تحقيق عسكري

(المدرعات) فوجان حديثان لسلاح عريق
إعداد: ريما سليم ضومط
تصوير: نايف درويش - المجند جوزف أنطي

ركيزتها قوة النيران والحركة

 

يرتكز على قوة النيران والحركة العالية للإلتحام مع قوات العدو وتكبيدها أفدح الخسائر، ويعتمد على كفاءة عناصره وقدرتهم على المواجهة والصمود لتحقيق هذه المهمة.
إنه سلاح المدرعات في الجيش اللبناني المتمثّل بفوجي المدرعات الأول والثاني.
تأسس فوجا المدرعات خلال العام 2005 وحدّدت لهما نفس الأهداف والمهام والقدرات الدفاعية والهجومية مع اختلاف وحيد يكمن في نوعية السلاح المخصّص لكل منهما، إذ يستعمل الأول السلاح الغربي والثاني السلاح الشرقي.
بالرغم من مضي فترة قصيرة على إنشائهما، فإن فوجي المدرعات رسما أهدافهما وباشرا العمل الدؤوب الذي اتخذ أكثر من منحى، فمن جهة تم التركيز على دعم الألوية المنتشرة ضمن قطاع كل منهما، ومن جهة أخرى تكثفت الجهود للحفاظ على جهوزية عالية للعديد والمعدات وذلك من خلال التدريب المستمر وأعمال الصيانة اليومية وورش العمل المتواصلة.
هذه الأعمال والنشاطات تعرّفنا إليها من خلال جولة في الفوجين.

 

فوج المدرعات الأول

يشغل فوج المدرعات الأول مساحة جنوبية شاسعة في منطقة الصالحية وقد خصّص كل جزءٍ منها لنشاط معيّن.
محطتنا الأولى كانت في المشغل حيث يقوم عناصر متخصصون بأعمال إصلاح وصيانة تشمل مجالات مختلفة من إصلاح أعطال ميكانيكية وحدادة وبويا إلى تعهّد العتاد وإعادة تأهيل القديم من الآليات، وغيرها من الأعمال. وقد أكد قائد الفوج العميد الركن نسيم اندراوس أن هذا المشغل من أكبر مشاغل الآليات على صعيد الجيش اللبناني، وأنه قادر على إصلاح معظم الأعطال خلال يوم واحد فقط.
من المشغل الى الساحة الكبرى التي تضم مخازن ذخيرة نموذجية وعدداً كبيراً من الدبابات، يتولى عناصر من الفوج تعهدها والتأكد من جهوزيتها. وقد أشاد قائد الفوج أن الجهوزية هي مئة في المئة وأن هناك ورشة عمل قائمة حالياً لإعداد مراكز إضافية للدبابات، إلى جانب ورشة أخرى لتشجير محيط الثكنة والأراضي المحيطة بها، وذلك بعد أن انتهت عملية التجهيز الداخلية من مكاتب ومخازن ووسائل إتصال ومعلوماتية وغيرها من ضروريات عمل الفوج.
تتواصل جولتنا في أمانة السر ومن بعدها في فرع التأليل حيث الإنضباط هو سيد الموقف في القسمين المذكورين، إضافة إلى أن العمل الإداري والتأليلي يتمّمان على أكمل وجه.
وتنتهي الجولة في مكتب العميد الركن نسيم إندراوس للإطلاع على أخبار الفوج ونشاطاته.

 

