حكايات الجبهة

المجوقل: لقد طردناهم من أرضنا
إعداد: باسكال معوّض بو مارون - ندين البلعة خيرالله

يعرب العقيد الركن جان نهرا قائد الفوج المجوقل، عن فخره واعتزازه بالمشاركة في هذه المعركة الحسّاسة، وبالكفاءة التي تجلّت في أداء العسكريين ويقول: مع انطلاق المعركة، تسلّلت سرية من الفوج إلى منطقة ضهور الخنزير، حيث احتلّت تلال خزعل ما أتاح تنفيذ هجوم مؤلل لفوج التدخّل الأول.

 

تعديل المناورة
يشرح العقيد الركن نهرا: شنّت الهجومات الرئيسة على معاقل الإرهابيين على محورين: الأول حرف الجرش وهو خطّهم الرئيس الذي زرعوه بالألغام بشكل كثيف وعشوائي. والثاني تلّة الحمرا- حقاب العش، وذلك لربط منطقة مخيرمة 2 مع الجهد الذي تقوم به عناصر الهندسة.فالأرض كانت مزروعة بالألغام بشكل كثيف، وحين حاول أحد فنيي الهندسة تعطيل عبوة، انفجر به لغم كان معدًا للتفجير تحتها، وعندما حاول رفاقه إسعافه انفجرت شبكة من الألغام المحيطة بهم: لقد كانت التلّة ملغّمة، ما استوجب تغيير خطة الهجوم التي تمّ التخطيط لها سابقًا.
كانت مناطق رأس الكف، وتلة 64، ومراح درب الدب نقاطًا حيوية للإرهابيين. فهي من جهة تتّصل بالداخل السوري، ما يؤمّن لهم الإمداد اللوجستي، ومن جهة ثانية، تتيح السيطرة على المنطقة. فخلال السنوات الماضية كانوا يرمون من مغاورها من دون أن نستطيع النيل منهم. وكانوا قد أمّنوا الحماية لمراكزهم على التلال بشبكات من الألغام، بعضها يمتدّ كتشريكات دائرية (تنفجر سلسلة من الألغام بشكلٍ متتالٍ عند الدوس على أحدها).
وأضاف قائد الفوج المجوقل: أمام هذا الواقع، اعتمدنا مناورة جديدة، وقضت بتسيير جرافة 9D لشق طرقات في أماكن غير متوقعة من الجبل ذي المنحدرات القاسية والبالغة الصعوبة والوعورة.
بدأ الهجوم، فشقّت الجرافات طرقًا جديدة (شبه عامودية)، وتبعتها الملّالات والمدافع وسرايا المجوقل تحت غطاءٍ مدفعي كثيف، مع دعمٍ جوي مباشر، وهذا ما لم يتوقعه الإرهابيون. أصبحنا نتحكّم بهم ونيراننا تمطرهم وتمنعهم «إنّو يْئِبوا راسن». وقد رصدت محادثات لهم على مثال: «جراد من الملّالات يزحف نحونا... نطلب الانسحاب من مواقعنا فورًا!»، أو «شو هالجيش يللي جايي، ما عم بوقّف، زاحف متل الجراد!»... وعندما وصلنا إلى مواقعهم التي فرّوا منها، وجدنا أسلحتهم مرمية أرضًا وهي في وضعية القتال والرمي.

 

مفاجأة غير سارّة للعدو
وأوضح قائلًا: خلال يومين فقط، احتللنا مساحة 10 كلم في أرضٍ قاسية جدًا، وفتحنا مسلكًا جديدًا آمنًا لتلّة راس الكف يُخلى عبره الجرحى فيصلون بـ5 دقائق إلى المستشفى الميداني. وبعد استعادة هذه البقعة الاستراتيجية التي كانت نقطة حيوية للإمداد اللوجستي للإرهابيين، انقطعت عنهم المؤن، ما سبّب ارتباكًا في صفوفهم، فأجبروا على مغادرة التلال واللجوء إلى وادي مَرْطَبيا...
وفي ختام حديثه، أشار قائد الفوج المجوقل إلى أنّ المعركة دارت في الجرود حيث لا تخوّف من إلحاق الأذى بالمدنيين، لكن الصعوبة كانت تكمن في الطبيعة القاسية للجرود، والمناخ المحرق نهارًا، والبارد ليلًا، بالإضافة إلى كثافة الألغام، ما حتّم تغيير تكتيك العملية، لكنّ المعركة حملت مفاجأة غير سارة للعدوّ الذي كان يعتمد على تفخيخاته، ويعوّل عليها لتكبيدنا خسائر كبيرة في الأرواح.
لقد طردناهم من أرضنا... نشكر قيادة الجيش التي أولتنا ثقتها وكانت معنا في أرض المعركة، ونشكر فخامة الرئيس الذي واكبنا خطوة بخطوة.