة تعطي نتائج مؤقتة المدى موادها موضوعة تحت الرقابة، ومخاطرها محدودة أما تلك التي تمثل الخطر الأكبر فهي المبيدات التي تباع في محلات الأدوية الزراعية حيث لا مراقبة جدية وبإمكان أي كان الحصول عليها من دون عناء.

 

تأثير المبيدات على الصحة العامة
في حال حدوث أخطاء في استخدام المبيدات فإن هذه الأخيرة قد تصبح مؤذية وفتّاكة في ما يتعلق بالكائنات البشرية، والحيوانية، وبالبيئة المحيطة. فالاستخدام العشوائي قد يؤدي الى حالات تسمّم. والتسمّم يمكن أن يحصل عن طريق:
اختراق الجلد بحيث يتلامس المبيد مع الجلد فيتسرّب عبره الى الجسم، الابتلاع عن طريق الفم، وإما عبر الإستنشاق (المبيدات قد تُنتج بعض الأبخرة).
ويشير حيدر هنا الى أن المواد التي تعمل البلديات اللبنانية على رشّها على الطرقات هي أدوية صحة عامة لا تؤذي الإنسان وذات فعالية جيدة ولكنها يجب أن تُرش ليلاً للتقليل من مخاطر إستنشاق المواطنين لها.

 

الأضرار المباشرة للمبيدات
- الإخلال بالتوازن البيئي، حيث أنها تؤثر على عدد كبير من الحشرات بما فيها الطفيليات التي تؤدي دوراً مهماً في التوازن البيئي.
- التأثير على الحشرات النافعة اقتصادياً ويقصد بها النحل لأن معظم المبيدات هي ذات تأثير قوي على مجموعات النحل.
- التأثير على الحيوانات البرية كالأرانب والطيور وحتى على الأسماك.
- التأثير على الإنسان، فعند رش المبيدات على المحاصيل الزراعية يطال الضرر الإنسان الذي يتغذى منها.
- تكوّن نوع من المناعة لدى الحشرات والطفيليات أو ما يسمى بظهور السلالات المقاومة لهذه المبيدات بسبب تعرّض الآفة أو الحشرة الى مبيد معين بشكل متتابع.
- تدني خصوبة التربة بسبب قتل المبيدات لبكتيريا تثبّت النيتروجين (الأزوت) في التربة، وقد لوحظ أن النيتريت الموجود في التربة يتفاعل مع بعض المبيدات، ويكوّن مركب اسمه النيترون أمينان وهو مادة سامة تعمل على تلويث التربة والمياه الجوفية، تمتصها عُصارة النبات وتخزّنها في أنسجتها وتؤدي على المدى البعيد الى أمراض سرطانية واسعة عند الإنسان.

 

إرشادات استخدام المبيدات
- مزج المبيدات وتحضيرها بعيداً عن أماكن وجود الأطفال والطعام.
- الإمتناع عن تناول الطعام والشراب والتدخين عند استخدام المبيدات.
- عدم نقل المبيدات من عبواتها الأصلية الى عبوات أخرى.
- التخلص من عبوات المبيدات الفارغة.
- تغطية الأثاث المنزلي والملابس ومصادر الأطعمة عند البدء بعملية الرش وغسل هذه الأشياء إذا تعرّضت للرش.
- إغلاق النوافذ وأبواب المنازل عند معالجة الحقول المجاورة، وفي أثناء هبوب الرياح.
- تخزين المبيدات في مكان خارج المنزل يكون مغلقاً.
- التوقف عن عمليات المكافحة بالمبيدات عند اكتمال نضج الفاكهة والخضار لمنع الإصابة بالتسمّم عند تناولها.
- الإمتناع عن تناول الخضار والفاكهة المعالجة حديثاً إلا بعد التأكد من غسلها جيداً.
- التنبه لعدم تناول هذه الخضار والفاكهة قبل مضي فترة مناسبة (من عشرة الى عشرين يوماً) على معالجتها وذلك حسب نوع المبيد المستخدم.
- وضع لوحات تحذيرية خاصة في الحقول وأماكن المعالجة بالمبيدات للتنبيه الى وجود الخطر.
- وضع قفازات يدوية وقناع على الوجه وارتداء ملابس خاصة في أثناء عملية الرش، كما ويجب أن تٌغسل الأيدي وكل أجزاء الجسم بالماء والصابون مع الفرك الجيد عقب مكافحة الحشرات.
- منع الأطفال من دخول غرف المنازل حيث استعملت المبيدات الحشرية قبل انقضاء أوقات تحدد حسب نوعية المبيد المستخدم.