العديد والعتاد والمهام

بداية تحدّث قائد فوج المدرعات الأول عن كيفية إنشاء الفوج فأشار الى أنه تأسس في 2005/7/1، وتألف من قيادة الفوج، سرية القيادة والخدمة، سرية الدعم، سرية مشاة مؤللة، وسبع سرايا مدرعات.
وأضاف أنه بعد جمع الدبابات من عدد من ألوية الجيش التي أعيد تنظيمها، تم رفد الفوج بالدبابات المصنوعة في الدول الغربية، كما جرى إمداده بعناصر الكتيبة 84 الذي شكّلوا نواة الفوج، لينضم إليهم لاحقاً عناصر الكتيبة 104، إضافة إلى العديد الفائض من الألوية التي أعيد تنظيمها والمتخصص في سلاح المدرعات.
أما المهام التي أوكلت للفوج فقد لخصها العميد الركن نسيم اندراوس كما يلي:
- التحام مع قوات العدو وتدميرها وتكبيدها أفدح الخسائر بالاعتماد على قوة النيران والحركة العالية وتأمين الدعم الناري للألوية والأفواج.
- دعم الألوية المنتشرة في منطقة الجنوب بسرايا مدرعات توضع تحت السيطرة العملانية لهذه الألوية.
- المساهمة في عمليات حفظ الأمن بالاشتراك مع القوى المسلحة الأخرى.
- المشاركة في عمليات: الإنقاذ، الإغاثة، إطفاء الحريق، حماية البيئة وفي النشاطات الإنمائية المختلفة.
- صيانة وتعهد الآليات بغية رفع الجهوزية العملانية للفوج.
- التدريب المستمر والدائم وعلى المستويات كافة للوصول الى الجهوزية المطلوبة.
وأشار قائد فوج المدرعات الأول أن الفوج يتولى حالياً دعم الألوية المنتشرة ضمن قطاع مسؤولياته، وقد وضع لهذه الغاية سرية مشاة تحت السيطرة العملانية للواء الثالث، كما وضع سريتي دبابات في تصرّف لواء المشاة الثاني عشر.

 

تدريب وتمرس

العميد الركن إندراوس أوضح أن مهام سلاح المدرعات تتطلّب الاختصاص والتقنية العالية، ولذلك فإن عناصر الفوج يخضعون لتدريب مستمر على المستويات كافة للحفاظ على المستوى المطلوب. وأشار إلى افتتاح عدد من الدورات التدريبية في الفوج، من بينها دورة تمرّس على الدبابة 48 أ 5 للضباط الأعوان، ومكتب دراسة رقم أربعة القسم النوعي - اختصاص مدرعات لعناصر الفوج، إضافة إلى دورة تدريب في اختصاص المدرعات لمجندي خدمة العلم الدفعتين 82 و83.
وأخيراً شدّد قائد الفوج على أهمية الكفاءة الفردية التي يتمتع بها عناصر الفوج، مؤكداً أنها تعود إلى العمل الدؤوب الذي يبدأ في الصباح الباكر مع حملة التفتيش على القيافة والهندام، ليتم بعدها توزيع العناصر على المشاغل ومختلف أقسام الفوج للقيام بالأعمال اليومية المطلوبة من صيانة وتعهّد وتدريب للحفاظ على الجهوزية التامة للفوج.
وختم العميد الركن إندراوس بأن «القائد قد أعطانا الثقة لتأسيس فوج المدرعات الأول، وسوف نكون على قدر المسؤولية، ولن نفرط إطلاقاً بهذه الثقة».

 

فوج المدرعات الثاني

في مبنى كان يشغله فوج المدرعات الأول أيام الفرنسيين، يتمركز الآن فوج المدرعات الثاني، وقد أضفت قيادته على المبنى القديم لمسة التحديث إن على صعيد المنشآت أو التجهيزات، إضافة إلى التحسينات التي طالت الحدائق والممرات والأرصفة المحيطة بالثكنة. ولم ينسَ القيّمون على الفوج الإبقاء على دبابة «رينو» أثرية بالقرب من المدخل الرئيسي للمبنى للتذكير بعراقة سلاح المدرعات وتاريخه في الجيش اللبناني.
   أنشئ فوج المدرعات الثاني في 2005/7/1،  وكانت نواته الكتيبة 94 التي تم رفدها لاحقاً بعناصر من الألوية التي أعيد تنظيمها، وذلك بحسب ما أشار قائد الفوج العميد الركن محمد صبحي الحجار.
زوّد الفوج منذ تأسيسه بالدبابات المصنوعة في الدول الشرقية وقد تألف من ست سرايا دبابات وسرية دعم وسرية مشاة مؤللة بالإضافة إلى سرية القيادة والخدمة.
عن مراحل تشكيل الفوج تحدّث العميد الركن الحجار مشيراً إلى أن المرحلة الأولى بدأت بتخصيص الفوج بالمنشآت في ثكنة أبو سليمان في أبلح، تلاها عملية جمع الدبابات وهي الأصعب حيث كانت موزّعة ما بين القليعات وطرابلس وبيروت وصولاً إلى الصالحية. ثم كان تشكيل العسكريين واستيعابهم من الألوية التي أعيد تنظيمها.