 

أعراض التسمّم بالمبيدات
تختلف نسبة خطورة أعراض التسمم على الإنسان (وخصوصاً الأطفال) وفقاً لنوع المادة السامة التي تعرّضوا لها، أكثر هذه الأعراض شيوعاً:
- آلام في المعدة أو البطن، قيء، تشنجات عضلية، سكون حركي، تبدّل لون البشرة خصوصاً حول محيط الفم (ما يدل على ابتلاع المادة السامة)، تعرّق في الجلد، ازرقاق الأظافر، صعوبة في التنفس، فقدان الوعي وغيرها...
في حال وجود أحد هذه الأعراض يجب طلب المساعدة الطبية في الحال، أو نقل المصاب الى أقرب مركز طبي مع الإحتفاظ بعبوة المبيد لعرضها على الطبيب.

 

لا بد من...
يرى المهندس مروان حيدر من خلال ما سبق أن استخدام المبيدات بنسب كبيرة ومن دون دراية كافية لمكونات هذه المبيدات وخصائصها يشكّل تهديداً لصحة الإنسان، على الرغم من أن استخدام هذه المواد ضرورة ملحة لتطوير الإنتاج الزراعي وزيادته، إلا أن صحة الإنسان تبقى هي الأهم وليس أي اعتبار آخر.
لذلك، وللحد من مخاطر المبيدات، لا بد من:
- امتلاك صاحب المحل الذي يبيع المبيدات ويرشها، رخصة تكون نتيجة متابعته دورات وامتحانات.
- التقيّد باستعمال المبيدات المسموح تداولها وهي المبيدات العامة التي تباع في المتاجر ونسبة ضررها تراوح بين الضئيلة والمتوسطة.
أما المبيدات القاتلة العالية الخطورة أو ما يسمى بال«Restricted Pesticides» فيجب عدم بيعها إلا من خلال رخصة تُعرف برخصة المبيدات المحدودة الإستخدام.
وفي ما يتعلق بالشق القانوني، يجب أن تكون هناك وزارات فاعلة تتابع إجراءات استيراد المبيدات، خصوصاً مع طفرة استقدام المبيدات السامة التي تصدّر الى دول العالم الثالث من دون رقابة (من الصين بشكل خاص) وهي منتشرة في لبنان.
لذلك فإن تعاون وزارات الزراعة والصحة والبيئة والشؤون الاجتماعية يجب أن يلقى حيّزاً أشمل لضمان الأفضل إنسانياً وزراعياً وبيئياً.

 