 

قدرات دفاعية وهجومية

تلتقي المهمة الأساسية لفوج المدرعات الثاني مع تلك المنوطة بفوج المدرعات الأول، ألا وهي الإلتحام مع قوات العدو وتكبيدها أفدح الخسائر بالإعتماد على قوة النيران والحركة العالية، وتأمين الدعم الناري للألوية والأفواج.
ويتمتع الفوج بقدرات دفاعية وهجومية مختلفة لخّصها قائد الفوج على الشكل الآتي:

 

- في العمليات الدفاعية:
القيام بعمليات دفاعية مستقلة أو ضمن إطار عملية تنفذها وحدة كبرى، إضافة إلى تنفيذ الهجمات المعاكسة وتدمير مدرعات العدو المهاجمة، وتعزيز القوى المدافعة مع الإحتفاظ باحتياط متحرّك لسد الثغرات في جهاز الدفاع.

 

-  في العمليات الهجومية:
القيام بعمليات هجومية مستقلة أو ضمن إطار عملية تنفذها وحدة كبرى، إضافة إلى اقتحام مواقع العدو والإستيلاء على مناطق وأهداف حساسة، وتنفيذ عمليات خرق للجهاز الدفاعي المعادي وأخرى تتطلّب قوة نيران وحركة.
بالإضافة الى ذلك يمتلك الفوج القدرات للمساهمة في أعمال أخرى ومنها عملية حفظ الأمن، ومطاردة عناصر مطلوبة أو متمردة، والمشاركة في عمليات الإنقاذ والإغاثة.
عن المهام الحالية للفوج أوضح العميد الركن الحجار أن أبرزها تعزيز وحدات الجيش المنتشرة في محافظتي البقاع وجبل لبنان، ويتم ذلك من خلال وضع سريتي دبابات ومجموعة مشاة في تصرّف القيادة العملانية للواء المشاة الثامن، إضافة الى سرية دبابات تحت السيطرة العملانية لقيادة اللواء العاشر.
وأضاف أنه الى جانب المهام العملانية خارج الفوح، هناك مهام أخرى داخل الفوج وأبرزها حالياً إعداد عناصر الفوج وتأهيلهم فنياً ضمن دورات تدريبية تؤهلهم لاستعمال السلاح الفردي والعتاد والمعدات بالمهارة المطلوبة وترفع من مستوى جهوزيتهم. كما يتولى الفوج تدريب جنود ومجندين ضمن اختصاص المدرعات.

 

انجازات وتنسيق بين الفوجين

عن إنجازات الفوج، أشار العميد الركن محمد صبحي الحجار أنها تشمل الإستقلال الإداري الذي تحقق بدءاً من أول العام 2006، مؤكداً أن هذا الإستقلال يتبعه جهود وعمل مستمر لناحية إحصاء القيود وتحضير المخازن ومستلزماتها إضافة إلى استكمال ترميم المباني التابعة للفوج وصيانتها.
أما عن التنسيق ما بين الفوجين الأول والثاني، فأكد العميد الركن الحجار ان التنسيق كامل ويتناول بشكل خاص المواضيع المتعلقة بتطوير عمل الفوجين من الناحيتين التنظيمية واللوجستية، إضافة إلى تبادل الخبرات والإقتراحات بما فيه مصلحة الفوجين.
وختم قائد فوج المدرعات الثاني حديثه بالإشارة الى تطلعات الفوج المستقبلية، ومن ضمنها إنشاء مدرسة مدرعات ومتحف مدرعات إضافة الى إحياء تراث الفوج وتقاليده، ومن ضمنها عيد الفوج  والفروسية التي اشتهر بها سلاح المدرعات قديماً حيث لا تزال معالف الأحصنة في ثكنة أبو سليمان شاهداً عليها.