ما الذي يمكن فعله لتخفيف أضرار المبيدات؟

إذا كانت معظم المنتجات الزراعية في لبنان ملوّثة من رواسب المبيدات الكيميائية، فهذه المخلفات تترك آثاراً مضرة على الصحة، كما يمكنها أن تسبّب العديد من الأمراض التي تتزايد مع الوقت.
لذلك ما هي الطرق لمحاولة إزالة هذه الرواسب في الخضار والفواكه؟ وكيف يمكن تنظيفها جيداً قبل تناولها؟
هناك خطوات عدة لتخفيض أو حتى التخلص من هذه الملوثات، يمكن تطبيقها في المنزل، وهي تشمل:
- غسل وتنظيف جميع المنتجات الطازجة تحت فيض من المياه الجارية لمدة لا تقل عن 30 ثانية.
إن درجة حرارة المياه وطريقة التنظيف لهما تأثير كبير على مستوى تخفيض المخلفات. فالتنظيف بالمياه الساخنة مع استعمال المواد التنظيفية الملائمة (الكلور أو الصابون...) له فعالية أكبر من الغسيل بالمياه الباردة. وايضاً الفرك اللطيف باليد لمدة دقيقة يزيل بقايا المبيدات بشكل ملحوظ. كما أن الغسيل يؤدي فقط الى الحد من المخلفات ذات التركيبة المائية، التي تقع على سطح المحاصيل.
2- التقشير: غالباً ما تحتوي الطبقة الخارجية من الخضراوات على مخلفات المبيدات خلال موسم الزرع. ولذلك، فالتقشير هو من بين الطرق التي تخفض مستويات بقايا المبيدات في الخضراوات والفواكه. فمعظم تركيز المخلفات يقع في القشور أو عليها. وبالتالي، إزالة القشرة تحقق تقريباً إزالة الرواسب، بحيث لا يترك سوى القليل في الأجزاء الصالحة للأكل.
3- يستخدم عادة محلول كلوريد الصوديوم بشكل كبير لتطهير مخلفات المبيدات المختلفة من الفواكه والخضراوات. كما هناك العديد من الدراسات أثبتت فعالية المياه المالحة لتخفيض رواسب المبيدات من المحاصيل بنسبة 50٪. في هذه العملية، توضع الفاكهة والخضار مع محلول كلوريد الصوديوم أو المياه المالحة وتفرك بلطف باليد، بعد مرور 15 دقيقة.
4- السلق: يمكن عبر السلق والطبخ على درجات حرارة مختلفة، إزالة المخلفات. وهذا يعود لمدة هذه العملية، وكمية المياه أو المضافات الغذائية. كما لطريقة الطبخ (طنجرة مفتوحة أو مغلقة) تأثير مختلف على مستوى إزالة المخلفات. عادة، يتم تقليل المخلفات في أثناء عملية الطهو عن طريق الطبخ في النظم المفتوحة أو عن طريق التحليل المائي في نظم مغلقة. في أي حال، إضافة الماء في أثناء الطهو تخفف من المخلفات السائلة. وتشير العديد من الدراسات أن طبخ الفاكهة والخضار هو الطريقة الأكثر فعالية لإزالة التلوث من رواسب المبيدات.
بشكل عام، إن هذه الإجراءات تطبق بشكل بسيط وسريع على معظم الفاكهة والخضار. ولكن بعض الفواكه والخضار تعتبر أكثر عرضة لمستويات أعلى من الفضلات السامة من غيرها. من المهم أن تعطى عناية خاصة عند التنظيف. وهي تشمل: الخوخ، التفاح، الفلفل الحلو، الكرفس، النكتارين، الفريز، الكرز، الإجاص، السبانخ، الخس والبطاطا.

 

عن جريدة السفير العدد 11449
بتاريخ 17 تشرين الثاني 2009

 

 

براءة اختراع لمبيد طبيعي عربي يزيد خصوبة الأراضي الزراعية بنسبة 20٪
توصّل فريق بحثي تابع للمؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا في دولة الإمارات الى صنع منتج عضوي من 5 عناصر يشكّل مبيداً طبيعياً يزيد من خصوبة الأراضي الزراعية وإنتاجيتها بمعدل 20٪، ويعالج ديدان النيماتودا والفطريات... تبلغ نسبة المواد الطبيعية في المركب 94٪، لذلك فهو صديق غير مضرّ بالتربة، ويتّصف بقدرته على تحمّل درجات الحرارة المرتفعة والتي قد تصل الى 150 درجة مئوية. كذلك هو غير مضرّ بصحة الإنسان العامة ويساهم في مكافحة مرض السرطان الذي تساهم في انتشاره المبيدات الكيماوية.
حصل المنتج على موافقة واعتماد وزارة البيئة في الإمارات العربية المتحدة وعلى براءة اختراع عالمية وهو تصنيع عربي 100٪، وهو نتاج جهود علماء عرب وبتمويل عربي كذلك، وهو انتصار لخدمة البشرية في المجال الزراعي، وللحفاظ على الصحة العامة للإنسان في مختلف أنحاء العالم.
يساعد المنتج على إعادة التوازن البيئي للتربة الزراعية ويعيد لها خواصها الطبيعية ولونها الطبيعي ورونقها.
استمر العمل على ابتكار هذا المنتج 36 شهراً برعاية المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، ويضم هذا المبيد خمسة من المركبات الطبيعية تعمل متكاملة وبكفاءة عالية تم اختبارها في مختبرات عربية وعالمية هي: سبايسي تود (مبيد ديدان وبيوض النيماتود)، وإيڤر جرين (مبيد فطريات) والميراكيل (لمعالجة الفيتوبلازما)، والبرفكت (مبيد حشري) والدايموند (مصلح زراعي).
تستخدم هذه التركيبة في جميع أنواع الأراضي الزراعية بما فيها المكشوفة والرملية والترابية والبيوت البلاستيكية... وتستخدم لزيادة إنتاجية جميع الخضراوات والأشجار ونباتات الزينة من دون استثناء.